المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أردوجان … البهلوان


kumait
25-03-2013, 02:24 AM
أردوجان … البهلوان
محمود كامل الكومى

تركيا , وأعتلاء سلم فلسطين والأسلام للوصول للأتحاد الأوربى

من قبل أن يخلق الأتحاد الأوربى الى عالم التكتلات الدوليه والأقتصاديه – ومنذ السوق الأوربيه المشتركه -أضنت المحاولات الحكومات التركيه المتعاقبه للوصول الى بطاقه عضويه اى منهما ,, والى وقت قريب كان الرفض الأوربى لأنضمام تركيا للأتحاد الأوربى ليس له بديل متعللا بمجموعه من الأسباب رأتها قياده الأتحاد غير متوافره فى تركيا حتى يتسنى لها أن تتوائم مع سياج المضمار الأوربى , الذى وافق على عضويه معظم الدول التى كانت تكون مع الأتحاد السوفيتى (السابق)ما كان يطلق عليه حلف (وارسو)والعدو اللدود لدول حلف الأطلنطى ,والذى ما نشأ الا ليتصدى لهذا الحلف الغربى الأمريكى , وعلى الرغم من أن تركيا كانت عضوا مؤسسا لحلف الناتو والى الآن ,الا أن الأتحاد الأوربى – ومن قبله السوق الأوربيه المشتركه – ما كانت تلبى رغبه الحكومه التركيه فى الأنضمام اليه , وما برح اى طلب تركى بالأنضمام للأتحاد الأوربى الا وكان الرفض مصيره المحتوم .

حين أعتلى الأسلاميون ممثلين فى حزب (العداله والتنميه ),لم يكن جل أهتمامهم هو صعود الأسلام , لكن كان ذلك مغازله لكل من الدول الأسلاميه ,خاصه العربيه , ودول الأتحاد الأوربى على السواء,(بورقه الأسلام ) وان أختلف الهدف من المغازله فهى فى الجانب الأسلامى والعربى – تبغى اللعب على عواطف شعوبها التى ما برحت الا وتمنت من يعيد لها روحها الدينى وسط عالم تكالب عليها لا يبغى الا نهب ثرواتها وأفراغ روحانيات شعوبها من محتواها ,وأمن اسرائيل خصما من أراضيها – ولدى الجانب الغربى كانت رساله له تحاول بث الرعب (وان بدى قليل )فى نفوس الدول الغربيه التى رأت فى حركات الأسلام السياسى أرهاب وتهديد لأمن وأستقرار المشروع الغربى الأوربى , لكن السياسه التركيه رأت ألا تقطع شعره معاويه بينها وبين دول الأتحاد الأوربى , فكان التأكيد على مدنية الدوله التركيه ,وعدم الخلط بين مرجعيه (حزب العداله والتنميه ) الأسلاميه وسياسه الحكومه التركيه المحافظ على مدنيه الدوله فيها , وأنتهاج سياسه الأقنصاد الحر بمفهومها الغربى .

سارت السياسه التركيه تغازل النظم السياسيه والحركات الشعبيه العربيه والأسلاميه , بما بدى أنه مشروع أسلامى للدرجه التى جعل بعض من العرب يطلق على اردوجاب وحزبه (العثمانيون الجدد), لكن كان مايؤرق هذه النظم والحركات ,عضويه الأتراك لحلف الناتو ومدى التزامهم بمقرراته وارتباط الحكومه التركيه الأقتصادى والسياسى بالدوله العبريه ,خاصه الأتفاقات العسكريه بينها وبين اسرائيل والمناورات المشتركه بينهما على مدى تاريخ بعيد والى وقت قريب, وللتعتيم على ذلك ومحاوله منها للتمويه ,عقدت أتفاقات تجاريه وأقنتصاديه – وقبل أحداث سوريا الأخيره-بين سوريا وتركيا بمقتضاها سارت حريه التجاره والتنقل بين الطرفين وبدون تأشيرات وغدت المنطقه الحدوديه بينهما مشتعله الحركه تعج بها قوافل السيارات والناقلات التى تنقل البضائع من تركيا الى سوريا والعراق وبالعكس , وصارت الحدود أشبه ببلد واحد, وهو مابدى أنه خرق لما فرضته أمريكا وبعض البلدان الأوربيه من حظر على سوريا لخنق أقتصادها عقابا على ما أسمته دور سوريا فى أغتيال الحريرى , كانت هذه رساله تركيا الى الدول الأوربيه بالموافقه على عضويه تركيا للأتحاد الأوربى ,, والا صرنا المنقذ لسوريا وأفشال مخططات الغرب الأمريكى تجاهها .

