|
مشرف المنتدى العقائدي
|
رقم العضوية : 43999
|
الإنتساب : Oct 2009
|
المشاركات : 4,464
|
بمعدل : 0.78 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الجابري اليماني
المنتدى :
منتدى البحوث العقائدية والتأريخية
بتاريخ : 17-08-2011 الساعة : 10:02 PM
نقد مسلسل الحسن والحسين (9) موقف أسامة بن زيد
أسامة بن زيد يناصح عثمان ولكن لا يستجيب..
تمهيد:
طلب الناس من أسامة بم زيد حب رسول الله وابن حبه وصاحب جيش اسامة وابن زيد بن حارثة مولى النبي (ص)، طلبوا منه لمكانته من رسول الله أن ينصح عثمان،
فأخبرهم أنه ينصحه سراً،
وهذا يفيد أنه حتى أسامة الرجل الوديع المحبوب عند السلفية لاعتزاله علياً ( بعذر رآه) كان ينكر على عثمان،
وعلى هذا فلا حجة لمن قال إن الذين أنكروا على عثمان إنما هم مجموعة من الغوغاء والمنافقين،
وأن عثمان كان سليماً من الأخطاء الكبار،
لأنه لو كان الخطأ يسيراً لقال لهم اسامة ذلك، ولقال: الخطأ يسير وقد كفاني فلان وفلان؟
أو لاستغرب منهم الطلب، ولطلب منهم أن يسمع تلك الأخطاء التي يرونها ما هي؟ فإنه لا يرها ولم يسمع بها؟
، مما يدل على أن أخطاء عثمان ومخالفاته أصبحت مشهورة عند الخاص والعام وأن تخطئة عثمان فيها أصبحت إجماعاً وإنما الخلاف في كيفية إنكارها، وكيفية نصيحة عثمان،
والقصة قد رواها البخار يفي صحيحه، ولكن البخاري خان وأخفى اسم عثمان،كعادته في مثل هذه الموضوعات، وقد صرح باسم عثمان شيوخ البخاري وزملاؤه وتلامذته ممن ر وى الحديث فانحصرت هذه الخيانة في البخاري إمام الفئة! وسنذكر منهم ممن صرح باسم عثمان مسلم في صحيحه والحميدي شيخ البخاري في مسنده وأحمد بن حنبل في مسنده - رغم تعصبه - وغيرهم...
المصادر لإنكار أسامة بن زيد على عثمان:
1- صحيح البخاري - (ج 3 / ص 1191): حدثنا علي ( هو ابن المديني) حدثنا سفيان ( هو ابن عيينة) عن الأعمش عن أبي وائل قال :
قيل لأسامة لو أتيتَ فلانا ( يعني عثمان، أخفاه البخاري) فكلمتَه؟!
قال إنكم لترون أني لا أكلمه؟! إلا أسمعكم إني أكلمه في السر دون أن أفتح بابا لا أكون (أول) من فتحه؟
ولا أقول لرجل إن كان علي أميرا إنه خير الناس بعد شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا وما سمعته يقول؟
قال سمعته يقول : ( يجاء بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق أقتابه في النار فيدور كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون أي فلانا ما شأنك ؟
أليس كنت تأمرننا بالمعروف وتنهانا عن المنكر ؟
قال كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه ) اهـ
رواه غندر عن شعبة عن الأعمش.
2- المتابعة في : صحيح البخارى - (ج 23 / ص 298):
حدَّثَنِى بِشْرُ بْنُ خَالِدٍ أَخْبَرَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ سُلَيْمَانَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ أَلاَ تُكَلِّمُ هَذَا ( أيضاً أخفاه البخاري)! قَالَ قَدْ كَلَّمْتُهُ مَا دُونَ أَنْ أَفْتَحَ بَابًا ، أَكُونُ أَوَّلَ مَنْ يَفْتَحُهُ ، وَمَا أَنَا بِالَّذِى أَقُولُ لِرَجُلٍ بَعْدَ أَنْ يَكُونَ أَمِيرًا عَلَى رَجُلَيْنِ أَنْتَ خَيْرٌ . بَعْدَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَقُولُ « يُجَاءُ بِرَجُلٍ فَيُطْرَحُ فِى النَّارِ ، فَيَطْحَنُ فِيهَا كَطَحْنِ الْحِمَارِ بِرَحَاهُ ، فَيُطِيفُ بِهِ أَهْلُ النَّارِ فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ أَلَسْتَ كُنْتَ تَأْمُرُ بِالْمَعْرُوفِ ، وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ فَيَقُولُ إِنِّى كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ أَفْعَلُهُ ، وَأَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ وَأَفْعَلُهُ »
وهو صريح في مسلم وأحمد وغيرهم..
