![]() |
حِكَايَةٌ مِن دَمْعٍ ودَم !
حِكَايَةٌ مِن دَمْعٍ ودَم !
:: تَوطِئَة :: إن لَم نبكِ فهذا يعنِي أنَّنَا تَحْتَاجُ لِذِكْرٍ يُطهِّرُ أعمَاقَنا , وأنَّ الذنُوبَ خَلَقَت حاجِزاً بَينَنا وبَيْنَ الدَمْعِ , حاجِزاً يُسمّىَ قَسْوَةُ القَلب ! حِكَايَةٌ مِن دَمعٍ و دَم ! حُزْنٌ لا يُقْبَرُ , وجرحٌ لا يَندَمِل , وجَعٌ مُلتَهِبٌ يَمْتَدُّ مِن عُمقِ الطفِّ ويسكُنُ مشَاعِرَنَا الّتِي تتضخَّمُ حُزنَاً , حِكَايَةٌ خُطَّت بِدِمَاءِ العظَمَة , ورُسِمَت بِدُمُوع الخُلُود , ونُعِيَت بِصَوتِ الحقّ , لِتسْتَقِرًّ فِي قُلُوبِنَا , وتُوشَمَ فِي ذَاكِرَتِنَا ... حِكَايَةٌ مِن دَمْعٍ و دَم .. ! حِكَايَةُ طِفْلَة الحُسَين الَّتِي بَقِيَت تُعانِقُ المَدَىَ البَعِيد بِنَاظِرَيْهَا تنتَظِرُ عَوْدَة قَمَرِهَا الّذِي ذَابَ فِي سَمَاء العَظَمَة وشَعَّ نُورُهُ لأهلِ السَمَاوَاتِ بَعْدَ أن استَبَاحَ دمُهُ أهْلُ الأرض! عَلَىَ بَابِ الخَيْمَةِ جَلَسَت تَنْظُرُ لِلسَمَاءِ المُتشِّحَةِ بِلَوْنِ الدَم , تُرَاقِبُ الحُمْرَةَ وهِيَ تَتَفَاقَمُ فِي سمَاءِ يَومِ العَاشِر , يتضَخَّمُ الحُزْنُ فِي قَلْبِهَا الّذِي حمَلَ نبُوءَةَ الحُسَين , تَنْحَدِرُ الدُمُوعُ عَلَى خَدَّيْهَا , وتَنْكَسِرُ فِي قَلْبِهَا أمْنِيَّةُ اللِّقَاءِ ! رُقيَّة , الَّتِي أبَىَ القَدَر إلاَّ أن تُشَارِكَ النِّسَاء مَرَارَة السَّبْيِ , وتُشَارِكَ الرِّجَال حَلاوَةَ الشَهَادَة , وتُشَارِكَ اليَتَامَىَ ألَمَ اليُتم , إنَّ أصْدَاءَ الصَرَخَات الَّتِي أطْلَقَتْهَا رُقيَّة فِي خَرِبَةِ الشَام بَقِيت تَدْوِي فِي أسمَاعِ الدهر وستَبْقَىَ كذَلِكَ إلى يَومِ يُرجَعُون ! هِيَ ابْنَةُ أبِيهَا الَّتِي مَا شَهِدَ التَارِيخُ مَثِيلاً لِعِشْقِها لأبِيهَا , إلاَّ عِشْقُ فَاطِمَة (ع) لَسيِّدِ الخَلْقِ مُحمّد (ص) ,كَأنَّ التَارِيخَ يُعِيدُ نَفْسَهُ , وكأنَّ القُلُوبَ الأبِيَّة تَشْتَرِكُ فِي لَوْنِ الوجَعِ , رُقيَّة قَد عَافَتِ الحيَاةَ بَعْدَ أفُولِ النَّجْمِ , وجدّتُهَا (ع) قَالت بَعْدَ رَحيلِ سيّدِ الخَلْقِ مُحمَّد (ص) على الدُنيَا مِن بَعْدِكَ العفَا , وكِلتَيْهما لَم يدُم بَقَاؤُهُمَا طَوِيلاً بَعْدَ فُقْدَانِ الأحبَّة .. ! و مِن بَعْدِ قَطْعِ شَجَرَةِ الأرَاك الَّتِي كَانَت تَسْتَظِلُ بِهَا فَاطِمَة فِي لَحَظَاتِ أنِينِهَا على أبِيهَا , هَا