المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : العقيدة الاسلامية والفكرالوضعي في بناء الانسان ج1


شهيدالله
29-10-2009, 09:26 PM
بسم الله الرحمن الرحيم



اللهم صل على محمد وآلمحمد الذين لا تصح الصلاة الواجبة إلا بذكرهم
وتبطل بإضافة غيرهم لهم.. اللهم صلعليهم وعجل فرجهم والعن أعداءهم




السلام عليكم ورحمة الله بركاتة





لعل مشكلة المسلمين في العصرالحاضرمنذعهدسيطرة الاستكبارالغربي والمفاهيم الجديدة القديمةبجوهرها كا الديمقراطية الغربية والعولمة والانسسنة الحديثة وكثير من مفردات وافكارغزت مجتمعنا الاسلامي هوانهم

فقدو الاصالة الاسلامية في وجودهم فتحول العنوان الاسلامي لدى فريق منهم الى عنوان جامد تقليدي لايوحي باي معنى من معاني الحركة الانسانية الفاعلة فيرى المؤمن العقائدي الكثير من احبتنا المؤمنون وهم متاثرون بالنهج العلماني في رؤية الحياة والواقع فتراه يعيش الاسلام عاطفة وشريعة ولكن توزعت في ذهنية الخصوصيات فيؤيد القلم العلماني وينصرالفكرالمضاد دون ان يعلم بذلك

ثم يقول انا مؤمن وفي بحثنا هذا بمراكزالدراسات الاسلامية حاولنا ان نبين دورالعقيدة الاسلامية في بناء الانسان المفكرالناقد المختبري أي من يختبرالفكرلامن يقع علية الاختبارومن خلال المنهل الصحيح العقل والنقل

ولعل ذلك الفهم الخاطىء يعود لمشاكل الخطاب الاسلامي المعاصر فهناك اتجاهين في تجربتة الفعلية بحيث يحكمان الطابع العام للحركة الاسلامية المعاصرة



الاتجاة التقليدي وهوالخط الذي ينطلق من مفردات الاجتهاد التاريخي واساليبة من دون دراسة للمتغيرات الكبيرة التي تحكم الواقع في تطورقضاياة

الاجتاة الثاني هو الخط التوفيقي بين مضمون الاسلام والمضمون العصري وهوالذي ينتهجة المثقفون الاسلاميون في انفتاحهم على الخطوط الثقافية المعاصرة المتاثرة بلتفكيرالغربي ولهذا الخط الكثير من الهفوات لايسع المقام لبحثها الان

الاتجاه الثالث وهوالخط الذي اعتمد وتحت رعاية المرجعية المباركة .الخطاب المتوازن الذي تمسك بعمق الاسلام كفكروحركة ومضمون اجتماعي وسياسي واقتصادي ولكن طور الشكل وصاغة بعناوين عصرية

وبحثنا هذا في اقسام ان شاء الله

اخوكم شهيدالله



إن نظرة الإنسان إلى الحياة والكون ومفاهيمه في شتى المجالات بل وحتى عواطفه وأحاسيسه كلها تدور حول محور العقيدة التي يتبناها ، والتي تسهم في بنائه الفكري والأخلاقي والاجتماعي ، وتوجيه طاقاته نحو البناء والتغيير . وإذا كانت المدارس الوضعية قد حققت بعض النجاح في ميادين الحضارة المادية ، فقد أثبتت فشلها الذريع في تلبية حاجة الفرد لحياة كريمة حرة من قيود الابتذال والفجور ،

فكان التفسخ الأخلاقي والانحدار الخلقي والتفكك الأسري والفراغ العقائدي ، هو أبرز معطيات الحضارة المادية التي صنعها الإنسان على صعيد الحياة الفكرية والشخصية والاجتماعية .

ولقد اقتضت حكمة الخالق تعالى أن يرشد الإنسان إلى الجذور والأصول التي يستقي منها معارفه وينهل منها حقائق هذا الوجود ليصل من خلالها إلى المعتقدات الصحيحة السليمة من الشوائب والبعيدة عن الانحراف بعد أن منحه تعالى الفطرة الصافية مشعلا يهديه إلى النور ، نور العقيدة الإسلامية الحقة الذي أضاء بسناه ما حوله . ومتى ما حكم الإنسان عقله يرى أن العقيدة الإسلامية تشكل نظاما متكاملا للحياة البشرية بمختلف أطوارها ويرسم الطريق لكل جوانبها وينسجم مع الفطرة الإنسانية ويضمن تحقق حاجات الفرد الروحية ورغباته المادية بشكل متوازن ودقيق ، وبما يضمن كرامته وشخصيته . وعلى قواعد هذه العقيدة يقوم بناء الشخصية ، شخصية الفرد والمجتمع والدولة الإسلامية ، وتنتظم العلائق والروابط ، وتتحدد الحقوق والواجبات ، وتتحقق العدالة والمساواة ، ويستتب الأمن والسلام ، وينشأ التكافل والتضامن ، وتزدهر الفضائل والمكارم ، ويبنى الإنسان على كافة الأصعدة .

فعلى الصعيد الفكري

أخرجت العقيدة الإسلامية الإنسان من عالم الخرافات والجهل لتأخذ بيده إلى دنيا العلم والنور ، محفزة الطاقات الكامنة فيه للتأمل والاعتبار بآيات الله ودلائله ،

وبذلك فقد نبذت التقليد في الاعتقاد وربطت بين العلم والإيمان على اساس علمي متوازن

ولعل ما انتجة فكر الشهيدالحي السيد محمد باقرالصدر في الاسس المنطقية للاستقراء خيردليل على ذالك باخراج فهم اسلامي جديد لمفوهم الثنائيات المتناقظة في الفكر الاسلامي .

وعلى الصعيد الاجتماعي

استطاعت العقيدة الإسلامية أن تسمو بالروابط الاجتماعية من أسس العصبية القبلية واللون والمال إلى دعائم معنوية تتمثل بالتقوى والفضيلة والأخاء الإنساني ،

فشكل المسلمون خير أمة أخرجت للناس بعد أن كانوا جماعات متفرقة متناحرة .

وعلى الصعيد الأخلاقي

نجحت العقيدة الإسلامية في تنمية الواعز الذاتي القائم على أساس الإيمان برقابة الخالق جل وعلا لكل حركات الإنسان وسكناته وما يستتبع ذلك من ثواب وعقاب ، الأمر الذي أدى إلى تعديل الغرائز وتنمية شجرة الأخلاق الفاضلة وجعلها عنصرا مشتركا في جميع الأحكام الإسلامية .

