المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : التحولات الذهنية والنفسية


الشيخ عباس محمد
23-08-2015, 09:00 PM
التحولات الذهنية والنفسية








إن مرحلة ما قبل البلوغ بالنسبة للفتيات والفتيان هي فترة بروز بوادر التحول في مختلف جوانب حياتهم الذهنية والنفسية . وكل هذه الأمور جديرة بالبحث والإهتمام بإعتبارها تساهم بدرجات كبيرة في تشكيل الشخصية للعب دورها في حياة الكبار خلال مراحل الحياة اللاحقة.
هناك ثلاثة تحولات أساسية تحصل خلال مرحلة المراهقة في حياة أعضاء فئة المراهقين يشترك فيها الإناث والذكور على السواء وهي :
أولا : إنهم يملون الى كسب المعرفة حول البارئ تعالى ، وهو أمر فطري نلاحظ بوادره الأولى منذ سني الطفولة ، حيث يعتبر الطفل مؤمنا بالله بالفطرة بحسب الرؤية الإسلامية ، وما الميل الجديد الذي يحصل خلال هذه المرحلة من العمر الا بدافع إستكمال المعلومات في هذا المجال.
ثانيا : بروز الوجدان الأخلاقي لديهم وإدراكهم أو سعيهم الى إدراك معايير الفضيلة والرذيلة في الياة ، إنطلاقا من فهمهم لكثير من المسائل الحياتية ، و شعورهم بما يبدر منهم أحيانا من أخطاء ، حتى وإن غاب ذلك عن الآخرين ، وتأنيبهم أنفسهم عليها.
ثالثا : تحمسهم الى الدين والى الالتزام بأحكامه وتعاليمه ، وسعيهم الى أداء الصلوات والطقوس العبادية ويمكن ملاحظة ذلك بوضوح من خلال ما يظهر على سلوكهم من إندفاعات مختلفة بهذا الإتجاه . ويمكن تنمية هذه الحالة الإيمانية لديهم وتحويلها الى ملكة في شخصياتهم بواسطة الإرشاد والتوجيه المستمرين .





الذكاء وحب الإطلاع





تتجه الفتيات ، خلال سني المراهقة ، نحو النمو والتكامل الذهني ، إن النمو في هذا المجال يبدأ بطيئا خلال مرحلة الطفولة ، ويتسارع إيقاعه بإتجاه التوقد الذهني في سن المراهقة الى درجة ذهب البعض الى القول بأنه يبلغ ذروته في سني 14 ـ 16 عاما .
ورغم إن هذه السن هي سن نمو وتوقد الذهن الا أن هذه الحالة ليست ثابتة على وتيرة واحدة عند جميع الأشخاص ، فقد تكون فتاة في سن الثانية عشر وتتمتع بذكاء بنت الرابعة عشر ، أو على العكس من ذلك فقد تكون في الرابعة عشر من العمر بينما لا تتجاوز درجة الذكاء لديها درجة ذكاء بنت العاشرة. ولا يخفى ما لذلك من تأثير على المستوى الدراسي للفتيات وعلى طبيعة حياتهن حاضرا ومستقبلا.
كما تتولد لدى الفتيات في هذه السن حالة من الفضول وحي الإطلاع جديدة ومختلفة عن التي كانت في سن الطفولة ، ويدركن في الوقت ذاته إنه ينبغي أن لا يظهرن فضولهن بشكل علني حول بعض المسائل الخاصة ، ويحاولن الإطلاع على مثل هذه القضايا وكسب المعلومات عنها خفية ومن خلال التلصص أو الأسئلة والإستفسارات البريئة في ظاهر الحال .
إن بعض المسائل التي تثير فضول المراهقات ويحاولن كسب المعلومات عنها تدور حول التطورات العضوية التي يلاحظنها في أجسامهن في فترة المراهقة ، فيندفعن على أثرها الى التسؤل حولها ومقايستها بما لدى الأخريات منها .
التخيلات





