المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : طفولة ضائعة يكرسها الحرمان والعوز


بو احمد
17-05-2011, 11:39 AM
الهند: طفولة ضائعة وسط آلام الحياة

42% من قوة العمل أطفال في المرحلة العمرية ما بين 5 أعوام و14 عاما

http://www.aawsat.com/2011/05/12/images/daily1.621352.jpg

تسجل الهند أعلى الأرقام في عمالة الأطفال عالميا (أ.ف.ب)

سلطت عملية القتل الأخيرة لطفل هندي في العاشرة من عمره على يد خاله الأضواء من جديد على عمالة الأطفال داخل الهند، حيث كان هذا الطفل يعمل لدى الخال. أرسل والدا الضحية معين خان الابن إلى نيودلهي مع خاله. ولم يعرف الوالدان أن الخال كليم الله خان، والمتهم بالقتل، كان يأخذ طفلهما للعمل لمدة 16 ساعة بمصنعه الموجود داخل شقة مكونة من غرفة واحدة والمستأجرة في شمال غربي دلهي. وقد دفع الطفل البالغ من العمر 10 أعوام حياته ثمنا لبطئه في أداء العمل، حيث قام خاله بضربه إلى أن لفظ أنفاسه الأخيرة.

ويظهر هذا الحادث ممارسة سيئة تتمثل في دفع الأطفال صغار السن للعمل داخل الهند، علما بأن الهند مررت قانونا قبل قرابة 25 عاما يحظر على الأطفال دون الرابعة عشرة العمل في القطاعات الخطرة مثل مصانع المفرقعات النارية، وجرى توسيع تشريع خاص بالعمل بعد ذلك ليغطي معظم قطاعات العمال. وجرى تعديل القوانين في عام 2006 بسبب انتهاك القواعد على نطاق واسع، ويقول نشطاء إنه يتعين على المحاكم اتخاذ إجراءات صارمة بخصوص عمالة الأطفال المنتشرة في الأغلب داخل المطاعم والمتاجر والمزارع ومواقع البناء والتشييد. وتحتل الهند المرتبة الثانية عالميا من ناحية عمال الأطفال. ويوجد داخل أفريقيا أعلى معدل لعمالة واستغلال الأطفال. ومن بين 12.6 مليون طفل يعملون في وظائف خطرة، يوجد في الهند أعلى رقم من العمال في العالم تحت سن الرابعة عشرة.

وكما هي الحال مع معين، أحضر القاتل كليم الله أطفالا آخرين إلى دلهي، ويدفع إلى أولياء أمورهم 500 روبية (أي ما يعادل 13 دولارا أميركيا) كدفعة مقدمة ويعد بتقديم دخل شهري. وكان يتم إجبار الأطفال على الاستيقاظ في الصباح الباكر، ولف السجائر الهندية على مدار اليوم، حتى منتصف الليل. ولم يكن الأطفال يحصلون على أية أموال، وكانوا يأخذون فترتين للراحة وتناول العشاء والغذاء. في الظروف العادية كان يحتمل دفن معين خان في هدوء، وما كنا لنسمع عنه ولا عرفنا شيئا عن حياته القصيرة. ولكن اكتشفت مأساته عندما شعرت لجنة أحد المساجد المحلية بالريبة إزاء العجلة في دفن الطفل في المقابر المجاورة ووجدت بعض الكدمات على جسده.

ولكن لا تعد حالة معين حالة وحيدة، حيث يوجد مئات الآلاف من أمثاله يكافحون من أجل البقاء أحياء في أماكن تشبه السجون المظلمة والموحشة بدلهي تفوق في شدتها المشاهد التي تناولها الروائي تشارلز ديكينز عن إنجلترا في القرن التاسع عشر. ووفقا لتقديرات حكومية، يمثل 42.02 في المائة من قوة العمل داخل الهند أطفال في المرحلة العمرية ما بين خمسة أعوام وأربعة عشر عاما. ويأتي ذلك في تناقض صريح مع قانون عمالة الأطفال الصادر عام 1986. ولا تشمل هذه النسبة من يأتون خارج إطار القانون؛ وهم الأطفال بين الخامسة عشرة والثامنة عشرة. وعلى الرغم من أنه يحظر عمل الأطفال في الصناعات الخطرة، فإنه يعمل 17 مليون طفل، وفقا لما تفيد به مصادر رسمية. وتزيد الأرقام غير الرسمية كثيرا عن ذلك.

والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا تسجل الهند أعلى الأرقام في عمالة الأطفال عالميا؟

يعيش نحو 77 في المائة من الهنود على أقل من 40 روبية (أي نحو دولار أميركي واحد) يوميا، في فقر مدقع حيث إن العائلات مضطرة لإرسال أطفالها إلى العمل. ويشار إلى أن الأطفال في هذه السن صغار جدا مما يجعلهم غير قادرين على المطالبة بحقوقهم، ولذا يكونون في الأغلب مطيعين ولا يطلبون شيئا. كما يعملون مقابل أجور زهيدة، مثيرة للسخرية، وفي بعض الأحيان لا يتقاضون أي أجر. وفي ظل هذا السيناريو تجني الهند، التي يوجد بها أكبر قوة عمل من الأطفال، الملايين من الدولارات من صناعة المفرقعات وأعواد الثقاب بين مجموعة من السلع الأخرى. ويتم تصدير الكثير من هذه السلع.

وتوجد حادثة أخرى مرتبطة باستغلال الأطفال في العمل سيطرت على العناوين الرئيسية لوسائل الإعلام خلال العام الماضي، وهي موت طفلة في الرابعة عشرة من عمرها تدعى بياري، وهي الأكبر وسط ثلاثة أشقاء. وجاءت بياري من ولاية راجستان غرب الهند، وكانت تتردد على ولاية غوجارات الهندية منذ أنه كانت في العاشرة من عمرها لتقوم بأعمال تلقيح القطن داخل أراض يتم زراعة القطن فيها. ويمثل البالغون دون الثامنة عشرة 75 في المائة من قوة العمل المهاجرة، وهي نحو ثلث قوة العمل التي تضم أطفالا دون الرابعة عشرة. ومن بين إجمالي قوة العمل، تمثل النساء نحو 42 في المائة. ويشمل اليوم التقليدي لبياري العمل لنحو 10 - 12 ساعة في دوريتي عمل. وتبدأ في الساعة الخامسة صباحا، وتأخذ زهرات القطن الذكرية، وتجفف السداة، وبعد ذلك تخصب الأزهار يدويا. وكانت تأخذ مقابل هذا العمل المرهق 60 روبية (ما يعادل 1.2 دولار أميركي) يوميا. وفي كل مرة تعود، لتضيف إلى دخل العائلة السنوي 3000 روبية (أو ما يعادل 70 دولارا أميركيا).

