|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 29209
|
الإنتساب : Jan 2009
|
المشاركات : 1,756
|
بمعدل : 0.29 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
بنت الهدى/النجف
المنتدى :
منتدى الجهاد الكفائي
بتاريخ : 07-07-2010 الساعة : 01:09 AM
من افاق بناء الدولة العراقية الجديدة
كما كان السيد الحكيم صاحب رؤية في عملية التغير فهو صاحب رؤية كذلك في عملية بناء الدولة بعد سقوط نظام الدكتاتورية في العراق. وقد عبر السيد عن رؤاه هذه عن طريق خط صلوات الجمعة التي كان يؤمها في الصحن العلوي المبارك حتى اخر خطبة تلتها شهادته المفجعة. ففي النجف الأشرف وتحديدا في الصحن الحيدري الشريف بتاريخ 28/ ربيع الأول/ 1424هـ الموافق 30/5/2003م، وبعد سقوط حكم العفالقة الصداميين كان السيد الحكيم يؤكد على ان البلاد تعيش ظروفاً حرجة وصعبة، ويلخص السيد طرحه في نقطتين هما:
الأولى: ترتبط بالوضع العام الذي نعيشه.
يؤشر السيد على القضايا الاساسية التي تواجه الشعب وهي قضية انعدام الامن والاحتلال وانعدام النظام، فيقول: فيما يتعلق بالوضع العام نحن يمكن أن نشاهد عدة قضايا رئيسة وأساسية:
الأولى: قضية الأمن، وتعتبر أهم قضية يعيشها الناس هذه الأيام، وأهم مشكلة، إذ إن أي مجتمع إذا فقد الأمن لا يمكن أن يمارس دوره في الحياة مهما كان هذا الدور، سواء كان علمياً أم ثقافياً أم اجتماعياً أم اقتصادياً، أم أي دور آخر يمكن أن يكون في المجتمع. إذن، تحقيق الأمن يعتبر قضية أولى ومهمة.
الثانية: قضية الاحتلال، فقد كانت العمليات العسكرية التي شنّت على النظام البائد عمليات يُراد منها الإطاحة بالنظام، حيث سميت عمليات حرية العراق ولا شكّ أن هدف الإطاحة بهذا النظام كان هدفاً لجميع الشعب العراقي، ولذلك استبشر أبناء هذا الشعب بصورة عامة بهذه الإطاحة وزوال النظام بالرغم من كل المنغصات الكثيرة التي يعرفها العراقيون والعالم التي اقترنت بزوال النظام، ولكن بالرغم منها فالعراقيون مستبشرون بهذه النتيجة الكبيرة ويحمدون الله سبحانه وتعالى على هذه النعمة التي تفضّل بها عليهم، نعمة زوال هذا النظام البائد وسقوطه إلى جهنم وبئس المصير وإلى مزابل التاريخ. هذه النتيجة بالرغم من كونها نعمة من الله سبحانه وتعالى، لكن وضع العمليات العسكرية من الناحية القانونية أصبح عمليات احتلال.
ولكن السيد الحكيم يقول حول هذا الموضوع: لابدّ أن يدرس قانونياً من قبل رجال القانون والمختصين، ويبحث أيضاً سياسياً من قبل القوى السياسية، وما هو الموقف من قوى الاحتلال، والآثار القانونية المترتبة على الاحتلال في المجتمع الدولي والقانون الدولي، حيث نصّ القرار الأخير لمجلس الأمن على أن هذه السلطة ـ باعتبار القانون الدولي المعترف به دولياً ـ هي سلطة احتلال. ولا توجد الآن فرصة لأشرح أبعاد الاحتلال، ولذلك لابدّ للقانونيين من ناحية، والقوى السياسية من ناحية أخرى، أن تدرس ذلك من أجل أن نعرّف الأمة والشعب على مدلول سلطة الاحتلال ومعنى سلطة الاحتلال.
الثالثة: فقدان النظام، وعدم وجود دولة تدير شؤون الناس، وهذه تعتبر من أكبر المشكلات التي يعانيها المجتمع بصورة عامة، ويعانيها المظلومون والمستضعفون والمقهورون والمحرومون في هذا المجتمع بصورة خاصّة. إذا كان هناك من يتمكن أن يتحمل هذه المشكلة، بما قدّر الله سبحانه وتعالى له من إمكانيات وقدرات وأموال ورجال، فما شأن المحرومين والمستضعفين من أبناء أمتنا؟! هؤلاء الذين لا يتمكنون أن يتحملوا عبء هذه الفوضى والأضرار البالغة التي تمس قضاياهم وأهم أمور حياتهم.
