المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : وبعد هذا السفر .. ركبتُ السفيقة . - ج 1 -


أبو مرتضى عليّ
14-06-2011, 01:34 AM
بسم الله الرحمـن الرّحيم والصلاة والسّلام على سيّد الخلق أبا القاسم محمّد وعلى أهل بيته الطيّبيـن الطّاهريـن واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأوّلين و الآخرين

يقول مولى الموحّدين وقائد الغرّ المحجّلين ـ سلام الله عليه ـ
(( وأعلموا أنّكم لن تعرفوا الرُشدَ حتّى تعرفوا الذي تركهُ . ولن تأخذُ بميثاق الكتاب حتّى تعرف الذي نقضهُ . ولن تُمسكوا به حتّى تعرفوا الذي نبذهُ . وألزموا ذلك من عند أهله ))

إخوتي الأفاضل :
سلام من الله عليكم رحمته تعالى وبركاته
فإنّ من أعظم ما أنعم به المولى سبحانه وتعالى على هذه الفرقة النّاجيّة ـ إن شاء الله ـ والطائفة المُحقّة . أن سخّر لها في كلّ عصر منها رجال أفنوا أعمارهم في سبيلها . والعمل على إعلاء كلمتها ورفع مقامها . وإقامة الحجّة لها على غيرها .. كلّ هذا بالرغم من الابتلاءات التّي مُنيت بها من مكائد وافتراءات وحروب ومؤامرات
ممن ناصبها العداء .. و كثير ممن يدّعون الإنتماء لها .

شمـوع من على درب النّجاة

1- بحث في الذّات والمعشوق : منذ الطفولة وحتّى الصبى كان لدي ّ معشوق ، وكنت ألتقيه في كلّ سنة شهرا . حيث يحلّ طيفهُ مع حلول شهر رمضان المبارك ، وذلك عبر صفحات كتاب كان والدي ـ رحمه الله ـ يعتبره من المقدّسات لديه ، فكان يلفّه في قُماشة خضراء ولن يدعه يبصر النّور إلاّ في الشهر المبارك .. فكان وسيلة السّمر الوحيدة في غياب التلفاز والراديو وحتّى الكهرباء .. وبين صفحات ذلك الكتاب كانت صولات وجولات لبطل لا يهزم إسمهُ ((عليّ .. أسدُ الله الغالب)) . وفي كلّ ليلة كنت أنتظر الإنتهاء من الإفطار والصلوات حتّى يجمعني به اللقاء .. وبقدر ما أكون سعيدا بحلول ليلة العيد أكون حزينا للفراق .. وهكذا كان اللقاء يتجدد عبر السنين ، ومعها بدأ السؤال عن حقيقة مثل هذه القصص ، وهذه الشخصيّة الفذّة التي أذعنت لها الأعناق والعقول بأسا وعلما .. وهل يمكن أن تحتوي حقيقته سلفيّة مُتعفّة ، ومالكية مُتحجّرة وحقيقة ضائعة بين التحريفات والخرافات .. عندها إزداد حرصي على أن يأخذ اليقينُ منّي موضع الشكّ ..
وبين غادة كربلاء ـ لزيدان ـ و فتنة ـ طه حسين ـ وعشرات الكتب والقصص ، لم أبلغ مُنيتي في معرفة الحقيقة .
ولكن : (( لا يعدم الصبور الظفر ، وإن طال به الزّمان ))

2 - وقل جاء الحقّ : أقبل الشتاء بطقسه المعتاد ، ولكن في الشرق كان له إستثناء ، حيث بلغت حرارته درجة الغليان ، و جعل أحفاد سلمان المحمديّ من شتائهم بركانا يلتهم بشراره أزلام الطواغيت و أشياعهم ، والإستثناء الآخر بأنّ قادة هذه الثورة المباركة لا يرتـدون لباسا عسكريّا ، ولا رابطة النّفاق السياسي .. بل عمائم تحتها جلابيب التّقوى .وشاء الله أن تسيل الدماء الزكيّة على الثّرى تحت رايات وشعارات لم نعهدها ، بل لم نسمع بها .. هل من المعقول أن يكون معشوق الصبى حقيقة تجسّمه صورة يحملها الشباب الثائر .؟ .. أم يكون رمزا للثائرين حتّى يهتفوا بإسمه ..وتيمّنا به يطلبون المدد من الله سبحانه وتعالى ..؟
حقّا بقيت مشدودا لمثل هذه المشاهد التي لم نعهدها ولا في الأفلام الخياليـة .. ومع الإعجاب والدهشة ينتابني الخوف من عدم إستمرار أو إنقطاع هذا الحلم الجميل حتّى يُصبـح حقيقة ..

وبين الخوف والرّجاء ، يُطلُّ علينا ومن على سلّم الطائرة صاحب العمامة السوداء.. فمـاذا عسانا نُسمّيه ..؟ قائدٌ http://www.abraronline.net/ar/images/stories/imam_khomeini.jpg..إمامٌ .. فقيه ٌٌٌٌ .. وليّ ... بل كلّهم إجتمعن فيه . وأصدقها عندي \" الممهّد \" [ لدولة صاحب العصر والزمان ـ روحي له الفداء ـ بعد أن أقام له قاعدة ] وأنت تنظر في خطواته ونظراته وحركة يُمناه تعي بأنّ له حبل وصلٍ بالمعشوق. وأعلن الإعلام العالمي التّعبئة ..وبين موال ومناوئ جاءت أبجديّة لم تكن مألوفة من قبل ، وبدأـ الألفاظ والمصطلحات تأخذ صيّغا غير معروفة لدينا ..الإمامية الإثنى عشرية ..؟ الجمهورية الإسلامية ..؟ ولاية الفقيه .؟ الجعفريّة ..؟ شيعة عليّ وبنيه ..؟ . بحرٌ متلاطم من العبارات تلوكها وسائل الشرق والغرب .. وبين هذا وذاك يتردد إسم المعشوق .. وأدركت حينها بأنّ له عُشّاقٍ كُثُر وأنّه من أعظم ما أنجبت الإنسانيّة ..لكن ما السبيل لمعرفة اليقين في هذا كلّه ..؟
(( إن كان رأس الدين معرفةُ اليقين ))

3 - رُبّ يسيـر أنمى من كثير : وأخذ صدى المشرق يُحدثُ إنعكاسات على الساحة الإسلامية في منطقة المغرب العربي . وخاصة بعض الفشل الذي شهدته عدّة تحرّكات وانتفاضات ذات صبغة إسلاميـة في الوطن العربي من قبل .. وبدأ السؤال الملحّ في سرّ وماهيّة النجاح الذي أنعم به الله سبحانه وتعالى على هذه الفئة المؤمنة ، وليس لها من السلاح إلاّ شعارات يستلهمون منها القوة والعزّة (( الله أكبر )) , (( لبيك يا حسين )) , (( يا عليّ مدد )) , (( كلّ يوم عاشوراء وكلّ أرض كربلاء )). بنداء الطاعة أمام العليٍّ القدير أعلن الشعب بأكمله أمام العالم أجمع إصراره على قلب أكثر نظم الحكم تعسّفا وإرهاقا للدماء عرفه التاريخ ..
(( الله )) معنى كلمة لا يمكن تمثيلها تحت أي صيغة (( الله )) هو العلم ، الحقيقة ، العدالة (( أكبر )) انه اللفظ النهائي ،الجامع لكلّ مميزاته . (( الحسين )) هو رمز الإيثار والعطاء ، فهو الجود بمعناه الشمولي . (( عليّ )) إسم يسمُو بك عند سماعه إلى منتهى الكمال البشري .. وحين تُذكر كربلاء .. يُستمدُّ من إسمها معنى الشهادة في أسمى مدلولاتها بهذا يكون النصر ، وبهذه المبادئ تذلُّ الصعاب ، وبمثل هذه الولاية يكون الفتح .. وليبقى أصحاب الفكر المادي يتخبّطون في ماديتهم .. ولن يجدوا لسؤالهم جوابا إلاّ بالعودة إلى النّهج القويم . ولكن الباحثين على درب النّجاة من هذه الأمّة فالسبيل معروفة ، والمسالك واضحة لمن إبتغاها ...

4 - من وثق بماء ، لن يظمأ : وتشهد الساحة الإسلاميّة عناوين جديدة ، وأخذ الفكر الشيعي في طرح البديل على الأمّة ومَدّها بسبل الخلاص . وانطلقت العقول النيّرة والنّفوس الطاهرة ، تتبـع موارد الماء الزلال ، وسرتُ في ركب الباحثين ، وتلقّفت ما وسعت كفّاي ، وشربت بملء فمي حتّى ارتويت ، بما أنغمت به علينا أيادي الخيّرين من أهل المراكز والجمعيات والمعارض.. وكان السعي من مدريد بإسبانيا حتّى مشهد المقدّسة وما بينهما .. واعتمد بحثي في ذلك على كتب الفريقين .. حتّى أيقنت بأنّ الإسلام قد رُزي برزيّة في أهله وابتلي ببليّة من قومه وأصيب بمصائب من أبنائه.. بعد أن تركوه ونبذوه وراء ظهورهم بعدم تعبُّدهم بالنّصوص الجليّـة التي جاء بها الكتاب المقدّس ، والسنن النبويّة الشريفة .. فليس بغريب بعد ذلك كلّه أن تقع سفينة النّجاة [1]، بما لها من حرمة وقدسيّة ، هدفا لسهام الزور ، وغرضا لنبال البهتان والإفتراء .. سعيا لإغراقها ، ولكن أنّ لهم ذلك والله مُتمّ نوره ومصدّق وعده ..ومن هنا عَقدتُ العزم على أن أكون جنديا مدافعا على ثغور الولاية ، ولسانا ذابا على حرمات أئمة الهداية ، وعينا ساهرة في إنتظار حامل الأمانة والوصايا .. ـ روحي لمقدمه الفداء ـ

5 - جاهدوا أهواءكم كما تُجاهدون أعداءكم :إلى ما التعنّتُ والصدود ، وحتّى متى النّكوص والجحود بل أيّن يُتاهُ بكم ، أبَيْنَ ضلالة وجهالة لسلفٍ غابر، أم تعنّت وافتراءٍ لحاضر خاسرٍ .. أَمَا آن لكم أن تنتبهوا وتستيقظوا من غفلتكم ونومتكم .؟ وحتّى متى الأحقاد الموروثة ، والإقتداء بأئمّةِ السوء كابن تيميّة وابن حزم وابن كثير.. ومن هم على شاكلتهم في العصر الحاضر منَ المُتزلّفين لسُلطان الجبت والطاغوت طمعا في دنيا خلاّبة ، باعوا بها دينهم [ كما كانت سجيّةُ سلفهم ] طلبا لحطامها الزائلة وهكذا اشتروا مرضاة المخلوق بسخط الخالق ، فما ربحت تجارتهم ، وفي الآخرة هم من الخاسرين ..
ولازال أصحاب الأقلام المأجورة والضمائر المسحوقة تستسقي من المنابع السيّالة التي خلّفها أسلافهم من رواة السّوء كرجال المضيرة وأذنابهم من عبيد الدّرهم الرنّان .. حيث أحاطوهم بهالة القداسة الزّائفة ، وبنوء حولهم حصنا حصينا يُحرّمُ على أوليائهم ومن شايعهم التّدبّر والتّفكّر والتّأمّل .. فِمَا وضعوه لهـم من منهاج عقائد لا يُمكن لأحد من أتباعهم النّقد فيه ولا التّحوّل عنه ، رغم ما امتازت به هذه المدرسة من مُخالفة كلّ ما دلّت الضرورة عليه ، وما قاد القرآن إليه .. والباحث المُنصف لا تُعييه الحيلة في معرفة الغث من السميـن والحقّ من الباطل والنّور من الظلمات لمجرّد القيام بمقارنة نزيهة بين معتقدات الفريقين ..
ورغم محدوديّتي في العلوم الدّينيّة من بحث واستدلال .. إلاّ أنّ مسألة التمييز بين أحقّيّة مدرسة أهل البيت (ع) في الأصول العقائدية مثلا ومخالفيهم من أوضح الواضحات ولن تتطلّب أكثر من الإنصاف مع الإبتعاد عن التقليد والتّعصب .. وأن لا يكون للباحث دليله في ذلك هواه ، بل يجعله خاضعا للحجّة القاطعة ، والأدلّة الثابتة ، دون انحياز لعقيدةٍ إبتداء ، ولا إتّكال على ما ورّثَ الآباء ..
- يقول الله تعالى : (( .. فبشّر عبادي الذين يستمعون القول فيتّبعون أحسنه ، أولئك الذين هداهم الله وأولئك هم أولوا الألباب )) الزمر 17 ـ 18 .

وحتّى لقاء مع السفر الطويل حتّى حياض العترة "ع" ..
أستودعكم الله والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهـد مقيـمـا .

أخوكم أبو مرتضى عليّ

الفهرس

1-- قوله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ : (( مثل أهل بيتي فيكم كسفينة نوح ، من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق )) فهو من الأحاديث المتواترة عند المسلمين : في المستدرك ج 2 ص 343 ، وج 3 ص 150 .. مجمع الزوائد للهيثمي ج 9 ص 168 . عيون الأخبار لإبن قتيبة ج 1 ص 211 . كنز العمال بهامش مسند أحمد بن حنبل ج 5 ص 95 . إحياء الميت للسيوطي بهامش الإتحاف ص 113 . الفتح الكبير للنبهاني ج 1 ص 414
2 -- تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 / 464 ح 984 – 997 ، شواهد البنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 / 334 ح 459 ، المستدرك للحاكم ج 3 ص 126 و 127 و صححه ، أسد الغابة ج 4 / 22 . تاريخ الخلفاء للسيوطي ص170. الميزان للذهبي ج 1 / 415 و ج 2 / 251 و ج 3 / 182. الفتح الكبير للنبهاني ج 1 / 276. منتخب كنز العمال بهامش مسند احمد ج 5 / 30.




أرجو التثبيت حتّى نهايته

عظيم الفضل
14-06-2011, 10:40 PM
سلمت اناملك الذهبية اخي العزيز ابو مرتضى

سنتابع بشوق رحلة استبصارك

تقبل مروري

أبو مرتضى عليّ
14-06-2011, 11:08 PM
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .

** هذا البحث المطوّل كان السبيل الهادي إلى حياض سُفن النّجاة "ع" .. حيث أيقنت من بعده ، بأنّ الإسلام أصبح إسلامان : محمّدي، وعمري ، ولكلّ منهما شرائع وأتباع .. ومن يبتغي منكم سُبُلَ النّجاة فعليه :
- قراءة هذا البحث لنهايته ..
- ذو بصيرة حرّة من قيود الموروث..
- الحكم بيننا كتاب الله والمتّفق عليه من السنة الشريفة .**

--- بحث في الخلافة " الراشدة "

يقول مولى الموحّدين وقائد الغرِّ المُحجّلين الإمام عليّ –عليه السلام – :

* نفسُ المرء خُطاه إلى أجلــــــه ..

.. من هنا يكون الحرص على عدم إضاعة العمر في لا شيء أو في التوافه .. فبين المرء وأجله مسؤولية الربط التكاملي من استعمال الإنسان لطاقته في الدنيا ، وبين الجزاء الذي سيلاقيه في الآخرة عن كيفية الاستعمال وعن ماهية النتائج .. وهذا ما جاء في دعاء مكارم الأخلاق للإمام السجّاد "ع" ": واستعملني في ما تسألني عنه غدا ..:" والكتاب المقدّس يضع لذلك ثلاث أسئلة سيتعرّض لها الإنسان يوم الجزاء ..
1- قوله تعالى ": فاستمسك بالذي أوحي إليك ، انّك على صراط مستقيم ، وانّه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون ..:"
هنا يكون التأكيد على التمسّك بكتاب الله تعالى وجعله منهاجا في الحياة .
2 - قوله تعالى ": فلنسألنّ الذين أرسلَ إليهم ، ولنسألن المرسلين .:" وهنا التأكيد على الالتزام بأمر القيادة المنصوص عليها من قبلِ الله تعالى اسمه .. والمتمثلة في الرسول الأكرم - صلى الله عليه وآله وسلم - .
3 - ولو شاء الله لجعلكم أمّة واحدة ، ولكن يُضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ، ولتسألن عما كنتم تعملون .:" وهنا التفويض التام الإنسان على اختيار مسلكه في الحياة والذي يصل به إلى الآخرة .. وحتّى تستقيمَ منافذ الوعيّ والإدراك لسُبُل الخير . لا بدّ من التمسّك بأمر القيادة الشرعيّة جميعها . والمتمثّلة في الرسول الأكرم –صلى الله عليه وآله - وذلك من قوله تعالى "ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا .:" .. وبعده يأتي دور قيادة الإمام المنصوص عليه من قبل الرسول عنِ الله تعالى ، ومع الغيبة يكون دور العلماء والمرجعيّة الشريفة .. وعند التمسك بهذه القيم والمبادئ تجد الأمة مسالك النجاة والرشاد والسعادة الأبدية ..
وعلى ضوء ما تقدّم نستطيع أن نقول بأنّ الإنسان محكوم بزمن محدّد لا يستطيع تغييره أو نقيصتهُ ، لذا كان منَ المنطق والعقل أن لا يُبدّده دونَ مُحاسبة النّفس وتوجيهها نحو سبل الخير والفلاح واكتساب الفضائل وترويضها على معاكسة الأهواء والشهوات .. حتّى تكون الجنّة هي المأوى .. ولن يبلغ ذلك الكمال الإنساني من العلم والمعرفة الربّانيّة ، حتّى يبلُغَ مرحلة الانسجام الكامل بين الروح والعقل ، والنفس والوجدان ، والقلب والمشاعر... إلاّ أنّ النّفسَ منْ طبعها الجموح لحنينٍ نحو مُوالاةٍ لماضٍ ورجال ومواقفَ ..وكنت أصدّها تارة وأتجاهلها أخرى ، ولكن كثيرا ما كانت تُساءلني على رجال أثْروا التاريخ الإسلامي بتناقضاتهم ومواقفهم حتى اختلفت فيهم الأمة بين موال ومعاد أو محبّ ومبغض .. وأخصّ بالذكر بطل رزية الخميس
، ومؤسس أركان السقيفة .. عمر بن الخطّاب .


