المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الدكتور الفضلي في حوار خاص عن سيرته الذاتية


عاشق الزهراء
07-09-2008, 02:19 PM
الدكتور الفضلي في حوار خاص عن سيرته الذاتية منقول للفائدة
http://www.taklef.com/filemanager.php?action=image&id=897













عاش الدكتور عبد الهادي الفضلي -حفظه الله- تجربة رائدة، جمع فيها بين الحياتين العلميتين: الحوزوية والأكاديمية، وبين التنظيمية الحزبية والثقافية العامة، وبين اللقاءات العامّة والجوّ البحثي، وبين التأليف التخصّصي والمقرّرات الدراسية.

ويعدّ من أبرز العلماء المثقفين الموسوعيين الذين قدموا للأمة الإسلامية عطاءات فكرية واسعة، تنهض بواقعها الثقافي والعلمي.

وتجربة كهذه حريٌّ بالأمة أن تستفيد منها، ومن واقع تجربتها الشخصية والعامّة، ومن عطائها العلمي، ومن نضالها وحراكها الفكري والثقافي.

وإيمانًا بقيمة التجربة التي خاضها سماحة العلاّمة الدكتور الفضلي، عزمتُ على وضع مجموعة من الأسئلة بخصوص تجربته الخاصّة آملًا أن أجد الطريق إلى إجابتها من سماحته، نظرًا لما يعانيه من ظروف صحّية ألمّت به بعد إصابته بالجلطة الدماغية الثانية، التي نسأل الله تعالى أن يمنّ عليه بالشفاء مما أصابه بسببها. وهي ظروف تمنعه إلى الآن من استقبال الزائرين.

وقد طلبتُ من ابنه الأستاذ فؤاد طرح هذه الأسئلة على سماحة الشيخ، فأبدى استعداده لذلك وطرح الموضوع على سماحة الشيخ، فوفِّقْتُ لذلك، فالشكر موصول للأستاذ فؤاد على ما بذله من جهد في تدوين أجوبة الشيخ الشفهية ثم صياغتها وتحريرها، وكذلك على جميل تعاونه طوال هذه المدّة التي امتدّت أكثر من شهرين.

والأسئلة التي أنشرها وضعتها كجزء أول خصّصته للحديث عن حياته الخاصّة، آملًا أن أوفَّق لإنجاز الجزء الثاني الذي سيكون عن مجمل نتاجه الفكري والثقافي.

والأسئلة تبدأ من رحلة الشيخ من البصرة إلى النجف الأشرف للالتحاق بالحوزة العلمية فيها في العام 1364ﻫ إلى 1428ﻫ، وقد تكون الإجابات ـ في معظمها ـ مختصرة، وذلك نظرًا للظرف الصحي للشيخ، نسأل الله أن يمنّ عليه بالصحة والشفاء العاجلَين.

الوصول والاستقرار في النجف

1. ذكر ابنكم العزيز الأستاذ فؤاد في دراسته المنشورة عنكم في عدد الكلمة «55» المخصّص عن جهودكم الإصلاحية أن بداية تعرفكم إلى الشيخ محمد أمين زين الدين «ره» كان في البصرة، وذلك بحكم العلاقة الوثيقة التي تربط والدكم الشيخ الميرزا «ره» بالشيخ زين الدين، وبعد أن توجهتم إلى النجف سكنتم ـ مؤقّتًا ـ في غرفة الشيخ زين الدين في مدرسة الآخوند الوسطى، ويذكر أنكم استفدتم من مكتبته «زين الدين» في هذه الغرفة خلال فترة سكناكم فيها، ثم حضرتم عنده درسًا خاصًّا في العقائد في يومي الخميس والجمعة، ثم انتقلتم إلى مدرسة وغرفة أخرى، إلى أين انتقلتم؟

كان سكني في البداية مع الشيخ عبد الحميد السلمان العلي حيث استأجرنا غرفتين في بيت في حيّ العمارة، واستمر ذلك لمدة عام تقريبًا. ثم استأجرت بيتًا صغيرًا في حيّ العمارة لمدة قصيرة «أشهر»، انتقلت بعدها لغرفة في مدرسة الجزائري لمدة قصيرة كذلك. ثم انتقلت إلى غرفة مشتركة مع الشيخ كاظم الحلفي في مدرسة الخليلي لمدة شهر، وبعدها تزوجت وأحضرت العائلة من البصرة واستأجرت مؤقتًا بيتًا صغيرًا في حيّ العمارة. وانتقلت بعدها لمدة بضعة أشهر -كانت خلالها العائلة في البصرة- إلى غرفة الشيخ محمد أمين زين الدين بمدرسة الآخوند الوسطى. وبعدها أحضرت العائلة مرة أخرى من البصرة وسكنت في دار صغيرة.

وقد استفدت كثيرًا من مكتبة الشيخ محمد أمين زين الدين العامرة خلال وبعد إقامتي في غرفته بمدرسة الأخوند.

2. هل سكناكم في هذه المدرسة وتعرفكم إلى الشيخ زين الدين له علاقة بتلمذتكم على الشيخ علي زين الدين في بدء تواجدكم في النجف؟ وهل للشيخ علي علاقة نَسَبِيَّة بالشيخ محمد أمين زين الدين؟

الشيخ علي هو أخو الشيخ محمد أمين، نعم كانت العلاقة مع الأخوين سببًا في دراستي على يدي الشيخ علي زين الدين الذي أفدت من تتلمذي عليه كثيرًا لأنه كان من مدرسي الحوزة النجفية المميزين.

3. فيما أتذكره أنكم ـ في بدء ذهابكم إلى النجف ـ حاولتم التعرّف إلى المستوى العلمي لمدرسي النجف، فحضرتم بعض الدروس التي درستموها في البصرة على سماحة الوالد «ره»، ولم تجدوا هناك ما يضاف على ما استفدتموه في دراستكم على الوالد، هل كان مستوى مدرسي الحوزة في تلك الفترة ضعيفًا حسب تقييمكم؟

لا، على العكس، كان مستوى الدراسة قويًّا، ولكن أحببت أن أرى مدى استفادتي من الدروس التي درستها في البصرة وكذلك لتقوية حصيلتي العلمية في كتب المقدمات التي درستها في سن مبكرة.

4. كيف كنتم تقضون أوقاتكم في السنوات الأولى من دراستكم النجفية؟ ومن هم أصدقاؤكم؟ وكيف تعرفتم إلى أكثرهم؟

كنت أقضي أكثر وقتي في المكتبات، ومنها مكتبة الشيخ كاشف الغطاء، ومكتبة الحسينية الشوشترية، ومكتبة أمير المؤمنين .

أما الأصدقاء الذين تكونت علاقة معهم فكان منهم في البدايات الأولى كل من الشيخ الآصفي، والشيخ جعفر الهلالي، والشيخ كاظم الحلفي، والشيخ مهدي السماوي، والشيخ باقر بوخمسين، والسيد حسين الخرسان، وكثير من العلاقات الأخرى مع الطلبة العرب والإيرانيين، وتكونت هذه العلاقات من خلال الزمالة في الدرس والحضور في مجالس العلماء والمشاركة في الأنشطة الثقافية والمهرجانات.

وكذلك كنت أقضي بعض الأوقات في «البرّانيات» وهي مجالس علمية وأدبية في بيوت العلماء، وكانت البداية في مجلس الشيخ باقر بوخمسين ومجلس الشيخ محمد أمين زين الدين.

5. ما نسمعه منكم أن زميلكم في غرفة المدرسة الحوزوية هو سماحة العلاَّمة الشيخ محمد مهدي الآصفي، كيف تعرفتم إليه، ومنذ متى زاملكم في الغرفة؟

لا، لم يكن زميلًا في السكن، وإنما تعرفت إلى أخينا العزيز الشيخ الآصفي من خلال المشاركة معًا في الأنشطة الثقافية النجفية، والزمالة في حضور أبحاث السيد الخوئي «قده» في الأصول والفقه، ثم من خلال العمل معًا في النشاطات الفكرية والثقافية لحزب الدعوة بعد أن كنت دعوته للانضمام للحزب. وقد استمرت العلاقة معه بوثاق قويٍّ من الصداقة والأخوة على مدى سنين طويلة.

