المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : المفاسد والإنحرافات


الشيخ عباس محمد
01-09-2017, 05:18 PM
المفاسد والإنحرافات




تعتبر مرحلة المراهقة خصوصا الفترة الأخيرة منها ، مرحلة التعرض لمختلف المفاسد والإنحرافت الخلقية والسلوكية ، ليس لجميع الأشخاص ، بل لأولئك الذين لم يكونوا قد تلقوا تربية صحيحة وسليمة في المراحل السابقة من حياتهم . وتشير الدراسات والبحوث ، التي اجراها علماء النفس والتربية ، الى إن قسما هاما من المفاسد والإنحرافات أنما يتعرض لها الأشخاص الذين كانوا قد نموا وتربوا في بيئات إجتماعية مضطربة ، وكانوا يعانون مشاكل في حياتهم الأسرية في سني الطفولة بالذات .
والمشكلة هنا هي إن هؤلاء أشخاص يمتازون بضعف العقل وقوة العاطفة والتهابها والإندفاع الشديد وراء اللذة والمتعة ، وقد يؤدي إطلاق العنان لهم ، في إندفاعهم هذا الى حدوث مشاكل وإنحرافات خطيرة لهم .
خطر العلاقات الخاطئة


ذكرنا فيما مر إن تعلق الفتيات في هذه السن يقل بالأهل والأسرة الى حد ما ،ويتجهن الى علاقات الصداقة والزمالة والإرتباط بالأقران خارج البيت . وهذه العلاقات في حال كونها سليمة ومحسوبة تكون مفيدة وتصب في صالحهن ، وبخلاف ذلك فإن نتائجها تأتي معكوسة وتترتب عليها مفاسد وإنحرافات عديدة.
فالفتيات في هذه السن يملن ميلا شديدا الى التقليد ، ويسعين من أجل إكتساب الجاذبية والفات نظر الآخرين الى تقليد كل من يصادفنهن من بنات


حواء وتكون جذابة وبالنسبة لهن . ويقعن كذلك تحت تأثير القاءات حياة «الشلة» والجماعة . وكما يتأثرن بالنموذج والقدو الصالحة إيجابيا ، فإنهن يتأثرن وكذلك وبنفس الدرجة أو أكثر بالنموذج والقدوة الطالحة سلبيا .
ومن حالات التقليد المكتسبة لدى أعضاء هذه الفئة ، والتي تتعارض في أغلب الحيان مع أعراف وتقاليد السرية وتسبب للوالدين والأهل متاعب وإحراجات ، يمكن الإشارة الى نوع الملبس ، وكيفية تصفيف الشعر ، وطريقة الكلام ، والإستماع لأنواع خاصة من الأغاني .
وفي تقديرنا إن العلاقات والصداقات الخاطئة للفتيات المراهقات ، إنما تنتج بسبب عجز أولياء الأمور عن ضبط بناتهم وحتى عدم الإكتراث بهذا الجانب من قبلهم ، الأمر الذي يعد مسالة غاية في الأهمية ، والتساهل فيه يمكن أن يعرض الفتيات لمخاطر أخلاقية جسيمة .
الإنحرافات الغريزية


تدل الدراسات والبحوث الجارية في مختلف المجتمعات ، خصوصا المجتمعات الغربية ، على أن هناك إنحرافات غريزية عديدة في أوساط المراهقين ، ومنها حالة الإرضاء الذاتي لدى الفتيات والتي تقابلها حالة الإستمناء لدى الفتيان ، الا أنها أكثر شيوعا بين الذكور قياسا مع الإناث . ويمارسها عادة الأشخاص المصابون بالكآبة ، والمنطوون على أنفسهم .
ولمعرفة الباعث الأساسي لهذه الحالة ، يمكن الإشارة الى أساليب التربية الخاطئة ، وإنفلات الإجتماعي ، والأنانية ، والتحلل الخلقي ، والعجز عن تكوين رؤية سليمة عن الحياة الإجتماعية . وبالطبع فإن الأشخاص ليسوا جميعا على شاكلة واحدة ، وتعبر الغريزة الجنسية عن نفسها لدى كل منهم بطريقة