ولكن خلال العام الماضي عادت بياري في وقت مبكر عن الموعد المعتاد، ولم يكن معها مال، ولكنها كانت مصابة بالحمى الشديدة وآلام حادة في المعدة، وكان صوتها يرتجف ولم تكن لديها شهية لتناول الطعام، وبقيت حالتها على ذلك إلى أن لفظت أنفاسها الأخيرة. وكانت من بين خمسة أطفال آخرين ماتوا بسبب ظروف العمل السيئة. المفارقة أن الآباء لم يرفعوا شكوى للشرطة لأنهم خشوا من أن ذلك سيمنع أطفالهم الآخرين من العمل في حقول القطن، ومن ثم يحول دون حصولهم على الدخل الإضافي، حيث يمكن أن تفرض الحكومة الحظر.

ووفقا لما جاء في تقرير حديث، فإن 80 في المائة من الأطفال الذين يعملون داخل الهند هم في القطاع الزراعي. وعادة ما يباع الأطفال إلى مقرضين أثرياء لا يمكن إعادة الأموال المقترضة إليهم. ويعمل أطفال الشوارع كمتسولين ويبيعون الأزهار وأشياء أخرى بدلا من الذهاب إلى المدرسة. ووفقا لما جاءت به تقديرات حديثة، فإن قرابة 60 ألف طفل يعملون في قطاع الزجاج والخلاخيل، ويضطرون للعمل في ظروف صعبة وتحت حرارة شديدة.

ومن بين مائتي ألف شخص يعملون في صناعة أعواد الثقاب، يقول خبراء إن 35 في المائة أطفال دون الرابعة عشرة. ويضطرون للعمل لأكثر من اثنتي عشرة ساعة يوميا، ويبدأون العمل في الرابعة صباحا من كل يوم. ويعمل ما يصل إلى 420 ألف طفل في صناعة السجاجيد داخل الهند. ويقول باحثون إن نحو 50 ألف طفل يعملون في قطاع النحاس الأصفر داخل الهند، ويعمل العدد نفسه تقريبا في صناعة الأقفال. وفي دلهي وحدها، نجد نصف مليون طفل على الأقل في هذه الدائرة المفرغة للفقر المدقع والاستغلال الجنائي. وتوجد أشنع الانتهاكات في ولاية أوتار براديش، وهي الولاية الهندية ذات الكثافة السكانية الأكبر التي بها أكبر تجمع للمسلمين. ويوجد في الولاية المئات من محلات الحلوى، كما تنتج أقفالا لولاية عليكرا والنحاس وأدوات زجاجية لمراد آباد، إلى جانب أقمشة مطرزة، ويعمل فيها مئات الآلاف من الأطفال في وظائف صعبة شاقة.

وفي الواقع، تتكرر هذه القصة في مختلف أنحاء الهند. ونجد الأطفال أول الضحايا للاستغلال؛ بدءا من أعمال التسول، وصولا إلى أعمال البغاء، والمصانع التي تنتج سجائر «بيدي» الهندية، ومصانع المفرقعات النارية، والمزارع التي يكثر استخدام المبيدات الحشرية فيها. ويقدر أن نحو 30 مليون طفل على الأقل داخل الهند سرقت براءتهم سريعا. وبعد أسبوع من موت معين خان بعدما ضربه خاله حتى الموت، أقيمت صلوات بالشموع داخل دلهي، ورفع شعار: «لا لتكرار حادث معين». وكان ذلك في إطار حملة لحث الحكومة وأفراد الشعب العاديين على وضع النهاية لاستغلال الأطفال الصغار. ويقول كايلاش ساتيارثي، رئيس «المسيرة العالمية لمناهضة عمالة الأطفال»: «لا تكفي القوانين وحدها للقضاء على عمالة الأطفال، فهذه معركة الشعب، ومشاركتهم الفعالة ووعيهم يمكن أن يساعد على إزالة هذا المرض. يجب على الناس الحديث بصوت عال عندما يرون أطفالا يعملون داخل مصانع ومطاعم ووحدات أخرى، حتى لا يتم إخفاء ذلك عن الحكومة والشرطة. ونحتاج أيضا إلى مقاطعة البضائع والخدمات التي يقدمها هؤلاء الأطفال».

ولكن، هل سيحدث ذلك؟

**********************************************

كثيرون منهم مدمنو كحول ومخدرات.. وموتاهم يدفنون في مقبرة مجاورة
7000 طفل آسيوي يعملون في مناجم الهند

المصدر: ترجمة: مكي معمري عن: «لوموند» التاريخ: 24 يوليو 2010
http://cdn-wac.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.269982.1279908977!/image/3043267333.jpg
آلاف الأطفال الآسيويين يفقدون براءتهم من خلال بؤس العمل في المناجم. أرشيفية

على الرغم من حظر عمل الأطفال في الهند وإلزام العائلات بتعليم أبنائهم، إلا أن عددا كبيرا منهم يمتهن أعمالا شاقة وخطيرة. ولا تقتصر المعاناة على الأطفال الهنود حيث تستقدم شركات التنقيب عمالا من الدول المجاورة أيضا، مثل بنغلاديش والنيبال. وفي مقاطعة ماغلايا تنتشر صناعة الفحم بشكل لافت وتكاد تكون المورد الوحيد لأغلب العائلات في القرى الجبلية. ويوجد بين عمال المناجم في المقاطعة أطفال تراوح أعمارهم بين 14 و15 عاما. وحسب منظمة «امبالنس نتورك» الحقوقية، فإن عددهم يتجاوز 7000 طفل يعملون في مناجم تفتقد أدنى معايير السلامة والأمان، تشبه جحور الجرذان.

وترى منظمة الأمم المتحدة أن تشغيل الأطفال في مهام شاقة يعتبر بمثابة «استعباد»، وخصصت يوم 12 يونيو الماضي ليكون اليوم العالمي لمناهضة عمل الأطفال. ويقول بعض الأطفال في ماغلايا ان المناجم توفر لهم فرصة لكسب المال والاستعداد لحياة نشطة في المستقبل. وتفضل شركات الفحم تشغيل رجال وأطفال عوض شراء آلات الحفر والتنقيب من أجل خفض تكاليف الانتاج.

وفي الصباح الباكر ينزل العمال في المنجم إلى عمق 70 مترا تحت الأرض، وينقسمون إلى مجموعات صغيرة، ويتعاون الأطفال على جر العربات. ويعانون صعوبة التنفس بسبب نقص الأوكسجين في مسالك لا تتسع إلا لمرور شخص واحد، ومع ذلك يستمر العمال الصغار في العمل من دون توقف لأنهم يتقاضون أجورهم مقابل الكمية التي ينتجونها. وتتقاضى هذه السواعد الصغيرة ما بين سبعة و16 دولارا في اليوم الواحد.