ومن هنا يبين السيد الحكيم فيقول: نجد هذا الاضطراب الواسع الذي يشكّل معضلة في الحياة المعيشية للناس، إذ ليس هناك استقرار في حياتهم المعيشية. لا لدى الموظفين، ولا لدى الكسبة، ولا التجار ولا العمال ولا المزارعين ولا حتى أولئك الدارسين في الجامعات أو في الحوزات العلمية، هناك اضطراب عام في الحياة المعيشية لهؤلاء.
ويعتبر السيد هذه المشكلة مشكلة كبيرة ومهمة، ولابدّ من اتخاذ الموقف الحازم الواضح تجاهها، وعدم التعامل معها باللامبالاة والانتظار لإيجاد تحول من التحولات.
ويؤكد ان: الأمة بما وهب الله سبحانه وتعالى لها من فرصة الحرية وسقوط الطغيان والاستبداد، لابدّ من اتخاذها موقفاً واضحاً تجاه هذا الموضوع.
الثانية: تشخيص الموقف تجاه هذا الوضع العام.
بعد هذا التحليل لا يترك السيد الحكيم الموقف دون تشخيص ما يجب اتخاذه ازائه فيقول: هناك موقف أتصوره أنا ـ وأتحدث هنا عن نفسي، ولا أريد أن أضع الواجبات على الآخرين، لكن أعتقد أنه واجب على الجميع ـ وهو أن يتصدّى لهذه المشكلات بصورة رئيسية المراجع العظام، والعلماء الأعلام، هؤلاء بما وهبهم الله سبحانه وتعالى من مواقع وقدرة على المعرفة والفهم والتفكير والمتابعة، وما يحصلون عليه من تأييد واسع في أوساط الأمة، يتحملون مسؤوليات كبيرة في مواجهة هذه المشكلات.
كما أن هناك واجباً آخر على القوى السياسية في عراقنا الجريح، سواء القوى الإسلامية ـ التي تحملت القسط الأوفر والعبء الأعظم من مواجهتها للطغيان والاستبداد في الفترات السابقة وقدمت مئات الآلاف من الشهداء والتضحيات في سبيل الإطاحة به، وتمكنت من عزل الطاغية عن الشعب، وإيجاد التواصل الكبير بينه وبين الشعب ـ أم القوى السياسية الأخرى التي دخلت الميدان، ولا أريد أن أتحدث عن واقعية ذلك وعدم واقعيته، أو عمق وجودها في الأمة وحدود هذا الأمر، هذا له مجال آخر، لكن هذه القوى موجودة في الساحة، ولابدّ لها أن تتحمل مسؤولياتها بشكل موحد وحازم وجريء وشجاع، وبذلك تؤدي امتحانها أمام الأمة والشعب.
إن هذه القوى الآن أمام امتحان عسير، حيث إن الشعب يواجه ويلاحظ ويتابع مواقعها، وبمقدار ما تتمكن هذه القوى أن تقوم بدورها في حل هذه المشكلات ومواجهتها بصورة موحدة وقوية، يمكن لها أن تكسب ثقة الأمة وثقة الشعب. وبمقدار ما تقصّر أو تتهاون أو تتخاذل في مواجهة هذه المشكلات سوف تجد نفسها أمام الشعب، فالشعب الآن قادر على أن يعبّر عن موقفه ورأيه بعد أن اكتسب الحرية.
ويقول الحكيم: أنا أدعو أيضاً الشعب العراقي، والأمة أن تتحمل أيضاً القسط الآخر من المسؤولية، فالمسؤولية لا تنحصر بالعلماء والمراجع، ولا تنحصر بالقوى السياسية، وإنما الأمة لها دور كبير في هذه المسؤولية عندما تكون قادرة على تشخيص أهدافها بصورة دقيقة.
وهنا يشير الحكيم الى هذه الاهداف عبر نقطتين هما:
- أهدافها في إقامة الحكم العراقي الوطني ...
- أهدافها المشروعة في الاستقلال وتحقيق العدالة ...
