|
شيعي حسيني
|
رقم العضوية : 72513
|
الإنتساب : May 2012
|
المشاركات : 7,601
|
بمعدل : 1.60 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
kumait
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 29-01-2013 الساعة : 10:59 PM


الجزء الثاني:
الفصل الأول: البعد السياسي والميداني.. أزمة الولاء والتوافق الوطني

1-القوىالسياسية.. موالاة تائهة.. ومعارضة“حقوقية“
أولا: الموالاة وإشكالية الولاء للدولة
لم يكن من الواضح خلال العام المنصرم قدرة القوى السياسية الموالية للنظام على خلق ولاء سياسي للدولة مقابل الولاء الشخصي للعائلة المالكة، بما خلق لدى القاعدة الشعبية المصنفة مذهبيا (اهل السنة) إشكاليات عميقة حول الانتماء والولاء لم تحسم، فهناك الانتماء الخليجي -وبالأخص السعودي- مقابل الانتماء للدولة بحدودها المعروفة، وهناك الانتماء الوطني مقابل الانتماء الديني/المذهبي، وهناك الولاء للنظام السياسي مقابل الولاء للوطن.
لقد حاولت هذه القوى استعادة موقعها السياسي والبحث لها عن مكانة داخل المسار السياسي البحريني وطرحت وثيقة الفاتح كنوع من المسايرة لوثيقة المنامة، التي قدمت فيها المعارضة رؤيتها للبحرين الديمقراطية. إلا أن وثيقة الفاتح لم تجد صدى لا داخل هذه القوى ولا عند النظام أو الأطراف المعنية بالأزمة السياسية في البحرين، ما يعد فشلا في تحقيق وظيفتها السياسية وتحولها لعناصر مذخرة يبقيها النظام وقت ما يحتاجها في صراعه مع القوى المعارضة أو في مباحثاته مع الأطراف الدولية والإقليمية.
من ناحية التعبئة الشعبية فقد كشفت الفترة المتأخرة من العام الماضي انحسار قدرة القوى الموالية على الحشد والتعبئة سواء في المواضيع والقضايا التي شكلت عصبية جماهيرتيها أو في البناء الهيكلي لبعض تلك القوى.
وقد صرح الدكتور عبد اللطيف المحمود لإحدى الصحف المحلية عن عجز تجمع الوحدة الوطنية في إقامة تجمعات جماهيرية لنقص الكوادر البشرية وضعف الميزانية الاقتصادية لإقامة مثل هذه التجمعات.
كما أبرزت المؤتمرات السنوية لهذه القوى ومنها تجمع الوحدة الوطنية تضاؤل الحضور وصعوبة تحقيق النصاب القانوني لعقد تلك المؤتمرات، وهو وضع تكرس بعد حالات الخروج والانشقاق على الوحدات الناظمة لهذه القوى كما في حالة جمعية المنبر الإسلامي (إخوان مسلمين)، وجمعية الأصالة (سلفيين)، حيث استقال العديد من أعضائها للدخول في تجمع الوحدة الوطنية وثم انشقوا عن التجمع مؤسسين شباب تجمع الفاتح الذي تلاشت قوته بعد ذلك أيضا.
لقد استفادت هذه القوى الموالية من دعم النظام لها سياسيا واقتصاديا كما استفادت من غياب النظام الديمقراطي الحقيقي وهو ما ترك المجال مفتوحا لأعضاء هذه القوى لأن تنطبق عليهم خصائص قانون الحظوة والاقتراب من مركز السلطة والحصول على المنافع الاجتماعية والمهنية، خصوصا في الوظائف العليا داخل المؤسسات الحكومية وخلق وظائف عليا جديدة لهم. مقابل هذا الصعود ( الشخصي) تعرضت القوى الموالية لهبوط في أدائها السياسي تمثل في عدة مظاهر:
أولا: فقدانها عصبية التجميع الشعبي عبر حشرها بداية في تجمع الوحدة الوطنية ومن ثم تعرض التجمع لخطر التفتت.
ثانيا: انعدام رؤيتها السياسية المستقلة عن رؤية النظام وأجندته وقد عكس تقرير المؤتمر الأول لتجمع الوحدة الوطنية هذا الواقع عبر تفسيره للمسار السياسي الذي اتخدته القوى الموالية منذ 14 فبراير 2011 وأفضى لأن تستخدم هذه القوى من قبل النظام بشكل صريح وعلني.
ثالثا: انسداد فرص تفاعلها الجماهيري دون الحماية والدعم الحكومي لها.
رابعا: انشغالها بمناكفة ومعارضة القوى السياسية المعارضة والمزايدة على النظام في إنزال أشد العقوبات بالقيادات السياسية المعتقلة والطليقة.