كما أسهمت العقيدة الإسلامية في بناء المجتمع اقتصاديا وسياسيا وتربويا ،

وبذلك فهي تمثل عنصر القوة في تاريخ الحضارة الإسلامية .

فلأجل النهوض بالإنسان المسلم من حالة الضعف الروحي والانزلاق في مهاوي المادية ومغرياتها ،

لا بد من تذكيره بمعطيات تلك العقيدة ، وترسيخ قناعته بقوتها وصلاحيتها لكل العصور بلغة معاصرة ، وبشكل يتناسب مع مقتضيات العصر الحديث ،

فتحت لانحجان تطويرباعمق بل بلشكل

والتحليل الفكري معتمدا البحث والتحليل الفكري بأسلوب سهل ممتع وعرض علمي قويم يبتعد بالأفكار عن مهاوي الانحراف وأوهام الخيال ، ويقودها إلى الحقائق الناصعة والأدلة الساطعة

ولعل أكثر ما يهم الإنسان في الحياة هو أن يعرف حقيقة

مبدئه ومعاده

، والغاية من وجوده

، ومن أين جاء

، وإلى أين ينتهي

، ولماذا وجد ؟

هذه الأسئلة التي يطرحها الإنسان على نفسه على الدوام ، تحتاج إلى إجابات شافية ،

لكي يتخذ الإنسان على ضوئها موقفا من الحياة ، يحدد سلوكه ، ويقيم لمجتمعه نظاما صالحا يرتضيه .

ولقد فشلت العقائد الوضعية في الإجابة على استفهامات الإنسان المتعلقة بمبدئه ومعاده ، ومبرر وجوده ، مرة من خلال الادعاء بأن الإنسان وجد صدفة !

ومرة أخرى من خلال الزعم بأنه وجد نتيجة لتطور المادة !



! . . وما إلى ذلك من تفسيرات واهية لا تسمن ولا تغني من جوع الإنسان وتعطشه الأبدي لمعرفة الحقيقة . وليس هذا فحسب ، بل فشلت أيضا في رسم معالم النظام الاجتماعي الذي يصلح الإنسان ويحقق سعادته .

وبينما أجابت العقائد الدينية المحرفة إجابات باهتة ومشوهة ، عندما أقرت من حيث المبدأ بوجود الخالق ولكن شبهته بخلقه ،

كما فشلت في تحديد النظام الأصلح للبشرية ، أجابت العقيدة الإسلامية عن كل ذلك بمنتهى الصدق والعمق ، عندما أعلنت أن للإنسان خالقا حكيما قادرا لا ينال بالحواس ولا يقاس بالناس ، وأن الإنسان وجد لغاية سامية وهي عبادة الله تعالى والوصول من خلالها إلى أرفع درجات التكامل والخلود . كما تولد هذه العقيدة أيضا عواطف وأحاسيس خيرة ، يتبنى الإسلام بثها وتنميتها من أجل بناء الإنسان الكامل في الأبعاد الفكرية والاجتماعية والسلوكية ،

وتكوين الشخصية العقائدية التي تتمتع بعقلية هادفة وسلوك قويم ، واتجاه رسالي ،

على العكس من الشخصية اللامنتمية ، التي تنصب اهتماماتها جميعا على الذات ومصالحها ورغائبها ،

فتعاني من الفراغ العقلي والتأزم النفسي وفقدان الهدفية في الحياة .

وينبغي الإشارة هنا إلى أن العقيدة الإسلامية ليست كعقيدة الفلاسفة - باعتبارها نظرية فكرية تقبع في زوايا الدماغ –

بل هي قوة تتحرك في القلب وتنعكس إيجابيا على النفس والجوارح ، فيندفع معتنقها إلى ميادين الجهاد والعمل ، وعليه فقد كانت قوة فاعلة ومحركة ، غيرت مجرى التاريخ ، وبدلت معالم الحضارة ، وأحدثت في حياة الإنسان الاجتماعية والفكرية انقلابات رائعة ، وحققت انتصارات عسكرية مشهودة ، ولذلك وجد القلة المستضعفة العزلاء في مكة ، استطاعت بعقيدتها أن تصمد ثلاثة عشر عاما في مواجهة طغيان كالطوفان . وهذه العقيدة هي التي جندت للرسول ( صلى الله عليه وآله وسلم ) جيشا عدته عشرة آلاف ، وهو الذي خرج من مكة مستخفيا يطارده كفارها ، ولم يستطع الذين حاربوه طوال هذه المدة أن يصمدوا أمام قوة الإيمان الزاحفة ، فاستسلموا له ، وأتوا إليه مذعنين ، أو دفعوا إليه الجزية صاغرين . كان المسلمون يملكون أقوى عدد النصر ، وهي العقيدة التي تصنع المعجزات ، التي جعلت من حمزة - سيد الشهداء - يقود أول سرية في الإسلام في ثلاثين راكبا مسلما ، لمواجهة ثلاثمئة راكب من قريش على ساحل البحر الأحمر ،

ولم تخرج السرية المسلمة لمجرد استعراض العضلات ، بل كانت جادة في المواجهة والاشتباك مع عدو تبلغ قوته عشرة أضعاف قوتها .

ولم يحدث في تاريخ معارك الإسلام ، التي كان يحرز فيها انتصارات باهرة ومتوالية ، أن كانت قوة المسلمين المادية متكافئة مع قوة العدو ، بل كانت قوة المسلمين من حيث العدد والعدة تصل أحيانا إلى خمس قوة العدو ، ولم يتحقق النصر إلا باعتمادهم على المدد المعنوي الهائل الذي تمنحه العقيدة للمقاتل المسلم مع عدم إغفال دور الامداد الغيبي المتواصل ، وبعض العوامل والشروط المادية الأخرى . وهكذا نجد أن العقيدة هي القوة الأساسية في كل معارك الإسلام ، والعامل الأساس في تحقيق النصر في مختلف المجالات . وبغية النهوض الحضاري بالفرد المسلم ،

لا بد من تذكيرالفرد المسلم بالمعطيات الحضارية التي منحتها العقيدة الإسلامية لمن سبقه من المسلمين ،

صحيح أن المسلم لم يتخل كليا عن عقيدته ، ولكن عقيدته قد تجردت في قلبه من فاعليتها ،

وفقدت في سلوكه إشعاعها الاجتماعي ،

بفعل عوامل الغزو الفكري التي تعرض ويتعرض لها باستمرار ،

وبفعل عوامل الانحطاط والتخلف التي عصفت بمجتمعه كنتيجة مباشرة لابتعاده عن قيم وتعاليم السماء . ومما ينبغي التركيز عليه في هذا الاطار :

أولا : تعريف الإنسان المسلم بعقيدته الحقة عن طريق منابع المعرفة الصافية . وثانيا : ترسيخ قناعته بصوابها وصلاحيتها للعصر الراهن ، وإبراز عناصر تفوقها على العقائد الأخرى .

