|  | 
| 
| 
| شيعي حسيني 
 |  | 
رقم العضوية : 44141
 |  | 
الإنتساب : Oct 2009
 |  | 
المشاركات : 7,088
 |  | 
بمعدل : 1.21 يوميا
 |  |      |  |  |  
   
 
   
 
 | المنتدى : 
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام 
 زينب الكبرى زينة اللوح المحفوظ 
			 بتاريخ : 23-12-2011 الساعة : 01:51 AM 
 
 اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهمزينب الكبرى زينة اللوح المحفوظ
 السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
 
 
 
  
 الحمد لله الذي زيّن الإنسان بالعلم ، وعلّمه جوامع الكَلِم ، والصلاة والسلام  على أشرف خلق الله زين الكائنات وفخر الممكنات محمّد وآله الأطهار نور الأخيار  وزينة الأبرار .
 قال الله تعالى في محكم كتابه الكريم : ( وَمِنْ كُلِّ شَيْء خَلَقْنا  زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرونَ ) .
 البيّنة في مصطلح الفقهاء بمعنى الشاهدين العدلين على واقعة في مقام الشهادة  تحمّلها وأداءها ، وهذه تسمّى بيّنة شرعيّة وتشريعية ، وفي الكائنات بيّنات تكوينية  ، ومن كلّ شيء خلق الله زوجين ليشهدا على وحدانية الله سبحانه وتعالى . ففي كلّ شيء  له آية وبيّنة يدلّ على أنّه الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم  يكن له كفواً أحد .
 وقصّة عاشوراء والطف الحزينة ، إنّما هي وليدة الزوجين الزكيّين الطاهرين  العلويّين الفاطميّين مولانا الإمام الحسين بن عليّ سيّد الشهداء (عليهما السلام) ،  وسيّدة بني هاشم ، عقيلة الطالبيين سيّدتنا زينب الكبرى (سلام الله عليها) .
 فعاشوراء الإسلام محلّ ولادتها كربلاء الصامدة ، أبوها سيّد الشهداء الإمام  الحسين (عليه السلام) ومربّيتها المجاهدة الثائرة زينب الطاهرة (عليها السلام). لولاها لكانت  عاشوراء اليتيمة تموت في صغرها . إلاّ أنّ السيّدة زينب بنضالها وندائها الثوري  (عليها السلام) ربّت عاشوراء تلك الوليدة التي يجري في عروقها دم الله وثاره .  فتربّت عاشوراء الحسين في أحضان زينب (عليها السلام) وترعرعت في جوارها وحجرها  المبارك وجهادها الدؤوب ، لتكون عاشوراء اُمّ الثورات التحرّرية بين الأجيال في كلّ  عصر ومصر ، إلى يوم القيامة ، فهي المنطلق الثوري للنهضات الإسلامية إلى اليوم  الموعود .
 ولا يمكن لأحد سوى الله سبحانه والأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) أن يعرفوا  مقام اُمّ عاشوراء ومنزلتها في الدارين ، فإنّ المعرفة والعلم بالشيء لازمه الإحاطة  به ، ولا يمكن للناس أن يحيطوا بعاشوراء وجوهريّتها وفلسفتها ، ولا بأبيها واُمّها  .
 وزينب الكبرى في أدوار حياتها وسيرتها الذاتيّة تخبرك عن أصالة سماويّة وشجرة  نبويّة ودوحة هاشميّة وترجمة قرآنيّة ، أصلها ثابت وفرعها في السماء ، فهي زينة  أبيها أمير المؤمنين أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ، وإنّه لم  يفتخر بكتابه العظيم ( نهج البلاغة ) الذي هو كتاب الحياة وكتاب السعادة ولا يمكن  للبشر أن يعرفوا ما فيه من العظمة والشموخ ، إلاّ أ نّه يفتخر ويتزيّن ببنته  السيّدة زينب (عليها السلام) .
 ولولا الخوف على عقول الناس ، لقيل في مدحها وثنائها ومعرفتها ما يبهر العقول ،  ويحيّر ذوي الألباب ، وقليل من عبادي الشكور الفكور الصبور .
 ولا زالت زينب النبوّة والإمامة ، زينب الولاية العظمى أسيرة الهوى ، بالأمس  كانت أسيرة الظالمين من بني اُميّة الطغاة وأشياعهم ، واليوم أسيرة العقول الضعيفة  ، حتّى قالوا عنها : إنّها امرأة عاديّة ؟ !
 فما نطقت في معرفتها حرفاً ، إلاّ وتجد نفسك مقيّداً بسلاسل الافتراء والتهمة  وأنّ القائل من الغلاة ، فزينب العظمة لا زالت أسيرة العقول والأفكار المتخلّفة .
 ولا نقول في وصفها وثنائها أنّها الربّ ـ والعياذ بالله ـ ولكن نقول : هكذا  خلقها الربّ جلّ جلاله .
 إلاّ أنّ الناس بين قال وغال ، بين إفراط وتفريط ، فكما غالوا في أبيها حتّى  قالوا باُلوهيّته ـ والعياذ بالله ـ وقالوا في حقّه حتّى جعلوه كافراً أو كأحد  المسلمين ، ولا زال عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) سيّد المظلومين ، قد ظلمه التأريخ كولده  الحسين ، بل وأولاده وذرّيته .
 وما زال صوته الحزين يدوّي في ضمير الإنسانية : « فيا عجباً للدهر إذ صرت يقرن  بي من لم يسع قدمي » .
 « أنزلني الدهر حتّى قالوا عليّ ومعاوية » .
 وهذه الصرخة الأليمة تسري في كلّ الأزمنة وعلى مدى العصور والأحقاب ، حتّى قال  ابن أبي الحديد المعتزلي في بيان مقولة أمير المؤمنين (عليه السلام) أ نّه : ( أطلق  القول إطلاقاً عاماً مستغرقاً لكلّ الناس أجمعين ) .
