المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سیره وسلوک


melika
13-11-2010, 10:46 PM
بسم الله الرحمن الرحیم
اللهم صل علی محمد وآل محمد
اللهم صل علی محمد وآل محمد
اللهم صل علی محمد وآل محمد

تربية الإمام علي ( عليه السلام ) في حجر النبي ( صلى الله عليه وآله )

[/URL]
تَوَلَّى رسول الله (ص) بنفسه تربية الامام علی علیه السلام بعد ولادته ، وذلك عندما أتَت فاطمه بنت اسد بوليدِها المبارك إلى رسولِ الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فلقيت منه حباً شديداً له ، حتى أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال لها : (اِجعلي مَهدَه بِقُربِ فِراشي ) .
وكان ( صلى الله عليه وآله ) يطهِّر الإمام عليّاً أثناء غسله ، ويحرِّك مهده عند نومه ، ويناغيه في يقظته ، ويتأمَّله ويقول : ( هَذا أخي ، ووليِّي ، وناصري ، وصفيِّي ، وذُخري ، وكهفي ، وصهري ، ووصيِّي ، وزَوج كَريمتي ، وأمِيني على وصيَّتي ، وخليفتي ) .
ولقد كانت الغاية من هذه العناية النبوية هي توفير التربية الصالحة للإمام لعليٍّ ( عليه السلام ) ، وأن لا يكون لأحدٍ غير النبي ( صلى الله عليه وآله ) دَورٌ في ‌تكوين شخصيته الكريمة ( عليه السلام ) .
وقد ذكر الإمام علي ( عليه السلام ) ما أسداه الرسول الكريم ( صلى الله عليه وآله ) إليه ، وما قام به تجاهه في تلكم ‌الفترة .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( وقد علمتم موضعي من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بالقرابة القريبة ، والمنزلة الخصيصة ، وضَعَني في حجْره وأنا وليد ، يضمُّني إلى صدره ، ويكنفني في فراشه ، ويُمسُّني ‌جسده ، و يُشمُّني عُرفه ، وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه ) .
واستطاعَ بهذه المرافقة الكاملة أن يقتطف من ثمار أخلاقه العالية وسجاياه ‌النبيلة الشيء الكثير .
وأن يصل تحت رعاية النبي ( صلى الله عليه وآله ) وعنايته ، وتوجيهه وقيادته ، إلى ‌أعلى ذروة من ذرى الكمال الروحي .
وهذا الإمام أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يشير إلى تلك الأيام القَيِّمة ، والرعاية ‌النبوية المباركة المستمرَّة ، إذ يقول : ( ولقدْ كُنتُ أتَّبِعه اتِّباع الفصيل أثر أمِّه ، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً ، ويأمرني ‌بالاقتداء به ) .

علی علیه السلام مثال فی الزهد

[URL="http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/06/25433176185232153254532224103224148200.jpg"] (http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/06/1914101214153208661072151511393120319660211.jpg)
لقد أجمع المسلمون على أن أزهد المسلمين بعد الرسول (ص) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)هو علی بن ابی طالب علیه السلام
ولم يكن زهده للسمعة والرياء أو لطلب الجاه والمنصب... بل زهده لله تعالى فقط وحبا في رضاه وتقربا إليه تعالى...
ولم يكن زهده عن عدم القدرة والاستطاعة بأن كان فقيرا، بل كان غنيا ولكنه يزهد في الماديات كلها...
ولم يكن زهده على الطريقة الصوفية بحيث ينعزل عن الناس ويكون كلا عليهم بل كان(عليه السلام) يتفاعل مع المجتمع يصوم نهاره ويعمل في الليل في حفر الآبار وسقي البساتين.
فهكذا كان زهد علي(عليه السلام) إنه في الواقع زهد ممزوج بالتواضع والفاعلية لا يمله أحد... إلا المنافق.
ولقد شوهد مرة وهو خليفة المسلمين وعليه إزار مرقوع فقيل له في ذلك؟
فقال: (يقتدي به المؤمنون ويخشع له القب وتذل به النفس وقصد به المبالغ).

melika
13-11-2010, 10:48 PM
علي في حرب أحد

(http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/06/196319912919346371181811871919715887216206.jpg)
لقد جرت قريش أذيال الهزيمة والخيبة ونكست رؤوس المتكبرين، وراحت هند وزوجها أبو سفيان يحرضان العرب على قتال المسلمين، فحشدت كل قواها من جديد واتجهت نحو المدينة، واستخدمت هند احد العبيد واسمه(وحشي) وطلبت منه أن يقتل النبی (ص) أو علي أو حمزة.
وكانت راية رسول الله(صلى الله عليه وآله) بيد أمير المؤمنين كما كانت بيده يوم بدر، فتقدم علی بن ابی طالب (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862)من المسلمين وتقدم من المشركين طلحة بن أبي طلحة ثم تقارنا فاختلف بينهما ضربتان فضربه علي ضربة على مقدم رأسه فبدرت عيناه وصاح صيحة لم يسمع مثلها وسقط اللواء من يد طلحة، فأخذه أخ له يسمى(مصعب) فرماه عاصم بن ثابت بسهم فقتله، فأخذها عبد لهم يقال له(واب) فضربه علي على يده اليمنى فقطعها فأخذها بيده اليسرى فضربها علي فقطعها فأخذها على صدره وجمع بين يديه وهما مقطوعتان فضربه علي على رأسه فسقط صريعا وانهزم القوم.
وجاء في المغازي: أول من دعا للبراز طلحة فبرز إليه علي بن أبي طالب فقال له: يا قضم قد علمت لا يجسر علي أحد غيرك، ثم شد عليه فأتقاه علي بالجحفة ثم ضربه على فخذيه فقطعهما جميعا وسقطت الراية من طلحة، فذهب علي(عليه السلام) ليقتله نهائيا فناشده ارحم فانصرف عنه.
ثم أخذ الراية أبو سعيد بن أبي طلحة فقتله علي وسقطت الراية إلى الأرض فأخذها عثمان بن أبي طلحة فقتله علي وسقطت الراية فأخذها مسافع بن أبي طلحة فقتله علي وسقطت الراية فأخذها الحارث بن أبي طلحة فقتله علي وسقطت الراية فأخذها عزيز بن عثمان فقتله علي وسقطت الراية فأخذها عبد الله بن جميلة بن زهير فقتله علي وسقطت الراية فأخذها مولاهم(صواب) فضربه علي.. حتى حميت الحرب وراح أمير المؤمنين يهز سيفه هزا عنيفا وسط المشركين فانهزم كلهم.
وخالف الرماة الذين وضعهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) على أحد التلال أمر النبي فراحوا يجمعون الغنائم وتركوا أماكنهم، فالتف خالد بن الوليد من وراء التل وجاء هو جماعة من وراء ظهور المسلمين، فانهزم أكثر المسلمين ولم يبق مع النبي(صلى الله عليه وآله) سوى عليا وآخرين اقل من عدد أصابع اليد، وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) كلما هجم عليه المشركين يقول: (يا علي اكفني هذه الكتيبة)، فكان علي يكشفهم ثم يذهب إلى كتيبة أخرى فيكشفهم عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وهكذا أنقذ رسول الله(صلى الله عليه وآله) بواسطة الإمام علي وأبو دجانة وسهل بن حنيف...
وفي هذه الحرب جاء النداء من السماء ليؤكد للعالمين عظمة وأخلاق وشجاعة علي(عليه السلام) فنادى جبرئيل بين السماء والأرض: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي)، فكانت هذه المواساة الحقيقية، فقد عرض علي نفسه للخطر الفادح والجراحات البليغة والمواقف التي قلما يثبت فيها الرجال، كل ذلك من أجل النبي(صلى الله عليه وآله) والإسلام.
وفي هذه الحرب قتل حمزة غيلة وحشي وهو عبد لهند لعنة الله عليه.
ومن المواقف البطولية لعلي(عليه السلام) أن النبي(صلى الله عليه وآله) سقط في حفرة عميقة حفرها أحد المنافقين يدعىأباعامر) لكي يتم قتله بسهولة في هذه الحفرة، ولكن تداركه البطل الضرغام علي بن أبي طالب فأنقذه منها وأخرجه.
فهذه المواقف... مواقف من نور ومشاهد خالدة في تاريخ الإسلام، وكم مرة ومرة يظهر فضل علي فيها ولا ينكره إلا الناصب والجاهل.

melika
13-11-2010, 10:49 PM
في معركة بدر


انتظم جيش المسلمين وكان عددهم(313) وأمامهم أضعاف مضاعفة من جيش المشركين، فخرج الفرسان الثلاثة في قريش للمبارزة الفردية: أبو جهل وأخوه شيبة وابنه الوليد، ثم قالوا: يا محمد أخرج إلينا أكفاءنا من قريش، فبرز ثلاثة نفر من بني هاشم هم: عبيدة بن الحارث بن عبد المطلب وحمزة بن عبد المطلب و علی بن ابی طالب
فقابل عبيدة عتبة.
وقابل حمزة شيبة.
وقابل علي(عليه السلام) الوليد.
فأما علي(عليه السلام) فلم يمهل خصمه فضربه على عاتقه فأخرج سيفه من إبطه، ثم أجهز عبيدة على عتبة فضربه على هامته وضرب عتبة عبيدة على ساقه فقطعها فسقطا جميعا، ثم حمل علي على عتبة فقتله، وحمل شيبة على حمزة فتضاربا بالسيفين حتى انثلما، فصاح المسلمون: يا علي أما ترى الكلب بهر عمك، فحمل علي(عليه السلام) على شيبة فقتله أيضا.
وفي ذلك تقول هند بنت عتبة:
أبي وعمي وشقيقي بكري*** بهم قصمت يا علي ظهري
ثم بدأت المعركة وارتفع بريق ذو الفقار.. إنه سيف علي(عليه السلام) فقتل في هذه الحرب مشاهير العرب وشجعان قريش منهم: العاص بن سعيد بن العاص، وحنظلة بن أبي سفيان، وطعيمة بن عدي، ونوفل بن خويلد وغيرهم... فكان(عليه السلام) قد تولى شطر المقتولين والمسلمون مع الملائكة تولوا الشطر الآخر.
وكان كل من قتل من المشركين يصيح قتلني علي بن أبي طالب فسئل النبی فقال: (يريهم الله الملائكة على صورة علي لأن ذلك أهيب لقلوبهم).
وروي أن هاتفا بين السماء والأرض قال: (لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي).
فانتصر المسلمون في اول حرب مع المشركين المتجبرين، وكان إقدام علي لا يخفى على أحد .

melika
14-11-2010, 01:58 AM
مُحاجَجة الإمام علي ( عليه السلام ) لأبي بَكرٍ بشأن فدك

[/URL]
جاءالامام علیه السلام[URL="http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862"] (http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/06/22521081701021914118219085181641851531910.jpg)إلى أبي بكر وهو في المسجد ، وحوله المهاجرون والأنصار ، فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكْر ، لِمَ منعتَ فاطمةَ حَقَّها وميراثها من رسول الله (ص) ؟ وقد مَلَكَتْه في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ) .
فقال أبو بكر : هذا فَيءٌ للمسلمين ، فإن أقامت شهوداً أنَّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) جَعلَهُ لَهَا ، وإلاَّ فلا حَقَّ لها فيه .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكْر ، أتحْكُم فينا بخلاف حُكْم الله تَعالى في المُسلمين ؟ ) .
قال : لا .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( فَإنْ كَانَ في يَد المُسلمين شيءٌ يَملكونَه ، ثم ادَّعيت أنا فيه ، مَنْ تسألُه البَيِّنَة ؟ ) .
قال : إياك كنت أسأل البيِّنة .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( فَمَا بالُ فاطمه سألتَها البيِّنة على ما في يديها ؟ وقد مَلَكتْه في حياة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وبعده ، ولمْ تسألِ المسلمين بَيِّنةً على ما ادَّعَوه ، كما سألتَني على ما ادَّعيت عليهم ؟ ) .
فسكت أبو بكر .
فقال عمر : يا علي ، دَعْنا من كلامِك ، فإنا لا نقوى على حُجَّتِك ، فإنْ أتَيْتَ بشهودٍ عدول ، وإلاَّ فهو فَيءٌ للمسلمين ، لا حقَّ لكَ ولا لِفاطِمَة فيه .
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكْر ، تقرأ كِتَابَ الله ؟ ) .
قال : نعم .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( أخبِرْني عن قول الله عزَّ وجلَّ : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) ـ الأحزاب : 33 ـ فِيمَن نَزَلتْ ؟ فِينَا أمْ في غَيرِنَا ؟ ) .
قال : بَلْ فيكم .
فقال الإمام ( عليه السلام ) : ( فَلَو أنَّ شُهوداً شَهدوا عَلى فَاطِمَة بنت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) بفاحِشَة ، ما كنت صانعاً بها ؟ ) .
قال : أقيم عليها الحدَّ ، كما أقيمُهُ على نساء المسلمين .
فقال له الإمام ( عليه السلام ) : ( يَا أبَا بَكر ، إذنْ كُنتَ عند اللهِ مِن الكَافرين ) .
قال أبو بكر : ولِمَ ؟
فقال الإمام ( عليه السلام ) : (لأنَّك ردَدْتَ شهادة الله بالطَّهارة ، وقبلْتَ شهادة النَّاس عليها ، كما رددت حُكمَ الله وحُكْم رسوله ، أنْ جعَلَ لها فدكاً وقد قبضته في حياته .
ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها ، وأخذت منها فدكاً ، وزعمت أنه فيء للمسلمين ، وقد قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : البينة على المُدَّعي ، واليَمين عَلى المدَّعى عليه ، فردَدْتَ قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : البينة على المُدَّعي ، واليَمين عَلى المدَّعى عليه ) .
فدَمْدَم الناس وأنكروا ، ونظرَ بعضهم إلى بعض ، وقالوا : صدق والله علي بن أبي طالب .

melika
14-11-2010, 01:59 AM
الإمام علي ( عليه السلام ) والخطّة الإصلاحية الشاملة

[/URL]
استلم الامام علیه السلام[URL="http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862"] (http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/06/341821832139821410821588302395114180119.jpg)الخلاف ة بعد مقتل عثمان بسبعة أيام ، ذلك في ( 25 ) ذي الحجة عام ( 35 هـ ) ، فوجد الأوضاع متردّية بشكل عام ، وعلى أثر ذلك وضع خطّة إصلاحية شاملة ، ركّز فيها على شؤون الإدارة ، والاقتصاد ، والحكم ، وفي السطور القادمة سنتناول شواهد على ذلك البرنامج الإصلاحي بشكل مختصر :

الأول : تطهير جهاز الدولة

أول عمل قام به الإمام ( عليه السلام ) فور توليته لمنصب رئاسة الدولة هو عَزل وُلاة عثمان الذين سَخّروا جهاز الحكم لمصالحهم الخاصة ، وأُثروا ثراءً فاحشاً مما اختلسوه من بيوت المال ، وعزل ( عليه السلام ) معاوية بن أبي سفيان أيضاً .
ويقول المؤرخون : إنه أشار عليه جماعة من المخلصين بإبقائه في منصبه ريثما تستقر الأوضاع السياسية ثم يعزله فأبى الإمام ( عليه السلام ) ، وأعلن أن ذلك من المداهنة في دينه ، وهو مما لا يُقرّه ضميره الحي ، الذي لا يسلك أي طريق يبعده عن الحق ولو أبقاه ساعة لكان ذلك تزكية له ، وإقرارا بعدالته ، وصلاحيته للحكم .

الثاني : تأميم الأموال المختلسة

أصدر الإمام ( عليه السلام ) قراره الحاسم بتأميم الأموال المختلسة التي نهبها الحكم المُباد . فبادرت السلطة التنفيذية بوضع اليد على القطائع التي أقطعها عثمان لذوي قُرباه ، والأموال التي استأثر بها عثمان ، وقد صودِرت أمواله حتى سيفه ودرعه ، وأضافها الإمام ( عليه السلام ) إلى بيت المال .
وقد فزع بنو أمية كأشد ما يكون الفزع ، فهم يرون الإمام ( عليه السلام ) هو الذي قام بالحركة الانقلابية التي أطاحت بحكومة عثمان ، وهم يطالبون الهاشميين برد سيف عثمان ودرعه وسائر ممتلكاته التي صادرتها حكومة الإمام ( عليه السلام ) .
وفزعت القبائل القرشية وأصابها الذهول ، فقد أيقنت أن الإمام سيصادر الأموال التي منحها لهم عثمان بغير حق .
فقد كتب عمرو بن العاص رسالة إلى معاوية جاء فيها : ما كنتُ صانعاً فاصنع إذا قشّرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها . لقد راح الحسد ينهش قلوب القرشيين ، والأحقاد تنخر ضمائرهم ، فاندفعوا إلى إعلان العصيان والتمرد على حكومة الإمام ( عليه السلام ) .

الثالث : اِلتياع الإمام ( عليه السلام )

وامتُحِن الإمام ( عليه السلام ) امتحاناً عسيراً من الأُسَر القرشية ، وعانى منها أشدّ ألوان المِحن والخُطوب في جميع أدوار حياته .
فيقول ( عليه السلام ) : ( لقد أخافَتني قُريش صغيراً ، وأنصبتني كبيراً ، حتى قبض الله رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، فكانت الطامّة الكبرى ، والله المُستعان على ما تَصِفون ) .
ولم يعرهم الإمام ( عليه السلام ) اهتماماً ، وانطلق يؤسس معالم سياسته العادلة ، ويحقق للأمة ما تصبوا إليه من العدالة الاجتماعية .وقد أجمع رأيه ( عليه السلام ) على أن يقابل قريش بالمِثل ، ويسدد لهم الضربات القاصمة إن خلعوا الطاعة ، وأظهروا البغي .
فيقول ( عليه السلام ) : ( مَالي وَلِقُريش ، لقد قتلتُهم كافرين ، ولأقتلنَّهم مَفتونين ، والله لأبقرنَّ الباطل حتى يظهر الحق من خَاصِرَتِه ، فَقُلْ لقريش فَلتضجّ ضَجيجَها ) .

الرابع : سياسة الإمام ( عليه السلام )

فيما يلي عرضاً موجزاً للسياسة الإصلاحية التي اتبعها الإمام ( عليه السلام ) لإدارة الدولة الإسلامية وهي كما يلي :
أولاً : السياسة المالية :
كانت السياسة المالية التي انتهجها الإمام ( عليه السلام ) امتداد لسياسة الرسول الاعظم الذي عنى بتطوير الحياة الاقتصادية ، وإنعاش الحياة العامة في جميع أنحاء البلاد ، بحيث لا يبقى فقير أو بائس أو محتاج .
وذلك بتوزيع ثروات الأمة توزيعاً عادلاً على الجميع .

ومن مظاهر هذه السياسة هي :
1 - المساواة في التوزيع والعطاء ، فليس لأحد على أحد فضل أو امتياز ، وإنما الجميع على حدٍّ سواء .فلا فضل للمهاجرين على الأنصار ، ولا لأسرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأزواجه على غيرهم ، ولا للعربي على غيره .وقد أثارت هذه العدالة في التوزيع غضب الرأسماليين من القرشيين وغيرهم ، فأعلنوا سخطهم على الإمام ( عليه السلام ) .
وقد خفت إليه جموع من أصحابه تطالبه بالعدول عن سياسته فأجابهم الإمام ( عليه السلام ) : ( لو كان المال لي لَسوّيتُ بينهم فكيف ، وإنما المال مال الله ، ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف ، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ، ويضعه في الآخرة ، ويُكرّمه في الناس ، ويهينه عند الله ) .
فكان الإمام ( عليه السلام ) يهدف في سياسته المالية إلى إيجاد مجتمع لا تطغى فيه الرأسمالية ، ولا تحدث فيه الأزمات الاقتصادية ، ولا يواجه المجتمع أي حِرمان أو ضيق في حياته المعاشية .
وقد أدت هذه السياسة المشرقة المستمدة من واقع الإسلام وهَدْيهِ إلى إجماع القوى الباغية على الإسلام أن تعمل جاهدة على إشاعة الفوضى والاضطراب في البلاد ، مستهدفة بذلك الإطاحة بحكومة الإمام ( عليه السلام ) .
2 - الإنفاق على تطوير الحياة الاقتصادية ، وإنشاء المشاريع الزراعية ، والعمل على زيادة الإنتاج الزراعي الذي كان من أصول الاقتصاد العام في تلك العصور .وقد أكد الإمام ( عليه السلام ) في عهده لمالك الأشتر على رعاية إصلاح الأرض قبل أخذ الخراج منها .
فيقول ( عليه السلام ) : ( وليكُن نظرك في عِمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأن ذلك لا يُدرك إلا بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلا قليلاً ) .لقد كان أهم ما يعني به الإمام ( عليه السلام ) لزوم الإنفاق على تطوير الاقتصاد العام ، حتى لا يبقى أي شبح للفقر والحرمان في البلاد .
3 - عدم الاستئثار بأي شيء من أموال الدولة ، فقد تحرج الإمام ( عليه السلام ) فيها كأشد ما يكون التحرّج .وقد أثبتت المصادر الإسلامية بوادر كثيرة من احتياط البالغ فيها ، فقد وفد عليه أخوه عقيل طالباً منه أن يمنحه الصلة ويُرَفّهُ عليه حياته المعاشية ، فأخبره الإمام ( عليه السلام ) أن ما في بيت المال للمسلمين ، وليس له أن يأخذ منه قليلاً ولا كثيراً ، وإذا منحه شيء فإنه يكون مختلساً .
وعلى أي حال فإن السياسة الاقتصادية التي تَبنّاها الإمام ( عليه السلام ) قد ثقلت على القوى المنحرفة عن الإسلام ، فانصرفوا عن الإمام وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، والتحقوا بالمعسكر الأموي الذي يضمن لهم الاستغلال ، والنهب ، وسلب قوت الشعب ، والتلاعب باقتصاد البلاد .

ثانياً : السياسة الداخلية

عنى الإمام ( عليه السلام ) بإزالة جميع أسباب التخلف والانحطاط ، وتحقيق حياة كريمة يجد فيها الإنسان جميع متطلبات حياته ، من الأمن والرخاء والاستقرار ، ونشير فيما يلي إلى بعض مظاهرها :

1 - المساواة وتجسّدت فيما يأتي
أ - المساواة في الحقوق والواجبات .
ب - المساواة في العطاء .
ج - المساواة أمام القانون .
وقد ألزم الإمام ( عليه السلام ) عُمّاله وَوُلاته بتطبيق المساواة بين الناس على اختلاف قوميّاتهم وأديانهم .
فيقول ( عليه السلام ) في بعض رسائله إلى عماله : ( واخفضْ للرعيّة جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وأَلِنْ لهم جنابك ، وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة ، والإشارة والتحية ، حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك ) .

2 - الحرية
أما الحرية عند الإمام ( عليه السلام ) فهي من الحقوق الذاتية لكل إنسان ، ويجب أن تتوفر للجميع ، شريطة أن لا تستغلّ في الاعتداء والإضرار بالناس ، وكان من أبرز معالمها هي الحُرّية السياسية .
ونعني بها أن تُتَاح للناس الحرية التامة في اعتناق أي مذهب سياسي دون أن تفرض عليهم السلطة رأيا معاكساً لما يذهبون إليه .
وقد منح الإمام ( عليه السلام ) هذه الحرية بأرحب مفاهيمها للناس ، وقد منحها لأعدائه وخصومه الذين تخلفوا عن بيعته .
فلم يجبرهم الإمام ( عليه السلام ) ، ولم يتخذ معهم أي إجراء حاسم كما اتخذه أبو بكر ضده حينما تَخلّف عن بيعته .
فكان الإمام ( عليه السلام ) يرى أن الناس أحرار ، ويجب على الدولة أن توفر لهم حريتهم ما دام لم يخلوا بالأمن ، ولم يعلنوا التمرد والخروج على الحكم القائم .
وقد منح ( عليه السلام ) الحرية للخوارج ، ولم يحرمهم عطاءهم مع العلم أنهم كانوا يشكلون أقوى حزب معارض لحكومته .
فلما سَعوا في الأرض فساداً ، وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس انبرى إلى قتالهم حفظاً على النظام العام ، وحفظاً على سلامة الشعب .

ثالثاً : الدعوة إلى وحدة الأمة
وجهد الإمام كأكثر ما يكون الجهد والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمة ونشر الأُلفة والمحبة بين أبنائها .
واعتبر ( عليه السلام ) الأُلفة الإسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمة .
فيقول ( عليه السلام ) : ( إنّ الله سبحانه قد امتَنّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنها أرجح من كل ثمن ، وأجلُّ من كل خطر ) .
فقد عنى الإمام ( عليه السلام ) بوحدة الأمة ، وتبنّي جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها ، وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته .فقد ترك ( عليه السلام ) حَقّه وسَالَم الخلفاء صِيانة للأمة من الفرقة والاختلاف .

