الانسان بنيان الله ::
============
بقلمي : جعفر ملا عبد المندلاوي
-----------------------------
السنة الآلهية في بني البشر أن لا تفاضل بينهم الا بدرجات القرب والبعد من الذات المقدسة ،، وبالتقوى والعمل الصالح ، وهذا ما أكده الآنبياء والمرسلون والآولياء ، بأنهم كاسنان المشط متساوون ،، ولا فضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى ،، وقال أمير المؤمنين الناس أما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق .. وكل هذا يدلنا على ان المناصب الدنيوية والبهرجة الاعلامية لا تساوي شيئا في ميزان الله تعالى الا من أتى الله بقلب سليم ..
ربما يظن البعض ان هذه الموضوع ليس له علاقة بواقعنا الحالي ، بلى فكل ما يتعلق بالانسان كونه انسان هو يهمنا ويهم المجتمع ككل لاننا جزء من منظومة اجتماعية متكاملة ، والانسان بنيان الله لعن الله من هدمه ..
خطر ببالي هذه الكلمات وانا أتذكر وأرى ما نعيشه بواقع مرير ، أن أغلب الشيبة وكبار السن الذين أفنوا أعمارهم في خدمة المجتمع والناس وكلٌ من موقعه أصبحوا اليوم وقد رُكنوا على رفوف النسيان ، منهم الموظفون الصغار ان صح التعبير ، وما أكثرهم ، وكأن لم يكن هذا الانسان يوما ما طاقة حيوية تنبض بالحياة وتبني الحياة بكل تفان واخلاص .
وهناك في الجهة المقابلة للصورة نرى إذا تقاعد مسؤول أو ذو منصب أو مدير في دائرة ما حتى وان كان من الظلمة والسراق والمنافقين نرى سيلٌ من المصفقين والمحتفين به وحوله يرقصون فرحا ويحتفلون بنهاية عمله ،، حتى وان كان لا يستحق ..
هذه المتناقضات في مجتمعنا كثيرة مع الاسف فالتكريم الحقيقي يجب ان يكون لتلك الايدي التي بنت وعمرت وأنشأت وتعبت ،وتلك الوجوه التي أحرقتها اشعة الشمس اللاهبة ، لا تلك الايدي التي شبعت من الحرام وأموال السحت ، أرأيتم كم نحن متناقضون مع أنفسنا ،بل ولا نحترم انسانيتنا ،، لان مقاييس التفاضل لدينا مبتنية على المظاهر البراقة والابتسامات الصفراء ، ولم نسمع يوما أن وزارة أو دائرة مثلا كرمت عامل نظافة لديها تثمينا لجهوده وخدمته ؟؟ ولم نسمع باقامة مؤتمر وطني لذوي الاحتياجات الخاصة وتعويضهم ببعض المشاعر الطيبة لتخفيف حالات النقص العضوي لديهم؟؟ وغير ذلك الكثير ..
ومسك الختام نقول ان ذلك الكائن الذي يسمى الفقير الذي يعتبره الله سبحانه وتعالى عياله ، ولكن عند الكثير من الناس غير مرغوب فيه وهذا قول أبو الوفا العبدلي وهو يبين الفارق الدنيوي بين الفقير وغيره :
يمشي الفقير وكل شيء ضده == والناس تغلق دونه أبوابها
وتراه ممقوتا وليس بمذنب == يرى العداوة لا يرى أسبابها
حتى الكلاب إذا رأت ذا ثروة == خضعت لديه وحركت أذنابها
وإذا رأت يوما فقيرا عابرا == نبحت عليه وكشرت أنيابها
وحتى نلتقي .. دمتم فقراء ~
29-4-2015