 ولا يزال عليّ المرتضى مجهولا ، ولا يزال كلامه القيّم يهتف : « سلوني قبل أن  تفقدوني » ، وإنّه لا يختصّ بالمسلمين بل هو للبشرية كافة كأخيه النبيّ الأعظم رسول  الله (صلى الله عليه وآله) .
 ( وَما أرْسَلْناكَ إلاّ رَحْمَةً لِلْعالَمينَ ) .
 وعليّ أمير المؤمنين نفس رسول الله بنصّ آية المباهلة ، فظلموه وهو يقول : «  اللهمّ إنّي أستعيذك على قريش ومن أعانهم ، فإنّهم صغّروا عظيم منزلتي وأجمعوا على  منازعتي أمراً هو لي » .
 وهكذا ظلموا علياً وظلموا أولاده ، وظلموا زينب بجهلهم بمقامهم الشامخ ومنزلتهم  العظيمة .
 ولا بدّ من حياة جديدة لضمير المجتمع الإسلامي ، حتّى يعرف عليّاً وأبناءه  الكرام .
 حتّى يعرف النبيّ محمّد وقرآنه ، وعليّاً ونهجه ، وفاطمة ومظلوميّتها ، والحسن  وسياسته ، والحسين وثورته ، وزينب وعاشوراءها ، والسجّاد وصحيفته ، وهكذا حتّى يعرف  المهدي الموعود وفلسفة الانتظار ودولته العالمية .
 كلّ هذه المعرفة إنّما تتمّ بالإيمان بالله سبحانه والعشق بعظمته ، وجماله  المتجلّي في الكائنات والتعبّد والتسليم لأمره .
 وما نعرفه من زينب اليوم ليس إلاّ شبحاً من قدسيّتها وعظمتها ، ومن الواضح أنّ  الشبح لا يعطي معرفة تمام الشيء وحقيقته .
 ثمّ أعداء الإسلام عرفوا أنّ الهجوم العسكري على البلاد الإسلامية لتهديم عقائد  المسلمين لا ينفع أو لا يكفي ، بل لا بدّ من الهجوم الثقافي من الغرب والشرق ، بل  لا بدّ باسم الدين ضرب الدين ، وباسم المذهب هدم المذهب من أساسه ، حتّى تفقد  الاُمّة أصالتها ومجدها العريق ومعتقداتها الصحيحة ، فتركن إلى الغرب أو الشرق ،  مستجدية متسوّلة متسكّعة .
 وهذا ما يريده الاستكبار العالمي ، فتسمع بين آونة واُخرى نغمات ضدّ المعتقدات  الدينية والضرورات المذهبية ، والعجب أ نّه من لسان رجال الدين والمتلبّسين بزيّ  أهل العلم !
 وأمّا زينب الإسلام فقدرتها تعني حكومة الأخلاق والفداء والتضحية ، وتربيتها  يعني الحبّ والعشق الإلهي والذوبان في الله جلّ جلاله ، وثقافتها تعني سلامة الفطرة  وحكومتها في كلّ مجالات الحياة على الصعيدين الفردي والاجتماعي .
 والعشق الإلهي المتجلّي في ثورة عاشوراء إنّما هي شجرة طيّبة أصلها ثابت  وفرعها في السماء ، تؤتي اُكلها كلّ حين بإذن ربّها ، ثمرتها العصمة ، وورقها  الإخلاص ، وجذورها الطهارة ، ودوحتها الجمال ، وبهاؤها الجلال .
 والعشق إنّما ينبع من سويداء القلب ، والقلب حرم الله وعرش الرحمن ، والفطرة  إنّما تدعو القلب إلى أن يعرف صاحبه ومالكه وهو الله سبحانه ، إلاّ أنّ هذا الشيطان  الرجيم يسرق بيت الله ، وهو قلب المؤمن فإنّه حرم الله وعرشه ، فيسرقه ويعشعش فيه  ، فيكون عشّ الشيطان وأبنائه وأعوانه وحزبه ، فيتنزّل القلب ويعصي  الربّ ، حتّى ينتكس ، فلا يكون وعاء للرحمة الإلهية وعلم الله سبحانه ، ثمّ يموت  القلب ، فيفقد الإنسان إنسانيّته ، فيكون كالحجارة أو أشدّ قسوة ، وكالأنعام بل  أضلّ سبيلا .
 وكربلاء الحسين وزينب (عليهما السلام) إنّما هي مصارع العشّاق ، كما قالها أمير  المؤمنين علي (عليه السلام) حينما جاوز كربلاء : « هاهنا مصارع العشّاق » .
 وعاشرواء الحسين وزينب (عليهما السلام) إنّما هو كتاب العاشقين الوالهين في حبّ  الله وجماله .
 وزينب بطلة كربلاء ، معلّمة العشق الإلهي جيلا بعد جيل ، ترفع إلى السماء جسد  أخيها المضرّج بالدماء ، محزوز الرأس ، مهشّم الأضلاع ، وتقول بكلّ سكينة ووقار : «  اللهمّ تقبّل هذا القربان من آل محمّد (صلى الله عليه وآله) » .
 ومن يعيش في رحاب زينب العشق يمتلئ قلبه شوقاً للقاء معبوده جلّ جلاله ، فيكون  لسانه ميزان الحكمة ، ويده مائدة الكرم ، ويحيى بعشق الله ، ويرجع القلب إلى مالكه  الأصلي التكويني والتشريعي ، كلّ هذا ببركة رسالة زينب الرسالية ، رسالة الدم  والدموع ، رسالة المقاومة والفداء .
 زينب الكبرى عقيلة بني هاشم اُمّ المصائب وقرينة النوائب ، العصمة الصغرى  والناموس الأكبر ، محبوبة المصطفى وزينة المرتضى وشقيقة المجتبى وشريكة الحسين سيّد  الشهداء .
 زينب الإنسية الحوراء بنت سيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) ، نتيجة  النبوّة المحمّدية وحصيلة الولاية العلوية ، وآية العصمة الفاطمية ، ومرآة المحاسن  الحسنيّة ، وانعكاس المصائب الحسينيّة ، لقد بلغت في المجد غاية حدّها .