رابعاً : تربية الأمة
لم يعهد عن أحد من الخلفاء أنه عنى بالناحية التربوية أو بشؤون التعليم كالإمام ( عليه السلام ) ، وإنما عنوا بالشؤون العسكرية ، وعمليات الحروب ، وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية ، وبسط نفوذها على أنحاء العالم .
وقد أولى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المزيد من اهتمامه بهذه الناحية ، فاتخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاظراته الدينية والتوجيهية .
وكان ( عليه السلام ) يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله ، وإظهار فلسفة التوحيد ، وبَثّ الآداب والأخلاق الإسلامية مستهدفا من ذلك نشر الوعي الديني ، وخلق جيل يؤمن بالله إيمانا عقائدياً لا تقليدياً .
فقد كان الإمام ( عليه السلام ) المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام ، وقد بذل جميع جهوده على إشاعة العلم ونشر الآداب والثقافة بين المسلمين ، وكان دوماً يذيع بين أصحابه قوله : ( سَلوني قَبلَ أن تفقدوني ، سَلوني عن طُرق السَّماء ، فإني أبصَرُ بها من طُرُق الأرض ) .

melika
14-11-2010, 02:03 AM
موقف الإمام علي ( عليه السلام ) في معركة النهروان

(http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/03/20338233581815711162156236143691991221599.jpg)
بعد الحکیم الذي جرى في حرب صفين عاد الامام علی علیه السلام (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862)بجيشه إلى الكوفة .

وفجأة خرجت مجموعة من الجيش تِعدَادها أربعة آلاف مقاتل ، امتنعت من دخول الكوفة ، وسلَكَت طريقاً إلى منطقة ( حروراء ) ، واستقرَّت بها وَام هذه الفئة المتمرِّدة كان من الفئات التي أجبرت الإمام علي ( عليه السلام ) على قبول التحكيم في صِفِّين .
وأعلنت هذه الفئة مبرِّرات خروجها تحت شعار : لا حُكمَ إلاَّ لله ، ونحن لا نرضى بأن تحكم الرجال في دين الله .
وقد كان قبول التحكيم منا خطيئة ، ونحن الآن تُبْنا ورجعنا عن ذلك ، وطالبوا الإمام ( عليه السلام ) بالرجوع ، وإلاَّ فنحن منك براء .
فأوضح لهم الإمام ( عليه السلام ) أنَّ الأخلاق الإسلامية تقتضي الوفاء بالعهد ، والذي هو : الهُدنة لمدة عام ، وهو ما أُبرِم بين المعسكرين .
وقال الإمام ( عليه السلام ) لهم : ( وَيْحَكُمْ ، بعد الرِّضا والعهْدِ والميثاقِ أرجَع ؟ ) .
استمرَّ الخوارج المارقون في غيِّهم ، وأشتدَّ خطرهم بانضمام أعداد جديدة لمعسكرهم ، وراحوا يُعلنون القول بشرك معسكر الإمام ( عليه السلام ) ، ورأوا استباحة دمائهم ، ولكن الإمام ( عليه السلام ) لم يتعرض لهم ، وأعطاهم الفرصة عَسى أن يعودوا إلى الرأي السديد .
غير أنَّهم بدأوا يشكِّلون خطراً حقيقياً على دولة الإمام ( عليه السلام ) من الداخل ، وبدأ خطرهم يتعاظم عندما قتلوا الصحابي الجليل عبد الله بن خباب ( رضوان الله عليه ) ، وبقروا بطن زوجته وهي حامل ، وقتلوا نساءً من قبيلة طي .
فأرسل إليهم الإمام ( عليه السلام ) الصحابي الحارث بن مُرَّة العبدي ، لكي يتعرَّف إلى حقيقة الموقف ، غَير أنَّهم قتلوه كذلك .
فلما عَلم الإمام ( عليه السلام ) بالأمر ، تقدَّم نحوهم بجيش من منطقة الأنبار ، وبذل مساعيه من أجل إصلاح الموقف دون إراقة الدماء ، فبعث إليهم أن يرسلوا إليه قتلة عبد الله بن الخباب ، والحارث العبدي ، وغيرهما ، وهو يكفُّ عنهم .
ولكنَّهم أجابوه أنهم كُلّهم قاموا بالقتل .
فأرسل الإمام ( عليه السلام ) إليهم الصحابي قيس بن سعد ، فوعظهم وحذَّرهم ، وطالبهم بالرجوع عن جواز سفك دماء المسلمين وتكفيرهم دون مُبرِّرٍ مقنع .
وتابع الإمام ( عليه السلام ) موقفه الإنساني ، فأرسل إليهم أبا أيوب الأنصاري ، فوعظهم ورفع راية ونادى : مَنْ جاء تحت هذه الراية - مِمَّن لم يقتل - فهو آمن ، ومن انصرَفَ إلى الكوفة أو المدائن فهو آمن لا حاجة لنا به ، بعد أن نُصيبَ قَتَلَة إخواننا .
وقد نجَحَت المحاولة الأخيرة نجاحاً جزئياً ، حيث تفرَّق منهم أعداد كبيرة ، ولم يبقَ إلا أربعة آلاف معاند ، فقاموا بالهجوم على جيش الإمام ( عليه السلام ) ، فأمر الإمام ( عليه السلام ) أصحابه بالكَفِّ عنهم حتى يبدءوا بالقتال .
فلما بدءوا بقتال جيش الإمام ( عليه السلام ) شَدَّ عليهم الإمام علي ( عليه السلام ) بسيفه ذي الفقار ، ثم شَدَّ أصحابُه فأفنوهم عن آخرهم ، إلاَّ تسعة نفر فرُّوا ، وتحقَّق الظفر لراية الحق ، وكان ذلك في التاسع من صفر سنة ( 38 هـ ) .
هذه قصة معركة النَّهْرَوَان التي سُحق فيها الخوارج ، الذين سبق لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن سَمَّاهم بـ( المارقين ) ، في حديثٍ رَواهُ أبو سعيد الخدري حيث قال : سمعت رسول الله (ص)يقول : ( إنَّ قَوماً يخرُجُون ، يَمرُقون مِن الدِّينِ مروق السَّهم مِن الرمية ) .

melika
14-11-2010, 02:03 AM
موقف الإمام علي ( عليه السلام ) في معركة النهروان

(http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/03/20338233581815711162156236143691991221599.jpg)
بعد الحکیم الذي جرى في حرب صفين عاد الامام علی علیه السلام (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862)بجيشه إلى الكوفة .

وفجأة خرجت مجموعة من الجيش تِعدَادها أربعة آلاف مقاتل ، امتنعت من دخول الكوفة ، وسلَكَت طريقاً إلى منطقة ( حروراء ) ، واستقرَّت بها وَام هذه الفئة المتمرِّدة كان من الفئات التي أجبرت الإمام علي ( عليه السلام ) على قبول التحكيم في صِفِّين .
وأعلنت هذه الفئة مبرِّرات خروجها تحت شعار : لا حُكمَ إلاَّ لله ، ونحن لا نرضى بأن تحكم الرجال في دين الله .
وقد كان قبول التحكيم منا خطيئة ، ونحن الآن تُبْنا ورجعنا عن ذلك ، وطالبوا الإمام ( عليه السلام ) بالرجوع ، وإلاَّ فنحن منك براء .
فأوضح لهم الإمام ( عليه السلام ) أنَّ الأخلاق الإسلامية تقتضي الوفاء بالعهد ، والذي هو : الهُدنة لمدة عام ، وهو ما أُبرِم بين المعسكرين .
وقال الإمام ( عليه السلام ) لهم : ( وَيْحَكُمْ ، بعد الرِّضا والعهْدِ والميثاقِ أرجَع ؟ ) .
استمرَّ الخوارج المارقون في غيِّهم ، وأشتدَّ خطرهم بانضمام أعداد جديدة لمعسكرهم ، وراحوا يُعلنون القول بشرك معسكر الإمام ( عليه السلام ) ، ورأوا استباحة دمائهم ، ولكن الإمام ( عليه السلام ) لم يتعرض لهم ، وأعطاهم الفرصة عَسى أن يعودوا إلى الرأي السديد .
غير أنَّهم بدأوا يشكِّلون خطراً حقيقياً على دولة الإمام ( عليه السلام ) من الداخل ، وبدأ خطرهم يتعاظم عندما قتلوا الصحابي الجليل عبد الله بن خباب ( رضوان الله عليه ) ، وبقروا بطن زوجته وهي حامل ، وقتلوا نساءً من قبيلة طي .
فأرسل إليهم الإمام ( عليه السلام ) الصحابي الحارث بن مُرَّة العبدي ، لكي يتعرَّف إلى حقيقة الموقف ، غَير أنَّهم قتلوه كذلك .
فلما عَلم الإمام ( عليه السلام ) بالأمر ، تقدَّم نحوهم بجيش من منطقة الأنبار ، وبذل مساعيه من أجل إصلاح الموقف دون إراقة الدماء ، فبعث إليهم أن يرسلوا إليه قتلة عبد الله بن الخباب ، والحارث العبدي ، وغيرهما ، وهو يكفُّ عنهم .
ولكنَّهم أجابوه أنهم كُلّهم قاموا بالقتل .
فأرسل الإمام ( عليه السلام ) إليهم الصحابي قيس بن سعد ، فوعظهم وحذَّرهم ، وطالبهم بالرجوع عن جواز سفك دماء المسلمين وتكفيرهم دون مُبرِّرٍ مقنع .
وتابع الإمام ( عليه السلام ) موقفه الإنساني ، فأرسل إليهم أبا أيوب الأنصاري ، فوعظهم ورفع راية ونادى : مَنْ جاء تحت هذه الراية - مِمَّن لم يقتل - فهو آمن ، ومن انصرَفَ إلى الكوفة أو المدائن فهو آمن لا حاجة لنا به ، بعد أن نُصيبَ قَتَلَة إخواننا .
وقد نجَحَت المحاولة الأخيرة نجاحاً جزئياً ، حيث تفرَّق منهم أعداد كبيرة ، ولم يبقَ إلا أربعة آلاف معاند ، فقاموا بالهجوم على جيش الإمام ( عليه السلام ) ، فأمر الإمام ( عليه السلام ) أصحابه بالكَفِّ عنهم حتى يبدءوا بالقتال .
فلما بدءوا بقتال جيش الإمام ( عليه السلام ) شَدَّ عليهم الإمام علي ( عليه السلام ) بسيفه ذي الفقار ، ثم شَدَّ أصحابُه فأفنوهم عن آخرهم ، إلاَّ تسعة نفر فرُّوا ، وتحقَّق الظفر لراية الحق ، وكان ذلك في التاسع من صفر سنة ( 38 هـ ) .
هذه قصة معركة النَّهْرَوَان التي سُحق فيها الخوارج ، الذين سبق لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أن سَمَّاهم بـ( المارقين ) ، في حديثٍ رَواهُ أبو سعيد الخدري حيث قال : سمعت رسول الله (ص)يقول : ( إنَّ قَوماً يخرُجُون ، يَمرُقون مِن الدِّينِ مروق السَّهم مِن الرمية ) .

melika
14-11-2010, 02:05 AM
[/URL]


موقف الإمام علي ( عليه السلام ) في فتح خيبر


لم يكن بين الرسول (ص) وبين يهود خيبرٍ عهد ، بخلاف بني قنيقاع والنضير وقريضة ، فقد كان بينه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وبينهم عهد ، ومعنى ذلك أنّ النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) توجَّه إليهم ليدعوهم إلى الإسلام ، أو قبول الجزية ، أو الحرب ، فلمَّا لم يسلموا ولم يقبلوا الجزية حاربهم .
وكان يهود خَيْبَر مضاهرين ليهود غطفان على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وكان هذا سبب خروج النبيّ ( صلى الله عليه وآله ) إليهم .
فقد ذكر ابن الأثير وغيره : أن يهود خَيْبَر كانوا مضاهرين ليهود غطفان على رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وإنَّ غطفان قصدت خَيْبَر ليضاهروا اليهود فيها ، ثمّ خافوا المسلمين على أهليهم وأموالهم فرجعوا .
وكان المسلمون في هذه الغزوة ألفاً وأربعمائة ، ومعهم مِائتي فرس ، فلمّا نزلوا بساحتهم لم يتحرّكوا تلك الليلة حتّى طلعت الشمس ، وأصبح اليهود ، وفتحوا حصونهم ، وغدوا إلى أعمالهم .
فلما نظروا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قالوا : محمد والخميس ـ أي : الجيش ـ وولّوا هاربين إلى حصونهم ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( الله أكبر ، خربت خيبر ، إنا إذا نزلنا بساحةِ قومٍ فساء صباح المنذرين ) .
فحاصرهم بضع عشرة ليلة ، وكان أوّل حصونهم قد افتتح هو حصن ناعم ، ثمّ القموص ، ثمّ حصن الصعب بن معاذ ، ثمّ الوطيح والسلالم ، وكان آخر الحصون فتحاً حِصْن خَيْبَر .
وفي خيبر بعث رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أبا بكر برايته ، وكانت بيضاء ، وعقد له ، فرجع ولم يَكُ فتح وقد جهد .
ثمّ بعث في الغد عمر بن الخطّاب برايته ، وعقد له أيضاً ، ومعه الناس ، فلم يلبثوا أن هزموا عمر وأصحابه ، فجاءوا يجبِّنُونَه ويجبِّنُهم كسابقه .
وخرجت كتائب اليهود يتقدّمهم ياسر ـ أو ناشر أخ مرحب ـ فكشفت الأنصار حتّى انتهوا إلى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، فاشتدَّ ذلك على رسول الله ، وقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( لأبعَثَنَّ غداً رَجُلاً يُحبُّ اللهَ ورسولَه ، ويحبَّانه ، لا يولي الدبر ، يفتحُ الله على يَدَيه ) .
فتطاولت الأعناق لترى لمن يعطي الراية غداً ، ورجا كلّ واحد من قريش أن يكون صاحب الراية غداً ، فلمّا أصبحوا دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) الامام علی علیه السلام[URL="http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=43862"] (http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/03/1815718714252892446177127131144216216268.jpg)، فقيل له : إنّه يشتكي عينيه ـ أي فيه رمد ـ .
فلما جاء الإمام علي ( عليه السلام ) أخذ ( صلى الله عليه وآله ) من ماء فمه ، ودَلَّك عينيه فَبَرئَتَا ، حتّى كأنْ لم يكن بهما وجع ، ثمّ قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( اللَّهُمَّ اكفِهِ الحَرَّ والبَرْد ) ، فما اشتكى من عينيه ، ولا من الحَرِّ والبرد بعد ذلك أبداً .
فعَقَد ( صلى الله عليه وآله ) للإمام ( عليه السلام ) ، ودفع الراية إليه ، وقال له : ( قَاتِل ولا تَلتَفتْ حتّى يَفتح اللهُ عليك ) ، فقال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( يَا رَسولَ الله ، عَلامَ أقاتِلُهُم ) ؟
فقال ( صلى الله عليه وآله ) : ( عَلى أن يَشهدوا أنْ لا إلَهَ إلاَّ الله ، وأنِّي رسول الله ، فإذا فعلوا ذلك حَقَنوا منِّي دماءهم وأموالهم إلاّ بحقِّها ، وحِسابُهُم عَلى اللهِ عزَّ وَجلَّ ) .
فقال سلمه : فخرجَ والله يُهروِل وأنا خلفه ، نتَّبع أثره ، حتّى ركز رايته تحت الحصن ، فخرج إليه أهل الحصن ، وكان أوّل من خرج إليه منهم الحارث ـ أخ مرحب ـ وكان فارساً ، شجاعاً ، فانكشف المسلمون ، وثَبَتَ الإمام علي ( عليه السلام ) ، فتضاربا ، فقتله الإمام علي ( عليه السلام ) ، وانهزم اليهود إلى الحصن .
فلمّا علم مرحب أخاه قد قتل نزل مسرعاً ، وقد لبس درعين ، وتقلَّد بسيفين ، واعتمَّ بعمامتين ولبس فوقهما مغفراً وحَجَراً قد أثقبه قدر البيضة لعينيه ، ومعه رمح لسانه ثلاثة أشبار ، وهو يرتجز ويقول :
قَدْ علِمَت خَيْبَرُ أنِّي مَرْحَبُ ** شَاكي السِّلاح بَطلٌ مُجرَّبُ
أطعنُ أحياناً وحِيناً أضرِبُ ** إذا اللُّيوث أقبلَتْ تَلتَهِبُ
فردّ علي ( عليه السلام ) عليه ، وقال :
أنَا الذي سَمَّتْني أُمِّي حَيْدَرة ** أكِيلُكُم بالسَيف كَيل السَّـندَرَة
لَيثٌ بِغابَاتٍ شَديد قَسْوَرَة
وحيدرة : اسم من أسماء الأسد .
فاختلفا ضربتين ، فبدره الإمام علي ( عليه السلام ) فضربه ، فقدَّ الحَجَرَ والمغفر ورأسه ، حتّى وقع السيف في أضراسه فقتله ، فكبَّر الإمام علي ( عليه السلام ) ، وكبَّر معه المسلمون ، فانهزَم اليهود إلى داخل الحصن ، وأغلقوا بابَ الحِصْن عَليهم .
وكان الحِصْنُ مُخَندقاً حوله ، فتمكَّن الإمام علي ( عليه السلام ) من الوصول إلى باب الحصن فعالجه وقلعه ، وأخذ باب الحصن الكبيرة العظيمة ، التي طولها ثمانون شبراً ، أي : أربعون ذراعاً ، فجعلها جِسراً فَعبر المسلمون الخندق ، وظفروا بالحصن ، ونالوا الغنائم ؟
ولمّا انصرَفَ المسلمون من الحصن أخذ الإمام علي ( عليه السلام ) الباب بيمناه ، فَدَحى بِهَا أذرعاً من الأرض ، وكان الباب يعجزُ عن فَتحِه أو غَلقِه اثنان وعشرون رجلاً منهم .
وقد قال الشاعر في ذلك :

يَا قَالِع البَابَ التي عَن فَتحِهِ ** عَجزَتْ أكفٌّ أربَعُون وأربَعُ


وكان هذا الفتح والنصر للمسلمين في السابع من شهر رمضان عام 7 هـ .

melika
14-11-2010, 02:08 AM
موقف الإمام علي ( عليه السلام ) في غزوة الخندق

[/URL]
لما نقضت بنو قريظة صلحها مع الرسول (ص)[URL="http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216"] (http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/03/96224591337204195419237137168128248120254.jpg)، وانضمَّت إلى صفوف المشركين ، تغيَّر ميزان القوى لصالح أعداء الإسلام .
فقاموا بتطويق المدينة بعشرة آلاف مقاتل ، ممَّا أدَّى إلى انتشار الرُعب بين صفوف المسلمين ، وتزَلْزَلَتْ نفوسهم ، وظَنّوا بالله الظنونا .
فبدأ العدو هجومه على المسلمين بعبور الخندق - الذي حفره الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وأصحابه حول المدينة - بقيادة أحد أبطال الشرك والكفر ، وهو عمرو بن عبد ودٍّ العامري ، فازداد الخطر على المسلمين ، لأن العدو بدأ بتهديدهم من داخل حصونهم .
فراح ابن عبد ودٍّ يصول ويجول ، ويتوعَّد ويتفاخر ببطولته ، وينادي : هل من مبارز ؟
فقام الامام علیه السلام وقال : ( أنَا لَهُ يا رَسولَ الله ) .
فأذن ( صلى الله عليه وآله ) له ، وأعطاه سيفه ذا الفقار ، وألبسه دِرعه ، وعمَّمه بعمامَتِه .
ثم قال ( صلى الله عليه وآله ) : ( اللَّهُمَّ هذا أخي ، وابن عمي ، فلا تَذَرْني فرداً ، وأنت خير الوارثين ) .
ومضى الإمام علي ( عليه السلام ) إلى الميدان ، وخاطب ابن عبد ودٍّ بقوله : ( يا عمرو ، إنَّك كنت عاهدْتَ الله أن لا يدعوك رجل من قريش إلى إحدى خلتين إلا قبلتها ) .
قال عمرو : أجل .
فقال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( فإني أدعوك إلى الله ، وإلى رسوله ، وإلى الإسلام ) .
فقال : لا حاجة لي بذلك .
فقال الإمام علي ( عليه السلام ) : ( فإنِّي أدعوكَ إلى البراز ) .
فقال عمرو : إنِّي أكره أن أُهريقَ دمك ، وإنَّ أباكَ كان صديقاً لي .
فردَّ الإمام علي ( عليه السلام ) عليه قائلاً : ( لكنِّي والله أحِبّ أنْ أقتلَكَ ) .
فغضب عمرو ، وبدأ الهجوم على الإمام علي ( عليه السلام ) ، فصدَّه برباطة جأش ، وأرداه قتيلاً ، فعلا التكبير والتهليل في صفوف المسلمين ، وكان ذلك في الثالث من شوال سنة ( 5 هـ ) .
ولمَّا عاد الإمام ( عليه السلام ) ظافراً ، استقبله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو يقول : ( لَمُبَارَزَة عَلي بن أبي طالب لِعَمرو بن عبد ودٍّ أفضلُ من عَمل أمَّتي إلى يوم القيامة ) .
فلولا الموقف البطولي للإمام ( عليه السلام ) ، لاقتحم جيش المشركين المدينة على المسلمين بذلك العدد الهائل .
وهكذا كانت بطولة الإمام علي ( عليه السلام ) في غزوة الخندق ( الأحزاب ) ، فكانت أهمّ عناصر النصر لمعسكر الإيمان على معسكر الكفر والضلال

melika
14-11-2010, 02:10 AM
كرامات الإمام علي ( عليه السلام )

(http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/03/22215122511713518015123821361163251981621972.jpg)

الكرامة الأولى :
عن الأصبغ بن نباتة ، قال : كنتُ جالساً عند أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وهو يقضي بين الناس ، إذ أقبل جماعة ومعهم أسود مشدود الأكتاف ، فقالوا : هذا سارق يا أمير المؤمنين .
فقال ( عليه السلام ) : ( يَا أسْوَد : سَرَقْتَ ؟ ) .
قال : نعم يا مولاي .
قال ( عليه السلام ) : ( وَيْلك ، اُنْظر مَاذَا تَقولُ ، أسَرَقْتَ ؟ ) .
قال : نعم .
فقال له ( عليه السلام ) : ( ثَكَلَتْكَ أمُّكَ ، إنْ قُلتَهَا ثَانِيَةً قُطِعَتْ يَدَك ، سَرَقْتَ ؟ ) .
قال : نعم .
فعند ذلك قال ( عليه السلام ) : ( اقطَعُوا يَدَهُ ، فَقَد وَجَبَ عَليهِ القَطْعُ ) .
فقطع يمينه ، فأخذها بشماله وهي تقطر ، فاستقبله رجل يُقَال له ابن الكواء ، فقال له : يا أسود ، من قطع يمينك .
فقال له : قطع يميني سيد المؤمنين ، وقائد الغرِّ المحجَّلين ، وأولى الناس باليقين ، سيد الوصيين أمير المؤمنين على بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، إمام الهدى ، و زوج فاطمه الزهرا (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=28356)ابنة محمد المصطفی، أبوالحسن المجتبی (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=74415)، وأبو الحسین المرتضی.
السابقُ إلى جنَّات النعيم ، مُصادم الأبطال ، المنتقم من الجهَّال ، زكي الزكاة ، منيع الصيانة ، من هاشم القمقام ، ابن عم رسول الأنام ، الهادي إلى الرشاد ، الناطق بالسداد .
شُجاع كمي ، جحجاح وفي ، فهو أنور بطين ، أنزع أمين ، من حم ويس وطه والميامين ، مُحلّ الحرمين ، ومصلِّي القبلتين .
خاتم الأوصياء لصفوة الأنبياء ، القسْوَرة الهُمَام ، والبطل الضرغام ، المؤيد بجبرائيل ، والمنصور بميكائيل المبين ، فرض رب العالمين ، المطفئ نيران الموقدين ، وخير من مَشى من قريش أجمعين ، المحفوف بِجُند من السَّماء ، أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ، على رغم أنف الراغمين ، ومولى الخلق أجمعين .
فعند ذلك قال له ابن الكواء : ويلك يا أسود ، قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كله .
قال : وما لي لا أثني عليه وقد خالط حُبّه لحمي ودمي ، والله ما قطع يميني إلا بحقٍّ أوجبه الله تعالى عليَّ .
قال ابن الكواء : فدخلت إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) وقلت له : يا سيدي رأيتُ عجباً .
فقال ( عليه السلام ) : ( وَمَا رَأيْتَ ) .
قال : صادَفْتُ الأسود وقد قُطِعت يمينه ، وقد أخذَها بشماله ، وهي تقطر دماً ، فقلت : يا أسود ، من قطع يمينك .
فقال : سيدي أمير المؤمنين ( عليه السلام ، ) فأعدت عليه القول ، وقلت له : ويحك قطع يمينك وأنت تثني عليه هذا الثناء كله .
فقال : ما لي لا أثني عليه وقد خالط حبه لحمي ودمي ، والله ما قطعها إلا بحق أوجبه الله تعالى .
فالتفت أمير المؤمنين ( عليه السلام ) إلى ولده الحسن وقال له ، قم وهات عمَّك الأسود .
فخرج الحسن ( عليه السلام ) في طلبه ، فوجده في موضع يُقال له : كندة ، فأتى به إلى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) .
فقال ( عليه السلام ) : ( يَا أسْود قطعت يَمينكَ وأنتَ تُثني عَلَيَّ ) .
فقال يا مولاي يا أمير المؤمنين : ومالي أثني عليك وقد خالط حبك لحمي ودمي ، فو الله ما قطعتَها إلا بحقٍّ كان عليّ مما ينجي من عذاب الآخرة .
فقال ( عليه السلام ) : ( هَات يَدَكَ ) .
فناوله إياها ، فأخذها ( عليه السلام ) ووضعها في الموضع الذي قُطِعت منه ، ثم غطاها بردائه وقام ، فصلّى ( عليه السلام ) ودعا بدعوات لم تردَّد ، وسمعناه يقول في آخر دعائه : ( آمين ) .
ثم شال الرداء وقال ( عليه السلام ) : ( اتصلي أيَّتها العروق كما كنت ) .
فقام الأسود وهو يقول : آمنتُ بالله ، وبمحمد رسوله ، وبعليٍّ الذي رَدَّ اليد بعد القطع ، وتخليتها من الزند .
ثم انكبَّ على قدمَيه وقال : بأبي أنت وأمي يا وارث علم النبوة .