زملاء الدراسة والعمل الجمعي

6. كيف تعرفتم إلى بقية الزملاء؟ هل كانوا زملاء دراسة في أغلبهم؟ فكيف تعرفتم ـ مثلًا ـ إلى: السيد فضل الله، والشيخ شمس الدين؟ والسيد مهدي الحكيم؟ والسيد محمد باقر الحكيم؟ والشيخ الدكتور أحمد الوائلي؟ والأستاذ محمد صادق القاموسي؟

السيد فضل الله والشيخ شمس الدين: من خلال حزب الدعوة وأسرة تحرير الأضواء والنشاطات الثقافية في منتديات النجف ومدن العراق الأخرى.

السيد مهدي الحكيم: بدأت العلاقة من خلال اتصالنا بوالده المرجع السيد محسن الحكيم فيما يتعلق بشؤون المرجعية، فقد كان هو حلقة الوصل مع المرجع، ثم تطورت وقويت من خلال العمل معًا في تأسيس حزب الدعوة ونشاطاته لاحقًا.

السيد محمد باقر الحكيم: من خلال العمل معًا في حزب الدعوة والزمالة في حضور بحث السيد الخوئي.

الشيخ الوائلي: كانت العلاقة الأولى من خلال منتديات النجف الأدبية والعلمية، ثم تنامت بعد أن دعوته للانضمام إلى حزب الدعوة واستجاب ولكنه أبدى رغبة بعدم التظاهر بالانتماء للحزب، وأذكر أنه ساعدنا في شراء آلة الطباعة «نوع رينو» لطبع نشرات الحزب وقد وضعناها في بيت السيد عدنان البكاء. ثم قويت وتعمقت علاقتنا في كلية الفقه وأثناء التحضير للدكتوراه في القاهرة.

الأستاذ محمد صادق القاموسي: من خلال التعارف والعلاقة الأخوية الصادقة.

7. كيف تعرفتم ـ في تلك الفترة ـ إلى الشهيد الصدر؟

المعرفة الأولى كانت بسيطة في الكاظمية، من خلال زياراتنا مع الوالد، ثم في النجف من خلال مجلس خاله الشيخ محمد رضا آل يس، ثم قويت كثيرًا وتعمَّقت بفعل العمل في تأسيس حزب الدعوة، وحضورنا لدرسه الأسس الإسلامية، وأنشطة الحزب العلمية والثقافية...

8. وُجِدَتْ في هذه الفترة عدد من المجموعات، كنتم أعضاء في بعضها، ففي هذه الفترة كانت توجد جمعية الرابطة الأدبية ـ التي تأسست منذ العام 1351ﻫ، وقد كنتم من منتسبيها، متى انتسبتم إليها؟ وكيف؟

دعاني للانتساب إليها السيد محمد بحر العلوم، وانتسبت بعد انتقال مقرها في «الجديدة»، ثم عينت سكرتيرًا للجمعية، وكان يرأسها يومئذٍ الشيخ محمد علي اليعقوبي.

9. وبالإضافة إلى جمعية الرابطة الأدبية، كنتم أعضاء في جماعة العلماء برئاسة الشيخ مرتضى آل ياسين، التي قد تشكلت سنة 1379ﻫ، وكنتم من أعضاء هيئة تحرير مجلة الأضواء، كيف تمّ اختياركم؟

لم أكن عضوًا في جماعة العلماء وإنما كنا نلتقي ونعمل مع أعضائها الأفاضل.

وبخصوص عضوية تحرير مجلة الأضواء فقد دعاني لها السيد الشهيد محمد باقر الصدر.

10. وكان ـ بالإضافة إلى هاتين الجمعيتين ـ هناك جمعية منتدى النشر، هل انتسبتم إلى هذه الجمعية؟ وما هو الدور الذي مارستموه فيها؟

انتسبت إليها قبل أن تفتح كلية الفقه مع الشيخ مهدي السماوي ودعانا لها مؤسِّسها الشيخ محمد رضا المظفر. والدور الذي كنا نقوم به هو حضور الاجتماعات والتحضير لمهرجانات المناسبات والمشاركة في بعض منها، ثم مارست التدريس في مدارس المنتدى المتوسطة والثانوية بعد افتتاحها مباشرة، وأمضيت في التدريس بهذه المدارس حوالي التسع سنوات حتى تخرجي في كلية الفقه، أي مدة خمس سنوات قبل افتتاح الكلية ومدة أربع سنوات خلال دراستي في كلية الفقه.

11. وهل هناك جمعيات أخرى انضممتم إليها غير ما ذكرناه أعلاه؟

لم أنتسب لجمعيات أخرى، ولكن أحبّ أن أذكر هنا جمعيتين كانتا تعملان بنشاط في الساحة النجفية هما:

- جمعية التحرير الثقافي: يرأسها الشيخ عبد الغني الخضري ومجلتهم «النشاط الثقافي» ويقيمون احتفالات ومهرجانات وكذلك تتبع الجمعية مدرسة نظامية.

- جمعية القرآن الكريم: ويرأسها الشيخ محمد رضا الحساني.

12. ما هو الدور الذي قُمتم به في هذه الجمعيات؟ هل كان دورًا مقتصرًا على الجانب الثقافي والعلمي فقط؟

في الرابطة الأدبية: كنا نقيم الاحتفالات والمؤتمرات والأمسيات الأدبية.

في جمعية المنتدى: شاركت في تحرير مجلة «البذرة» التي كانت تصدر من المدرسة المتوسطة والثانوية تعلم طلابها على الكتابة، ثم في مجلة «النجف» التي تصدرها كلية الفقه، ومما أذكره من نشاطات أقامتها الجمعية إقامة أسبوع الإمام علي «علي» وطبعت خلاله على مدى سنوات كتب «المجازات النبوية» و«مجازات القرآن» للشريف الرضي وجزء من كتاب «تذكرة الفقهاء» للعلامة الحلي، وكذلك كنا نشارك في إحياء جميع المناسبات باحتفالات تقام في مقر الجمعية.

وكذلك شاركنا في استقبال الوفود القادمة إلى النجف واصطحابهم في برامج زيارتهم المعدَّة سلفًا.

13. كان ـ بالتأكيد ـ لهذه المجموعات أثر في تعرفكم إلى بعض الشخصيات الفاعلة في ذلك الوقت، مَن هم أبرز هذه الشخصيات؟

في منتدى النشر: الشيخ محمد رضا المظفر والسيد محمد تقي الحكيم.

وفي الرابطة: السيد محمد بحر العلوم والشاعر السيد مصطفى جمال الدين والشيخ الوائلي ... وآخرين من الأفاضل الأعزاء.

14. وربما يكون أهم ما استفدتموه منها هو المشاركة في الفِعل والحراك الثقافيين في تلك الفترة، ما هي الإضافة النوعية التي أضافها انتماؤكم إلى هذه المجاميع الثقافية؟

شاركت فيما قُدِّر لي من كتابات ومحاضرات وندوات.

الدراسة والحياة الشخصية والعملية

15. ذهبتم إلى النجف، وَلَـمَّا تنهوا بعض كتب المقدّمات، وقد أنهيتم هذه المرحلة، ثم أنهيتم مرحلة السطوح، لتنتقلوا إلى مرحلة البحث الخارج، كم أمضيتم في النجف الأشرف حتى حضرتم أبحاث الخارج؟

كنت أنهيت دراسة المقدمات في البصرة، وإنما حضرت بعض دروس المقدمات التي كنت قد درستها للنظر والبحث عن جديد فيها أضيفه لحصيلتي العلمية، وأخذت في ذلك أشهر معدودة، ثم بدأت في حضور دروس مرحلة السطوح: المعالم والكفاية والرسائل واللمعة وعلم الكلام والفلسفة وأنهيتها في مدة أربع إلى خمس سنوات.

16. في هذه الفترة تزوجتم، هل كان الزواج بعد إنهاء مرحلة معينة «السطوح مثلًا»؟

بعد إنهاء المقدمات وبدايات مرحلة السطوح.

17. في الفترة التي لم تلتحقوا فيها بكلية الفقه وتمارسوا التدريس بعد، لم تكونوا تقبضون من الحقوق الشرعية «الخمس»، كيف كنتم تعتاشون في هذه الفترة؟

قبضت راتبًا من الحقوق لفترة قصيرة في بداية التحاقي بالنجف، ثم وبعد أن مارست التدريس في مدارس منتدى النشر واستلام راتب شهري توقفت عن أخذ الحقوق الشرعية.