وثالثا : العمل على إعادة دور العقيدة في بناء الإنسان المسلم ، لتتجسد في فكره إيمانا عميقا ، وفي سلوكه عملا صالحا وأخلاقا حميدة ، كما كانت تتفاعل عطاء وجهادا في نفوس المؤمنين السابقين ومن تبعهم بإحسان . ولأجل هذه الغاية ، عقدنا هذا البحث الذي يتناول دور العقيدة في بناء الإنسان الفكري والاجتماعي والنفسي ، وانعكاساتها على أخلاق المسلمين وسلوكهم من أجل صيانة العقيدة ، والتصدي الحازم لمحاولات تسطيح الوعي التي تعرض لها الإنسان المسلم في أدوار سياسية متتابعة

المبحث الاول البناء الفكري

تحرير فكر الإنسان . ترتكز نظرة العقيدة الإسلامية على كون الإنسان موجودا مكرما ( ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا ). فهو خليفة الله في الأرض ، يمتلك العوامل التي تؤهله للسمو والارتفاع إلى مراتب عالية ( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون ). كما أن بإمكان الإنسان أن ينحط ويتسافل حتى يصل إلى مرتبة الحيوانية ( . . . أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث . .. ثم يتسافل أكثر فأكثر حتى يصل إلى مرتبة الجماد : ( ثم قست قلوبكم ) من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة

وعليه فالعقيدة الإسلامية تراعي في الإنسان عوامل القوة والضعف معا ، فقد وصف الإنسان في الكتاب الكريم بأنه خلق ضعيفا هلوعا عجولا ، وأنه يطغى ، وأنه كان ظلوما جهولا

. وعلى هذا الأساس لا تحاول الشريعة إرهاقه بتكاليف شاقة ، تفوق طاقاته وقدراته النفسية والبدنية ، قال تعالى ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها. وقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رفع عن أمتي تسعة : الخطأ ، والنسيان ، وما أكرهوا عليه ، وما لا يعلمون ، وما لا يطيقون ، وما اضطروا إليه ، والحسد ، والطيرة ، والتفكر في الوسوسة في الخلق ما لم ينطق بشفة. وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( رفع القلم عن ثلاثة : عن المجنون المغلوب على عقله حتى يبرأ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن الصبي حتى يحتلم )

(. فالعقيدة الإسلامية

إذن - تعتبر عوامل الضعف في الإنسان حالة طبيعية ناتجة عن تكوينه البشري ،

ولم ترها معقدة بالمستوى الذي يفقد الإنسان معها قدرته على البناء والحركة ، وحرية الاختياركما يروج المبشلارين العرب للعولمة واللاستلاب

وفوق ذلك حاولت العقيدة - وهي تريد بناء الإنسان وتكامله - أن تثير لديه شعورا عميقا بالجانب الإيجابي من وجوده . الخطيئة أمر طارئ من ناحية أخرى فإن العقيدة الإسلامية تعتبر الخطيئة أمرا طارئا على الإنسان ، وليس ذاتيا أصيلا ، وعليه فحين يسقط الإنسان في مهاوي الخطيئة ، فإنه لا يتحول إلى شيطان تمنعه شيطنته من العودة إلى رحاب الإنسانية ، بل يبقى إنسانا مخطئا يمكن أن يسعى إلى تصحيح خطئه ، والنهوض من كبوته .

وهذا هو سر عظمة النظرة الإسلامية إلى الإنسان

، فهي لا تجعله تحت رحمة الشعور بخطيئة أصيلة مفروضة عليه ، كما تفعل النصرانية ، بل هي تسعى إلى انتشال الإنسان من وحل الخطيئة ، وإشعاره بقدرته على الارتقاء ، وتذكيره الدائم بعفو الله ورحمته الواسعة ، وعدم اليأس منها . ولا يوجد في الإسلام " كرسي للاعتراف " كما هو الحال في النصرانية ، بل يسعى أئمة الدين وعلماؤه إلى ستر عيوب الناس وذنوبهم مهما أمكن ذلك ، لأن الله تعالى يحب الستر . عن الأصبغ بن نباتة قال : أتى رجل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فقال : يا أمير المؤمنين ، إني زنيت فطهرني ، فأعرض أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بوجهه عنه ، ثم قال له : ( اجلس ، فأقبل علي ( عليه السلام ) على القوم ، فقال : أيعجز أحدكم إذا قارف هذه السيئة أن يستر على نفسه كما ستر الله عليه ؟

الإنسان موجود مكرم ومن جانب آخر تحاول العقيدة إشعار الإنسان - على الدوام - بأنه موجود مكرم ، له موقعه المهم في هذا الكون ، من خلال وظيفة الاستخلاف فيه وما عليه إلا أن يقوم بأداء وظيفة الاستخلاف هذه على أحسن وجه ، وأن يشكر خالقه على هذا التكريم والتمكين والهداية إلى الدين الحق . سأل رجل أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن حبه للقاء الله تعالى ، فقال : بماذا أحببت لقاءه ؟ قال ( عليه السلام ) : ( لما رأيته قد اختار لي دين ملائكته ورسله وأنبيائه ، علمت أن الذي أكرمني بهذا ليس ينساني ، فأحببت لقاءه.






نهاية القسم الاول

شهيدالله
29-10-2009, 09:36 PM
القسم الثاني





ولقد أسهمت العقيدة إسهاما فعالا في تحرير الإنسان على محاور عدة ، منها :

- أولا : - حررت الإنسان من الاستبداد السياسي ، فليس في الإسلام استبداد إنسان بآخر ، أو تسخير طبقة أو قومية لأخرى فقد كان الدين ، على امتداد التأريخ الإسلامي ، من أبرز العوامل لظهور حركات التحرر . ومهما تكن نظرة الباحث تجاه الدين فلا يستطيع إبعاد العامل الديني وأثره في بناء الوعي الثوري خلال هذه الفترة من تأريخ الاسلام . فلم تكن ثورة أبي ذر ( رحمه الله ) وثورة الحسين ( عليه السلام ) إلا منطلقا لاتجاه واع لتصحيح الانحراف في تأريخ الإسلام . ورغم كل الانحراف الذي تعرض