melika
14-11-2010, 02:14 AM
كتاب الإمام علي إلى ابنه الحسن ( عليهما السلام )


لمّا انصرف الامام علیه السلام من صفّين كتب إلى ابنه الحسن علیه السلام كتاباً ، نذكر مقتطفات منه :
كتب ( عليه السلام ) : ( بسم الله الرحمن الرحيم ، من الوالد الفاني ، المقر للزمان ، المدبر العمر ، المستسلم للدهر ، الذام للدنيا ، الساكن مساكن الموتى ، الظاعن عنها غداً ، إلى الولد المؤمّل ، ما لا يدرك السالك سبيل من قد هلك ، غرض الأسقام ، ورهينة الأيّام ، ورمية المصائب ، وعبد الدنيا ، وتاجر الغرور ، وغريم المنايا ، وأسير الموت ، وحليف الهموم ، وقرين الأحزان ، ورصيد الآفات ، وصريع الشهوات ، وخليفة الأموات .
أمّا بعد ، فإنّ فيما تبينت من ادبار الدنيا عنّي ، وجموح الدهر عليّ ، وإقبال الآخرة إليّ ، ما يزعني عن ذكر من سواي ، والاهتمام بما ورائي ، غير أنّي حيث تفرّد بي دون هم الناس هم نفسي ، فصدفني رأيي وصرفني عن هواي ، وصرح لي محض أمري ، فأفضى بي إلى جد لا يرى معه لعب ، وصدق لا يشوبه كذب ، وجدتك بعضي بل وجدتك كلّي ، حتّى كان شيئاً لو أصابك أصابني ، وحتّى كان الموت لو أتاك أتاني ، فعناني من أمرك ما يعنيني عن أمر نفسي ، فكتبت إليك كتابي ، هذا مستظهراً به إن أنا بقيت لك أو فنيت .
فأوصيك بتقوى الله يا بني ، ولزوم أمره ، وعمارة قلبك بذكره ، والاعتصام بحبله ، وأي سبب أوثق من سبب بينك وبين الله جل جلاله إن أخذت به ، فأحي قلبك بالموعظة ، وأمته بالزهد ، وقوّه باليقين ، ونوّره بالحكمة ، وذلّله بذكر الموت ، وقرّره بالفناء ، وأسكنه بالخشية ، وأشعره بالصبر ، وبصّره فجائع الدنيا ، وحذّره صولة الدهر ، وفحش تقلّبه ، وتقلّب الليالي والأيّام .
وأعرض عليه أخبار الماضين ، وذكّره بما أصاب من كان قبلك من الأوّلين ، وسر في ديارهم ، واعتبر آثارهم ، وأنظر ما فعلوا وأين حلّوا ونزلوا ، وعمّن انتقلوا ، فإنّك تجدهم قد انتقلوا عن الأحبّة ، وحلّوا دار الغربة ، وكأنّك عن قليل قد صرت كأحدهم ، فأصلح مثواك ، ولا تبع آخرتك بدنياك ، ودع القول فيما لا تعرف ، والنظر فيما لا تكلف ، وأمسك عن طريق إذا خفت ضلالته ، فإنّ الكف عند حيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال ، وأمر بالمعروف تكن من أهله ، وأنكر المنكر بلسانك ويدك ، وباين من فعله بجهدك ، وجاهد في الله حق جهاده ، ولا تأخذك في الله لومة لائم .
وخض الغمرات إلى الحق حيث كان ، وتفقّه في الدين ، وعوّد نفسك التصبّر على المكروه ، فنعم الخلق الصبر ، والجأ نفسك في الأمور كلّها إلى إلهك ، فإنّك تلجئها إلى كهف حريز ، ومانع عزيز ، وأخلص في المسألة لربّك ، فإنّ بيده العطاء والحرمان ، وأكثر الاستخارة ، وتفهّم وصيتي ، ولا تذهبن عنك صفحاً ، فإنّ خير القول ما نفع ، واعلم أنّه لا خير في علم لا ينفع ، ولا ينفع ، ولا ينتفع بعلم لا يحق تعلمه .
يا بُني إنّي لمّا رأيتني قَد بَلغت سِناً ، ورأيتني أزداد وهناً ، أردت بوصيتي إيّاك خصالاً منهن : إنّي خفت أن يعجل بي أجلي قبل أن أفضي إليك بما في نفسي ، وأن انقص في رأيي كما نقصت في جسمي ، أو يسبقني إليك بعض غلبات الهوى ، وفتن الدنيا ، فتكون كالصعب النفور ، فإنّ قلب الحدث كالأرض الخالية ، ما القي فيها من شيء قبلته ، فبادرتك بالأدب قبل أن يقسو قلبك ، ويشتغل لبّك لتستقبل بجد رأيك ما قد كفاك أهل التجارب بغيبة وتجربة ، فتكون قد كفيت مؤونة الطلب ، وعوفيت من علاج التجربة ، فأتاك من ذلك ما قد كنا نأتيه ، واستبان لك ما أظلم علينا فيه ... .
واعلم أنّ أمامك طريقاً ذا مشقّة ، بعيداً ، وهولاً شديداً ، وأنّك لا غنى بك عن حسن الارتياد ، وقدر بلاغك من الزاد مع خفّة الظهر ، فلا تحملن على ظهرك فوق طاقتك ، فيكون ثقله وبالاً عليك ، وإذا وجدت من أهل الحاجة من يحمل لك ذلك فيوافيك به حيث تحتاج إليه تغتنمه ، واغتنم ما أقرضت من استقرضك في حال غناك ، وجعل قضاءه لك في يوم عسرتك ، وحمله إيّاه ، وأكثر من تزويده وأنت قادر عليه ، فلعلّك تطلبه فلا تجده ، واعلم أنّ أمامك عقبة كؤوداً لا محالة أن مهبطها بك على جنّة أو نار ، فارتد لنفسك قبل نزولك ... .
واعلم يا بني أنّك خلقت للآخرة لا إلى الدنيا ، وللفناء لا للبقاء ، وأنّك لفي منزل قلعة ، ودار بلغة ، وطريق من الآخرة ، وأنّك طريد الموت الذي لا ينجو منه هاربه ، ولا يفوته طالبه ، وإيّاك أن توجف بك مطايا الطمع فتوردك مناهل الهلكة ، وإن استطعت ألا تكون بينك وبين الله تعالى ذو نعمة فافعل ... .
يا بني فإن تزهد زهدتك فيه وتعزف نفسك عنها فهي أهل ذلك ، وإن كنت غير قابل نصيحتي إيّاك فيها ، فاعلم يقيناً أنّك لن تبلغ أملك ولا تعدو أجلك ، فإنّك في سبيل من كان قبلك ، فخفض في الطلب ، وأجمل في المكتسب ، فإنّه رب طلب قد جر إلى حرب ، وليس كل طالب بناج ، وكل مجمل بمحتاج ، وأكرم
نفسك عن دنية ، وإن ساقتك إلى الرغائب ، فإنّك لن تعتاض بما تبذل شيئاً من دينك ، وعرضك بثمن وإن جل ، ومن خير حظ امرأ قرين صالح ، فقارن أهل الخير تكن منهم ، وباين أهل الشر تبن عنهم .
لا يغلبن عليك سوء الظن فإنّه لا يدع بينك وبين صديق صفحاً ، بئس الطعام الحرام ، وظلم الضعيف أفحش الظلم ، والفاحشة كاسمها ، والتصبّر على المكروه يعصم القلب ، وإذا كان الرفق خرفاً كان الخرق رفقاً ، وربما كان الداء ودواء ، وربما نصح غير الناصح ، وغش المستنصح ، وإيّاك والاتكال على المنى ، فإنّها بضائع النوكى ، ومطل عن الآخرة والدنيا ، زك قلبك بالأدب كما يزكي النار بالحطب ، ولا تكن كحاطب الليل وغثاء السيل ... .
واعلم يا بني أنّ الدهر ذو صروف ، فلا تكن ممّن يشتد لائمته ، ويقل عند الناس عذره ، ما أقبح الخضوع عند الحاجة ، والجفاء عند الغنى ، إنّما لك من دنياك ما أصلحت به مثواك ، فأنفق في حق ولا تكن خازناً لغيرك ، وإن كنت جازعاً على ما تفلت من بين يديك ، فاجزع على كل ما لم يصل إليك ، واستدلل على ما لم يكن بما كان ، فإنّما الأمور أشباه ، ولا تكفر ذا نعمة ، فإنّ كفر النعمة من ألام الكفر ، واقبل العذر ولا تكونن ممّن لا ينتفع من الغطة ، إلاّ بما لزمه إزالته ، فإنّ العاقل يتّعظ بالأدب ، والبهائم لا يتّعظ إلاّ بالضرب .
اعرف الحق لمن عرفه لك ، رفيعاً كان أو ضيعاً ، واطرح عنك واردات الهموم بعزائم الصبر وحسن اليقين ، من ترك القصد جار ، ونعم حظ المرء القنوع ، ومن شر ما صحب المرء الحسد ، وفي القنوط التفريط ، والشح يجلب الملامة ، والصاحب مناسب ، والصديق من صدق غيبة ، والهوى شريك العمى ، ومن التوفيق الوقوف عند الحيرة ، ونعم طارد الهموم اليقين ، وعاقبة الكذب الندم ، وفي الصدق السلامة ، ورب بعيد أقرب من قريب ، والغريب من لم يكن له حبيب ، لا يعدمك من شفيق سوء الظن ، ومن حم ظمئ ، ومن تعدّى الحق ضاق مذهبه ، ومن اقتصر على قدره كان أبقى له ، نعم الخلق التكرّم ، وألام اللؤم البغي عند القدرة ، والحياء سبب إلى كان جميل ، وأوثق العرى التقوى ، وأوثق سبب أخذت به سبب بينك وبين الله .
سرّك من أعتبك ، والأفراط في الملامة يشب نيران اللجاجة ، كم من دنف قد نجا ، وصحيح قد هوى ، وقد يكون اليأس إدراكاً إذا كان الطمع هلاكاً ، وليس كل عورة تظهر ، ولا كل فريضة تصاب ، وربما أخطأ البصير قصده ، وأصاب الأعمى رشده ، وليس كل من طلب وجد ، ولا كل من توفّى نجا ، أخّر الشر فإنّك إذا شئت تعجلته ، وأحسن إن أحببت أن يحسن إليك ، واحتمل أخاك على ما فيه ، ولا تكثر العتاب فإنّه يورث الضغينة ، واستعتب من رجوت عتباه ، وقطيعة الجاهل تعدل صلة العاقل ، ومن الكرم منع الحزم ، ومن كابر الزمان عطب ، ومن ينتقم عليه غضب ، ما أقرب النقمة من أهل البغي ، وأخلق بمن غدر أن لا يوفى له ، زلة المتوفي أشد زلة ، وعلّة الكذب أقبح علّة ، والفساد يبير الكثير ، والاقتصاد ينمى اليسير ، والقلّة ذلّة .
وبر الوالدين من أكرم الطباع ، والمخافة شر يخاف ، والزلل مع العجل ، ولا خير في لذّة تعقب ندماً ، العاقل من وعّظته التجارب ، ورسولك ترجمان عقلك ، والهدى يجلو العمى ، وليس مع الخلاف ائتلاف ، من خيّر خواناً فقد خان ، لن يهلك من اقتصد ، ولن يفتقر من زهد ، ينبئ عن امرء دخيله ، رب باحث عن حتفه ، لا يشوبن بثقة رجاء ، وما كل ما يخشى يضر ، ولرب هزل قد عاد جدّاً ، من أمن الزمان خانه ، ومن تعظّم عليه أهانه ، ومن ترغّم عليه أرغمه ، ومن لجأ إليه أسلمه ، وليس كل من رمى أصاب ،

melika
14-11-2010, 02:14 AM
وإذا تغيّر السلطان تغيّر الزمان ، خير أهلك من كفاك ، المزاح تورث الضغائن ، أعذر من اجتهد ، وربما أكدى الحريص .
رأس الدين صحّة اليقين ، تمام الإخلاص تجنّب المعاصي ، خير المقال ما صدقه الفعال ، السلامة مع الاستقامة ، والدعاء مفتاح الرحمة ، سل عن الرفيق قبل الطريق ، وعن الجار قبل الدار ، وكن عن الدنيا على قلعة ، احمل من أدل عليك ، واقبل عذر من اعتذر إليك ، وخذا العفو من الناس ، ولا تبلغ من أحد مكروهاً ، وأطع أخاك وإن عصاك ، وصله وإن جفاك ، وعوّد نفسك السماح ، وتخيّر لها من كل خلق أحسنه ، فإنّ الخير عادة .
وإيّاك أن تكثر من الكلام هذراً ، وأن تكون مضحكاً ، وإن حكيت ذلك عن غيرك ، وأنصف من نفسك ... وإيّاك أن تعاتب فيعظم الذنب ويهون العتب ، ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرّاً ، وما خير بخير لا ينال إلاّ بشر ، ويسر لا ينال إلاّ بعسر ، وإيّاك أن توجف بك مطايا الطمع ، وإن استطعت أن لا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل ، فإنّك مدرك قسمك وآخذ سهمك ، وإن اليسير من الله أكرم وأعظم من الكثير من خلقه ، وإن كان كل منه ، فان نظرت - فلله المثل الأعلى - فيما تطلب من الملوك ومن دونهم من السفلة ، لعرفت أن لك في يسير ما تصيب من الملوك افتخاراً ، وإن عليك في كثير ما تطلب من الدناة عاراً ، إنّك ليس بايعاً شيئاً من دينك وعرضك بثمن ، والمغبون من غبن نفسه من الله ، فخذ من الدنيا ما آتاك .
وتول عمّا تولّى عنك ، فإن أنت لم تفعل فأجمل في الطلب ، وإيّاك ومقاربة من رهبته على دينك وعرضك ، وباعد السلطان لتأمن من خذع الشيطان ، وتقول : متى أرى ما أنكر نزعت ، فإنّه هكذا هلك من كان قبلك ، إن أهل القبلة قد أيقنوا بالمعاد ، فلو سمت بعضهم ببيع آخرته بالدنيا لم تطب بذلك نفساً ، وقد يتخيّله الشيطان بخدعه ومكره حتّى يورطه في هلكة بعرض من الدنيا يسير حقير ، وينقله من شئ إلى شئ حتّى يؤيسه من رحمة الله ، ويدخله في القنوط ، فيجد الراحة إلى ما خالف الإسلام وأحكامه ، فإن نفسك أبت إلاّ حب الدنيا وقرب السلطان ، فخالفتك إلى ما نهيتك عنه ممّا فيه رشدك ، فأملك عليه لسانك ، فإنّه لا ثقة للملوك عند الغضب ، فلا تسأل عن أخبارهم ، ولا تنطق بأسرارهم ، ولا تدخل فيما بينهم ) .

melika
14-11-2010, 02:18 AM
كتاب الإمام علي ( عليه السلام ) إلى مالك الأشتر لما ولاه مصر


كتب الامام علیه السلام كتاباً إلى الصحابي الجليل مالك الأشتر ( رضوان الله عليه ) لمّا ولاّه مصر ، جاء فيه :
( بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا ما أمر به عبد الله علي أمير المؤمنين ، مالك بن الحارث الأشتر في عهده إليه ، حين ولاّه مصر : جباية خراجها ، وجهاد عدوّها ، واستصلاح أهلها ، وعمارة بلادها .
أمره بتقوى الله ، وإيثار طاعته ، واتباع ما أمر به في كتابه ، من فرائضه وسننه ، التي لا يسعد أحد إلاّ باتباعها ، ولا يشقى إلاّ مع جحودها وإضاعتها ، وأن ينصر الله سبحانه بقلبه ويده ولسانه ، فإنّه جل اسمه ، قد تكفّل بنصر من نصره ، وإعزاز من أعزه .
وأمره أن يكسر نفسه من الشهوات ، ويزعها عند الجمحات ، فإنّ النفس أمارة بالسوء ، إلاّ ما رحم الله .
ثمّ اعلم يا مالك ! إنّي قد وجهتك إلى بلاد قد جرت عليها دول قبلك من عدل وجور ، وأن الناس ينظرون من أمورك في مثل ما كنت تنظر فيه من أمور الولاة قبلك ، ويقولون فيك ما كنت تقول فيهم ، وإنّما يستدل على الصالحين بما يجري الله لهم على ألسن عباده ، فليكن أحب الذخائر إليك ذخيرة العمل الصالح ، فاملك هواك ، وشح بنفسك عمّا لا يحل لك ، فإنّ الشح بالنفس الإنصاف منها فيما أحبت أو كرهت .
وأشعر قلبك الرحمة للرعية ، والمحبّة لهم ، واللطف بهم ، ولا تكونن عليهم سبعاً ضارياً تغتنم أكلهم ، فإنّهم صنفان : إمّا أخ لك في الدين ، أو نظير لك في الخلق ، يفرط منهم الزلل ، وتعرض لهم العلل ، ويؤتى على أيديهم في العمد والخطإ ، فأعطهم من عفوك وصفحك مثل الذي تحب وترضى أن يعطيك الله من عفوه وصفحه ، فإنّك فوقهم ، ووالي الأمر عليك فوقك ، والله فوق من ولاك ! وقد استكفاك أمرهم ، وابتلاك بهم .
ولا تنصبن نفسك لحرب الله ، فإنّه لا يد لك بنقمته ، ولا غنى بك عن عفوه ورحمته ، ولا تندمن على عفو ، ولا تبجحن بعقوبة ، ولا تسرعن إلى بادرة وجدت منها مندوحة ، ولا تقولن : إنّي مؤمر آمر فأطاع ، فإنّ ذلك ادغال في القلب ، ومنهكة للدين ، وتقرّب من‏ الغير ، وإذا أحدث لك ما أنت فيه من سلطانك أبهة أو مخيلة ، فانظر إلى عظم ملك الله فوقك ، وقدرته منك على ما لا تقدر عليه من نفسك ، فإنّ ذلك يطامن إليك من طماحك ، ويكف عنك من غربك ، ويفي‏ء إليك بما عزب عنك من عقلك .
إيّاك ومساماة الله في عظمته ، والتشبه به في جبروته ، فإنّ الله يذل كل جبّار ، ويهين كل مختال .
أنصف الله وأنصف الناس من نفسك ، ومن خاصّة أهلك ، ومن لك فيه هوى من رعيتك ، فإنّك إلا تفعل تظلم ! ومن ظلم عباد الله كان الله خصمه دون عباده ، ومن خاصمه الله أدحض حجّته ، وكان لله حرباً حتّى ينزع أو يتوب .
وليس شيء أدعى إلى تغيير نعمة الله وتعجيل نقمته من إقامة على ظلم ، فإنّ الله سميع دعوة المضطهدين ، وهو للظالمين بالمرصاد .
وليكن أحب الأمور إليك أوسطها في الحق ، وأعمها في العدل ، وأجمعها لرضى الرعية ، فإنّ سخط العامّة يجحف برضى الخاصّة ، وإنّ سخط الخاصّة يغتفر مع رضى العامّة .