ويقول العامل النيبالي الصغير بيجاي راي «الأجرة اليومية في المنجم أكبر بكثير مما يمكن أن نتقاضاه في أي عمل في النيبال». إلا أن راي وغيره من الأطفال لم يتمكنوا من توفير مبلغ من المال بسبب غلاء المعيشة. ويستعين العمال بالكحول والمخدرات للتغلب على مشقة العمل في المناجم.

يبدو على سندار تمانغ علامات الإرهاق وكأنه في العقد الخامس من العمر. ويقول تمانغ (15 عاما) انه هرب من منزل عائلته في النيبال منذ ستة أشهر معتقدا أن «المناجم تدر ذهبا في الهند»، حسب مديرة منظمة «امبالنس نتورك» حسينة كربيه.

ولكي يتمكن الطفل من أن يعود إلى عائلته يتعين عليه دفع 185 دولارا للوسيط الذي سهّل له المجيء إلى الهند. ويحصل الأطفال الذين يعملون على مستويات عميقة في المناجم، على أجور عالية، ولكن مع احتمال التعرض للحوادث والاختناق. وأحيانا تخرج عربة عن مسارها فتسقط إلى الأسفل وتحصد أرواح عدد من العمال في طريقها. ويقضي البعض في انهيارات المناجم أحيانا وخلال موسم الأمطار حيث تغرق السيول كل ما في الأنفاق الضيقة. وفي حال تم التعرف الى جثث الضحايا فإن إدارة المنجم تقوم بنقل جثة الطفل إلى ذويه، أما إذا لم تعرف هوية المتوفى فإن جثته تدفن في مقبرة مجاورة، قامت الجالية النيبالية بشراء الأرض التي أقيمت عليها. ويقول عامل ان «الموت يلاحقنا داخل المنجم». في حين يعبر آخر عن خوفه من المجهول قائلا «أخشى الاختناق كل مرة أنزل فيها إلى الأسفل. إنه شعور مرعب ولكن يجب أن أتغلب عليه».

http://www.emaratalyoum.com/polopoly_fs/1.269980.1279908976!/image/3483680869.jpg
طفولة ضائعة

تجمع الطفلة سوليخا (ثماني سنوات) بيديها العاريتين كومة من قطع الحديد لتجمع في النهاية كمية من هذه المادة، وتتقاضى مقابلها 50 روبية هندية في اليوم، أي ما يزيد قليلا على دولار أميركي واحد. وبسبب وقوفها وعملها الدائم بين أكوام الحديد، صارت سوليخا تعاني من بعد الأمراض، وأوصى الطبيب المحلي بضرورة خضوعها للعلاج، لكن عمتها شوبا قالت «لا نستطيع تحمل تكاليف العلاج»، حيث إن هذا العلاج يتكلف أكثر من 2000 روبية إضافة إلى الأدوية. قصة سوليخا ليست فريدة من نوعها اذ إن الطفولة تتلاشى بالنسبة إلى ملايين الأطفال العاملين في مناجم التعدين في الهند، فهناك طفل آخر يدعى رافي (تسع سنوات) اعتاد حمل حوض ممتلئ بكتل الحديد الخام فوق رأسه، ويزن هذا الحوض نحو 10 كيلوغرامات، يقول رافي إن ذلك يؤلمه لكنه لا يستطيع أن يشكو لأن عدم وجود عمل يعني عدم وجود طعام لأسرته التي تتكون من ستة أفراد، ويتقاضى رافي 75 روبية مقابل العمل لمدة ثماني ساعات في اليوم.

بو احمد
17-05-2011, 11:47 AM
http://www.nidaasyria.org/gfx/articles/768.jpg

طفولة ضائعة على أرصفة طرقات دمشق
22/6/2009

لا يستطيع حيدر ذو الثمانية أعوام مواجهة التشرد في شوارع دمشق فأخوه الذي يكبره بست سنوات يرصد تحركاته وحزامه جاهز ليضربه بقسوة إن تخلف عن التسول ولن يرأف لصراخه ودمائه التي تغطي جسده الصغير، فعائلةٌ من 14 فردا تحتاج قوتا يوميا يعجز عن توفيره الأب العامل في مصنع للعلكة. قصته شبيهة بيوميات أطفال كثيرين، يتسول بعضهم ويبيع البعض الآخر مواد غذائية كالعلكة والبسكويت طلبا لعطف يضعه البعض في خانة التسول.

وقد باتت هذه الشريحة ظاهرة -بنظر مختصين ومثقفين يدقون ناقوس الخطر- "لكي لا يتحول البلد إلى منتج لبطالة ترتسم معالمها في طفولة مشردة تصور مستقبلا بلا أمل"، حسب ما يقول الكاتب خالد خليفة الذي شارك بإعداد فيلم وثائقي بعنوان "الحجر الأسود" تناول حياة أطفال مشردين من المناطق السكنية العشوائية. ويشير خليفة إلى أن "ظاهرة الأطفال المشردين تزداد بالأحياء الفقيرة وما نراه في وسط دمشق شيء لا يذكر". ويدعو الكاتب الحكومة للاعتراف بالظاهرة بدل التعتيم عليها، ويؤكد أن الأعداد كبيرة جدا رغم انعدام الإحصائيات، ويطالب المسؤولين بتحمل مسؤولياتهم والمثقف بإلقاء الضوء عليها. ويخاطب خليفة وزير الأوقاف قائلا "هل يعقل أن يكون في منطقة الحجر الأسود جامع تكلفة بنائه كفيلة ببناء خمسة مستشفيات في منطقة تعداد سكانها يضاهي النصف مليون وتخلو من المستشفيات؟".

ويعزو أستاذ علم الاجتماع كامل عمران المتخصص في عمالة الأطفال، الظاهرة إلى الفقر وعدم الوعي بأهمية التعليم رغم إلزاميته في سوريا. ويقول عمران إن من الضروري إيجاد إحصائيات دقيقة للظاهرة لمعالجتها ولتأهيل الأطفال بتمكينهم من التعليم وتوعيتهم بأهميته، وأيضا بإصلاح النظام التعليمي وبتوفير ومعامل مناسبة من حيث الإعداد والتنظيم لحاجات المجتمع، يشرف عليها مدربون مؤهلون ويتلقى فيها الأطفال أجورا لقاء أعمالهم، مع متابعة تضمن ممارستهم الحرف التي تعلموها. ودعا عمران المؤسسات الأهلية والمجتمع المحلي لتحمل مسؤولياتهم لأن الظاهرة "خطر وطني ويتوجب التعاون مع الجهات الرسمية للتخلص منه".