له المسلمون على امتداد تأريخهم الطويل لم ينعدم في فترة من هذا التأريخ اتجاه ثوري قوي في إعادة الإسلام-

وحقوق الإنسان المسلم وكرامته. كما حررت العقيدة الاسلامية الإنسان من عادة " تأليه البشر

" ، كعبادة الملوك والأسر الحاكمة ، وهي عادة كانت سائدة عند بعض الأمم القديمة كالمصريين القدماء ، وقد أبطل الإسلام نظريات التمييز بين إنسان وآخر ، سواء على أساس الجنس أو اللغة أو اللون أو المال أو القوة ، ومقياس التفاضل ينحصر في أمور معنوية هي التقوى والفضيلة ، قال تعالى ( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير ). إن الإسلام يحتل الأسبقية بإعلان مبدأ الحرية قبل الثورة الفرنسية بأكثر من عشرة قرون . قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) في خطبة له : ( أيها الناس إن آدم لم يلد عبدا ولا أمة ، وإن الناس كلهم أحرار

. إلا أن الإسلام لم يجعل هذه الحرية الممنوحة للإنسان مطلقة ، بحيث يطلق العنان للإنسان ليفعل ما يشاء

، بل جعل للحرية ضوابط وكوابح حتى لا تؤدي إلى فوضى . ومن هنا يبرز الفرق الشاسع بين العقيدة الإسلامية التي تربط الحرية

الإنسانية بالعبودية لله تعالى والخضوع الواعي والطوعي لسلطته ، وبين القوانين الوضعية التي تلقي بالإنسان في تيه لا يتفق مع قدرته ولا مع طبيعته .

ومن هنا لا بد من توازن بين الحرية والعبودية ، وليس هناك توازن في هذا السبيل يطلق قدرات الإنسان ، ويحافظ على طبيعته في آن واحد ، إلا بما نجده في الإسلام ، عبودية لله ، وحرية من سائر العبوديات ، فلا تكتمل حرية العبد إلا بعبوديته لله . .

ولا تكتمل عبوديته لله إلا بتحرره من عبادة سواه ، فهنا توازن واتساق واضح بين الجانب الاجتماعي والجانب الإيماني في شخصية المسلم عن طريق الحرية كما يراها الإسلام

. وعلى ضوء ما تقدم ، فالعقيدة تقرر حقيقة أساسية هي أن جوهر الحرية الحقيقية ، هو العبودية لله ،

لأنها تعني التحرر من جميع السلطات الجائرة ، وليس في العبودية لله أي امتهان لكرامة الإنسان ، بل هي على العكس من ذلك تعزز شخصيته وتحافظ على مكانته ، فقد كان الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يتشرف بكونه عبدا لله ، ويحب أن يطلقوا عليه صفة " العبودية " ويرفض الغلو الذي قد يؤدي إلى التأليه الباطل ، كما حصل لأهل الكتاب على الرغم من التحذير الإلهي لهم من الغلو في أشخاص رسلهم ، قال تعالى ( يأهل الكتاب لا تغلوا في دينكم ولا تقولوا على الله إلا الحق إنما المسيح عيسى ابن مريم رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه . .. إن مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) تحارب فكرة تأليه البشر من خلال التركيز على صفة العبودية أحيانا . . قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) : ( أنا عبد الله وأخو رسوله وقال الإمام الرضا ( عليه السلام ) : ( بالعبودية لله أفتخر.

على أن فكرة تأليه البشر كانت سائدة في الأمم الأخرى ، وتسربت إلى أتباع الأديان السماوية فخالطت عقائد بعضهم ، فالمسيحية - على سبيل المثال - تدعي إلوهية المسيح ، واليهودية تزعم أن عزيرا ابن الله ! ومن هنا تبرز حكمة وبعد نظر الإمام علي ( عليه السلام ) في تركيزه على صفة العبودية ووقوفه بالمرصاد لكل دعوات الغلو التي نسبته إلى الربوبية ، جاء في الحديث : ( أنه أتى قوم أمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام فقالوا : السلام عليك يا ربنا ! فاستتابهم ، فلم يتوبوا ، فحفر لهم حفيرة ، وأوقد فيها نارا وحفر حفيرة إلى جانبها أخرى ، وأفضى بينهما ، فلما لم يتوبوا ، ألقاهم في الحفيرة ، وأوقد في الحفيرة الأخرى حتى ماتوا.

وفي هذا الصدد قال ( عليه السلام ) : ( هلك في رجلان : محب غال ، ومبغض قال

. ثانيا :

كما حررت العقيدة الإسلامية الإنسان المسلم من شهوات نفسه

بعدما ربطت قلبه بالله والدار الآخرة ، ولم تربطه بأهوائه ونزواته ،كما فعل جل المفكرين الغرب كماركس وفرويد وديكارت وغيرهم وكما يفعل عبادهم العلمانيين العرب

لقد زودت العقيدة عقل المسلم وإرادته بالحصانة الواقية من الانحراف أو إيثار العاجل الفاني على الآجل الباقي ، والنفس - في توجهات آل البيت ( عليهم السلام ) - هي منطقة الخطر ، لذلك تصدرت أولى اهتماماتهم . ومن هنا نجد أن حديث النفس وضرورة السيطرة عليها يحتل مساحة كبيرة من أقوال وحكم ومواعظ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، فلم يترك مناسبة إلا واغتنمها في الحديث عن النفس لكونها قطب الرحى في عملية بناء الإنسان . لقد أخبرنا الذكر الحكيم :. . بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ولذلك فإن ما يلفت نظر الباحث أن الإمام عليا ( عليه السلام ) - أيام حكومته العادلة - كان يوصي عماله على الأقاليم وكبار قادته بالسيطرة على النفس ، على الرغم من انتقائه الدقيق لهم ، وكون أكثرهم من ذوي الفضائل العالية والسجايا الحميدة ، فمن كتاب له ( عليه السلام ) للأشتر لما ولاه مصر : ( هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين ، مالك بن الحارث الأشتر . . . أمره بتقوى الله ، وإيثار طاعته . . . وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات . . . فإن النفس أمارة بالسوء ، إلا ما رحم الله . . . فاملك هواك ، وشح بنفسك عما لا يحل لك ، فإن الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت وأشعر قلبك الرحمة للرعية. ومن وصية له لشريح بن هانئ أحد قادته العسكريين ، لما جعله على مقدمة جيشه إلى الشام : ( . . . واعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحب ، مخافة مكروه ، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر ، فكن لنفسك مانعا رادعا .. ومن كتاب له ( عليه السلام ) كان قد وجهه إلى معاوية ، كشف له فيه عن سر تمرده على القيادة الشرعية ، المتمثل في انحرافاته النفسية ، فقال له : ( فإن نفسك قد أولجتك شرا ، وأقحمتك غيا ، وأوردتك المهالك ، وأوعرت عليك المسالك. فالانحراف النفسي له عواقب جسيمة ، وخاصة من الذين يتصدون لدفة القيادة بدون شرعية وجدارة .

