المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : : التقيَّةُ المُداراتيَّةُ من أبناء العامة :منهجٌ ومُعطيات :


مرتضى علي الحلي
03-02-2013, 11:42 PM
: التقيَّةُ المُداراتيَّةُ من أبناء العامة :
===================
:منهجٌ ومُعطيات :
==========

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين

لقد مثَّلَ مفهوم التقيَّة المُداراتيَّة في منظومة أهل البيت المعصومين :عليهم السلام:
تعبيراً إحيتاطياً دقيقا و منحى إنسانيا رائعاً

وتطبيقاً أخلاقيا مكينا
كاشفاً عن عمق المرونة والسماحة في تشريعات الإسلام العزيز


ليؤكِّد في إجرائياته الحياتية على ضرورة مداراة ومسايرة المُخالفين من أبناء العامة مداراةً ومسايرةً بالمعنى الأخلاقي الأعم

ذلك لتأليف وتوحيد المسلمين ونبذ الفرقة والتناحر العقيدي
و الآيديولوجي والسلوكي وحفظ دم المسلمين والمنع من سفكه .


ولبيان ما عليه أئمة أهل البيت المعصومين :عليهم السلام:وشيعتهم
من الخُلُق الرفيع والأدب المنيع والسماحة في التعاطي مع الآخر المُختلف معنا بصورة إنسانية محضة.



وقد دلَّتْ الأدلة الروائية المُعتبرة على مشروعيَّة التقية المُداراتية

وأهمها صحيحة هشام الكندي
قال سمعتُ أبا عبد اللَّه الإمام جعفر الصادق: عليه السّلام :

يقول:

:إيّاكم أن تعملوا عملاً يُعيِّرونا به
فإنَّ ولد السوء يُعيَّر والده بعمله
كونوا لمن انقطعتم إليه زينا ولا تكونوا عليه شينا
صلوا في عشائركم وعودوا مرضاهم
واشهدوا جنائزهم ولا يسبقوكم إلى شيء من الخير
فأنتم أولى به منهم
واللَّه ما عبد اللَّه بشيء أحب إليه من الخباء :
قلتُ :الرواي : وما الخباء ؟
قال :عليه السلام: التقية :
:الكافي :الكليني :ج2:ص219:


وهذا النص الروائي الصحيح متنا وسندا
يعني أنَّ الإختلاف العقيدي والآيديولوجي بيننا
وبين كافة مذاهب المسلمين لايمنع من معاشرتهم بالمعروف والتآلف معهم أخلاقيا ومجتمعيا .

وقد إستظهرَ السيد الخوئي:رحمه الله تعالى:
دلاليّاً من هذا النص

: على أن حكمة المداراة معهم:مع أبناء العامة:
في الصلاة أو غيرها
:أي في المعنى الأخلاقي والمجتمعي:

إنما هي ملاحظة المصلحة النوعية واتحاد كلمة المسلمين من دون أن يترتّب ضرر على تركها

وقد ورد في صحيحة عبد الله بن سنان أنه قال :
: سمعتُ أبا عبد الله :الإمام الصادق : عليه السلام :

يقول : أُوصيكم بتقوى الله ولا تحملوا الناس على أكتافكم فتذلوا
إنَّ الله عزّ وجلّ يقول في كتابه :
( وقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً )
ثم قال:عليه السلام :
عودوا مرضاهم واحضروا جنائزهم واشهدوا لهم وعليهم
وصلَّوا معهم في مساجدهم حتى يكون التمييز وتكون المباينة منكم ومنهم :

:شرح العروة الوثقى :تقرير بحث السيد الخوئي:للغروي:ج5:ص275:



وذهب السيد عبد الأعلى السبزواري:رحمه الله تعالى:
إلى أنه
: ويستفاد منه :من النص الروائي الصحيح أعلاه :
ومن غيره عدم انحصار التقية في خصوص الخوف منهم فقط ،
بل بالمجاملة معهم أيضا :
:مُهّذَب الأحكام في بيان الحلال والحرام :السيد عبد الأعلى السبزواري:ج14:ص180:



وأما السيد محمد الصدر:رحمه الله تعالى:
فقد بيّنَ نظره في مشروعيّة التقية المداراتية

وقال :
: إنَّ كلّ المطلوبات في العلاقة مع العامة من نوع التقية
لا بمعنى أننا نحسب لكلّ مورد حسابه
بل بمعنى أننا نقيّم الجو العام المأمور به في العلاقة معهم ككلّ وذلك من أجل الحكمة التي قلناها فيما سبق ،
وهي وحدة المجتمع المسلم أولاً .
والمحافظة على موالي الأئمة المعصومين : عليهم السَّلام: ثانيا :
:ما وراء الفقه :السيد محمد الصدر :ج1 :ص110



إنَّ التقيّة المُداراتية لاتستوجب إباحة الفعل الحرام أو ترك الواجب شرعا
ولاتمثِّل حالةً من الضعف أو الهوان في التعاطي مع الآخر
حتى في صورة قوة مذهب أهل البيت :عليهم السلام: وإقتدارشيعتهم
وضعف أبناء العامة وذهاب شوكتهم .


وإنما هي منهجٌ مدروس ومؤدلج له إرتباطاته المركزية مع
مرتكزات الدين والإيمان والتقوى.
وغير منحصر بظرف الخوف والإضطرار والإكراه

بل هو أمرٌ أخذ في موضوعه وحكمه وأثره
الإطلاقية والشمولية .