ويقول: عندما تكون الأمة قادرة على تشخيص هذه الأهداف في إقامة شعائر الإسلام واحترام الإسلام في شعائره وقيمه وشريعته، وعندما تكون قادرة على الصمود في مسيرتها وتحقيق أهدافها، وعندئذٍ تكون ـ بإذن الله ـ قادرة على أن تحقق آمالها الكبيرة وأهدافها المقدسة التي تسعى إليها.
ويعلن عن مدى ايمانه بقدرات الامة فيقول: أمتنا أمة بطلة مجاهدة مضحية قادرة على تحقيق الانسجام فيما بينها، وقد رأيتموها في مسيرة عاشوراء والأربعين ومسيرة وفاة سيد الأنبياء صلى الله عليه وآله كيف كانت منسجمة وقادرة على أن تمارس دورها الحقيقي في مواجهة هذه الأحداث.
الموقف إذن، حسب تشخيص السيد الحكيم هو:
اولا: أن يتصدى العلماء والمراجع العظام.
ثانيا: ان تتصدى الشخصيات التي لها وجود في المجتمع.
ثالثا: تتصدى القوى السياسية من جانب آخر.
رابعا: وتتحمل الأمة مسؤوليتها .
ويؤكد الحكيم على دور الأمة وانها تبقى المرجع الرئيس في مثل هذه القضايا. ويقول: صحيح أن المراجع لهم دور الهداية ودور الإشراف والتوعية والتثقيف، ولكن الأمة تبقى هي الطاقة الكبيرة المؤثّرة من ناحية، وهي التي يُرجع إليها في الاختبار والامتحان لهذه الحركة وهذا الوجود.
أما عن قضية الموقف تجاه قرار مجلس الأمن، يقول الحكيم: إن فيه قراءتين لابدّ أن نعرف ما هي قراءتنا لقرار مجلس الأمن، ونحن نتكلم من الناحية القانونية والسياسية، وفوق القانون والسياسة هناك الشرع الذي نعتقد به ونؤمن به ونلتزم به أمام الله سبحانه وتعالى.
قرار مجلس الأمن في قراءتنا له يؤكد على استقلال العراق وعلى سيادته، وعلى ضرورة إنهاء الاحتلال في أقرب فرصة ممكنة، وعلى تحمّل العراقيين لمسؤولية إدارة أمورهم.
هذا القرار يؤكد ذلك، والسلطة المحتلة ليست مسؤولة في قرار مجلس الأمن عن إدارة شؤون العراقيين، بل هناك ما ينص في عدة مواضع من قرار مجلس الأمن أن العراقيين هم المسؤولون عن إدارة أمورهم وشؤونهم.
وبناء على هذه القراءة فانه قال: لذلك أدعو جميع العراقيين، من هذا المنبر المقدس، إلى أن يمارسوا هذه المسؤولية، في انتخابات حرة نزيهة يُنتخب بها العراقي الذي يثقون به من أهل بلدهم، ويعرف شؤون حياتهم، ويكون معروفاً بالصلاح والسيرة الحسنة، وتنطبق عليه الضوابط الشرعية والعقلائية التي يعرفها الناس، وعند ذلك يمكن للعراقيين أن يحلّوا الكثير من المشاكل التي يواجهونها في الوقت الحاضر.
ويضيف: أنا أدعو جميع العراقيين أن يهتموا بهذا الجانب، وهذا من الموعظة الحسنة، ومن المعروف، وأفضل المعروف أن يصنع العراقيون ذلك. فالمعروف فيه صيغ محددة من قبل الشارع، كالصلاة والصوم والحج والزكاة والصدقة وغيرها من الخيرات، وهناك أيضاً معروف آخر تحدده القيادات الشرعية التي يمكنها أن تحدده وفق الظروف.
ويقول: إنّ من أهم مصاديق المعروف في هذا الوقت الذي يجب فيه على العراقيين أن يهتموا به، هو أن يندفعوا بإخلاص ونظام وحكمة وعقل من أجل أن يمسكوا إدارة أمورهم بأيديهم، ولا يتركوا الفرصة للآخرين ليتسلّطوا على أمورهم>
الوحدة واحترام الخصوصيات
ومما اهتم ببيانه السيد الحكيم هو التكامل بين مفهومي الوحدة والتعدديدة. يقول رحمه الله: وأن نحترم في هذه الإدارة خصوصيات كل جماعة، فشيعة أهل البيت لابدّ من احترام خصوصياتهم في بلادهم، وشعائرهم وثقافتهم وخصوصيات آدابهم وعلاقاتهم الاجتماعية، كما لابدّ أن نحترم أيضاً في الوقت نفسه خصوصيات إخواننا أهل السنة في بلادهم، لابدّ من احترامها وعدم نقضها، وكذلك نحترم خصوصيات إخواننا الكرد، والترك في بلادهم. إنّ احترام هذه الخصوصيات من أهم الوسائل لإيجاد الوحدة بين أبناء الشعب.