melika
14-11-2010, 02:21 AM
وليس أحد من الرعية أثقل على الوالي مؤونة في الرخاء ، وأقل معونة له في البلاء ، وأكره للإنصاف ، وأسأل بالإلحاف ، وأقل شكراً عند الإعطاء ، وأبطأ عذراً عند المنع ، وأضعف صبراً عند ملمات الدهر من أهل الخاصّة .
وإنّما عماد الدين ، وجماع المسلمين ، والعدّة للأعداء ، العامّة من الأمّة ، فليكن صغوك لهم ، وميلك معهم .
وليكن أبعد رعيتك منك ، وأشنأهم عندك ، أطلبهم لمعائب الناس ، فإنّ في الناس عيوباً ، الوالي أحق من سترها ، فلا تكشفن عمّا غاب عنك منها ، فإنّما عليك تطهير ما ظهر لك ، والله يحكم على ما غاب عنك ، فاستر العورة ما استطعت يستر الله منك ما تحب ستره من رعيتك .
أطلق عن الناس عقدة كل حقد ، واقطع عنك سبب كل وتر ، وتغاب عن كل ما لا يضح لك ، ولا تعجلن إلى تصديق ساع ، فإنّ الساعي غاش ، وإن تشبه بالناصحين .
ولا تدخلن في مشورتك بخيلاً يعدل بك عن الفضل ، ويعدك الفقر ، ولا جباناً يضعفك عن الأمور ، ولا حريصاً يزين لك الشره بالجور ، فإنّ البخل والجبن والحرص غرائز شتّى يجمعها سوء الظن بالله .
إنّ شر وزرائك من كان للأشرار قبلك وزيراً ، ومن شركهم في الآثام ، فلا يكونن لك بطانة ، فإنّهم أعوان الأثمة ، وإخوان الظلمة ، وأنت واجد منهم خير الخلف ممن له مثل آرائهم ونفاذهم ، وليس عليه مثل آصارهم وأوزارهم وآثامهم ، ممّن لم يعاون ظالماً على ظلمه ، ولا آثماً على إثمه ، أولئك أخف عليك مؤونة ، وأحسن لك معونة ، وأحنى عليك عطفاً ، وأقل لغيرك إلفاً .
فاتخذ أولئك خاصّة لخلواتك وحفلاتك ، ثمّ ليكن آثرهم عندك أقولهم بمر الحق لك ، وأقلّهم مساعدة فيما يكون منك ممّا كره الله لأوليائه ، واقعاً ذلك من هواك حيث وقع .
والصق بأهل الورع والصدق ، ثمّ رضهم على ألا يطروك ولا يبجحوك بباطل لم تفعله ، فإنّ كثرة الإطراء تحدث الزهو ، وتدني من العزة .
ولا يكونن المحسن والمسي‏ء عندك بمنزلة سواء ، فإنّ في ذلك تزهيداً لأهل الإحسان في الإحسان ، وتدريباً لأهل الإساءة على الإساءة ! وألزم كلاّ منهم ما ألزم نفسه .
واعلم أنّه ليس شيء بأدعى إلى حسن ظن راع برعيته من إحسانه إليهم ، وتخفيفه المؤونات عليهم ، وترك استكراهه إيّاهم على ما ليس له قبله .
فليكن منك في ذلك أمر يجتمع لك به حسن الظن برعيتك ، فإنّ حسن الظن يقطع عنك نصباً طويلاً ، وإن أحق من حسن ظنّك به لمن حسن بلاؤك عنده ، وإن أحق من ساء ظنّك به لمن ساء بلاؤك عنده .
ولا تنقض سنّة صالحة عمل بها صدور هذه الأمّة ، واجتمعت بها الألفة ، وصلحت عليها الرعية ، ولا تحدثن سنّة تضر بشيء من ماضي تلك السنن ، فيكون الأجر لمن سنّها ، والوزر عليك بما نقضت منها .
وأكثر مدارسة العلماء ، ومناقشة الحكماء ، في تثبيت ما صلح عليه أمر بلادك ، وإقامة ما استقام به الناس قبلك .
واعلم أنّ الرعية طبقات ، لا يصلح بعضها إلاّ ببعض ، ولا غنى ببعضها عن بعض : فمنها جنود الله ، ومنها كتاب العامّة والخاصّة ، ومنها قضاة العدل ، ومنها عمّال الإنصاف والرفق ، ومنها أهل الجزية والخراج من أهل الذمّة ومسلمة الناس ، ومنها التجّار وأهل الصناعات ، ومنها الطبقة السفلى من ذوي الحاجة والمسكنة ، وكل قد سمى الله له سهمه ، ووضع على حدّه فريضة في كتابه أو سنّة نبيه ( صلى الله عليه و آله ) عهداً منه عندنا محفوظاً .
فالجنود ، بإذن الله ، حصون الرعية ، وزين الولاة ، وعز الدين ، وسبل الأمن ، وليس تقوم الرعية إلاّ بهم ، ثم لا قوام للجنود إلاّ بما يخرج الله لهم من الخراج الذي يقوون به على جهاد عدّوهم ، ويعتمدون عليه فيما يصلحهم ، ويكون من وراء حاجتهم .
ثمّ لا قوام لهذين الصنفين إلاّ بالصنف الثالث من القضاة والعمّال والكتّاب ، لما يحكمون من المعاقد ، ويجمعون من المنافع ، ويؤتمنون عليه من خواص الأمور وعوامها .
ولا قوام لهم جميعاً إلاّ بالتجّار وذوي الصناعات ، فيما يجتمعون عليه من مرافقهم ، ويقيمونه من أسواقهم ، ويكفونهم من الترفق بأيديهم ما لا يبلغه رفق غيرهم .
ثمّ الطبقة السفلى من أهل الحاجة والمسكنة الذين يحق رفدهم ومعونتهم ، وفي الله لكل سعة ، ولكل على الوالي حق بقدر ما يصلحه ، وليس يخرج الوالي من حقيقة ما ألزمه الله من ذلك إلاّ بالاهتمام والاستعانة بالله ، وتوطين نفسه على لزوم الحق ، والصبر عليه فيما خف عليه أو ثقل ، فوّل من جنودك أنصحهم في نفسك لله ولرسوله ولإمامك ، وأنقاهم جيباً ، وأفضلهم ‏حلماً ، ممّن يبطئ عن الغضب ، ويستريح إلى العذر ، ويرأف بالضعفاء ، وينبو على الأقوياء ، وممّن لا يثيره العنف ، ولا يقعد به الضعف .
ثمّ الصق بذوي المروءات والأحساب ، وأهل البيوتات الصالحة ، والسوابق الحسنة ، ثمّ أهل النجدة والشجاعة ، والسخاء والسماحة ، فإنّهم جماع من الكرم ، وشعب من العرف .
ثمّ تفقّد من أمورهم ما يتفقّد الوالدان من ولدهما ، ولا يتفاقمن في نفسك شي‏ء قويتهم به ، ولا تحقرن لطفاً تعاهدتهم به وإن قل ، فإنّه داعية لهم إلى بذل النصيحة لك ، وحسن الظن بك ، ولا تدع تفقد لطيف أمورهم اتكالاً على جسيمها ، فإنّ لليسير من لطفك موضعاً ينتفعون به ، وللجسيم موقعاً لا يستغنون عنه .
وليكن آثر رؤوس جندك من واساهم في معونته ، وأفضل عليهم من جدته ، بما يسعهم ويسع من وراءهم من خلوف أهليهم ، حتّى يكون همّهم همّاً واحداً في جهاد العدو ، فإنّ عطفك عليهم يعطف قلوبهم عليك ، وإن أفضل قرة عين الولاة استقامة العدل في البلاد ، وظهور مودّة الرعية .
وإنّه لا تظهر مودّتهم إلاّ بسلامة صدورهم ، ولا تصح نصيحتهم إلاّ بحيطتهم على ولاة الأمور ، وقلّة استثقال دولهم ، وترك استبطاء انقطاع مدّتهم ، فافسح في آمالهم ، وواصل في حسن الثناء عليهم ، وتعديد ما أبلى ذوو البلاء منهم ، فإنّ كثرة الذكر لحسن أفعالهم تهز الشجاع ، وتحرض الناكل ، إن شاء الله ... ، مع حسن الثناء في العباد ، وجميل الأثر في البلاد ، وتمام النعمة ، وتضعيف الكرامة ، وأن يختم لي ولك بالسعادة والشهادة ، ( إنا إليه راجعون ) ، والسلام على رسول الله وعلی آله الطيبين الطاهرين ، وسلّم تسليماً كثيراً ، والسلام ) .

melika
14-11-2010, 02:23 AM
فضل زيارة الإمام علي ( عليه السلام )



1ـ روي عن الامام الصادق علیه السلام عن آبائه عن الرسول(ص) أنّه قال : ( من زار علياً بعد وفاته فله الجنّة ) .
2ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( إنّ أبواب السماء لتفتح عند دعاء الزائر لأمير المؤمنين ( عليه السلام ) فلا تكن عن الخير نوّاماً ) .
3ـ قال الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( من ترك زيارة أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لم ينظر الله تعالى إليه ، ألا تزورون من تزوره الملائكة والنبيون ( عليهم السلام ) ، إنّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أفضل من كل الأئمّة ، وله مثل ثواب أعمالهم ، وعلى قدر أعمالهم فضلوا ) .

melika
14-11-2010, 02:25 AM
علي يقضي في حضرة النبي(صلى الله عليه وآله)


ذكر جمع من علماء السنة انه جاء رجلان إلى مسجد النبی (ص)وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) جالسا مع أصحابه.

فقال أحدهما: يا رسول الله إن لي حمارا ولهذا بقرة وإن بقرته قتلت حماري.
فقال بعض الصحابة بعد استفتاهم النبي(صلى الله عليه وآله) ليرى مدى علمهم: لا ضمان على البهائم.
فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعلي: (اقض بينهما يا علی).
فقال علي للرجلين: (أكانا مرسلين؟).
قالا: لا.
فقال علي: (أفكانا مشدودين؟).
قالا: لا.
فقال علي: (أفكانت البقرة مشدودة والحمار مرسلا؟).
قالا: لا. فقال: (أفكان الحمار مشدودا والبقرة مرسلة وصاحبهما معا؟).
قالا: نعم. فقال علي: (على صاحب البقرة ضمان الحمار)، فحكم لصاحب الحمار بوجوب الضمان على صاحب البقرة بحضرة رسول الله(صلى الله عليه وآله) والنبي(عليه السلام) قرره وأمضى قضاءه.

melika
14-11-2010, 02:28 AM
علي عليه السلام في عهد الخلفاء

[/URL]
فاضت نفس الرسول(ص)[URL="http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216"] (http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1389/03/1241971704013174981596019115018218818811863.jpg)في حجر علی علیه السلام ورحل(صلى الله عليه وآله) إلى ربه الأعلى، وهو قلق على مستقبل الرسالة والأمة، كما يجسد ذلك بقوة قوله: (صلى الله عليه وآله) عند زيارته لقبور المؤمنين في البقيع في بداية مرضه الذي قضى فيه(السلام عليكم يا أهل القبور، ليهنئكم ما أصبحتم فيه، مما فيه الناس، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها..).
وتأكيده المستمر على ضرورة التزام الثقلين: كتاب الله تعالى والعترة الطاهرة.
وطلبه في آخر ساعة من حياته أن يؤتى بدواة وكتف ليكتب للأمة كتاباً لن تضل بعده أبداً.
إلى غير ذلك من مصاديق توجسه وقلقه(صلى الله عليه وآله) على مستقبل المسيرة الإسلامية، بالرغم من احتياطه لتحصين الأمة وتجنيبها من الوقوع في الفتنة.
وما أن فاضت نفس رسول الله(صلى الله عليه وآله) واشتغل علي(عليه السلام) واهل البیت (http://www.tebyan.net/islamicfeatures/ahlalbait/articles/2004/5/9/28293.html)بتجهيزه من أجل مواراة جسده الطاهر في مثواه الأخير، حتى عقدت الأنصار وبعض المهاجرين اجتماعاً في سقيفة بني ساعدة لتنصيب من يخلف النبي(صلى الله عليه وآله) في قيادة المسلمين.
وبعد مناقشات حادة وطويـــلة سادها جو من الـــتوتر والقلق والعنف والخلاف بادر عمر بن الخطاب إلى بيعة أبي بـــكر بالخلافة وطلب من الحاضرين ذلك، ولم يكن علي(عليه السلام) على علم بما حدث، ولكن النبأ قد انساب إلى مسامعه من خلال الضجيج الذي أحدثه خروج القوم من السقيفة، وهم في طريق توجههم للمسجد النبوي:
وحتى تلك الساعة مازال علي وأهل البيت(عليه السلام) مشغولين بتجهيز فقيد الأمة العظيم رسول الله(صلى الله عليه وآله) إذ ظل(صلى الله عليه وآله) جثمانه الطاهر ثلاثة أيام دون دفن ليتسنى للمسلمين توديعه والصلاة عليه.
ولعدم قناعة الإمام(عليه السلام) بما جرى ظل مؤمناً بحقه في الخلافة واعتزل الناس، وما هم فيه ستة شهور، ولم يسمع له صوت في ما يسمى بحروب الردة ولا سواها.
ولقد استجدت أمور وأحداث خطيرة تتهدد الإسلام وأمته بالفناء، فقد قوي أمر المتنبئين بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله) واشتد خطرهم في الجزيرة العربية من أمثال: مسيلمة الكذاب، وطلحة ابن خويلد الأفاك وسجاح بنت الحرث الدجالة وغيرهم وصار وجودهم يشكل خطراً حقيقياً على الدولة الإسلامية.
واشتد ساعد المنافقين وقويت شوكتهم في داخل المدينة وكان الرومان والفرس للمسلمين بالمرصاد.
هذا عدا ظهور التكتلات السياسية في المجتمع الإسلامي على أثر بيعة السقيفة.
ولقد تعامل الإمام(عليه السلام) مع الخلافة حسب ما تحكم به المصلحة الإسلامية حفظاً للإسلام وحماية للجامعة الإسلامية من التمزق والضياع، وتحقيقاً للمصالح العليا الإسلامية التي جاهد من أجلها.
وللإمام علي(عليه السلام) كتاب جاء فيه –بهذا الصدد– ما نصه(.. فأمسكت يدي حتى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام، يدعون إلى محق دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً، تكون المصيبة به عليّ أعظم من فوت ولايتكم التي إنما هي متاع أيام قلائل، يزول منها ما كان، كما يزول السراب أو كما ينقشع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتى زاح الباطل وزهق واطمأن الدين وتنهنه).
بيد أن صوت علي(عليه السلام) كان يعلو عندما يستشار ويجهر عندما يستفتي، وقد تصدى –في هذا المضمار– لتوجيه الحياة الإسلامية، وفقاً لما تقتضيه رسالة الله تعالى في الحقول التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ومن أجل ذلك فإن الباحث التاريخي في حياة الإمام(عليه السلام) لا يلبث إلا أن يلتقي مع مئات المواقف والأحداث – في خلافة أبي بكر وعمر وعثمان التي لا تجد غير علي(عليه السلام) مدبراً لها ومعالجاً وقاضياً بأمر الشريعة فيها.
والخلفاء الثلاثة لم يروا بدأ من استشارته إذا التبست عليهم الأمور، وهكذا تجده –مرة– مرشداً إلى الحكم الإسلامي الصحيح في أمر ما ومرة تجده قاضياً في شأن من شؤون الأمة، وأخرى موجهاً للحاكم الوجهة التي تحقق المصلحة الإسلامية العليا.

melika
14-11-2010, 02:30 AM
أ - في خلافة أبي بكر:

1 - فكر أبو بكر بغزو الروم فاستشار جماعة من الصحابة فقدموا وأخروا، ولم يقطعوا برأي، فاستشار علياً(عليه السلام) في الأمر فقال(عليه السلام) إن فعلت ظفرت.
فقال أبو بكر: بشرت بخير.
وأمر الناس بالخروج بعد أن أمر عليهم خالد بن سعيد.
2 - أراد أبو بكر أن يقيم الحد على شارب خمر...
فقال الرجل: إني شربتها ولا علم لي بتحريمها فأرسل إلى الإمام يسأله عن ذلك فقال(عليه السلام): (مُر نقيبين من رجال المسلمين يطوفان به على المهاجرين والأنصار وينشدانهم هل فيهم أحد تلا عليه آية التحريم أو أخبره بذلك عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فإن شهد بذلك رجلان منهم فأقم الحد عليه، وإن لم يشهد أحد بذلك، فاستتبه وخلِّ سبيله).
ففعل الخليفة ذلك، فعلم صدق الرجل فخلى سبيله.
3 - قدم جاثليق النصاري يصحبه مائة من قومه فسأل أبا بكر أسئلة، فدعا علياً(عليه السلام) فأجابه عنها، ونكتفي منها بسؤال واحد من أسئلة الجاثليق: -أخبرني عن وجه الرب تبارك وتعالى!
فدعا علي(عليه السلام) بنار وحطب، وأضرمه، فلما اشتعلت قال أين وجه هذه النار؟
قال الجاثليق: هي وجه مع جميع حدودها.
فقال علي(عليه السلام): هذه النار مدبرة مصنوعة، لا يعرف وجهها وخالقها ولا يشبهها، ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فتم وجه الله لا تخفى على ربنا خافية.
4 - وأرسل ملك الروم رسولاً إلى أبي بكر يسأله عن رجل لا يرجو الجنة ولا يخاف النار، ولا يخاف الله، ولا يركع ولا يسجد ويأكل الميتة والدم، ويشهد بما لم ير ويحب الفتنة ويبغض الحق، فأخبر بذلك علياً(عليه السلام) فقال:
هذا رجل من أولياء الله: لا يرجو الجنة ولا يخاف النار، ولكن يخاف الله ولا يخاف من ظلمه، وإنما يخاف من عدله، ولا يركع ولا يسجد في صلاة الجنازة، ويأكل الجراد والسمك، ويأكل الكبد، ويحب المال والولد(إنما أموالكم وأولادكم فتنة) ويشهد بالجنة والنار وهو لم يرهما، ويكره الموت وهو حق.
هذه بعض مصاديق اهتماماته بمسيرة الإسلام التاريخية في عهد أبي بكر.

ب - في خلافة عمر بن الخطاب:

1 - حين أراد عمر بن الخطاب أن يغزو الروم راجع الإمام(عليه السلام) في الأمر، فنصحه الإمام بألا يقود الجيش بنفسه مبيناً علة ذلك قائلاً: (.. فابعث إليهم رجلاً مجرباً واحفز معه أهل البلاء والنصيحة، فإن أظهره الله فذاك ما تحب، وإن تكن الأخرى كنت ردءاً للناس، ومثابةً للمسلمين).
2 - ورد إلى بيت مال المسلمين مال كثير فقسمه عمر بين المسلمين، ففضل منه شيء، فجمع عمر المهاجرين والأنصار واستفتاهم بأمره قائلاً: ما ترون في فضلٍ، فضل عندنا من هذا المال؟
قالوا: يا أمير المؤمنين إنا شغلناك بولاية أمورنا من أهلك وتجارتك، وضيعتك، فهو لك.
فالتفت عمر إلى علي قائلاً: ما تقول أنت؟
قال الإمام(عليه السلام): قد أشاروا عليك.
قال الخليفة: فقل أنت؟
قال(عليه السلام): لِمَ تجعل بيقينك ظناً، ثم حدثه بواقعة مشابهة في عهد رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأخيراً أشار عليه الإمام(عليه السلام) بتوزيعه على الفقراء، قائلاً، (أشير عليك أن لا تأخذ من هذا الفضل وأن تفضه على فقراء المسلمين).
فقال عمر: صدقت والله.
3 - بعث أبو عبيدة بن الجراح وبرة بن رومان الكلبي إلى عمر بن الخطاب: إن الناس قد تتابعوا في شرب الخمر بالشام، وقد ضربت أربعين ولا أراها تغني عنهم شيئاً، فاستشار عمر الناس..
فقال علي(عليه السلام): أرى أن تجعلها بمنزلة حد القذف(ثمانون جلدة).
إن الرجل إذا شرب هذي، وإذا هذي افترى. فجلدها عمر بالمدينة، وكتب إلى أبي عبيدة.. فجلدها بالشام.
4 - وقد ورد أن عمر بن الخطاب رأى ليلة رجلاً وامرأة على فاحشة، فلما أصبح قال للناس: أرأيتم أن إماماً رأى رجلاً وامرأة على فاحشة. فأقام عليهما الحد ما كنتم فاعلين؟
قالوا: إنما أنت إمام.
فقال علي ابن أبي طالب: (ليس ذاك لك، إذن يقام عليك الحد، إن الله لم يأمن على هذا الأمر أقل من أربعة شهداء) ثم إن عمر ترك الناس ما شاء الله، ثم سألهم: فقال القوم مثل مقالتهم الأولى.. وقال علي(عليه السلام) مثل مقالته.
فأخذ عمر بقول الإمام.
5 - بعد أن فتح المسلمون الشام جمع أبو عبيدة بن الجراح المسلمين واستشارهم بالمسير إلى بيت المقدس أو إلى قيسارية، فقال له معاذ بن جبل: اكتب إلى أمير المؤمنين عمر، فحيث أمرك فامتثله، فكتب ابن الجراح إلى عمر بالأمر، فلما قرأ الكتاب، استشار المسلمين بالأمر.
فقال علي(عليه السلام): أأمر صاحبك أن ينزل بجيوش المسلمين إلى بيت المقدس، فإذا فتح الله بيت المقدس، صرف وجهه إلى قيسارية، فإنها تفتح بعدها إن شاء الله تعالى، كذا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
قال عمر: صدق المصطفى(صلى الله عليه وآله)، وصدقت أنت يا أبا الحسن.. ثم كتب إلى أبي عبيدة بالذي أشار به علي(عليه السلام).
6 - بعد انتصار المسلمين على الفرس في خلافة عمر، شاورابن الخطاب أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) في سواد الكوفة..
فقال بعضهم: تقسمها بيننا، ثم شاور علياً(عليه السلام) في الأمر.
فقال إن قسمتها اليوم لم يكن لمن يجيء بعدنا شيء، ولكن تقرها في أيديهم يعملونها، فتكون لنا ولمن بعدنا فقال عمر لعلي: وفقك الله... هذا الرأي.
هذه بعض ملامح دور الإمام علي(عليه السلام) الرسالي في خلافة عمر بن الخطاب.

ج - في عهد عثمان:

1 - تزوج شيخ كبير بكراً فحملت، فادعى الرجل أنه لم يصل إليها، فسأل عثمان المرأة: هل افتضك الشيخ؟
قالت: لا فأمر بإقامة الحد عليها.
فقال الإمام(عليه السلام): إن للمرأة سمين: سم الحيض وسم البول، فلعل الشيخ كان ينال منها فسال ماؤه في سم الحيض، فحملت منه.
فقال الرجل: قد كنت أنزل الماء في قبلها من غير وصول إليها بالافتضاض.
فقال الإمام علي(عليه السلام): (الحمل له، والولد له، وأرى عقوبته على الإنكار له).
2 - عن موطأ مالك عن بعجة بن بدر الجهني: أنه أتى –عثمان– بامرأة قد ولدت لستة أشهر، فهم برجمها فقال علي(عليه السلام): إن خاصمتك بكتاب الله خصمتك، إن الله تعالى يقول: (وحمله وفصاله ثلاثون شهراً) ثم قال: (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة).
فحولان مدة الرضاعة وستة أشهر مدة الحمل.
فقال عثمان: ردوها .

melika
21-11-2010, 11:19 PM
حکم الامام علی علیه السلام القصار

اشتهرت قصار حكمه ( عليه السلام ) شهرة واسعة بين الأدباء والبلغاء ، حتّى قال الجاحظ وهو الناقد البليغ وصاحب المؤلّفات المعروفة في الأدب والبلاغة : وددت لو أنّي أعطيت جميع مصنّفاتي وقطعت أنسابها عنّي ، وأخذت بدلها ثلاث كلمات منسوبة إلى علي بن أبي طالب ( عليه السلام ) وصارت منسوبة إليَّ .
وإليك بعض حكم الإمام علي ( عليه السلام ) القصار :
1ـ قال ( عليه السلام ) : ( ما أخذ الله تعالى على أهل الجهل أن يتعلّموا ، حتّى أخذ على أهل العلم أن يعلموا ) .
2ـ قال ( عليه السلام ) : ( البخل والجبن والحرص من أصل واحد ، يجمعهن سوء الظن بالله تعالى ) .
3ـ قال ( عليه السلام ) : ( كل شيء يعز حين ينزر ، والعلم يعز حين يغزر ) .
4ـ قال ( عليه السلام ) : ( تجنّبوا الأماني فإنّها تذهب بهجة ما خولتم ، وتصغّر مواهب الله عندكم ، وتعقبكم الحسرات على ما أوهمتم أنفسكم ) .
5ـ قال ( عليه السلام ) : ( أوصيكم بخصال لو ضربتم إليها آباط الإبل كن أهلا لها : لا يرجون أحد إلاّ ربّه ، ولا يخافن إلاّ ذنبه ، ولا يستحيين إذا سئل عمّا لا يعلم أن يقول : لا أعلم ، ولا يستحيين إذا لم يعلم الشيء ، أن يتعلّمه ) .
6ـ قال ( عليه السلام ) : ( من قوي فليقو على طاعة الله ، ومن ضعف فليضعف عن محارم الله ) .
7ـ قال ( عليه السلام ) : ( إنّ أخيب الناس سعياً وأخسرهم صفقة رجل أتعب بدنه في آماله ، وشغل بها عن معاده ، فلم تساعده المقادير على إرادته ، وخرج من الدنيا بحسرته ، وقدم على آخرته بغير زاد ) .
8ـ قال ( عليه السلام ) : ( إذا أقبلت الدنيا على امرئ أعارته محاسن غيره ، وإذا أدبرت عنه سلبته محاسن نفسه ) .
9ـ سمع أمير المؤمنين علي ( عليه السلام ) رجلاً يغتاب رجلاً عند ابنه الحسن علیه السلام، فقال : ( يا بني ! نزه نفسك وسمعك عنه ، فإنّه نظر إلى أخبث ما في وعائه فأفرغه في وعائك ) .
10ـ قال ( عليه السلام ) : ( من بالغ في الخصومة ظلم ، ومن قصر فيها ظلم ، ولا يستطيع أن يتقي الله من يخاصم ) .
11ـ قال ( عليه السلام ) : ( يجب على العاقل أن يكون عارفاً بزمانه ، مالكاً للسانه ، مقبلاً على شأنه ) .
12ـ قال ( عليه السلام ) : ( القريب من قرّبته المودّة وإن بعد نسبه ، والبعيد من باعدته العداوة وإن قرب نسبه ) .
13ـ قال ( عليه السلام ) : ( الفقيه كل الفقيه من لم يقنط الناس من رحمة الله ، ولم يرخص لهم في معاصي الله ، ولم يؤمنهم من عذاب الله ، ولم يدع القرآن رغبة عنه إلى غيره ، لأنّه لا خير في عبادة لا علم فيها ، ولا علم لا فهم معه ، ولا قراءة لا تدبّر فيها ) .
14ـ قال ( عليه السلام ) : ( من أراد أن ينصف الناس من نفسه ، فليحب لهم ما يحب لنفسه ) .

melika
21-11-2010, 11:20 PM
ممن اعترض على تنصيب الإمام علي ( عليه السلام )


نَصَّب النبی (ص) الامام علی (ع) إماماً في غدير خم على أثر نزول قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيكَ مِنْ رَبِّكَ ) ، ( المائدة : 67 ) .
وبعد التنصيب تحركت قافلة النبوة والإمامة من غدير خم نحو المدينة المنورة ، وسكن قلب النبي ( صلى الله عليه وآله ) واطمأنَّ ، ولكن قريشاً لم تسكن ولم تهدأ ، بل صارت في حالة غليان من الغيظ .
العذاب الواقع :

وقد ورد في أحاديث السنة والشيعة أسماء عديدة لأشخاص اعترضوا على إعلان النبي ( صلى الله عليه وآله ) ولاية علي ( عليه السلام ) في غدير خم ، وكان أغلبهم قرشيون .
و الخلاصة :