18. ما أتذكره هو حديثكم عن تعاونكم مع بعض دور النشر، حيث كنتم تعملون كمدقق لغوي على مطبوعات هذه الدور، هل كنتم في هذه الفترة تعتاشون مما تحصلون عليه مقابل هذه المهمّة؟

كانت هذه الأعمال تساعدني في البداية مع راتب الحقوق الذي كان قليلًا جدًّا، ثم مع راتب التدريس بالمنتدى.

19. حسبما أشرتم له في إحدى مذكراتكم اليومية أنه في الخميس 19 رجب 1378ﻫ الموافق لِـ 29 كانون الثاني 1959م افتتحت كلية الفقه، لتبدأ الدراسة يوم السبت الذي يليه، الموافق لِـ 31 كانون الثاني، وهذا يعني أنكم التحقتم بكلية الفقه بعدما قطعتم شوطًا في الدراسة الحوزوية، هل كنتم تحضرون دروس البحث الخارج في هذه الفترة؟

كان دخولي للكلية متقاربًا مع حضوري للبحث الخارج.

20. في هذه الفترة «1378ﻫ/ 1959م» حصلت في العراق العديد من الأحداث، ففي هذه الفترة كانت بداية تشكل حزب الدعوة، وقريب من ذلك تشكلت جماعة العلماء، التي انبثقت منها مجلّة الأضواء، كما أنه في هذا العام أصدر المرجع الديني في ذلك الوقت السيد محسن الحكيم «ره» فتواه ضد الشيوعية «17 شعبان 1379ﻫ»، كما أنه للتوّ حدث انقلاب 14 تموز 1958 وجاء عهد الجمهورية العراقية، كيف كنتم تعيشون هذه الفترة ذات الأحداث المتلاحقة والمهمّة؟

كنت أشارك بما أستطيع في العمل الإسلامي بجانبه التوعوي والثقافي من خلال المؤسسات التي أشرت إليها في معرض سؤالك. وهي كما ذكرت فترة مخاض فكري وصراع سياسي أحدثت بما حملته من تحديات نقلة كبيرة في الساحة الإسلامية بالعراق فكرًا ونتاجًا وصمودًا، وكان للعاملين المجاهدين دورٌ كبيرٌ في هذه النقلة، واستطاعوا تربية جيل جديد يحمل الثقافة الإسلامية ويناضل في سبيل إعلاء كلمة الله تعالى.

21. بعد أن تخرجتم في كلية الفقه، عملتم في التدريس في الثانويات العراقية العامّة، كما أنكم قمتم بالالتحاق بالكادر التدريسي لكلية الفقه، حيث رأستم هناك قسم اللغة العربية، كيف وفقتم بين هاتين الوظيفتين؟

لم أمارس التدريس في الثانويات العراقية العامة، وإنما قبل وخلال دراستي في كلية الفقه كنت أدرس في ثانوية منتدى النشر، ثم بعد تخرجي في الكلية عُيِّنتُ معيدًا وبدأت التدريس في الكلية.

الدكتور الفضلي المؤلف

22. يعدّ كتابكم «مشكلة الفقر» أول ما نشرتم من مؤلفاتكم ككتاب مستقل، وإلا فإن هناك بحثًا لكم نشرتموه عن الشاعر الدمستاني، كرسالة بكالوريوس في سنة تخرجكم في كلية الفقه 1382ﻫ/ 1962م، وقد طبع «مشكلة الفقر» طبعته الأولى سنة 1382ﻫ/ 1962م، أي في عام تخرجكم نفسه، ولكني عندما رجعتُ إلى كتاب التربية الدينية في طبعته الثالثة سنة 1387ﻫ/ 1967م، وجدتُ أنكم تذكرون في المقدّمة أنكم جربتم تدريسه لمدّة سبع سنوات، ما يعني أنه طبع ـ أولًا ـ سنة 1380ﻫ/ 1960م، ومن ثمَّ يكون التربية الدينية هو أول كتاب طبع لكم، إلا أن يكون كتاب التربية الدينية دُرِّس في مدارس جمعية منتدى النشر دون أن يكون مطبوعًا بشكل رسمي، فيكون «مشكلة الفقر» طبع قبله، ويكون هو الكتاب الأول.

نعم، كان كتاب التربية الدينية مخطوطًا وقمت بتدريسه في مدارس منتدى النشر فترة قبل طباعته، وكذلك الأمر مع خلاصة المنطق وموجز التصريف ومختصر النحو حيث قمت بتدريسه في كلية الفقه قبل طباعته.

23. حسبما لديَّ من تواريخ بعض كتبكم المنشورة، وجدتُ أنكم أصدرتموها بالترتيب التالي:

• التربية الدينية 1380ﻫ/ 1960م
• مشكلة الفقر 1382ﻫ/ 1962م
• خلاصة المنطق 1383ﻫ/ 1963م
• ثورة الحسين في ظلال نصوصها ووثائقها 1383ﻫ/ 1963م
• في انتظار الإمام 1384ﻫ/ 1964م، أنهيته، وطبع: 1968م.
• حضارتنا في ميدان الصراع 1384ﻫ/ 1964م
• دليل النجف الأشرف 1385ﻫ/ 1965م
• لماذا اليأس؟ 1386ﻫ/ 1966م
• الإسلام مبدأًً 1386ﻫ/ 1966م، نشر في مجلة الإيمان: 1384ﻫ/ 1965م.
• مبادئ أصول الفقه 1387ﻫ/ 1967م
• أسماء الأفعال والأصوات 1390ﻫ/ 1970م
• نحو أدب إسلامي 1391ﻫ/ 1971م
• مختصر النحو 1391ﻫ/ 1971م
• طريق استنباط الأحكام 1391ﻫ/ 1971م

24. ولم أتمكّن من معرفة تواريخ نشر بقية مؤلفاتكم النجفية، وهي كالتالي:

• من البعثة إلى الدولة. نشر في مجلة «لا أذكر اسمها» ثم طبع مستقلًا.
• الأوليات مخطوط لم يطبع، وقد فقد فيما فقد من مكتبتي النجفية وأذكر أن عدد الأوليات التي ضمها بلغ الألف أولية.
• المكتبة المتنقّلة. مخطوط لم يطبع.
• مصطلحان أساسيان. طبع في الكويت، ولا أتذكر الدار أو سنة الطبع.
• الدين في اللغة والقرآن. هو عنوان آخر لكتاب «مصطلحان أساسيان»، ولا أذكر ـ كذلك ـ سنة طباعته.
• تقريرات أبحاث السيد الخوئي«ره». مخطوط لم يطبع، وقد ذهب مع المفقود من تراثي النجفي.

أضف كتاب:

• شرح ألفية ابن مالك في النحو: مخطوط لم يطبع، وقد ذهب مع المفقود من تراثي النجفي.

25. لتأليفكم كتاب «في انتظار الإمام» قصّة مهمّة، وسأورد هنا ما أتذكره منها: حيث أتذكر أنكم في إحدى جلساتكم في مجلسكم العامر ذكرتكم أنه قد ظهرت في تلك الفترة في بعض الأوساط ـ السياسية منها خاصة ـ أن الشيعة لا يذكر في موروثهم ودراساتهم الفقهية ما يدل على إيمانهم بوجود نظام إسلامي للحكم في عصر الغيبة، فألفتم هذا الكتاب لدفع هذه المقولة، ولكنكم اضطررتم لوضع المسألة في سياق الحديث عن الإمام المهدي، لإمكانية نشر الكتاب في العراق، ولم تتمكنوا من طبعه إلا بعد أربع سنوات من تأليفكم له «حيث ألفتموه سنة 1384ﻫ، ولم يطبع إلا في سنة 1388ﻫ»، وكان لظهوره أثر في بعض المحافل السياسية، ومنها ما حدث في مجلس الأمة الكويتي في ذلك الوقت، حيث كان محل استشهاد من قبل أحد النواب الشيعة، الذي استدل به على وجود من يقول بالحكومة الإسلامية من الشيعة في عصر الغيبة. أرجو أن تفصلوا لنا هذه القصّة.