* شيطان كلّ إنسان نفسهُ *

-- الصراع مــــــــــع النّفس :

وهذه المرّة ، وكعادتها سألت ، ثمّ كررت السؤال .. لكنّي لم أعِرها اهتماما .. همست ": هل تدّع لنفسك التفوّق في العلم والمعرفة على كلّ منْ أبدا لهم الولاء والانتماء منَ الأمّة في ماضيها وحاضرها . ومن أبد لهم الثناء الجميل على ما قدّموه للإسلام والأمّة من أعمال جليلة وخيّرة كانت السبب في نشر الإسلام وعزّته .. حتى كُتب تاريخهم بأحرف من ذهب ، انحنى لعظمته القاصي والداني ، وسيبقى إشعاعه ما بقيت الأيام والسنين .. بل أين يُتاه بك ، بعد أن كنت من مواليهم وأشياعهم ، وكنت الذاب عن حياضهم وكرماتهم .. بل كنت تهيمُ بحبّهم ، وقد رأيتك تُناجيهم وتٌحابيهم ، وكثيرا ما كنتَ تأنسُ بمجالستهم في رؤياك وأحلامك ، وكان لسانك دائما يتباه بمآثرهم ومناقبهم .. فما حدا ممّا بدا ..؟
ثمَّ إنكفأت للحظات لتدع المجال للحافظة تستشير العقل والوجدان على ما فرّطنا مع سنوات التيه في مُنعطفات التقليد المتداعية ، ومسالك السلف المعتّمة ، حيث طُمست الحقيقة بين ثنايا الأوهام وطيّات الافتراء ، ممّا حال بين البصيرة ورؤية نور الحقيقة ، فتبدّدت معها معالمُ النّجاة ومسالك اليقين .. ولكن أين لها ذلك بعد أن امسكنا بمصابيح الهداية ، وسفن النجاة . فمن الذي يتجرّأ بعد هذا أن يقول بأنَّ الحقّ في ما تركت ، وأن الباطل في ما اتخذت من ولاء لأهل بيت العصمة – صلوات الله عليهم وسلامه- ..
هنا وكزها صوت الضمير ..": لما لا تُحاولي .. وما يضير ..؟ فإنَّ الهدى على انبثاق بين يديك ، فقرّبي وخُذي ممّا أعطيتُ حتّى يُفَجَّرَ النّور على أرجائك .. فتسعدي بذلك وتُسعديني . لكن بحالة اللامبالية استقبلت النصيحة وهي تنازعني قيادها.. عندها جذبتها نحو سوحِ المناظرة وليكن الميزان في ذلك كتاب الله وما اتفقَ عليه من السنّة الصحيحة مع الإجماع والعقل .. لم تنصاع لدعوتي من أوّل وهلة ، بل شككت وتعلّلت وذاك ديدنها ..": وما نفعُ ذلك والأمّةُ لا تمتلك تاريخا يُستفادُ منه في هذا المضمار، وقد لعبت بمنابعه الأهواء السياسية ، والمنازعات السلطويّة ، والتجاذبات المذهبية منْ تحت ضلال السيوف والبيارق [1]، ساندها في ذلك جنود العسل [2] ومهور البغايا [3]. نعم أنَّ كلُّ ما لدينا هو من صنع الحكام والسلاطين .. من أمثال معاوية والمنصور..وأئمة الجور كشريح وابن تيمية .. وأشباه العلماء .. كابن حزم وابن كثير ..ومن هنا ليس بغريب بأن يكون الاعتماد على الأحلام والتخيلات في العديد من مفاصل التاريخ وقد تتهمُ الذاكرة بالنسيان [4]، أو الأذن بالصمم [5]، كما قد يُعطى للجنّ دور في تصفيّة بعض الرموز المعارض للتاريخ السّلطوي وأهله [6]..؟

* من إبتاعَ نفسهُ أعتقهـــا :

وبنظرة المشفق أجبتها ": صَدَقْتِي في كلّ ما أَدّعَيْتِي .. وقد كفيتني مئونة التوضيح ، بل لذلك أعدتُ قراءة التاريخ ، وأبيتُ طاعتك للعودة إلى عقيدة الابتداء ، وموالاة من وال الآباء عن جهل وغباء .. ولكن لا بأس بأن ننظر الجوانب الإيجابية في تاريخ الأمة ، وهو من أغنى تواريخ الأمم على الإطلاق ، بل ويمتاز عليها بالدقة والشموليّة كما يملك من النصوص الصحيحة الشيء الكثير شريطة البحث العميق والتدبر بعيدا عن اللجاج والتعصب .. مع ما يمتلك من قواعد ومنطلقات يستطيع أن يوفّر الباحثُ لنفسه من خلالها وسائل التمييز ما بين الغث والسمين وما بين الحق والباطل والصحيح والسقيم ..وما علينا إلاّ أن نتخذ السبل المجمع عنها لبلوغ الغاية ، بعيدا عن المهاترات والمشاحنات والعناد .. وقد ذكرت لَكِ موازين القسط المعتمدة لدى عشاق الحقيقة والباحثين عن النجاة والسعادة الأبدية .. ولا بأس بأن يكون البحث في الأسانيد المعتمدة ، والتمسّك بما أجمع عليه أكبر عدد من أهل الفرق حتى تكون النتيجة مقبولة لدى الجميع ، ويجب أن تُتّخذَ منَ المبادئ الإسلامية والقرآنية وشخصيّة الرسول الأعظم "ص" الروحيّة والأخلاقية أساسا لتقييم عديد النصوص والحكم عليها أو لها ، ثمّ أخذ بعين الاعتبار مسألة تناقض الأحاديث ومع كونها تتعارض في الزمان والمكان مع شخصيّة السند الراوي للحدث أو التي محطّ البحث ..:"
شعرت عندها وكأنّي بها تريد توضيحا حول الدافع من جعل شخصيّة الرسول الأعظم "ص" بين المقاييس المتّبعة وما الجدوى من ذلك ..؟ فلاطفتها مِنْ همسٍ ..": .. ألا تعلمي بأنّ رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - هو الخليفة الشرعي لله على الأرض ، بحيث يُمثّل صفات الإنسانية الفاضلة من علم وعقل وكمال وشجاعة وهدى وتقوى و كمالات رفيعة لا يُرى معها خلل ولا زلل في أعماله وأقواله ، بحيث يكون مبرئ من النواقص ، فكان الأسوة الحسنة للإنسانية جمعاء مدى الدهروذلك من قول الله تعالى": ولكم في رسول الله أسوة حسنة " وقوله تعالــــى ": ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " ومن هنا يجب أن يكون حكمه الفصل في ما جاء عنه أو فيه بعد عرضها على موازين العصمة المحمّدية ، وكلّ ما دون ذلك فهو تهيأت وأضغاث أحلام ووسوسة شياطين الإنس والجنّ .. ولا بأس وبعد هذا التوضيح المطول أن نبحث في ما جاء من فضائل ومناقب ولو بشكل مختصر في الخلفاء الثلاثة ، وما مدى صحتها ، والغاية منها .. ولك أن تسألي فيما تبلغين به خيوط المعرفة ، وملامسة الحقيقة :"
.. لكن هذا الواقع الجديد فرض عليها وضعا جرّدها من قصاوة الجموح . مع ما أوقعت بها سياطُ التأنيب من قبل العقل والوجدان والضمير من عذبات العزلة أدّت بها إلى الإنصياع لإرادة الأغلبية ، فسلّمتني قيادها وأعطتني زمامها مع بقايا من التّعنّت ، و منهُ استمدّت أحرف البيان ..

": لو نظرنا للموضوع نظرة شموليّة ، لعلمنا بأنّ خلافة أبي بكر كانت صنيعة عمر ، وكذلك كانت خلافة عثمان وبل حتّى خلافة معاوية ومن جاء بعده .. وبذلك يكون منَ الأجدى أن ننظر في حال الخليفة الثاني عمر ، فهو يُعتبرُ القطب الذي أدارعجلات الأحداث لهيكلة الخلافة " الراشدة " ..

فلو صحّتْ أسس سخصيّته المستمدّة ممّا حباه التاريخ والسيرة من فضائل وكرمات.. صحّ معها ما شيّده بها وعليها . وإن كانت أسسه تلك على جرفٍ هارٍ ، فحتما سينهار ما بناه على رؤوس أصحابه ، ومن والاهم أو تمسّك بحبالهم الثائبة أو إستظلّ بظلهم الزائف .. وليكن البدء من البداية ، حيث إسلام عمر وما جاء فيه من فضائل وكرمات بأمر الله ورسوله ..:

يتبـــــــــــــع
موفقين وبعين الله تحرسكم
أبو مرتضى عليّ


الفهـــــرس

-- أحداث نتناولها بالتفصيل في الأجزاء القادمة - ان شاء الله - .
1 – ما فعلوه أوّلا مع مالك بن نويرة وعشيرته ، من قتل وتنكيل وهتك الحرمات ..وما فعله عثمان مع أصحاب رسول الله : كأبي ذر وابن مسعود .. ثمّ جرائم معاوية في حقّ أولياء الله كعمر بن حمق الخزاعي الصحابي وحجر بن عدي الكندي الصحابي ومحمّد بن أبي بكر وكيف وضعه في جيفة حمار ثمّ أحرقه ...
2 – كفريات معاوية عندما بلغه إستشهاد الإمام الحسن "ع" قال ": سبحان الله ..؟ إن لله جنودا من العسل ..:"
3 -- وتلك البغيّة التي إشترطت على اللعين إبن ملجم قتل الإمام عليّ "ع" كمهر لزواجها ..
4 -- ما فعله أنس أبن مالك بكتمانه لشهادة يوم الرحبة بدعوة النسيان تارة وكبر السنّ أخرى ..؟ حتى أصابته دعوة الإمام عليّ "ع" كما ذكر ذلك ابن قتيبة في معارفه ص 194، وابن أبي الحديد في نهجه ج1ص362 ..
5 -- وزيد بن الأرقم كتم الحقيقة فأصيب بالعمى ، راجع مناقب علي بن أبي طالب لإبن المغازلي الشافعي ص23 وشرح النهج لإبن أبي الحديد المعتزلي ج1ص362 .. ومن رجع عن الإسلام كجرير بن عبد الله البجلي راجع أنساب الأشراف للبلاذري ج2ص156 .
6-- ما فعلوه من مقتل سعد بن عباد الصحابي . وقالوا قتله الجن ..؟ بل من شعراءها ..

أبو مرتضى عليّ
14-06-2011, 11:21 PM
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم
على أعدائهم من الأوليـــــــــــن والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .

يقول هارون الأمّة -- عليه االسّلام -- ": .. أنظروا أهل بيت نبيّكم فألزموا سمتهم واتبعوا أثرهم ، فلن يُخرجوكم من . هدى ، ولن يُعيدوكم في ردا ..:"


--- بحث في الخلافة " الراشدة "
ما أراد الله ورسوله .. وكرهته قريش وعمر ..

.. وعود إلى بدء لتصفُّحِ ما جاء به التاريخ وكتب السيرة والحديث من فضائل ومناقب - لو شاء الله لعمر أن يُبعث لأنكرها واستنكرها - ، لما فيها من مغالاة وتطاول على ساحة الرسول الأكرم "ص" ، بل وتجاسُر على قداسته – صلى الله عليه وآله – مثلُ فريتهم بأن رسول الله "ص" قال ": .. لو كان الله مهلكنا ، ما نجا إلآّ عمر ..:" ؟ لها الله وهكذا أخذتهم سُفنِ الأهواء عبر أمواج الضلالة وأعماق الباطل .. ظنّا منهم بأن شمس الحقيقة لن تُشرق يوما ، لتزيل ضباب الباطل وتقشّع من أفق العقيدة السمحاء عتمة الافتراء وما أوحت به شياطين الإنس والجنّ لبعضها من سفاسف القول أدّت بشيعتهم ومواليهم لتعصّب والتحجّر والجهل .. مع قلوب لا يفقهون بها وبصيرة عمياء وعقول ملئت غباء .. [ .. بل ها هم القتلة منهم يجددون تارات أسلافهم ، ويتّخذون من اسمه عنوانا للواء ضلالهم وبغيهم في بلاد الرافدين لمقاتلة الموالين لأهل البيت –عليهم السلام - .. فكما أرعب أسلافهم طفولة زينب والحسين "ع" بالهجوم على بيتهم .. فهاهم الأحفاد ينحرونها في بغداد الجديدة مستمدّين فتاوى الكفر والفجور من أئمة الضلال الأحياء منهم والأموات .. بل وحتّى الصلاة غدروا بها في مساجد المسيب ولاهور.. فإلى الله المشتكى .] وهذا في الواقع ليس بغريب على من قرأ التاريخ .. فقد جمع أسلافهم الحطب حول بيت الزهراء وعلي والحسن والحسين وزينب – سلام الله عليهم لإحراقهم بالنار..
. فالشيء من مأتاه لا يُستغرب .. فهم ذريّة بعضها من بعض ..والله المستعان عمّا يؤفكون .
ثم تعالوا بها لنبحث – ولو باختصار – فيما جاء به التاريخ عن عمر ولعمر من سيرة وأفعال . مع الاعتماد على ما اعتمدوا هم عليه في بناء شخصيته الوهمية من كتب ومراجع .. وعلى طالب الحقيقة أن لا يرُعنّهُ ما يراه من التهويـــل و الإرعاد و الإبراق في تلكم الكتب و المراجع ما دام الحكم بيننا كتاب الله تعالى و سنّة نبيه الصادق الأمين "ص" المجمع عنها . و منهما نجزم بأنّ الهدى و الضلال و السنّة و البدعة ليست موقوفة على جعجعات الأقوال من التأويلاتِ و التمحلات التّي ينصرون بها أفعال أوليائِهم - بل الهدى هديُّ محمّد و آله و السنّة ما هم عليه و من اقتدى بهديهــــم - و ما خالف ذلك فهو ضلال و بدعة و كلّ ضلالة في النار و نِعْمَ القول قولُ شيخنا السيد ابن شهــــاب :

إلــى الـــتــأويـل و الـتحـريــف لاذوا *** فــذا كـذب يـريـــك و ذا خـــداع
و خـــالـــوا ان فـي الــتـمـويــه فـوزا *** و ان الــحــقّ يــشـرى أو يـبـاع
لـئـن كـان اقــتـفـــاء كـتـــاب ربــــي *** و ســـنـــة مـصـطفــاه و الاتباع
ضـــلالا و ابـــتــداعًـــا ان ديـــنــــي *** و ان رغـــموا ضـلال و ابتـداع

.. ونجعل بحثنا على ثلاث أجزاء :
-- 1 -- من إسلام عمر إلى هجرته .
-- 2 – من المدينة إلى وفاة الرسول الأكرم "ص"
– 3-- ومن السقيفة إلى وفاته . و باسم الله أبدأ من:
** الأحاديث عن إسلام الخليفة الثاني عمر بن الخطاب وقول الرسول الأعظم :صلى الله عليه وآله وسلم -- ..
-- أوّلا ": اللهم أعزّ الإسلام بعمر .. أو أيد الإسلام بعمر .:"[10]
-- ثانيا":عن ابن عمر قال : أنّ "ص" قال ": اللهم أعزّ الإسلام بأحبّ الرجلين إليك .. بأبي جهل أو بعمر ابن الخطاب قال : وكان أحبُّهما إليه عمر ...[11]
-- ثالثا ": قالوا أنّ إسلام عمر كان فتحا ، وإنّ هجرته نصرا ، وإنّ إمارته كانت رحمة ، وإنّهُ لمّا أسلم قاتل قريش حتّى صلى المسلمون عند الكعبة .. [12] وقد استغرب الترمذي هذه الأحاديث ، رغم تصحيحه لبعضها ..؟ ولكن هل من مُسائل واضع هذه الأحاديث بما تكون عزّة الفرد ..؟ لنكفيه عبأ الإجابة .. وإنّي وإنْ لا يروقني خدشُ عواطف الرجل بذكر مواقف جبنه وذلّته لكن لن أرضى لنفسي بأن تقف موقف الغباء و التغافل أمام كلّ كبيرة موبقة بدعوى حُرمةِ الصحبة و شعار الصحابة .. [ و إن كانت الفخر كله لو صحّت لصاحبها مع الإلتزم بشرطها و شروطها ...] ألَا ترى أنّ للكعبة و للمسجد حرمة و كذلك للعاملين فيها من سدنةٍ و خدم و من هو بداخلها .. لكن لو أحد من هؤلاء بال فيها أو أحدث عمدًا ، أو سرق أمتعة المصلين .. هل تبقى له حرمة و إن كان بداخلها ، و من ظنّ أنّه يلزمنا احترامه لحرمتها بعدما ارتكب تلكم المعاصي ..
فهو في أقصى درجات الغباوة و أشدّ مراتب العناد و المراغمة و إتباع الهوى.
" و من أظلم ممن إتبع هواه بغير هدى من الله إنّ الله لا يهدي القوم الظالمين "
... غير أنّي أرى الدفاعة على ساحة الرسول الأعظم "ص" أجلّ وأقدس ، فأقول ": من المتعارف عليه عند العقلاء ، بأن العزّة تكون بالعشيرة ، أو بما يمتلكه ذاك الفرد من شجاعة وشهامة وفضل ومال ... ثمّ ننظر ماذا يمتلك عمر من هذه الصفات والكماليات .. قبل البحث بالسند المفتعل ..
• دع عنك : أظنُّ ، وأحسبُ ، وأرى ..:
-- هذا الأحاديث وحسب مقاييس العقلاء .. لا تصح بل نُجزم بعدم صحّتها وذلك لوجوه :
-1- لأنه لا يمكن بأي شكل أن تكون عزّةُ الإسلام في من ليس له عزّة في نفسه وعشيرته ، - والتي يبتغيها الإسلام في بداية ظهوره - .
-2- لم تكن لعمر مواقف تنمّ على شجاعة أو إباء .. وهذا ابنه عبدا الله يصف حاله عند إعلان إسلامه على ما رواه البخاري في صحيحه حيث يقول ": بينما عمر في الدار خائفا ، إذ جاءه العاص ابن وائل السهمي ... إلى أن قال ": ما بالك .؟ قال ": زعم قومك أنهم سيقتلوني إنْ أسلمت .:" قال : لا سبيل إليك . بعد أن قالها أمِنْتُ .. ثم ذكر إرجاع العاص الناس عنه .. وأضاف الذهبي قول عمر ": فعجبتُ من عزّه :"..[13] .. فمن يُهددهُ الناس بالقتل ، ويخاف ويختبئ في داره .. فلن يكون عزيزا ولن يُعتزَّ به .. بل عكرمتهم الذي هو من أفاضل التابعين و الثقات الممدوحين ، قد كذّب هذا الحديث و غلّطه ، و عاذ بالله من التقول بهذا اللفظ و نسبته إلى رسول الله صلّى الله عليه و آله ، و إن لم تصدقني ، فانظر الى الدرر المنتثر للسيوطي ، حيث قال فيه بعد ما سبق من تعديد حديث رواة حديث اللهمّ أعزّ الإسلام :
«... عن عكرمة أنّه سئل عن حديث : ( اللهمّ أيّد الإسلام بعمر ) فقال : معاذ الله ، الإسلام أعزّ من ذلك ، و لكنه قال : ( اللهمّ أعزّ عمر بالدين أو أبا جهل ) .
-- ومن طريف ما رواه الزمخشري من أنَّ ابن مُدركة أغار على سرح قريش في الجاهلية ، فذهب به ، فقال له عمر في خلافته ": لقد إتّبعناك تلك الليلة ، فلو أدركناك .؟ فقال لو أدركتني لم تكن للنّاس خليفة .:"[14] .. وقد أمهلناه لسنين طويلة في صحبة رسول الله "ص" وآيات كتابه الكريم عساه يتلقف من نبعيهما الزلال نفحات عزّة وبصمات كرامة .. " والعزّة لله ولرسوله وللمؤمنين ." لكن الطبع غلب التطبّع .. وكانت حادثة الحديبية حينما أراد رسول الله "ص" إرساله إلى أشراف قريش برسالة تتعلّق بأمر الذي جاء له ، فرفض ذلك وقال "ص" إني أخاف قريشا على نفسي ، وليس بمكة من بني عديّ أحد يمنعني ..[15]" هذه شواهد على بأسه وشجاعته .. وأمّا سمو فضله وقدره بين قومه وعشيرته لا يقل شأنا عليها .. على ما جاء في المأثور من كتب أولياءه . -- خطب لنفسه أو لإبنه – حسب الروايتين - بنت نعيم اللحّام ، فردّه نعيم ، وقال له ": لا أدعُ لحمي تُرابا .:" وزوجها النعمان بن عدي بن نضلة .[16]
-- كما كان ردحا من الزمن يرعى الإبل في واد ضجنان – بمكّة – يُرعب ويُتعب إذا عمل ، ويُضربُ إذا قصّرَ [17].
-- وكان مدّة يقف في سوق عكاض وبيده ترع الصبيان به ، وكان يوم ذاك يسمّى عُميْرا .. [18] .
-- وكيف يُعزُّ الإسلام بعمر وقد كان عسيفا ومستهانا به مع الوليد بن المغيرة .. بل لم يكن يوما سيدا في قومه .. [19] أبمثل هذه الملكات تُصان عزّة الإسلام أم بهذه النفسيات تُرفع المقامات .. حتى وإن كانت الرسالة الخاتمة تسير في طورها الأول وكأنّها تحبو ، فلسيت بمثل عمرتمتلك القدرة لتعدو دون أن تتمكّن من صدّها حصون الشرك أو تُثنيها مؤامرات بيت الندوة .. بل بمثل شيخ الأبطح أبو طالب –رض- ، أو حمزة أسد الله ورسوله ، أو صهره وأخاه عليا سيف الله الغالب .. لكن حينما تحكم الأهواء تُفقد موازين القسط ... " إن يتّبعون إلاّ الظنّ وما تهوى الأنفس .. ولقد جاءهم من ربّهم الهدى ."