ثانيا: الجمعيات المعارضة: طغيان البعد الحقوق
تضم المعارضة الرسمية ثمان جمعيات سياسية تشكل جمعية الوفاق وجمعية العمل الديمقراطي من الناحية السياسية عمودها الفقري. بطبيعة الحال لم تخلق الجمعيات السياسية حراك 14 فبراير وكانت حذرة في تعاطيها مع دعوة يوم الغضب باستثناء جمعية العمل الديمقراطي التي كان لها موقف مؤيد بشكل علني وواضح لتلك الدعوة، إلا هذه الجمعيات انخرطت في الحراك بعد اشتداده وسخرت كافة كوادرها للانخراط في فعاليات الثورة ولكن على طيقتها الخاصة.
يقوم مشروع الجمعيات السياسية على مبدأ الإصلاح الديمقراطي الجذري وهي تعني بذلك المطالبة بالانتقال من الملكية الدستورية المطلقة إلى الملكية الدستورية المقيدة حيث يمكن تداول السلطة وانتخاب الحكومة بدل تعينها من قبل الملك.
اعتمدت الجمعيات السياسية استراتيجية سلمية الحراك الميداني، وإدانة العنف مهما كان مصدره كأفضل الخيارات المتاحة في ظل تعقيد الوضع الداخلي وشراسة الأجهزة الأمنية وقوتها المتعاظمة.
مع الإعلان عن تشكيل لجنة تقصى الحقائق المستقلة وتحت ضغوط بعض السفارات الكبرى وافقت الجمعيات السياسية على الدخول في جلسات حوار التوافق الوطني، إلا أن جمعية الوفاق انسحبت في الأيام الأولى رافضة مخرجات الحوار، وكذا رفضته الجمعيات السياسية المعارضة، بما في ذلك المنبر التقدمي.
رغم وجود خلافات عديدة بين الجمعيات السياسية المعارضة في المنحى الايديولوجي، وخلافات أعمق في صيغ المعالجة السياسية كالاختلاف في شكل الحكومة المنتخبة والاحتماء بالمرجعيات الدينية؛ إلا انها استطاعت أن تؤصل خلافاتها السياسية في وثيقة سياسية سميت "بوثيقة المنامة" كإطار سياسي يجمع القوى السياسية المعارضة. وقد دعت الجمعيات السياسية الموقعة على وثيقة المنامة مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية للتوقيع على الوثيقة إلا ان الاستجابة لم تكن بالمستوى المتوقع.
مع ذلك فقد تجاهل النظام والقوى الموالية وثيقة المنامة معتبرين أنها رؤية سياسية خاصة لقوى المعارضة، وليست أرضية حوار وطني الذي يجب أن يبدأ دون شروط ودون متطلبات سياسية. تطور الموقف السياسي للحوار لدى الجمعيات السياسية المعارضة بتطور المعطيات السياسية المتغيرة، وتناغم خطابها مع خطابات الحوار بلا شروط، بعد أن كانت تسوق للمبادئ السبعة لولي العهد ووثيقة المنامة وتقرير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق، ولم تلق هذه التحولات قبولا لدى أطراف الحكم بل إن النظام مارس هجمات أمنية وتسعفا في التضييق على عمل الجمعيات السياسية المعارضة لدفعها للجلوس على طاولة حوار شكلي ودون جدول أعمال زمني أو أرضية واضحة.
وقد استغل النظام حاجة الدول الكبرى كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا إلى إنهاء ملف القضية البحرينية، والتفرغ لملف إيران النووي والقضية السورية، من أجل ممارسة ضغوط أكبر على قوى المعارضة لقبول تسويات سياسية لا تصل لحد انتخاب الحكومة وتأجيل ذلك لمرحلة قادمة. وكان من الطبيعي أن تسقط مثل هذه التسويات نظرا لعدم توافر مكافئ لها لدى شارع المعارضة ونظرا لدرجتها المتدنية مقارنة مع السقف الادني من المطالب الديمقراطية.
ما يجدر ذكره أن المعارضة الرسمية ظلت تؤكد تمسكها بالحوار غير المشروط، ورفضها للعنف كوسيلة من وسائل الضغط السياسي، وقد أدى تأكيدها على ما يسميه البعض السلمية إلى تعرضها لبعض النقد الاجتماعي خصوصا فيما يتعلق بإدانتها لأعمال احتجاجية مضادة لعنف السلطة والأجهزة الأمنية واحتوائها فتوى اسحقوه الصادر من المرجع الشيخ آية الله عيسى قاسم.