3- صحيح مسلم - (ج 4 / ص 2290)
حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبدالله بن نمير و إسحاق بن إبراهيم وأبو كريب - واللفظ لأبي كريب - ( قال يحيى وإسحاق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا ) أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن أسامة بن زيد قال : قيل له ألا تدخل على عثمان فتكلمه ؟ فقال أترون أني لا أكلمه إلا أسمعكم ؟ والله لقد كلمته فيما بيني وبينه ما دون أن أفتتح أمرا لا أحب أن أكون أول من فتحه
... الحديث.
والحديث في مسند أحمد - (ج 47 / ص 345) بالتصريح باسم عثمان:
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ حَدَّثَنِى أَبِى حَدَّثَنَا يَعْلَى بْنُ عُبَيْدٍ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى وَائِلٍ قَالَ قِيلَ لأُسَامَةَ :
أَلاَ تُكَلِّمُ عُثْمَانَ ؟...الحديث ـ
وهو عند الحميدي شيخ البخاري مصرحاً باسم عثمان:
والحديث في مسند الحميدى - (ج 2 / ص 146):قال: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ( ابن عيينة) قَالَ حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا وَائِلٍ يَقُولُ قِيلَ لأُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ : أَلاَ تُكَلِّمُ عُثْمَانَ؟ .. الحديث».
التعليق:
وهنا كل هؤلاء المحدثين من شيوخ البخاري وزملائه صرحوا باسم عثمان! مما يدل على أن أهل الحديث مذاهب في ذلك وليسوا مذهباً واحداً، فبعضهم كالبخاري يستجيب للعقيدة في الصحابة فيخفي اسم عثمان ويقول ( فلان)! ولكن أهل الحديث الأكثر والأعلم والأغلب يصرحون ويلتزمون الأمانة فيذكرون عثمان بالاسم الصريح، إلا أن منهج البخاري ( الإخفائي) غلب عند السلفية المتأخرة وأحبوا منهجه في الإخفاء والخيانة على منهج أهل الحديث الآخر الذي يتسم بالجرأة والشجاعة والأمانة، وهذه المقارنات لا يطرقها أهل الحديث المعارصون، ولو طرقوها في رسائلهم الجامعية وبحوثهم الفردية لاكتشفوا أهل الحديث هؤلاء، وانهم مذاهب وليسوا مذهباً واحداً، سواء في طريقة رواية الحديث أو في ما فوق ذلك من عقائد، وإنما يكتفي أهل الحديث بقولهم( ورد الحديث بلفظ كذا عند فلان، وبلفظ كذا عند فلان..) ولا يسألون أنفسهم لماذا؟ أي لما اختلفت رواية الحديث بين محدث وآخر؟ هل هذا نتيجة جهل أو علم؟ هل صدر الاختلاف في اللفظ عن عقيدة وهوى أم كان اختلافاً طبيعياً لا يضر بالمعنى ولا ينقص فائدة؟ وهل تكرر مثل هذا العمل ( الإخفائي) من هذا المحدث، وذاك العمل ( التحريفي) من هذا المحدث،...الخ، والغريب أن وعاظ المؤرخين اليوم ممن يسمون ( دراسي التاريخ من المدرسة السلفية الغريب أنهم قد يضعفون مؤرخاً كبيراً كالواقدي لعمل أقل مما يفعله البخاري، فقد ترد الرواية عند الواقدي مزيدة فيجعلون هذا من زيادة الواقدي وضعفه، لأن البخاري أو أحمد روى هذه القصة أو تلك بغير هذه الزيادة) ولا يعلمون أن الخيانة لم تصدر من الواقدي وإنما منهما، لأن هناك من تابع الواقدي على التتمة أو الزيادة، لأن منهج البخاري أو أحمد قائم على إخفاء ما لا يعجبهم من الأحاديث فضلاً عن التاريخ، فالمؤرخون أمثال الواقدي وأبي مخنف مظلومون من أهل الجهل الذين لا يعرفون كيف يقارنون بين اهل الحديث أنفسهم ليستخرجوا الأمين منهم والخائن، ثم بعد ذلك ليجعلوا الأمناء من أهل الحديث حكماً بين المؤرخين وبقية المحدثين الذين ثبتت خياناتهم وإخفاءاتهم وسيطرة العقيدة المذهبية عليهم انتقاء وبتراً وتحريفاً، وهذا موضوع طويل وله صلة بتحريف الروايات التاريخية إلى اليوم، فإن منهج الزيادة والنقصان والبتر والتقطيع والإخفاء والتحريف هو منهج أصيل من مناهج أهل الحديث وليس من مناهج أهل الأهواء فقط، هاهو البخاري إمام الفئة يحذف اسم عثمان مرتين من إسنادين مختلفين، مع أن التصريح باسم عثمان موجود عند زملائه وممن هم أوثق منه وأقدم وأعلم، وعندي بحث اسميته: غش أهل الحديث، وجدت أن بعض القامات الحديثية الكبرى لا تستحق من المسلمين أن يثقوا بها أبداً، وإنما يجوز أن يستأنسوا بها في الموضوعات المحايدة ويثقوا بهم إذا رووا ما يخالف مذهبم، ولا يثقوا بهم إذا رووا ما يدعم مذهبهم).
تصرف البخاري ( في إخفاء اسم عثمان):
إذن فقد اكتشفنا من صحيح مسلم ( زميل البخاري) ومن مسند أحمد ( إمام أهل الحديث في عصر البخاري) ومسند الحميدي ( شيخ البخاري) من هؤلاء جميعاً، اكتشفنا إحدى خيانات البخاري في الحديث، وهو إخفاؤه اسم عثمان عمداً هنا، خيانة البخاري هنا لأنه بالسند نفسه، أو لنقل حرصه على حذف أي شيء فيه ذم لعثمان، لأنه يفهم من الحديث أنه يتناول عثمان، لأن الحديث يجعله وكأنه من أئمة الجور، بل في المتصدرين من أئمة الجور الذين يأمرون بالمعروف ولا يأتونه، وينهون عن المنكر ويأتونه، وإخفاء أسماء الصحابة الذين يعظمهم أهل الحديث هو منهج لغلاة أهل الحديث، كالبخاري وأحمد، إلا أنه قد يفلت منهم الحديث والحديثان، فهم يخفون الأسماء مع علمهم بهم، وليس جهلاً، ولا أن الحديث وصلهم هكذا فنقلوه كما هو! ومن هنا نقول إن الواقدي وأبي مخنف وأمثالهم من أحرار التاريخ يكونون في فنهم أوثق من البخاري وأحمد، لأنهم لا يخفون اسماً ولا حدثاً إلا ما لا بد منه وفي ظروف الخوف خاصة.. لكن المؤرخين من حيث الجملة أوثق في الفتنة من أهل الحديث، فأهل الحديث قد يفرطون في أحاديث كثيرة إذا تضمنت إساءة إلى صحابي ممن يعظمونهم، وهذا داء العقيدة، وأتباعهم إلى اليوم يجتنبون ألأحاديث التي فيها طعن على بعض الصحابة وكأن النبي (ص) ليس أهلاً أن يتكلم في أخطاء الصحابة.
شرح الحديث ودلالته باختصار:هذا أسامة بن زيد الذي لم تشتهر معارضته لعثمان ولا إنكاره عليه، يكتشف الناس أنه من المنكرين على عثمان! فهذا يدل على أن الثورة أو الإنكار عام في الصحابة، فقد أنكروا على عثمان ما هو معروف مما اشتهر عنه من تولية أقاربه ومنح الأموال العظيمة للقرابة وما أشبه ذلك مما أنكره عليه الناس خاصهم وعامهم، وهذا يدل على تمنع عثمان وتصلبه وعدم استجابته للناصحين، فأسامة يكشف أنه قد نصح عثمان عدة مرات سراً، وسؤالهم أسامة أن ينصح عثمان كان بعد نصائح كثيرة نصحها لعثمان لا قبلها..