لكن كانت قمه الأخراج التمثيلى والبروبجندا اللذان أنطليا على العرب وعلى الشعب العربى والفلسطينى خاصه , تلك المظاهره البحريه التى قادتها السفينه التركيه (مرمره) -فى محاولتها كسر الحصارالصهيونى المفروض على غزه- ضمن أسطول الحريه ,- واذاكان أسطول الحريه وما عليه من أفراد وهيئات وشخصيات اوربيه , قد رأت بضميرها الحى وبأنطلاقها من مقومات أنسانيه تعبر عن شعور جم تجاه الشعب الفلسطينى ومحنته الأنسانيه , ومحاوله الوصول اليه وأمداده بمتطلبات حياته رغما عن دوله الأحتلال الصهيونى ,-الا أن الحكومه التركيه فى تسييرها للسفينه مرمره التركيه لم يكن فى حسبانها هذا الهدف الأنسانى النبيل , وأنما كان هدفها الخفى هو أرسال رساله الى الأمه العربيه والأسلاميه أنها مع الشعب الفلسطينى ضد أسرائيل ,حتى لو كانت علاقات اسرائيل معها مميزه وحتى لو كانت مناوراتها العسكريه معها تسير الى ماهو عليه .

لكن أسرائيل لاتعرف خط أحمر مع اصدقائها ,ولم تتوقع الحكومه التركيه قيام القوات الصهيونيه بقتل 19 مواطنا تركيا شريفا كانوا على ظهر السفينه مرمره ,وعلى أستحياءسحبت تركيا سفيرها من تل أبيب وأثار رئيس وزرائها (اردوجان ) فرقعات بهلوانيه تجاه الحكومه الأسرائيليه , أنطلت على شعبنا العربى , وأعادت ذكراتنا الى مابدى من أردوجان وتعقيبه على بيريز (رئيس أسرائيل )آبان الملتقى الأقتصادى المنعقد بسويسرا ومغادره أردوجان لمكان الندوه المنعقده , وهو ماعظم من صورته فى مخيال الشعوب العربيه , التى لم تسأل نفسها أما كان من الأجدر بأردوجان ان يضع حدا لعلاقته المتميزه مع الصهاينه من بهلوانيته هذه ؟!

غازل أردوجان الشعب العربى وأنطلت عليه المغازله ,, لكن رسالته التى وجههاللأتحاد الأوربى من خلال مابدى أنه رد تركى على اسرائيل تجاه عمليه السفينه مرمره . ومن تعاونه الأقتصادى والحدودى مع سوريا لم تصل , كما أراد لكنها وصلت بالمفهوم الأوربى الذى أعادها الى الحكومه التركيه بما أعلنه الأتحاد الأوربى بمسئوليه الأتراك عن أبادة الأرمن ,ولأن الهدف الأستراتيجى للسياسه الخارجيه التركيه – المتحالفه مع الناتو – هو الأنضمام الى الأتحاد الأوربى , ولما بدى أن سياستها مع سوريا وتجاه اسرائيل لم تحقق الهدف المرجو منه وهو أن تستجيب دول الأتحاد الأوربى لعضويه تركيا بها , والا.. لذلك ما كان لتركيا الا أن تسوق نفسها من جديد لأمريكا ودول الأتحاد الأوربى وتعيد اليهما الثقه فى سياستها التى لاتحيد عن تنفيذ مقررات الناتو – أملا فى عضويه الأتحاد الأوربى ,لذلك كانت تركيا اول من وقف مع المعارضه السوريه واستضافها على أراضيه وفتح لها الحدود والقواعد التى تستخدمها لشن هجماتها على الداخل السورى, وكانت الحكومه التركيه أول من طالب الرئيس الأسد بالرحيل ,و وصل الأمر الى حد أقامه صواريخ باتريوت الأمريكيه على حدودها تهديدا للأمن السورى ولنظامه .