أن أحد هؤلاء الأشخاص – أو أكثر من واحد على اختلاف الروايات – اتهمه ( صلى الله عليه وآله ) بأن تنصيب الإمام علي ( عليه السلام ) ولياً على الأمة كان عملاً من عنده ( صلى الله عليه وآله ) ، وليس بأمر من الله تعالى له ، فأخبره ( صلى الله عليه وآله ) أنه ما فعل ذلك إلا بأمر من ربه .
وذهـب المعترض من عند النبي ( صلى الله عليه وآله ) مُغاضِباً وهو يدعو الله تعالى أن يمطر الله عليه حجارة من السماء إن كان هذا الأمر من عنده .
فرماه الله بحجر من سِجِّيل ، فأهلكه وأحرقه ، وعندها أنزل الله تعالى قوله : ( سَأَلَ سَائِلٌ بِعذَابٍ وَاقِع ) ، (المَعارج : 1 ).
وهذه الحادثة تعني أن الله تعالى استعمل التخويف مع قريش أيضاً ، وذلك لِيعصم رسوله ( صلى الله عليه وآله ) من تكاليف حركة الردة التي قد تُقدِم عليها .

melika
21-11-2010, 11:23 PM
لم يعمل بآية النجوى أحد إلاّ عليّ (عليه السلام)


( يا أيُّها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )
روى بسنده عن ليث، عن مجاهد، قال:

قال الامام علی (ع) : إن في كتاب الله عزّ وجلّ لآية ما عمل بها أحد قبلي، ولا يعمل بها أحد بعدي، ( يا أيُّها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )
قال : فُرضت ثمّ نسخت .
أقول: وذكره الزمخشري أيضاً في الكشاف في تفسير الآية في سورة المجادلة ، وقال في آخره: كان لي دينار فصرفته فكنت إذا ناجيته تصدقت بدرهم ، ثمَّ قال: قال الكلبي: تصدق في عشر كلمات سألهن الرسول(ص)
وذكره الواحدي أيضاً في أسباب النزول ص308وقال فيه: كان لي دينار فبعته، وكنت إذا ناجيتُ الرسول تصدقتُ بدرهم حتى نفد، فنسخت بالآية: ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) .
وذكره الفخر الرازي أيضاً في تفسيره وقال في آخره: وروى ابن جريج والكلبي وعطا عن ابن عباس أنهم نهوا عن المناجاة حتى يتصدقوا، فلم يناجه أحد إلاّ عليّ(عليه السلام) ، تصدق بدينار ثم نزلت الرخصة .
ورواه ابن جرير أيضاً في ج28 ص14 بطريق آخر عن ليث، عن مجاهد، وقال فيه: كان عندي دينار فصرفته بعشرة دراهم ، فكنت إذا جئت إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تصدقت بدرهم، فنسخت فلم يعمل بها أحد قبلي: ( يا أيُّها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) ،
تفسير ابن جرير الطبري ج28 ص14:
روى بسنده عن ابن أبي نجيح عن مجاهد في قوله: ( يا أيُّها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة )، قال: نهوا عن مناجاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يتصدّقوا، فلم يناجه أحد إلاّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) قدّم ديناراً صدقةً تصدق به، ثمّ أنزلت الرُّخصة .
أقول : ورواه بطريق آخر آيضاً عن ابن أبي نجيح باختلاف يسير في اللفظ .
السيوطي في الدر المنثور: في ذيل تفسير قوله تعالى : (يا أيُّها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول ) ، في سورة المجادلة ، قال : وأخرج سعيد بن منصور وابن راهويه وابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه والحاكم ـ وصححه ـ عن عليّ (عليه السلام) قال: إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ولا يعمل بها أحد بعدي، آية النجوى: (يا أيُّها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يَدي نجواكم صدقةً )، كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم، فكنت كلما ناجيتُ النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)، قدمت بين يدي درهماً، ثمّ نسخت فلم يعمل بها أحد، فنزلت: ( أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) الآية .
أقول: وذكره المتقي أيضاً في كنز العمال ج1 ص268 وذكر جمعاً كثيراً من أئمة الحديث ممن ذكرهم السيوطي في الدر المنثور وتقدمت أسماؤهم، وقال إنهم قد أخرجوه، وذكره المحب الطبري أيضاً في الرياض النضرة ج2 ص200. وقال: أخرجه ابن الجوزي في أسباب النزول . انتهى .
وقال أيضاً : وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه عن علي (عليه السلام) قال: ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت، وما كانت إلاّ ساعة يعني آية النجوى .
وقال أيضاً: وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم عن مجاهد قال: نهوا عن مناجاة النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) حتى يقدموا صدقة، فلم يناجه إلاّ عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فإنه قد قدم ديناراً فتصدق به، ثمّ ناجى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فسأله عن عشر خصال ثمَّ نزلت الرخصة .وقال أيضاً: وأخرج سعيد بن منصور عن مجاهد قال:
كان من ناجى النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم) تصدق بدينار، وكان أوّل من صنع ذلك عليّ بن أبي طالب (عليه السلام)، ثمّ نزلت الرخصة: ( فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم ) .
وقال أيضاً: وأخرج عبد بن حميد عن سلمة بن كهيل: ( يا أيُّها الّذينَ آمنوا إذا ناجيتم الرسول ) الآية ، قال: أوّل من عمل بها عليّ (عليه السلام) ثمّ نسخت .
كنز العمال ج3 ص155:

قال: عن عامر بن واثلة قال: كنت على الباب يوم الشورى، فارتفعت الأصوات بينهم ، فسمعت علياً (عليه السلام) يقول: بايع الناس لأبي بكر وأنا والله أولى بالأمر منه، وأحق به منه ـ إلى أن قال: ثمّ قال: نشدتكم بالله أيُّها النفر جميعاً أفيكم أحد أخو رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غيري؟ قالوا: اللهم لا .
إلى أن قال: أفيكم أحد ناجاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) غيري؟ قالوا: اللهم لا .
إلى أن قال: أفيكم أحد ناجاه رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) اثنتي عشرة مرة غيري حين قال الله تعالى: ( يا أيُّها الذين آمنوا إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقةً )؟ قالوا: اللّهم لا ... الحديث.
بقي حديث واحد يناسب ذكره في خاتمة هذا الباب وهو ما رواه الزمخشري في الكشاف في تفسير آية النجوى في سورة المجادلة، قال: عن ابن عمر:
كان لعليّ (عليه السلام) ثلاث، لو كانت لي واحدة منهن كانت أحب إلي من حمر النعم، تزويجه فاطمة، وإعطاؤه الراية يوم خيبر، وآية النجوى .

melika
21-11-2010, 11:24 PM
علي في غزوة ذات السلاسل


(http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1388/06/22022816079612172421731342713860216233234.jpg)
كان خبر هذه الغزوة ، قد تكشف حين جاء إعرابي إلى النبی(ص) (http://www.tebyan.net/index.aspx?pid=44216)فقال : يا رسول الله إن جماعة من العرب اجتمعوا بوادي ( الرمل ) على أن يدخلوا عليك المدينة و يقتلوك ، فبعث إليهم النبي( صلى الله عليه وآله) أبا بكر مع جماعة من المسلمين ، فمضى فأتبعهم القوم ، و قتلوا جماعة من المسلمين ، و انهزم أبا بكر ، و جاء إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، ثم بعث عمر فهزموه مرة أخرى ، ثم بعث عمرو بن العاص فكان كإخوانه.
ثم دعا الامام (ع)، و بعثه إليهم ، و بعث معه أبا بكر و عمر و ، لكي يتعلموا منه قواعد الحرب و طرق النصر ، و يستلهموا من بطولته و شجاعته دروسا في الصمود و المواجهة ، فسار بهم من طريق آخر حتى ظنوا أنه لا يريد القتال ، و كان يسير بالليل و يكمن بالنهار ، فلما قربوا من الوادي أمر أصحابه ، أن يخفوا أصواتهم ، و يبيتوا ليلتهم تلك أسفل أحد التلول ، وقد أشار عمرو بن العاص على علي غير هذه الخطة ، فلم يجبه بحرف دلالة على اقتناع القائد علي بخطته و ثقته بنفسه و تطلعه نحو النصر المؤكد ، فما زالوا حتى طلع الفجر ، فكبس القوم و هم غافلون ، فأمكنه الله تعالى منهم فنزل جبرئيل على النبي بسورة( و العاديات ضبحا ) ، ( العاديات:1 ) .
ففرح النبي(صلى الله عليه وآله) ، و بشر أصحابه بانتصار علي على القوم و أمرهم بالخروج لاستقبال أمير المؤمنين علي ، فخرجوا و النبي يتقدمهم فلما رأى علي النبي(صلى الله عليه وآله) ، ترجل عن فرسه فوقف بكل حياء و احترام أمام النبي الأعظم ، فقال النبي(صلى الله عليه وآله) له: ( يا علي لولا أنني أشفق أن تقول فيك أمتي ما قالت النصارى في المسيح لقلت فيك اليوم مقالا لا تمر بملأ منهم إلا أخذوا التراب من تحت قدميك للبركة فإن الله و رسوله عنك راضيان).
نعم إنه علي هازم الأحزاب ... و قالع الباب و مبيد الكتائب ، و أنه علي الوحيد الذي يعرف ألوان النصر و سياسة الشجعان و مهلك الأبطال بضربات وتر لا ثانية لها.

melika
21-11-2010, 11:29 PM
حقائق تفرّدَ بها أمير المؤمنين الإمام علي عليه السلام


علي هو الوحيد الذي
1) سبقَه إلى الإيمان الرسول(ص)وكل مَنْ جاء َ بعده فسيبقى علی (ع)سابقه .
علي هو الوحيد الذي

2) كانَ دائماً (قائد قوات رسول الله الأكرم) صلى الله عليه وآله وسلم في كل غزوة من غزوات النبـي الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم ).
علي هو الوحيد الذي

3) فدى رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة الهجرة .
علي هو الوحيد الذي

4) هاجر مع عياله (الفواطم) علانية ً في وضح النهار جهرة ً أمام المشركين .
علي هو الوحيد الذي

5) قامَ بتبليغ سورة التوبة (براءة )
علي هو الوحيد الذي

6) قتلَ بسيفه قادة المشركين الثلاثة یوم بدر(شيبة وعتبة والوليد ).
علي هو الوحيد الذي

7) كان نصف قتلى المشركين في يوم بدر بسيفه حيث كان مجموع القتلى (70قتيل) من المشركين منهم (35 قتيل) بسيف علي (عليه الصلاة والسلام) و (35 قتيل) بسيوف باقي المسلمين ومعهم الملائكة (3000) عليه الصلاة والسلام.
علي هو الوحيد الذي

8) قتلَ قادة المشركين في يوم أُحُدْ الواحد بعد الآخـر وكانوا (تسعة من بنـي عبد الدار ).
علي هو الوحيد الذي

9) نادى جبرائيل (عليه الصلاة والسلام) باسمه المبارك ((لا فتـى إلاّ عليّْ ولا سيفَ إلاّ ذو الفقار )).
علي هو الوحيد الذي

10) برز من بين كل المسلمين يوم الخندق لعمرو بن عبد ود العامري (فارس يَلْيَلْ) المعروف .
علي هو الوحيد الذي

11) مَثَّلَ الإيمان كله بشهادة رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) في وقت خروجه لعمرو في الخندق..
علي هو الوحيد الذي

12) قاتل وكان لوحده سبب انكسار جيوش المشركين (وليس جيشاً واحداً) يوم الخندق.
علي هو الوحيد الذي

13) استطاع فتح خيـبر بعد فشل الشيخين .
علي هو الوحيد الذي

14) استطاع قلع باب خيـبر .
علي هو الوحيد الذي

15) استطاع قتل مرحب الخيبري فارس اليهود المعروف وبطلها المعروف .
علي هو الوحيد الذي

16) كانت خِلافَتُهُ موافقة لنظرية الشيعة (النص) ولنظرية السُنَّة (الشورى) حيث أنه اجتمع له النص من رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم) وكذلك الشورى من المسلمين جميعاً في تنصيبه خليفة بعد مقتل عثمان بن عفان الأموي.
علي هو الوحيد الذي

17) كانت بيعته نستطيع تسميتها (ديمقراطية) و (انتخاب) أو (استفتاء شعبـي حُـر ) حيث أنه لم يرضَ (عليه الصلاة والسلام) بغير البيعة العلنية في (مسجد رسول الله الأكرم) صلى الله عليه وآله وسلم.
علي هو الوحيد الذي

18) تَوَلّى تغسيل وتكفين رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلّم ).
علي هو الوحيد الذي

19) قَبِلَهُ رسول الله الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) زوجاً لحبيبته الصديقة الكبرى فاطمة الزهراء (عليها الصلاة والسلام) سيدة نساء العالمين من الأولين والآخرين روحي فداء تراب نعليها .
علي هو الوحيد الذي

20) اتخذه رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أخاً من دون كل الصحابة في المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار.
علي هو الوحيد

21) مِنْ بين كل الصحابة الذي بين أيدينا كتاب من تأليفه وهو كتاب (نهج البلاغة).

علي هو الوحيد الذي

22) سألهُ الصحابة عن أمور الدين ولم يسألْ أحداً.
علي هو الوحيد الذي

23) جاء مدحه في القرآن الكريم بأكثر من ثلاثمائة آية قرآنية (حسب تعبير عبد الله بن عباس ) و في زهاء (700 آية قرآنية) بحسب مصادر إخواننا أهل السُّنَّـة.
علي هو الوحيد

24) مِنْ بين الصحابة الذي يُطلق عليه لقب (الإمام ).
علي هو الوحيد الذي

25) وُلِدَ في المسجد (بيت الله الحرام) وأستشهدَ في مسجد (الكوفة).
علي هو الوحيد الذي

26) شاعَ عنه تلقيبه بلقب (كَرَّمَ الله وجهه ).
علي هو الوحيد

27) من بين كل الصحابة الذي نادى (سَلونـي قبلَ أنْ تفقدونـي ).
علي هو الوحيد الذي

28) كانت رجالات قريش ترى الهزيمة مِنْ أمامه ليستْ عاراً على المهزوم .
علي هو الوحيد الذي

29) إذا ذَكَرَ الرجلُ اسمه وهو واضعٌ يده على جهة اليمين من بطن زوجته الحامل في شهرها الرابع وهما مستقبلين القبلة وقال الرجل ((اللهمَّ إنّي أسـميتهُ علياً _ أو يقول _ محمّداً)) فيكون المولود ذكراً بإذنِ الله تعالى إكراما له ولابن عمه (عليهما وآلهما الصلاة والسلام) ولكم التجربة واذكروني .
علي هو الوحيد الذي

30) قال عنه القرآن الكريم بأنَّهُ نفس محمّد (صلّى الله عليهما وآلهما وسلّم) في آية المباهلة.
علي هو الوحيد الذي

31) أولاده سادة شباب أهل الجنّة (عليهم الصلاة والسلام).
علي هو الوحيد الذي

32) بقيَ بابهُ مفتوحاً إلى فِناء ِ المسجد النبوي المطَهّر من بين كل المسلمين.
علي هو الوحيد الذي

33) دُعيَ ليأكل من الطائر المشوي الذي جاء بهِ جبرائيل (عليه الصلاة والسلام) من طعام الجنة إلى رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم ).
علي هو الوحيد الذي

34) كان وصيَّ رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم ).
علي هو الوحيد الذي

35) أصبح باب مدينة العلم .
علي هو الوحيد الذي

36) أصبح باب مدينة الحكمة .
علي هو الوحيد الذي

37) أعلنَ الله سبحانه وتعالى ولايته وسلطانه على المسلمين .
علي هو الوحيد الذي

38) أصبح حبُّهُ هو الحد الفاصل بين الإيمان والنفاق.
علي هو الوحيد الذي

39) غدا مِنْ رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآلهِ وسلّم) شبيه هارون من موسى (عليهما الصلاة والسلام).
علي هو الوحيد الذي

40) كان يرى رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلم) في أثناء تَعَبُّدِهِ في غار (حِراء)..
علي هو الوحيد الذي

41) رَبّاهُ رسول الله الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم ).
علي هو الوحيد الذي

42) تَصَدَّقَ ليلاً ونهاراً سِرَّاً وعلانية ً بنص القرآن الكريم...
علي هو الوحيد الذي

43) نزلت سورة قرآنية ٌ كاملة تمدحه هو وأهله وهي سورة ((هل أتى على الإنسان حينٌ من الدهر)).
علي هو الوحيد الذي

44) سَنَّ الفصاحة للعرب ووضعَ قواعِدَ لغة الضاد.
علي هو الوحيد الذي

45) استطاع أنْ يلقي خطبة ً خالیه من النقاط
علي هو الوحيد الذي

46) استطاع أنْ يلقي خطبة ً خالیه من حرف الف
علي هو الوحيد الذي

47) صار قسيم الجنة والنار .
علي هو الوحيد الذي

48) عُقِدَ قِرانهُ على الزهراء ِ (عليه ما الصلاة والسلام) في السماء ِ قبلَ الأرض.
علي هو الوحيد الذي

49) بحبهِ يُعْرَفْ ابن الحَلال مِنْ ابنِ الحرام.
علي هو الوحيد الذي

50) صمدَ لــ ((كبش الكتيبة)) طلحة ابن أبي طلحة العبدري وقتله يوم أحد .
علي هو الوحيد الذي

51) رقى على صدر (عمرو بن عبد ود العامري) بشهادة الأخير .
علي هو الوحيد الذي

52) يعطي جوازات المرور للجنة .
علي هو الوحيد الذي

53) يذود أعداءه عن حوض الكوثر يوم القيامة ويسقي محبيه ..
علي هو الوحيد الذي

54) يحضر مع الرسول الأكرم وفاطمه والحسن والحسین علیهما السلام عند قبض أرواح الناس (مؤمنين أو كفرة) ..
علي

55) هو الأول والأخير الذي لقب بأمير المؤمنين ولا أمير للمؤمنين سوى الإمام علي عليه السلام


اللهم صل على محمد و آل محمد

melika
21-11-2010, 11:32 PM
مؤهلات الإمام علي ( عليه السلام ) للخلاقة



اهتمَّ الرسول صلی الله علیه وعلی اله اهتماما بالغاً بتكييف حالة المسلمين ، وتقرير مصيرهم ، واستمرار حياتهم في طريقها إلى التطور في المجالات الاجتماعية والسياسية .
ورسم لها الطريق على أساس من المنهج التجريبي الذي لا يخضع بأي حال لعوامل العاطفة أو المؤثرات الخارجية .
فَعَيَّن ( صلى الله عليه وآله ) لها الامام علیه السلام لقيادتها الروحية ، وذلك لِمَا يَتَمَتَّعُ به ( عليه السلام ) من القابليَّات الفَذَّة ، والتي هي بإجماع المسلمين لم تتوفر في غيره ( عليه السلام ) .
ولعل من أهمّها ما يلي :
أولها : الإِحاطَة بالقضاء :

فقد كان ( عليه السلام ) المرجع الأعلى للعالم الإسلامي في ذلك .
وقد اشتهرت مقالة عُمَر في الإمام علي ( عليه السلام ) : ( لَولا عَلِيٌّ لَهَلَكَ عُمَر ) .
ولم ينازعه أحد من الصحابة في هذه الموهبة ، فقد أجمعوا على أنه ( عليه السلام ) أعلم الناس بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأبصرهم بأمور الدين وشؤون الشريعة ، وأوفرهم دراية في الشؤون السياسية والإدارية .
وعهده ( عليه السلام ) لمالك الأشتر من أوثق الأدلة على هذا القول ، فقد حفل هذا العهد بما لم يحفل به أي دستور سياسي في الإسلام وغيره .
فقد عنى بواجبات الدولة تجاه المواطنين ، ومسؤولياتها بتوفير العدل السياسي والاجتماعي لهم .
كما حدّد ( عليه السلام ) صلاحيات الحُكَّام ومسؤولياتهم ، ونصَّ على الشروط التي يجب أن تتوفر في الموظف في جهاز الحكم من الكفاءة ، والدراية التامة بشؤون العمل الذي يعهد إليه ، وأن يتحلّى بالخُلق والإيمان ، والحريجة في الدين ، وإلى غير ذلك من البنود المشرقة التي حفل بها هذا العهد ، والتي لا غنى للأمة حكومة وشعباً عنها .
وكما أنه ( عليه السلام ) كان أعلم المسلمين بهذه الأمور فقد كان من أعلمهم بسائر العلوم الأخرى ، كعلم الكلام والفلسفة ، وعلم الحساب وغيرها .
ومع هذه الثروات العلمية الهائلة التي يَتَمَتَّع بها كيف لا ينتخبه الرسول ( صلى الله عليه وآله ) ، أو يرشّحه لمنصب الخلافة التي هي المحور الذي تدور عليه سيادة الأمة وأَمْنها .
فإن الطاقات العلمية الضخمة التي يملكها الإمام تقتضى بحكم المنطق الإسلامي أن يكون هو المرشح للقيادة العامة دون غيره .
فإن الله تعالى يقول : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ ) الزمر : 9 .
ثانيها : الشجاعة :

إن الإمام علي ( عليه السلام ) كان من أشجع الناس وأثبتِهِم قلباً ، وقد استوعبت شجاعته النادرة جميع لغات الأرض ، وهو القائل ( عليه السلام ) : ( لَو تَظَافَرَتْ العَرَبُ عَلى قِتَالِي لَمَا وَلَّيتُ عَنْهَا ) .
وقد قام هذا الدين بسيفه ( عليه السلام ) ، وبُنِيَ على جهاده وجهوده ، وهو صاحب المواقف المشهورة يوم بَدر وحُنَين والأحزاب .
فقد حصد ( عليه السلام ) رؤوس المشركين ، وَأبَادَ ضروسهم ، وأشاع فيهم القتل ، فلم تنفتح ثغرة على الإسلام إلا تَصَدَّى إلى إسكاتها .
فَقَدَّمه رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أميراً في جميع المواقف والمشاهد ، وأسند إليه قيادة جيوشه العامة .
فإنه ( عليه السلام ) ما وَلجَ حرباً إلا فتح الله على يَدِه ، فهو الذي قَهَر اليهود ، وفتح حصون خَيْبَر ، وَكَسَر شوكتهم ، وأخمد نارهم .
والشجاعة من العناصر الاساسية التي تتوقف عليها القيادة العامة ، فان الأمة اذا منيت بالازمات والنكسات ، وكان زعيمها ضعيف الإرادة ، خائر القوى جبان القلب ، فانها تصاب حتما بالكوارث والخطوب ، وتلاحقها الضربات والنكبات .
ومع توفر هذه الصفة بأسمى معانيها في الإمام علي ( عليه السلام ) كيف لا يرشّحه النبي ( صلى الله عليه وآله ) للخلافة الإسلامية ! .
فإنه ( عليه السلام ) بحكم شجاعته الفَذَّة التي تصحبها جميع الصفات الفاضلة ، والمثل الكريمة ، كان مُتَعَيَّناً لقيادة الأمة وإدارة شؤونها ، حتى لو لم يكن هناك نَصٌّ من النبي ( صلى الله عليه وآله ) عليه .