وإلى لقاء ، نستودعكم الله والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمـــــــــا ..

الفقير لدعائكم أبو مرتضى عليّ



الفهـــــرس




-- أحداث نتناولها بالتفصيل في الأجزاء القادمة - إن شاء الله - .

9-- لنا معا حديث مطوّل في الجزء الثالث – إن شاء الله تعالى - ..
10و11و12و13 – البدء والتاريخ ج5ص88 . جامع الترمذي ج3ص315 . البداية والنهاية لإبن كثير ج3ص79 . تاريخ الإسلام لذهبي ج2ص102 . وتاريخ الخميس والسيرة الحلبية وسيرة ابن هشام ومسند أحمد .. وغيرها كثير.
الدرر المنتثرة للسيوطي : 19 .
14-- ربيع الأبرار للزمخشري جص707 .
15- البداية والنهاية ج 3 ص 168 و عن ابن إسحاق وحياة الصحابة ج2 ص
16 -- نسب قريش لمصعب الزبيري ص380 .
17-- الإستعاب لإبن عبد البر ج2ص428 . الرياض النظرة ج2ص50 . تاريخ أبي الفداء ج1ص165 .
18 -- الإستعاب بهامش الإصابة ج4 ص291 والإصابة 29 .
19 -- المنمّق لإبن الحبيب ص 147 وشرح النهج ج12ص183 ..

الروح
14-06-2011, 11:28 PM
هنيئاً يا أبتي لكَ رُكوب السفينة ..
وأيُّ ركوب عن معرفةٍ وبحث ..؛
لا ما ألفينا عليه الآباء والأجداد
نعم هذا هو الفضل الكبير الفضل في البحث والتقصي
والوقوف عند الحقائق ..
حقيقة يا ابي الحبيب اقرأ ما كتبت
وانا في حالة من السعادة لقد رسمت رحلتك بأسلوب أدبي وفكري كبير وعالي المضمون
فمنحتها استحقاقها فلذا معك في السفينة حتى نصل واياك لبر الأمان
متابعة بكلي
ارجو تثبيت الموضوع

محبتي

بيان الهدى
15-06-2011, 12:56 AM
طال بي الوقوف هنا لكني لم أستطع المغادرة فقد أسرني حديثك وأبكاني وفتح لي ابواب من الذكريات
إن الوقوف بين كلماتك الرائعة يشدني الى اعادة قراءتها مرات ومرات وكأنها لم تمر علي من قبل
هنيئا لك اخي هذا الابحار الرائق
دمت بحفظ الباري

أبو مرتضى عليّ
15-06-2011, 02:39 PM
كلّ الشكر لزينبيات على هذا التواصل واللطف الجميل .. بعين الله دمتم وبجود لطفه يحرسكم ..
أبو مرتضى عليّ

أبو مرتضى عليّ
16-06-2011, 12:16 PM
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم
على أعدائهم من الأوليـــــــــــن والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..


إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .

يقول هارون الأمّة -- عليه االسّلام -- ": .. أنظروا أهل بيت نبيّكم فألزموا سمتهم واتبعوا أثرهم ، فلن يُخرجوكم من . هدى ، ولن يُعيدوكم في ردا ..:"
--- بحث في الخلافة " الراشدة "
ما أراد الله ورسوله .. وكرهته قريش وعمر ..؟

وأمّا إذا أردنا الحديث على كيفية إسلامه ، فلن نجد لذلك مسلكا واضحا ، ولا سندا راجحا.. فهي كبيت العنكبوت تداخلا وهوانا .. وهذه نبذة مختصرة من تلكم الروايات :

- و في رواية أنّ قريشًا اجتمعت و تشاورت في من يقتل محمّدا فقال : عمر أنا لها فقالوا : أنت لها يا عمر ، فخرج متقلّدًا السيف فالتقى بسعد بن أبي وقّاس و جرت بينهما مشادة حتّى سلّ كلّ منهما سيفه فاخبره سعد بخبر أخته ...
- و في ثانية أنّه كان صاحب خمر في الجاهليّة فقصد ليلة المجلس المألوف له فلم يجد فيه أحدا ، فطلب فلانا الخمّار.. ، فذهب ليطوف ، فوجد محمّدا يصلّي ، فأحبّ الاستماع إليه فدخل تحت ثياب الكعبة و سمع فدخل الإسلام في قلبه ، فلمّا انصرف الرّسول صلّى الله عليه و آله و ذهب إلى داره الّتي يسكنها المعروفة بالرقطاء لحقه في الطريق ، و أسلم ثمّ انصرف إلى بيته [20]
و في العمدة قيل أسلم عمر ثلاثة و ثلاثين رجلا و ستّ نسوة و قال ابن المسيب بعد أربعين و عشر نسوة و قال عبد الله ابن ثعلبة : بعد خمس و أربعين و إحدى عشر امرأة ، و قيل أنّه أسلم تمام الأربعين فنزل قوله تعالى « يـــا أيّها النبيّ حسبك الله و من اتبعك من المؤمنين » كاد هذا أن يكون مجمع عليه من المؤرخين و المحدّثين .
- إنّهم يقولون إنّه أسلم بعد الهجرة إلى الحبشة حتّى لقد رقّ لهم لمّا رآهم يستعدّون للرحيل حتّى رجوا إسلامه منذئذ. [21]
- إنهم يقولون : إنّه قد أسلم بعد صلاة الظهر فصلّى رسول الله صلّى الله عليه و آله الظهر معلنا تحت حماية عمر ثم صلى الظهر معلنا .[22]، مع أنهم هم أنفسهم يقولون : إنّ صلاة الظهر قد فرضت حين الإسراء و المعراج الذي كان – عندهم – في الثانية عشر أو الثالثة عشرة من العثة ... فكلامهم متناقض و قد وجّه البعض ذلك بأنّ المقصود هو صلاة الغداة أي الصبح كالحلبي و لكنّه توجيه لا يصحّ إذ كيف يؤخر النّبي صلّى الله عليه و آله صلاته عن وقتها بلا عذر ظاهر؟..
- إ نّ عبد الله بن عمر يصرّح : أنه حين أسلم أبوه كان له من العمر ستّ سنين ، و يرى البعض أنّ عمره كان خمس سنين ، و يدلّ على ذلك أنّ ابن عمركان حين إسلام أبيه على سطح البيت و رأى أنّ الناس قد هاجوا ضدّ أبيه ، و حصروه في البيت ، فجاء العاص بن وائل ففرّقهم عنه و قد استفسر بن عمر أباه حينئذ عن بعض الخصوصيات و غدا يتبعه و ينظر ما يفعل يقول : و أنا غلام أعقل ما رأيت ، ممّا يدلّ على أنّ بن عمر كان عند إسلام أبيه مميّزًا مدركا ، وذلك يدلّ على أنّ عمر قد أسلم في السنة التاسعة من البعثة – كما ذهب إليه البعض – لأنّ بن عمر ولد الثالثة من البعثة و تم عمره الخمسة عشر سنة في عام الخندق سنة خمس من الهجرة حيث أجازه صلّى الله عليه و آله فيها كما هو مشهور ... [23] بل نقول إنّه لم يسلم إلاّ قبل الهجرة بقليل و يدلّ على ذلك :
أولا : أنه بلغه أنّ أخته لا تأكل الميتة و واضح أنّ تحريم الميتة إنّما كان في سورة الإنعام التي نزلت في مكّة جملة واحدة و كانت كما تقول بعض الروايات أسماء بنت يزيد الأوسيّة آخذة بزمام ناقته صلّى الله عليه وآله ، و إسلام الأوس و أهل المدينة إنما كان بعد الهجرة إلى الطائف و مجيء نسائهم إلى مكة إنّما كان بعد بيعة العقبة الأولى .[24]
ثانيا : لقد استغرب البعض أن يكون قد أسلم بعد أربعين أو خمس و أربعين ممن أسلم بعد الهجرة إلى حبشة ، و يرد ذلك أنّ الذين هاجروا إلى الحبشة كانوا أكثر من ثمانين رجلا ...[25]
و إن كان ابن الجوزى يعدّ الذين أسلموا قبل عمر فيذكر أسماء من هاجروا إلى الحبشة ، و يؤيّد ذلك أيضا : تلك الروايات التي تصرح بأنّه أسلم في السنة السادسة من البعثة ، و إنّه رقّ للمهاجرين إلى الحبشة حتّى رجوا إسلامه ... أنّ المهاجرين كانوا حينئذ خمسة و أربعين أو أقل أو أكثر بقليل - و ابن هشام عدّهم نحو سبعين -
و هذا يدل على أنّ عمر قد أسلم قبل الهجرة بقليل ثم هاجر و لعلّه لأجل ذلك لم يتعرض للتعذيب في مكة .
ثالثا : لقد جاء في روايات في إسلام عمر : أنّه دنا من رسول الله صلّى الله عليه و آله و هو يصلي و يجهر بالقراءة فسمع رسول الله صلى الله عليه و آله يقرأ آيات « و ما كنت تتلو من قبله من كتاب ، و لا تخطّه بيمينك ... حتّى بلغ الظالمون » .. وهذه دعوى بلا علم ، حيث أنّ الآيتان هما من سورة العنكبوت . وهي إمّا آخر ما نزل في مكّة ، أو هي قبل الأخيرة ..[26]
رابعا : لقد روى البخاري في صحيحه " أنّ النّاس يتحدثون عن بن عمر أسلم قبل عمر ... ثم حاول نافع راوي الحديث بأن ابن عمر بايع تحت شجرة قبل أبيه ثم قال فهي التي يتحدث الناس أنّ ابن عمر أسلم قبل أبيه ، و لكنّي أقول لنافع : ألم يكن الناس يعرفون اللغة العربية ؟ فلم لم يقولوا أنّه بايع قبل أبيه و قالوا أسلم قبل أبيه ؟ ...
ثم ألم يكن أحد منهم يعرف هذا الكلام لا يدلّ على ذلك و لا يشير إليه ، فكيف يصحّ أن يكون هو المقصود منه ... و اعتقد أنّ ما بقول النّاس في ذلك الزمان هو الصحيح الظاهر ،
أي أن ابن عمر قد أسلم و هو ابن عشر سنين قبل الهجرة بسير ثمّ أسلــــــــم أبوه و هاجر . [27]..
*** وإنّ أهون البيوت ، لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون.. ***

وإلى لقاء ، نستودعكم الله والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمـــــــــا ..

الفقير لدعائكم أبو مرتضى عليّ

الفهـــــرس

20و21و22-- مجمع الزوائد للهيثمي ج9ص91 . تاريخ الطبري حوادث سنة 23 . طبقات لابن سعد ج3ص191 سيرة ابن هشام ج1ص322 . البداية والنهاية لإبن كثير ج3ص31 . السيرة الحلبية ج1ص329و330 السيرة الحلبية لدحلان ص132و137 . شرح النهج للمعتزلي ج12ص182 . أسباب النزول للواحدي وحياة الصحابة ج1ص274-276 والدر المنذور للسيوطي ج3ص200 ... وغيرها من كتب الحديث والتاريخ .
23-- السيرة النبوية لإبن كثير ج2ص39 والبداية والنهاية ج3ص82 . مروج الذهب للمسعودي ج2ص321 .
24-- المصنّف للحافظ عبد الرزاق ج5ص326 . الدر المنثور للسيوطي ج3ص2 عن الطبري وابن مردوبة..
25-- تاريخ عمر بن الحطاب لإبن الجوزي ص28 و29 ..
26– المصنف للحافظ عبد الرزاق ج5 ص326 . وما تقدّم من مصادر في أسلام عمر ..
27– صحيح البخاري ط. مشكول ج 5ص 163 .

أبو مرتضى عليّ
18-06-2011, 11:59 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..

إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
**يقول الحقّ تعالى : (( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إنّ الله عليم بما يصنعون ..))
- بحث في الخلافة (( الراشدة ))
** عمر وتيجان العنكبوت .. **
* لا كرامة لكذّاب :
.. كانت الهجرة من مكّة إلى المدينة ، حيث استقرت الرسالة الجديدة و صاحبها الأقدس (ص).. رسالة لم تنزل بعد في إطارها القشيب ، فهي لا تزال مع بعض ممن صحب الرسول الأكرم (ص) إلى مقرّه الجديد مجرّد أحاديث مبعثرة ، لم تتمرّس بها النفوس على كفايةٍ و قد اختطفوها كحقّ من حقوقهم ، و مع قلتهم كلٌ استوعب حسب قدرته الذهنيّة ، و غاياته و حاجاته . و لكن صاحبها الأمين (ص) و بعد هجرته المبارك أراد أن يجعل من ذاك الشعور بالانتماء الجديد و الذي ينساب ابتداءًا حثيثًا إلى الخواطر، أن يصبح حاجة تنساق إليها الخواطر و الأفئدة و العقول . فتنقلب بذلك كنفًا يلجؤُ إليه المستظلون و ليبرز بين جنباتِ حامليها مفهوم الانتماء إلى مجتمع يكون قادرًا على تحمّل المسؤولية وحماية الرسالة و الدفاع عنها .. و يكون على مستوى المسؤولية المنتظرة و من هنا إرتأ صلّى الله عليه و آله بناء المسجد ليكون الوسيلة الفضلى للتثقيف الفكري [ وأجزم بأنه لا زال كذلك لو وعت الأمّة ذلك] ، فهو مصدر إلهام فكري مع شعور بالقدسيّة و الارتباط بالله و مع وضع الأحجار الأولى لأسس المسجد أرادوا أن يضعوا معها الأسس الواهميّة (( للخلافة الراشدة )).

- و جاءوا بقول إفتراء عن عائشة أنّها قالت : أوّل حجرٍ حمله النبيّ صلّى الله عليه و آله لبناء المسجد ثمّ أبوبكر ثمّ عمر ثمّ عثمان ؟ . فقال : يا عائشة ، هؤلاء الخلفاء بعدي .[1] و هذا لا يصحّ بعد أن ضعّفه الذهبي معلّقًا : لو صحّ هذا لكان نصًا في خلاقة الثلاثة ، لكن من أين لهم ذلك ، لأنّ عائشة لم تكن يومئذٍ دخل بها النبي - صلى الله عليه و آله - فهي مازالت محجوبة صغيرة في جوار أمّها .. كما استغربه ابن الكثير .. و هو من الأصل يخالف عقيدة (( أهل السنة )) في كون رسول الله - صلى الله عليه و آله – نص أو استخلف ..
- و يذكرون أن تشريع الأذان كان تبعا لإلهام ربّاني إختصّ به الله تعالى عمرا وكان ذلك في السنة الأولى من الهجرة و قيل في الثانية ...
- كما زعموا بأن من وضع التاريخ الهجري هو عمر و ذلك في أيام خلافته عند فتح دمشق أمّا سنة 16 أو 17 هجري ... و لكن ثمّة جواب أوضح و أظهر ، و هو أنه صلى الله عليه و آله قد أمر بالتاريخ من أوّل قدومه للمدينة و جعل مبدآه أول ربيع الأول ... و استعمله - صلى الله عليه و آله- نفسه حين كتب لنصارى نجران وإلاّ فليُدِلُّونا على الطريقة التي أرّخَ بها النبيّ الأكرم (ص) ومن بعده أبا بكر في معاملاتهم ومراسلاتهم ... و قد قال السيخاوي : فان ثبت فيكون عمر متبعًا لا مبتكرًا [2] ..
كما ذكروا بأن أم سلمة قالت :
• كان عمر قد رأه قبل ذلك . فكتمه عشرين يومًا ، ثم أخبره النبيّ - صلى الله عليه و آله - فقال : ما منعك أن تخبرني ؟ قال : سبقني عبد الله بن زيد ، فاستحيت ، فقال الرسول - صلّى الله عليه و آله - : يا بلال قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد فافعله ...؟ [3]
• و في رواية أخرى تقول أن جبرئيل أذّن في سماء الدنيا فسمعه عمر و بلال ، فسبق عمر بلالا فاخبر النبي صلى الله عليه و آله ثمّ جاء بلال . فقال له : (( سبقك بها عمر )) .
• و في أخرى : إن زيد رآه ، و أخرى تقول : إن سبعة من الأنصار رأوه ، و قيل أربعة عشر..و رواية تقول إن بلالا كان يقول : (( أشهد أن لا إلاه إلاّ الله حي على الصلاة )) . فقال له عمر : أشهد أن محمّد رسول الله . فقال النبيّ - صلى الله عليه و آله - لبلال :قل كما قال عمر ...؟
إلى غير ذلك من وجوه الاختلاف التي لا مجال لذكرها [4].
و بعد كل ما تقدّم لابدّ أن نقول إنّ حكم النبيّ - صلّى الله عليه و آله - العمل برؤيا ابن زيد يكون كمن نطق عن الهوى...؟ و عدم الاستناد إلى الوحي - و مشورة النبيّ - صلى الله عليه و آله - لأصحابه في أمر ديني مستحيلة لأنّه مستغن عنهم بالوحي - ..
فانظر الإمام الصادق – عليه السلام - لمّا سئل : بأنهم يقولون : إن أُبَيُّ ابن كعب الأنصاري رآهُ في المنام .. فقال عليه السلام : (( كذبوا و الله ، إن دين الله تعالى أعزّ من أن يّرى في النوم ..))
و لكنهم لا يأنسوا إلاّ بوضع الأكاذيب و نحت الافتراءات ، عسى أن يرتقوا بأوليائهم إلى مراتب من اصطفاهم الله و اجتباهم .. و لكن حين تمسّ سفاسفهم بالشريعة السمحاء . فلا سبيل للتقاضي . فالوضع في أحوج ما يكون عندها تشديدًا في كشف الحقيقة .. [ و كيف لرسول الله – صلى الله عليه وآله - لو شاء الله له أن يستشير .. أن يلجأ لأمثال عمر في الأمور الشرعيّة مع علمه (ص)بجهله فيها وقلّة علمه .- و قد نبين ذلك لاحقًا - بعد أن استشاره (ص) في ماهو أيسرلعقله وتدبيره ، و لكن صَحِبَت جوابه خيبة ُ الأمل ..على ما رواه مسلم في صحيحه : (( أنه حين بلغ النبيّ صلّى الله عليه و آله إقبال أبي سفيان نحو بدر شاور أصحابه ، فتكلّم أبوبكر فاعرض عنه، ثمّ تكلّم عمر فاعرض عنه ..)) [5]
فكيف لمن ليس له رأي سديد و فكر رشيد مّما اضطر رسول الله - صلى الله عليه و آله - إلى الإعراض عنه في مسألة تخصّ معركة بدر.. فكيف يكون له رأي في تشريع إلهيّ يخصّ الدّين الخاتم و الشريعة السمحاء..؟ ] .