وكان أهل البيت ( عليهم السلام ) مع عصمتهم المعروفة يطلبون من الله تعالى العون على أنفسهم ، تعليما وتهذيبا لغيرهم ، ومما جاء من دعاء الإمام زين العابدين ( عليه السلام ) : ( . . . وأوهن قوتنا عما يسخطك علينا ، ولا تخل في ذلك بين نفوسنا واختيارها ، فإنها مختارة للباطل إلا ما وفقت ، أمارة بالسوء إلا ما رحمت. ونستنتج من كل ذلك ، أنه لا يتم بناء الإنسان إلا بالسيطرة على النفس

ثالثا : إن العقيدة الإسلامية حررت الإنسان من عبادة الطبيعة ومن تقديس ظواهرها ، ومن الخوف منها ، يقول تعالى :

والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر . . . ). لقد مر الإنسان بمرحلة الحيرة والتساؤل والقلق من مظاهر الطبيعة من حوله ، فهو لا يعرف شيئا من أسرارها وأسباب تقلب أحوالها ، فأخذ يقدسها ويقدم لها القرابين بسخاء ، متصورا أنه سوف يأمن بذلك من ثورات براكينها الملتهبة وزلازلها المدمرة وسيولها الجارفة وصواعقها المحرقة ، فعملت العقيدة على تنقية العقول من غواشيها ، وفتحت الطريق أمامها واسعا لاستثمار الطبيعة والتسالم معها ، عندما رفعت ما كان من حجب كثيفة بين الإنسان والطبيعة ، وانكشف له بأن الطبيعة ومظاهرها وما فيها من مخلوقات وحوادث كلها صادرة عن الله تعالى ، وهي مخلوقات مسخرة لخدمته ، وما عليه إلا أن ينتفع بها ويتفكر فيها وبأصلها حتى يصل عن طريقها إلى الخالق ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت * وإلى السماء كيف رفعتوإلى الجبال كيف نصبت * وإلى الأرض كيف سطحت )

. ولا بد من الإشارة إلى أن منهج العقيدة في بناء الإنسان " منهج شمولي " ينظم علاقة الإنسان بنفسه وبربه وبالطبيعة من حوله ، وكل توثيق أو تطور في العلاقة بين الإنسان وربه فسوف ينعكس إيجابيا على علاقته مع الطبيعة المسخرة بيد الله تعالى ، فتجود على الإنسان المؤمن بالخير والعطاء ، لذلك طلب النبي " هود " ( عليه السلام ) من قومه - الذين ابتعدوا عن منهج السماء فحبس عنهم المطر ثلاث سنين وكادوا يهلكون - أن يستغفروا ربهم عما سلف من ذنوبهم ، وأن يتوبوا إليه بتصحيح مسيرتهم وتنظيم علاقاتهم مع الله تعالى ، وحينئذ سوف تنتظم علاقتهم مع الطبيعة فتجود بالمطر والخير ، قال لهم ( يا قوم استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا مجرمين ). وعليه فالعبادة الحقة ، يجب أن تكون لله وحده ، والخوف يجب أن يكون من الذنوب ، التي تثير سخط الله وتجلب انتقامه ، فيستخدم الطبيعة أداة للعقوبة ، كما أغرق الله فرعون باليم ، وأرسل الريح العقيم التي أهلكت قوم عاد ، وهكذا نجد أن أكثر العقوبات التي حلت بالكافرين قد نفذت بواسطة قوى الطبيعة ،

مما يكشف لنا العلاقة الترابطية بين الإنسان والطبيعة ،

وفي هذا الصدد يقول الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ( وجدنا في كتاب رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) . . إذا منعوا الزكاة منعت الأرض بركتها من الزرع والثمار والمعادن كلها

. ويقول ولده الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إذا فشا الزنا ظهرت الزلازل ، وإذا أمسكت الزكاة هلكت الماشية ، وإذا جار الحكام في القضاء أمسك القطر من السماء

. وجملة القول أن الخوف الإنساني يجب أن يتركز على الذنوب والخطايا التي تسبب تدمير المجتمعات ورفع البركات ، أما الخوف من الطبيعة والاعتقاد بأن بعض ظواهرها شرور لا تجتمع مع النظام السائد على العالم أولا وحكمته وعدله ثانيا ، فإنما هو ناشئ من نظراتهم الضيقة المحدودة إلى هذه الأمور ، ولو نظروا إلى هذه الحوادث في إطار النظام الكوني العام لأذعنوا بأنها خير برمتها ، فللوهلة الأولى تتجلى تلك الحوادث شرا وبلية ، ولكن المتعمق بها يرى أنها مدعاة إلى الخير والصلاح ، وأنها تكتسي لباس الحكمة والعدل والنظم ، وتفصيل فلسفة البلايا والشرور في العالم موكول إلى علم الكلام ،

ولكن فيما يتعلق ببحثنا

نعود ونؤكد بأن العقيدة الإسلامية أعادت صياغة عقل الإنسان تجاه الطبيعة المحيطة به ، بشكل يجعله أكثر حرية وتفاعلا وتسالما معها .

رابعا : تحرير الإنسان من الأساطير ومن الخرافة في الاعتقاد أو السلوك ، من أجل رفع الحواجز الوهمية التي تحول دون استخدام طاقة العقل على نحو سليم ، وكان الإنسان الجاهلي على سبيل المثال يتفاءل ويتشائم بحركات الطير ، فينطلق نحو العمل إذا اتجه الطير يمينا ، ويتراجع عن العمل إذا اتجه الطير شمالا ، وكانت طبقة الكهان والمنجمين تحتل موقع الصدارة في السلم الاجتماعي وتخدع الناس بادعائها علم الغيب ، وكان التطير يقيد الناس بحبال الوهم عن السعي والسفر ، وكذا كان الاستقسام بالأزلام ، إذ يأخذ من قصد عملا - ثلاثة سهام - ، يكتب على أحدها : " إفعل " وعلى الآخر : " لا تفعل " ويترك الثالث هملا ، ويمد يده ليأخذ أحدها ، فإن خرج الأول أقبل على عمله ، وإن أصاب الثاني توقف ، وإن خرج الثالث أعاد الكرة ! وكان السحر متفشيا بين الناس ينذر بشر مستطير ، فعملت العقيدة على محاربة هذه المظاهر ، وكانت سببا لتفتح العقول والسمو بالنفوس ، وإخراج الناس من ظلمات الوهم والخرافة إلى نور العلم والحقيقة . . قال الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : ( ليس منا من تطير ولا من تطير له ، أو تكهن أو تكهن له ، أو سحر أو سحر له

، وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أيضا : ( من ردته الطيرة عن حاجته فقد أشرك

. وقال الإمام الصادق ( عليه السلام ) قال : ( الطيرة على ما تجعلها ، إن هونتها تهونت ، وإن شددتها تشددت ، وإن لم تجعلها شيئا لم يكن شيئا.