ثالثها : نُكرَان الذات :

وأهم صفة لا بُدَّ من توفرها عند من يتصدى زعامة الأمة هي نكران الذات ، وإيثار مصلحة الأمة على كل شيء ، وعدم الاستئثار بالفيء وغيره من أموال المسلمين .
وكانت هذه الظاهرة من أبرز ما عُرِف به الإمام ( عليه السلام ) أيام حكومته ، فلم يعرف المسلمون ولا غيرهم حاكماً تَنَكَّر لجميع مصالحه الخاصة كالإمام ( عليه السلام ) ، فلم يَدَّخِر لنفسه ولا لأهل بيته ( عليهم السلام ) شيئاً من أموال الدولة ، وتَحرَّجَ فيها تَحَرُّجاً شديداً .
وقد أجهد نفسه ( عليه السلام ) على أن يسير بين المسلمين بسيرة قُوَامُها الحقُّ المَحِض والعدل الخالص .
رابعها : العدالة :

وهي من أبرز الصفات الماثلة في شخصية الإمام ( عليه السلام ) ، فقد أترعت نفسه الشريفة بتقوى الله ، والتجنب عن معاصيه ، فلم يؤثر أي شيء على طاعة الله ، وقد تَحرَّج أشدَّ التَحَرُّج عن كل ما لا يُقرُّه الدين ، وتَأَبَاهُ شريعة الله ،
وهو القائل : ( وَاللهِ لَو أُعطِيتُ الأَقَالِيمَ السَّبع بِما تَحت أفلاكِهَا عَلَى أنْ أَعصِي اللهَ فِي جَلْبِ شَعِيرَة أَسلُبُها مِن فَمِ جَرَادَةٍ مَا فَعَلتُ ) .
وكان من مظاهر عدالته النادرة أنه امتنع من إجابة عبد الرحمن بن عوف حينما أَلَحَّ عليه أن يُقلِّده الخلافة شريطة الالتزام بسياسة الشيخين - أبي بكر وعُمَر - فأبى ( عليه السلام ) إلا أن يسير على وفق سيرة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فحسب .
ولو كان ( عليه السلام ) من طلاب الدنيا ، وعشّاق السلطان لأجابه إلى ذلك ، ثم يسير على وفق ما يراه ، ولكنّه لا يلتزم بشيء لا يُقِرُّه ، فلم يسلك أي طريق فيه التواء أو انحراف عن مُثُل الإسلام وهَدْيِهِ .
فقد توفرت العدالة بأرحب مفاهيمها في شخصية الإمام ( عليه السلام ) ، وهي من العناصر الرئيسية التي يجب أن يَتَحَلَّى بها من يَتَقَلَّد زمام الحكم ، وَيَلي أمور المسلمين .
هذه بعض خصائص الإمام علي ( عليه السلام ) ، فكيف لا يُرَشِّحُه النبي ( صلى الله عليه وآله ) ، ولا ينتخبه لمنصب الخلافة !! .

melika
21-11-2010, 11:34 PM
فلسفة الأمر بالمعروف عند الإمام علي ( عليه السلام )


مدح الله في كتابه الكريم المسلمين من أهل الكتاب ، وهم أتباع الأنبياء السابقين قبل بعثة النبي محمد(ص)لوعيهم لهذه الفريضة ، وهي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، والعمل بها .
وهذا ممَّا يكشف عن أنها فريضة عريقة في الإسلام منذ أقدم عصوره وصِيَغه ، وأنها قد كانت فريضة ثابتة في جميع مراحله التشريعيّة التي جاء بها أنبياء الله تعالى جيلاً بعد جيل .
فقال تعالى : ( لَيْسُوا سَوَاءً مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَآئِمَةٌ يَتلُونَ آيَاتِ اللهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُم يَسْجُدُونَ * يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَيَأْمُرُوْنَ بِالْمَعْرُوْفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَيُسَارِعُوْنَ فِي الخَيْرَاتِ وَأُوْلَئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ ) آل عمران : 113 - 114 .
وقد كان إحياء هذه الفريضة وجَعلها إحدى هواجس المجتمع من شواغل الإمام ( عليه السلام ) الدائمة .
وقد تناولها ( عليه السلام ) في خطبه وكلامه – كما تعكس لنا ذلك النماذج التي اشتمل عليها نهج البلاغة – من زوايا كثيرة ، منها :
1 - أنها قضية فكرية لا بُدَّ أن تُوعَى لِتُغني الشخصية الواعية .
2 - أنها قضية تشريعية تدعو الأمَّة والأفراد إلى العمل .
ومن هذين المنظورين عالجها ( عليه السلام ) بِعِدَّة أساليب ، فقد أعطاها منزلة عظيمة تستحقها بلا شك بين سائر الفرائض الشرعية .
فجعلَها إحدى شعب الجهاد الأربع : ( والجهادُ منها – من دعائمِ الإيمانِ – على أربعِ شُعَبٍ : على الأمرِ بالمعرُوف ، والنَّهي عن المُنكرِ ، والصِّدقِ في المواطن ، وشنآن الفاسقينَ .
فمن أمرَ بالمعرُوفِ شدَّ ظُهُور المؤمنين ، ومن نهى عن المُنكرِ أرغم أنُوف الكافرين ، ومن صَدَق في المواطن قضى ما عليه ، ومن شنِئ الفاسِقِين وغضِب لله غضِب اللهُ له ، وأرضاهُ يوم القيامةِ ) .


ومن السهل علينا أن نفهم الوجه في تقدم هذه الفريضة على غيرها إذا لاحظنا أن أعمال البِرِّ تأتي في الرتبة ، بعد استقامة المجتمع وصلاحه المبدئي – الشرعي والأخلاقي – ، وأن الجهاد لا يكون ناجعاً إلا إذا قام به جيش عقائدي .
وهذه كلّها تتفرع من الوعي المجتمعي للشريعة والأخلاق ، ومن الحد الأدنى للإلتزام المسلكي بهما .
وإذا كانت مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر تتدرج صاعدة من الإنكار بالقلب إلى الإنكار باللسان إلى الإنكار باليد ، وللإنكار باللسان درجات ، وللإنكار باليد درجات .

وإذا كانت الحالات العادية للأمر والنهي تتفاوت في خطورتها وأهميتها بما يستدعي هذه المرتبة من الإنكار أو تلك .
فإن الحالات الكبرى التي لا بُدَّ فيها من تدخل الحاكم العادل ، والأمة كلها قد تبلغ درجة من الخطورة التي لا بُدَّ فيها من الإنكار بالقلب واللسان ، وأقصى حالات الإنكار باليد وهو القِتَال .
وهذا هو ما كان يواجهه المجتمع الإسلامي في عهد الإمام ( عليه السلام ) ، فيتمثَّل تارة في ناكثي البيعة الذين خرجوا على الشرعية واعتدوا على مدينة البصرة .
ولم تفلح دعوته ( عليه السلام ) لهم بالحسنى في عودتهم إلى الطاعة ، واضطرّوه إلى أن يخوض ضدهم معركة الجمل في البصرة .
ويتمثَّل تارة أخرى في المتمردين على الشرعية في الشام بقيادة معاوية بن أبي سفيان الذي رفض جميع الصيغ السياسية التي عرضها عليه الإمام ( عليه السلام ) ، ليعود من خلالها إلى الشرعية .
وتارة في المارقين الخوارج على الشرعية والذين رفضوا كل عروض السلام التي قُدِّمت لهم ، وأصرّوا على الفتنة ، ومارسوا الإرهاب ضد الفلاَّحين والآمنين والأطفال والنساء .
وفي هذه الحالات وأمثالها على المسلم المستقيم أن يبرأ من الإنحراف في قلبه ، وأن يدينَه عَلناً بلسانه ، وأن يَنخَرِطَ في أي حركة يقودها الحاكم العادل لتقويم الإنحراف بالقوة إذا اقتضى الأمر ذلك .
ونلاحظ أن الإمام ( عليه السلام ) وضع للإنكار بالسيف – وهو أقصى مراتب الإنكار باليد – شرطاً ، وهو أن تكون الغاية منه إعلاء كلمة الله ، وليس العصبيَّة العائلية ، أو العُنصُريَّة ، أو المصلحة الخاصة ، أو العاطفة الشخصية .

وهذا شرط في جميع أفعال الإنسان ، وفي جميع مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
إِلا أنَّ الإمام ( عليه السلام ) صرَّح به في هذه المرتبة لخطورة الآثار المترتِّبة على القيام بها حيث أنها قد تؤدي إلى الجرح أو القتل .
ويقدِّر الإمام ( عليه السلام ) أنَّ كثيراً من الناس يتخاذلون عن ممارسة هذا الواجب الكبير ، فلا يأمرون بالمعروف تاركَهُ ، ولا ينهون عن المنكر فَاعِلُه .
وذلك بسبب ما يتوَّهمون من أداء ذلك إلى الإضرار بهم ، كَتَعريضِ حياتهم للخطر ، أو تعريض علاقاتِهم الاجتماعية للاهتزاز والقلق ، أو تعريض مصادر عيشهم للإنقطاع ، وما إلى ذلك من شؤون .
فقال ( عليه السلام ) : ( وإنَّ الأمرَ بالمعرُوفِ والنَّهي عنِ المُنكرِ لخُلُقان مِن خُلُق الله سُبحانه ، وإنَّهُما لا يُقرِّبان مِن أجَلٍ ، ولا ينقصانِ مِن رزقٍ ) .
وكما قلنا سابقاً من أنَّ إحياء هذه الفريضة ، وجعلها إحدى هواجس المجتمع الدائمة ، وإحدى الطاقات الفكرية الحَيَّة المحركة للمجتمع ، كان من شواغل الإمام ( عليه السلام ) الدائمة .
وكان يحمله على ذلك عاملان :
أولاهما : أنه ( عليه السلام ) إمام المسلمين ، وأمير المؤمنين ، ومن أعظم واجباته شأناً أن يراقب أمَّتَه ، ويعلِّمها ما جَهِلَت ، ويُعمِّق وَعْيَها ممَّا عَلِمَت ، ويجعل الشريعة حَيَّة في ضمير الأمة وفي حياتها .
ثانيهما : هو قضيته ( عليه السلام ) الشخصية في معاناته لمشاكل مجتمعه الداخلية والخارجية في قضايا السياسة والفكر .
فقد شكا الإمام ( عليه السلام ) كثيراً من النخبَة في مجتمعه ، وأدان هذه النخبَة بأنها نخبة فاسدة في الغالب ، لأنها لم تلتزم بقضية شعبها ووطنها ، وإنما تَخَلَّت عن هذه القضية سعْياً وراء آمال شخصية وغير أخلاقية .
وإذ يئس الإمام ( عليه السلام ) من التأثير الفَعَّال في هذه النخبة ، فقد توجَّه ( عليه السلام ) بشكواه إلى عَامَّة الشعب ، محاولاً أن يحرّكه في اتجاه الإلتزام العملي بقضيته العادلة ، وموجهاً وعيه نحو الأخطار المستقبلية ، ومحذِّراً من تَطَلّعات نُخبَته .
فقد كانت شكواه ( عليه السلام ) وتحذيراته المُترَعة بالمَرارة والألم نتيجة لمعاناته اليومية القاسية من مجتمعه بوجه عام ، ومن نُخبَة هذا المجتمع بوجه خاص .
ولا بُدَّ أن هؤلاء وأولئك قد سمعوا من الإمام ( عليه السلام ) مِراراً كثيرة مثل الشكوى التالية التي قالها ( عليه السلام ) في أثناء كلامٍ له عن صِفَة مَن يَتَصدَّى للحكم بين الأمة وليس لذلك بأهل :
فقال ( عليه السلام ) : ( إِلى اللهِ أشكُو مِن معشر يعيشُون جُهَّالاً ويمُوتُون ضُلاَّلاً ، ليس فيهم سِلعة أبورُ مِن الكتاب إذا تُلي حقَّ تلاوتهِ ، ولا سِلعة أنفقُ بيعاً ولا أغلى ثمناً مِن الكِتاب إذا حُرِّف عن مواضعهِ ، ولا عندهُم أنكر من المعرُوف ولا أعرفُ من المُنكرِ ) .
وقد بَلَغ ( عليه السلام ) من خطورة فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عند الإِمام ( عليه السلام ) أنه جعلها إحدى وصاياه البارزة الهامة لابنيهِ الإمامين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) .
وقد تكرّرت هذه الوصية مرتين ، إحداهما لابنه الإِمام الحسن ( عليه السلام ) في وصيته الجامعة .
والأخرى في وصيته ( عليه السلام ) للإمامين الحسن والحسين ( عليهما السلام ) في وصيته لهما وهو على فراش الإستشهاد ، بعد أن ضربه ابن ملجم المرادي ( لعنه الله ) بالسيف على رأسه في المسجد عند قيامه ( عليه السلام ) من السجود .
فقال ( عليه السلام ) في الوصية الأولى لابنه الحسن ( عليه السلام ) : ( وأمُرْ بِالمعرُوفِ تكُن من أهلهِ ، وأنكِرِ المُنكر بيدك ولِسانِك ، وبَايِنْ من فعلهُ بجُهدك ، وجاهِدْ في الله حقَّ جهادِه ، ولا تأخُذك في الله لَومَةُ لائمٍ ) .
وقال ( عليه السلام ) في الوصية الثانية لابنيه الحسنين ( عليهما السلام ) : ( أوصيكُما وجميع ولدِي وأهلي ومن بَلَغه كتابي .. إلى أن قال بعد عِدَّة وصايا – : وعليكُم بالتّواصُلِ والتّباذُلِ ، وإيَّاكُم والتدابُر والتّقاطُع ، لا تترُكُوا الأمر بالمعروفِ والنَّهي عن المُنكرِ ، فيُوَلَّى عليكُم شِرارُكُم ، ثُمَّ تَدعُونَ فلا يُستجابُ لكُم ) .

melika
21-11-2010, 11:37 PM
نظرة الإمام علي ( عليه السلام ) للتاريخ البشري



كانت عناية الامام علی علیه السلام بالتاريخ ليست عناية القاصِّ والباحث عن القصص ، كما أنها ليست عناية السياسي الباحث عن الحيل السياسية وأساليب التمويه التي يعالج بها تذمر الشعب ، وإنما هي عناية رجل الرسالة والعقيدة ، والقائد الحضاري والمفكر المستقبلي .
إن القاصَّ يبحث ليجد في تاريخ الماضين وآثارهم مادة للتسلية والإثارة ، والسياسي يبحث ليجد في التاريخ أساليب يستعين بها في عمله السياسي اليومي في مواجهة المآزق ، أو يستعين بها في وضع الخطط الآنية المحدودة .
والمؤرّخ يقدم لهذا وذاك المادة التاريخية التي يجدان فيها حاجتهما .
أما الرائد الحضاري ، ورجل الرسالة والعقيدة ، ورجل الدولة ، فهو يبحث ليجد في التاريخ جذور المشكل الإنساني ، ويَتَقَصَّى جهود الإنسانية الدائبة في سبيل حل هذا المشكل بنحو يعزز قدرة الإنسان على التكامل الروحي والمادي .
كما يعزز قدرته على تأمين قدر ما من السعادة مع الحفاظ على الطهارة الإنسانية ، وقد كان الإمام علي ( عليه السلام ) يتعامل مع التاريخ بهذه الروح ومن خلال هذه النظرة .
ومِن ثَمَّ فَلَمْ يتوقَّف عند جزئيات الوقائع إلا بمقدار ما تكون شواهداً ورموزاً ، وإِنما تناول المسألة التاريخية بنظرة كُلِّية شاملة .

ومن هنا فَقَلَّما نرى الإمام ( عليه السلام ) في خطبه وكتبه يتحدث عن وقائع وحوادث جزئية ، وإنما يغلب على تناوله للمسألة التاريخية طابع الشمول والعمومية .
ونحن نعرف عناية الإمام علي ( عليه السلام ) الفائقة بالتاريخ ، واهتمامه البالغ بشأنه ، مِن نصٍّ ورد في وصيته التي وَجَّهَها إلى ابنه الإمام الحسن ( عليه السلام ) كتبها إليه عند انصرافه من صِفِّين ، قال فيه :
( أيْ بُنَيَّ ، إنِّي وَإنْ لَمْ أَكُنْ عُمِّرْتُ عُمُرَ مَنْ كَانَ قَبْلِي ، فَقَدْ نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ ، وَفَكَّرْتُ فِي أخْبَارِهِمْ ، وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ ، حَتَّى عُدْتُ كَأَحَدِهِمْ ، بَلْ كَأَنِّي بِمَا انْتَهَى إلَيَّ مَنْ أُمُوِرِهِمْ ، قَدْ عُمِّرْتُ مَعَ أوَّلَهَمْ إلى آخِرِهِمْ ، فَعَرَفْتُ صَفْوَ ذَلِكَ مِنْ كَدَرِهِ ، وَنَفْعَهُ مَنْ ضَرَرِه ) .
وكان قبل ذلك قد وجه الامام الحسن علیه السلام في هذه الوصية إلى تَعَرُّف التاريخ الماضي للعبرة والموعظة ، فقال ( عليه السلام ) :
( أحيِ قَلْبَكَ بالْمَوعظَةِ ، وَاعرِضْ عَلَيْهِ أَخْبَارَ الْماضِينَ ، وَذَكِّرْهُ بِمَا أَصَابَ مَنْ كَانَ قَبْلَكَ مِنَ الأَوَّلِينَ ، وَسِرْ فِي دِيَارِهِمْ وَآثَارِهِمْ فَانْظُرْ فِيمَا فَعَلُوا ، وَعَمَّا انْتَقَلُوا ، وَأَيْنَ حَلوُّا وَنَزَلُوا ، فَإنَّكَ تَجِدُهُمْ قَدِ انْتَقَلُوا عَنِ الأَحِبَّةِ ، وَحَلوُّا دِيَارَ الْغُرْبَةِ ، وَكَأَنَّكَ عَنْ قَليلٍ قَدْ صِرْتَ كَأَحَدِهِمْ ) .
وهذا النص يحملنا على الاعتقاد بأن الإمام ( عليه السلام ) تَحدَّث كثيراً عن المسألة التاريخية في توجيهاته السياسية ، وتربيته الفكرية لمجتمعه ، ولرجال إدارته ، وَلِخَوَاصِّ أصحابه .
ولكن النصوص السياسية والفكرية التي اشتمل عليها نهج البلاغة مِمَّا يدخل فيه العنصر التاريخي قليلة جداً ، وإن كانت النصوص الوَعظِيَّة التي بُنِيَت على الملاحظة التاريخية كثيرة نِسبياً .
ومن هنا يواجهنا سُؤالاً هاماً ، وهو : مِنْ أين استقى الإمام علي ( عليه السلام ) معرفته التاريخية ؟
إنه ( عليه السلام ) يقول عن نفسه : ( نَظَرْتُ فِي أَعْمَالِهِمْ، وَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِهِمْ وَسِرْتُ فِي آثَارِهِمْ ) .
فما الوسيلة التي تَوصَّل بِها إلى معرفة أعمالهم لِيَنظُر فيها ؟ ، وكيف تَسنَّى له أنِ اطَّلَعَ على أخبارهم ليفكر فيها ؟
نُقدِّر أن الإمام ( عليه السلام ) قد اعتمد في معرفته التاريخية على عِدَّة مصادر :

الأول : القرآن الكريم :

يأتي القرآن الكريم في مقدمة هذه المصادر التي استقى منها الإمام معرفته التاريخية ، فقد اشتمل القرآن الكريم على نصوص تاريخية كثيرة مُنبثَّة في تضاعيف السُّوَر ، وتَضمَّنَتْ أخبار الأمم القديمة وارتفاع شأنها ، وانحطاطها ، واندثار كثير منها ، وذلك من خلال عرض القرآن الكريم لحركة النُّبوَّات في تاريخ البشرية ، وحكايته لكيفية استجابات الناس في كلِّ أمة وجيل لرسالات الله تعالى ، التي بُشِّر بها الأنبياء ( عليهم السلام ) .
وقد كان أميرُ المؤمنين ( عليه السلام ) أفضل الناس - بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) - معرفة بالقرآن من حيث الظاهرِ والباطنِ ، والمُحْكَمِ والمُتَشَابَهِ ، والناسِخِ والمَنسُوخِ ، والأهدافِ والمَقَاصِدِ ، والأبعادِ الحاضِرَةِ والمُستَقبَلَةِ ، وغير ذلك من شؤون القرآن الكريم .
فكانت معرفته ( عليه السلام ) بالقرآن الكريم شاملة مستوعِبَة لكل ما يتعلق بالقرآن من قريب أو بعيد .
والتأثير القرآني شديد الوضوح في تفكير الإمام ( عليه السلام ) التاريخي ، من حيث المنهج ومن حيث المضمون ، كما هو شديد الوضوح في كل جوانب تفكيره الأخرى .
وقد حَدَّثَ الإمام ( عليه السلام ) عن نفسه في هذا الشأن ، كاشفاً عن أنه كان يُلِحُّ في مسائله لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) في شأن القرآن من جميع وجوهه .
فقد قال ( عليه السلام ) :
( وَالله مَا نَزَلَتْ آيَةٌ إلا وَقَدْ عَلِمْتُ فِيمَ أُنْزِلَتْ ، وَأَيْنَ أُنْزِلَتْ ، إِنَّ رَبِّي وَهَبَ لِي قَلْبَاً عَقُولاً ، وَلِسَاناً سَؤولاً ) .
كما أن شهاداتُ معاصريه له في هذا الشأن كثيرة جداً ، ومنها ما رُوِي عن عبد الله بن مسعود ، قال : ( إنّ القرآنَ أُنْزِل على سبعِة أحرُفٍ ، مَا منها حرفُ إلا له ظهر وبطن ، وإنَّ عليَّ بنَ أبي طالبٍ عنده علم الظاهر والباطن ) .
الثاني : التعليم الخاص :
التعليم الخاص الذي آثر به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) علياً ، هو مصدر آخر من مصادر معرفته ( عليه السلام ) التاريخية وغيرها .
فقد تواترت واستفاضت الروايات التي نقلها المحدثون وكُتَّاب السيرة والمؤرخون من المسلمين على اختلاف مذاهبهم وأهوائهم بأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قد خَصَّ أميرَ المؤمنين عليّاً ( عليه السلام ) بجانبٍ من العلم لم يُرَ غيره من أهل بيته وأصحابه أهلاً له .
فمن ذلك ما قاله عبد الله بن عباس : والله لقد أُعطِيَ عَلَيُّ بن أبي طالب تسعة أعْشَار العلم ، وَأَيْمُ الله لقد شارَكَكُم في العُشر العاشر .
وما رُوِي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : عَلِيٌّ عَيبَةُ عِلْمِي .
وما رواه أنس بن مالك ، قال : قيل يا رسول الله عَمَّن نكتُب العِلمَ ؟
قالَ ( صلى الله عليه وآله ) : عن علي وسَلمَان .
وقال الإمام ( عليه السلام ) : ( عَلَّمَني رَسُولُ اللهِ ( صلى الله عليه وآله ) ألْفَ بَابِ مِنَ العِلِم ، كُلُّ بابِ يَفتَحُ ألفَ بابٍ ) .
وقال ( عليه السلام ) : ( لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ مِمَّا طُوِيَ عَنْكُمْ غَيْبُهُ إِذاً لَخَرَجْتُمْ إِلى الصُّعُدَاتِ تَبْكُونَ عَلَى أَعْمَالِكُمْ ) .
وقال ( عليه السلام ) : ( يَا أَخَا كَلْبٍ ، لَيْسَ هُوَ بِعِلْمِ غَيْبٍ ، وَإِنَّماَ هُوَ تَعَلُّمُ مِنْ ذِي عِلْمٍ ) .
وإِذا كانت بعضُ هذه النصوص ظاهرة في العلم بالغيبات < p>
وإِذا كان الإمام ( عليه السلام ) قد اطَّلَع من رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) على بعض المعلومات المتعلقة بالمستقبل ، فمن المُرَجَّح أنه ( عليه السلام ) قد اطلع منه على علم الماضي .

