المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الجمهور الأدبى أو جمهور القراء:


اتركيني
20-04-2007, 07:52 PM
بداية لن نتحدث عن سيكلوجية القارئ ، أو المتلقى ، وإن كان ذلك سيتبدى من خلال فعل التلقى وأثره للرسالة الشفاهية أو المكتوبة ، ولكن لابد أن نشير إلى دلالات اللغة ورموزها واشاراتها ، حتى تلك المساحات المتروكة فى الهامش ، أو النظر إلى علامات الترقيم ، أو ايماءات الفصل والوصل وترتيب الصفحات ، وتلك أمور شكلية يراها الكثيرون ، ولكنها تدخل فى فعل المنتج الثقافى الاستهلاكى لدى تشكله ، أو بصورة أوضح تدخل فى عمليه الخلق والابداع ذاتها ثم تظهر فى فعل التلقى والأثر السلبى أو الايجابى على المتلقى...
كما يجب أن ندرك أولاً ماهية النص أو الرسالة الإبداعية أو المادة المقروءة وإلى من تتوجه ، وطريقة الكتابة ، ثم ثقافة كلاً من الكاتب والمتلقى حتى يحدث الأثر ، أو فيما أصطلحه " بالتماس التواصلى " لفعل الكِتَاب ، والأثر الناشئ عن التلقى لاحداث التواصل أو التكامل فى المنظومة الإبداعية ، أو منظومة القراءة وأثرها فى درس القراءة والتلقى ..
كما لا يفوتنا ونحن نتحدث عن الجمهور الأدبى أن نذكر الأثر النفسي الناشئ من فعل التلقى بمعنى أن المتلقى يجنح عند حالة التلقى إلى التماهى مع الكاتب أو المتحدث وهذا التماهى ينتج أثراً ، كما أن هناك فارقاً بين القراءة كفعل بصرى والإلقاء كتواصل سمعى وروحى، أو حتى انبهار بجودة الأداء أو نقور منه، ومع كل يجب أن نحدد المساحة الزمنية للرسالة ووصلوها ، ولن نتحدث عن معوقات التواصل أو الخداع البصرى أو الأمراض التى تتعلق بالأذن هذا فى حالة التلقى الشفاهى، أما التلقى البصرى المباشر عن طريق القراءة الفردية المباشرة فإنه يخضع لأمور مزاجية أو انفعالات خارجية، أو تأثيرات راجعة لسيكلوجية المتلقى وذكرياته من استرجاعٍ واستلهام لمحدداتٍ لديه أو لأمورٍ تتعلق بعاطفة أو موقف ما، لذا فلابد من وضع العامل السيكلوجى عند الحديث عن الجمهور الأدبى، أو القارئ، وقد نركز هنا على درس التلقى عند المتلقى أو المتعاطى للأدب، أو للدرس الأدبى.
إذن هناك عوامل يجب ألا نغفلها لدى الجمهور منها سيكلوجية الجمهور أو المتلقى علاوة إلى الثقافة الخاصة بالتلقى ومدى جنوحه حتى للألفاظ، فهناك قارئ يميل للصور الجمالية، بينما يندمغ قارئ آخر مع الصور اللفظية والتركيبات اللغوية المبهرة، بينما يتواصل آخر مع الفكرة ، وقد يعجب الآخر بعنوان العمل أو بتراتب الإيقاع أو بالفونيم الصوتى، أو بالصور البلاغية والمحسنات البديعية، ومن هنا تختلف ذائقة التلقى لدى الجمهور فتختلف الرؤية فى الحكم على العمل الأدبى بمدى ما وصل إليه من تأثير يتعلق بسيكلوجية التلقى وأثرها، كما يتعلق بالتواصل الفكرى أو النمط الثقافى للعمل الأدبي.
كما لا يفوتنا أن نؤكد إلى مدى جودة البُنَى الأدبية للنص ومدى توافقها أو بعدها عن الأنماط المألوفة لأذنِ القارئ حتى لا يختلط عليه الأمر فيخرج بالذائقة إلى آفاق لم يعتدها ، فلا يستطيع تحديد ماهية الجنس الأدبى الذى يستمع إليه فيصفه بالضعف أو التخبط، حتى لو كان المُنْتج للعمل الأدبى كان يقصد هذا النزو، أو قد يكون قدره، إلا أن الذائقة التعارفية لم تصطلحه لذا لم تميزه وبالتالى يفقد الحكم عليه...