وماذا يقول أهل الحديث في شرح الحديث:
يقول ابن حجر العسقلاني شارح البخاري في كتابه فتح الباري- (ج 20 / ص 106) – مع اختصار-
قَوْله ( قَدْ كَلَّمْته مَا دُونَ أَنْ أَفْتَح بَابًا ) أَيْ كَلَّمْته فِيمَا أَشَرْتُمْ إِلَيْهِ ، لَكِنْ عَلَى سَبِيل الْمَصْلَحَة وَالْأَدَب فِي السِّرّ بِغَيْرِ أَنْ يَكُون فِي كَلَامِي مَا يُثِير فِتْنَة أَوْ نَحْوهَا . وَمَا مَوْصُوفَة وَيَجُوز أَنْ تَكُون مَوْصُولَة .
قَوْله ( أَكُون أَوَّل مَنْ يَفْتَحهُ ) فِي رِوَايَة الْكُشْمِيهَنِيِّ " فَتَحَهُ " بِصِيغَةِ الْفِعْل الْمَاضِي وَكَذَا فِي رِوَايَة الْإِسْمَاعِيلِيّ ؛ وَفِي رِوَايَة سُفْيَان " قَالَ إِنَّكُمْ لَتَرَوْنَ - أَيْ تَظُنُّونَ - أَنِّي لَا أُكَلِّمهُ إِلَّا أَسْمَعْتُكُمْ " أَيْ إِلَّا بِحُضُورِكُمْ ، وَسَقَطَتْ الْأَلِف مِنْ بَعْض النُّسَخ فَصَارَ بِلَفْظِ الْمَصْدَر أَيْ إِلَّا وَقْت حُضُوركُمْ حَيْثُ تَسْمَعُونَ وَهِيَ رِوَايَة يَعْلَى بْن عُبَيْد الْمَذْكُورَة ، وَقَوْله فِي رِوَايَة سُفْيَان " إِنِّي أُكَلِّمهُ فِي السِّرّ دُونَ أَنْ أَفْتَح بَابًا لَا أَكُون أَوَّل مَنْ فَتَحَهُ " عِنْدَ مُسْلِم مِثْله
لَكِنْ قَالَ بَعْدَ قَوْله إِلَّا أَسْمَعْتُكُمْ " وَاَللَّه لَقَدْ كَلَّمْته فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ دُونَ أَنْ أَفْتَح أَمْرًا لَا أُحِبّ أَنْ أَكُون أَوَّل مَنْ فَتَحَهُ " يَعْنِي لَا أُكَلِّمهُ إِلَّا مَعَ مُرَاعَاة الْمَصْلَحَة بِكَلَامٍ لَا يَهِيج بِهِ فِتْنَة .
.. - ثم يقول-
وَسِيَاق مُسْلِم مِنْ طَرِيق جَرِير عَنْ الْأَعْمَش يَدْفَعُهُ ، وَلَفْظه عَنْ أَبِي وَائِل " كُنَّا عِنْدَ أُسَامَة بْن زَيْد فَقَالَ لَهُ رَجُل : مَا يَمْنَعك أَنْ تَدْخُل عَلَى عُثْمَان فَتُكَلِّمهُ فِيمَا يَصْنَع " قَالَ وَسَاقَ الْحَدِيث بِمِثْلِهِ ، وَجَزَمَ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ الْمُرَاد أَنْ يُكَلِّمَهُ فِيمَا أَنْكَرَهُ النَّاس عَلَى عُثْمَان مِنْ تَوْلِيَة أَقَارِبه وَغَيْر ذَلِكَ مِمَّا اُشْتُهِرَ ، وَقَوْله إِنَّ السَّبَب فِي تَحْدِيث أُسَامَة بِذَلِكَ لِيَتَبَرَّأَ مِمَّا ظَنُّوهُ بِهِ لَيْسَ بِوَاضِحٍ ،
بَلْ الَّذِي يَظْهَر أَنَّ أُسَامَة كَانَ يَخْشَى عَلَى مَنْ وُلِّيَ وِلَايَة وَلَوْ صَغُرَتْ أَنَّهُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ أَنْ يَأْمُر الرَّعِيَّة بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنْ الْمُنْكَر ثُمَّ لَا يَأْمَن مِنْ أَنْ يَقَع مِنْهُ تَقْصِير ، فَكَانَ أُسَامَة يَرَى أَنَّهُ لَا يَتَأَمَّر عَلَى أَحَد ، وَإِلَى ذَلِكَ أَشَارَ بِقَوْلِهِ " لَا أَقُول لِلْأَمِيرِ إِنَّهُ خَيْر النَّاس " أَيْ بَلْ غَايَته أَنْ يَنْجُوَ كَفَافًا .