 والعصفور بقدر همّته يصفق جناحيه ليحلّق في السماء ، فما نقول في زينب الحرّة  إلاّ ما نفهمه بعقولنا القاصرة .
 فزينب الدين رضيعة ثدي الرسالة ، ربيبة العلم والبسالة ، من أنوار المحشر بنت  ساقي الكوثر ، سيّدة البطحاء خلاصة الخمسة النجباء ، ملكية العرب .
 فلو كان النساء بمثل هذي *** لفضّلت النساء على الرجالِ
 فما التأنيث عيب للشموس *** ولا التذكير فخر للهلالِ
 ومن ألقابها العلياء وخصائصها السمحاء :
 الصدّيقة ، العصمة الصغرى ، وليّة الله العظمى ، ناموس الكبرى ، الراضية بالقدر  والقضاء ، أمينة الله ، عالمة غير معلّمة ، فهيمة غير مفهّمة ، محبوبة المصطفى(صلى  الله عليه وآله) ، قرّة عين المرتضى (عليه السلام) ، نائبة الزهراء (عليها السلام)  ، شقيقة الحسن المجتبى (عليه السلام) ، شريكة الحسين سيّد الشهداء (عليه السلام) ،  الزاهدة ، الفاضلة ، العاقلة ، الكاملة ، العاملة ، العابدة ،
 المحدّثة ، المخبرة ، الموثّقة ، كعبة الرزايا ، المظلومة ، الوحيدة ، عقيلة  قريش ، الباكية ، الفصيحة ، البليغة ، الشجاعة ، عقيلة خدر الرسالة ، رضيعة ثدي  الولاية ، روحي وأرواح العالمين لها الفداء .
 يكفيها شرفاً وفخراً شهادة إمام زمانها سيّد الساجدين وزين العابدين الإمام عليّ  بن الحسين (عليه السلام) ، حيث قال : « بحمد الله إنّكِ عالمةٌ غير معلّمة ، وفهِمة  غير مفهّمة » . وهذا ممّـا يدلّ على عصمتها ، فإنّ العصمة عن الذنوب والمعاصي وكلّ  ما يشين ويزري بالإنسان إنّما يكون بالعلم ، بأن يعلم منشأ الذنوب ، وأ نّها تصدر  من الجهل والظلمة ، كما يعلم نتائجها وآثارها ، من الآثار الوضعيّة في الدنيا  والعقاب الاُخروي ، وهذا العلم يكون بلطف خاصّ من الله سبحانه في الأنبياء  والأوصياء وفاطمة الزهراء (عليهم السلام) ، فهم معصومون بعصمة ذاتيّة كلّية ،  تمنعهم عن المحارم اختياراً لا على نحو القهر والجبر ، وفي غيرهم ممّن يحذو حذوهم  وينهج منهجهم ويرثهم في علومهم ومعارفهم وأخلاقهم ، يعصمون أنفسهم بعصمة أفعاليّة  كسبية جزئيّة . فمثل الشهيد عليّ الأكبر (عليه السلام) والسيّدة زينب الكبرى وفاطمة  المعصومة بنت الإمام موسى بن جعفر بقم المقدّسة يحملون هذه العصمة .
 فسيّدة النساء فاطمة الزهراء (عليها السلام) هي العصمة الكبرى ، والسيّدة زينب  (عليها السلام) هي العصمة الصغرى ، لأنّها عالمة غير معلّمة ، فعلمها من الله  سبحانه ، يعصمها من الآثام والقبائح ، فهي تنوب اُمّها الزهراء (عليها السلام) في  فضائلها وفواضلها وخصالها وخصائصها وعصمتها وعفّتها ونورها وشرفها وبهائها ، فكانت  تنطق بالحكمة والعلم والأدب والمعرفة والعصمة من محاسن خلالها ، فلم يُرَ أكرم منها  أخلاقاً ولا أنبل فطرةً ولا أطيب عنصراً ولا أخلص جوهراً في النساء بعد اُمّها  سيّدة نساء العالمين .
 فهي مجمع الفضائل ومنبع المكارم ، حازت من الصفات الكريمة والسجايا
 الحميدة ما لم يحزها بعد اُمّها أحد حتّى حقّ أن يقال : هي الصدّيقة الصغرى ،  فهي من الصبر والثبات وقوّة الإيمان والتقوى يضرب بها المثل الأعلى . وخير شاهد  حياتها الطيّبة وسيرتها الذاتيّة المباركة ورباطة جأشها في قصّة كربلاء ويوم  عاشوراء .
 إنّ المقامات العرفانيّة الخاصّة بزينب (عليها السلام) تقرب من مقامات الإمامة ،  فإنّها لمّـا رأت حالة زين العابدين (عليه السلام) حين رأى أجساد أبيه وإخوته  وعشيرته وأهل بيته على الثرى صرعى مجزّرين كالأضاحي وقد اضطرب قلبه واصفرّ وجهه ،  أخذت (عليها السلام) في تسليته تصبّره قائلةً : « ما لي أراك تجود بنفسك يا بقيّة  جدّي وأبي وإخوتي ، فوالله إنّ هذا لعهد من الله إلى جدّك وأبيك ، ولقد أخذ الله  ميثاق اُناس لا تعرفهم فراعنة هذه الأرض وهم معروفون في أهل السماوات أنّهم يجمعون  هذه الأعضاء المقطّعة والجسوم المضرّجة ، فيوارونها وينصبون بهذا الطفّ علماً لقبر  أبيك سيّد الشهداء لا يدرس أثره ولا يمحى رسمه على كرور الليالي والأيّام ،  وليجتهدنّ أئمة الكفر وأتباع الضلال في محوه وتطميسه فلا يزداد أثره إلاّ علوّاً  » .
 وقد ائتمنها الإمام على أسرار الإمامة ، وهذا يدلّ على عصمتها ، كما لم يذكر  التأريخ رغم كثرة أعداء أهل البيت (عليهم السلام) ما يشين بها وينقص من شأنها ويبطل  عصمتها ، فهي بنت الوحي وربيبة الرسالة ، تربّت في مدرسة الرسول الأعظم وأمير  المؤمنين وسيّدة نساء العالمين وسيّدي شباب أهل الجنّة (عليهم السلام) ، ومن تعلّمت  في مثل هذه المدرسة الإلهيّة كيف لا تكون معصومة في أفعالها وحياتها ؟ فسلام الله  عليها أبد الآبدين ، من بدو الخلق إلى يوم الدين .
 