من جانب آخر حررت العقيدة عقل المسلم من استنتاجات المنجم ، فاعتبرت المنجم كالكاهن ، كلاهما يسعيان إلى تقييد حركة الإنسان في الحياة والتلبيس على عقله . . عن عبد الملك بن أعين ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : إني قد ابتليت بهذا العلم - ويقصد التنجيم - فإذا نظرت إلى الطالع ورأيت طالع الشر جلست ولم أذهب ، وإذا رأيت طالع الخير ذهبت في الحاجة ؟ فقال لي : ( تقضى ؟ قلت : نعم . قال ( عليه السلام ) : أحرق كتبك

. ولا بد من التنويه إلى أن مدرسة آل البيت ( عليهم السلام ) الإلهية لا تعيب على النجوم كعلم طبيعي يتطلع الإنسان من خلاله على معالم السماء التي تظله ليصل من خلال ذلك إلى عظمة الخالق ، ولكن تعيب على البعض ادعاءه التوصل من خلالها إلى علم الغيب . ومن الشواهد ذات الدلالة لسعي آل البيت ( عليهم السلام ) على تحرير الإنسان المسلم من عادة التنجيم المستحكمة التي امتدت إلى عصور متأخرة ،

(ما قاله أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لبعض أصحابه لما عزم على المسير إلى الخوارج ، وقد قيل له : إن سرت يا أمير المؤمنين في هذا الوقت ، خشيت ألا تظفر بمرادك ، من طريق علم النجوم . فقال ( عليه السلام ) : ( أتزعم أنك تهدي إلى الساعة التي من سار فيها صرف عنه السوء ؟ وتخوف من الساعة التي من سار فيها حاق به الضر ؟ فمن صدقك بهذا فقد كذب القرآن ، واستغنى عن الاستعانة بالله في نيل المحبوب ودفع المكروه . . ثم أقبل ( عليه السلام ) على الناس فقال : أيها الناس ، إياكم وتعلم النجوم إلا ما

يهتدى به في بر أو بحر - إلى أن قال لهم –

سيروا على اسم الله

نم القسم الثاني





والله من وراء القصد.. وهو الهادي إلى سواء السبيل

اخوكم شهد الله

نور المستوحشين
31-10-2009, 01:26 AM
أثابكم الله وسدد خطاكم لمافيه الخير والصلاح

بانتظار المزيد من اطروحاتك

لقد تم دمج الجزئين ضمن موضوع واحد

تحياااتي نور...

شهيدالله
31-10-2009, 07:58 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة

جزاكم الله كل خير اختي الكريمة

شكرا وممنون لحضرتكم

وتعلمون ان العلم هو السبيل الوحيد للخروج من اسرالذات لان الجهل في حد ذاتة سجن والانسان بفطرتة جهولا(انة كان ظلوما جهولا))وخطورة الفكر العلماني انة يتسلل من خلال قنوات اسلامية واقلام ضعيفة فمن الصعب عليك متابعتها كلها لكثرتها وتشعبها وقد استغل الكتاب المتعنصرين العرب فقر المجتمع الاسلامي للثقافة التامةوالوعي باصول الاسلام ومناهجة وادابة نتج من قسوة الانظمة المستبدة وتضيعها للفكرالاسلامي الخلاق والاصيل وانتاج فكر الطاعة وفقة الامارة الذي استلب من الامة هويتها ولعل مذهب اهل البيت هو المنظومة الفكرية النقية من خلال خطي الشهادة واللاجتهاد خطي الحسين ع والمرجعيةالمباركة
ومع الاسف تشاهد الكثير من شبابنا المؤمن هو متاثر بكتاب واقلام عولمية تتجة ضد الدين بشكل او باخر
ان الوجة الظاهري لتردي المسلمين هو تخلفهم الاقتصادي والسياسي والعسكري انما الحقيقة ان تخلفهم هو التخلف الثقافي الذي كان اضافة للسلطات الظالمة هوايضا نتيجة الاستبدال القران بثقافة الامم الاخرى

شكرلكم وجعلة الله في ميزان حسناتكم

شهيدالله
31-10-2009, 08:02 PM
القسم الثالث


بناء فكر الإنسان .

