[ رثاء نثري للإمام الحسين عليه السلام ]

يا سيـدي ! يا أبـا عـبد الله !

كـيـف يُـكـتَـب الـرثـاء وأنـتَ حـيٌ فـي الـضـمـائـر ، تـنـبـض روحـكَ فـي كـل قـلـبٍ يـئـن ؟ كـيف تُسكـب الكـلـمـات وأنـت شـمـسٌ لا تـغـيـب ، تـشـرق مـن كـربـلاء كـلـمـا ( اشــتَدَّ ) (1) الـظـلام ؟

لـقـد وقـفـتَ وحـيداً ، لـكـنـك لـم تـكـن وحـيداً أبـداً ، فـقـد وقـف مـعـك الحـق كـلـه ، ووقـف الإبـاء ، ووقـف الـيقـين بـأن الـمـوت فـي سبـيل الله حـياة لا تـنـتـهـي .

رأيـتَ سـيـوف الـظـلـم تـلـمـع حـولـك ، ورأيـتَ الجَـفـاء (2) يتـنـكـر فـي ثـياب الـصحـبة ، لـكـنـك لـم تـرَ إلا وجـه الله ، فـما وَهـنـتَ (3) ، وما استكـنـتَ .

يا حـسيـن !
لـقـد صار جـسدك الطـاهـر جـراحـاً نـازفـة عـلـى ثـرى الـطـف ، لـكـن دمـك صار نـوراً يـهـدي الـحائـريـن ، وصـار صرخـةً فـي وجـهِ الـتـاريـخ :
" ألا إن الـدعـاةَ إلـى الله إذا صـاروا قـتـلـى ، فـقـد انـتـصروا ! "

لـقـد بـكـتـك السماوات ، وبـكـاك الـقـلبُ الـمكسور ، وبـكـاك الـعارفـون الـذيـن فـهـموا أنـك لـم تـكـن شـهـيداً فحسب ، بـل كـنتَ ثـورةً عـلـى الـزيف ، وكـنـتَ درساً فـي أن العـطشَ قـد يكـون قـربـانـاً لِـلحـق ، وأن العِـبرة لَـيـست فـي طـول العُـمر ، بـل فـي نـورِ مـا تـتـركـه ( خـلـفَـك (4).)

فسلامٌ عـلـيك يـوم وُلِـدت ،
ويـوم استشهِـدتَ ، ويـوم تُـبـعَـث حـيّـاً . سلامٌ عـلـى روحِـك الـتي صـارت شـمـعـةً فـي ظـلام الـدجـى ،

وسلامٌ عـلـى الـقـلـم الـذي يـعـجـز عـن إنـصافـك ، فـيكـتـفـي بـأن يـقـول :
" كـل يـومٍ عـاشـوراء ،
وكـل أرضٍ كـربـلاء ."

إلـى لِـقـاءٍ عِـنـدَ الـحـوض ،
حـيـث لا خـوف بَـعـدَ اليـوم ،
ولا ظـلـم ، ولا عـطـش .

المصدر
الذكاء الاصطناعي الصيني

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

( شــرح )

(1) - في المصدر : دجی .
(2) - الـجَـفَـاء : غِـلـظـةُ الـطَّـبـع وفـظـاظـته .

(3) - وَهَـنـتَ : ضَـعـفـتَ .

(4) - هذه الكلمة زيادة مني .