دراسة اليونيسيف

وتعد منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) من جهتها دراسة تأمل مسؤولة برنامج حماية الطفل في فرع دمشق سلمى كحالة إنجازها هذا العام، وستتطرق إلى عمالة الشارع والتشرد، وهما ظاهرتان لا توجد إحصاءات بشأنهما في سوريا. وتقول كحالة إن آخر إحصائية لعمالة الأطفال في سوريا كانت في 2006، وأظهرت أن الأطفال يشكلون 6% من القوة العاملة في دمشق، وهو رقم يرتفع في المحافظات الأخرى. ويقول مصدر مطلع على علاقة بالملف إن توجيهات القيادات العليا أثمرت فرعا لحماية الأحداث في إدارة الأمن الجنائي وتوجيهًا لتخصيص نظارة لهم، بحيث لا يختلطون ببقية المعتقلين. وأشاد بالاهتمام الخاص الذي توليه عقيلة الرئيس أسماء الأسد للأطفال دون العاشرة.

وتشير الأرقام الرسمية إلى توقيف 270 حدثا العام الماضي في دمشق في حين لا توجد أرقام عن عدد المشردين بشكل عام.

ثغرات قانونية

ويضيف المصدر إن السبب الرئيسي في الظاهرة هو الأسرة، فأغلب الأطفال العاملين والمتشردين يرغمون على العمل بسبب الفقر. ويتحدث عن ثغرات في القانون الذي يحمي الحدث ويمنع عمالته، لكنه لا يوقف الأطفال دون العاشرة ولا يعتبرهم مسؤولين جزائيا، ولا تزيد مدة من يمكن محاسبته جزائيا عن العشرين يوما، لذا يجب -حسب رأيه- تعديل القوانين وإيجاد عقوبات رادعة للأسر. ونوه إلى أن نسبة تكرار اعتقال المتشرد والطفل الواحد تفوق 60% ولا يتحرج بعض أهالي المشردين من القول "نريد أن نعيش" ولو كان ذلك على حساب تشرد أولادهم.

قصص مبكية

ويتحدث بعض التجار عن أشخاص يدفعون أجرة ثابتة يوميا لعائلات مقابل استخدام أطفالهم، ويستبدلون آخر الليل ما حصله أطفالهم من قطع نقدية بأوراق من فئة 500 ليرة (حوالي 11 دولارا) أو ألف ليرة. ويقول حيدر أحد الأطفال العاملين "أبكي باستمرار وأتوسل أخي كي أبقى في المنزل، فأنا أخشى الظلام والضياع بأزقة دمشق لكنني ملزم بالقدوم فأنا أساهم في دفع إيجار المنزل وأحصّل ما يقارب 500 ليرة يوميا ولا خيار أمامي فأنا مرغم على التسول". ويضيف "بات اعتقالي كابوسا أحلم به يوميا عدا ما أواجهه من قسوة شبان ينهونني عن التشرد بالضرب"، ولا يخشى حيدر على نفسه فقط بل وعلى أخيه أيضا الذي أرغمه -حسب قوله- أخ آخر يفوقه سنا على مرافقته رغم أنه يصغره بثلاث سنوات.

ويبادر المارة بوضع نقود على بسطة على الرصيف ينام قربها أحمد ذو السنوات الخمس مساء عندما ينهك التعب جسده الصغير ويضع فيها مواد غذائية بسيطة، ويشاركه في ذلك أطفال عديدون يخرجون باكرا للتشرد في الشوارع الباردة شتاء والحارة صيفا، وتتشابه أجوبتهم بشكل لافت. ويصر أحمد على أنه لا يعاني ولا يخشى الظلام وغدر الشارع، لكنه يضيف ببراءة الأطفال أنه عندما يكبر سيبعد أطفاله عن تلك الأعمال القاسية.

*********************************************

المجنّدون الأطفال في الكونغو طفولة ضائعة ومعاناة مستمرة

2011-02-14

قد لا يكون الثاني عشر من شباط/فبراير يوما يريد الأطفال الكونغوليون تذكره، فاليوم الذي خصص ليكون يوما دوليا لمكافحة تجنيد الأطفال يرتبط عند أطفال الكونغو بذكريات مرّة وكوابيس بغيضة. نستمع في التقرير التالي إلى قصة أحد ضحايا تجنيد الأطفال في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

تستذكر شارلوت التجربة المأساوية التي مرت بها إثر اختطاف ابن أختها راؤول البالغ من العمر أربعة عشر عاما في أيلول/سبتمبر 2008، على أيدي جماعة جيش الرب للمقاومة وهي الجماعة المسلحة التي روّعت المدنيين في البلاد لا سيما في المقاطعة الشرقية منها.حتى اليوم لا زال راؤول يجد صعوبة بالغة في النوم إذ لا تفارق مخيلته الفظائع التي شاهدها وعمليات القتل التي اضطر لارتكابها.

يتحدث هذا الجندي السابق الصغير عن تجربته: "قتلت أناسا. لم أقوى على رفض ذلك لأن صديقا لي رفض أن يقتل فقتلوه. اليوم إذا لم أصلّ قبل الذهاب إلى النوم لا أستطيع أن أنام. أحلم بجيش الرب يأتون يريدون قتلي، أو أنهم يختطفونني مجددا."

منذ بدأت هجمات جيش الرب للمقاومة في 2008، اضطرب الوضع الأمني في إقليم دونغو، واختطف مئات الفتيان والفتيات على أيدي الجماعة التي جنّدتهم أو استخدمتهم في العبودية الجنسية. على مدى العامين الماضيين الذين اختفى فيهما راؤول، كانت خالته شارلوت تبكي وتصلي كل ليلة من أجل عودته.

شارلوت: "اليوم الذي سمعت فيه أن ابن شقيقتي قد خطف في بانغدي اعتصرني الألم وملأني الخوف، بكيت طوال الليل. اليوم، أشكر الله أنه عاد، ولكن عندما أرى كيف تغيّر راؤول لا يسعني إلا البكاء. الصبي الذكي الآن أصبح مشوشا عقليا، ويعاني كثيرا."

منذ 2008 وحتى نهاية 2010، ساعدت اليونيسيف وشركاؤها أكثر من ألف وخمسمئة طفل كانوا متورطين مع الجماعات المسلحة في دونغو. وتم تقديم المساعدة الطبية والنفسية لراؤول وأمثاله من الأطفال لمساعدتهم على التغلب على الصدمة التي تعرضوا إليها.

جاي جولومي اخصائي اجتماعي في دونغو: "لقد شهد هؤلاء الأطفال عمليات قتل واغتصاب رهيبة. بعضهم قتلوا أناسا. هذا هو سبب مجيئهم إلى هنا للحصول على الدعم. يجب أن نصغي إليهم ونزيل الصدمة منهم حتى لا يتحمّلوا العبء وحدهم ".