ما أتذكره أنه كان هناك مجموعة من حزب الدعوة معتقلين في الكويت وكان الجهاز الحكومي يناقشهم في مسألة عدم وجود نظام سياسي للحكم عند الشيعة في عصر الغيبة، وطالبوهم بكتاب يقول بذلك فكان كتاب «في انتظار الإمام» مما ساعدهم في المحاكمة.

26. أثناء إعدادكم لرسالة الماجستير حققتم كتاب معاني الحروف للخليل، ولكنكم علمتم بمن يحققه فلم تواصلوا تحقيقه أم ماذا؟

لا، ليس كذلك، وإنما أكملته وبقي مخطوطًا لم يطبع حتى الآن، والكتاب حقق وطبع من قبل شخص آخر بعدها بفترة طويلة.

أثناء دراسة الماجستير

27. كنّا ـ دائمًا ـ نسمعكم تذكرون الدكتور مصطفى جواد، كأكثر المدرسين الذين تأثرتم بهم في دراستكم في مرحلة الماجستير، كما أنكم تذكرونه بأنه صاحب مكانة علمية كبيرة، ولا تذكرون الدكتور إبراهيم السامرائي، مع أن السامرائي ـ بالإضافة إلى أنه درسكم في المرحلة نفسها ـ أشرف على رسالتكم للماجستير، وهو مؤلف مكثر، بعكس الدكتور مصطفى جواد، الذي لا تعرف له مؤلفات كثيرة؟

عادة، أذكر الاثنين بما يستحقانه من الثناء وربما كانت سياقات الحديث لها علاقة أكثر بأستاذنا الدكتور مصطفى جواد عالم اللغة القدير.

28. أنهيتم دراسة الموادّ المتطلبة لتحضير رسالة الماجستير، وذلك خلال عامٍ ـ تقريبًا ـ، واخترتم موضوع الرسالة، كيف اخترتم هذا الموضوع الذي كان عن أسماء الأفعال والأصوات؟

كان اختياري في البداية الكتابة عن الاسترابادي صاحب الكفاية ولكن العميد الدكتور جميل سعيد رفضها بحجة عدم دراستي للغة الفارسية، ثم كان اختيار الموضوع الثاني مع المشرف أستاذنا الدكتور إبراهيم السامرائي.

29. كيف كانت أجواء إعداد الرسالة؟ وكيف كانت استفادتكم من الدكتور السامرائي؟

كانت استفادة كبيرة جدًا وخصوصًا في أسلوبه في الإشراف وموسوعيته المفيدة جدًّا للباحث.

30. كم استغرقت فترة إعداد الرسالة؟

عام واحد.

31. هل كان هناك فاصل طويل بين حصولكم على البكالوريوس، وبين مواصلتكم الدراسة للحصول على شهادة الماجستير؟

قضيت حوالي ست سنوات أمارس التدريس في كلية الفقه بطلب من عمادتها بعد أن حصلت منها على دبلوم دراسات عليا، ثم انتقلت لدراسة الماجستير.

د. الفضلي والنشاط الحزبي

32. لم تستمروا في انتمائكم لحزب الدعوة، هل تروون لنا سبب خروجكم من حزب الدعوة؟

لم أخرج من حزب الدعوة خلال تواجدي في العراق، وإنما كان توقفي عن العمل الحزبي بعد خروجي من العراق إلى السعودية.

أساتذة البحث الخارج

33. يذكر ـ في ترجمة الشهيد الصدر ـ أنه باحث خارجًا في الأصول، وكان ذلك في 1378ﻫ/ 1958م، ثمّ باحث في الفقه، وكان ذلك في سنة 1381ﻫ/ 1961م، بمعنى أنه باحث الخارج في الفقه قبل تخرجكم في كلية الفقه بعام، وحسبما يذكر ابنكم الأستاذ فؤاد بأنكم مَنْ طلبتم منه ذلك، مع الشيخ مهدي السماوي، وكان ذلك بدافع أن يعرف في الحوزة كمدرّس للفقه، ولو طرح للمرجعية بعدها فلا يكون ذلك مستنكرًا، ما دام قد عرف كمدرس للبحث الخارج في الفقه، هلا أكدتم لنا هذه المعلومات بشيء من التفصيل؟

لم أحضر بحث الأصول عند الشهيد الصدر، ونعم بالنسبة للبحث الفقهي طلبنا منه ذلك وحضرنا أنا والشيخ السماوي البحث لمدة عام ثم انقطعنا بسبب سفره للكاظمية، وبعد عودته من الكاظمية بدأ درسه الموسع.

34. بالإضافة إلى حضوركم بحث الخارج للشهيد الصدر، حضرتم بحث السيد محسن الحكيم «ره»، كيف كانت علاقتكم مع السيد الحكيم؟ هل كان فيها نوع من الخصوصية والمعرفة المميزة؟

كانت لنا علاقة قوية جدًّا مع السيد الحكيم، ولنا لديه بعض الخصوصية، وقد كنا لما نزوره يجتمع معنا في مكتبته الخاصة بالدور الثالث.

35. وبالإضافة إلى هذين حضرتم للسيد الخوئي «ره»، والسيد محمد تقي الحكيم «ره»، والشيخ المظفر «ره»، مَنْ مِنْ هؤلاء كانت تربطكم به علاقة أكثر؟

كلهم ربطتني بهم علاقة ورابطة أخوية، والأقوى من بينهم كان السيد محمد تقي الحكيم.

36. ما أتذكره أنه كان لكم علاقة فيما كان يلقيه السيد الخوئي «ره» في دروسه حول تفسير القرآن، فقد كنتم تزودونه ببعض مصادر التفسير للمذاهب والفرق الإسلامية الأخرى، هل هذا الأمر دقيق؟

كان ذلك بطلب منه وقد جمعت له المصادر المتوفرة، ولم أكن أحضر الدرس.

النجف في فترة الأفول

37. في أكثر من مناسبة تذكرون أنه في هذه الفترة بدأت أمارات أفول العصر الذهبي للنجف، ما هي الأسباب التي ترون أنها ساعدت على ذلك، إذ بالتأكيد هناك أسباب خارجية، كما أن هناك أسبابًا داخلية؟

1. بدأت مضايقات السلطة على مدرسي الحوزة في التزايد فأجبر بعضهم على ترك التدريس وقامت بتسفير البعض الآخر، وهاجر عدد منهم بسبب الاعتقالات والمضايقات، مما أثر سلبًا على مستوى التحصيل العلمي.

2. من ملأوا شواغر الدرس لم يكونوا بالمستوى المطلوب.

3. ضغوط كبيرة على المرجعية والتدخل في أدائها لمهامها، وإبعادها عن دورها القيادي.

الخروج من العراق

38. في الفترة التي انتهيتم فيها من إعداد الرسالة، وناقشتموها، كانت العراق تعيش أوضاعًا صعبة، لذا اضطررتم للخروج من العراق قبل أن يلقى القبض عليكم، حسبما حذّركم أحد العاملين في أحد الأجهزة الأمنية، لدرجة أنكم لم تخبروا أحدًا بموضوع خروجكم من العراق، وكذلك لم تنتظروا استصدار شهادتكم الماجستير، هل يمكن أن ترووا لنا أحداث خروجكم المفاجئ من العراق؟

في المرة الأولى، خرجت ليلًا من النجف بعد أن أخبرني أحدهم بتنفيذ أمر اعتقالي في فجر اليوم التالي، وتوجهت إلى البصرة، ومنها مباشرة إلى الكويت، ثم إلى العربية السعودية عبر سيارات النقل.

ثم عدت إلى البصرة مرة أخرى بسيارتي الفولكس ومكثت أسبوعًا حيث صدر أمر اعتقالي وطوَّق رجال المباحث دارنا في البصرة، وقد كنت محتاطًا للأمر فلم أوقف السيارة بجوار الدار وإنما أوقفتها في كراج البصرة الواقع أمام عيادة الدكتور جمال الدين الفحام، وقد خرجت من البيت خفية وسافرت بسيارة أخرى واتفقت مع الحاج حسين المازني أن يحضر سيارتي إلى الحدود العراقية الكويتية حيث أقلَّتني مغادرًا العراق للمرة الأخيرة متوجهًا إلى الكويت.

