عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية نووورا انا
نووورا انا
شيعي فاطمي
رقم العضوية : 23528
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 4,921
بمعدل : 0.81 يوميا

نووورا انا غير متصل

 عرض البوم صور نووورا انا

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : نووورا انا المنتدى : منتدى الجهاد الكفائي
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-03-2010 الساعة : 06:09 AM


وهذا هو المقال كما نشرته صحيفة الصباح :


آراء: وقود الخرافة






شرفات


أحمـد عبد السـادة


لا يكتفي الاجتهاد الخرافي والنفعيّ لدى البعض بعملية تحويل التاريخ الى فضاء ميثولوجيّ مقدس، وانما يمتد ذلك الاجتهاد ويتمادى ويبتكر الاباطيل الخطيرة من اجل اخضاع المستقبل ايضاً لسلطة صولجانه التاريخي/ الميثولوجي، وذلك من خلال محاولة محاصرته - اي المستقبل - وتكميمه وانهاء دوره واحتمالاته المفتوحة ومصادرة وتجفيف مياهه الجوفية لتحويله الى خارطة زمنية راكدة ومتخثرة ومفروغ من ترسيم حدودها.






من المعروف انّ الميثولوجيا حكاية تسكن في ارض الماضي، ومن المعروف ايضاً انها حكاية تلفع احداثها بمعطف اسطوريّ وتضفي عليها نكهة متخمة بالمبالغات، وهاتان الخاصيتان المعروفتان اساسيتان في وجود اية ميثولوجيا، بل يمكن القول بانهما تعتبران العماد البديهيّ لاية ميثولوجيا، غير انّ ما يوصل الغرابة الى ذروتها هو انّ هناك في ثقافتنا المترعة بالغرائب والفنتازيا النادرة ذهنية ما انزل بها المنطق من سلطان، ذهنية فادحة لم تكتف بخطف التاريخ ومصادرته واحتجازه في صندوق خرافاتها، وانما تطمح الى مصادرة ملامح الحاضر والمستقبل، وذلك بدمج تلك الملامح - بصورة قسرية مضحكة - بسياقات تاريخية ميثولوجية وجعلها امتدادا او تمهيدا لسلطة تلك السياقات.


تعتمل في جسد تلك الذهنية التاريخية الميثولوجية شهوة خطرة وفادحة تطمح الى تطويق كل ملامح الحاضر وتحويلها - بتفسير جائر وغير معقول - الى مجرد علامات تشير الى ازمنة قادمة اعـدّتْ لها تلك الذهنية سيناريوهات مستقبلية (تاريخية!) جاهزة لا تمت للمنطق باية قرابة كسيناريو نهاية الزمان،وكسيناريو اندثار الفضاء التكنولوجيّ وتحول الارض الى ساحة معركة بين جيشين يتقاتلان بالسيوف، وكسيناريو بزوغ منقذ ما يعتلي صهوة الزمن ويحمل بيده صولجاناً سحريا قادراً على تغيير العالم بحركة طفيفة منه.


من اجل اذكاء نار تلك السيناريوهات الميثولوجية ومن اجل فرض هيمنتها الظلامية على ارض الحاضر والمستقبل ايضا، لا يتردد سادة وحراس تلك الذهنية الميثولوجية لحظة واحدة بالتضحية بكل معطيات الحاضر ومكاسبه الحضارية وامتيازاته المعرفية الكبيرة، خاصة بعد ان وفرت تلك السيناريوهات الخرافية لهؤلاء السادة والحراس وقوداً كافيا لبسط سلطتهم المستعارة من اغوار وكهوف التاريخ، الشيء الذي يتيح لهم فرصة نادرة وعملاقة لممارسة تجارة من احط انواع التجارات وهي التجارة بادمغة البسطاء من الناس، الشيء الذي يمكنهم بالتالي من السيطرة الكاملة على جموع بشرية مستعدة لافتدائهم بسذاجة مطلقة مثلما هي مستعدة لاتخام خزائنهم بالاموال والذهب.


في مجتمع تحكمه الخرافات التاريخية بامتياز - كالمجتمع العراقي - لا بد ان نجد هناك من يستثمر هذا الفضاء الخرافيّ المديد ويربطه بفضاء القداسة من اجل الاستحواذ الماكر على منابع السلطة والثروة.


لا غرابة اذن اذا شهدنا ظهور الكثير من الماضويين الذين يسكنون في سراديب تتقن صناعة السيناريوهات الخرافية بشكل منهجيّ، والذين يطل بعضهم من المنابر المغبرة بخطب بهلوانية ودجالة ليحاولوا استدراج الجماهير الغفيرة الى ان تصبح حطباً ابلهاً لاذكاء نار سلطتهم وثروتهم.


يهدف سادة وحراس الميثولوجيات المقدسة تلك الى سحب كل سياقات الماضي الرديئة وترحيلها الى المستقبل لتحويله الى كائن ينتمي بشراسة الى الماضي، لذلك ارى انّ الهاجس النقديّ الثقافيّ الاول يكمن في التصدي بقوة لتلك السلطة الخرافية العتيدة التي تريد ان تجر عربة الحاضر الى فضاء العدم المعرفيّ والحضاريّ والتي تريد تحويل المجتمع الى فضاء مستلب يقبع في انتظار ما لا يمكن ان يوجد وما لا يمكن ان يجيء.


من اجل تعرية التاريخ من ثياب الميثولوجيا المقدسة وتحويله الى نص خاضع للمراجعة والبحث والتفنيد، ومن اجل اعلاء سلطة النقد فوق كل السلطات، ومن اجل تحرير حاضرنا ومستقبلنا من قبضة الخرافة القاتلة، تكرس (صفحتا آراء) اليوم ارضها ايضاً لملف (استجواب التاريخ) مراهنة ً على السير الحثيث رغم وعورة المحرمات والمحظورات، ومتطلعة الى رؤية الضوء الذي سيبزغ حتما في نهاية نفقنا الطويل.



من مواضيع : نووورا انا 0 بواطن الرحمة الإلهية في ظواهر الشرور السفيانية
0 علامات الظهور بين الأولويات والانحراف
0 الابـــــــــــــــــلّة
0 شيعة البحرين تجذّر المواطنة ونابضية الولاء
0 شيعة باكستان والحصانة العقدية
رد مع اقتباس