إذن، من أهم العوامل التي من الممكن أن نقف بها أمام هذه المشكلات هو وحدة الكلمة، وأجود طريق لهذه الوحدة هو أن يحترم بعضنا بعضاً، وأن نحترم حرية الرأي، ونكون جميعاً متعارفين ومتحابين كما يعبّر القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا}. وهذا التعارف هدف لهذه التعددية في الخصوصيات، واحترام هذه الخصوصيات والتعارف والمحبّة والمودّة هو أفضل طريق للوحدة. ولا يمكن أن تتحقق الوحدة بقهر الآخرين، وفرض آرائنا أو صياغاتنا أو ثقافتنا أو شعائرنا وأساليبنا عليهم، وإنما يمكن أن تتحقق الوحدة بإتاحة الفرصة لكل جماعة في أداء دورها ضمن هذه الحياة مع التعارف والتلاحم والتحابب.
الاقليات الدينية
من الميزات التاريخية للعراق انه بلد تتعايش به الاديان والقوميات والمذاهب وبحكم الحجم العددي لهذه المكونات ظهرت في المجتمع ظاهرة الاقليات لقلة عددهم قياسا لغيرهم من سكان العراق.
واغلب ابناء هذه الاقليات كما يصطلح عليها -وهو اصطلاح لا يمكنني تقبله- اقول اغلب ابناء هذه الاقليات هم من بقايا التنوع السكاني الذي عمر العراق منذ الاف السنين قبل قدوم العرب المسلمين المحررين اليه.
ومن المسائل التي اشار اليها مبكرا السيد الحكيم قضية الاقليات في العراق وقدم رؤيته الاسلامية والوطنية والانسانية نحوها. يقول السيد الحكيم: أن هناك قلقاً لدى بعض الأقليات الدينية كالمسيحيين مثلاً، أو بعض الأقليات الأخرى غير المسيحيين، بخصوص بعض الأعمال التي حدثت ضدهم.
نحن نقول بصورة واضحة: إن هذا العدوان لم يكن عدواناً مأذوناً به ـ فضلاً عن أن يكون مطلوباً ـ لم يكن مأذوناً به من أي مرجع من مراجع الإسلام، ولا من أي جهة سياسية معترف بها ومعروفة في أوساطنا، ونحن نشتبه في صدور هذا العدوان من أزلام النظام السابقين الذين لا زالوا يعيثون في الأرض فساداً، ولكني أوصي ـ مع ذلك ـ جميع إخواننا بأن يهتموا بمثل هذه الأمور، ويحفظوا الأمن والاستقرار في بلدنا، كما أوصيهم بأهلهم وإخوانهم وبلدهم خيراً.
التعاون الشعبي
ويطرح السيد الحكيم مفهوم العمل التعاوني الشعبي من اجل النهوض بالمستوى العام للمدن في العراق ومن خلال حديثه عن احدى اهم المدن العراقية وهي النجف يقول: هنا في النجف مثلاً، يمكن للإخوة الأعزاء ـ وهكذا في الأماكن الأخرى ـ أن يتعاونوا في تنظيف هذا البلد، ونحن على استعداد أن نعاونهم أيضاً في هذا المجال، ويمكن أن تتعاونوا في إحياء المؤسسات الخدمية العامة وجعلها قادرة على أداء واجبها.
صحيح أن هناك خللاً لكننا نحن نحتاج إلى مثل هذا التعاون لنكون في موضع الرضى من الله إن شاء الله، والثقة من إخواننا الذين وضعوا ثقتهم بنا.