 
 ومن خصائصها : حملتها اُمّها كرهاً ووضعتها كرهاً ، كإخوتها (عليهم السلام) ،  فالزهراء من حين حملها إلى يوم ولادتها كانت مهمومة ، وقد اُخبرت من قبل بمصائبها ،  وما يجري عليها من الآلام والمحن .
 روي أنّ زينب بنت عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) لمّـا ولدت اُخبر بذلك رسول  الله (صلى الله عليه وآله) فجاء إلى منزل فاطمة (عليها السلام) وقال : يا بنتاه ،  ايتيني ببنتك المولودة ، فلمّـا أحضرتها أخذها رسول الله (صلى الله عليه وآله)  وضمّها إلى صدره الشريف ، ووضع خدّه المنيف على خدّها ، فبكى بكاءً عالياً ، وسال  الدمع على محاسنه الشريفة جارياً ، فقالت فاطمة : لماذا بكاؤك ، لا أبكى الله عينيك  يا أبتاه ؟ فقال (صلى الله عليه وآله) : يا بنيّة فاطمة ، اعلمي أنّ هذه البنت بعدك  وبعدي تبتلي بالبلايا ، وترد عليها المصائب شتّى ورزايا ، فبكت فاطمة (عليها  السلام) عند ذلك ، ثمّ قالت : يا أبَ ، فما ثواب من يبكي عليها وعلى مصائبها ؟ فقال  : يا بضعتي وقرّة عيني ، إنّ من بكى عليها وعلى مصائبها كان ثواب بكائه كثواب من  بكى على أخويها ، ثمّ سمّـاها زينب .
 