وَقَالَ عِيَاض : مُرَاد أُسَامَة أَنَّهُ لَا يَفْتَح بَاب الْمُجَاهَرَة بِالنَّكِيرِ عَلَى الْإِمَام لِمَا يَخْشَى مِنْ عَاقِبَة ذَلِكَ ، بَلْ يَتَلَطَّف بِهِ وَيَنْصَحهُ سِرًّا فَذَلِكَ أَجْدَر بِالْقَبُولِ . وَقَوْله " لَا أَقُول لِأَحَدٍ يَكُون عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْر النَّاس " فِيهِ ذَمّ مُدَاهَنَة الْأُمَرَاء فِي الْحَقّ وَإِظْهَار مَا يُبْطِن خِلَافه كَالْمُتَمَلِّقِ بِالْبَاطِلِ ، فَأَشَارَ أُسَامَة إِلَى الْمُدَارَاة الْمَحْمُودَة وَالْمُدَاهَنَة الْمَذْمُومَة ، وَضَابِط الْمُدَارَاة أَنْ لَا يَكُون فِيهَا قَدْح فِي الدِّين ، وَالْمُدَاهَنَة الْمَذْمُومَة أَنْ يَكُون فِيهَا تَزْيِين الْقَبِيح وَتَصْوِيب الْبَاطِل وَنَحْو ذَلِكَ .
وَقَالَ الطَّبَرِيُّ : اِخْتَلَفَ السَّلَف فِي الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ ،
فَقَالَتْ طَائِفَة يَجِب مُطْلَقًا وَاحْتَجُّوا بِحَدِيثِ طَارِق بْن شِهَاب رَفَعَهُ " أَفْضَل الْجِهَاد كَلِمَة حَقّ عِنْدَ سُلْطَان جَائِر " وَبِعُمُومِ قَوْله " مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ " الْحَدِيث . وَقَالَ بَعْضهمْ : يَجِب إِنْكَار الْمُنْكَر ، لَكِنَّ شَرْطه أَنْ لَا يَلْحَق الْمُنْكِر بَلَاء لَا قِبَلَ لَهُ بِهِ مِنْ قَتْلٍ وَنَحْوه .
وَقَالَ آخَرُونَ : يُنْكِر بِقَلْبِهِ لِحَدِيثِ أُمّ سَلَمَة مَرْفُوعًا " يُسْتَعْمَل عَلَيْكُمْ أُمَرَاء بَعْدِي ، فَمَنْ كَرِهَ فَقَدْ بَرِئَ وَمَنْ أَنْكَرَ فَقَدْ سَلِمَ ، وَلَكِنْ مَنْ رَضِيَ وَتَابَعَ " الْحَدِيث
قَالَ : وَالصَّوَاب اِعْتِبَار الشَّرْط الْمَذْكُور وَيَدُلّ عَلَيْهِ حَدِيث " لَا يَنْبَغِي لِمُؤْمِنٍ أَنْ يُذِلَّ نَفْسه " ثُمَّ فَسَّرَهُ بِأَنْ يَتَعَرَّض مِنْ الْبَلَاء لِمَا لَا يُطِيق اِنْتَهَى مُلَخَّصًا .