شجعت السياسه التركيه تجاه سوريا الولايات المتحده الأمريكيه على السعى لأنشاء تحالف أقليمى يضم (تركيا والأردن وأسرائيل )للتدخل فى سوريا بمقوله السيطره على منشآتها الكيماويه , ولما كان هذا التحالف مازال فى المهد ويتطلب أعداد خطط عسكريه وتدريبات مشتركه ,لذلك كانت الحاجه الى تسويه العلاقات بين تركيا وأسرائيل , وهو ما أستغله الرئيس (اوباما )خلال زيارته لأسرائيل مؤخرا , فكانت خطوة الأعتذارمن جانب نتنياهو (رئيس وزراء الكيان الصهيونى )لتركيا عن مقتل 19 مواطن تركى على متن السفينه مرمره – وهو مابدى أنه طوق النجاه لأردوجان فى سباحته للوصول الى شاطىء الأتحاد الأوربى , ويؤكد نتنياهو ان خطوة الأعتذار لم تأت بضغط أمريكى ,بل تتعلق بالحرب الداخليه الدائره رحاها فى سوريا , والتى تدعو الى حاجه ملحه لحليف أقليمى قوى ,وعلى أثر الأعتذار , أتفق اردوجان ونتنياهو على 1- وقف الأجراءات القضائيه لملاحقه جنود وضباط اسرائيليين متهمين بقتل الأتراك على السفينه مرمره 2- وقف التصريحات المعاديه لأسرائيل 3- أعاده السفراء وتطبيع العلاقات بما سيشمله ذلك من تنسيق أمنى وأستئناف المناورات العسكريه بين تركيا واسرائيل.

والسؤال المطروح الآن اذا كانت حكومه اردوجان قد أهدرت الدم التركى وضحت بأرواح مواطنيها هباء ، فهل سيكون الدم العربى المراق فى فلسطين فى حسبان حكومه اردوجان ؟!

والأجابه على هذا السؤال فى أنكشاف الدور التركى ومدى تحالفه مع جماعه الأخوان المسلمين التىترمى الى قيام دوله الخلافه الأسلاميه على أنقاض الدوله القطريه الوطنيه بدءا بسوريا ومصر والهدف التركى هو أمن اسرائيل وفرض واقعها داخل الأمه العربيه , وهو ما يجعل الدور التركى جديرا بالأعتبار لدى أمريكا ودول الأتحاد الأوربى ,ويمرر أوراق أعتماده فى بروكسل بما يزكيها بجدارة القبول لعضويه الأتحاد الأوربى .

أن تآمرا على هذا المستوى من جانب الحكومه المدعاه بالأسلاميه التركيه ,يجب أن يعيد الينا النظره المتعمقه فيما ترمى اليه السياسه التركيه تجاه الأمه العربيه لتحديها ومواجهتها بما يتطلب ذلك من ثقل وعمق أستراتيجى بفكره القوميه العربيه , بل وفى كل مكان لتشد من لحمة شعوب الأمه العربيه وتعزيز صفوفها وتقويه عزيمه الضعاف , ومواصله الزخم حتى يتحول الى موج متعدد التأثير وواسع الهمه ..