وحتّى الجزء الآخر منها نستودعكم الله ،
والسلام فــــي البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــا
أبو مرتضى عليّ

الفهرس
[1] - البداية والنهاية ج3 ص 218 , تاريخ الخميس ج1 ص 334و 344 ، مستدرك الحاكم ج3 ص96 .
[2] - التراتيب الإدارية ج1 ص181 .
[3] - مجمع الزوائد للهيثمي ج9 ص190 عن طريق الطبري ولم يطعن في سنده إلاّ في سعد بن طريف وليس ذلك إلاّ لأنّه شيعي .؟
[4] - سنن ابن داود ج1 ص335 ، الموطأ ، مسند أحمد ج4 ص 42 ، صحيح الترمذي ج1 ص 358 ، سنن ابن ماجة ج1 ص124 ، سيرة ابن هشام ج2 ص154 ، تاريخ الخميس ج1 ص359 .. وغير ذلك من المصادر..
[5] - صحيح مسلم – غزوة بدر ج5 ص170 ، مسند أحمد ج3 ص 219 ، السيرة لإبن كثير ج2 ص 394 ...

أبو مرتضى عليّ
21-06-2011, 11:20 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..

إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .

.... ولو اكتفوا بهذا الحدّ في الوضع والكذب على الله ورسوله (ص) .. لأغضضن الطرف ، وتجاهلنا الموضوع .. من أجل الأهمّ والأقدس .. ألا وهي وحدة الأمّة والكلمة ، في ظروف هي في أمسّ الحاجة فيها لرصّ الصفوف ، ولمّ الشعث لتّصدّي لما يحاك ضدّها من مؤامرات تمسّ ديننا ومقدّساتنا وأعراضنا ومصيرنا .. ولكنّ العقبة المهلكة حينما تصل سجيّة التّعصب الذميم بهم إلى النيل المباشر من شخص الرسول الأعظم (ص) ، والإساءة الى حضرته المقدّسة . وذلك لا لشيء سوى نحت الفضائل ووضع المناقب لأوليائهم وسادتهم ، مقابل الإساءة الأدبية والمعنوية والدينية .. للحبيب المصطفى (ص) .. ثمّ جاء من بعدهم قوم أغلقوا عقولهم وكلّ المنافذ المؤدية إلى معرفة نور الإيمان والعقيدة : واللذان لا يتأتّيان من كتم الحقيقة . بل إنهما ينتجان من بحث وتحقيق ونقد علمي خالص .على أن لا ينبعث ذلك من هوى النفس بدافع الحبّ والبغض .. وذلك لهو الصراط المستقيم لمن ابتغى لنفسه الوصول لسعادة الدارين .. ولمن أراد معرفة حقيقة ما أدعيت ، فلينظر بعين البصيرة وروح الإيمان الحقيقية الناصعة بأنوار البرهان ، بعيدا عن أسهم ونبال البهتان والافتراء.. لهذه الأمثلة:

* ظلُّ الأعـــرجِ أعـــوج

فقال عمر : أضحك الله سنّك يا رسول الله .
قال : عجبت من هؤلاء اللاتي كنّ عندي فلمّا سمعن صوتك ابتدرن الحجاب .
قال عمر : فأنت يا رسول الله ، كنت أحقّ أن يهبن ،
ثمّ قال عمر: أي عدوّات أنفسهنّ أتهبنني و لاتهبن رسول الله - صلّى الله عليه و آله -
قلن : نعم ، أنت أفظّ و أغلظ من رسول الله - صلّى الله عليه و آله - .
قال رسول الله - صلّى الله عليه و آله - : و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قطّ سالكًا فجًّا إلاّ سلك فجًّا غير فجّك .[6] .. لها الله .
* و ما عُزي إليه - صلّى الله عليه و آله - من قوله : (( و الذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان قطُّ ، إلاّ سالكً فجًّا غير فجّك ..))فما بال الشيطان يهاب الخليفة فيسلك فجًّا غير فجِّه و لا تروعه عظمة النبيّ - صلّى الله عليه و آله - و لا قوّة إيمانه ؟ فيسلك في فجِّه فلا يدعه أن ينهي عن المنكر ، و يحدو بصواحب المنكر إلى أن يتظاهرون به أمامه . بل الشيطان لعنه الله يعرض له - صلّى الله عليه و آله - ليقطع عليه صلاته و إن رجع عنه خائبًا كما أخرجه البخاري و مسلم في صحيحيهما أخرجا بالإسناد عن أبي هريرة قال : صلّى رسول الله صلاة فقال : إنّ الشيطان عرض لي فشدّ عليّ بقطع الصلاة عليّ فأمكنني الله منه فذعته الحديث . [7] ..


- عن بريدة : خرج رسول الله – صلّى الله عليه و آله – في بعض مغازيه ، فلمّا انصرف جاءت جارية سوداء فقالت : يا رسول الله . إنّي كنت نذرت إن ردّك الله صالحًا أن أضرب بين يديك بالدفّ و أتغنّى ؛ فقال رسول الله – صلّى الله عليه و آله - : إن كنت نذرت فاضربي و إلاّ فلا . فجعلت تضرب فدخل أبوبكر و هي تضرب ، ثمّ دخل عليّ و هي تضرب ، ثمّ دخل عثمان و هي تضرب ، ثمّ دخل عمر فألقت الدفّ تحت إستها ثم قعدت عليها ، فقال رسول الله – صلّى الله عليه و آله - : إنّ الشيطان ليخاف منك يا عمر . إنّي كنت جلسًا و هي تضرب ، ثمّ دخل عليٌّ و هي تضرب ، ثمّ دخل عثمان و هي تضرب ، فلمّا دخلت أنت يا عمر . ألقت الدفّ .
- و في لفظ أحمد : إنّ الشيطان ليفرق منك يا عمر.
- و عن جابر قال : دخل أبوبكر رضي الله عنه على رسول الله – صلّى الله عليه و آله – و كان يضرب بالدفّ عنده ، فقعد و لم يزجر لما رأى من رسول الله – صلّى الله عليه و آله - ، فجاء عمر رضي الله عنه فلمّا سمع رسول الله صوته كفّ عن ذلك ، فلمّا خرج قالت عائشة رضي الله عنها : يا رسوا الله . كان حلالاً فلمّا دخل عمر صار حراما ؟ فقال عليه السلام : يا عائشة . ليس كلّ النّاس مرخًا عليهم .[9] .. فهل من مُتفَيْهــق يشرح لنا قولهُ (ص) : إن كنت نذرت فاضرب ، وإلاّ فلا .؟ .. أوليس القائل (ص) http://www.jebchit.com/vb/images/smilies/frown.gif( لا نذرا في معصيّة ، ولا يمينًا في قطيعة ..)) ,وما معنى قوله (ص) : (( ليس كلّ النّاس مرخا عليهم ..؟)) وهل دون الحقّ إلاّ الضلال ..؟ (( ولكن زيّن لهم الشيطان سوء عملهم ، فرأوه حسنـــا )).

كما روى الترمذي في فضائل عمر عن عائشة : .. كان رسول الله - صلّى الله عليه و آله و سلم - جالسًا فسمعنا لغطًا و صوت صبيان ، فقال (ص) : فإذا حبشيّة تزفن و الصبيان حولها فقال : يا عائشة تعالى فانظري ، فجئت فوضعت لحيتي على منكبه - صلّى الله عليه و آله و سلم - ، فجعلت أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه فقال لي : أما شبعت أما شبعت ..؟ قالت : فجعلت أقول لا . لأنظر منزلتي عنده إذ طلع عمر ، قالت : فانفض الناس عنها ، قالت : فقال رسول الله (ص) : إنّي لأنظر إلى شياطين الإنس و الجنّ قد فرّوا من عمر ، قالت فرجعت : ... حديث صحيح غريب من هذا الوجه [10]
- لعنهم الله و أخزاهم ما أجرأهم على الكذب و الافتراء على حضرة الرسول الأكرم (ص) ...
ونكتفي بهذه الكفريات .. وحتّى الجزء الآخر منها نستودعكم الله ،
والسلام فــي البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــــــا
أبو مرتضى عليّ

الفهرس

[6] - البخاري في صحيحه – باب ما لا يجوز من عمل في الصلاة ج1 ص143 ، ومسلم ج1 ص 204 ..
[7] - حلية الأولياء ج2 ص 46 من طريق الأسود بن سعيد .
[8] - مسند أحمد ج5 ص 353 ، والترمذي في جامعه ج2 ص 393 .
[9] - الجامع الكبير للترمذي ج 6 ص 63 ..
[10] - مرقاة المفاتيح لعليّ القاري ج10 ص 406 .

عظيم الفضل
22-06-2011, 10:43 AM
سلمت اناملك الذهبية اخي العزيز ابو مرتضى

نتابع بشوق رحلة استبصارك

تقبل مروري

أبو مرتضى عليّ
27-06-2011, 10:45 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..

إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
**يقول الحقّ تعالى : (( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إنّ الله عليم بما يصنعون ..))

الفرار والتجسس .. خلق الرعاع .

... و تعالى و انظر إلى الصلف و قلّة الحياة ممن ينسب إلى العلم و العلماء و هو يضع الأسس الواهية لهذه الفرية عساه ترفع من شأن إمامه عمر حيث يقول العلامة القاري : .. أو فيه ( أي الحديث ) دليل على عظمـــة خلقــه عليه الصلاة و السلام ، و غلبة صفات الجمال عليه ، كما يدلّ على غلبة نعت الجلال على عمر [11]
وهذا من أهون الأعذار ، حتّى نجعل من أخلاق النبي - صلّى الله عليه و آله و سلم - في مثل أخلاق الفساق ، بل لعلَّ الفُسَّاقَ أيضًا لا يعدون فعل الشياطين من عظمة الأخلاق و أوصاف الجمال ..(( قاتلهم الله أنّى يؤفكون )) ..ولو افترضنا جدلا صحة الفرية ..

* ما ينجو منَ الموت مَنْ خافهُ ، ولا يُعطى البقاء من أحبّهُ

* - معركة أحد : ..هل من مسائل هؤلاء السكارى بهوى الضلالة : ما حكم الفرار من الزحف ..؟ قد لا نختلف بأنه من الكبائر و أنّه عمل من عمل الشياطين .. و لكن في معركة أحد لم يفرّ شيطان الجنّ و الإنس من عمر بل فرّ عمر – كما ذكر ذلك الواقدي : لما صاح إبليس إن محمد قد قتل تفرّق الناس ... إلى أن قال : و ممن فرّ عمر و عثمان [12]
كما ذكر الواقدي : (( أن الرسول الله (ص) لمّا رأى تلك المعارضة (( سيئة الصيت )) من قبل عمر على صلح الحديبيّة .. أقبل على عمر ، و قال له : أنسيتم يوم أحد ، إذ تصعدون و لا تلون على أحد ، و أنا أدعوكم في أخراكم ..))
قالوا وسمع أنس بن النضر : نفر من المسلمين – الذين فيهم عمر و طلحة – يقولون لم سمعوا أن النبيّ - صلّى الله عليه و آله و سلّم - قُتل : ليت لنا من يأتي عبد الله بن أبي سلول ليأخذ لنا أمانًا من أبي سفيان قبل أن يقتلونا ، فقال لهم أنس : يا قوم إن كان محمد قد قتل فإنّ رب محمد لم يقتل ، فقاتلوا على ما قاتل عليه محمد اللهم إني أعتذر إليك مما يقول هؤلاء و أبرء إليك مما جاء به هؤلاء ، ثمّ قاتل حتّى أستشهد رضوان الله و بركاته عليه .[13]
* - فرارهم يوم حنين : و منها : يوم حنين « إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئًا و ضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثمّ وليتم مدبرين ، ثمّ أنزل الله سكينته على رسوله و على المؤمنين » الذين ثبتوا معه (ص) حين فرّ عنه أصحابه و ولوا الدبر ، و كان فيهم عمر بن الخطاب . كما نص عليه البخاري في حديث أخرجه عن أبي قتادة الأنصاري إذ قال : و انهزم المسلمون – يوم حنين – و انهزمت معهم فإذا عمر بن الخطاب في الناس ، فقالت له : ما شأن الناس ، قال : أمر الله ...[14]
لا يا عمر لم يكن الفرار من الزحف وترك رسول الله (ص) دون نصير إلاّ عليّ (ع) مع بضعة من المؤمنين يواجهون خطر القتل ، والذي يعني قبر الرسالة في مهدها .. من أمر الله تعالى ولا فيه رضاه . ولكن تلك كانت صدمةُ العقل بجهالته ، وصدمةُ القلب بضعف إيمانه ، وصدمة الوعيّ بقصر بصيرته ، وأيُّ عزمٍ يفقدُ هذه المقومات لن تكون له بارقةٌ منَ الشجاعة ، ولا نزوة من إرادة على مقارعة الأبطال ..
* - فرارهم يوم خيبر : و منها : يوم سار النبيّ - صلّى الله عليه و آله و سلّم- إلى خيبر ، فبعث أبا بكر إليها فسار بالناس فانهزم حتّى رجع .. و عن علي (ع)قال : (( سار النبيّ (ص) إلى خيبر ، فلما أتاها بعث عمر ومعه الناس إلى مدينتهم ، أو قصرهم ، فلم يلبثوا إن هزموا عمر و أصحابه ، فجاؤا يجبنونه .. و يجبنهم ..؟ وبذلك لا يمكن لشخصيّة عمر ومهما استعير لها من مواقف كي تتباه بها أذنابه وتتوهّم أنّها تستطيل ، ولكنّها تذوب مع أوّل شعاع الحقيقة أو ومضة تمحيص . وأمّا من كانت شخصيّته كريمة المعدن ، مصقولة المزايا ، موزونة العقل .. فمهما عصفت بها ومضات التمحيص ، تتّخذُ منها معاش يومها لغدها ، بذلك يخلدُ ذكرها في لحدها ، ومن كلمات رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم – تستمدُّ إشعاع الخلود ..))
لأعطينَّ غدا الراية رجلا يحبُّ الله ورسوله ويُحبُّهُ الله ورسوله ، كرّار غير فرّار .. فتطاول لها القوم ، لكن كان صاحبها عليّ (ع) ، وكان أرمدُ العين ، فتفل فيها (ص) فبرأت ..[15]

.. هذه الأمانةُ لا يقوم بحملها ***** خلقاءُ هابطةٌ وأطلس أرفـــــعُ
.. يــا قالع الباب الذي عن هزّها ***** عجزت أكلفٌّ أربعــون وأربــــعُ
.. يــا أيّهـــا النبأ العظيم فمهتد ***** في حبّهِ وغـــواة قــــوم ضلّلُ
.. وجزاك خيرا عن نبيّك أنــّه ***** ألفاك ناصره الذي لا بخذلُ ..

و كما هو ديدنهم في كلّ كبوة لأحد سادتهم التماس الأعذار السخيفة ، وجاء صاحب النهج هذه المرّة ليكتفي بالقول : .. و أمّا الفرار من الزحف ، فإنّه لا يفرّ إلاّ مُتَحَيِّزًا إلى فئة ، و قد استثنى الله تعالى ذلك ، فخرج به عن الإثم.. [ يعني عمر]. [16] ..
و لكن قد فات المعتزلي : أن ما جرى يوم أحد وحنين وخيبر ..لم يكن الاعتذار عنه بما ذكر – لعدم وجود فئة لهم – و لأنّ الله قد ذمهم على هذا الفرار و علله بأنّ الشيطان قد استزلهم ببعض ما كسبوا..

والسلام في البدء والختام
أبو مرتضى عليّ


الفهرس

[11] - شرح النهج ج15 ص 24 ، المغازي للواقدي ج2 ص 609 ، ودلائل الصدق ج2ص358 ..
[12- 13] - الطبري 1 / 203 – الكامل لابن الأثير 2 – 110 سيرة ابن كثير – 3 – 55 – النهج 14 – 276 و ج 15 – 20 – حياة محمّد هيكل 265 – تفسير الرازي 9 / 67 – الدرّ النثور للسيوطي 2 / 80 – 88 .
[14] - البخاري من تفسير قوله تعالى \": ..ويوم حنين ..:\" و دلائل الصدق ج3 ص 362 ..
[15] - البخلري ج5 ص 23 باب مناقب عليّ . وصحيح مسلم باب مناقب عليّ ج7 ص 122 . مسند أحمد ج5 ص 353 . البداية والنهاية ج4 ص 182 . تاريخ الطبري ج2 ص 300 . حصائص النسائي ص 7 ..
[16] - شرح النهج للمعتزلي 15 – 21 .