هِيَ السِيَاطُ تتلَوَّى على جسَدِ رُقيَّة لمَّا اسْتَظَلَت بِنَخْلَةٍ لتَغفُو هُنَيْهَة بَعْدَ أن أرهَقَهَا النَحِيبُ والمَسِير .. , وكَأنَّها كُلُّهَا تُؤدِّي إلَىَ ذَلِكَ الصَوْت الَّذِي أطْلَقَهُ جَوَادُ الحُسَين وهُوَ يقُول [الظَلِيمَةُ الظَلِيمَة مِن أمَّةٍ قَتَلَتِ ابنَ بِنتِ نبِيِّهَا !] أضْنَىَ يعقُوب شَوْقَهُ إلَىَ يُوسُف , فبَكَاهُ حتَّى ابيَّضَت عَيْنَاهُ مِنَ الحُزْنِ وهُوَ كَظِيم , وأضْنَىَ رُقيَّة شَوقُهَا إلَىَ الحُسَين , فبَكَتْهُ حتَّى رَحَلَت إلَىَ الفِرْدَوسِ الأعْلَىَ , بِشَفَتَيْنِ ذَابِلَتَين , وقدَمَيْنِ مُتوَرِّمَتينِ , وجسَدٍ نَحِيلٍ يَتلظَّىَ شَوْقَاً لِعِنَاقِ أبِي الأحْرَار ! فما أعْظَمَ طِفْلَةَ الحُسَيْن , الّتِي وجَبَ علينَا أن نَقِفَ على أعتَابِ سنِينِهَا الأربَعِ , ونتأمَّل طَوِّيلاً فِي سنَتَهَا الأخِيرَة المُثخَنَةَ بِالجِرَاحات , نتأمَّلُ حِكَايَةَ الصَبْرِ , ودَمْعَةَ اليُتم الّتِي اهتَزَّت لهَا أظِلَّةُ العَرش .. ! آن لنَا أن نُقبِّلَ جَبِينَ الحَقِيقَة الَّتِي كُتِبَت بِدَمَاءِ الطفّ , أنّ لأبِي الأحرَار طِفْلَةٌ حمَلَت نبُوءَة الحُسين (ع) , وصَبْر زَيْنَب (ع) , وجِرَاحَات فَاطِمَة (ع) , وحُزنَ النبيِّ يعقُوب (ع) بَل وأعظَمُ ! [حُلمٌ مُقدَّس] حُلْمٌ يَلتَصِقُ بِجُفُونِهَا , ويُدَاعِبُ قَلْبَهَا الأبيَض , إنَّهُ الحُلمُ المَلائِكِيِّ الَّذِي عَكَسَ لَنَا عِشْقَهَا اللاَّمُتنَاهِي لِلحُسيَنِ (ع) , فبَعْدَ غِيَابِهِ الطَّوِيلُ , ها هُوَ ذَا بِرِدَائِهِ الأبيَض , يقتَرِبُ مِنْهَا , ويُقدِمُ على مُعانَقَتِهَا , يَمُّدُ يَدَيْهِ لِيَحْتَضِنَ جسَدَهَا المُدمَىَ بِالجِرَاح , المُحمَّرِ المَقْرَحِ , ولكِنَّ .....أفَاقَت مِن حُلْمِهَا على وَاقِعٍ مَرِير , فِي خَرِبَةٍ بَالِيَة , بِلا اليَدِ الحَانِيَة , بِلا النَظْرَةِ العَطُوفَة , بِلا السجَّادَةِ والجَبِين! أخَذَهَا الجَزَعُ , صَرَخَت بِلا توقُّف , يَقتُلُهَا الحَنِين إلَىَ وَالِدِهَا الّذِي أيتَمَهَا لِيَلْقَىَ ربَّه فُوجِئَت بِآنِيَّةٍ مُغطَّاةٍ بِمِنْدِيلٍ تُوضَعُ بِيَدِ أحَدِ الجُنْدِ بَيْنَ يَدَيْهَا , ارْتَجَفَت , ذُهِلَت .. , مَدَّت الطُهْرُ زَيْنَب (ع) ورَفَعَت المِنْدِيل ....... ! إنَّهُ صَوْتُ الأصْدَاءِ الحَزِينَة , إنَّهَا الدَّهْشَةُ والذُهُول .. إنَّهُ الإنْكِسَارُ حينَ يَرْتَسِمُ عَلَىَ الشِفَاهِ الذَابِلات , ويَنتَقِلُ إلْينَا عَبْرَ الأزْمِنَةِ الغابِرَة ليُحرِّكَ فِينَا ذَلِكَ الإحسَاس الّذِي يتدفّقُ ألمَاً .. ! رُقيَّة المُضرَّجَة بِالحُزنِ , تَصْرُخُ بِعُمقِ شُعُورِهَا , ذُهُولاً .. فقَد كانت رُوحُها تهفُو للقَاءِ أبيهَا , ولكِنّها رأتهُ بِحالٍ مُخْتَلِف شيبَتُهُ مُخضَبَّة بالدَمِ , مَنحَرُهُ يَدْمِي ,ثناياهُ مُكسَّرَة بِفِعْلِ قَضِيبِ يَزِيد , بَكَت على رأسِ أبِيهَا , قبَّلَت جبَينَهُ الطاهِر , الـ يشُعُ نُوراً حتّى عِنَان السمَاء , قبَّلَت شَفَتَيهِ الذَابِلَتِينِ , ناجَتْهُ بَصَوْتِهَا الحَزِين , [يا أبتاه من الذي خضّبك بدمائك، يا أبتاه من الذي قطع وريدك، يا أبتاه من الذي أيتمني على صغر سني، يا أبتاه من لليتيمة حتى تكبر!] صَرخت , وأعوَلَت فِي البُكَاءِ حتَّى غُشِيَ علَيْهَا ! , وكَانَ القَدَرُ , أن تَرحَلَ رُوحَهَا , وهِيَ تشُمُّ مَنحَرَ أبيهَا وتَحتَضنُ شَيْبَتَه ! •••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••••• •••••••••••••••••••••••••••• [هَمْسَة] تَرْنِيْمَةُ الحُزنِ , الّتِي خَلُدَت بِرَغْمِ سنِّهَا الصَغِير إلاَّ أنَنا نَقِيسُ عظَمَتَهَا بمَا قدَّمَتْهُ وَ بَذَلَتْه , ولَو أرَدْتَ أن تَشُمَّ رِيحَ العَظَمَة .. اتِّجَهِ إلَىَ الشَام , لِتَرَىَ قَبْرَهَا الشَامِخ .. وتُحِسَّ بِحُزْنِهَا العَمِيق , وتسْمَعُ أصوَات البُكاء والنَحِيب ..! إنَّهَا رُقيَّة .. وَرْدَةٌ , قَطَفَهَا القَدَرُ ..!. |
|
اللهم بارك الله فيك على هذا الطرح الرائع لطفلة الحسين(ع) رقية بنت الحسين وجعله في ميزان حسناتك. ولتبكي العيون دماً بدل الدموع على ماجرى من أنتهاك لحرم وذراري رسول الله(ص)ولنحيي أيام محرم بالأستذكار والبكي والاستعبار لواقعة الطف الخالدة والثورة الحسينية الهادرة التي يبقى وصوتها وهديرها على مر التاريخ. |
اللهم صل على محمد وآل بيته الطاهرين واللعن الدائم على من ظلمهم وقتلهم الى يوم الدين
السلام عليك سيدي اباعبد الله وعلى اخيك العباس وعلى اهل بيتك وعلى انصارك ومحبيك ولعنة الله على من ظلمكم ومعاديكم وغاصبين حقوقكم جزيل الشكر لكم |
بارك الله فيك
|
نورتو احبتي بارك الله فيكم
|
الشبكة: أحد مواقع المجموعة الشيعية للإعلام الساعة الآن: 01:17 AM. بحسب توقيت النجف الأشرف |
Powered by vBulletin 3.8.14 by DRC © 2000 - 2025