 
 وزينب اشتقّ من زَنِبَ ـ كفَرِح ـ بمعنى السمن ، وسمن كلّ شيء بنسبته ، فسمن  الحيوان بمعنى كثرة لحمه ، وسمن النبات بمعنى نظارتها وكثرة ثمراتها ، وسمن الإنسان  بمعنى حمله صفات الكمال والجمال .
 أو زينب بمعنى الشجرة الطيّبة الحسنة الصورة ، أو بمعنى زين أب ، ولكثرة  الاستعمال اُسقط الألف ، وعند بعض أهل المعرفة إنّما اُسقط الألف لعدم الفصل بينها  وبين أبيها . فزينب زينة أبيها أمير المؤمنين بكمالاتها وخصائصها وخصائلها .
 وأبوها أسد الله الغالب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) إنّما هو زينة الكون ،  وزينة الوجود وما خلقه المعبود ، فزينب زينة الزينة لهذا العالم الرحب ، وكانت  كاُمّها الزهراء ( اُمّ أبيها ) فصارت ( زينة أبيها ) ورثت اُمّها في عصمتها  وعلومها ومصائبها .
 والأسماء تنزل من السماء ، إلاّ أنّ الله قد شرّف بعض أوليائه وأنبيائه أن  سمّـاهم بنفسه ، كآدم ويحيى ( يا زَكَرِيَّا إنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلام اسْمُهُ  يَحْيى لَمْ نَجْعَلْ لَهُ مِنْ قَبْلُ سَمِيَّاً ) ، وعيسى المسيح ( إنَّ  اللهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَة مِنْهُ اسْمُهُ المَسيحُ عيسى ) ، والنبيّ الأكرم  ( وَمُبَشِّراً بِرَسول يَأتي مِنْ بَعْدي اسْمُهُ أحْمَد ) وعليّ اشتقّ من  العليّ والحسن والحسين وزينب الكبرى .
 كما ورد في الخبر الشريف عندما قدّمت فاطمة بنتها إلى زوجها أمير المؤمنين  ليسمّيها فقال : لا أسبق رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ولمّـا كانت بين يدي  الرسول لم يسمّها لكي لا يسبق الله سبحانه ، فنزل جبرئيل الأمين وقال : إنّ الله  يقرئك السلام ويقول : سمّها زينب ، كما سمّيت في اللوح المحفوظ .
 فزينب زينة اللوح المحفوظ ، كما أنّ أباها أمير المؤمنين عليّ (عليه السلام)  زينة عرش الله .
 
 
 يا ربّ جوهر علم لو أبوح به *** لقيل لي : أنت ممّن يعبد الوثنا
 رضينا بقسمة الجبّار فينا *** لنا علمٌ وللأعداء مال
 
 
 
 
 وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين
 
 
 
 نسالكم الدعاء.
 
 
 |  |  |  |  |  | 
 |