إن النظر إلى سيكلوجية الجمهور من منظور اجتماعى فى ظل القيم الانسانية والمعتقدات المتعارف عليها قد يجنح بالجمهور إلى رفض أو قبول العمل الأدبى أو المنتج القرائى الاستهلاكى وذلك للمحافظة على الكينونة العامة للمجتمعات وتماسكها مقابل موجات التفكك والأفكار التى تحاول النَّيلْ منها لإخضاعها لتوجهات قد تضرب بها فى العمق، ومن ثم تنخرط فى عالميتها، لذا سعت أوروبا للحفاظ على مركزيتها المتمثلة فى أنظمتها الفكرية ومعتقداتها وبالضرب على أى محاولة للخروج أو الانسلاخ من تلك المركزية فكان رفض التيارية داخل أنظمة الحكم، وخضعت حتى الأعمال الأدبية لمنطق الأيدلوجية للمحافظة على النزوع الفكرى من الإنزياح أو التخلخل الفكري، ومن ثم التخبط والانخراط في ثقافة الآخر.
لذا حرصت المجتمعات الأوروبية -حتى فى اعلاناتها- ورسائلها الاعلامية إلى المحافظة على الهوية الأوروبية، كما سعى اليهود لإلصاق نزعة السامية بهويتهم والدفاع عنها، مع أن العرب من المجتمعات السامية، إلا أن المصطلح اتجه إلى اليهود لتغليبهم الهوية والمركزية للحفاظ على المعتقد والكيان...
ولكن هل سعى الجمهور الأدبي العربي، أو الخطاب العربي لمثل تلك المركزيات؟!
إنها أسئلة يمكن أن تفتح مجال الدرس الأدبى لأهمية التلقى والرسالة ومضمونها وتوجهها لمخاطبة المتلقى، ولكن مع رفض التوجه الأيدولوجى حتى لا يُتَّهَم خطابنا بالعنصرية والنزعة العدائية مثلما هم تماماً على هذه الصورة، وان حاولوا تمويه ذلك الخطاب ...
يجب على المتلقى إذن أن يتسلح بثقافة ترتقى بالكاتب أو المادة المقروءة حتى لا يصاب بالاحباط من جهة، أو أن يعيد اختيار ما يقرأه أو ما يسمعه ليتم التواصل مع المنتج الاستهلاكى الثقافى وذلك باعتبار الابداع منتح استهلاكى لدى المتلقى القارئ، كما يجب على الكاتب أن يرقى بالمتلقى وأن يتدرج معه ليأخذه إلى لُبِّ الرسالة الثقافية أو العمل الإبداعى، كما يجب أن يحدد إلى من يتوجه الخطاب الأدب، هذا إذا كان المنتج الأدبي( الكاتب) يريد أن يرى أثر النتاج الأدبى، أو يكسب الجمهور، أو يخرب أثر الكتابة ومداها لدى القارئ، أما إذا كان التوجه يعنى فئة معينة من المجتمع فهذا أيضاً يحتاج منه إلى وضع علاماتٍ كتأشيرة دخول للمنتج الأدبي، ولا نقصد بالطبع المواضعة، وانما نقصد السمو بالخطاب الأدبى مع الحفاظ على التوجه العام وليس الأيدلوجى بالطبع حتى لا تُنَمِّط الثقافة ونخضعها لتوجهات مذهبية أو عقائدية أو مجتمعية وذلك انطلاقاً من مقولة مفادها:
أن الابداع ليس له وطن، هذا إذا لم نغفل مقولة موت المؤلف أو الكاتب، كما لن نغفل أيضاً نظرية الفن للفن، والا أغفلنا المذاهب الرمزية والتفكيكية والتأويلية واعتمدنا على واحدية المعنى والتفسير الحرفي، وتلك مذاهب انتفت قيمتها فى ظل التقدم التكنولوجى الحادث فى العالم الآن...
ولكن يبقى السؤال عن الماهية، وعن المفهوم لمعنى المبدع والمتلقى، والرسالة الأدبية أو المنتج الأدب]، ثم الأثر الناشئ عن فعل الإبداع ومداه التأثيرى، ومدى بقاؤه أو انتفائه بفعل التوجه الأيدلوجى أو المذهبى أو التوجهات الاجتماعية، وهذا يقودنا إلى صراع الحضارات، وذوبان الثقافات، بل ومحو الحضارات ، فكم من حضارة سادت ثم بادت بفعل التوجهات الأيدلوجية دون النظر لنظريات النشوء والارتقاء والنمو والتطور، ثم مدى ملائمة كل ذلك للتوجهات الانسانية، ولن نقول العالمية بالطبع.