للعقل مكانة كبيرة في الدين الإسلامي ، فهو أصل في التوصل إلى الاعتقاد الصحيح ، وهو دليل من أدلة الاجتهاد ، قال الرسول الأكرم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( . . ولكل شئ دعامة ، ودعامة الدين العقل )
. ومن جانب آخر يشكل العقل دعامة الإنسان المؤمن ، قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) :
( من كان له عقل كان له دين ، ومن كان له دين دخل الجنة
.
وقد بلغت النصوص التي تتناول التنبيه إلى دور العقل المئات ، ومن خلال نظرة عامة إلى هذه النصوص نكتشف أن مشروع الإسلام في إعطاء العقل دوره الحقيقي قد جاء على مرحلتين ، فهو يبتدئ بتحرير العقل ، ثم ينتقل إلى توجيه طاقاته . تحرير العقل : هذه الخطوة الأولى من خطوات المشروع الإسلامي المذكور نكتشفها في النصوص التي توجهت إلى نبذ القيود التي تقيد العقل وتمد من نشاطه الحقيقي ، وتقوده إلى أخطاء خطيرة بسبب ذلك . . وهذا ما نجده في نموذجين بارزين : الأول : نبذ التقليد الأعمى : وأمثلته في القرآن الكريم كثيرة جدا ، نقرؤها في سور متعددة ومشاهد متعددة
فبينما كان يؤكد افتقارهم إلى أدنى حجة ذات قيمة في ما يعتقدون من عبادة الأوثان والعقائد الزائفة ، ركز على أن كل ما يمتلكونه من حجة هو أنهم وجدوا آباءهم على ذلك ، فتمسكوا به بل قالوا إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مهتدون ثم يؤكد أن هذا هو ديدن هذا الصنف من الناس الذي أغلق على ذهنه المنافذ وكذلك ما أرسلنا من قبلك في قرية من نذير إلا قال مترفوها إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون ). وهكذا يسوق مقولتهم هذه مرتين في آيتين متتابعتين ليجسد ما تنطوي عليه هذه المقولة من تهافت ، وما يغيب فيه هؤلاء من جهل متجذر موروث لا يصغي لدعوة حق ولا لبرهان ساطع بل ليس لديهم أكثر من ترديد مقولتهم تلك
( أجئتنا لتلفتنا عما وجدنا عليه آباءنا
حتى لو جاءهم متحديا لما وجدوا عليه آباءهم مبينا فساده
قال أولو جئتكم بأهدى مما وجدتم عليه آباءكم
؟ حتى مع مثل هذه الاستثارة لا يبحثون عن برهان ، ولا يفتحون نافذة للنظرة ، بل وقفوا دائما بتحجرهم الأول ، و قالوا إنا بما أرسلتم به كافرون و ( قالوا حسبنا ما وجدنا عليه آباءنا! ! ويكرر القرآن النكير على هؤلاء في مواضع آخر ، لأنه إنما يواجه في مشروعه المعرفي نظريات استحكمت وترسخت لدى أمم متتابعة ، لا يستبعد أن يكون لها امتداد في مستقبل الأمم أيضا . . فلقد تجاوزت هذه النظرية حدود المعارف والمعتقدات إلى السلوك والمعاملات ( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا ).
و ( قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون )!
! بعد هذا يبين القرآن الكريم الجزاء الذي ينتظر قوما مضوا على هذا النهج ، مثيرا الأذهان إلى ضرورة الحذر من نهج كهذا .
( فانتقمنا منهم فانظر كيف كان عاقبة المكذبين )
. توجيه طاقة العقل بعد أن حررت العقيدة الإسلامية العقل من القيود التي تأسره ، أطلقته إلى أمام وهي توجه طاقاته من خلال الالفات والتدبر في الكون والحياة ، من أجل بناء متكامل دينا ودنيا . . ويمكننا أن نشير إلى مجموعات من آيات الذكر الحكيم توجه العقل إلى آفاق رحيبة متعددة ، منها : أولا : التدبر في آيات الله تعالى في الآفاق وفي الأنفس : قال تعالى :
( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار (
وفي الأرض آيات للموقنين وفي أنفسكم أفلا تبصرون ) ( قل انظروا ماذا في السموات والأرض . . ) ( فلينظر الإنسان مم خلق ) ( فلينظر الإنسان إلى طعامه ) ( أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإلى السماء كيف رفعت وإلى الجبال كيف نصبت وإلى الأرض كيف سطحت فذكر إنما أنت مذكر. ومما يلفت النظر عناية القرآن بذكر مشاهد الكون عناية كبيرة من خلال تكرار عرضها في أكثر من سورة ، عرضا متنوعا ، ودعوته الإنسان بإلحاح إلى النظر والتأمل فيها ، والتفكر في مجرى حوادثها ، والأهم من ذلك كله جعل هذا الكون منطلقا للوصول إلى الله تعالى خالقه ومبدعه . وقد ورد عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه كان يقرأ ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار ) ، ويقول : ( ويل لمن قرأها ولم يتفكر فيها )
وفي رواية أخرى :
( ويل لمن لاكها بين فكيه ولم يتأملها )
. وعن الإمام علي ( عليه السلام ) : ( أن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) كان إذا قام من الليل يتسوك ثم ينظر إلى السماء ثم يقول ( إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب * الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار )
. وقد سلك الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) طريق الاستدلال على وجود الله تعالى من خلال التأمل العقلي في الكون وما فيه من نظم دقيق وتناسق بديع ، وهو الدليل الذي أطلق عليه المتكلمون " دليل النظم " . قال أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) ( ولو فكروا في عظيم القدرة ، وجسيم النعمة ، لرجعوا إلى الطريق ، وخافوا عذاب الحريق ، ولكن القلوب عليلة ، والبصائر مدخولة ، ألا ينظرون إلى صغير ما خلق ، كيف أحكم خلقه ، وأتقن تركيبه ، وفلق له السمع والبصر ، وسوى له العظم والبشر ! انظروا إلى النملة في صغر جثتها ، ولطافة هيئتها لا تكاد تنال بلحظ البصر ، ولا بمستدرك الفكر ، كيف دبت على أرضها وضنت على رزقها . . . ولو فكرت في مجاري أكلها ، وفي علوها وسفلها ، وما في الجوف من شراسيف بطنها ، وما في الرأس من عينها وأذنها ، لقضيت من خلقها عجبا ، ولقيت من وصفها تعبا . . . فانظر إلى الشمس والقمر ، . . . وتفجر هذه البحار ، وكثرة هذه الجبال وطول هذه القلال ، وتفرق هذه اللغات والألسن المختلفات . . فالويل لمن أنكر المقدر ، وجحد المدبر ، زعموا أنهم كالنبات ما لهم زارع ، ولا لاختلاف صورهم صانع ، ولم يلجؤوا إلى حجة فيما ادعوا ، ولا تحقيق لما أوعوا . . وهل يكون بناء من غير بان ، أو جناية من غير جان !
. ومن ناحية أخرى يثير القرآن الكريم في الأذهان دواعي التفكر الجاد والمثمر في ما يعرضه من معارف ، فمرة بصيغة الاستفهام الاستنكاري ، كقوله تعالى ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا )
. ومرة بصيغة النفي للتصورات الساذجة ، كقوله تعالى
( وما خلقنا السموات والأرض وما بينهما لاعبين * ما خلقناهما إلا بالحق ولكن أكثرهم لا يعلمون )
والمعروف أن مدرسة أهل البيت ( عليهم السلام ) تجعل التفكر في ملكوت السماوات والأرض عبادة ، بل أفضل عبادة ، يقول الإمام الصادق ( عليه السلام ) :
( أفضل العبادة إدمان التفكر في الله وفي قدرته
وكان أتباع هذه المدرسة العالية وتلامذتها يكثرون من هذه العبادة الفكرية التي تسهم بصورة فعالة في بناء الإنسان وإيصاله إلى مراتب عرفانية عالية . فعلى سبيل المثال ، كانت أكثر عبادة أبي ذر ( رحمه الله ) والاعتبار وقد سئلت أم أبي ذر عن عبادة أبي ذر فقالت : " كان نهاره أجمع يتفكر في ناحية من الناس
. وينبغي معرفة أن النظرة العامة إلى الوجود التي يرشد إليها الثقلان - القرآن والعترة - هي الأصل الذي تنبثق منه جميع نظرات الإنسان الفكرية واتجاهاته السلوكية ، وهي الأساس في اختلاف الحضارات والثقافات .
ثانيا : النظر في سنن التاريخ :