بيان الهدى
30-06-2011, 02:21 AM
أسرتني رحلتك أخي وأعادتني إلى أيام الرحيل الشيقة
نسأل الله الثبات والسداد
دمت بحفظ الباري يا صاحب القلب الكبير والعقل السديد

أبو مرتضى عليّ
01-07-2011, 11:24 PM
كلّ الشكر والإمتنان لصاحبة الفضل والفضيلة بيان على هذا التواصل واللطف ..
أبو مرتضى عليّ

أبو مرتضى عليّ
01-07-2011, 11:27 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..

إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
**يقول الحقّ تعالى : (( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إنّ الله عليم بما يصنعون ..))



... وللمتصفّح لتاريخهم وما سوّدوا من صفحاته بخرافات وكفريات يأباه الشرع والعقل والمنطق .. نُحاشي الحبيب المصطفى – صلى الله عليه وآله وسلم – على أن ينطق بمثل ذلك .. أو أن يقف في مثل تلكم المواقف . ثمّ تعالوا نسأل واضع وناقل هذه الأكاذيب الفاحشة قصد تضليل وإغراء بسطاء الأمّة المصابة بالجهل ، والتمويه على الحقائق بأمثال هذه الأفائك.:
- ممّا جاء من مواقف الخزيّ.. في صلح الحديبة :
.. بما يجيبون على فعل عمر الشائن حين اتخذ الشيطان عضدا وتصدّ لأوامر رسول الله – صلى الله عليه وآله – واعترض على صلح الحديبية حتى كاد أن يوقع الفتن .. (( والله لو لم يكن لعمر إلاّ تلك الفعلة ، لكفته عارا وشنارا مدى الدهر )) , والنصّ للحلبي في غزوة الحديبية من سيرته ، وغير واحد من أهل الأخبار ..: أنّ عمرا جعل يردُّ على رسول الله (ص) الكلام ..؟ فقال له أبو عبيدة ابن الجراح : ألا تسمع يابن الخطاب رسول الله يقول ما يقول .. نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ..؟
ثمّ التفت رسول الله لعمر وقال له : (( إنّي رضيتُ وتأبى ..)) [17] ..؟؟؟؟؟؟؟؟
فانظر بعين البصير ولا تأبه بجعجعة طواحن الريح .. كيف الشيطان يتّخذُ جندهُ ليصُدَّ عن أوامر الله ورسوله (ص) ابتغاء الفتن ونصرة الباطل .. ثمّ انظر تارة أخرى نتاج ذاك العمل المخزي من عمر لمّا أمر رسول الله – صلى الله عليه وآله – أصحابه أن ينحروا ويحلقوا .. يقول البخاري : (( فوالله ما قام منهم رجل ، حتّى قالها ثلاث مرّات . فلمّا لم يقم منهم أحد ، قام ودخل خباءه ، ثمّ خرج فلم يُكلّم أحد منهم بشيء حتّى نحر بدنه بيده . ودعاه حالقه فحلق رأسهُ . فلمّا رأى أصحابه ذلك ، قاموا فنحروا وجعل بعضهم يحلق بعض حتّى كاد يقتل بعضهم بعض ..)) [18] وحين لم يجدوا لهم عذرا من الأعذار يضعون لهم المشاهد العاطفيّة ، ويتصوّرون لهم مواقف التوبة النصوحة .. فهذا يبكي كلّما تذكر أفعاله الشائنة ، فيعززها بالصيام ، وتلك تبكي على ما فرطت في جنب وليّ الله حتّى يبتلّ خمارها .. وبذلك يوزّعون صكوك التوبة ، ورخص الجنان ..
- وحين ينزل القرآن تأييدا لعمر ..؟
.. و كان لهم تجرّم قبل هذا و بعده على حضرة الرسول الأعظم ، و حتّى بيته الكريم و أزواجه أمهات المؤمنين- رض- اتخذوهم مطيّة الصلف و الوقاحة حتّى يشدّ من صرح عمر المتداعي أمام ما اقترفته نفسه و ارتكبته شجيّة المتعجرفة بأخلاق الجاهليّة ، و من صريح الكذب الغير المستطاب في ما وضعوه من موافقة رأي عمر في نزول آية الحجاب على ما روت عائشة : « إنّ أزواج النبيّ (ص) كنّ يخرجن بالليل إذا تبرّزن إلى المناصع و هو صعيد أفيح ، فكان عمر يقول للنبيّ - صلّى الله عليه و آله و سلّم - أحجب نسائك ، فلم يكن الرسول (ص) يفعل ، فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبيّ (ص) ليلة من الليالي عشاءً و كانت إمرأة طويلة ،
فناداها عمر : ألا قد عرفناك يا سودة ، حرصًا على أن ينزل الحجاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب » ...
فمن العجب العجاب أن يجعلوا من ذلك التطفّل على حرم رسول الله (ص) والإحراج لأم المؤمنين سودة (رض) فضيلة لعمر.؟ و ما هو إلاّ سوء أدب والتّجسس .. و إلاّ كيف لعمر أن يأمر النبيّ (ص) يحجب نسائه . و رسول الله (ص) ما كان يفعل ذلك . هل هو أشدّ غيرة من رسول الله (ص) .؟ أمّ أعلم منه بالأحكام..؟
و هذه أقبح جسارة . و أشنع اجتراء على سماحة النبيّ الأعظم (ص) و الذي كان مصيبًا في جميع ما يفعل و يذرّ . و هو أعلم بالمصالح . فكيف التقدّم عليه بأمرٍ أو نهيٍ ؟ و الله تعالى يقول في محكم التنزيل (( يَا أَيُّهَا الذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدِي الله و رَسُولِهِ )) و هذا يدلّ على أن التقدّم بين يديه (ص) بأمر أو نهي أو إذن أو تصرف خلاف الأدب كما أمر عمر النبيّ (ص) بحجب نسائه . مخالفة لله و تركًا للأدب ... إلاّ أن يقولوا بأنّ الخِطاب موجّه للمؤمنين و أنّ عمر ليس منهم عندها لا يمكن أن يشمله النهي.[19]

الفهرس
[17] - السيرة الجلية 2 – 706 و السيرة لابن كثير 3 – 320 .
[18] - البخاري ج 2 ص 122 باب الشروط في الجهاد مسند أحمد 4 – 330 .
[19] - صحيح البخاري : كتاب الوضوء : 1 / 136 (143) ، و انظر صحيح مسلم : 4 / 1364 ( 21..

-- وحتّى الملتقى مع فقاقيع الهوى .. نستودعكم الله تعالى .
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــــــــــــــــــا
أو مرتضى عليّ

أبو مرتضى عليّ
01-07-2011, 11:32 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..

إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
**يقول الحقّ تعالى : (( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إنّ الله عليم بما يصنعون ..))

* إنَّ الأمور إذا اشتبهت ، اعتُبر آخرها بأوّلها
.. وحينما يغلب عدم الحياء على صاحبه ، يُصبح غير مكترث لمغبّة مساءلته ، ولا متحاش عن كشف سوءته ..غير شاعر بأنّ بحّاثة العلم والتنقيب سيميطون الستور الواهية على أكاذيبهم وتقولاتهم ، ويسمهم بسمةِ العار ووصمة الشنار .
وهذه إحداها على ما وُسِمَ برواية البخاري ومسلم والترمذي صحاحهم السقام ، بوسمة العيب والملامة حيث جاء عن ابن عمر أنّ رسول الله (ص) قال : بينما أنا قائم ، أتيتُ بقدح لبن ، فشربت حتّى إنّي لا أرى الرّيَّ يخرجُ من أظفاري ثمّ أعطيتُ فضلي عمر بن الخطاب ..
قالوا : فما أوّلته يا رسول الله (ص).؟
قال (( العلم ..)) [20]
فوالله ما عشت أراك الدهر عجبا .. بعدما جاء من بعدهم قوم أشدّ صلفا وعنادا وخيانة للتاريخ والأمّة . وهذا موسى جار الله – بل قل جار الشيطان الرجيم الذي وسوس له زخرف القول فصدّه عن منهج الأمان وحقيقة العلم .. جاء يهذي بعد قرون ليتمّ صرح السفا سف والتدجيل .. فوضع كتابا سمّاه (( الوشيعة في الردّ على الشيعة )) فكان عبارة على زير خمر في رمضاء هجير .. وقد إحتوشته روائح الافتراء ، ونتنة التدجيل .. فلم يكن من رُوادِهِ إلاّ كلّ صلفٍ زنيمٍ . ومن بين تلكم التسرُّبات المُنتِنةُ ، دعوة افتراء يُعارضُ بها قول رسول الله - صلى الله عليه وآله - : أنا مدينة العلم وعليّ بابها[21] . بقوله http://www.jebchit.com/vb/images/smilies/frown.gif( كان عمر أفقه الصحابة وأعلم الصحابة في زمانه على الإطلاق .؟ وانّما كان أعرف الفقهاء بمواقع السنن والقرآن الكريم . وكان مدّة عمره في جميع الأمور يعمل بالكتاب والسنة . وكان يعرف مواقع السنن ويفهم معاني الكتاب ..))
ولكن هذه الفرية قد كفانا عمر الردّ عليها في خطبته المشهور بالجابية حيث صرّح بالحقيقة الناصعة عن ماهيّته وقيمته .
فقال : من أراد أن يسأل عن القرآن فليأت أبيّ ابن كعب ، ومن أراد أن يسأل عن الحلال والحرام فليأت معاذ بن جبل ، ومن أراد أن يسأل عن الفرائض فليأت زيد بن ثابت ، ومن أراد أن يسأل عن المال فيأتيني فإنّي له خازن .
وفي لفظ : فإنّ الله جعلني خازنا وقاسما .. [22] .. أيّها الفاروق .. يا من لا يحبّ الباطل .. ويا من كنت ملازما للحقّ .. ويا من يصافحك الحقّ يوم القيامة .. ويا سراج أهل الجنّة .. بالله عليك أين علم من ذكرت من علم علي بن أبي طالب – عليه السلام - .. ذالك الذي لم يَغْرِف عقلهُ إلاّ من جوهر الكمال لذاك الموجود الأقدس (ص) فكانت لديه المعرفة بأبهى معانيها ، فأصبح لديه خزّانٌ طافحٌ بالفضائل والمكرومات الربّانيّة والمحمّديّة .. فكان مثالا للعفّة والصدق والنزاهة ، ومثالا للإيمان الذي يُسلِّحه بالحقّ والعدالة والقوّة والعلوم .. وهل فيكم من وقف يوما على المنبر وقال : (( سلوني قبل أن تفقدوني ، سلوني قبل أن لا تسألوني ولن تسألوا بعدي مثلي .. سلوني عن شيء يكون إلى يوم القيامة إلاّ أخبرتكم .. وسلوني عن كتاب الله فوا لله ما من آية إلاّ وأنا أعلم أبليل نزلت أم بنهار في سهل أم في جبل . وسلوني عن الفتن فما من فتنة إلاّ وقد علمت من كسبها ومن يُقتل فيها )) [23]
يــــا للرجــال لأمّـــة مفتونة ***** سادت على السادات فيها الأعبد
أضحى بها الأقصى البعيد مقرّبا ***** والأقرب الأدنى يذاد ويبعــد ..

** وحتّى نلتقي .. السلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــــــــا
أبو مرتضى عليّ

[20] - – البخاري باب – فضائل الصحابة ج 5ص 70 و صحيح مسلم ج 4 / 1482 / 2391 ..
[21] - أحمد ابن حنبل في المناقب . ابن جرير الطبري في تهذيب الأثار و البغوي في تاريخه ج2 ص377 . الترمذي في الجامع الصغير . ابن كثير في تاريخه ج 7 ص 358 . والطبراني في المعجم .. وغيرها من المصادر.
[22] - سنن البيهقي ج6 ص 231 . مجمع الزوائد للهيثمي ج1 ص 135 . العقد الفريد ج2 ص 132 ..
[23] - ابن كثير في تفسيره ج4 ص 231 . مسند أحمد . تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 124 . المستدرك ج2ص466 كما صححه الذهبي بهامش المستدرك ..

أبو مرتضى عليّ
11-07-2011, 09:29 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..

إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
**يقول الحقّ تعالى : (( فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إنّ الله عليم بما يصنعون ..))

- كلّ النّاس أفقهُ من عمر..
قالها عمر لمّا أفحمته امرأة مؤمنة ، بعد أن عزم على النّهي عن الغلو في مهور النساء . فقام في بعض أيامه خطيبا في هذا المعنى ، فكان ممّا قال : (( .. لا ينبغي أن امرأة تجاوز صداقها صداق زوجات رسول الله (ص) .. ألاّ أرجعته ذلك منها ..)) فقام إليه امرأة وقالت له : (( والله ما جعل الله ذلك لك إذ يقول : وان أردتم إستبدال زوج مكان زوج ، وأتيتم إحداهنَّ قنطارا فلا تأخذ منه شيء ... أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا )) ,
فقال عمر : كلّ النّاس أفقه من عمر ، حتّى ربّات الحجال .. و في موضع أخر حتّى العجائز ؟ [24] .. ثمّ جاء أحدهم يغرفُ منَ السراب وردا .. فادّعاه منقبة تنمّ على تواضع الإمام العادل وتسامحه وصفحهُ..

.. ونكتفي بهذا ففيه الكفاية لمن أراد اجتناب الغواية بعد ما أيقنا من ماهية هؤلاء وعلمنا مدى جرأتهم على الله ورسوله - صلّى الله عليه و آله و سلّم - .. وما ينفع ما جاء به أشياعهم ممن ضيّعوا الأمانة وخانوا الأمّة .. فشيّدوا لهم صروحا من وهمِ الفضائل وأبراجا من سراب الافتراء وشدّوها بحبال اتخذوها من الرمال .. وأرادوا لها أن تصمد في وجه النقد العلمي والبحث النزيه والأدلة القاطعة ممن اتخذ شعار الحبّ والولاء في رضا ومرضاة الله ، ولله وفي الله . ولن تكون لصحّبة أية حُرمة أو كرامة .. وما وهب ابن هند لأسلافه....(( ويحلفون بالله إنّهم لمنكم وما هم منكم ولكنهم قوم يفرقون ..))

* راكـــب الظُلم .. يكبو به مركبــهُ
- رحم الله ابن عباس حين لقبها بالرزيّة حقّا إنها لطامة الكبرى التي أصابت الأمّة في مناهج حياتها الدينيّة منها و الدنيويّة ، و كانت أوّل اختلاف وقع بين المسلمين قبيل رحلة رسول الله (ص) إلى جوار ربّه في الملأ الأعلى .. و كان الاختلافا سياسيًا . و التي بدورها أدّت إلى الاختلاف الذي وقع بين المهاجرين و الأنصار على الزعامة و الإمارة في سقيفة بني ساعدة و الرسول الأكرم ، بعد لم يجهز و لم يقبر و كذلك هذا الاختلاف سياسيًا بلا ريب ثمّ يكون الاختلاف الثالث و منشأه الشورى العمريّ و التي لا تخفى على من سبر تاريخها أنها كانت محض سياسية و السياسيّة المحضة ..بل مؤامرة صريحة لإبعاد الإمام (ع) عن الخلافة . و رابع اختلاف هو الاختلاف العظيم الذي صار أساس جميع الاختلافات التي وقعت بين المسلمين و خاصة مع الحزب الأموي ، و كان محور ذلك الخلاف على عثمان ... فانبثق من ذلك كلّ الخلافات التي وقعت من بعد كمخالفة الناكثين و القاسطين و المارقين .. وهكذا افترق المسلمون طرائق قددا بعدها والى يومنا هذا ، بل ها هي سيّئة من تلكم السيّئات أنجبت لواء عمر في بلاد الرافدين لسفك دماء أتباع أهل بيت المصطفى – صلى الله عليه وآله - ..
.. و السبب الحقيقيّ في ذلك كلّه : (( الكلمات الخالدة )) التي نطق بها الشيطان على لسان عمر ابن الخطاب : (( إنّ رسول الله يهجر .. حسبكم كتاب الله )) . فهي الحجر الأساس لكلّ الاختلاف و الضلال و الدماء المسفوكة عبر العصور ... و لكن أهل البطر و العبث و الفساد و أهل الجهل و البلادة و الغباوة يعتبرونها منقبة لابن الخطاب لأنه أشفق على رسول الله - صلّى الله علي و آله و سلّم - ... و أنا لا أستغرب هذا ممن يعتقد بأن الحسن و القبح العقليين لا وجود لهما و يكون بذلك حالهم حال البهائم فلا يصدّهم عن الاعتقاد بحسن ارتكاب القبائح شيء ، و لا يحرضهم عن الفعل الحسن شيء .. و هكذا أصبحت عقولهم لا تحكم بحسن الشيء و لا تأمرهم به ، أو تحكم بقبح الشيء و تنهاهم عنه .. بل يعتقدون بأنَّ مِنْ بينهم مَنْ هو أفضل منَ الرسول الأعظم – صلى الله عليه وآله وسلم - ..؟ [25] ( فهم كالأنغام ، بل أظل ّ سبيلاً )) ...
** وحتّى نلتقي .. السلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــــــــا
أبو مرتضى عليّ

[24] - الرياض النضرة 2 ص 57 ، الفتوحات الإسلامية 2 ص 408 ، نور الأبصار ص 65 .
[25] - ابن حزم في كتابه الفصل في الملل و الأهواء 4 / 1 و الأمام الغزالي في كتابه المنخول في الأصول .

أبو مرتضى عليّ
15-07-2011, 08:42 PM
* الحقيقة الثابتة في الرّزيّة

و إليك الآن بعض ما أخرجه البخاري بسنده إلى عبيد الله بن عبد الله بن مسعود عن ابن عباس . قال : لما حضر رسول الله -صلّى الله عليه و آله و سلّم - و في البيت رجال فيهم عمر ابن الخطاب .
قال النبيّ (ص) :« هلّم اكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده ».
فقال عمر : أن النبيّ قد غلب عليه الوجع ، و عندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله . فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابًا لن تضلوا بعده ، و منهم من يقول : ما قال عمر ،
فلما أكثروا اللغو و الاختلاف عند النبي قال لهم رسول الله (ص) : (( قوموا عنّي ))..
قال عبيد الله بن عبد الله بن مسعود - : فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله و بين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم و لغطهم . [26]
و رواه أحمد بن حنبل في مسنده من حديث ابن عباس و سائر أصحاب السنن و الأخبار ، و قد تصرفوا فيه فنقلوه بالمعنى ، لأن لفظه الثابت : « إن النبي يهجر » لكنهم ذكروا أنه قال : « إن النبي قد غلب عليه الوجع » تهذيبًا للعبارة ، و اتقاء فظاعتها . و يدل ذلك على ما أخرجه أبوبكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة بالإسناد على ابن عباس ، قال : لما حضرت رسول الله الوفاة و في البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، فال رسول الله : « ائتوني بدواة و صحيفة أكتب لكم كتابًا لا تضلون بعده قال : فقال عمر كلمة معناه أن الوجع قد غلب على رسول الله (ص) ثمّ قال : عندنا القرآن حسبنا كتاب الله . فاختلف من في البيت و اختصموا فمن قائل يقول : القول ما قال رسول الله (ص) ، و من قائل يقول : القول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط و اللغو و الاختلاف غضب (ص) فقال : قوموا ...» [27] . و تراه صريحًا بأنهم إنما نقلوا معارضة عمر بالمعنى لا بعين لفظه.