ولا تقيم اليونيسيف مراكز رعاية وإعادة تأهيل للجنود الأطفال السابقين في دونغو بل يتم ذلك من خلال أسر تساعد المنظمة. أندريا بوريلي مدير مكتب اليونيسف في دونغو يفسر السبب: "نعمل مع المجتمع المحلي لاستضافة الأطفال الذين يأتون من الجماعات المسلحة. وضع الأطفال معا في مركز قد لا تكون فكرة آمنة. فمن الممكن أن تتعرض لهجوم جيش الرب مما سيعرض الأطفال للخطر".

منذ إطلاق برنامج نزع السلاح وإعادة إدماج الأطفال المجنّدين، عام 2004، يسّرت الجهات الفاعلة في مجال حماية الطفل الإفراج عن أكثر من ستة وثلاثين ألف طفل كانوا منخرطين بالجماعات المسلحة. ومع نهاية هذا العام تنتهي الحملة العالمية التي كانت قد أطلقت لتشجيع الدول على التصديق على البروتوكول الاختياري حول تورط الأطفال في النزاعات المسلحة، وهي حملة ساعية لضمان التصديق على هذا البروتوكول والتنفيذ الكامل لاتفاقية حقوق الطفل.

بو احمد
17-05-2011, 11:56 AM
http://www.dw-world.de/image/0,,2263704_1,00.jpg

عمالة الأطفال... طفولة ضائعة يكرسها الحرمان والعوز
عمالة الاطفال ظاهرة منتشرة في مصر و العديد من الدول العربية

تزايدت في مصر ظاهرة تشغيل الأطفال القصر، الذين لا تتجاوز أعمارهم أحيانا سن السابعة، لأسباب اجتماعية واقتصادية متشابكة. المجلس القومي للطفولة في مصر يسعى لمقاومة هذه الظاهرة عبر بعض البرامج الإرشادية.

تُقدر بعض الإحصاءات أن عدد الأطفال الذي يعملون في مصر يزيد على 2.7 مليون طفل لا تتعدى أعمارهم في الغالب الرابعة عشر، يشتغل معظمهم ستة أيام في الأسبوع، بمعدل 12 ساعة يوميا أو أكثر. فهم يشكلون مصدر رزق إضافي لعائلاتهم التي تعتمد على دخلهم لتغطية ثلث نفقاتها اليومية. ورغم أن هذه الظاهرة كانت في السابق منتشرة في مختلف محافظات مصر، إلا أن الأزمة المالية العالمية ساهمت في تفاقمها، حيث زاد عدد المواطنين الذين يعيشون تحت خط الفقر بحوالي مليوني شخص، لتصل نسبة الفقراء في مصر إلى حوالي 18.5 في المائة من مجمل عدد السكان.

وبطبيعة الحال، تؤدي زيادة عدد الفقراء إلى زيادة انتشار ظاهرة تشغيل الأطفال، الأمر الذي جعل الحكومة المصرية تسعى إلى الحد من انتشار هذه الظاهرة من خلال عدد من البرامج الإرشادية، معولة في جهودها على زيادة وعي الأسر المعنية بأهمية التعليم. إذ إن الأطفال العاملين لا يذهبون في أغلب الأحيان إلى المدارس، وبالتالي، فهم لا يتعلمون أي شيء، كما أنهم على الأرجح لن يقوموا في المستقبل بتحفيز أبنائهم على التعلم والدراسة. وبذلك يصبح الفقر آفة تتوارثها الأجيال.

http://www.dw-world.de/image/0,,4301539_1,00.jpg
تشغيل الأطفال في مصر- ظاهرة اجتماعية أسبابها متشعبة ومتداخلة

طفولة تحكمها قسوة الواقع

ومن أمثلة هؤلاء الأطفال العاملين، مصطفى، الذي لا يتجاوز سنه 13 عاماً. مصطفى يعمل في ورشة صغيرة في أحد الأحياء التي تشتهر بدباغة الجلود في العاصمة المصرية. ويقف الصبي مع زملائه من العاملين تحت الشمس الحارقة عند منتصف النهار فوق طرق الحي غير المعبد التي تجري عبرها مياه عكرة تنبعث منها روائح كريهة وهي مياه الصرف الصناعي التي استخدمت في الدباغة وتنقية الجلود، وهو منهك بشد الجلود الناشفة. الطفل العامل يحكي عن قصة عمله بهذا المكان قائلا: "أعمل هنا منذ فترة طويلة، منذ نحو خمس سنوات، منذ أن كنت في سن الثامنة أو السابعة". ويعمل مصطفى طوال هذه السنوات في معالجة الجلود لإعدادها للدباغة، فهو يقوم بنزع اللحم والشعر من الجلد. ويبدأ مصطفى عمله كل يوم عند تمام الساعة السابعة صباحا ويستمر إلى المساء، يسترح خلالها ساعة واحدة فقط عند منتصف اليوم. ويتقاضى عن عمله هذا 50 جنيهاً مصرياً في الأسبوع.

خياران أمام الأطفال: العمل أو التسكع في الشوارع

ترك مصطفى مقاعد الدراسة منذ سن مبكرة، عند الصف الرابع الابتدائي، وأرجع الصبي تركه للمدرسة لتعرضه للضرب من قبل مدرسيه. بعدها أخذه عمه للعمل معه في ورشة إصلاح السيارات، ولا يرى عم الطفل في عمل مصطفى ما يدل على استغلاله له، ويقول في هذا السياق: "لقد جئنا به للعمل معنا هنا ليكون تحت رعايتنا، كي لا يرتكب أخطاء أو ينساق وراء أطفال يعلمونه أموراً سيئة".

حالة مصطفى ما هي إلا حالة من بين عشرات الآلاف من الحالات الأخرى بين أطفال مصر القصر من صبيان وفتيان، الذي لا يملكون خيارات كثيرة، حيث تدفعهم الظروف إلى الانقطاع عن الدراسة في سن مبكرة ليجدوا أنفسهم مضطرين لشق طريق الحياة في ظل ظروف صعبة وبإمكانيات معرفية ومهنية شبه معدومة. وهو أيضا ما أكدته الدكتورة منال شاهين، منسقة برنامج عمالة الأطفال بالمجلس القومي للطفولة في مصر، التي ترى أن هؤلاء الأطفال يجدون أمامهم خيارين ليس إلا: إما العمل أو التسكع في الشوارع.