إذا سلمنا إن الصور والتجسيمات الخيالية أكثر تأثيرا في حياة الإنسان من






معامل العقل ، كما يعتقد ب ـ جيوم ، فلابد من الإذعان بأن مرحلة المراهقة هي إحدى المراحل الأساسية لنمو وإتساع الخيال لدى الإنسان (1) . فالفتيات يحوالن في هذه المرحلة تجسيم خيالاتهن في الواقع الخارجي من خلال تقليد النساء الناضجات في سلوكهن وتصرفاتهن.
إن مساحة الخيال لدى الفتيات في سن المراهقة تتسع بشكل كبير الى درجة قد تجر ، في بعض الحالات ، الى أن يشغلن معظم أوقاتهن بنسج الخيالات والتمنيات الواهية . ويمكن ملاحظة الكثير من هذه الحالات ، فضلا عما يدو على سلوكهن ، من خلال كتاباتهن التي تميل في الغالب الى الرومانسية والشفافية ، والإستغراق ي الأوصاف الخيالية.
فرغم ما للدراسة والتثقيف الذاتي من دور هام ومؤثر على طريق الكشوفات والإختراعات العلمية ، وكسب المهارات في الكتابة وفي إنشاد الأشعار وتاليف الكتب المفيدة في المجتمع و ... الا أن للإستغراق في الجانب الأدبي في هذا المجال ، وفي النوع الرومانسي على وجه خاص ، سيئات غير قليلة بالنسبة للمراهقات ليس أقلها إحتمال الإبتلاء بالخيالية المفرطة في النظر الى الأشياء في الحياة.
نوع الخيالات





تتميز الفتيات المارهقات بخصوبة الخيال ، خصوصا المثقفات والمتعلمات منهن . ويعتمد هذا الخيال في العمق والإتساع الى حدود قد يخلق في أذهانهن لقاء عابر أو حوار عادي رواية كاملة بكل معنى الكلمة من الإيحاءات والصور

(1) البلوغ ، موريس دبس ص49 .







الخيالية(1).
وبعبارة أخرى ، تنشغل الفتيات ، خلال فترة المراهقة ، في معظم الأوقات بنسج الخيالات والأساطير والأوهام غير الواقعية ، حتى لقد يتغرقن في أحلام اليقظة ويستمتعن بها لساعات طويلة دون أن ينتبهن لأنفسهن.
إن من شأن حالة الإسغراق في الخيالات والأوهام لدى المراهقات اللاتي يعنين من مشاكل عائلية أو مساكل خاصة بهن ، أن تتفاقم وتستفحل الى درجة تبعدهن عن واقعيات الحياة ، وحتى لقد تعرضهن الى إختلالات فكرية وذهنية خطيرة.
الذاكرة والإستيعاب





تحصل لدى الفتيات ، في سني المراهقة ، بعض الإعتلالات في مجال الذاكرة وفي القابلية على إستيعاب وحفظ المعلومات ، فيوصمن على أثرها خطأ ببطء الفهم وضعف الذاكرة ، وذلك لما يبدو على مستوياتهن الدراسية من هبوط وتنازل في الدرجات التي يحصلن عليها خلال الإمتحانات في مختلف المواد الدراسية بخلاف ماكن عليه في مرحلة الأبتدائية.
في الواقع إن مبعث هذه الحالة لا يعود الى ضعف الذاكرة أو بطء الفهم كما يذهب البعض ، وإنما يعود الى طبيعة المرحلة الجديدة في حياتهن ، اي مرحلة المراهقة ، التي تنشغل فيها أذهانهن بالتطورات النفسية والعضوية ـ المستحدثة لديهن وينصرفن على أثرها الى الإهتمام والتفكير بأشياء أخرى غير المذاكرة ومراجعة الدروس ، هذا فضلا عن إن المادة الدراسية في مرحلة ما بعد الإيتدائية ـ تكون أصعب وأعقد نسبيا.

(1) نفس المصدر ، ص 69 .


ولا يفوتنا أن نشير هنا الى أن الإناث يتفوقن بشكل عام على الذكور فيحفظ وإستيعاب المعلومات في المجالات الأدبية المختلفة من قبيل قواعد اللغة والنحو وتعلم اللغات الأجنبية ـ وتفصيلاتها وهو ما يمكن ملاحظته بوضوح من خلال الدرجات العالية التي يحصلن عليها في هذه المواد.
الإرادة والإعتماد على الذات