* الحقُّ مثال ، والباطل خُبال
و يقول السيد شرف الدين في هذه المسألة : و من ألم بما حول هذه الرزية من الصحاح يعلم أن أول من قال يومئذٍ :« هجر رسول الله » أنما هو عمر [28] . ثمّ نسج على منواله من الحاضرين من كانوا على رأيه .
و قد سمعت قول ابن عباس – في الحديث الأوّل – : فاختلف أهل البيت فاختصموا ، منهم من يقول : قربوا يكتب لكم النبي كتابًا لن تضلوا بعده ، و منهم من يقول ما قال عمر [29] – أي يقول : هجر رسول الله – و في رواية أخرجها الطبري في الأوسط عن عمر قال : لما مرض النبي قال : ائتوني بصحيفة و دواة أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده أبدًا . فقال النسوة من وراء الستر : ألا تسمعون ما يقول رسول الله (ص) ؟
قال عمر : فقلت : إنكن صواحبات يوسف إذا مرض عصرتن أعينكن و إذا صح ركبتن عنقه ؟
قال : فقال رسول الله (ص) : « دعوهن فإنهن خير منكم » . [30].
و أنت ترى إنهم لم يتعبدوا هنا بنصه الذي لو تعبدوا به لأمنوا من الضلال و ليتهم اكتفوا بعدم الامتثال و لم يردوا قوله إذ قالوا : « حسبنا كتاب الله » حتّى كأنه لا يعلم بمكان كتاب الله منهم ، أو أنهم أعلم منه بخواص الكتاب و فوائده . و ليتهم اكتفوا بهذا كله و لم يفاجئوه بكلمتهم تلك « هجر رسول الله » و هو محتضر بينهم و أي كلمة كانت و وداعا منهم له (ص) و كأنهم – حيث لم يأخذوا بهذا النص اكتفاء منهم بكتاب الله على ما زعموا – لم يسمعوا هتاف الكتاب آناء الليل و أطرف النهار في أنديتهم « و ما آتاكم الرسول فخذوه و ما نهاكم عنه فانتهوا » و كأنهم « حيث قالوا : هجر » لم يقرؤوا قوله تعلى : « أنه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين . مطاع ثم أمين. و ما صاحبكم بمجنون » و قوله عز من قائل : « انه لقول رسول كريم و ما هو بقول شاعر قليلاً ما تؤمنون ، و لا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين » و قوله جل و علا : « ما ضل صاحبكم و ما غوى ، و ما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ، علمه شديد القوى »
على أن العقل بمجرده مستقل بعصمته ، لكنهم علموا أنه (ص) إنما أراد توثيق العهد بالخلافة ، و تأكيد النص بها على علي عليه السلام خاصة ، و على الأئمة من عترته عامة فصدوه عن ذلك ، كما اعترف به الخليفة الثاني في كلام دار بينه و بين ابن عباس [31]
و أنت إذا تأملت في قوله (ص) : ائتوني أكتب لكم كتابًا لن تضلوا بعده و قوله في حديث الثقلين : « إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا ، كتاب الله و عترتي [32]. تعلم أن المرمى في الحديثين واحد ، و إنه - صلّى الله عليه و آله و سلّم - لما أراد في مرضه أن يكتب لهم تفصيل ما أوجبه عليهم في حديث الثقيلين . و أنما عدل عن ذلك ، لأن كلمتهم تلك التي فاجئوه بها اضطرته إلى العدول إذ لم يبق بعدها أثر لكتابة الكتاب سوى الفتنة و الاختلاف من بعده في انه هل هجر فيما كتبه (( و العياذ بالله )) أو لم يهجر . كما اختلفوا في ذلك فاختصموا و أكثروا اللغو و اللغط نصب عينيه ، فلم يتسن له يومئذ أكثر من قوله لهم : قوموا كما سمعت ، و لو أصرّ فكتب الكتاب للجوا في قولهم هجر ، و لا وغل أشياعهم في إثبات هجره (( العياذ بالله )) فسطروا به أساطيرهم ، و ملئوا طواميرهم ردًا على ذلك الكتاب ، و على من يحتج به ..
لهذا اقتضت الحكمة البالغة أن يضرب (ص) عن ذلك الكتاب صفحًا ، لئلا يفتح هؤلاء و أولياؤهم بابًا إلى الطعن في النبوّة « نعوذ بالله و به نستجير » و قد رأى ان عليًا و أولياءه خاضعون لمضمون ذلك الكتاب ، سواء عليهم ، أكتب أم لم يكتب ، و غيرهم لا يعمل به و لا يعتبره لو كتب ، فالحكمة – و الحال هذه – توجب تركه ، إذ لا أثر له بعد تلك المعارضة سوى الفتنة كما لا يخفى ..انتهى كلامه قدّس سرّه . [33]
ثمّ لنسأل عمر سؤالان : 1 -- ماذا تفعل في حجرة رسول الله وهو بين أهل بيته (ع) وزوجاته (رض) .. ومكانك الذي اختاره لك (ص) ، هو جيش أسامة المتوجّه لمحاربة الروم ، وقد لعن (ص) المتخلّف عن ذلك الجيش قبل يومين من وفاته ..؟ .
2 - ما وجه الشبه بين زوجات الرسول الأكرم (ص) ، وصويحبات يوسف (ع) وهن من عابدات الشهوة والسفور .. وما تقول في قول رسول الله (ص) : (( دعوهنّ فإنهن خير منكم ..)) ..؟
(( .. فلا وربُّك لا يؤمنون حتّى يحكموك في ما شجر بينهم ، ثمّ لا يجدوا في أنفسهم حرجا ممّا قضيت ويسلّموا تسليما ..))

صدق الله العلي العظيم .
[25] - ابن حزم في كتابه الفصل في الملل و الأهواء 4 / 1 و الأمام الغزالي في كتابه المنخول في الأصول .
[26] - البخاري – باب قول البريض قوموا – ج7ص9 . صحيح مسلم في آخر كتاب الوصيّة ج5 ص75 ..
[27] - شرح النهج ج2 ص20 . أبو بكر بن عبد العزيز في كتاب السقيفة ..
[28] - البخاري في – كتاب العلم – ج1 ص 37 ، والطبري في تاريخه ج3 ص 192 . طبقات ابن سعد ج2ص242 ..
[29] - ابن الجوزي في تذكرة الخواص ص 62 وأبو حامد الغزالي – كتاب سرّ العالمين – ص 21 ..
[30] - طبقات ابن سعد ج 2 ص243 . كتاب عبد الله ابن سبأ للعسكري ..
[31] - شرح النهج ج3 ص 114 . . وقد نعترض للبعض من تلكم المناظرات في الجزء 3 .
[32] - الترمذي ج 5 ص 328 . ابن الأثير ج 1 ص187 . إحياء الميت للسيوطي بهامش مسند أحمد ج5 ص 182 . الإتحاف ص 114 . الفتح الكبير للنبهاني ج1 ص 503 . تفسير ابن كثير ج 4 ص113 ..
[33] - النّص والإجتهاد

والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أخوكم أبو مرتضى عليّ

أبو مرتضى عليّ
26-07-2011, 09:28 PM
بسم الله الرحمان الرحيم
والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..

إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
**يقول الحقّ تعالى : (( أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ، و من ينقلب على عقبيه فلن يضَّر الله شيئًا وسيجزي الله الشاكرين ..))


* إخوان الظاهر ، وأعداء السرائر :
... إنَّ حادثة السقيفة وما كان فيها وما صدر عنها.. وما أنتجت بعد مخاض المجادلات والمشادات التي تخللتها .. لم تَعُد لها أيّ قيمة تاريخيّة ، بعد أن ديست فيها حرمة الصحبة ، وانتزعت بيعةٌ قد خُطّط لها من قبل وفاة رسول الله – صلى الله عليه وآله وسلم - .. فكانت مسرحيةٌ أعدَّ لها سلفا من قبل عمر ابن الخطاب ، فكان هو بطلها وصاحب الأمر والنهيّ فيها ، فأنجبت خلافة قيصرية باسم أبا بكر إبن أبي قحافة بعد أن مُهّدَ له الدّرب .. ثمّ إنتزعت له بيعة إنتزاعا ، وتلك كانت غايتهم ، وممن كان على رأيهم ..
.. وهكذا تُعتبرُ حادثة السقيفة لا قيمة لها في تاريخ الأمّة .. وما هي إلاّ كشحٌ من الحسد نسجته يد عمر بِوَبرِ البُغض لبني هاشم ، بدأ بأنكاثهِ منذ زمنٍ بعيد .. وذلك ما ستؤكّدهُ المناظرات بين عمر وإبن عبّاس (رض) مع أدلّتها الواضحة لمن عرف حكمة الله التّامة ، ومشيئته المُستمدّة من كرم عدالته ، وعرف نبيّهُ المصطفى (ص) واقتدى بهديه ، وألتزم بأمره ونهيّهِ .. ومن إبتغى الحقيقة من غير هذان المنهجان فلن يبلُغَ الغاية ، ولن يسلُك سُبُلَ النّجاة ، ولن يزيدهُ بحثُه إلاّ خُبالا وضلالا .. وإن عظُمت في نظره المصادر ، ووثّقت في ظنّه المسانيد ..
وقبل سرد الأدلّةُ الدّامغة في ما أدّعي .. فلا بأس أن نُعطي البحث حقّه في هذا التمهيد الموجز . والذي يُؤكّدُ لمن كان يؤمن بالله تعاله إسمهُ وعدله وحكمته التامة ، ونبوءة رسوله الأكرم (ص) ورأفته ورحمته على أمّته .. يعلم عندها علم اليقين بأنّهما لم يتركا الأمّة هُمّلا بعد إنتهاء الرسالة المحمّديّة الخاتمة ، وانتقال صاحبها إلى الرفيق الأعلى.. بل كانت هناك مقامات حيث أنذر وحذّر ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) أمّته من مغبّة الضلالة و الإرتداد .. كما أعلمهم بما سيحدثُ من بعده من خلافات، وأنها ستفترق على ثلاث و سبعين فرقة ، فرقة ناجيـــة ، والباقون في النار ...

بل و أكثر من ذلك حيث أنبأهم بأنّ الخلاف يكون مباشرة مع غيابه عنهم (ص) ، كما بينت الآية الكريمة ذلك .. و قوله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) مخاطبًا أصحابه : (( سيرتدّون بعده على أدبارهم القهقرى ، أو يردون عليه الحوض فيختلجون دونه بما أحدثوا بعده... و في بعض الأحاديث فيقال لي : أنهم لم يزالوا مرتدين على أعقابهم منذ فارقتهم [1]...
لذا لا يمكن لمن آمن بالله و رسوله أن يميل إعتقاده بأنه- صلى الله عليه و آله و سلّم- لم يكن يعلم بما سيجري بعده من خلافات فقد صرّح و لمّح و بيّن و ذلك كله حتى لا تكون حجّة لمحتجٍّ باجتهاد أو قياس أو ظنّ .. والمتتبّع لمواقف الإمام عليّ – عليه السّلام – تنجلي عنده الحقيقة الدامغة عن ما له من علم مسبّق قد أنبأه به الرسول الأعظم (ص) ، كما رسم له الطريق التي أمره باتباعها عندما تغدر به الأمّة من بعده .. فتدبّر في قوله (ع) ..))
... فو الله مازلت مدفوعًا عن حقّ مستأثر عليه منذ قبض رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) حتى يوم الناس هذا .. أو قوله في موضع آخر فنظرت فإذا ليس لي معين إلاّ أهل بيتي فظننتهم عن الموت و أغضيت على القذى و شربت على الشجى و صبرت على أخذ الكظم و على أمرّ من طعم العلقم .. وما أبلغها حجّة إذ قال مخاطبا أبا بكر : (( فأن كنت بالقربى حججت خصيمهم فغيرك أولو بالنبيّ وأقـربُ وإن كنت بالشورى ملكت أمورهـم فكيف بهذا والمشيرون غُيَّـب )) , [ وقد نأتي بالمزيد..]

وما دمنا نعتقد بأنه ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) مرسلٌ جاء بشيرًا و نذيرًا للعالمين إلى يوم يبعثون . فيكون من القصورٍ في التفكير، أو الافتراء المفضوح ، أن نُصدّق أو نعتقد بأنهُ ( صلى الله عليه و آله وسلّم ) ترك أمته بعده سدى من غير راع ، أو طريق واضح لمن يبتغي سبُل النجاة ..
و قد وجدناه ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ما كان يترك المدينة المنورة إذا خرج لحرب أو غزوة من غير أمير يخلفه عليها .. فكيف نصدق عنه أنه أهمل أمر أمته العظيمة بعده إلى آخر الدهر ..لكن كلّ ما عندنا من أحداث ومواقف تاريخيّة ، فهي من نسج عقول وأقلام إرتضاها أصحاب الإستبداد الفكري والسياسي ...
.. و هكذا نجزمُ بأنّ الإستبداد الفكري كان قرينا للاستبداد السياسي ، وهم معًا يكون من نتاجهم الانحطاط و التخلف الذي يصيب الأمم و الشعوب المبتلية بهما . و أظنني غير مبالغ إذا قلت : بأنّ الأمة الإسلامية و منذ يوم وفاة رسول الله ( صلّى الله عليه و آله و سلّم ) قد ابتليت بالإستبداد بشكليه الفكري و السياسي . فمنيَ التاريخ الإسلامي بحالات شاذة نتيجة لذلك ، و ليس أدلّ عليها التناقضات و الاضطراب الموجود في أكثر أحاديث الوقائع التاريخيّة ، فضلاً عن الأحكام الشرعيّة ، كما طال الاختلاف خصوصيّات الحوادث و الأحكام ..

و كلّ متصفّح أو باحث في ثنايا السيرة أو التاريخ إلاّ و اصطدم بهذه الحقيقة المرّة .
و لا يمكن أن نُحمِّلَ ذلك على الغلط أو السهو و لا الغفلة في النقل أو الرواية .. بل كلّ ذلك كان عن وعيّ و دراسة من أرباب السياسيّة و النفوذ من يوم السقيفة حتّى يوم الناس هذا . وانظر لأشباه العلماء قديمًا و حديثًا ، و نزعتهم المنحرفة عن النقل النزيه و الأمانة التاريخيّة و كلّ ما تخطّ أقلامهم يكون مرتبط بالروح التي يحملونها فيختاروا كلّ منهم ما لا يفسد عليه رأيه ، و لا يصدّق إلاّ بما يجري على هواه ، كما ينقل إلاّ على الرجل الذي يتفق و مبادئه و إن كان وضاعًا كاذبًا ، و من لا يتفق مع ما يعتقده يكون صاحب بدعة وضلالة حتّى وإن كان ثيقة صدّوقا ..؟
.. وإذا أردنا أن نبحث في أوّل حادثة ذا بال وقعت بعد وفاة صاحب الرسالة (ص) مباشرة .. فهل تجد غير فلتة سقيفة بني ساعدة والتي أعدّت فصولها سلفا . وقد امتزجت مواقفُ أركانها بالاستبداد الفكري والسياسي .. مع ما صحبها من عنف لفظي وجسدي . وكان أشدّها منْ حامل لواءها عمر بن الخطاب بعد أن أطلق سهمهُ الأوّل على مبادرة الرسول الأكرم (ص) وتفضّله على أمّته بصكّ الهداية مدى الدهر ، لكن عمر أبى لها ذلك بدعوى فاجرة : (( حسبكم كتاب اللّه .. إنّ رسول الله يهجر..؟ )) , ونحن نسائل عمر ومن يُدافع على كفرياته : هل كان رسول الله (ص) قد هجر من قبل حينما يكون في حالات مرض ..؟.. وما السنن الشريفة التى نُقلت عنه حينها ..؟ - أعاذنا الله من الغواية - ...
والسهم الثاني جاء عن لسان صاحبه المغيرة بن شعبة حليف إبن هند بقول فاسق : وسّعوها في قريش لتتّسع .. حتّى يكون له ولأمثال نصيبا من فتاتها . وهكذا غُيِّب أهل البيت ( عليهم السّلام ) وكانت المؤامرة من أوضح الواضحات بعد أن إستأثروا بالأمر يوم السقيفة دون أن يؤذنوا أحدا من بني هاشم وأوليائهم ، وهم ثقلُ رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) وأعدال كتاب الله تعالى [2].. وما أن أفاؤوا إلى مواراة الحبيب المصطفى ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) .. بل لم يحضروا جنازته المقدّسة ولم يعلموا بها .؟ .. كما سنأكّد ذلك حتّى فاجئوا أولياءه و أحباءه بسهم الغدر الذي طفح على سرائرهم الحاقدة و ذلك لأخذ البيعة منهم قهرًا أو التحريق عليهم ...
وحتّى الفصل الثاني نستودعكم الله .
والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أخوكم أبو مرتضى عليّ

الفهرس
[1] صحيح مسلم ج 8 ص 107 .
[2] إشارة إلى أنّ أ÷ل البيت (ع) هم عدل الكتاب .. وقد أخرجه مسلم والترمذي والنسائي وأحمد ..