التدريس في السعودية

39. عندما خرجتم من العراق، خرجتم منفردين، وذهبتم بعدها إلى الكويت، وكنتم على أمل أن تتمكنوا من الحصول على فرصة وظيفية في جامعة الكويت، ولكنكم أخبرتم بألا شواغر في الجامعة، ولكن يمكن العمل على أن تعملوا في جامعة صنعاء التي شاركت جامعة الكويت في إنشائها، فتريثتم بعدها، واتجهتم إلى السعودية علَّكم تحصلون فيها على فرصة وظيفية في جامعة الرياض، ولكنكم قوبلتم بمعاملة سيئة، وتمييز مذهبي من قبل رئيس الجامعة في ذلك الوقت، فاقترح عليكم أحد الموظفين بالتقديم للعمل في جامعة الملك عبد العزيز في جدّة، لعدم وجود هذا النوع من التمييز هناك، فاستحسنتم الفكرة، وهكذا تمّ لكم ما أردتم. هلا أكدتم لنا صحة هذه المعلومات؟

المعلومات صحيحة.

40. لماذا كان اختياركم الأول هو الكويت وليس أي دولة أخرى؟ هل للقرب الجغرافي من العراق دور في هذا الاختيار؟

نعم بسبب القرب الجغرافي.

41. ولماذا كان اختياركم أو رغبتكم الثانية هي السعودية، وليس بلدًا آخر، هل لكونه بلدكم الأمّ فقط؟

نعم، هو كذلك.

42. إلى أين توجهتم بداية وصولكم السعودية؟ وأين سكنتم فترةَ انتظاركم الردّ بالحصول على الوظيفة في جدّة؟

في بيت أخي عبد الله في الخبر في الأيام الأولى، ثم غادرت إلى الرياض فجدة.

43. كيف استطعتم التقديم للوظيفة ولمّا تحصلوا على شهادتكم «درجة الماجستير» من جامعة بغداد؟

كانت عندي شهادة مؤقتة ولكني لم أستخدمها حيث قام الأخ محمد حبيب المازني باستلام الشهادة الأصلية من جامعة بغداد ثم صدقها وأرسلها إليَّ بالبريد واستخدمتها في التقدم إلى الوظيفة.

44. ألم يكن صعبًا عليكم الخروج دون عائلتكم من العراق؟ وكيف كنتم تتواصلون مع العائلة في هذه الفترة؟

نعم كان صعبًا ولكنه حكم الضرورة، وكان الاتصال معهم بالمراسلة.

45. ما أعلمه أن العائلة ظلت في العراق، إلى أن رجعتم من مصر بشهادة الدكتوراه، بمعنى أنكم ابتعدتم عن بعضكم البعض لمدة خمس سنوات، وهي فترة زمنية طويلة، نسبيًّا، كيف عشتم هذه التجربة الصعبة؟

الحياة كفاح، لا بد للإنسان أن يمضي فيه للوصول إلى آماله ولتحقيق دوره في الحياة.

التدريس الجامعي والبعثة إلى مصر

46. كيف كانت تسير أموركم في السنتين الأوليين من وجودكم في الجامعة؟ ألم تشعروا بأيّ مضايقة هناك؟

لا أبدًا، كانت معاملتهم في غاية حسن الخلق والطيبة.

47. قُبِلتم في جامعة الملك عبد العزيز، ودرستم فيها لمدّة سنتين قبل توجهكم إلى مصر، وفي هذه الفترة اخترتم موضوع رسالتكم الدكتوراه، بل كتبتم ما يقرب من نصف الرسالة ـ حسبما أتذكره من حديثكم عن هذه المرحلة من عمركم الشريف ـ، ولكنكم عندما ذهبتم إلى مصر وجدتم كثيرًا من المصادر التي لم تكن متوفرة، وهي في معظمها مخطوطات وجدتموها في معهد المخطوطات العربية التابع لجامعة الدول العربية في القاهرة، يخص أكثرها القراءات القرآنية، التي لم يطبع عنها كثيرًا في تلك الفترة، ما اضطركم لإعادة كتابتها نتيجة حصولكم على مصادر جديدة، هلاَّ أكدتم لنا هذه التفاصيل؟

نعم، ما تذكره صحيح.

48. عندما ذهبتم إلى مصر، كيف تمّ تعيين المشرف على الرسالة ـ وهو الدكتور أمين علي السيد ـ؟ وكيف وجدتموه كمشرف على الرسالة؟

حسب نظام الكلية، وقد كان شخصية ذات علمية عالية في مجال علوم اللغة العربية أفدت منه كثيرًا، كما أنه يملك سمو نفس وأخلاق عالية وحسن ذات في تعامله مع الآخرين.

49. ما أتذكره من حديثكم في مجلسكم العامر أنكم استطعتم إنهاء الرسالة كاملة في سنة ونصف، ولكن الدولة المصرية كانت تشترط أن يظلّ طالب الدكتوراه فيها ثلاث سنوات، لذلك كانت السنة والنصف الأخرى فرصة لكم لتتفرغوا للبحث والتأليف أكثر، هل هذه المعلومات صحيحة؟

نعم.

50. كيف كانت أجواء إعداد الرسالة هناك في مصر؟

كنت أقضي معظم وقتي في مكتبات جامعة القاهرة وجامعة الأزهر ودار الكتب المصرية ومعهد المخطوطات العربية.

51. ألم تكن هناك أيّ محاولة من قبل النظام الحاكم في العراق للنيل منكم خارجه؟

لم أكن أمارس دورًا سياسيًّا، فلم تحدث أية محاولات من طرفهم.

52. كيف كنتم تمضون أوقاتكم في مصر؟ هل تواصلتم مع بعض الشخصيات أو القيادات المصرية؟

كان وقتي مشغولًا بالمكتبة والكتاب والرسالة.

53. تذكرون في كتابكم «مبادئ علم الفقه، ج2» في حديثكم عن الاستهلال لشهر رمضان بواسطة المنظار، أنكم حضرتم حادثة لتحديد مكان ظهور الهلال في مصر، فتقولون هناك: «هذا ما رأيته بنفسي عندما كنتُ أحضر الدكتوراه في جامعة القاهرة، حيث ذهبت ليلة الثلاثين من شهر رمضان إلى «مرصد حلوان»، وحضر ممثل عن الجامع الأزهر وآخر عن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، وثالث من أساتذة معهد الأرصاد في مرصد حلوان، وصعدنا جميعًا إلى أعلى قمة في المرصد، وعيّن الأستاذ موقع الهلال بالنظر بواسطة التلسكوب، ثم ناوله لكل واحد منّا، وبعد هذا نظر كل منا الموقع بالعين المجرّدة، ولم يصادف أن رأى أحد منا الهلال، وكتب محضر بذلك، ونص فيه عدم الرؤية»«»، وهذا يعني أنكم على تواصل مع بعض المراكز العلمية والثقافية هناك، هل تحدثونا عن علاقتكم مع هذه المراكز؟

كانت مبادرة شخصية مني.

54. كيف كان تواصلكم مع الأهل والأصدقاء في هذه الفترة؟

بالمراسلة

55. هل وضعتم أيّ مؤلف في هذه الفترة؟

الرسالة، وقرأت كتبًا كثيرة في هذه الفترة.

56. في تقديمكم للطبعة الثالثة من كتابكم «مشكلة الفقر»، أنهيتم التقديم بِـ: «عبد الهادي الفضلي ـ القاهرة»، هل هذا يعني أنكم راجعتموه في القاهرة، ومن هناك قدتموه للطبعة الثالثة؟

نعم.

د. الفضلي في الجامعة

57. أسند إليكم تدريس مواد اللغة العربية: النحو والصرف والأدب والعروض والبلاغة، ما أكثر مادّة درستموها في الجامعة؟

النحو والصرف.

58. بالإضافة إلى مواد اللغة العربية، أسند إليكم تدريس مادة «تحقيق التراث» لطلبة المكتبات في الجامعة، لماذا؟

بحكم اشتراكي عضوًا في لجنة المخطوطات في الجامعة.

59. بالإضافة إلى التدريس أسند إليكم الإشراف على المكتبة والمخطوطات، لماذا تمّ اختياركم لهذه المهمّة؟

لم أكن مشرفًا على المكتبة، وإنما وبحكم علاقتي بمدير المكتبة طلبت منه تأسيس لجنة للمخطوطات، وبالفعل رفع الطلب إلى مدير الجامعة وتأسست اللجنة برئاستي لفترتها الأولى وعضوية مدير المكتبة وأساتذة آخرين.