مختلفة وغير مسبوقة ، ومنهم من يشبع دافع اللذة والمتعة سرا بطريقة وأخرى ، وما لم يتدرب هؤلاء على ترويض أنفسهم والسيطرة على إندفاعاتهم الغريزية ، فإنهم لا يستطيعون ضبط ميولهم ورغباتهم الجنسية .
الشذوذ الجنسي


من الأحرافات الغريزة في هذه السن هو الشذوذ الجنسي ويعني الميل الة نفس الجنس ، حيث ترتبط الفتاة في بداية الأمر بعلاقة صادقة حميمة مع إحدى زميلاتها أو تعجب بمعلمتها بشكل خاص ، وتتحول هذه العلاقة أو الإعجاب شيئا فشيئا الى حب وغرام عاطفي ملتهب لا يختلف في شيء عن النوع الذي يحصل بين جنسين مختلفين .
ويحصل أحيانا أن تعجب الفتاة بإحدى معلماتها وتتعلق بها بشدة ، وتتخذها قدوة ومثالا للشخصية المتكاملة في الحياة ، فتندفع الى تقليدها في الحركة وفي طريقة الكلام ، وتحاكيها في مظهرها من حيث الأزياء والتبرج أو طريقة التأنق .
خطر الإدمان


من حسن الطالع إن خطر الإدمان على المخدرات ضئيل جدا بالنسبة للفتيات في المجتمعات الشرقية ، والإسلامية منها بوجه خاص . الا أنه إذا سلمنا بحقيقة التأثيرات السيئة لأجواء التحلل الإجتماعي على اعضاء الفئة العمرية نوأخذنا بنظر الإعتبار إحتمال مبادرة بعض الفتيات الى تعمد الإنحراف والجنوح ، في بعض الحالات ، نكاية بالوالدين ، وإنتقاما منهم ، فإنه يمكن القول إن من الحكمة الإهتمام بهذا الجانب وعدم إغفاله.
إن علاقات الزمالة والعشرة المنحرفة في المجتمع تعد أرضية خصبة


للتعرض لمختلف أنواع الإنحرافات الخلقية والسلوكية ، ومن شأنها أن تدمر حياة الفتاة وتسبب لها وللأسرة متاعب غير محسوبة . أجل ، فإن فتياتنا يذهبن الى المدرسة كل يوم ، فيجلسن الى جنب أخريات في الفصل ، ويرتبطن بهن بعلاقات صداقة وزمالة ، والأخريات لسن بالضرورة جميعا من عوائل أصيلة وملتزمة ، ويكفي أن تكون بينهن واحدة منحرفة وجذابة في الوقت ذاته ، ليكون خطر الجنوح والإنحراف كامنا على بعد أمتار من فتاتنا .
الهرب من البيت


هذه الحالة أيضا نادرة في مجتمعاتنا الشرقية والإسلامية الا أن نظرة عابرة على المحاكم وعلى مراكز الإصلاح والتأهيل التربوي ، تدل على وجود أعداد غير قليلة من ضحايا الهرب من البيت .أجل فإن من أهم حالات الجنوح لدى الفتيات ، خصوصا الساذجات ، هو الهروب ن البيت .
فالفتاة بهروبها من البيت توجد ضغوطا نفسية شديدة لوالديها ، وتوحي بفعلها هذا للأقارب والجيران بأنها تتعرض لمعاملة سيئة من قبل الوالدين . ومثل هذا الشعور يريحها وتنظر الى فعلها بإعتباره إنتقاما من والديها أو إخضاعا لهما .
وتحصل هذه الحالة عادة للفتيات اللاتي يعانين من إضطرابات نفسية ومن مشاكل في داخل أسرهن ، أو يشعرن بأنهن ، على اثر ذنب أو خطيئة إرتكبنها ، بأنهن قد وصلن الى طريق مسدود ، وتدفعهن الى إتخاذ مثل هكذا قرار ، السذاجة المفرطة التي يمتزن بها وسرعة الإنخداع بالماكرين والغاوين ... وبالطبع فإن هذا الهروب ينتهي بالعودةفي معظم الحالات ، ولكن يمكن أن يترتب عليه في بعض الأحيان عواقب محزنة.
الإنتحار أوالتظاهر به