وقد أظهرت نتائج مسح أجراه المجلس القومي للطفولة في مصر في عام 2001 أنه يوجد في مصر نحو 2.7 مليون طفل عامل تتراوح أعمارهم ما بين السادسة والرابعة عشرة موزعين على عدة محافظات. كما أظهر هذا المسح، حسب الدكتورة منال شاهين، أن 30 في المائة من هؤلاء الأطفال يشتغلون في القطاع الحرفي كورش إصلاح السيارات والمحاجر، بالإضافة إلى قطاعات التجارة والخدمات والصناعة. لكن معظم الأطفال العمال يشتغلون في قطاع الزراعة.

http://www.dw-world.de/image/0,,4301645_1,00.jpg
الفقر الدقع أهم العوامل التي تقف وراء تشغيل الأطفال

طفولة تحكمها قسوة الواقع

وليست معالجة ظاهرة عمالة الأطفال بالأمر الهين كون أسبابها متشابكة ومتشعبة، إذ يوجد في مصر قانون عمل يمنع تشغيل الأطفال دون سن الرابعة عشر. بيد أنه هذا القانون ينحصر تطبيقه في القطاعات المرخص لها، إذ تلتزم مصانع البلاد الكبيرة بهذه القوانين ولا تُشغل في وحداتها الإنتاجية أطفالا تقل أعمارهم عن السن المسموح به، لاسيما أن هذه المصانع والشركات تخضع لرقابة دورية. لكن ذلك يختلف تماما في القطاعات غير الرسمية أو غير المرخص لها مثل ورش إصلاح السيارات أو المقاهي أو الخدمة في المنازل وبالأخص في القطاع الزراعي الذي يشهد تشغيل عدد كبير من الأطفال بشكل غير قانوني. وهنا ترى المسؤولة المصرية أن منع هذه السلوكيات لا تجدي بقدر ما يجب أن تركيز الجهود على معالجة أسباب تفشي هذه الظاهرة، وتقول في هذا السياق: "الفكرة كلها مرتبطة بالفقر وبانعدام الآفاق. فأحياناً تجد نفسك في مواجهة الآباء الذين يوجهون لك اللوم، لماذا لم تسمح لطفلهم بالعمل؟ فهو إن لم يعمل يمضي طوال وقته جالسا في المقهى".

وهي في هذا السياق تشير إلى المخاوف المبررة التي تنتاب الأسر بشأن أبنائها، وإن كانت ترى أن أسلوب الأسر في التعامل مع تلك المخاوف أسلوب خاطئ، لكنها ترى أيضا أن هذه الأسر لا تملك بدائل، لافتة في هذا السياق إلى أن ذلك لا يعني أنه ليس هناك أسر تستغل أبنائها، فهناك على حد قولها أسر تتعمد إنجاب الكثير من الأطفال لتشغيلهم والاعتماد عليهم في إعالة الأسرة.

وتركز برامج المجلس القومي للطفولة في مصر، التي تهدف إلى الحد من ظاهرة تشغيل الأطفال، على عدة قضايا في آن واحد. فهي تحاول من ناحية، إقناع الأسر بأهمية تعليم أبنائهم، وتمنحهم من ناحية أخرى قروضا صغيرة لمساعدتهم على سد حاجاتهم المادية التي يغطيها في العادة عمل أطفالهم.

بو احمد
17-05-2011, 12:04 PM
http://www.dw-world.de/image/0,,514705_1,00.jpg
أحد مظاهر تشغيل الأطفال في الهند (http://www.dw-world.de/popups/popup_lupe/0,,1618429,00.html)

تشغيل الأطفال بين الضرورة الإقتصادية والاستغلال البشع

جاء اليوم العالمي لمحاربة ظاهرة تشغيل الأطفال ليضع هذه الظاهرة غير المقبولة والتي تم تجاهلها لفترة طويلة في بؤرة الإهتمام الإعلامي. المنظمات الدولية تحذر من تفاقم تشغيل الأطفال نظراً لإزدياد الفقر في العالم.

لا تزال ظاهرة تشغيل الأطفال تثير قلق العديد من الناشطين الحقوقيين نظراً لما تخلفه من أثار سلبية تنعكس على المجتمع بشكل عام وعلى الأطفال بشكل خاص. إلا أن محاربة هذه الظاهرة غير المقبولة يظل تحديا حقيقيا أمام كل المجتمعات في ظل ازدياد نسبة الفقر وانعدام الوعي الحقيقي بآثارها السلبية على فرص تطور الأطفال. كما أن هذه الظاهرة تتعارض مع مجمل القيم الإنسانية والأخلاقية التي تقوم على أساسها أغلب المجتمعات الحضارية اليوم. فمُزاولة الطفل للعمل في سن مبكرة تشكل تهديداً مباشراً لسلامته وصحته ورفاهيته وتقف حجرة عثرة أمام تلقيه التعليم المدرسي الذي من شأنه أن يوفر له مستقبلاً أفضل. وتصيب آفة عمالة الأطفال واحداً من كل 6 أطفال في العالم. وفي هذا السياق ينبغي الإشارة إلى أن تواجد معظم ضحايا عمالة الأطفال في الدول الفقيرة. وعلى الرغم من اختلاف أسباب انتشار هذه الظاهرة من دولة إلى أخرى، إلا أن ظروف تشغيل الأطفال غالباً ما تكون متشابه. ويُعزي الناشطون في المنظمات الدولية سبب اانتشار تشغيل الأطفال بالدرجة الأولى إلى جشع أرباب العمل وإلى الفقر المدقع الذي تعاني منه أسر هؤلاء الأطفال. والمدهش حقا هنا هو أن ظاهرة تشغيل الأطفال لا تنحصر فقط على الدول النامية أو المتخلفة، بل نجدها أيضاً في المجتمعات المتقدمة مثل ألمانيا. كما يُعتبر النظام الاقتصادي المُعولم جزءً من هذه المشكلة، ولو بشكل غير مباشر، فالعولمة ساهمت في تسريع حركة نقل رؤوس الأموال من الدول الغنية إلى الدول الفقيرة التي تعد خزانا كبيرا لليد العاملة الرخيصة الشيء وهو ما يزيد من تفاقم هذه المشكلة.


http://www.dw-world.de/image/0,,1199500_1,00.jpg
أطفال يعملون في أحد المعامل في باكستان