60. بسبب موقعكم في مكتبة الجامعة، استثمرتم ذلك لحضور الكتاب الشيعي مطبوعًا ومخطوطًا، هلاَّ حدثتمونا عن هذه التجربة؟

لم يكن الأمر خاصًا بالمخطوطات الشيعية، وإنما كان دخولها مع مخطوطات أخرى اشترتها الجامعة من الميزانية المعتمدة من بعض المكتبات في الحجاز وبريطانيا وإيرلندا وتركيا ومصر وأمريكا وألمانيا ودول أخرى.

أما المطبوعات فلم يكن لي دور فيها.

61. بالإضافة إلى فتح قسم المخطوطات، كنتم المؤسِّسين لقسم اللغة العربية في كلية الآداب، وأتذكر أنكم أشرتم إلى أن أحد رؤساء الأقسام «ولعله رئيس قسم الدراسات الإسلامية بالمدينة المنورة عندما كانت الجامعة الإسلامية ـ اليوم ـ تابعة لجامعة الملك عبد العزيز بجدّة» عارض إنشاء هذا القسم، ولكن مجلس الجامعة صوت أغلبيته لصالح فتح القسم، وفتح القسم بعد ذلك، هل هذا الكلام دقيق؟

الذي عارض إنشاء القسم هو رئيس كلية الشريعة في مكة المكرمة وكانت الكلية يومها تتبع جامعة الملك عبد العزيز بجدة قبل أن تتحول إلى جامعة أم القرى فيما بعد.

62. في هذه الفترة أشرفتم على إصدارين دوريين للجامعة، هما نشرتا: «الرائد»، و«أخبار الجامعة»، حدِّثْنا عن هذه التجربة.

كنت عضوًا في أسرة التحرير، وقد مارست الإشراف في مجلة الرائد التي كانت تختص بنشر بحوث الطلاب، أما أخبار الجامعة فكنت عضوًا في أسرة تحريرها.

63. كما أنكم كنتم من أعضاء النادي الأدبي بجدّة، كيف كانت أجواء هذا النادي؟ وما هو دوركم الذي مارستموه فيه؟ وبخاصّة أنه طبع كتابكم: «في العروض: نقد واقتراح» سنة 1399ﻫ؟

لم يطبع لي النادي شيئًا، بل كان الكتاب من مطبوعات نادي الطائف الأدبي. وقد كنت عضوًا في هيئة نادي جدّة الأدبي الإدارية، وشاركت في بعض الأمسيات والندوات التي أقامها النادي مناقشًا للبحوث المقدمة من ضيوف النادي.

64. أول ما عيِّنتم في الجامعة، عيِّنتم بأيِّ مسمّى، وكيف تدرّجتم في السلّم الوظيفي والتدريسي في الجامعة؟

عينت بدرجة مدرس، ثم أستاذ مساعد، فأستاذ مشارك، ثم التقاعد المبكر.

65. كيف كان تعامل منسوبي الجامعة معكم؟

أكثر من حسن في طيب المعاملة والعلاقات الأخوية، وكان الجو السائد هو الاحترام المتبادل بين جميع الأساتذة والموظفين.

66. هل شاركتم في أيِّ مؤتمر أو ندوة من قبل الجامعة؟

حضورًا في بعضها فقط.

67. في مرحلة تدريسكم في الجامعة كانت تصلكم بعض الدعوات من المؤسسات والهيئات السعودية، فقد وجدتُ ـ في سجلّ أرشيف الوثائق ـ دعوة موجهة لكم من قبل اللجنة العليا للتوعية الإسلامية بوزارة المعارف السعودية، يستعينون فيها بخبرتكم في المجال الدعوي، وكذلك رسالة من مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، يطلبون فيها مساعدتكم للحصول على المخطوطات الموجودة شتى أنحاء العالم، كيف كانت تصلكم هذه الدعوات؟ وكيف كانت استجابتكم لها؟

الإجابة في الحدود الممكنة من النصيحة والاستشارات.

68. هل أشرفتم على رسائل علمية في فترة تواجدكم في الجامعة؟ أو شاركتم في مناقشة أيّ رسالة علمية فيها؟

نعم، ولكن ليس في جامعة جدة، حيث لم يكن هناك دراسات عليا، وإنما في جامعة أم القرى وكلية تربية البنات بجدة.

69. كيف تقيِّمون الجوّ الدراسي في الجامعة؟ وكيف تقيِّمون المستوى التحصيلي لدى الطلاّب؟

الجو كما أشرت أكثر من حسن، والمستوى التحصيلي في قسم اللغة العربية يعتبر جيدًا جدًّا بحكم توفر كادر التدريس المؤهل علميًّا.

التأليف اللغوي

70. في هذه الفترة ألفتم الكتب التالية:

- قراءة ابن كثير وأثرها في الدراسات النحوية، رسالة الدكتوراه، سنة 1395ﻫ/ 1975م.
- تحقيق: البصروية في علم العربية 1397ﻫ/ 1977م.
- في علم العروض نقد واقتراح 1399ﻫ/ 1979م.
- الدولة الإسلامية 1399ﻫ/ 1979م.
- تحقيق: إتحاف الإنس 1400ﻫ/ 1980م.
- القراءات القرآنية: تاريخ وتعريف 1399ﻫ/ 1979م.
- اللامات 1400ﻫ/ 1980م.
- دراسات في الفعل 1402ﻫ/ 1982م.
- تحقيق: بداية الهداية 1402ﻫ/ 1982م.
- تحقيق: الناسخ والمنسوخ 1402ﻫ/ 1982م. «طبعته الأولى كانت في النجف بتاريخ 1390هـ - 1970م مطبعة الآداب»
- تلخيص العروض 1403ﻫ/ 1983م.
- دراسات في الإعراب 1405ﻫ/ 1984م.
- أعراف النحو في الشعر العربي 1406ﻫ/ 1986م.
- تحقيق: درة القارئ للرسعني 1406ﻫ/ 1986م.
- مراكز الدراسات النحوية 1406ﻫ/ 1986م.
- المسؤولية الخلقية في فكر الدكتور محمد إقبال 1406ﻫ/ 1986م.
- فهرست الكتب النحوية المطبوعة 1407ﻫ/ 1987م.
- تحقيق: إتحاف الرفاق 1408ﻫ/ 1988م.
- خلاصة علم الكلام 1408ﻫ/ 1988م.
- تحقيق: هداية الناسكين 1412ﻫ/ 1992م، صدر بعد التقاعد، ولكنكم حققتموه قبل ذلك.

71. ولم أحصل على تواريخ إصدار الكتب التالية:

- مختصر الصرف. طبعته الأولى في النجف وكان عنوانه «موجز التصريف» وقد ألفته مقررًا للتدريس في كلية الفقه.
- تلخيص البلاغة. أولى سنواتي في جدة
- أصول تحقيق التراث. 1402هـ - 1982م
- تحقيق: إعراب سورة الفاتحة للجنزي. جدة ..؟
- تحقيق: زلة القارئ للنسفي. جدة ..؟
- تحقيق: شرح الواضحة لابن أم القاسم جدة ..؟

د. الفضلي داعيًا ومبلِّغًا

72. في هذه الفترة التي كنتم تدرسون فيها في الجامعة، كانت لكم رحلات إلى بعض المراكز الإسلامية في أوروبا وأمريكا، وألقيتم بعض المحاضرات فيها، هلاّ حدثتمونا عن هذه التجربة؟ وهل احتفظتم بتسجيلات صوتية لها؟

كانت المشاركات في مؤتمرات تقيمها الجاليات المسلمة في تلك الدول، وكانت بين بريطانيا وأمريكا، وهي تجربة أراها مفيدة خصوصًا أنه يشارك معنا عدد من الأساتذة المتخصصين في الجامعات المهمة بتلك الدول، ولا أحتفظ بتسجيلات صوتية.