وقبيل استشهاده بلحظات.. وقبيل أدائه لأخر صلاة.. ألقى آية الله السيد محمد باقر الحكيم آخر خطبة جمعة في حياته تاركاً فيها وصيته السياسية الأخيرة والتي تضمنت ايضا جوانب من افاق رؤيته في بناء الدولة العراقية الجديدة والمجتمع. والتي تبدو وثيقة سياسية للعراقيين كافة تحدد لهم ضوابط الموقف الإسلامي الشرعي تجاه أهم الأمور وأخطرها مثل: المرجعية، الأمن، الحكومة والحكم، والوحدة الإسلامية. لقد بين السيد الحكيم في اخر خطبة جمعة له مسائل حساسة سنجيئ على ذكرها:
قدسية المرجعية وحمايتها
تحدث السيد عن العدوان الذي تعرضت له المرجعية الدينية في النجف الاشرف في محاولة اغتيال آية الله السيد محمد سعيد الحكيم وقال عنه انه :يمثل ظاهرة خطيرة من أخطر الظواهر التي نواجهها في هذه المرحلة من الناحية السياسية والاجتماعية. وهذه الظاهرة الخطيرة تتمثل في ان هذا العدوان يستهدف اهم مركز مقدس في مجتمعنا العراقي، فالمرجعية الدينية ليست قضية شأنها شأن القوى السياسية او الاحزاب، بل لها تاريخ عريق في العراق يمتد الى اكثر من اثني عشر قرناً من الزمن، وكان لها دور في ادارة مختلف الاوضاع الاجتماعية والعقائدية والثقافية والروحية والدينية. ولا بد ان ننتبه الى ان السياسات السابقة التي كان يتبعها النظام البائد ـ نظام العفالقة المجرمين ـ كانت تعتمد وترتكز بصورة رئيسية على استهداف المرجعية الدينية والحوزات العلمية. أول عمل قام به العفالقة المجرمون البعثيون عندما جاؤوا الى العراق هو الاعتداء على مرجعية الامام الحكيم رضوان الله عليه في بداية مجيئهم ثم تطور الامر حتى انتهى الى قتل المراجع واحداً بعد اخر كما حدث بالنسبة الى المراجع آية الله الشيخ البروجردي وآية الله الشيخ الغروي وآية الله السيد محمد الصدر وايضا استهداف مراجع اخرين كآية الله العظمى السيد السيستاني وآية الله الشيخ بشير النجفي .. هذا النظام السابق استهدف الحوزة العلمية واستهدف المراجع.
ويربط السيد الحكيم الحاضر بالماضي فيقول مذكرا بما قامت به القوى المعادية للشعب العراقي وللاسلام ولمدرسة اهل البيت من استهداف للمرجعية فيقول: وكان هذا الاستهداف ليس امراً جديداً ..بل منذ تشكيل ما يسمى بالحكم الوطني في زمن الانتداب الانكليزي نجد ان العمل الاول الذي قام به هذا الحكم الذي كان ابعد ما يكون عن الوطنية، وكان عميلا للانكليز، هو نفي العلماء واخراج المراجع من النجف كما حصل مع المرجع الكبير الشيخ النائيني المدفون في هذه المقبرة – يقصد الصحن الحيدري الشريف- وآية الله العظمى المرجع الاكبر والاعلى السيد ابو الحسن الاصفهاني المدفون في المقبرة الاخرى وغيرهم من المراجع، وكان هذا النفي من اجل الضغط على المرجعية الدينية ..صحيح ان ازلام النظام السابق كانوا يأتون في صورة واضحة فيعتدون على المرجعية ثم بعد ذلك بدلوا سياستهم بسياسة الاندساس والتزوير والخداع والتضليل، وما زالت هذه السياسة متبعة يندسون في هذه الجماعة وتلك الجماعة وتحت هذا العنوان او ذاك من اجل ان يقوموا بهذه الاعتداءات، لكن يجب ان نعرف ان وراء هذا العمل هو ازلام النظام البائد.
بعد ذلك ينتقل السيد الحكيم الى النقطة الاخرى التي ينبغي الانتباه اليها هي مسؤولية قوات الاحتلال عن هذه الاعتداءات، فيبين انها: لم تقم بواجباتها القانونية والواقعية تجاه حماية المرجعية والاماكن المقدسة. وهذا امر مدان بالنسبة الى قوات الاحتلال التي لم تقم بواجباتها تجاه المؤسسات الدولية كمقر الامم المتحدة في بغداد ايضاً الذي تعرض الى هذا النوع من العدوان، وكذلك المؤسسات الديبلوماسية كالسفارات الاجنبية الموجودة في بغداد، ومثل هذا العمل يحمل قوات الاحتلال مسؤوليات كبيرة ولا بد من متابعة هذه المسؤوليات .