يبقى جزء آخر ألا وهو علاقة الناقد بكل من الكاتب والنص من جهه والقراءة الجديدة للنص أو اعادة انتاجه وتحميله بأيدلوجية خاصة نابعة من ثقافته وتوجهه هو كناقد وكيفية تقديم كل ذلك للمتلقى، أو تحميل النص بالاضاءات الجديدة المنحازة بالطبع لطبيعة الناقد وتوجهاته وأثر كل ذلك على المتلقى، ومع عدم اغفال المناداة بضرورة القطيعة بين ما يقدم الناقد فى الدرس النقدى للنص، وبين فهم القارئ وتوجهاته نحو النص، كى لا يتحمل القارئ أو المستهلك للنص أيدلوجية اضافية يضيفها الناقد ، قد يقبلها أو لا يقبلها القارئ العادى قبل القارئ العليم أو القارئ الناقد، أو حتى القارئ البدائى، أو الذى تحدث عنه ابن خلدون كما أسلفنا من قبل ؟!!.
إذن فاخضاع النص لمشرط الناقد يجب أن يقتصر على الدرس النقدى ويبقى الجمهور الأدبى بعيداً عن التأويل الذى يمكن أن يكون خاطئاً فتغيب الرسالة الأدبية بين الكاتب والناقد من جهة ، وبين الكاتب والناقد والمتلقى من جهة أخرى، فتفريغ الرسالة بوضع رمز أو مفاتيح لها من قبل الناقد هو أمر لا يصبح من قبيل الأمور الخاصة بسيكلوجية المتلقى ومدى قبوله للوصاية الأدبية أو اعادة انتاج النص وتأويله، أو تحويله إلى توجهات أيدولوجية أو مجتمعية قد تفقد النص معناه ومذاقه وهدفه، أو قد تتناص معه فى مداخلات تتقاطع مع مضامينه، وقد تفيد أحياناً فى اضاءة النص أو قد تضر العمل الأدبى فيما أميل إلى ذلك..
إذن نحن أمام أسئلة مفادها: من هو المبدع؟ ومن هو الناقد؟ ومن يكون المتلقى؟ ثم إلى من يتوجه الخطاب الأدبي أو الرسالة؟ ثم إلى نوعية ذلك المتلقى؟ ثم هل للناقد الحق فى الوصاية الأدبية أو تحميل النص مضامين اضافية بما يعنى اعادة قراءة أو إنتاج النص الأدبى ليخدم التوجهات المجتمعية يسمو بقيم لم يقصدها الكاتب أساساً، وبالتالى تتنافى النظرية الجمالية للتلقى والتى نبعت من ألمانيا وهذا لايعنى مناصرة لمدرسة "ما بعد الكولونيه "، أو للنظريات التى ظهرت بعد الثورات الإنسانية الكبرى كالثورة الفرنسية والبلشفية، وثورات الشعوب بتوجهاتها الاشتراكية أو الطبقية، أو تلك التى تخدم الثقافة الخاصة" الواحدية "ضد ثقافة المجتمعات وضد طبقات البروليتاريا الكادحة، أو تلك المجتمعات الفقيرة المعدمة!!
نحن الآن إذن أمام قضية تتعلق بالإبداع من جهة، والتلقى من جهة أخرى، ويصبح الكاتب والقارئ طرفين جريحين للنص، ولا نقول نقيضين، فالكاتب يسعى ليصل مضمون نصه إلى ذهنيه القارئ، كما يسعى القارئ لقراءة ما أراده الكاتب خلق السطور، وهنا تتداخل الإشارة والايحائية وسيكلوجية القارئ ومزاجيته وحالاته الانفعالية فإما أن تكون لصالح النص، أو ضده، ولكن مع كلٍ يبقى النص هو النص، وتبقى جدلية العلاقة بين الكاتب والقارئ رهينة لخلود النص أو انتفاءه، ولكن مع كل هذه المعطيات تبقى جدلية العلاقة قائمة ، وهنا ينطلق الخيال وتتعدد الرؤى فى عالم النص الأدبي.

عاشقة النجف
21-04-2007, 09:06 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

اخي الكريم لكل نوع من الادب له مشجعوه وقرائه
وقد يختلف نوعا ما عن النوع الاخر
لكن يبقة التطور والتحديث متواصل لكل الانواع
وظهور المبدعين لايتوقف
الف شكر لك على المرور الكريم
موفق يااااااارب