أبو مرتضى عليّ
02-08-2011, 09:57 PM
* من وضع نفسه مواضع التّهمة ، فلا يلومنّ إلاّ نفسه :
و لكن محاورات عبد الله ابن عباس مع عمر بن الخطاب أيّام خلافته توضح ما كان ملتبسًا و تكشف خفايا المستور على ما روى صاحب النهج و غيره من أصحاب السيرة والتاريخ .:
في مناظرات عدّة وقعت بينهما . وأختصرُ بعضها لمن يبتغي استجلاء الحقيقة من بين ركام الضلالة والافتراء، والتدليس ، وصولة السيف والنطع ..
1 - .. حيث يسأل عمر إبن عباس في إحدى مناظراته : يا إبن عبّاس ، أتدري ما منع الناس منكم ..؟
قال : لا يا أمير المؤمنين .
قال : لكني أدري .
قال : ما هو يا أمير المؤمنين ؟
قال : كرهت قريش أن تجتمع لكم النبوة و الخلافة ، فتجحِفوا جِحْفًا ، فنظرت قريش لنفسها فاختارت و وفقت وأصابت .
فقال ابن عباس : أيُميط أمير المؤمنين عنّي غضبه فيسمع ؟
قال : قل ما تشاء .
قال : أما قول أمير المؤمنين : إن قريشًا كرهت ، فإنّ الله تعالى قال لقوم : « ذَلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أَعْمَالَهُمْ » .
و أما قولك : ( إنّا كنّا نجحف ) ، فلو جحفنا بالخلافة جَحَفْنا بالقرابة ، و لكنّا قوم أخلاقنا مشتقة من خلق رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) والذي مدحهُ قال الله تعالى في قوله : « و إنّك لَعَلَى خلق عظيم » ، و قال له : « و اِخْفِض جناحك لِمَنِ اتبعكَ من المؤمنين » .
و أما قولك: « فإن قريشًا اختارت » ،فإنّ الله تعالى يقول : « و ربك يخلُقُ ما يشَاءُ و يختار ما كان لَهُمُ الخَيَرة » و قد علمت يا أمير المؤمنين أن الله اختار من خلقه لذلك من اختار ، فلو نظرت قريش من حيث نظر الله لها لوفقت و أصابت قريش .
فقال عمر : على رسلك يا بن عباس ، أبت قلوبكم يا بني هاشم إلا غشّا في أمر قريش لا يزول ، و حقدًا عليها لا يحول ...؟
فقال ابن عباس : مَهْلاً يا أمير المؤمنين ؟ لا تنسب هاشمًا إلى الغشّ ، فإن قلوبهم من قلب رسول الله ( صلى الله عليه و آله وسلّم )الذي طهره الله و زكّاه ، و هم أهل البيت الذين قال الله تعالى لهم : « إنما يريد الله ليُذهِبَ عنكم الرجسَ أهْل البيت و يُطهِّرَكم تطهيرًا » .
و أما قولك : (( حقدًا )) فكيف لا يحقد من غصب شيئه ، و يراه في يد غيره .
فقال عمر : أما أنت يا ابن عباس ، فقد بلغني عنك كلامٌ أكره أن أخبرك به ، فتزول منزلتك عندي .
قال : و ما هو يا أمير المؤمنين ؟ أخبرني به ، فإن يكُن باطلاً فمثلي أماط الباطلَ عن نفسه ، و إن يكُن حقًا فإنّ منزلتي لا تزولُ به .
قال : بلغني أنّك لا تزال تقول : أُخِذَ هذا الأمر منكم حسدًا و ظلمًا .
قال : أمّا قولك يا أمير المؤمنين : ( حسدا ) ، فقد حسد إبليس آدم ، فأخرجه من الجنّة ، فنحن بنو آدم المحسود .
و أما قولك : (( ظلمًا )) فأمير المؤمنين يعلم صاحب الحق من هو .
ثم قال : يا أمير المؤمنين ، ألم تحتج العرب على العجم بحقّ رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) و احتجت قريش على سائر العرب بحقّ رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ، فنحن أحقّ برسول الله من سائر قريش .
فقال له عمر : قم الآن فارجع إلى منزلك ، فقام ، فلمّا ولّى هتف به عمر : أيها المنصرف ، إنّي على ما كان منك لراع حقك .
فالتفت ابن عباس فقال : إنّ لي عليك يا أمير المؤمنين و على كلّ المسلمين حقًا برسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ، فمن حفظه فحقّ نفسه حفِظ ، و مَنْ أضاعه فحق نفسه أضاع ، ثم مضى .
فقال عمر لجلسائه : واهًا لابن عباس ، ما رأيته لاحى أحدًا قطّ إلاّ خصمه . [3]

* هذه الكلمة عن ابن عباس تدلّ على أنه من المتسالم عليه عندهم أن الخلافة قد ثبتت بالنص على الإمام علي ( عليه السلام ) و أنها بأمر الله و اختياره و لو لم يكن ذلك لأعترض عليه الخليفة .
2 - وفي محاورة أخرى تحجّج عمر بصغر الإمام عليّ (ع) وحداثة سنّهِ ، وحبّه لبني عبد المطلب .. ولكن ابن عبّاس – رض – لم يُملهُ حتّى ألقنهُ الحجّة البالغة ..فقال له : (( والله ما استصغره الله حين آمر أن يأخذ سورة براءة من أبي بكر..))
3 - وأمّا دعوى حبّ الإمام (ع) لبني عبد المطلب .. فكذلك قالها لعثمان بعد أن إتّهمه بحبّ بني أميّة ، إلاّ أنّه ومع ذلك مهّد له طريق الخلافة [ وقد نشرح ذلك في القادم من البحث] ..و نراهُ تارة أخرى يتحسّر عن وفاة سالم مولى أبي حذيفة بُغية تولّيه الخلافة من بعده .. أو سعد ابن أبي وقّاص .؟ فأين مقام من ذكرهم عمر من مقام عليّ (عليه السلام ) ..؟ فهل لكم من فتوى لذلك .. ؟
إن يحسدوك على علاك فإنّمــــــا ***** مُتسافلُ الدرجات يحسدُ من عـلا

4 - وفي رابعة .. قال عمر لإبن عباس : (( ... لقد كان لرسول الله في أمره ذروٌ منَ القول لا يُثبتُ حجّة ، ولا يقطعُ عذر ، ولقد كان يربع في أمره وقتا ما ، ولقد أراد في مرضه أن يُصرّح باسمه ، فمنعتُه من ذلك ، إشفاقا وحيطة عن الإسلام . ولا وربّ هذه البنيّة لا تجتمعُ عليه قريش أبدا ..؟ ولو ولّيها لانتقضت عليه العرب من أقطارها .. فعلم رسول الله (ص) ما في نفسي ، فأمسك وأبى الله إمضاء إلاّ ما حتم ..؟ )) [4] ..


[3] الطبري في تاريخه ج 5 ص31 والإبن الأثير ج 3 وشرح النهج ج 2 ص 18 .
[4] شرح النهج ج 12 ص 20 و21 كشف اليقين للحلّي ص 462 .

وحتّى لقاء السلام في البدء والختام
أبو مرتضى عليّ

أبو مرتضى عليّ
12-10-2011, 08:42 PM
... [ فلن يكون أمر الله إلاّ ما جاء على لسان حبيبه المصطفى الأمين ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) .. وأمّا ما قمت به أنت يا عمر ، فهو من عند نفسك ، والتي ابتغت الحسد لبني هاشم على ما أتاهم الله من فضله ، فكرهت بأن تكون النبوة والخلافة فيهم .. رغم بيعتك له يوم غديرغمّ وكلماتك المأثورة .. بخ بخ لك يابن أبي طالب قد أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة ..[5] .

* من علامةُ اللؤم ، الغدر بالمواثيق :
وبعد هذه المناظرات والتي شاء الله لها أن تنجوَ من مصائد التحريف والحذف ، وطوامير الإبعاد والنسيان ، لتكون حجّة على كلّ المتخرّسين وملتمسِ الأعذار الواهية والحجج الباهتة .. فكلمات عمر ..: كرهت قريش .. أو قوله ولقد أراد أن يُصرّح باسمه ، فمنعتهُ من ذلك ..؟ ... فهذه الكلمات تنمُّ على مخطط مسبق من قبله وأصحابه ، للتصدّي لإرادة الله تعالى ورسوله الكريم (ص) حتى لا تتمّ بنصب الإمام عليّ (ع) كخليفة شرعي على الأمّة الإسلامية حين وفاة الرسول الخاتم (ص) ... فبعد تلكم الأقوال التي تناقلتها كتبهم المعتبرة وسيرتهم الموثّقة .. لم يعد لأعذارهم سندا ولا لحججهم موضعا .. كمنع عمر لرسول الله (ص) من كتاب وصيّته بحجّة الرأفة والرقّة المزعومة .. أو تخلفهم على جيش أسامة حتّى شملتهم لعنة الرسول الأعظم (ص) بدعوى انشغالهم على حالته (ص) وكرهوا أن يذهبوا وهو على تلك الحال حتّى لا يسألوا عنه الركبان .. أو أنّ رسول الله (ص) أمر أبا بكر بأن يُصلي بالنّاس دليلٌ على خلافته .. في حين أنّه كان خارج المدينة حين وفاة رسول الله (ص) .. فمتى كانت صلاته ..؟ أو دعواهم المجرّدة على الأنصار أنّ الخلفاء من قريش بعد أن أحتجوا بالشجر وأضاعوا الثمرة .. كما قال الإمام عليّ (ع) .. وكيف لعمر أن يتحسّر على فقدان سالم مولى أبي حذيفة بُغية أن يولّيه الخلافة من بعده .. وسالم ليس من قريش لا في العير ولا في النّفير ..؟ فهذه وغيرها كلهاّ وساوس شياطين الإنس أوحاها بعضهم لبعض . فلم يعد لها أي معنى في موازين القسط ، ولا في عقول أصحاب البصائر .. أمام مقولة عمر : (( كرهت قريش بأن تكون النبوة والخلافة في بني هاشم ..)) , من هنا يكون للحقّ جهةٌ واحدةٌ : فإمّا في ما اختار عمر لقريش . أو في ما أراده رسول الله (ص) ومنعه عمر منه ، بقوله : (( هجر رسول الله .. حسبكم كتاب الله ))[6] .
من هنا إمّا أن نكون مع ما قال عمر وعندها نكون من أنصار السقيفة والخلافة التي تأسّست على أنقاضها ، وإمّا أن نكون مع ما كرهت قريش وابتغاه الله ورسوله (ص) وهو عليّ وبنيه (عليهم السلام) ,
[ وكلّ على نفسه لبصيرة .. ]
... وحتّى نستجلي الحقيقة التي شاءوا لها أن تُتلفَ بين سراديب النسيان ، أو تضيع معانيها بين التأويل والتحريف وقلب الحقائق .. مرضاة لأهواء أو طمع في فتات زائل . وهذا البلاء قد مُني به التاريخ الإسلامي بعد ما سعوا جاهدين على أن يجعلوا من أفعال أوليائهم وأقوالهم الحقّ المستطاب والنّهج الصواب بعد أن زيّنوها بسبْخِ الإفتراء وأقلام الرّشا .. ورغم ذلك لم يزيدوها إلاّ قبحا وبشاعة في نظر أصحاب البصائر والضمائر ومن عرفوا ماهيّة الكمال والحكمة من مشيئة الله ، والعظمة والعصمة من خُلُق رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) ..
ومن المؤسف حقّا ، أنّ في الأمّة من يدع لتلكم الضلالات ، ويُدافع عن مرتكبيها . دون علم نافع ولا برهان قاطع .. وليتنا نجد بينهم من يُعطينا الجواب الشافي ، والبرهان الجليّ لبعض من التساؤلات المصيريّة حتّى نتبيّن شروط الولاء والتبرّي .. دون الركون إلى الأحلام وصكوك التوبة المجانية ولا التأويلات الرخيصة .. بل نريد الدليل ، ولا شيء غير الدليل القطعي دون التعدّي لكتاب الله تعالى ، ولا النيل من حضرة رسوله الأعظم (ص) .

وحتّى لقاء السلام في البدء والختام
أبو مرتضى عليّ

الفهــــــــــــــــــرس:
[5] سرّ العالمين ص لأبي حامد الغزالي ص 21 و تاريخ بغداد ج 8 ص 290 تلريخ دمشق ج2 ص7
[6] راجع الجزء الأوّل من هذا البحث .

وحتّى لقاء السلام في البدء والختام
أبو مرتضى عليّ

أبو مرتضى عليّ
17-10-2011, 08:14 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
يقول يعسوب الدّين ( عليه السّلام ): ((.. أيّها النّاس شقّوا أمواج الفتن بسُفنِ النّجاة ، وعرّجوا على طريق المنافرة ، وضعوا تيجان المناخرة ، أفلح من نهض بجناح ، أو إستسلم فأراح ..))
- بعث جيش أسامة بن زيد :
.. كان رسول الله (ص) يُصرُّ على بعث جيش أسامة ، وقد عقد لواءه بيده الشريفة يوم الجمعة السادس والعشرين من صفر سنة إحدى عشرللهجرة . وأمره أن يُسرع السير إلى موضع مقتل أبيه ، فاليوطئهم الخيل . وقد ولّيه إمارة الجيش وفيه أعيان الصحابة كأبي بكر وعمر وأبا عبيدة وسعد ...
كما أمره (ص) أن يُسرع حتّى يسبق الأخبار . ثمّ قال له : (( أغز بإسم الله وفي سبيل الله وقاتل من كفر بالله ..))
ولكنّهم تثاقلوا ، وطعنوا في تأمير أسامة عليهم . حتى كان يوم السبت العاشر من ربيع الأول . فخرج عليهم رسول الله (ص) محموما معصّبَ الرأس ليُحرّضهم على التعجيل .. ثمّ ثقل في مرضه ( صلوات الله عليه وآله ) فجعل يقول : (( أنفروا جيش أسامة ، جهزوا جيش أسامة ، أرسلوا بعث أسامة .. لعن الله المتخلّف عن جيش أسامة ..)) , وإلى هنا وينقطع المشهد .. ثمّ بعد يومين يفاجئنا عمر داخل حجرة الرسول الأعظم (ص) وهو بين أزواجه وأهل بيته (ع) ، مانعا إيّاه من كتاب وصيّته الأخيرة لأمّته حتّى يعصمها من الضلال من بعده .. بتلك الكلمات النّابئة .. (( إنّ رسول الله يهجر .. حسبكم كتاب الله ..)) , وتعالوا لنسأل حماة هذه الأفعال :
- 1 - من ينبئنا بأنَّ الرسول الأكرم ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) هو الذي طلب من عمر الحضور وترك المعسكربأمر منه (ص) ..؟
- 2 - ما قولهم في إعتراض عمر وتصدّيه لأمر رسول الله (ص) . . وقوله ..حسبكم كتاب الله ..؟ وأين السنّة النّبويّة .. وكيف إشترط إبن عوف على الإمام عليّ سيرة الشيخين حتّى يُبايعهُ للخلافة ..؟ وهنا عمر يُلغي سيرة المصطفى - صلى الله عليه وآله - وسنّته ..؟
- 3 - هل من المعقول لمن أمن بالله ورسوله واليوم الآخر بأنّ يكون مع ما قال عمر، ويترك أمر رسول الله .؟
- 4 - هل من الدّين أو الحياء أن يقف أحدٌ بحضرة الرسول الأعظم ويُشبّه أمّهات المؤمنين بصويحبات يوسف (ع) . وهل يرتضي أحدكم لنفسه بأن تُنسب حليلته لذلك السنخ من النّسوة .. أو أن يقف مثل ذلك الموقف؟
- 5 - ما ردّكم على قول رسول الله (ص) لعمر بأن أزواجه خير منه وممن إتّهمه بالهجر (( نعوذ بالله من قول الزور والبهتان )) وما رأيكم بمن تكون آخر كلمة له من رسول الله (ص) أغرب عن وجهي ..؟
هذه قليل من كثير لن تجد له تفسير مقنع ولا تأويل صائب .. إلاّ أضغاث أحلام ، وصكوك توبة مجّانيّة ، ودموع ندم عند سكرات الموت .. بل أحد المتفيهقين من أشياعهم كانت له جرأة ، حيث أعتبر إعتراض عمر على رسول الله (ص) ، كان على إقتناعه بأن الأمر ليس للوجوب ..؟ وكيف يكون ذلك .. أمِنْ قول رسول الله (ص) : (( لا تضلّوا بعدي أبدا ..)) أم هناك أعظم من مصلحة أن تهتدي الأمّة حتّى آخر الدهر ..؟ أم من وقوع النزاع في حضرة النبي الأكرم (ص) وزجرهم بالإنصراف ..؟ وإذا كان عمر قد فهم المسألة في حدّ الإستحباب ، فلماذا تلك الكلمات اللاذعة ..؟ وهل يرض أحدهم بأن يوجّه مثلها لعزيز عليه في حالة إحتضار ..؟ ثمّ أيّ معنى لقوله : (( حسبكم كتاب الله ....؟ ))

وحتّى الفصل الثاني نستودعكم الله .
والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أخوكم أبو مرتضى عليّ

ألاعلمي
17-10-2011, 10:22 PM
على بركة الله

أخ ابو مرتضى

أبو مرتضى عليّ
14-11-2011, 08:22 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..
إخوة الإيمان والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .



* من أبدأ صفحتهُ للحقّ هلك :
3 - كيفية كشف بيت فاطمة :
.. أقبل عمر بقبس من نار على أن يضرم على من اجتمعوا عند الامام علي ( عليه السلام ) في بيت الزهراء , فلقيتهم ( عليها السلام ) , و قالت : يا ابن الخطاب ، أجئت لتحرق دارنا ؟
قال نعم أو تدخلوا في ما دخلت فيه الأمة [15]: [ و هل تكون الأمّة من دون بني هاشم وأهل البيت (عليه السلام ) ]
و يقول ابن قتيبة في الإمامة و السياسة : إن عمر جاء فناداهم و هم في دار عليّ ( عليه السلام ) فأبوا أن يخرجوا ، فدعا بالحطب و قال و الذي نفس عمر بيده لتخرجن أو لأحرقنّها على من فيها , فقيل له : يا أبا حفص إن فيها فاطمة ؟!
فقال: و إن ...,؟
وقد كان لبعض أتباعهم في ذاك الموقف ذرة من الحياء ، حيث خاطب عمر: أتُحرّق عليهم وفاطمة بنت رسول الله معهم .؟
وكان ظنّه أن عمر قد نسي ذلك ، لكنّ (( الفاروق )) خيّب ظنّه وقال له : (( وإن ))[16].
[ لها الله يا عمر،.. ألم تسمع في ما مضى قول رسول الله (ص): (( فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها فقد أغضبني ومن أذاها فقد آذاني ..))" [2] .أو قوله الشريف (ص) : (( من أغضب فاطمة فقد أغضبني ، ومن أغضبني أغضب الله ومن أغضب الله أكبّه على منخريه في النّار)) [17].
فماذا بقي للمتخرّسين حماة الباطل وأهل البغي .. وهذا شاعرهم حافظ إبراهيم في ديوانه ، يفتخر بضلال أولياء:
وقولة لعليّ قالها عمــــــــــــــــرُ ***** أكرم بسامعها أعظم بمُلقيــــــــا
حرّقتُ دارك لن أبقي عليك بهـــا ***** إن لم تُبايع وبنت المصطفى فيها
ما كان غير أبي حفصة بقائلهــــا ***** أمام فارس عدنان وحاميهــــا ..؟
.. فأيُّ عظمة لمن ينطق بما يُغضبُ الله ورسوله (ص) يا شاعر الضلالة ..؟ وأين كانت تلك العظمة حينما دعاه عمر ابن عبد ودّ يوم الخندق للمبارزة ..؟ أو خوفهُ من مرحب يوم خيبر وفراره يوم الزحف في أحد وحنين [18].
ولكن ذلك ما أوحت به شياطين الجنّ والإنس لأوليائهم . .[ والله مسائلهم عن كلّ لفظ وفعل . وهو بكلّ شيء عليم .]
ثمّ نسأل حماتهم بما يجيبون على تظلّم الإمام (ع) وتشكّيه ممّا لقي منهم :
(( والله لقد تقمّصها إبن أبي قحافة ، وليعلم أنّ محلّي منها محلّ القطب من الرحى ينحدر عنّي السيل ولا يرقى إلي الطير .. فصبرت وفي العين قذى وفي الحلق شجى أرى تُراثي نهبـــا .. وطفقتُ أرتئي بين أن أصول بيد جذّاء ، أو أصبر على طخية عمياء .. ما شككتُ في الحقّ مذ رأيته .. لم يوجس موسى (ع) خيفة على نفسه ، بل أشفق من غلبة الجهّال ودول الضلال ..)) , وقد سأله بعض الأصحاب : كيف دفعكم قومكم عن هذا المقام وأنتم أحقّ .؟
فقال (ع) : (( يا أخا بني أسد إنّك لقلقُ الوضين ، تُرسِلُ في غير سدد ولك بعد ذمامة الصهر ، وحقّ المسألة . وقد إستعلمت فأعلم .. :وأمّا الإستبداد عليها بهذا المقام ونحن الأعلون نسبا والأشدّون برسول الله (ص) نوطا . فإنّها كانت أثرة شحّت عليها نفوس قوم ، وسخت عنها نفوس آخرين ، والحكم الله والمعود إليه يوم القيامة ...
ودع عنك نهبا صيح في حجراتــه **ولكن حديثا ما حديث الرواحل ))
[ النهج ج9] ..
ومن خطبة له (ع): (( حتّى قبض الله رسوله (ص) رجع قوم على الأعقاب ، وغالتهم السُبل، واتكلوا على الولائج ، ووصلوا غير الرّحم ، وهاجروا السبب الذي أمروا بمودّته ، ونقلوا البناء عن رصّ أساسه ، فبنوه في غير موضعه معادن كلّ خطيئة وأبواب كلّ ضارب في غمرة قد ماروا في الحيرة ، وذهلوا في السكرة ، على سُنّة من آل فرعون : من منقطع إلى دنيا راكن ، أو مفارق للدين مباين )) [ النهج ج9 ] .. ومن أراد المزيد فليراجع شرح النهج يجد بغيته .
ثمّ نسأل أوليائهم :
- هل فيكم من يتّهم الإمام عليّ ( عليه السّلام ) باليمين الكاذبة ..؟ أو يتّهمه بإدّعاء الباطل ..؟
- هل تجوز موالاة من يُغضبُ الله ورسوله (ص) ؟.. أم تتّهمون الرسول الأعظم (ص) بإتّباع العواطف والأهواء وليس بوحيٍ يوحى فيما جاء على لسانه الشريف في حقّ إبنته الزهراء البتول ( عليها السّلام ) ؟
- هل فيكم من يعتقد بأنّ الإمام عليّ (ع) يكون قائدا لفتنة من أجل الخلافة .. وهل يوجب فعله الإحراق ..؟
- و ما السرّ في إعتقادكم من دفن المصطفى ليلا .. وكذلك إبنته الزهرا (ع). ؟ .. وعدم حضور الشيخين الجنازة في حالتين ..؟ حتما هناك سرٌّ عظيم .. ولكن اسألوا التاريخ لو كان ينطق ..؟
- وكيف كان دفنه (ص) في حجرة عائشة ، وهي لم تكن تعلم بدفنه حتّى سمعت صوت المساحي على ما جاء عن لسانها في صحيح البخاري ..؟ .. وكيف ورثت وتصرّفت ووافقت على دفن أبيها وعمر بجوار الرسول الأعظم (ص) ، ولم توافق على دفن الحسن المجتبى حفيده (ص) ..؟ ثمّ يدّعون بأنّ الأنبياء لا يورّثون حتّى يحرم الزهراء (ع) إرثها ، وهكذا تاريخهم كلّه مطبّات ملؤها الضلال والافتراء.. ولله المشتكى.
4 - فدك : عُمر يغتصبها وعمر آخر يُعيدها ..
قــد كــان بعدك أنباء وهنبثــــــــة ***** لو كنت شاهدها لم تكثر الخطب
إنّـا فقدنـاك فقـد الأرض وابلهــــــا ***** واختلّ قومك فاشهدهـم ولا تغب
تهجّمتنا رجال واستخّف بنــــــا ***** إذ غبت عنّا فنحن اليوم نُغتصب [19]

والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أخوكم أبو مرتضى عليّ

الفهرس
[15] إبن عبد ربّه ج 3 ص 64 و تاريخ أبو الفداء ج 1 ص 156 ..
[16] راجع ماتقدّم من بحث ، مع كنز العمّال ج1 ص 12..
[17] البخاري ج 5 ص 26 و سنن البيهقي ج 7 ص 64 والبغوي ج14 ص 158 ..
[18] راجع الجزء 1 من هذا البحث
[19] تفسير القمي ج2 ص 155و 157 والإحتجاج ج1 ص 90 –93 ..

أبو مرتضى عليّ
17-05-2012, 02:25 AM
بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..


.. لم أجد عذرا لمن إرتكب المظلوميّة الخالدة في حقّ الزهراء البتول فاطمة بنت محمّد ( صلى الله عليهما وسلّم ) .. ولو حملّناهم على سبع مائة محمل ، لأنّ الخطب جلل، والمصاب عظيم .. ولن تجد أمّة أساءت لنبيّها في آله وذريته كما أساءت هذه الأمّة المفتونة . وما لقيته الزهراء وبعلها وبنيها ( صلوات الله وسلامه عليهم ) من ظلم وافتراء وحسدٍ وتعدّ .. يعجز القلم ومهما أوتي صاحبه من فنون البلاغة أو ذاكرته من مجال التصوير، فلن يعطي الفاجعة حقّها . وذلك منذ وفاة الحبيب المصطفى ، بل منذ إحتضاره ( صلوات الله عليه وآله ) .. فأجازوا لأنفسهم البدعة ، واستصاخوا قول الزور، واستطابوا الحسد وطعموا منه حينما اغتصبوا من الزهراء إرث أبيها المصطفى (ص) . بعدما اغتصبوا الخلافة من بعلها (ع) .. حيث أوّلوا كتاب الله تعالى ، وكذّبوا السنن الشريفة ، وسُحق الحياء من على جبينهم ،و ديست المروءة من بين أفئدتهم ..
فلينظر من له دين ، وجبلت نفسه عن عزّة الإيمان .. هل جرى في الإسلام تجرُّأ عن الحقّ وأهله بمثل ما جرى في قضية فدك .. ؟
وهل هناك أظلم وأبشع من طلبِ الزهراء (ع) بإقامة البيّنة على أحقّيتها بتركة الرسول وميراثها من أبيها (عليهما السلام ) . وآية التطهير خير شاهد لها على صدق دعواها عند من آمن بالله ومحكم كتابه ، وصدّق برسوله وسار على هديه . فكلّ العجب أن يتوهّم مسلم ولو كان من الهمج الرعاع بأنّ أهل البيت ( عليهم السلام ) قد يدّعون ما ليس لهم بحقّ ، بعد أن أذهب الله عنهم الرّجس وطهرهم تطهيرا في محكم الكتاب كلاّ وألف لا.؟
وهذا وسام الشرف الخالد : (( إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرّجس أهل البيت ويُطهّركم تطهيرا )) أجمع أهل التفسير بأنها نزلت في حقّ أهل الكساء و هم رسول الله و فاطمة و علي و الحسنان [20] و كفاك برهانا على أنهم أفضل من في الأرض يومئذ و لم يكن غيرهم حائزًا على هذه الفضيلة الإلهيّة لا من بني عبد المطلب ( كما اعترف ابن عباس من أنها نزلت في أصحاب الكساء ) و لا من أزواج النبي ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) كما شاء البعض ذلك.. بدليل قول أم سلمة ( رضي الله عنها ): و أنا معهم يا رسول الله ؛ ما أنا من أهل البيت ؟
قال : إنك إلى خير وهؤلاء أهل بيتي [21] .
و الكذب و كما هو معلوم من الرجس و لا خلاف في أن الزهراء ( عليها السلام ) ادعت ارثها فتكون صادقة في نظر الصادقين و محقّ في إعتقاد المؤمنين . و لكن أهل الاستبداد الفكري و السياسي و من والاهم من جهّال العوام و أهل الجدل في نصرة الظلمة أبوا إلاّ تكذيب أمر الله و أمر رسوله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) و هو القائل في حق ابنته فاطمة (( عليها السلام )) :« فاطمة بضعه منّي يسخطها من يسخطني ، و يرضيني ما أرضاها ».[22]
و بعد شهادة الله تعالى و رسول الأمين في حق الزهراء ( عليها السلام ) هل من الحق أو العدل أو الإيمان أن نقول بأنها - سلام الله عليها - ادعت ما ليس لها أو إنها لم تكن تعمل بأن الأنبياء لا يورثون حتّى أخبرها أبو بكر بذلك عن رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ..؟ و لو افترضنا صحة ذلك ألإفترى إن الزهراء ( عليها السلام ) لم تكن تعلم من الشريعة هذا المقدار .. هذا مع ملازمة النبيّ لها ليلاً و نهارًا إذ كان يحوطها برعايتــــه و عنايته ، فهل يا ترى تقنع بأنّه ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) يُخبر الناس من أمثال أبا بكر و لا يخبرهــا ولا بعلها عليّ ( عليه السلام )..؟ و حاشا الحبيب المصطفى (ص) أن يترك ما ينبغي فعله ، و لم يقل ما ينبغي قوله ..
و لكن قبل أن نغوص أكثر في متاهات المظلوميّة ، تعالوا نتصفح أحداثها و نستجلي حقيقتها من أقوال إمام الموحدين و سيد الغرّ المحجلين ( عليه السلام ) وهو يجيب من سأله عن ترك حقّه : (( بلى كانت في أيدينا فدك من كلّ ما أضلته السماء ، فشحت عليها نفوس قوم ، و سخت عنها نفوس آخرين و نعم الحكم الله و ما أصنع بفدك و غير فدك و النفس مظانّها في غدٍ في جدثٌ تنقطع في ظلمته آثارها و تغيب أخبارها.. )) , ( و لن نزيدَ على قولك يا مولانا يا أمير المؤمنين.. فنعم الحكم الله ، والموعد القيامة .. )
و أمّا موقف الزهراء مع أبا بكر و صاحبه عمر ، فهو يمثل صرخة الحق الخالدة بخلود الأيّام و السنين ، و صولة الحقيقة ببراهينها القاطعة عن الدعاوي الكاذبة . من كتاب الله تعالى وحُكمَ رسوله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) رغم تفنن أهل الباطل و حماة الجور في التماس الأحقية لما قام به أولياءهم ، بزخرف القول ووساوس الافتراء و التدجيل ..


والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أخوكم أبو مرتضى عليّ

الفهرس

[20] الطبري في تفسيره ج 22 ص 5 و مسند أحمد ج1 ص 230 والسيوطي في الدر المنذور ج5 ص 198..
[21] مع ما تقدّم من مصادر – مستدرك الحاكم ج2 ص 416 . سنن البيهقي ج2 ص 150.إبن كثير ج3 ص485 عن أم المؤمنين عائشة ..
[22] راجع ما جاء تحت رقم 17.
[23] شرح النّهج ج 12 ص 212 ..
[24] راجع المصادر في ما سبق من هذا البحث .
[25] راجع المصادر في ما سبق من هذا البحث .

طالب لافاده
22-05-2012, 02:32 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صلي على محمد وعلى آل محمد وعجل فرجهم

وفقكم الله تعالى الى كل خيرhttp://dl.dropbox.com/u/3988455/510930.gif

أبو مرتضى عليّ
20-06-2012, 07:36 PM
بسم الله الرحمان الرحيم

والصلاة والسلام على خير الخلق أبا القاسم محمّد وأهل بيته الطيبين الطاهرين واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأولين والآخرين وإلى قيام يوم الدّين ..


* حقّ وباطلٌ ولكلٍّ أهـل :
فاغضض بصرك ، و هات بصيرتك و التمس لنفسك أذن واعية .. فالمشهد لن يتكرّر .. فانت في حضرة الزهراء أم أبيه ( صلوات الله عليها ) حيث القرآن الناطق يطعن خاصرة الباطن فيزهقه :
لما بلغ فاطمة ( عليها السلام ) إجماع أبا بكر على منعها فدك ، لاثت خمارها ، و أقبلت في لمّة من حفدتها و نساء قومها ، تطأ في ذيولها ، ما تخرم مشيتها مشية رسول الله ( صلى الله عليه و آله و سلّم ) ، حتّى دخلت على أبا بكر و قد حشد الناس من المهاجرين و الأنصار ، فضرب بينها و بينهم ريطة بيضاء , و قالوا : قبطية بالكسر و الضمّ , ثمّ أنت أنّة أجهش لها القوم بالبكاء ، ثمّ أمهلت طويلا حتى سكنوا من فورتهم ، ثم قالت : أبتدئ بحمد من هو أولى بالحمد و الطَّوْل و المجد ، الحمد لله على ما أنعم و له الشكر بما ألهم .
و ذكر خطبة طويلة جيّدة قالت في آخرها : « فاتقوا الله حق تقاته ، و أطيعوه فيما أمر كم به ، فإنما يخشى الله من عباد العلماء ، و احمدوا الله الذي لعظمته و نوره يبتغي من في السموات و الأرض إليه الوسيلة ، و نحن وسيلته في خلقه ، و نحن خاصته ، و محل قدسه ، و نحن حجته في غيبه ، و نحن ورثة أنبيائه ، ثمّ قالت : أنا فاطمة ابنة محمد ، أقول عودا على بدء ، وما أقول ذلك سرفا و لا شططا ، فاسمعوا بأسماع واعية ، و قلوب راعية ،
ثم قالت : « لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم » فإن تعزوه تجدوه أبى دون آبائكم ، و أخا ابن عمّى دون رجالكم .. ثمّ تقول (ع) : ثمّ أنتم الآن تزعمون أن لا إرث لي ؛ « أفحكم الجاهلية تبغون و من أحسن من الله حكمًا لقومٍ يوقنون » إيهًا معاشر المسلمين ،أابتز إرث أبى .؟ أَبَى الله أن ترث يابن أبى قحافة أباك و لا أرث أبى ..؟ لقد جئت شيئًا فريًّا ، فدونكما مخطومة مرحولة تلقاك يوم حشرك ، فنعم الحكم الله ، و الزعيم محمّد ، و الموعد القيامة ، و عند الساعة يخسر المبطلون ، و لكلّ نبإ مستقرّ و سوف تعلمون من يأتيه عذاب يخزيه و يحلّ عليه عذاب مقيم ...
ثمّ خاطب الأنصار : أفتأخرتم بعد الإقدام و نكصتم بعد الشدّة ،و جبنتم بعد الشجاعة عن قوم نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم و طعنوا في دينكم ، فقاتلوا أئمة الكفر إنهم لا أيمان لهم لعلهم ينتهون .. ألا قد أرى أن قد أخلدتم إلى الخفض ، ور كنتم إلى الدعة ، فجحدتم الذي وعيتم ، و سغتم الذي سوّغتم ، و إن تكفروا أنتم و من في الأرض جميعا فإنّ الله لغنيٌّ حميد .. ألا و قد قلت لكم ما قلت على معرفة منّي بالخذلة التي خامرتكم ، و خور القناة ، و ضعف اليقين ، فدونكموها فاحتووها مدبرة الظهر ثاقبة الخفّ ، باقية العار ، موسومة الشعار ، موصولة بنار الله الموقدة ، التي تطلع على الأفئدة ، فبعين الله ما تعملون « و سيعلم الذي ظلموا أيَّ منقلب ينقلبون » ..[23]
.. ألا يكفي أهل البصائر هذا التوضيح من لسان من رضعت من ثدي النبوءة ، وتدرّجت في حضن الرسالة ، وتربّت عن أخلاق العصمة .. وأمّا المبتلين بعدم التدبّر والتمييز بين الحقّ والباطل . لعلّهم وبالعودة إلى المصادر: كشرح النهج للمعتزلي ..وغيره قد يهتدون لما خفي عليهم ، وقصُر إدراكهم عن فهمه .. وأمّا القسم الثالث وهم أهل الإستبداد والبغي ومن والاهم من أنصار اللجاج والتعنّت .. أبوا إلاّ التضليل عن أمر الله تعالى ، والتعدّي عن حُكم رسوله الأعظم (ص) وهو القائل وقوله الحقّ : (( فاطمة بضعة منّي ، يُسخطها ما يُسخطني ، ويُرضيني ما أرضاها )) [24] ..
وكيف لا تكون صادقة وقد شهد لها صاحب لواء الصدق والعدل .. هارون الأمّة ، وصدّيقها وفاروقها ، وباب حطّته ، وسفينه نجاتها ، وباب مدينة علم نبيّها (ص) ..[25] وكانت ردفا له في الشهادة على أحقّية البتول (ع) وبطلان دعوة المدّعي ، إمرأة من أهل الجنّة ، وأمّ رسول الله (ص) من بعد أمّه ..أمّ أيمن (رض) [26] .. ألا تكفي هذه البينات نورا ساطعا لمن يبتغي مسالك النّجاة و دروب الفلاح .. والإبتعاد عن مزالق أهل اللجاج وتضليل والعناد ..من تِعلاّت قاضي القضاة أو تأويلات إبن الحديد وافتراءات ابن تيميّة .. السابحين في متاهات الضلال، وأبحر الغيّ ...ثمّ نسألهم قبل أن نودعهم :
ما حكمهم على ما فعل عمر إبن عبد العزيز ، حين أعاد فدكا على أبناء الزهراء (ع) ..؟
*** فهل كان مُحقّا أم كان مبطلا ..؟
*** أم تقولون ما قال أسلافكم من أئمّة الضلال وعلماء السوء ، حين سمعوا بذلك .. : نقمتَ على الرجلين فعلهما ، ونسبتهما إلى الظلم والغصب ..؟ وتلك كانت حُجّتهم ، فلعنهم الله بظلمهم . ولكنّهُ (رض) ألقمهم الحجّة التي لن يفهموها مدى الدهر .. بقوله : (( أنّكم جهِلتم وعلمتُ ، ونسيتم وذكرتُ ..))" [27]
وحتّى الفصل الثاني نستودعكم الله .
والسّلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيما
أخوكم أبو مرتضى عليّ

الفهرس
[23] شرح النّهج ج 12 ص 212 ..
[24] راجع المصادر في ما سبق من هذا البحث .
[25] راجع المصادر في ما سبق من هذا البحث .
[26] كنز العمّال ج 12 ص 146 ح 34416.. تهذيب التهذيب لإبن حجر ج 12 ص 459 .
[27] شرح النهج لإبن أبي الحديد ج 2 ص 278 و الشافي في الإمامة للمرتضى ج4 ص 103 ..