وَقَالَ غَيْره : يَجِب الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسه مِنْهُ ضَرَرًا وَلَوْ كَانَ الْآمِر مُتَلَبِّسًا بِالْمَعْصِيَةِ ، لِأَنَّهُ فِي الْجُمْلَة يُؤْجَر عَلَى الْأَمْر بِالْمَعْرُوفِ وَلَا سِيَّمَا إِنْ كَانَ مُطَاعًا ، وَأَمَّا إِثْمه الْخَاصّ بِهِ فَقَدْ يَغْفِرهُ اللَّه لَهُ وَقَدْ يُؤَاخِذهُ بِهِ ،
وَأَمَّا مَنْ قَالَ : لَا يَأْمُر بِالْمَعْرُوفِ إِلَّا مَنْ لَيْسَتْ فِيهِ وَصْمَة ، فَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ الْأَوْلَى فَجَيِّد وَإلَّا فَيَسْتَلْزِم سَدّ بَاب الْأَمْر إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ غَيْره .
ثُمَّ قَالَ الطَّبَرِيُّ : فَإِنْ قِيلَ كَيْف صَارَ الْمَأْمُورُونَ بِالْمَعْرُوفِ فِي حَدِيث أُسَامَة الْمَذْكُور فِي النَّار ؟ وَالْجَوَاب أَنَّهُمْ لَمْ يَمْتَثِلُوا مَا أُمِرُوا بِهِ فَعُذِّبُوا بِمَعْصِيَتِهِمْ وَعُذِّبَ أَمِيرهمْ بِكَوْنِهِ كَانَ يَفْعَل مَا يَنْهَاهُمْ عَنْهُ ، وَفِي الْحَدِيث تَعْظِيم الْأُمَرَاء وَالْأَدَب مَعَهُمْ وَتَبْلِيغهمْ مَا يَقُول النَّاس فِيهِمْ لِيَكُفُّوا وَيَأْخُذُوا حِذْرهمْ بِلُطْفٍ وَحُسْن تَأْدِيَة بِحَيْثُ يَبْلُغ الْمَقْصُود مِنْ غَيْر أَذِيَّة لِلْغَيْرِ.
.
فائدة في بطلان حديث العشرة المبشرين بالجنة وتعليق أخير:
أسامة في هذا الحديث إما أن يريد نفسه أو عثمان،
وهو يويد عثمان على الظاهلر كما ذكر ابن حجر - ولكن بعبارة غامضة هادئة!-
فهذا يدل على ماذا؟
لا ريب أن اسامة بن زيد إذا كان يريد من إيراد هذا الحديث عثمان لا نفسه، فمعنى هذا أنه لا يرى عثمان من المبشرين بالجنة ( كما اشتهر عند أهل السنة)
وأن حديث التبشير بالجنة وإنما تم وضعه فيما بعد بأثر رجعي!
ليغطي على حقائق التاريخ ويصلح بين المتقاتلين!
وليقول الناس ( خلاص مادام أنه في الجنة فلا يضره شيء)!
بينما التبشير بالجنة كانت عقيدة متأخرة لم يعرفها الصحابة،
بل إن عثمان مع المناشدات التي ناشدها ومع الفضائل التي احتج بها على الثوار - وأكثرها ضعيف – إلا أنه لم يحتج عليهم يوماً بأنه من ( العشرة المبشرة بالجنة)
فلم يقل يوماً : ألا تعلمون بأني من العشرة المبشرين بالجنة؟
وإذا كنتُ كذلك فلا بد أن يكون قاتلي مخطئاً آثماً؟ ؟..
أبداً لم يقل هذا ..
وحديث العشرة المبشرين بالجنة حديث فرد مضطرب لا يقوى لما يعارضه من نقل أو عقل أو عمل العشرة أنفسهم،
أعني أن العشرة أنفسهم الذين زعم الناس إنهم مبشرون بالجنة لم يكونوا يحتجون بهذا الحديث،
وهاهو الإمام علي احتج على فضله بكل شيء علمناه من فضائله إلا هذا الحديث،
فناشد أهل السقيفة بعد السقيفة
وناشد اهل الشورى يوم الشورى
وناشد طلحة والزبير بالبصرة
وناشد أهل الكوفة بالكوفة
ولم يأت على ذكر حديث العشرة بشيء، ولم يرو عنه بداً، وكذا عثمان لم يرو عنه أبداً..
وهذا يدل على أن عقول المسلمين قد امتلأت بأفلام ومسلسلات كثيرة سبقت مسلسل الحسن والحسين.
|
|
|
|
|