لقد ظلت قوى المعارضة الرسمية ثابتة في مواقعها السياسية ولم تلجأ للتصعيد السياسي. وقد أدى إلى تحويل قضية المطالبة بالديمقراطية إلى قضية حقوقية تؤكد على أحقيتها تقارير اللجنة المستقلة لتقصى الحقائق وتقرير مجلس حقوق الإنسان في جنيف وغيرها من التقارير الحقوقية، وبالتالي فإن الجمعيات السياسية المعارضة لم تفلح تماما في جعل القضية السياسية على قائمة الموضوعات والأولويات الخاصة بقضية البحرين.
ثالثا: إئتلاف شباب 14 فبراير : المطرقة الثقيلة
خارج إطر النظام السياسي السلطوي وخارج القوى السياسية الرسمية تقف القوى السياسية المعارضة والمطالبة بإسقاط النظام وحق تقرير المصير بدلا من الإصلاح السياسي والمملكة الدستورية.
ويعتبر إئتلاف شباب 14 فبراير كأبرز هذه القوى حيث يقود عمليات مواجهات ميدانية بشكل يومي، وبات يتملك قوة بشرية موزعة جغرافياً على العديد من مناطق البحرين بما فيها جزيرة المحرق، يؤمن لإتئلاف تعدد في القيادات الميدانية، كما يعتمد على تنسيق بين المنضوين في الحركة والمتعاطفين معه في القرى والمدن، سواء من حيث الشعارات التي يتم رفعها، أو من حيث نوع تكتيكات المواجهة مع قوات الأمن.
من الناحية السياسية يرى الإئتلاف أن النظام القائم فقد شرعيته منذ 17 مارس 2011، ولم يعد هناك فسحة لأن تكون هناك جولة تصالح أو حوار مع النظام ورموزه، وبالتالي فإن الاستمرار في المواجهة والتصعيد الميداني والسياسي هي الوسائل والآليات التي يهتم بها الإئتلاف في حركيته ونضاله اليومي. منذ يوليو 2011 طرح الإئتلاف شعار تقرير المصير كشعار سياسي قد يعتبر جسرا بين أطياف المعارضة المنقسمة حول المطالب الكلية بين مملكة دستورية وما بين جمهورية شعبية، رغم أن للإئتلاف رؤية سياسية ضمنها في وثيقة ثورة اللؤلؤة تقوم على فكرة إسقاط النظام كأساس لأي حل سياسي منصف. ونظرا لطبيعة عمله الميداني فقد نفذ الإئتلاف العديد من الفعاليات عنونها بعنوان مساندة ومؤيدة للقيادات السياسية المسجونة أو لقضايا سياسية محل إجماع كافة القوى السياسية المعارضة. وهو بذلك يؤطر عمله بما يشبه المطرقة التي يجب عليها تكسير أروقة النظام وتفكيك سلطويته. من جانبه ظل النظام يتجاهل وجود الإئتلاف ويحمل تبعاته على عاتق جمعية الوفاق ومرجعيتها الدينية، وهذا يتأكد من خلو لوائح الإتهام التي قدمت للنيابة العامة والتي يتجاوز عددها الخمسة آلاف صحيفة اتهام من تهمة الانضمام لإئتلاف 14 فبراير واستبدالها بتهم خلايا صغيرة منفصلة ووجهت إليهم تهم التفجيرات أو استهداف دورايات الأجهزة الأمنية أو قطع الطرق.
رابعا: التوافق الوطني مفتاح الحل
سيطرة صيغة الانقسام بين القوى السياسية على أغلب مفاصل المشهد السياسي بما أثر سلبا على إنجاز التحول الديمقراطي المطلوب رغم وجود أرضية صالحة لتحقيق الانتقال، بيد أن الرهان على كسب الجولة بحصيلة صفرية كان سيد مواقف القوى السياسية المعارضة والموالية، وبسبب الانقسام السياسي على أسس طائفية تولدت حالة من الشرعية المنقوصة لدى كل الأطراف بما أفقدها صفة الشمول والاستيعاب لكافة مكونات المجتمع. ونتيجة لهذا الوضع المنقسم والمتصارع بين القوى السياسية، توفرت مساحة فراغ بمقدور النظام الهروب إليه كلما ضاقت عليه أفق الحلول والتسويات، بل إن بقاء الانقسام السياسي أيا كانت مسبباته أعطى النظام فرصة لأن يسوق نفسه على أنه متعالي على الخلافات والانقسامات السياسية، وأنه بصدد الانتظار لحين وصول القوى السياسية لتفاهمات متفق عليها وبتعبير اللغة الرسمية، فإن تحقيق الاجماع أو التوافق الوطني على جملة المطالب السياسية وصيغة الانتقال الديمقراطي هي ورقة ومفتاح الحل للأزمة المتفاقمة منذ 14 فبراير.
.. يتبع
|
|
|
|
|