تراود بعض الفتيات أحيانا ، خصوصا أولئك اللاتي يعانين إضطرابات


نفسية أو مشاكل في حياتهن ، هواجس التفكير بالإنتحار أو التظاهر بالإنتحار . ويهدفن من وراء تصرفاتهن هذه إما التدرب على الإنتحار إو إخافة والديهن وتحذيرهما .
فمن حالات التظاهر بالإنتحار ، يمكن الإشارة الى حالات من قبيل الإقدام على جرح الأيدي بالة حادة ، أو تناول مجموعة من الأقراص ، أو غسقاط النفس ن إرتفاع معين و ... كما وهناك طرق عديدة يستخدمنها في الإنتحار الفعلي ، ومنها تناول المواد السامة ، أو شنق النفس أو تنفس الغاز ، أو إستعمال الأسلحة النارية و ...
وهذه الحالة شائعة في سني 16 ـ 20 عاما بنسبة أكبر من المرحلة الأولى للمراهقة أو مرحلة البلوغ . فمن شأن إثارة بسيطة أن تدفعهن الى التفكير بالإنتحار . وبطبيعة الحال لا يستبعد أن يكون لحالات الكبت والحرمان المرتاكمة في سني الطفولة ، دور في دفع الفتاة الى التفكير بمثل هذا الشيء . وعلى أي حال ، فمن الضروري إتخاذ الحيطة والحذر الدائمين ، وإستشارة الطبيب النفساني عند الحاجة.
الخفة والوقاحة


من الإنحرافات في هذه السن والتي تنطيق على بعض الفتيات ، حالة الخفة والوقاحة التي تتجلى على شكل التبرج من حيث الأزياء وإبداء الزينة . إن ما تلاحظه في الشوارع من هذه الحالات إنما يحصل في الغالب بعيدا عن أعين أولياء الأمور . فهؤلاء يرتدين مثل هذه الأزياء ويستعرضن لمثل هذه التصرفات ويخرجن الى الشارع في غفلة عن الآباء . وحتى في العالم الغربي ، رغم كل الحريات الخاطئة في هذا المجال ، نجد إن هذه الحالة مرفوضة من قبل الآباء والأمهات ، وإذا حصلت فإنما تحصل في غفلة منهم .


إن من شأن هذه الحالة أن تؤدي الى عواقب غير محمودة للفتاة ، وأن تخلق متاعب كثيرة للوالدين والأسرة لما يمكن أن يترتب عليها من علاقات محرمة بين الجنسين تنعكس آثارها على شكل شيوع الفساد والرذيلة في المجتمع .
العوامل المسببة


يمكن ذكر مسائل عديدة في هذا المجال ومنها جهل الوالدين وغفلتهم عن المخاطر التي يمكن أن تهدد فتياتهم نتيجة هذه الحالة ، وعجزهم عن ضبطهن والإشراف على علاقاتهن خارج البيت ، وإنشغالاتهم الكثيرة التي لا تبقي لهم فرصة تفقد بناتهم وإبداء التوجيهات والإرشادات اللازمة لهن ، ووجود المنتديات المفسدة ، وإمكانية اللقاءات المحرمة في المدن بسهولة ، وضعف الوعي الديني والأخلاقي ، والشعور بالحرمان من الحب والحنان في وسط الأسرة ، والإختلالات العصبية و ... الخ .
وفي الوقت ذاته لابد من معرفة إن هذه الإنحرافات لا تحصل دفعة واحدة أو بشكل فجائي ، بل أنها تحصل بالتدريج ، وفي حال عدم مكافحتها في بداياتها ، فإنها تتفاقم شيئا فشيئا لتتجذر في الشخصية على شكل إنحرافات مرضية يصعب علاجها .