حيث دعتنا العقيدة إلى تأمل أحداث التاريخ بنظر ثاقب ، وفكر فاحص ، وصولا إلى العوامل التي كانت سببا في تدهور المجتمعات ، وسقوط الحضارات ، أو نموها ، قال تعالى ( قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة المكذبين )
. وقال تعالى ( ألم يروا كم أهلكنا من قبلهم من قرن مكنهم في الأرض ما لم نمكن لكم وأرسلنا السماء عليهم مدرارا وجعلنا الأنهر تجري من تحتهم فأهلكناهم بذنوبهم وأنشأنا من بعدهم قرنا آخرين ). وقال تعالى ( ولقد أهلكنا القرون من قبلكم لما ظلموا وجاءتهم رسلهم بالبينات وما كانوا ليؤمنوا كذلك نجزي القوم المجرمين ) . إنها دعوة تلح على الناس أن يحركوا عجلة عقولهم ، وينظروا في تاريخ من قبلهم ، حتى لا يكونوا كالقطيع التائه يسير بلا راع نحو المجهول ،
وهي دعوة ذات منهج مرسوم من أجل الاستفادة من تجارب الحضارات السابقة ودراسة أسباب سقوطها ، لا سيما وأن التاريخ يعيد نفسه قال تعالى ( سنة الله في الذين خلوا من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا ) ولا بد من التنويه على " أن دور الدين ومسؤوليته في حياة الإنسان هو إيجاد جو من الملائمة والانسجام بين سلوك وتفكير الإنسان وبين سنن الله تعالى في الحياة ، وتحويل مجرى حياة الإنسان إلى تيار هذه السنن الإلهية التي جعلها الله نظاما لخلقه وتكوينه في هذا الكون. فالدين يوجه فكر الإنسان إلى النظرة العميقة والهادفة ، وبطبيعة الحال هناك فرق كبير بين النظرة السطحية الساذجة للحياة والتاريخ ، وبين النظرة العميقة والمتفحصة التي لا تقتصر على ملاحظة الشئ أو الحدث ، وإنما تنفذ إلى أعماقه ، وترصد لوازمه ودلالاته بغية استنباط السنة التاريخية التي تنطبق عليه ، فعلى سبيل المثال يمر السائح على أهرامات مصر ، فينبهر لروعة بنائها ، وشدة ارتفاعها ، ويتمتع بمنظرها وينتهي كل شئ . أما المفكر الواعي المتسلح بالعقيدة ، فعندما يمر عليها ، ترتسم في ذهنه عدة تساؤلات : عن قدرات الإنسان ، وعن الظلم الذي كان سائدا آنذاك من خلال تسخير الفراعنة لأعداد كبيرة من الناس للعمل في بناء هذه الأهرامات ، وما لا قوه من العناء والتعب وصنوف التعذيب ، كما يستنتج ما تنطوي عليه فكرة الفراعنة الخاطئة عن الموت والبعث ، بل يتزود المؤمن الوعي بعد تلك المعارف بالعبرة النافعة وهو يشاهد خرائبها فيتسائل في نفسه ، أين ساكنيها وما مصيرهم ؟ من أجل ذلك يرشد آل البيت ( عليهمالسلام ) إلى أهمية الملاحظة الواعية والنظرة العميقة التي لا تقتصر على ظواهر الأمور ، بل تنفذ إلى الأعماق ، وما تنطوي عليه من أبعاد ، ودلالات تضمنية أو التزامية . فعن الحسن الصيقل ، قال : قلت لأبي عبد الله ( عليه السلام ) : تفكر ساعة خير من قيام ليلة ؟ قال ( عليه السلام ) : ( نعم ، قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : تفكر ساعة خير من قيام ليلة. ولما مر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) بخرائب المدائن ، أعطى لأصحابه درسا حول العبرة من التأريخ ، قال ( عليه السلام )
: ( إن هؤلاء القوم كانوا وارثين ، فأصبحوا مورثين ، وإن هؤلاء القوم استحلوا الحرم فحلت فيهم النقم ، فلا تستحلوا الحرم فتحل بكم النقم.
وقال ( عليه السلام ) : ( فاعتبروا بما أصاب الأمم المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته ، ووقائعه ومثلاته . .
وذهب الإمام علي ( عليه السلام ) إلى أبعد من ذلك ، عندما أشار إلى أن السنة التأريخية تنطبق على الجميع ، في كل مكان وزمان ، ولا تقتصر على تدمير الكافرين والمستكبرين ، بل تطال المؤمنين أيضا ، إذا لم يلتزموا - عمليا - بالمنهج الإلهي في الحياة ، وإذا حادوا عن جادة الصواب وذلك حين تختلف الكلمة وتسود الفرقة ، وفي هذا الصدد يقول ( عليه السلام ) :
( وتدبروا أحوال الماضين من المؤمنين قبلكم ، كيف كانوا في حال التمحيص والبلاء . . فانظروا كيف كانوا حيث كانت الأملاء مجتمعة والأهواء مؤتلفة . فانظروا إلى ما صاروا إليه في آخر أمورهم حين وقعت الفرقة ، وتشتتت الألفة ، واختلفت الكلمة والأفئدة ، وتشعبوا مختلفين ، وتفرقوا متحاربين ، قد خلع الله عنهم لباس كرامته ، وسلبهم غضارة نعمته ، وبقي قصص أخبارهم فيكم عبرا للمعتبرين )

. وكان من جملة وصيته الذهبية لابنه الحسن ( عليه السلام ) يحثه على التفكر في أحوال الأمم الماضية ، وهو ما يسمى اليوم ب‍ " فلسفة التأريخ "
: ( أي بني إني وإن لم أكن عمرت عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في أعمالهم ، وفكرت في أخبارهم ، وسرت في آثارهم ، حتى عدت كأحدهم ، بل كأني بما انتهى إلي من أمورهم قد عمرت مع أولهم إلى آخرهم . .
تم القسم الثالث

شبل الامام السيستاني
31-10-2009, 11:09 PM
شكرا لكم على الموضوع
الجميل بارك الله بكم
ندعوا من الله الموفقية لكم

شهيدالله
01-11-2009, 10:12 PM
جزاكم الله كل خير اخي الغالي