تضعف قوة الإرادة لدى الفتيات في سن المراهقة الى درجة تقلقهن وتقلق أولياء أمورهن والمعنيين بتربيتهن والإشراف على شؤونهن ، وذلك لما لهذه الحالة من عواقب قد تكون وخيمة وخطرة على نحياتهن وشرفهن في الحاضر والمستقبل من الزمن .
إن الإرادة تصل الى درجة من الضعف لدى الفتيات ، في مثل هذه الحالة بحيث تشلهن تماما ، في بعض الحالات عن الحركة ، وإبداء ردود الأفعال تجاه القضايا التي يواجهنها . ومن المضاعفات الأخرى لضعف الإرادة يمكن الإشارة الى إحتمالات فقدان الثقة بالنفس والعجز عن الإعتماد على الذات في مختلف الأعمال والفعاليات الحياتية.
فمع ما تنطوي عليه الحالة الأخيرة من سئات وأخطار في حياة الفتيات المراهقات ، الا أننا نجد من حسن الطالع إنهن يتمتعن خلال هذه المرحلة من العمر بضمائر حية متوثبة من شأنها أن تحول دون كثير من حالات الوقوع في الخطيئة أو مقاومتها والإبتعاد عنها بإعتبار أن الضمير يحدثهن ويأنبهن بغعالية أكثر في مثل هذه السن سواء قبل أو بعد الخضوع للذنب والخطيئة.
النمو العلمي





قلنا إن الذكاء يتجه نحو النمو والإستزادة ، ويزداد معه الخزين العلمي






وتنشط معامل العقل أكثر فأكثر في حالة توفر الأرضية لذلك ، غير أن ذلك لا يعني إو أرضية التعلم والإكتساب العلمي تتوفر للجميع بنفس المستوى . الا أنه على أية حال ، والمهم هو إن العقل طاقة نفسية حية تزيد وتتطور في ظل العلم والتجربة أو كما يقول الإمام علي عليه السلام : «العقل غريزة تزيد بالعلم والتجارب» (1).
وبشكل عام ، فإن التطور والنمو المعرفي لدى أغلب الفتيات يتجه نحو النضوج والتكاما إبتداء من السنوات الأولى للمراهقة ، وتبرز فيها القابليات والإستعدادات الفكرية ، والعلمية المختلفة بوضوح(2).
التحمس الديني





قلنا إنه يتولد لدى الفتيات ، قبل تفتح الغرائز الجنسية وطغيانها ، نوع من الحماس الديني يندفعن على اثره الى كسب المعرفة في المجال الديني ، والى القيام بالصلوات والطقوس الدينية ، والى الالتزام بالتعاليم والأعراف الأخلاقية والإجتماعية التي يفرضها الشارع المقدس ، وهو امر جيد ومفيد وبإمكانه أن يحول دون الإنسياق وراء الكثير من حالات السقوط والإنحراف ، ويعد في الوقت ذاته فرصة طيبة لتنمية الروح الإيمانية ـ لدى الفتيات والعمل على تعزيزها بالتدريج.
ويبدو لنا إن الحكمة الالهية شاءت من توقيت الحماس الديني قبل بدء فوران عاطفة الغريزة ، إعطاء الشخص فرصة لكي يحصن نفسه فكريا ومعنويا ويستعد مسبقا لمواجهة طغيان الغريزة ومقاومة حالاته الفائرة والتازعة بتطرف في مختلف الإتجاهات.

(1) غرر الحكم ، ص 40 .
(2) علم النفس إسبرلينج ، ص 183 .








الضغوط النفسية





فمع مطالع مرحلة المراهقة ، حيث بدء نشاط وفعالية الغرائز والقوى العقلية ، والتي تولد بطبيعتها مجموعة من الضغوط النفسية ، تندفع الفتاة الى القيام ببعض التصرفات والإفعال ، التي يعبر عنها بالأفعال غير الإرادية ، وذلك بهدف التنفيس أو التخلص من هذه الضغوط النفسية.
ومن شأن هذه الضغوط النفسية ، في حار تفاقمها ، أن تجر الى حالات غير طبيعية وتبرز أعراضها على شكل قضم الأظافر بالسنان ، وحدة المزاج والعصبية ، وفقدان الثقة بالنفس ، والشعور بالفشل ، والإكتئاب . والجدير بالذكر أن نحو 4% من الأشخاص يصابون بمرض الشيزوفرنيا في سن 10 ـ 14 عاما ، بينما تزداد هذه النسبة لتصل 10 % في السنين التي تسبق ذلك.