الثالث : السُنَّة النبوية :

اشتملت السنة النبوية على الكثير المُتَنَوِّع من المادة التاريخية ، ومنه ما ورد في تفسير وشرح القرآن الكريم ، ومن ما اشتمل إِجمالاً أو تفصيلاً على حكاية أحداث تاريخية لم ترد في القرآن إِشارة إِليها .
وقد كان الإمام علي ( عليه السلام ) أعلم اهل البت علیهم السلام ، والصحابة قاطبة ، بما قاله رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أو فَعَلَهُ أَو أَقَرَّهُ .
فقد عاش ( عليه السلام ) في بيت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) منذ طفولته ، وَبُعثَ الرسول ( صلى الله عليه وآله ) وعلي ( عليه السلام ) عنده .
وكان ( عليه السلام ) أول من آمن به ، ولم يفارقه منذ بعثته إِلى حين وفاته ، إِلا في تنفيذ المهمات التي كان ( صلى الله عليه وآله ) يُكَلِّفه بها خارج المدينة وهي لم تستغرق الكثير من وقته ( عليه السلام ) .
ومن هنا ، فتفرغه الكامل لتلقي التوجيه النبوي ، ووعيه الكامل لِما كان يتلقَّاه كان الإمام أعلم الناس بِسُنِّة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكتاب الله .
الرابع : القراءة :
إنَّ الإمام عليّاً ( عليه السلام ) قد قَرأ مدونات تاريخية باللغة العربية و بغيرها من اللغات ، التي كانت متداولة في المنطقة التي شهدت نشاطه .
وخاصة بعد أن انتقل ( عليه السلام ) من الحجاز إِلى العراق واضطرَّتْهُ مشكلات الحكم والفتن إِلى التنقل بين العراق وسوريا .
الخامس : الآثار القديمة :

وربما كانت الآثار العِمرَانية للأمم القديمة من جملة مصادر المَعرِفَة التاريخية عند الإمام ( عليه السلام ) .
ويعزز هذا الظن بدرجة كبيرة قوله في النص الآنف الذكر : وَسِرْتُ في آثَارِهِمْ ، مما يحمل دلالة واضحة على أن مراده الآثار العمرانية .
وقد خبر الإمام في حياته أربعة من أقطار الإسلام : شبه الجزيرة العربية ، واليمن ، والعراق ، وسوريا ، ونقدر أنه ( عليه السلام ) قد زار الآثار الباقية من الحضارات القديمة في هذه البلاد .
وإِذا كان هذا قد حدث - ونحن نرجح حدوثه - فمن المؤكد أن الإمام ( عليه السلام ) لم يزر هذه الآثار زيارة سائح ينشد التسلية إِلى جانب الثقافة ، أو زيارة عالم آثار يتوقف عند الجزئيات ، وإنما زارها زيارة معتبر مفكر ، يكمل معرفته النظرية بمصائر الشعوب والجماعات ، بمشاهدة بقايا وأطلال مدنها ومؤسساتها التي حل بها الخراب بعد أنِ انحطَّ بُنَاتُها ، وَفَقَدُوا قُدرَتُهُم عَلى الاستِمرَار فاندثروا .
هذه هي – فيما نقدِّر – المصادر المعلومة والمظنونة والمحتملة التي استقى منها الإمام علي ( عليه السلام ) معرفته التاريخية .

melika
21-11-2010, 11:38 PM
قبر الإمام علي ( عليه السلام ) حرم آمِن



ذكر عبد الله بن خازم قال : خرجنا يوماً مع الرشيد من الكوفة نتصيَّد ، فَصِرنَا إلى ناحية الغَرِيَّيْنِ فرأينا ظباءاً ، فأرسلنا عليها الصُقورة والكلاب ، فجاولتها ساعة ، ثم لجأت الظباء إلى أكمةٍ فسقطت عليها ، فسقطت الصقورة ناحية ورجعت الكلاب .
فعجب الرشيد من ذلك ، ثم إن الظباء هبطت من الأكمة ، فهبطت الصقورة والكلاب ، فرجعت الظباء إلى الأكمة فتراجعت عنها الكلاب والصقورة ، ففعلت ذلك ثلاثاً .
فقال الرشيد : أُركضوا ، فمن لقيتموه فأتوني به ، فأتيناه بشيخ من بني أسد .
فقال له هارون : أخبرني ما هذه الأكمة ؟
قال : إن جعلت لي الأمان أخبرتك .
قال الرشيد : لك عهد الله وميثاقه ألا أهيجك ولا أؤذيك .
قال الشيخ الأسدي : حدثني أبي عن آبائه أنهم كانوا يقولون أن في هذه الأكمة قبر
علی علیه السلام، جعله الله حرماً لا يأوي إليه شيء إلا أمِن .

melika
21-11-2010, 11:40 PM
الإمام علي ( عليه السلام ) وحديث الدار

(http://www.tebyan.net/bigimage.aspx?img=http://img.tebyan.net/big/1387/06/741514069209236215866212810023140187090.jpg)

إنَّ الحسابات الاجتماعية كانت تقتضي أن يعيِّن الرسول (ص)قائداً للأمَّة ، منعاً لظهورِ أيّ اختلاف وانشقاق فيها من بعده .
وأن يضمن ( صلى الله عليه وآله ) استمرار وبقاء الوحدة الإسلامية بتحصينِها بسياجٍ دِفاعيٍّ متين .
فتحصين الأمة وصيانتها من الحوادث المشؤومة ، والحيلولة دون مطالبة كل فريق بـ( الزعامة ) لنفسه دون غيره ، وبالتالي التنازع على مسألة الخلافة والزعامة ، لم يكن ليتحقق إلا بتعيين قائد للأمَّة ، وعدم ترك الأمور للأقدار .
هذه الحسابات تهدينا إلى صحة نظرية التنصيص على تنصيب القائد بعد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
ولهذا السبب ولأسباب أخرى طرح رسول الإسلام ( صلى الله عليه وآله ) مسألة الخلافة منذ بداية الدعوة الإسلامية ، وظلَّ يواصل طرحها طوال حياته .
حيث عيَّنَ ( صلى الله عليه وآله ) خليفته ، ونصَّ عليه بالنصِّ القاطع الواضح الصريح في بدء دعوته ( حديث الدار ) ، و ( حديث الغدير ) ، وحتى لحظات حياته الأخيرة ( حديث الكتف والدواة ) أيضاً .
وإليك بيان ذلك :
بالإضافة إلى الأدلة العقلية والفلسفية التي تثبت قطعية ( النصِّ على الخلافة ) ، فإنَّ هناك أخباراً وروايات وردت في المصادر المعتبرة ، تثبِّت صحة الموقف والرأي الذي ذهب إليه علماء الشيعة وتوثقه .
فقد نصَّ النبي ( صلى الله عليه وآله ) خلال نبوَّته على الخليفة من بعده مراراً وتكراراً ، لذلك فإنَّ مسألة الانتخاب الشعبي تكون منتفية .

ولما أمره الله عزَّ وجلَّ أن ينذر عشيرته الأقربين من العذاب الإلهي الأليم ، وأن يدعوهم إلى عقيدة التوحيد قبل دعوته العامة للناس ، جمع أربعين رجلاً من زعماء بني هاشم وبني عبد المطلب ، ثمَّ وقف ( صلى الله عليه وآله ) فيهم خطيباً وقال : ( أيُّكُم يؤازِرُني على هذا الأمر ، على أن يكون أخي ووصيِّي وخليفتي فيكم ؟ ) .
فأحجم القوم ، وقام الامام علی علیه السلام، وأعلن مؤازرته وتأييده له ، فأخذ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) برقبته ، والتفت إلى الحاضرين ، وقال : ( إنَّ هَذا أخي ووصِيِّي وخليفتي فيكم ) .
وقد عرف هذا الحديث عند المفسّرين والمحدِّثين : بـ( يوم الدار ) ، و ( حديث بدء الدعوة ) .

melika
21-11-2010, 11:43 PM
إصلاحات الإمام علي ( عليه السلام ) السياسية والإدارية



استلم الامام علی علیه السلامالخلافة بعد مقتل عثمان بسبعة أيام ، ذلك في ( 25 ) ذي الحجة عام ( 35 هـ ) ، فوجد الأوضاع متردّية بشكل عام ، وعلى أثر ذلك وضع خطّة إصلاحية شاملة ، ركّز فيها على شؤون الإدارة ، والاقتصاد ، والحكم ، وفي السطور القادمة سنتناول شواهد على ذلك البرنامج الإصلاحي بشكل مختصر :
الأول : تطهير جهاز الدولة :

أول عمل قام به الإمام ( عليه السلام ) فور توليته لمنصب رئاسة الدولة هو عَزل وُلاة عثمان الذين سَخّروا جهاز الحكم لمصالحهم الخاصة ، وأُثروا ثراءً فاحشاً مما اختلسوه من بيوت المال ، وعزل ( عليه السلام ) معاوية بن أبي سفيان أيضاً .
ويقول المؤرخون : إنه أشار عليه جماعة من المخلصين بإبقائه في منصبه ريثما تستقر الأوضاع السياسية ثم يعزله فأبى الإمام ( عليه السلام ) ، وأعلن أن ذلك من المداهنة في دينه ، وهو مما لا يُقرّه ضميره الحي ، الذي لا يسلك أي طريق يبعده عن الحق ولو أبقاه ساعة لكان ذلك تزكية له ، وإقرارا بعدالته ، وصلاحيته للحكم .
الثاني : تأميم الأموال المختلسة :

أصدر الإمام ( عليه السلام ) قراره الحاسم بتأميم الأموال المختلسة التي نهبها الحكم المُباد .
فبادرت السلطة التنفيذية بوضع اليد على القطائع التي أقطعها عثمان لذوي قُرباه ، والأموال التي استأثر بها عثمان ، وقد صودِرت أمواله حتى سيفه ودرعه ، وأضافها الإمام ( عليه السلام ) إلى بيت المال .
وقد فزع بنو أمية كأشد ما يكون الفزع ، فهم يرون الإمام ( عليه السلام ) هو الذي قام بالحركة الانقلابية التي أطاحت بحكومة عثمان ، وهم يطالبون الهاشميين برد سيف عثمان ودرعه وسائر ممتلكاته التي صادرتها حكومة الإمام ( عليه السلام ) .
وفزعت القبائل القرشية وأصابها الذهول ، فقد أيقنت أن الإمام سيصادر الأموال التي منحها لهم عثمان بغير حق .
فقد كتب عمرو بن العاص رسالة إلى معاوية جاء فيها : ما كنتُ صانعاً فاصنع إذا قشّرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه كما تقشر عن العصا لحاها .
لقد راح الحسد ينهش قلوب القرشيين ، والأحقاد تنخر ضمائرهم ، فاندفعوا إلى إعلان العصيان والتمرد على حكومة الإمام ( عليه السلام ) .

الثالث : اِلتياع الإمام ( عليه السلام ) :
وامتُحِن الإمام ( عليه السلام ) امتحاناً عسيراً من الأُسَر القرشية ، وعانى منها أشدّ ألوان المِحن والخُطوب في جميع أدوار حياته .
فيقول ( عليه السلام ) : ( لقد أخافَتني قُريش صغيراً ، وأنصبتني كبيراً ، حتى قبض الله رسوله ( صلى الله عليه وآله ) ، فكانت الطامّة الكبرى ، والله المُستعان على ما تَصِفون ) .
ولم يعرهم الإمام ( عليه السلام ) اهتماماً ، وانطلق يؤسس معالم سياسته العادلة ، ويحقق للأمة ما تصبوا إليه من العدالة الاجتماعية .
وقد أجمع رأيه ( عليه السلام ) على أن يقابل قريش بالمِثل ، ويسدد لهم الضربات القاصمة إن خلعوا الطاعة ، وأظهروا البغي .
فيقول ( عليه السلام ) : ( مَالي وَلِقُريش ، لقد قتلتُهم كافرين ، ولأقتلنَّهم مَفتونين ، والله لأبقرنَّ الباطل حتى يظهر الحق من خَاصِرَتِه ، فَقُلْ لقريش فَلتضجّ ضَجيجَها ) .
الرابع : سياسة الإمام ( عليه السلام ) :

فيما يلي عرضاً موجزاً للسياسة الإصلاحية التي اتبعها الإمام ( عليه السلام ) لإدارة الدولة الإسلامية وهي كما يلي :
أولاً : السياسة المالية :

كانت السياسة المالية التي انتهجها الإمام ( عليه السلام ) امتداد لسياسة الرسول الأعظم ( صلى الله عليه وآله ) الذي عنى بتطوير الحياة الاقتصادية ، وإنعاش الحياة العامة في جميع أنحاء البلاد ، بحيث لا يبقى فقير أو بائس أو محتاج ، وذلك بتوزيع ثروات الأمة توزيعاً عادلاً على الجميع .
ومن مظاهر هذه السياسة هي :

1 - المساواة في التوزيع والعطاء ، فليس لأحد على أحد فضل أو امتياز ، وإنما الجميع على حدٍّ سواء .
فلا فضل للمهاجرين على الأنصار ، ولا لأسرة النبي ( صلى الله عليه وآله ) وأزواجه على غيرهم ، ولا للعربي على غيره .
وقد أثارت هذه العدالة في التوزيع غضب الرأسماليين من القرشيين وغيرهم ، فأعلنوا سخطهم على الإمام ( عليه السلام ) .
وقد خفت إليه جموع من أصحابه تطالبه بالعدول عن سياسته فأجابهم الإمام ( عليه السلام ) : ( لو كان المال لي لَسوّيتُ بينهم فكيف ، وإنما المال مال الله ، ألا وإن إعطاء المال في غير حقه تبذير وإسراف ، وهو يرفع صاحبه في الدنيا ، ويضعه في الآخرة ، ويُكرّمه في الناس ، ويهينه عند الله ) .
فكان الإمام ( عليه السلام ) يهدف في سياسته المالية إلى إيجاد مجتمع لا تطغى فيه الرأسمالية ، ولا تحدث فيه الأزمات الاقتصادية ، ولا يواجه المجتمع أي حِرمان أو ضيق في حياته المعاشية .
وقد أدت هذه السياسة المشرقة المستمدة من واقع الإسلام وهَدْيهِ إلى إجماع القوى الباغية على الإسلام أن تعمل جاهدة على إشاعة الفوضى والاضطراب في البلاد ، مستهدفة بذلك الإطاحة بحكومة الإمام ( عليه السلام ) .
2 - الإنفاق على تطوير الحياة الاقتصادية ، وإنشاء المشاريع الزراعية ، والعمل على زيادة الإنتاج الزراعي الذي كان من أصول الاقتصاد العام في تلك العصور .
وقد أكد الإمام ( عليه السلام ) في عهده لمالك الأشتر على رعاية إصلاح الأرض قبل أخذ الخراج منها .
فيقول ( عليه السلام ) : ( وليكُن نظرك في عِمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب الخراج ، لأن ذلك لا يُدرك إلا بالعمارة ، ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلا قليلاً ) .
لقد كان أهم ما يعني به الإمام ( عليه السلام ) لزوم الإنفاق على تطوير الاقتصاد العام ، حتى لا يبقى أي شبح للفقر والحرمان في البلاد .
3 - عدم الاستئثار بأي شيء من أموال الدولة ، فقد تحرج الإمام ( عليه السلام ) فيها كأشد ما يكون التحرّج .
وقد أثبتت المصادر الإسلامية بوادر كثيرة من احتياط البالغ فيها ، فقد وفد عليه أخوه عقيل طالباً منه أن يمنحه الصلة ويُرَفّهُ عليه حياته المعاشية ، فأخبره الإمام ( عليه السلام ) أن ما في بيت المال للمسلمين ، وليس له أن يأخذ منه قليلاً ولا كثيراً ، وإذا منحه شيء فإنه يكون مختلساً .
وعلى أي حال فإن السياسة الاقتصادية التي تَبنّاها الإمام ( عليه السلام ) قد ثقلت على القوى المنحرفة عن الإسلام ، فانصرفوا عن الإمام وأهل بيته ( عليهم السلام ) ، والتحقوا بالمعسكر الأموي الذي يضمن لهم الاستغلال ، والنهب ، وسلب قوت الشعب ، والتلاعب باقتصاد البلاد .
ثانياً : السياسة الداخلية :

عنى الإمام ( عليه السلام ) بإزالة جميع أسباب التخلف والانحطاط ، وتحقيق حياة كريمة يجد فيها الإنسان جميع متطلبات حياته ، من الأمن والرخاء والاستقرار ، ونشير فيما يلي إلى بعض مظاهرها :
1 - المساواة : وتجسّدت فيما يأتي :
أ - المساواة في الحقوق والواجبات .
ب - المساواة في العطاء .
ج - المساواة أمام القانون .
وقد ألزم الإمام ( عليه السلام ) عُمّاله وَوُلاته بتطبيق المساواة بين الناس على اختلاف قوميّاتهم وأديانهم .
فيقول ( عليه السلام ) في بعض رسائله إلى عماله : ( واخفضْ للرعيّة جناحك ، وابسط لهم وجهك ، وأَلِنْ لهم جنابك ، وآسِ بينهم في اللحظة والنظرة ، والإشارة والتحية ، حتى لا يطمع العظماء في حيفك ، ولا ييأس الضعفاء من عدلك ) .

2 - الحرية :
أما الحرية عند الإمام ( عليه السلام ) فهي من الحقوق الذاتية لكل إنسان ، ويجب أن تتوفر للجميع ، شريطة أن لا تستغلّ في الاعتداء والإضرار بالناس ، وكان من أبرز معالمها هي الحُرّية السياسية .
ونعني بها أن تُتَاح للناس الحرية التامة في اعتناق أي مذهب سياسي دون أن تفرض عليهم السلطة رأيا معاكساً لما يذهبون إليه .
وقد منح الإمام ( عليه السلام ) هذه الحرية بأرحب مفاهيمها للناس ، وقد منحها لأعدائه وخصومه الذين تخلفوا عن بيعته .
فلم يجبرهم الإمام ( عليه السلام ) ، ولم يتخذ معهم أي إجراء حاسم كما اتخذه أبو بكر ضده حينما تَخلّف عن بيعته .
فكان الإمام ( عليه السلام ) يرى أن الناس أحرار ، ويجب على الدولة أن توفر لهم حريتهم ما دام لم يخلوا بالأمن ، ولم يعلنوا التمرد والخروج على الحكم القائم .
وقد منح ( عليه السلام ) الحرية للخوارج ، ولم يحرمهم عطاءهم مع العلم أنهم كانوا يشكلون أقوى حزب معارض لحكومته .
فلما سَعوا في الأرض فساداً ، وأذاعوا الذعر والخوف بين الناس انبرى إلى قتالهم حفظاً على النظام العام ، وحفظاً على سلامة الشعب .
ثالثاً : الدعوة إلى وحدة الأمة :

وجهد الإمام كأكثر ما يكون الجهد والعناء على العمل على توحيد صفوف الأمة ونشر الأُلفة والمحبة بين أبنائها .
واعتبر ( عليه السلام ) الأُلفة الإسلامية من نعم الله الكبرى على هذه الأمة .
فيقول ( عليه السلام ) : ( إنّ الله سبحانه قد امتَنّ على جماعة هذه الأمة فيما عقد بينهم من حبل هذه الأُلفة التي ينتقلون في ظلها ، ويأوون إلى كنفها ، بنعمة لا يعرف أحد من المخلوقين لها قيمة ، لأنها أرجح من كل ثمن ، وأجلُّ من كل خطر ) .
فقد عنى الإمام ( عليه السلام ) بوحدة الأمة ، وتبنّي جميع الأسباب التي تؤدي إلى تماسكها واجتماع كلمتها ، وقد حافظ على هذه الوحدة في جميع أدوار حياته .
فقد ترك ( عليه السلام ) حَقّه وسَالَم الخلفاء صِيانة للأمة من الفرقة والاختلاف .
رابعاً : تربية الأمة :

لم يعهد عن أحد من الخلفاء أنه عنى بالناحية التربوية أو بشؤون التعليم كالإمام ( عليه السلام ) ، وإنما عنوا بالشؤون العسكرية ، وعمليات الحروب ، وتوسيع رقعة الدولة الإسلامية ، وبسط نفوذها على أنحاء العالم .
وقد أولى أمير المؤمنين ( عليه السلام ) المزيد من اهتمامه بهذه الناحية ، فاتخذ جامع الكوفة معهداً يلقي فيه محاظراته الدينية والتوجيهية .
وكان ( عليه السلام ) يشغل أكثر أوقاته بالدعوة إلى الله ، وإظهار فلسفة التوحيد ، وبَثّ الآداب والأخلاق الإسلامية مستهدفا من ذلك نشر الوعي الديني ، وخلق جيل يؤمن بالله إيمانا عقائدياً لا تقليدياً .

فقد كان الإمام ( عليه السلام ) المؤسس الأعلى للعلوم والمعارف في دنيا الإسلام ، وقد بذل جميع جهوده على إشاعة العلم ونشر الآداب والثقافة بين المسلمين ، وكان دوماً يذيع بين أصحابه قوله :

( سَلوني قَبلَ أن تفقدوني ، سَلوني عن طُرق السَّماء ، فإني أبصَرُ بها من طُرُق الأرض ) .

melika
21-11-2010, 11:44 PM
آداب الأخوة عند الإمام علي ( عليه السلام )



شَذَرات من أقواله علیه السلام في ما يجب أن تكون عليه الأخوة في الله .
1ـ قال ( عليه السلام ) : الناسُ إخوان ، فمن كانت أخوَّته في غير ذات الله فهي عداوة ، وذلك قوله عزَّ وجلَّ :
( الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ) الزخرف : 67 .
2ـ قال ( عليه السلام ) :
( مَن قَلَّب الإخوان عَرف جَواهر الرِّجال ) .
3ـ قال ( عليه السلام ) :
( اِمحض أخاكَ النصيحة ، حسنةً كانت أم قبيحةً ، ساعده على كُلِّ حالٍ ، وزِلْ معه حيث ما زَالَ ، فلا تَطلبْنَ منه المجازاة ، فإنَّها من شِيَم الدّناة ) .
4ـ قال ( عليه السلام ) :
( ابذِلْ لصديقك كل المودَّة ، ولا تبذل له كل الطمأنينة ، وأعطِهِ كلَّ المواساة ، ولا تفضي إليه بكُلِّ الأسرار ، تُوفي الحكمة حقَّها ، والصديق واجبَه ) .
5ـ قال ( عليه السلام ) :
( لا يَكونَنَّ أخوك أقوى منك على مَودَّتِك ) .
6ـ قال ( عليه السلام ) :
( البَشاشة فَخّ المودة ، والمودَّة قرابة مُستَفادة ) .
7ـ قال ( عليه السلام ) :
( لا يُفسِدُك الظنُّ على صديقٍ أصلحَهُ لك اليقينُ ) .
8ـ قال ( عليه السلام ) :
( كَفى بِكَ أدباً لِنَفسك ما كرهتَه لِغَيرك ) .
9ـ قال ( عليه السلام ) :
( لأخيك عَليكَ مِثل الَّذي لكَ عليه ) .
10ـ قال ( عليه السلام ) :
( لا تُضيِّعَنَّ حقَّ أخيك اتِّكالاً على ما بينك وبينه ، فإنَّه ليس لك بأخ من ضَيَّعتَ حقَّه ، ولا يَكُن أهلك أشقى الناس بك ) .
11ـ قال ( عليه السلام ) :
( اِقبلْ عُذرَ أخيك ، وإنْ لم يكن لهُ عذرٌ فالتَمِسْ لَهُ عُذراً ) .
12ـ قال ( عليه السلام ) :
( لا يُكلِّف أحدكم أخَاه الطَّلَب إذا عَرفَ حَاجَتَه ) .
13ـ قال ( عليه السلام ) :
( لا تَرغَبَنَّ فيمن زَهد فيك ، ولا تَزهدَنَّ فيمَن رَغب فيك ) .
14ـ قال ( عليه السلام ) :
( لا تكثرنَّ العِتاب فإنه يورثُ الضَّغينة ، ويجرُّ إلى البغضة ، و كثرته من سوء الأدب ) .
15ـ قال ( عليه السلام ) :
( اِرحم أخاكَ وإنْ عَصَاك ، وصِلْهُ و إِنْ جَفَاك ) .
16ـ قال ( عليه السلام ) :
( اِحفِظ زَلَّة وَليِّك ، لوقت وَثْبة عَدوِّك ) .
17ـ قال ( عليه السلام ) :
( مَنْ وعظ أخاه سِرّاً ، فقد زَانَه ، ومن وعَظَه عَلانيةً فقد شَانَه ) .
18ـ قال ( عليه السلام ) :
( مِن كَرَم المرءِ بُكاؤه على ما مضى مِن زَمانه ، وحَنِينه إلى أوطانه ، وَحِفظ قَدِيمِ إِخوانِه ) .

melika
21-11-2010, 11:46 PM
إسلام الراهب على يد الإمام علي ( عليه السلام )



لما توجَّه الامام علیه السلامإلى صفين ، لحق أصحابه عطشٌ شديد ، ونفد ما كان معهم من الماء ، فأخذوا يميناً وشمالاً يلتمسون الماء فلم يجدوا له أثراً .
فعدل بهم أَمير المؤمنين ( عليه السلام ) عن الجادَّة وسار قليلاً ، فلاح لهم ديرٌ في وسط البرِّيَّـة فسار بهم نحوه ، حتى إذا صار في فنائه أمر مَنْ نادى ساكنه بالاطِّلاع إليهم فنادَوه فاطَّلع ، فقال له أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : هل قُرب قائمك هذا ماء يتغوَّثُ به هؤلاء القوم ؟
فقال : هيهات ، بيني وبين الماء أكثر من فرسخين ، وما بالقرب مِنِّي شيء من الماء ، ولولا إنـني أُوتي بماءِ يكفيني كلَّ شهر على التقتير لتلفت عطشاً .
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : أَسَمعتم ما قال الراهب ؟
قالوا : نعم ، أفتأمرنا بالمسير إلى حيث أومأ إليه ، لعلَّنا ندرك الماء وبنا قوَّة ؟
فقال أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : لا حاجة بكم إلى ذلك ، ولوى عنق بغلته نحو القبلة وأشار لهم إلى مكان يقرب من الدير .
فقال ( عليه السلام ) : اكشفوا الأرض في هذا المكان ، فعدل جماعة منهم إلى الموضع فكشفوه بالمساحي ، فظهرت لهم صخرة عظيمة تلمع .
فقالوا : يا أمير المؤمنين ، هنا صخرة لا تعمل فيها المساحي .
فقال لهم ( عليه السلام ) : إنَّ هذه الصخرة على الماء ، فإن زالت عن موضعها وجدتم الماء ، فاجتهدوا في قلبها .
فاجتمع القوم وراموا تحريكها فلم يجدوا إلى ذلك سبيلاً واستصعبت عليهم .
فلما رآهم ( عليه السلام ) قد اجتمعوا وبذلوا الجهد في قلع الصخرة فاستصعبت عليهم ، لوى ( عليه السلام ) رجله عن سرجه حتى صار على الأرض ، ثم حسر عن ذراعيه ووضع أصابعه تحت جانب الصخرة فحرَّكها ، ثم قلعها بيده .
فلما زالت عن مكانها ظهر لهم بياض الماء ، فتبادروا إليه فشربوا منه ، فكان أعذب ماء شربوا منه في سفرهم وأبرده وأصفاه ، فقال لهم : تزوَّدوا وارتَوُوا ، ففعلوا ذلك .
ثم جاء إلى الصخرة فتناولها بيده ووضعها حيث كانت ، وأمر أَن يُعفى أثرها بالتراب ، والراهب ينظر من فوق ديره ، فلما استوفى عِلم ما جرى نادى : يا معشر الناس أنزلوني أنزلوني .
فاحتالوا في إنزاله فوقف بين يدي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فقال له : يا هذا أنت نبيُّ مرسل ؟
فقال ( عليه السلام ) : لا .
قال الراهب : فملك مقرَّب ؟
قال ( عليه السلام ) : لا .
قال الراهب : فمن أنت ؟
قال : أنا وصي رسول الله محمد بن عبد الله خاتم النبيِّين .
قال الراهب : أبسط يدك ، أُسلم لله تبارك وتعالى على يدك ، فبسط أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يده وقال له : اشهد الشهادتين .
فقال الراهب : أشهد أَن لا اله إلا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، وأشهد أنك وصي رسول الله ، وَأَحَقَّ الناس بالأمر من بعده .