ولم يترك الحكيم الامور سائبة بل يسارع الى تقديم المفترح العملي الوطني فيقول: والشيء الاهم من ذلك في هذا المجال هو اننا طرحنا منذ اليوم الاول وقبل دخولنا الى العراق طرحت على المستوى العلني العام في الخطابات والصحافة وايضا على مستوى الحوار من خلال الاخوة الاعزاء الذين يتحاورون مع قوات الاحتلال بأن يقولوا لهم من واجبكم ان تتركوا الفرصة للعراقيين ان يشكلوا قوة لحماية الاماكن المقدسة والمرجعية الدينية، نحن لسنا بحاجة لكم ولا لقواتكم. العراقيون قادرون على ان يحموا انفسهم ويحموا مرجعيتهم واماكنهم المقدسة، ولكن قوات الاحتلال كانت تمارس الضغط والعدوان وايضا نزع الاسلحة لهذه القوات التي كانت قد اعدت لحماية المرجعية الدينية والاماكن المقدسة، وهذا ايضا يزيد في مسؤولياتهم، ولكن نحن ندعو الى ضرورة تشكيل قوة عراقية متدينة مؤمنة ملتزمة تقوم بحماية المراجع والاماكن المقدسة الموجودة في العراق لان الاميركيين لا يمكن ان يقتربوا من هذه الاماكن المقدسة، لا يسمح لهم الشعب بذلك، إذاً فلا بد أن تقوم القوة العراقية بذلك، ونحن نعتقد بأن هذه المسألة مهمة وضرورية، طبعاً بدأت بعض الخطوات في هذا الاتجاه في النجف الأشرف، ونحن نشجع هذه الخطوات ونأمل أن تكون شاملة لبقية المراكز والمواقع الدينية الموجودة في العراق.
الأمن
ويؤكد السيد الحكيم في اخر خطبة له كما اكد في اول خطبة جمعة له على قضية الامن في العراق وتدهور الحالة الامنية فيه فيقول: في قضية الأمن بصورة عامة في العراق وليست قضية أمن المرجعية والأماكن المقدسة فحسب، نحن نلاحظ أنه لا يوجد هناك أمن في هذا البلد، وقد جربت قوات الاحتلال أن تحقق هذا الأمن ففشلت وسوف تبقى فاشلة بذلك، كما قلنا منذ البداية.
ويحدد الحكيم الطريق لمعالجة تردي الوضع الامني من خلال النقاط التالية:
أولاً: بإعطاء السيادة الكاملة للعراقيين في تشكيل دولة عراقية ذات سيادة كاملة، ثانيا: تحول القضية الأمنية على العراقيين أنفسهم، فهم أعرف بما يجري في بلادهم، كما ان الشعب العراقي الذي لا بد له في هذه القضية الأمنية أن يتعاون مع الأجهزة الأمنية، أما عندما تكون الأجهزة الأمنية غير عراقية فلا يتعاون معها، لا بد من تشكيل أجهزة أمنية عراقية يتعاون معها الشعب العراقي من أجل حل المشكلة، وأن تتضافر الجهود جميعاً من أجل تحويل السيادة الكاملة للعراقيين في حكومة عراقية، وأن تكون القضية الأمنية هي قضية يتحملها العراقيون بأنفسهم، هذا هو طريق الحل الوحيد لمعالجة القضية الأمنية في العراق.
الحكومة
كانت تجري في تلك الايام مساعٍ حثيثة من اجل تشكيل الحكومة وكان للسيد الحكيم تصوره حول الموضوع. يقول السيد: أود أن أشير إليها هي الوزارة التي يراد تشكيلها. قلنا ومنذ البداية لا ينبغي أن تكون مجرد غنيمة أو توزع على شكل إرث وحصص على هذا الجانب وذاك الجانب.
لا ريب انه يجب أن تقوم هذه الوزارة ولكن يعتقد السيد الحكيم ان تشكيل الحكومة ينبغي ان يرتكز على ثلاث ركائز رئيسية وأساسية وكان يطالب جميع الشعب العراقي أن يكون على وعي ومتابعة ومراقبة لهذه الأسس. والاسس هي:
أولاً: يجب أن يكون الوزراء أكفاء قادرين على القيام بمسؤولياتهم الوزارية.