73. في فترة تواجدكم في جدّة، كان لكم تواصل مع بعض الشيعة في بعض الهجر في المنطقة الغربية، مثل منطقة: «وادي الفرع»، هلاَّ حدثتمونا عن هذه العلاقة وما قدتموه للشيعة في هذه المناطق؟

كانت لي علاقات طيبة بشيعة الحجاز من أهالي المدينة المنورة وأهالي وادي الفرع، وكان حضور شبابهم متواصلًا في مجلسي بجدة وكانت لي مع شخصياتهم البارزة زيارات ولقاءات وفاء ومودة. أما الدور الذي قمت به فقد اقتصر بالجانب التثقيفي وخصوصًا الديني عبر مجلسي بجدة وألقيت القليل من المحاضرات عند أهالي وادي الفرع المقيمين في جدة.

74. في الفترة التي كنتم فيها في جدة أتيحت لكم الفرصة لإجراء تحقيقات ميدانية لمواقيت الحج والعمرة، وكذلك لبعض المعالم التاريخية هناك، كالربذة، «مكان قبر الصحابي الجليل أبي ذر »، وموقع غدير خم، حدثونا عن هذه التجربة.

نظرًا لاندثار الكثير من المواقع التاريخية المهمة وتغير البعض الآخر في المسميات والمواقع، ولأن بعض هذه المواقع مهمة من ناحية ارتباطها بالعبادات الواجبة والمستحبة وأهمها أعمال الحج، دفعني ذلك للبحث في كتب التاريخ والسيرة والروايات ثم القيام بتحقيقات ميدانية للمواقع للتأكد من أماكنها وتوثيقها كتابة.

د. الفضلي والأحداث العالمية

75. ما نعلمه أنكم خلال تواجدكم في جدّة، كنتم تتواصلون مع القيادات العراقية، وأبرزها كان الشهيد الصدر، الذي عبر لكم في إحدى رسائله عن أسفه لخروجكم من النجف، كيف كنتم تتواصلون مع هذه القيادات؟

بالمراسلة البريدية.

76. في هذه الفترة التي كانت تعيش فيها النجف أحلك ظروفها، كانت ـ هناك ـ في إيران تحدث أهم حركة دينية فيها، وهي الثورة التي قادها الإمام الخميني، كيف تفاعلتم مع أحداث الثورة الإيرانية بقيادة الإمام روح الله الخميني؟

شاركت بكل ما أستطيع من تفاعل لخدمة هذه الثورة المباركة.

77. ما أتذكره من بعض حديثكم أنكم استبشرتم خيرًا بنجاح الثورة، وبعثتم بالتهنئة للإمام الخميني، وذلك عبر من كان يعرف في وقتها بخليفة الإمام، وهو الشيخ حسين علي منتظري، وقدمتم إليه بعض النصائح، ومنها: إنجاز مهمّة صياغة الدستور، وإقامة مراكز الدراسات الحديثة، والعمل على إنشاء موسوعات علمية، هل لكم أن تخبرونا عن هذه الرسالة ومحتواها؟

عن طريق أخينا الشيخ محمد علي التسخيري، وكان جزءًا من الدور الذي أتمكن من تقديمه.

د. الفضلي بعد التفرّغ الوظيفي

78. أمضيتم في الجامعة من سنة 1391ﻫ إلى 1409ﻫ، حيث تقاعدتم تقاعدًا مبكرًا، كيف تقيمون قرابة 16 عامًا «إذا استثنينا السنوات الثلاث التي أمضيتموها في مصر»؟

كانت جدّ مفيدة وكونت خلالها علاقات بإخوان حملوا تجاهي أحسن الوفادة والمعاملة الصادقة، وأود الإشادة هنا بإخلاص من عاصرتهم في الجامعة للعلم وتقديرهم لأهله.

79. هل تقاعدتم بغية التفرغ لمشروعكم الجديد، وهو الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية؟ فأنتم في العام الذي تقاعدتم فيه توجهتم إلى بريطانيا لإلقاء المحاضرات وتسجيلها بشكل مسموع ومرئي؟

كان السبب الأول للتقاعد هو التفرغ لإكمال مشروعي لتأليف المقررات الدراسية.

80. مَنْ كان صحاب فكرة إنشاء هذه الجامعة؟ وما هو الدور الذي مارستموه قبل وبعد إنشائها؟

صاحبها أخونا الدكتور محمد علي الشهرستاني، وقد شاركت في وضع بعض المناهج وخطة الدراسة.

81. هل كانت رحلتكم في العام 1409ﻫ إلى الجامعة هي أول رحلة، أم سبقتها رحلات واجتماعات تحضيرية؟

كانت هي الأولى.

82. عندما نتتبع نظام الدراسة في هذه الجامعة، وكذلك المقررات المطلوبة في كل مادة، نجد أنها تجربة استفادت إلى حدّ بعيد من كلية الفقه مع تطويرات جيدة، إلى أيِّ حدّ توافقون على هذه المقولة؟

تلتقي وكلية الفقه في التخصص وبعض المناهج، وتختلف كون كلية الفقه كانت محافظة على النظام الحوزوي ومناهجه أكثر.

83. كيف كان تفاعل الحوزة في النجف وقم مع هذه التجربة؟

لست على اطلاع، وإنما صداها جيد حسبما سمعت من بعض طلبة الحوزات.

84. كأني أتذكر أني سمعت من سماحتكم أن الجامعة ـ في بدء تكوّنها ـ كانت تتلقى الدعم المالي من السيد الخوئي «ره»، إلى أيّ درجة اعتمدت الجامعة على معونات المرجعية الدينية؟

بشكل محدود من السيد الخوئي فقط.

85. كيف كانت التجربة في الجامعة في سنيها الأولى؟ هل كان هناك إقبال جيد على التسجيل في الجامعة؟

كان متوسطًا، وبدأ يزداد في السنوات اللاحقة.

د. الفضلي والحضور الجماهيري

86. تقاعدتم في العام 1409ﻫ، ولكن لم يكن لكم حضور جماهيري كبير إلا في برنامج سيهات الثقافي الرمضاني للعام 1411ﻫ، هل كان هناك حضور جماهيري لكم قبل هذا؟

لم يكن لي نشاط ثقافي في السنتين الأولى والثانية سوى مجلسي اليومي.

87. ما أعمله أن لكم دورًا في وجود برنامج حسينية الناصر الثقافي الرمضاني بسيهات، فالمنطقة لم تكن تعرف هذا النوع من البرامج والندوات الثقافية قبل مجيئكم، ما مدى دقّة هذه النقطة؟

لم أطلع على تجارب سابقة، والبرنامج يعتبر تجربة رائدة في المنطقة في الشكل والمضمون.

88. كيف كان يتمّ اختيار عناوين المحاضرات والندوات في البرامج الثقافية، بمعنى: هل كان لكم دور في اختيار عناوين المحاضرات أم أن القائمين هم من يختارها؟

كانت توضع من قبل القائمين، وفق أسس عامة يتم الاتفاق عليها قبل البرنامج وكنت أشاركهم أحيانًا في وضع هذه الأسس.

89. هل كنتم ترون أن العناوين التي كانت قد طرحت في تلك الفترة تمثل حاجة ملحّة؟ أم أنها كانت ضرورة لبناء ثقافة إسلامية واعية بغض النظر عن الحاجة الاجتماعية البحتة؟

كانت تعالج الدورين معًا لأن القائمين على وضع هذه البرامج هم أبناء بيئتهم ومجتمعهم.

90. بالإضافة إلى مشاركتكم في البرامج الرمضانية ـ التي امتدّت من سيهات إلى جميع المناطق والبلدات ـ، أذكر مشاركتكم في بعض المناسبات الدينية، فأتذكر إلى الآن مشاركتكم في المولد النبوي في بلدتنا «القديح» سنة 1412ﻫ، وبالإضافة إلى هذه المشاركات الثقافية، يعدّ مجلسكم العامر من أبرز المجالس العلمية التي شهدتها في المنطقة، كيف تقيمون هذه التجربة في هذه الفترة الممتدة من 1409 ـ 1428ﻫ، بما يقرب من عشرين عامًا؟

كانت فاعلة حقيقة في تحقيق الهدف الذي صبونا إليه وهو فتح الطريق لإحداث نقلة ثقافية في المنطقة.

91. عندما سكنتم المنطقة، لم يكن هناك حضور علمائي ثقافي في المحاضرات والندوات، كيف تقيمون هذه النقلة التي أحدثها برنامج سيهات؟

كان لها أثر كبير في تفعيل دور العلماء التربوي والثقافي في المنطقة، ومشاركتهم في رفع مستوى المجتمع ثقافيًّا.