الحاجة المادية سبب أساسي تفشي عمالة الأطفال

تبقى المشاكل الاجتماعية من أهم عوامل تفشي ظاهرة تشغيل الأطفال في الدول الفقيرة وذلك في ظل غياب الوعي الثقافي وانعدام رعاية الدولة في مجال الأمان الاجتماعي . فتفكيك الأسرة نتيجة طلاق الأبوين يؤدي إلى ترك الأطفال دون رعاية أسرية، وهو ما يضطرهم إلى البحث عن عمل من أجل كسب قوتهم اليومي. وتساهم الهجرة البدوية، أو ما يُعرف بظاهرة النزوح من الأرياف إلى المدن في تكريس الفقر وانتشار ظاهرة تشغيل الأطفال، حيث يعجز رب الأسرة عن سداد تكاليف دراسة الأبناء وتقديم ظروف معيشية ملائمة لهم نظرا لغلاء المعيشة في المدن. وفي ظل هذا الظروف يلجأ رب الأسرة إلى إرسال بعض أطفاله للدراسة والبعض الآخر للعمل من أجل تأمين القوت اليومي للأسرة. كما أن البرامج الاقتصادية تساهم ايضاً في تعقيد الوضع الاجتماعي حيث تؤدي إعادة برمجة هيكلة الإقتصاد الوطني، التي يفرضها البنك الدولي وصندوق النقد الدولي على الدول النامية بهدف إعادة تأهيل نظامها الاقتصادي، إلى انعكاسات اجتماعية سلبية، من بينها انتشار ظاهرة تشغيل الأطفال. فإعادة هيكلة الاقتصاد تشترط بالدرجة الأولى تقليص كم الإنفاق العمومي للدولة، وهذا يعني تخفيض دعم الدولة لقطاعات الصحة والسكن والتعليم. وخلال هذا التطور تتحمل الشرائح الاجتماعية الفقيرة على وجه الخصوص العبء الاقتصادي الناتج عن هذه البرامج، مما يؤدي إلى تفاقم الفقر والاعتماد على دخل الأطفال في إعالة أسرهم.

مكافحة ظاهرة تشغيل الأطفال

يفتح غياب القوانين الرادعة والضرورية لمكافحة هذه الظاهرة، الباب على مصارعه أمام استغلال الأطفال كأيدي عاملة رخيصة. وفي ظل غياب الوازع العقلاني والأخلاقي يُحرم الطفل من حقوقه التعليمية والصحية والترفيهية. وفي هذا الشأن تتزايد الأصوات المنادية بتفعيل القوانين الكفيلة بحماية الأطفال من أبشع طرق الاستغلال، إضافة إلى استحداث آليات تطبيق جديدة لدعم التشريعات القانونية. ومن المعروف أن أغلب الدول العربية تعاني من تفاقم مشكل عمالة الأطفال، حيث أكدت بعض الإحصائيات أن قرابة 600.000 طفل مغربي، تتراوح أعمارهم بين 5 و14 سنة يزاولون أعمالاً لإعالة أسرهم. وتقر المنظمات الدولية صعوبة القضاء على هذه الظاهرة، وتُطالب الدول المعنية بتأهيل الهيئات المختصة بالدفاع عن حقوق الأطفال، والتي تعاني من ضعف إمكانياتها وخبراتها، إضافة إلى ضرورة توفير الغطاء المالي الكافي لها.

http://www.dw-world.de/image/0,,1463545_1,00.jpg
أطفال في مناطق منكوبة (http://www.dw-world.de/popups/popup_lupe/0,,1618429_ind_3,00.html)

تشغيل الأطفال في ألمانيا

لم يسلم المجتمع الألماني بدوره من ظاهرة تشغيل الأطفال، رغم القوانين الصارمة السائدة في ألمانيا، والتي تنظم عمل الأطفال، الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و16 سنة. فقد عمد المشرع أن يفسح مجالاً ضيقاً فقط أمام تشغيل الأطفال. وعلى هذا الأساس يسمح قانون العمل الألماني للطفل مزاولة بعض الأعمال البسيطة مثل توزيع الجرائد بشكل لا يُعيق مزاولته للدراسة، ويخلو من أي شكل من أشكال الاستغلال. إلا أن بعض الدراسات تشير إلى ارتفاع عدد الأطفال الذين يضطرون إلى العمل لإعانة أسرهم التي تعاني من عبء مادي متزايد ليصل إلى 700.000 طفلاً، وفقاً لبيانات جمعية حماية الأطفال الألمانية. ويُعزي علماء الاجتماع هذا التطور إلى ارتفاع معدلات البطالة في السنوات الأخيرة، وما نتج عنه من ارتفاع في نسبة الفقر في المجتمع الألماني.

بو احمد
17-05-2011, 12:14 PM
http://www.unicef.org/arabic/emerg/images/ibc_Iraq_streetchild107-071.jpg
يؤدي الفقر إلى دفع عدد متزايد من الأطفال العراقيين إلى الخروج إلى الشوارع.

قصة الطفلة عفراء: استعادة طفولة ضائعة في شوارع بغداد
بقلم كلير حجاج وبان دهاي

عمان، الأردن، 30 آب / أغسطس 2007 – لم تكد عفراء وشقيقها بلال يبلغان سن المراهقة حتى تُركا ليتدبرا أمرهما بنفسيهما في شوارع بغداد. خجولان ولا يزال الأخ والأخت الصغيران، الخجولين والمحرجين، يحملان ندوب انفصالهما المخيف عن أسرتهما.

"فقد أبي عمله ولم يعد باستطاعة أمي أن ترعانا"، قالت عفراء (13 سنة). "كنا فقراء جداً لا نجد طعاماً ولا نستطيع البقاء في المدرسة، لذلك اضطررنا إلى مغادرة البيت، وهكذا انتهى بنا الأمر في المؤسسة".

إن حكاية عفراء حكاية مألوفة كثيراً في بغداد وفي المناطق الحضرية الفقيرة، التي مزقها الصراع والضائقة الاقتصادية منذ فترة طويلة. إن الفقر عدو مستمر في صفوف الطبقات الكادحة في العراق، ويكاد يكون قوة مدمرة كالعنف. ففي عام 2003، كان ما لا يقل عن 15 في المائة من الأطفال العراقيين دون 14 سنة من العمر يعملون من أجل إعالة أسرهم بطريقة ما. أما اليوم، فمن المحتمل أن يكون هذا العدد قد ازداد كثيراً. فقد قتلت في أعمال العنف الطائفية عشرات الآلاف من الأسر التي تكسب رزقها. وقد فرّ عدد كبير إلى مناطق أخرى بحثاً عن الأمان وفرص العمل، مما أدى إلى تمزيق الحياة الأسرية، وتآكل ادخارات هذه الأسر.

الخطر في الشوارع

فيما يستمر العنف في العراق في تحطيم المجتمعات المحلية والأسر، يطلب من الأطفال على نحو متزايد أن يتحملوا أعباء الكبار. وبالنسبة لأشد الأطفال فقراً، فإن هذا يعني عادة التسول في الشوارع، أو محاولة الحصول على بضعة دنانير بإقناع سائقي السيارات شراء قطع من العلكة والحلوى والسجائر منهم. وينتهي الأمر بكثير من أطفال الشوارع بأن يقعوا في حالات أكثر بؤساً، فيقعون في ربقة المخدرات والدعارة والعنف. أما الأطفال الأوفر حظاً فيجدون ملاذاً لهم في المؤسسات الحكومية. وينتهي الحال بالأطفال المنكودي الحظ في متاعب مع الشرطة أو يلحق بهم ضرر دائم من أسوأ أشكال الاستغلال الاقتصادي والجنسي، فيفقدون طفولتهم.