حتى أنَّ الروايات الشهيرة قد حذّرت من ترك التقيّة بصورة عامة وخاصة
وربطتْ ذلك بقضية الإمام المهدي:عليه السلام:
وظهوره وقيامه بالحق :

فعن الحسين بن خالد عن الإمام علي بن موسى الرضا
- عليه السَّلام –
قال :
: لا دين لمن لا ورع له ، ولا إيمان لمن لا تقية له .
وإنَّ أكرمكم عند الله أعملكم بالتقية .
قيل : يا ابن رسول الله إلى متى ؟
قال : إلى قيام القائم .
فمن ترك التقية قبل خروج قائمنا فليس منَّا :
:كمال الدين وتمام النعمة : الصدوق:ص371



والتقيّة بصورة عامة تُمثّل نوع من الوقاية والتحفظ عن الوقوع
في المحذور الشرعي والعقلي
وصيانةً للنفس عن الضرر
وسبباً لتأمين العقيدة الحقة وأصحابها من الوقوع في الهلاك على أيدي الأعداء.


وتُسهم التقية في تربية المؤمنين تربية نوعيّة وصالحة يقدرون معها على إدارة الحراك العقيدي والآيديولوجي مع الآخر المُخالف إدارةً فاعلة تتجاوز
كل خطر مُحتمل أو ضررٍ قريب الوقوع.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :

مرتضى علي الحلي
04-02-2013, 03:51 PM
:1:
إنَّ المقصود بالتقية المداراتية والتي هي عنوان الموضوع هي التقية في منحاها الأخلاقي والمجتمعي لا التقية في منحاها الفقهي والعقيدي
وهي مشروعة ومؤكَّدة في الراوية الصحيحة والمعتبرة متنا وسندا.

:2:
إنَّ النص الروائي الصحيح والذي ذكرته مدركاً للموضوع هو نص ودليل لفظي مُطلق غير مقيَّد بزمن ما
شرّعه الإمام المعصوم :عليه السلام: على نهج القضية الحقيقة لا القضية الخارجية والشخصية
حتى يرد الإشكال بكون الرواية خاصة بزمن المعصوم تحديدا.

:3:
إنَّ ملاك ومعيار تشريع التقية المداراتية هو حفظ وحدة المسلمين وحقن دمائهم وتأليفهم دينيا ومجتمعيا .
بغض النظر عن ظرف التطبيق وشؤوناته الحياتية .

بمعنى أننا إذا أردنا حفظ وحدة الصف الإسلامي دينيا ومجتمعيا فما علينا إلاَّ مداراة ومسايرة المخالفين في زمن إقتدار مذهب أهل البيت المعصومين :عليهم السلام: وشيعتهم :
ومعنى المداراة والمسايرة هو التواصل معهم إجتماعيا كالمشي خلف جنائزهم وعودة مرضاهم وغيرها .

:4:
إنَّ ظرف تطبيق التقيّة المداراتية هو غير محدد بوضع الخوف أو الإكراه لا بل هو ظرف مفتوح على كل حال
لذا يجب مراعاة تطبيق التقية المداراتية حتى وإن إرتفع ظرف الخوف والظلم من الآخر المُخالف .
إمتثالاً لسنّة المعصومين :عليهم السلام: وحفظاً وضماناً للمصلحة النوعية الكبرى من تطبيق ذلك.

:5:
إنَّ وضوح الحقيقة العقدية وبيان وإنكشاف الحق من الباطل لايضر في التعاطي مع الآخر المُخالف بأخلاقية وإنسانية تؤمنه وتجعله مُدركاً لما عليه غيره من تدين وإلتزام حتى في ظرف المخالفة له.
فلا منافاة بين نتيج ومضمون التقية المداراتية وما نعيشه اليوم من حرية التعبير وعدم الخوف من الآخر.


والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أبواسد البغدادي
05-02-2013, 02:11 AM
اللهم صل على محمد وآل محمد
حيا الله اهل النجف وحيا الله الطيب مرتضى علي

لاول وهلة حينما يقرء القارء موضوعكم الموقر وهويتامل بالكلمات والاسانيد الصحيحة والروايات النورانية
يظن او يريد ان يحكم على ان مسالة التقية بمختلف مفاهيمها ومواقعها ( الفقهية العقدية الاجتماعية والسلوكية وغيرها )
ان يحكم عليها انها في زمن خاص او كان موضوعها في زمن معين ؟
الا انه وكما تفضلتم مولانا الجليل فان الحالة والحاجة الاجتماعية والسلوك الانساني الواعي يابى ذلك ؟
اي تاطير وتحجيم مفهوم التقية في زمن ما او ارجاعها الى حياة المعصوم عليه السلام في وقته والمخاطبين بها ..
والدليل على ذلك المشي خلف الجنائز وعيادة مريضهم وقضى حوائجهم فانها ضرورة معاشية بحتة تحتم على سلوك الفرد اتباعها
والا لو دامت واستتبت الاوضاع للشيعة اجمعين لاخذو بخلاف التقية وعملوا عكس توصيات المعصوم !! لان الامور بيدهم ولاتقية في هذه الظروف المتاحة !
وهذا امر يرفضه العقل والشرع وتربية المعصومين ووصاياهم واخلاقهم ..

وعذرا على الاطالة
رحم الله والديك حقيقة استفدنا من طرحكم المبارك
ممنون

مرتضى علي الحلي
05-02-2013, 04:12 PM
تقديري لمروركم الكريم وشكرا لكم على حسن تعليقكم الناضج
ووفقكم الله تعالى لكل خير وصلاح

نجف الخير
06-02-2013, 02:38 PM
السلام عليكم

دائما الاستاذ الحلي يُتحفنا بكل ما هو مفيد وممتع باسلوبه الجذاب

وفقكم الله لكل خير استاذنا الفاضل

دمتم بود

مرتضى علي الحلي
06-02-2013, 04:37 PM
تقديري لمروركم الكريم
ووفقكم الله تعالى لكل خير وصلاح