فأخذ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عليه شرائط الإسلام ثم قال له : ما الذي دعاك إلى الإسلام بعد طول مقامك في هذا الدير على الخلاف ؟
فقال : أخبرك – يا أمير المؤمنين – ، إن هذا الدير بُنِي على طلب قالع هذه الصخرة ومخرج الماء من تحتها ، وقد مضى عالم قبلي لم يدركوا ذلك ، وقد رزقنيه الله عزَّ وجلَّ ، وأنـا نجد في كتاب من كتبنا ونأثرُ عن علمائنا أن في هذا الصقيع عيناً عليها صخرة ، لا يعرف مكانها إلا نبيّاً أو وصيَّ نبيٍّ .
وأنه لا بد من ولي لله يدعو إلى الحقِّ ، آيته معرفة مكان هذه الصخرة ، وقدرته على قلعها ، وإني لما رأيتك قد فعلت ذلك تحققَ ما كنت أنتظره ، وبلغت الأمنية منه ، فأنا اليوم مسلم على يدك ، ومؤمن بحقك وموالاتك .
فلما سمع ذلك أمير المؤمنين ( عليه السلام ) قال : الحمد لله الذي لم أكن عنده منسياً ، الحمد لله الذي كنت في كتبه مذكورا .

ثم دعا الناس فقال لهم : اسمعوا ما يقول أخوكم هذا المسلم ، فسمعوا مقالته .
ثم سار ( عليه السلام ) والراهب بين يديه في جملة أصحابه حتى لقي أهل الشام ، فكان الراهب من جملة من استشهد معه ، فتولى الإمام ( عليه السلام ) الصلاة عليه ودفنه وأكثر ( عليه السلام ) من الاستغفار له .

melika
21-11-2010, 11:48 PM
الإمام علي(ع) جامع إنساني ومثال عسير



الامام علی كتاب كبير وجامع انساني، اغترف منه الادباء والمصلحين والمفكرين والفلاسفة حكمة الحياة وحكمة السلوك، كما اغترف منه اهل الدنيا ما للدنيا، فقد كان ينبوعا في الجريان الروحي، والاتصال بالروح العليا، والتجلي كروح هفهافة رقيقة بلغت شأوا من النور لتكون ملائمة بدرجة كبيرة في مستوى الانسجام مع الكون الروحاني الذي خلقه الله سبحانه وتعالى ليحيا فيه الانسان الابدي.

لقد كان الامام مثالا عسيرا لكل من حاول اقتفاء سیرته او سلوکه حتى ان الامام السجاد عليه السلام وهو العابد الزاهد قال بقنوط واضح: لن اكون ممن يلحقون بعبادة او سلوك علي بن ابي طالب.
كما كان مثالا عسيرا للحكام، فلم يجرأ احد ان يتوازى مع سيرته، فيما استطاع التاريخ الذي كتبه الحكام فقط ان يدعي بان الحكام في الزمن الفلاني والعهد الفلاني ساروا على ذلك المسار العسير، بفصول زائفة موضوعة من قبل المتملقين والماجورين وعبيد القصور.
وجانبه الانساني العميق وعدالته التي يطبقها على نفسه اولا، ولا يجعل لها مهربا من مواجهة الواقع، وهو لايزيد عن عدالته التي طبقها على نفسه عندما تكون في مواجهة الآخرين، فان احتمال التساهل والمعاذير والمسوغات تشمل غيره ولا تشمله بقيراط.

حافظ على كونه انموذج الامة وقرآنها السلوكي، وزبورها الحكيم وضوئها الانساني الوهاج في زوايا الجهل والتخلف والهوى وحب الاستحواذ والتسلط.
كان الانموذج العالي في الحكمة والعلم والكلام، وله من الاسرار الكونية والعلوم المخبوئة والنظرة المستشرفة للمستقبل البعيد والقريب، وذاكرة متفاعلة للامتداد الزمني الذي قبله واخبار التاريخ وعادات الناس.
كان نسيجا اندمج بالقرآن فصار من ضمن الفكر والحكمة التي تدور في انفتاقات حكمته وتجليات عقله المبدع.
وايضا كان رسالة كبيرة وواضحة لكل من ياتي بعده، او في غير زمانه ليرى كيف يكون انسانا بحق؟ وكيف يريد الله سبحانه وتعالى ان يكون الانسان في الحياة الدنيا كعامل وكآفل.
كيف يمكن ان تبنى الحياة والتجديد كيف تتم الاخوة الانسانية مع بنو البشر كافة دون ان يفرقهم امر او ادلجة او مصالح ضيقة فقوله لايزال يتفكر به المتفكرون هذا الرجل الذي نشا في تلك الصحراء ان يقول اما اخاك في الدين او نظيرك في الخلق!!.
فما هو مقدار البعد الانساني الشامل لهذه الفكرة الاسلامية التي اعطاها دفعا كبيرا في سماء انسانية واسعة؟.
الامة الاسلامية اليوم وبالنسبة الواقعية التي قرات بصورة عقلانية تاريخ السلطات المدعية للاسلام، تحلم بحاكم يحتكم ولو على عشر معشار السيرة التي سارها الامام في الشعب وهي تنقب عن ذلك الحاكم تنقيب العبد عن التمرات.

وتمرات العبد او ( خلالات العبد ) كما يلفظها العراقيون، ان العبد وجد تمرات في التراب راى ان كلبا قد بال عليها قبل ان يصل اليها لكنه كان جائعا فاحتار في بادئ الامر كيف ياكلها لكنه فكر اذ ربما تكون بعضها لم تتنجس بالبول فاخذ يتناول ما يظنه غير متنجس الى ان اتى عليها كلها.
فالعقلاء اليوم يرضون ان يكون الحاكم متوسط في الرشوة ومتوسط في الفساد ومتوسط في الظلم شرط ان لايغالي بها وان يعطي نسبة معقولة من الحقوق لاصحابها وان لاينشغل الى درجة العمى بنفسه واستحواذاته وسرقاته المفضوحة.
فلا وجود لمن -يطفئ السراج- مخافة ان يهدر اموال الامة فالامة واموالها اشياء شخصية للحاكم، منقسمة الى ما يضعه في الخزائن البعيدة في المدن الاجنبية، وناس هم في حكم العبيد اجسادا وارواحا.
ان شخصية الامام التي قد يحلم بها الحالمون لن تتكرر ابدا في الزمن الردئ الذي نعيشه، فلا يتكرر الامام ولا يتكرر القرآن ولا يتكرر النبي ولا يتكرر الائمة المعصومين فهم لحمة واحدة من الانوار التي برقت في سماء الانسانية، وظلت بما خلفته من مفاهيم وسير نبراسا يهدي بضوءه البشرية السائرة على الطريق وهي تبحث عن كمالها وشأوها الذي يريده الله سبحانه وتعالى.
وظلت تلك الانوار مقياسا لن تبلغه النفوس الضعيفة المنحطة النفوس المستعبدة من ذاتها وضيق افق تفكيرها وتفاهة آمالها وصغر اهدافها ودونيتها.
فماذا يسعنا ان نقرا من هذا الكتاب الكبير الذي هو الامام علي بن ابي طالب؟.
ان من يريد الكتابة عن الامام انما يضع نفسه في احراج كبير، فاي من اوجه الذكر طويل الشرح، في العدالة ام في الحكمة ام في السياسة ام في الزهد والعبادة ام في المسلك الاجتماعي ام في علم القرآن والدين ام في الاخلاق او الادارة او في النضال والصبر وتحمل الاذى في سبيل الله؟.
لكنه كتاب منشور يتحدث به الجميع، شانه شان القرآن والسيرة النبوية الشريفة،حتى اصبح كما الهواء في سماء الاسلام تحفظ الآيات القرأنية على ظهر القلب وتستذكر السيرة النبوية بمختلف النقل على الالسن، وتحفظ حكم وارشادات الامام علي عليه السلام وسيرته العملية، لكنها مجرد اصوات مجرد اقوال مجرد زخرفات مجرد ادعاءات مجرد لافتات مجرد اقنعة يتقنع بها سراق الامة وتجارها السياسيون والمتسلطون فلا يرد تطبيقها على نهر الحياة الجاري بالماء الرائب بالنفايات والرشاوي والظلم.

فلنستذكر تلك السيرة العطرة للشخصية التي جسدت الانسانية العريضة بكل مالها وعليها، ولنمتثل ولو بجزئيات ملامحها الممكنة ونحن في طريق ان نضاعف من مسيرتنا بما يتشابه معها صعودا منذ درجة الصفر.
فسلاما عليك ياابا الحسن يوم ولدت ويوم رحلت عن دنيانا ويوم ان تبعث حيا فانك فينا حلما مؤجلا شانك شان القرآن والسنة التي وضعت ظهريا رغم ان اطفالنا وصحفنا وكتاباتنا والسننا تذكر لك السيرة وتتناقل الكلام والحكمة من جيل الى جيل.
ورغم ان الحكام صعدوا سدات الحكم بادعائهم فيك وتواعدوا بسيرتك ورفعوا شعارك على جدران المدن البائسة دون ان يحترموا الاسم والسيرة والموعظة الحسنة.

melika
21-11-2010, 11:49 PM
العقل والحرية في رؤية الامام علي(ع)



اكد القرآن بصورة متواترة على وجوب ان يستخدم الانسان العقل والتفكر حيث عد ساعة من التفكر بما يوازي عبادة مضاعفة وذلك لأن العقل هو جزء من حكمة الله سبحانه وتعالى أي ان العقل هو ربيب الله في دار الدنيا وهو الذي انشأه وعلمه الحكمة اذ علمه الاسماء كلها وامتحن الملائكة فعجزوا ان يؤدوا ما لدى الانسان من تلك الروح المتفكرة التي زجها فيه.
وصار العقل بمثابة الهادي الى نور الله وتوحيده والاعتراف بالربوبية له.
ان الله لما خلق آدم علیه السلام مسح على ظهره فاخرج ذريته من صلبه نسما في هيئة الذر فالزمهم العقل وقررهم انه الرب وانهم العبيد فاقروا له بالربوبية وشهدوا على انفسهم بالعبودية لله عز وجل.
فالعبادة بحسب تصنيف الامام(ع) على ثلاث اقسام هي :
عبادة العبيد وعبادة التجار وعبادة الاحرار.


** فعبادة العبيد تحكمها البيئة والتقليد فانهم ان وجدوا في مجتمع نصراني تنصروا وفي اليهود تهودوا وفي الاسلام كانوا مسلمين يقودهم الخوف من العقاب.
اضافة الى ذلك فان عبادة من هذا النوع وهو السائد تجري هذه العبادة تحت مقياس هكذا وجدنا آباءنا سالكون فسلكنا مسلكهم، وهي عبادة غير عقلية أي انها لم تات من تفكير عميق اودى في نهاية المطاف الى اليقين والحقيقة الكبرى.
** واما التجار فانهم يحسبون الحساب التجاري فلا تفوتهم الربحية الآخروية بما انها مكسب ومرغب لتشكيل الصورة المناسبة ازاء المجتمع الذي يعيشون فيه ولو كانت البيئة نصرانية فانهم سيحسنون الصورة الاجتماعية فيتنصرون لدفع تجارتهم تحت الرضا الاجتماعي العام.
** واما عبادة الاحرار فان هذه لا تتم الا من خلال القناعة العقلية ويكون المحرض لها هو الشك.
فقد سئل الامام جعفر الصادق عليه السلام عن الشك فقال هو بداية الايمان او هو مدخل الايمان. ولعلنا نقف كثيرا امام الآية الكريمة التي تقول:
إلا من تاب وآمن وعمل عملا صالحا فأولئك يبدل سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما.
فما هي تلك السيئات التي يبدلها الله سبحانه وتعالى بل أي من السيئات يمكن ان تبدل لو استخدمنا المنطق والعقل.
هل يمكن ان نتصور ان الربا او الزنا او السرقة او اكل مال اليتيم او غير ذلك من توافه الافعال يمكن ان يبدلها الله الى حسنات؟

.
ان امورا مثل ما ذكرنا قد يمحوها الله برحمته او انه يستر عليها وهو خير الساترين ولكن ليس من منظار العقل البشري ان يرى انه يبدلها بقدر التجاهل رحمة وسترا للعبد المقترف.
في حين ان التفكر واعادة النظر بالكون والشك فيه وفي القرآن كفكر وكمنهج وكفلسفة وكدين من منطلق التوصل الى القناعة الباتة أي من اجل الوصول الى الحقيقة فان هذه سيئات وتعديات قد تكون سيئات كثيرة وارتكابات خلال فترة الشك والتفكير التي قد تطول لسنين وفيها اهمال واسع لتادية العبادات واخطاء في المعاملات والسير الخاطئ في الدروب الوعرة لكنها ليست اشياء تافهة وغير مخلة بالعقل والتفكر والتقصي وبذل الوسع لإيجاد القناعة اليقينية والوصول اخيرا الى مرفأ الحق الاكبر في نهاية المطاف هذه ليست امور تافهة ان تكون نتائجها ان يعبد الله عن قناعة فذلك هو الايمان الذي لايتزعزع ولا يحيد.
ومن هذا فهي تستحق ان تبدل برحمة الله الواسعة وتتحول الى حسنات، كونها استندت الى التوبة أي البراءة من الاعمال السيئة السابقة وايضا كانت التوبة عن ايمان مطلق وبما ان الايمان الذاتي دافع كبير وقوي باتجاه العمل الصالح فان جميع اسباب العمل الصالح حاضرة ومنتهزة لكل فرصة سانحة فانها حركة ديناميكية وماكنة خيرة صالحة وحاضرة في الجسد الاسلامي وهذا هو العمل الصالح.
** في قول للامام علي(ع): اللهم اني ما عبدتك طمعا ولا خوفا ولكن رايتك اهلا لذلك فعبدتك!.
فكيف راى الإمام الاهلية للعبادة هل رأى سعي الآباء والاجداد والعشيرة والبيئة فشب عليها
وانسحب تحتها دون ان يسال ويتقصى؟.
ام انه اعاد النظر وتفكر مليا وبذل الوسع والاستقصاء ثم اقتنع بايمان واعتنق الحقيقة العظمى للربوبية والتوحيد؟.
** واذن ليست هناك خطوطا حمراء لايتصل بها الفكر والتفكر طالما انها جسور تؤدي الى المآل والمبتغى الكبير من خلال الحرية الحقيقية والاختيار الذي وهبه الله سبحانه وتعالى للانسان.
** وفي قول قاله الامام علي عليه السلام عند انتهاء حرب الخوارج بما معناه.، لا تحاربوا الخوارج من بعدي فانهم طلبوا الحق فأخطأوه، وليس من طلب الحق كمن طلب الباطل، واي كانت الصيغة في النقل فانها في ذات المحور العقلي فالخوارج ارادوا طلب الحق لكنهم اخطاوه أي انهم استخدموا العقل أي بمعنى استخدام الجدلية للوصول الى الحقيقة الكبرى وبما انه تفكر فان احتمال افضاءه الى الحقيقة في نهاية المطاف والوصول الى اليقين في نهاية الامر.
ولذا فان الامام راى ببصيرته ان هؤلاء يتوصلون اليها طالما استعملوا الوسيلة الموصلة التي كان القرآن يؤكد عليها على طول الخط، فاوصى ان لا يقاتلهم احد من بعده ما بقوا على صيغة العقل والتفكر.
يقول الامام(ع) وقوله خير تعبير عن الايمان بالقناعة وليست بالميراث المتداول بين جيل وآخر:
لو كشف لي الغطاء ما ازددت يقينا، واذن فان اليقين ليس له حاجة بعد الاستدلال العقلي
بقدر الاطمئنان النفسي الذي هو ليس بشك وانما هي نازعة الشك المواربة في اللاشعور التي يدخرها الفكر في العقل الباطن وهي الممحصة بتحفز لدى الانسان.
ولذ فقد قيل(كي يطمئن قلبي)، على لسان احد الانبياء، نتيجة انه قد خلق مفكرا يستدل بالجوهرة التي باهى بها الله الملائكة، حتى قالوا ربنا لا نعلم إلا ما علمتنا..
المصدر:
امير المؤمنين-يوم الدين/الجزء الاول

melika
21-11-2010, 11:52 PM
تفضيل الإمام علي ( عليه السلام ) على من سواه


يمكننا الاستدلال على تفضيل الإمام علي ( عليه السلام ) على من سوى الرسول ( صلى الله عليه وآله ) بالأدلة الآتية :
الدليل الأول : آية المُبَاهَلَة :

لما دعا رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) نصارى نَجْران إلى المُباهلة ، ليوضِّح عن حقه ويُبَرهن على ثبوت نُبوّته ، ويدل على عنادهم في مخالفتهم له ، بعد الذي أقامه من الحجة عليهم ، جعل علياً ( عليه السلام ) في مرتبته ، وحكم بأنه عَدله ، وقضى له بأنه نفسه ، ولم يُقلِّل من مرتبته في الفضل ، وساوى بينه وبينه .
فقال ( صلى الله عليه وآله ) مخبراً عن رَبِّه عزَّ وجلَّ : ( فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ الله عَلَى الْكاذِبِينَ ) آل عمران : 61
فدعا ( صلى الله عليه وآله ) الحسن والحسين ( عليهما السلام ) للمباهلة ، فكانا ابنيه في ظاهر اللفظ ، ودعا فاطمة ( عليها السلام ) وكانت المُعبَّرُ عنها بـ ( نِسَاءنَا ) ، ودعا أمير المؤمنين ( عليه السلام ) فكان المحكوم له بأنه نفس النبي ( صلى الله عليه وآله ) .
وإذ كان لا يصح دعاء الإنسان نفسه إلى نفسه ولا إلى غيره ، فلم يَبقَ إلا أنه ( صلى الله عليه وآله ) أراد أمير المؤمنين ( عليه السلام ) للتعبير عن النفس ، وإفادة المثل ، والنظير ، ومن يحلّ منه في العِزِّ والإكرام ، والمَودَّة والصيانة ، والإيثار والإعظام والإجلال .
و لو لم يدل من خارج دليل على أن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أفضل من أمير المؤمنين ( عليه السلام ) لَقَضى هذا الاعتبار بالتساوي بينهما في الفضل والرتبة ، ولكن الدليل أخرجَ ذلك وبقي ما سواه بمقتضاه .
الدليل الثاني : حُبّه ( عليه السلام ) :

جعل رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) حب علي ( عليه السلام ) حبّاً له وبالعكس .
ومن ذلك أنه ( صلى الله عليه وآله ) جعل حكم موالي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كحكم مواليه ( صلى الله عليه وآله ) ، وحكم معادي أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كحكم معاديه ( صلى الله عليه وآله ) ، ولم يجعل بينهما فصلاً بحال ، وكذلك الحُكم في بُغضه وَوِدِّه ( عليه السلام ) .
وقد علمنا أنه ( صلى الله عليه وآله ) لم يضع الحكم في ذلك للمُحاباة ، بل وضعه على الاستحقاق ووجوب العدل في القضاء .
الدليل الثالث : حديث الطائر المشوي :

وهو الحديث المروي في كتب الفريقين عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : ( اللَّهُمَّ ائتِني بأحبِّ خَلقِكَ إليكَ يَأكل مَعي من هَذا الطائر ) .
فجاء علي ( عليه السلام ) ، فلما بَصر به رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( وَإِليَّ ) – يعني : أحبّ الخلق إلى الله تعالى وإليه ( صلى الله عليه وآله ) – .
وقد علمنا أن محبة الله تعالى لخلقه إنما هي ثوابه لهم ، وتعظيمه إياهم ، وإكباره وإجلاله لهم .
وإذا ثبت أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أحب الخلق إلى الله تعالى ، فقد وضح أنه أعظمهم ثواباً عند الله وأكرمهم عليه ، و ذلك لا يكون إلا بكونه أفضلهم عملاً ، وأرضاهم فعلاً ، وأجَلّهم في مراتب العابدين .


الدليل الرابع : مقامه ( عليه السلام ) يوم القيامة :
عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) يلي معه الحوض يوم القيامة ، ويحمل بين يديه لواء الحمد إلى الجنة .
وأنه ( عليه السلام ) قَسيم الجنة والنار ، وأنه يعلو معه في مراتب المنبر المنصوب له يوم القيامة للمآب .
وأنه لا يجوز الصراط يوم القيامة إلا من معه براءة من علي ( عليه السلام ) من النار ، وأن ذريته الأئمة الأبرار ( عليهم السلام ) يومئذٍ أصحاب الأعراف .
و قد ثبت أن القيامة محل الجزاء ، وأن الترتيب في الكرامة فيها بحسب الأعمال ، ومقامات الهوان فيها على الاستحقاق بالأعمال .
الدليل الخامس : الأخبار الواردة عن الشيعة بالأفضلية :

<h2>وهي كثيرة ، نذكر منها ما يلي :

</h2>1 - قول الإمام الصادق ( عليه السلام ) : ( أما والله ، لو لم يَخلُق الله علي بن أبي طالب لما كان لفاطمة بِنت رسول الله كفء من الخلق ، آدم فمن دونه ) .
2 - وقوله ( عليه السلام ) : ( كانَ يوسُف بن يعقوب نبي بن نبي بن نبي بن خليل الله وكان صِدِّيقاً رسولاً ، وكان والله أبي أمير المؤمنين علي بن أبي طالب أفضلُ منه ) .
3 - وقوله ( عليه السلام ) وقد سُئل عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) : ما كانت منزلته من النبي ( صلى الله عليه وآله ) ؟
فقال ( عليه السلام ) : ( لَم يَكُن بَينَهُ وبينَه فضلٌ سِوى الرِّسالة التي أورَدَها ) .
4 - قول الأئمة المعصومين ( عليهم السلام ) جميعاً بالآثار المشهورة ، مثل قولهم : ( لولا رسولُ الله وعلي بن أبي طالب لم يخلق الله سماءً ولا أرضا ، ولا جَنَّة ولا ناراً ) .
وهذا يفيد فضلهما ، وتعلق الخلق في مصالحهم بمعرفتهما ، والطاعة والتعظيم والإجلال لهما ( عليهما السلام ) .
الدليل السادس : الأخبار الواردة عن السنَّة بالأفضلية :

1 - روت العامة من طريق جابر بن عبد الله الأنصاري وأبي سعيد الخدري ( رحمهما الله ) عن النبي ( صلى الله عليه وآله ) أنه قال : ( عَليّ خَيرُ البَشَر ) .
2 - روي عن عائشة أنها قالت في الخوارج حين ظهر أمير المؤمنين ( عليه السلام ) عليهم وقَتَلَهُم : ما يمنَعُني مما بيني وبين علي بن أبي طالب أن أقول فيه ما سمعته من رسول الله فيه وفيهم ، سمعتُه يقول : ( هُمْ شَرّ الخَلْق والخَليقَة ، يَقتُلُهم خَيرُ الخَلَق والخَليقَة ) .
3 – روي عن جابر بن عبد الله الأنصاري أنه ( صلى الله عليه وآله ) قال : ( عَليّ سَيِّدُ البَشَر ، لا يَشُكّ فيه إِلا كَافِر ) .
وغيرها من الأخبار الكثيرة التي وردت عند العامة .
الدليل السابع : جهاده ( عليه السلام ) :

إذا كان الإسلام أفضل الأديان لأنه أعَم مصلحة للعباد ، كان العملُ في تأييد شرائعه أفضل الأعمال .
وكان الإمام ( عليه السلام ) هو الناصر والمعين للنبي ( صلى الله عليه وآله ) فاقتضى ذلك فضله على كافة من فَاتَه ذلك من السالفين ومن الأمم المتأخرين .

ghada
24-11-2010, 09:49 PM
اللهم صل على محمد وال محمد وعجل فرجهم والعن عدوهم
جزاك الله خير الدارين غاليتي مليكا على هذا الطرح الرائع جعله الله لك في ميزان حسناتك واثابك عليه كل الخير
لك حبي ومودتي

خادم الأميرة
24-11-2010, 09:52 PM
بارك الله بكم اختي الكريمة وجعل الله ثواب هذا العمل في ميزان أعمالكم
موفقين لكل خير