"إننا نرى المزيد والمزيد من أطفال الشوارع في المدن العراقية، وهو أثر مأساوي جانبي من الصراع والفقر"، قالت رئيسة شؤون حماية الطفل باليونيسف في العراق، باتريسيا دي جيوفاني. "

إنهم الجانب الضعيف المنسي من المجتمع العراقي – وارتيادهم المدرسة، وحصولهم على الدعم العاطفي، والاستفادة من الرعاية الصحية والإقامة الآمنة، أقل احتمالا من أي طفل عراقي آخر".

الأطفال مهملون

إن معظم الأطفال الذين يعملون في الشوارع في العراق ليسوا أيتاماً، تقول السيدة دي جيوفاني. إذ إن حالة عفراء – التي لم تتمكن أسرتها من إعالتها والاحتفاظ بها – هي نموذج لأطفال الشوارع في العراق. وهناك أطفال شوارع ممن هربوا من بيوتهم، ولم يتمكنوا من تحمل الإجهاد والعنف المنزلي الذي يصيب الكثير من الأسر العراقية في قلب مناطق الصراع. إذ يزيد التشرد من خطر انفصال الأطفال عن ذويهم أثناء انتقالهم إلى أماكن أخرى، أو يُدفعون إلى العمل إذا لم يتمكن دخل الأسرة من إعالتهم في المكان الجديد الذي انتقلت إليه.

"مرت أوقات كانت فيها الأسر الممتدة، أو حتى زعماء المجتمعات المحلية، يضمون إليهم الأطفال الذين يحتاجون إلى المساعدة"،
تقول السيدة دي جيوفاني،
"لكن مع تزايد الضغط على جميع العراقيين، فقد أصبح عدد قليل منهم قادراً على توفير الرعاية للأطفال من غير أسرهم المباشرة. لذلك أصبح هناك عدد مخيف من الأطفال الذين يتركون وشأنهم في البرد".

http://www.unicef.org/arabic/emerg/images/ibc_iraq_streetchild.jpg

إيجاد وسيلة للعودة إلى بيوتهم

تعد عفراء واحدة من الفتيات المحظوظات. إذ وجدت طريقها إلى مشروع إعادة إدماج الأطفال الذي تدعمه اليونيسف. وتهدف هذه المبادرة إلى جمع الأطفال الذين يعيشون بدون آبائهم وإعادتهم للعيش في بيئة أسرية، بمساعدة المنظمات غير الحكومية الشريكة التي تعمل في بغداد. وتتوفر لدى الأطفال فرصة الإقامة في أحد المراكز 'الانتقالية' الستة في أنحاء المدينة، حيث يتلقون المشورة والدعم النفسي وفرصة تبادل الخبرات مع أقرانهم. وفي النهاية، وبمساعدة أخصائيين اجتماعيين، تقدم لهؤلاء الأطفال فرصة للعودة إلى منازلهم والعيش في كنف أسرهم. إن مشروع إعادة إدماج الطفل يمثل "عملية الخطوة خطوة" بالنسبة للأطفال. وإذا كانوا أيتاماً، فإن المشروع يجد لهم أقارب أو أفراداً من مجتمعهم السابق لاحتضانهم وإعالتهم. وفي حالة عفراء، تمكن المشروع من العثور على أسرتها وإعادتها إليها.

"سألت الفتيات في المركز ماذا تعني لهن العودة إلى المنزل"

قالت عفرا، "فقلن إنهن يستطعن أن ينمن ويستيقظن بحريتهن في منازلهن ويشعرن بالاسترخاء. فقلت لنفسي، لماذا لا أعود إلى أسرتي كي أصبح حرة وأنعم بالهدوء مثلهن؟"

تقديم العون للأسر

قد تكون العودة إلى المنزل صعبة بعد الانفصال لفترة طويلة، لكن عفراء وأسرتها حصلتا على مساعدة. إذ يقدم مشروع إعادة إدماج الأطفال لهم ولأسرهم المشورة والدعم المالي لأشهر عديدة بعد أن يعود الطفل إلى منزل أسرته، وذلك لمساعدة الأسرة على التكيف والتأكد من أن الطفل يستطيع العودة إلى المدرسة.

"إننا نشعر بالامتنان لحصص الإعاشة التي يقدمها الأخصائي الاجتماعي لأننا فقراء جدا حتى الآن"، قالت أمّ عفراء، "ولولا هذه المساعدة، لما تمكنت من إعادة أطفالي إلى المنزل، رغم حبي لهم".

وحتى الآن، تم لمّ شمل 150 طفلاً مثل عفراء مع أسرهم عن طريق مشروع إعادة إدماج الأطفال. وخلال الأشهر القليلة القادمة، سيبدأ تطبيقه في جميع أنحاء العراق لمنح الأطفال المشردين والمفقودين فرصة لتغيير حياتهم نحو الأفضل.

البناء من أجل المستقبل

"عندما كنت بدون أسرتي اشتقت لهم كثيراً. لم أكن أتخيل أنني أستطيع أن أعيش لحظة واحدة بدونها"، قالت عفراء، "آمل أن يعيد هذا المشروع أطفالاً آخرين إلى بيوتهم ويقدم المساعدة لأسرهم". "إن جميع الأطفال العراقيين يستحقون رعاية أسرهم والعيش في بيوتهم"، تقول السيدة دي جيوفاني، "إذ إن الأسرة هي أفضل فرصة لكي ينمو الأطفال في مناخ من الثقة ليصبحوا كباراً متعلمين - وللمساهمة في بناء الأمة التي يحتاجها العراق". وتشعر عفراء اليوم بالأمان وتحلم بأن تصبح مهندسة. "سأبني بيت أسرتي أولاً، قبل أن أعمل على أي مبنى آخر"، تقول، فيما تجلس أمها وأخوها إلى جانبها.

المصدر اليونسيف

نرجس*
17-05-2011, 01:35 PM
http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-f308fe7892.jpg (http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-f308fe7892.jpg)

مواضيعك ومعلوماتك كلها مفيدة و قيمة

الله يسلمك يارب

http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-1c10060461.gif (http://www.alshiaclubs.com/upload//uploads/images/alshiaclubs-1c10060461.gif)

تحياتي

نرجس

شيعية موالية
18-05-2011, 03:38 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الله يعطيك العافية