92. في هذه الفترة التي قدمتم فيها إلى المنطقة، كنتم ـ والحمد لله ـ موضع ترحيب لدى العديد من المثقفين والمؤلفين والكتّاب في المنطقة، ولعل أبرز دليل على ذلك كثرة الكتب التي قدمتم لها، كيف تنظرون إلى هذه التجربة مع هؤلاء المثقفين؟ وكيف تقيِّمون مجمل النتاج الثقافي المحلي؟

كانت التجربة ناجحة حقيقة، ومن خلال حجم ومستوى النتاج العلمي نستطيع أن نلمس مدى نجاحها.

الفرز الاجتماعي السلبي

93. كانت المرجعية الدينية الغالبة في المنطقة هي مرجعية السيد الخوئي «ره»، وبعد رحيله لم تستقرّ مرجعية دينية ويكون لها الحضور الطاغي الذي كان للسيد الخوئي، كما أن المنطقة ـ بعد رحيله «ره» ـ عرفت انشقاقًا وفرزًا اجتماعيّين، وكان ذلك بعد رحيل المرجع الديني السيد محمد رضا الگلبيگاني «ره» سنة 1414ﻫ، وكان لكم ـ وقتذاك ـ موقف، تمثّل في أن يتبع أهالي المنطقة ما طرحته الحوزتان العلميتان في النجف وقم المقدّسة، كيف تقيمون تلك الفترة؟

نعم، في رأيي أن يبقى الارتباط وثيقًا بالحوزتين العلميتين في النجف وقم، أما تعدد المرجعيات فهو أمر طبيعي في تاريخ المرجعية الدينية ويجب ألا يكون سببًا للانشقاق داخل المجتمع.

94. ما توجيهكم الأبوي لأبناء المنطقة حتى لا تقع مثل هذه الانشقاقات الاجتماعية؟

كما قلت، فإن التقليد ليس هو السبب في الانشقاق، وإنما وبعد نجاح الثورة الإسلامية في إيران والنهضة العلمية التي أحدثتها الحوزات الشيعية، توجه التدخل الامبريالي إلى استغلال مسألة التقليد لأغراض خلق الانشقاقات في المجتمعات الشيعية وتحويل التقليد إلى أداة في التنافس السياسي.

ولو كان هناك وعيٌ كافٍ في المجتمع لما حدثت هذه الانشقاقات ولبقي التقليد في دائرته الطبيعية، فينبغي أن نعيَ واقعنا وتكليفنا لكي نحصِّن أنفسنا من هذه الخلافات المختلقة.

95. وبعد فترة وجيزة من هذه الحادثة، كان أهالي المنطقة يتجاوبون مع ما يطرح على مستوى الساحة الشيعية ضدّ بعض القيادات الدينية والمرجعية، من تشكيك في عقيدتها ومجمل الأفكار والتوجهات التي تدعو إليها هذه القيادات، حيث كنتم توجهون الناس إلى عدم التجاوب مع هذه الفتن والموجات المغرضة، التي تهدف إلى زرع الفتن والشقاق بين أبناء المسلمين عمومًا، وداخل الصف الواحد، ألا يجب على المثقفين وعلماء الدين توجيه الناس وتثقيفهم والردّ على الشبهات؟

قلت في تعليقي على هذه الأسئلة وأمثالها، أن النقاشات العلمية بين علماء الدين يجب أن تبقى وتنحصر في جوها العلمي داخل الأوساط العلمية وتحافظ على لغة الحوار العلمي المحترم للطرف الآخر، ولا يجب أن تنتقل إلى ساحات المجتمع وتُسْتَغلّ بأساليب لا أخلاقية في أغراض شخصية.

وأضيف هنا أن على الأوساط العلمية والمثقفة في المجتمع أن يتورعوا في مثل هذه الأمور ولا يسقطوا في الفتن التي تهدف إلى دخولهم في صراعات داخلية يَحْرُم الدخول فيها؛ لحفظ يد الجماعة، ويحرم أكثر عندما تكون الجماعة قلة في مجتمعها المحيط، وإنما عليهم أن يطفئوا ما أمكنهم أمثال هذه الفتن.

96. وفي فترة لاحقة، كنتم من الشخصيات والقيادات الدينية التي توجهت إليكم السهام والتهم في العقيدة ومجمل توجهاتكم وأفكاركم، ولكنكم كنتم حريصين على عدم الردّ، لماذا؟

لأن الردَّ يحقق غاية المغرضين في خلق الفتن والانشقاق داخل الصف الإسلامي.

د. الفضلي وغزارة التأليف

97. ألفتم في هذه الفترة المؤلفات التالية:

- مذكرة المنطق 1410ﻫ/ 1990م.
- أصول البحث 1412ﻫ/ 1992م.
- قضايا وآراء 1414ﻫ/ 1993م. «جمع وإعداد صاحب دار الزهراء ببيروت»
- أصول علم الحديث 1414ﻫ/ 1994م.
- أصول علم الرجال 1414ﻫ/ 1994م.
- تاريخ التشريع الإسلامي 1414ﻫ/ 1994م.
- خلاصة علم الكلام «ط2» 1414ﻫ/ 1994م.
- قراءة في كتاب التوحيد
- مبادئ علم الفقه 1416ﻫ/ 1995م.
- مذهب الإمامية 1417ﻫ/ 1996م.
- دروس في فقه الإمامية، ج1
- دروس في فقه الإمامية، ج2 1419ﻫ/ 1998م.
- دروس في فقه الإمامية، ج3 1424ﻫ/ 2003م.
- دروس في فقه الإمامية، ج4 1429ﻫ/ 2008م.
- دروس في أصول فقه الإمامية 1418ﻫ/ 1998م.
- الغناء 1419ﻫ/ 1998م.
- الشيخ محمد أمين زين الدين 1419ﻫ/ 1998م.
- التقليد 1420ﻫ/ 1999م.
- الوسيط في فهم النصوص الشرعية 1420ﻫ/ 1999م.
- الاجتهاد 1421ﻫ/ 2000م.
- هكذا عرفتهم، ج1 1422ﻫ/ 2001م.
- هكذا عرفتهم، ج2 1424ﻫ/ 2003م.
- الدرس اللغوي في النجف 1426ﻫ/ 2005م.
- دراسة دينية معجمية لمصطلح أهل البيت 1427ﻫ/ 2006م.
- رأي في السياسة 1427ﻫ/ 2006م.
- خلاصة الحكمة الإلهية 1428ﻫ/ 2007م.
- علم التجويد 1429ﻫ/ 2008م.

وهي تعدّ من أغزر فترات التأليف لديكم، وبخاصّة أن معظمها تعدّ من الدراسات التخصصية المعمّقة، كيف تقيّمون هذه الفترة من حيث هذا الإنتاج العلمي؟

كان للتفرغ الوظيفي دورٌ في تمكني من ذلك، وكذلك فإن عمق التجربة والحصيلة العلمية الطويلة ساعدني كثيرًا على هذه الإنجازات.

98. ما هي أهم مشاريعكم التي كنتم تودون إنجازها؟ وما الذي تحقق منها؟

مشروعي الأهم كان وضع المقررات الدراسية للحوزات العلمية وتطوير موادها وفق مناهج البحث العلمي الحديث، وأحمد الله سبحانه الذي وفقني في إنجاز هذا المشروع.

99. ما نعرفه عن سماحتكم أنكم لا تكِلّون عن المواصلة في التأليف والكتابة، فهل لديكم مؤلَّف تنجزونه في هذه الفترة مع ما تعانونه من ظروف صحّية؟

لديَّ كتاب واحد أعمل حاليًّا على إنجازه، وهو كتاب «الوسيط في النحو العربي»، وهو عبارة عن بحوث علمية تخصصية في أبواب النحو العربي أوسع من كتابي الدراسي «مختصر النحو»، أسأل الله تعالى أن يوفقني لإنجازه.

100. محبّوكم يودّون الاطمئنان على صحّتكم؟

أنا ـ والحمد لله ـ بخير، وأرجو من إخواني المؤمنين ألاَّ ينسوني من صالح دعائهم لأكون في أتم صحّة وعافية منه تعالى.

عرفــــــان
16-11-2008, 10:26 PM
اطال الله عمر شيخنا الفاضل
مشكور اخي على الموضوع الجيد