ثانياً: أن يكون هؤلاء الوزراء من المخلصين للعراق وشعب العراق ومصالح العراق، وهذه مسألة مهمة جداً. ويبين الحكيم السبب في ذلك بقوله: نحن نريد أن نبني عراقاً جديداً، وأن نفتح صفحة جديدة تغييرية في أوضاع العراق، فلا بد أن يأتي الوزير مخلصاً لمصالح العراق لا لمصالحه أو لمصالح فئته أو مصالح الدول الأجنبية الخارجية، بل لا بد أن يكون مخلصاً للعراق وشعبه، وأن يكون هذا الوزير أيضاً إنساناً جاداً في إخلاصه في معالجة المشاكل، وبذلك يمكن أن نواجه مشاكل هذه الوزارة، لا بد أن تتسم بهذه الصفة أيضاً.
ثالثاً: أن تكون هذه الوزارة معبّرة عن أبناء الشعب العراقي بأطيافهم المختلفة، بمذاهبهم، بقومياتهم، بانتساباتهم الدينية والعرقية، حتى تكون هناك مشاركة حقيقية لأبناء الشعب العراقي. وقال الحكيم في هذا المجال: انه إذا كانت هناك ثغرة في المجلس الحكم في عدد التمثيل لبعض القوى فلا بد أن تمثل هذه القوى في هذه الوزارة حتى يكون التمثيل والمشاركة واسعة لكل أبناء الشعب العراقي، وبذلك يمكن للعراقيين أن يتعاونوا معها وأن تؤدي واجباتهم، وأن تقوم بمسؤولياتها بصورة كاملة ومناسبة.
الطائفية وحقوق الاكثرية المظلومة
بعد سقوط النظام الدكتاتوري الطائفي في العراق انبرت بعض وسائل الإعلام العربية وبعض القيادات الرسمية والدينية في المنطقة للتشويش في أن الوضع في العراق اصبح وضعا طائفيا، ويراد بذلك اتهام الشيعة شيعة أهل البيت بأنهم أخذوا يتعاملون بصورة طائفية ويأخذون الحصة الكبرى وكأنهم يريدون أن يظلموا الآخرين. وكان للسيد الحكيم ردٌ على هذه التهريجات بقوله: نحن منذ البداية دعونا أولاً الى الوحدة الإسلامية، وما زلنا نُصر على هذه الوحدة، وثانياً دعونا الى وحدة العراق حكومة وشعباً وأرضاً، ولا نوافق بأي شكل من الأشكال أن تتزعزع هذه الوحدة. ونعتقد بأن النظام الطائفي والعنصري يزعزع هذه الوحدة، فنظام صدام المجرم كان نظاماً طائفياً عنصرياً ولذلك زعزع وحدة الشعب العراقي. نحن نعتقد بهذه الأمور كأساس، ولذلك اكتفى أخواننا الذين شاركوا في مجلس الحكم بالحد الأدنى لما يستحقه شيعة أهل البيت بالحكم، شيعة أهل البيت إذا أرادوا أن يأخذوا نسبتهم على أساس طائفي وأقل نسبة هي 65% من الناحية العددية لكنهم مع ذلك تنازلوا عن هذا الأمر، واكتفوا بنسبة 52% أي الحد الأدنى من الغالبية من أجل المحافظة على وحدة العراق ووحدة الصف ومن أجل التغلب على المشكلات القائمة في الوقت الحاضر، ودائماً شيعة أهل البيت يقتدون بسيدهم ومولاهم الإمام علي عليه السلام الذي كان يقول: "لأسالمن ما سلمت أمور المسلمين وكان الجور عليّ خاصة"، هكذا كان يقول الإمام علي عليه السلام، عندما كان يتحدث عن حقه وحقوقه، شيعة أهل البيت يسيرون بسيرة علي عليه السلام ويمتثلون لعلي عليه الاسلام، إذا كان الوضع طائفياً فلا بد أن تكون هناك مطالب أخرى بالنسب، نحن لا نؤمن بالنظام الطائفي، ونعتقد بأن الوزارة يجب أن تمثل المشاركة لكل الأطياف العراقية، وأن نأخذ في هذه المرحلة على أقل تقدير المصالح العامة للشعب العراقي والقضايا العامة ونترك التفاصيل للمستقبل عندما تكون هناك انتخابات حرة يعبّر فيها العراقيون عن آرائهم، ويكون هناك إحصاء تتبين منه النسب بصورة واضحة، عندئذ يمكن أن نعرف ما هي الحقائق
في القسم الخامس سنواصل الحديث عن افاق بناء الدولة العراقية الجديدة
|
|
|
|
|