|
عضو برونزي
|
رقم العضوية : 28121
|
الإنتساب : Dec 2008
|
المشاركات : 661
|
بمعدل : 0.11 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
علي الكاظمي
المنتدى :
منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
بتاريخ : 13-08-2010 الساعة : 03:16 AM
عبد الملك وتوليته للحجاج
وهو الذي حمل الحجاج بن يوسف على رقاب المسلمين عندما ولاّه على الحجاز والعراق.
والحجاج ذلك الطاغية الذي أذاق الاُمة أنواع العذاب، يغمد سيفه في رقاب الأبرياء، وقد اتخذ ذلك السجن المكشوف الذي يضم بين جدرانه عدداً لا يقلّ عن مائة وعشرين ألفاً بين رجل وامرأة، يلاقون فيه حرارة الشمس وألم الجوع، ويكابدون غصص وضع الرماد على الرؤوس، وهم يموجون من الشدة، ويغلون كالمرجل، تحرقهم حرارة الشمس وتقلّبهم السياط وبعج الرماح وصرخات السجانين، ولقد اتخذ الحجاج في معاملة الناس عند ولايته أقسى ما يتصور من القسوة والشدّة، فهو يضرب بسيفه أنّى شاء وكيف شاء، وله أساليب في إنزال العذاب والعقوبة بمن يظفر بهم، فأصبح إمام سنّة الظلمة، واُستاذ الظلمة من الحكام.
فهذا سجين يشدّ عليه القصب الفارسي المشقوق ويجرّ عليه، ثم ينضح عليه الخلّ، وذاك أسير آخر اُصيب ساقه بنشابة ثبت نصلها في ساقه. وعلم الحجاج أنّ أشدّ عذاب يعامل به أسيره أن يحرّك النصل ليسمع استغاثة السجين وصياحه، فتأخذه نشوة الطرب تجبّراً وطغياناً. قال عمر بن عبد العزيز: لو جاءت كلّ اُمة بخبيثها وجئنا بالحجاج لغلبناهم.
وقال عاصم: ما بقيت لله عزّ وجلّ حرمة إلاّ وقد ارتكبها الحجاج
وكان الحجاج قد تطلّع الى إمرة العراق وهو يرى عبدالملك قلقاً على ملكه ممّا يحدث فيه ويخاطب أصحابه: ويلكم! من للعراق؟ وتمّ للحجاج ما رغب فيه واتّجه رضيع الدماء المبير الى العراق حيث الثوار، فكان غاشماً عاتياً في فعله وقوله. ومن جملة أقواله:
يا أهل العراق هل استنبحكم نابح، أو استشلاكم غاو أو استخفّكم ناكث، أو استنصركم عاص إلاّ تابعتموه وبايعتموه وآويتموه وكفيتموه؟ يا أهل العراق هل شغب شاغب أو نعب ناعب أو ربى كاذب إلاّ كنتم أنصاره وأشياعه.
ويخاطب أهل الشام:
يا أهل الشام أنتم العدّة والعدد، والجنّة في الحرب، إن نحارب حاربتم أو نجانب جانبتم وما أنتم وأهل العراق إلاّ كما قال نابغة بني جعدة:
وإن تداعيهم حظّهم *** ولم ترزقوه ولم تكذب
كقول اليهود قتلنا المسيح *** ولم يقتلوه ولم يصلب
وأنزل أهل الشام بيوت أهل الكوفة. يقول ابن الأثير: وهو أوّل من أنزل الجند في بيوت غيرهم، وهو الى الآن لا سيّما في بلاد العجم، ومن سنّ سنّة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها الى يوم القيامة.
وقيل اُحصي من قتله الحجاج صبراً، فكانوا مائة ألف وعشرين ألفاً. وروي أنّ الحجاج مرّ بخالد بن يزيد بن معاوية وهو يخطر في مشيته، فقال رجل لخالد: من هذا؟ قال خالد بخ بخ، هذا عمرو بن العاص، فسمعها الحجاج فردّ عليهما بكلام منه: أنا الذي ضربت بسيفي هذا مائة ألف كلّهم يشهد أنّ أباك كان يشرب الخمر ويضمر الكفر.
وسئل الحسن البصري عن عبد الملك بن مروان؟ فقال: ما أقول في رجل، الحجاج سيئة من سيئاته.
ويقول ابن الأثير وهو يصف خوف عبدالملك من الموت وهو في ساعاته الأخيرة: «ويحقّ لعبدالملك أن يحذر هذا الحذر ويخاف; فإن من يكن الحجاج بعض سيئاته يعلم على أيّ شيء يقدم عليه».
وكان عبد الملك يشجّع الحجاج ويشدّ أزره، ولا يسمع عليه أي شكاية ولا يرقّ لأيّ استغاثة، ولمّا أدركه الموت أوصى ولي عهده الوليد برعاية الحجاج وإكرامه، وكيف لا يوصيه برجل كان من رأيه أنّ عبد الملك أفضل من النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم). ولا عجب من الحجاج بل العجب ممن يطلب له المعاذير ويحاول أن يوفّق بين أعماله القبيحة وبين الدين، ويريد أن يدخله الجنّة رغم الحواجز، وليس ببعيد عن التعصّب والعاطفة حصول هذا وأمثاله.
ونستطيع أن نعرف نفسيّة عبد الملك وما هو فيه من جرأة على سفك الدماء، في ولايته للحجاج وتوليته اُمور المسلمين مع علمه بجوره وتعسفه، وقد كانت تصله أخباره وترفع إليه الشكايات والاستغاثة منه، فلا يرون عنده إلاّ تشجيع الحجاج على عمله.
ولمّا حضرته الوفاة أوصى ولده الوليد، في أخذ البيعة له بالسيف وقال ـ وهو في آخر ساعة من الدنيا ـ : يا وليد، حضر الوداع وذهب الخداع وحلّ القضاء. فبكى الوليد، فقال له عبد الملك: لا تعصر عينيك كما تعصر الأَمة الوكاء، إذا أنا متّ فغسلني وكفني وصلِّ عليّ واسلمني إلى عمر بن عبد العزيز يدليني في حفرتي، واخرج أنت إلى الناس والبس لهم جلد نمر، واقعد على المنبر، وادع الناس إلى بيعتك، فمن مال بوجهه كذا فقل له بالسيف كذا، وتنكّر للصديق والقريب، واسمع للبعيد، وأوصيك بالحجاج خيراً.
وبهذا نأخذ صورة عن كيفية أخذ البيعة من الناس لخليفة جديد، يتولى ادارة شؤون الاُمة، فهل للاُمة اختيار في الانتخاب أم انّها مرغمة ليس لها أيّ رأي؟ ! ولا يحقّ لها الاعتراض على شيء من ذلك، والمعارض يقتل، فهل تصح مثل هذه البيعة التي سنّ نظامها العهد الاُموي، وهل يصحّ أن يسمى من يفوز بمثل هذا التعيين الاجباري بأمير المؤمنين ويكتب ذلك بحروف بارزة؟ أنا لا أدري ولعلّ هناك من يدري وإلى القارئ النبيه الحكم.
وكان عبد الملك يبتعد عن دماء بني هاشم لا تديّناً ولكنّه رأى عاقبة آل أبي سفيان السيئة من وراء ذلك، كما يشير بكتابه للحجاج بن يوسف في عدم التعرض لهم ومع هذا فقد حمل الإمام زين العابدين(عليه السلام) مقيّداً من المدينة إلى الشام، كما حدّث الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء..
""؟؟\\يتبع
|
|
|
|
|