أدلة نفاة جزئية البسملة :
واستدل القائلون بأن البسملة ليست جزء من السورة بوجوه :
الوجه الاول : أن طريق ثبوت القرآن ينحصر بالتواتر ، فكل ما وقع النزاع في ثبوته فهو ليس من القرآن ، والبسملة مما وقع النزاع فيه .
والجواب
أولا : أن كون البسملة من القرآن مما تواتر عن أهل البيت عليهم السلام ولا فرق في التواتر بين أن يكون عن النبي صلى الله عليه واله وسلم وبين أن يكون عن أهل بيته الطاهرين بعد أن ثبت وجوب اتباعهم .
وثانيا : أن ذهاب شر ذمة إلى عدم كون البسملة من القرآن لشبهة لا يضر بالتواتر ، مع شهادة جمع كثير من الصحابة بكونها من القرآن ، ودلالة الروايات المتواترة عليه معنى .
وثالثا : أنه قد تواتر أن النبي صلى الله عليه واله وسلم يقرأ البسملة حينما يقرأ سورة من القرآن وهو في مقام البيان ، ولم يبين أنها ليست منه وهذا يدل دلالة قطعية على أن البسملة من القرآن . نعم لا يثبت بهذا أنها جزء من السورة .
ويكفي لاثباته ما تقدم من الروايات ، فضلا عما سواها من الاخبار الكثيرة المروية من الطريقين . والجزئية تثبت بخبر الواحد الصحيح ، ولا دليل على لزوم التواتر فيها أيضا .
الوجه الثاني ما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه واله وسلم يقول : قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ولعبدي ما سأل : فإذا قال العبد : الحمد لله رب العالمين ، قال الله تعالى : حمدني
عبدي ، وإذا قال : الرحمن الرحيم ، قال : أثنى علي عبدي وإذا قال : مالك يوم الدين ، قال الله تعالى : مجدني عبدي ، وإذا قال العبد : إياك نعبد وإياك نستعين ، قال الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي ، ولعبدي
- البيان في تفما سأل ، فإذا قال : إهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين ، قال : هذا لعبدي ، ولعبدي ما سأل " ( 1 ) .
وتقريب الاستدلال في هذه الرواية أنها تدل - بظاهرها - على أن ما بعد آية إياك نعبد وإياك نستعين يساوي ما قبلها في العدد ، ولو كانت البسملة جزء من الفاتحة لم يستقم معنى الرواية ، وذلك : لان سورة الفاتحة - كما عرفت - سبع آيات ، فإن
كانت البسملة جزء كان ما بعد آية : إياك نعبد وإياك نستعين آيتين ، ومعنى ذلك أن ما قبل هذه الاية ضعف ما بعدها ، فالفاتحة لا تنقسم إلى نصفين في العدد .
والجواب عنه
أولا : أن الرواية مروية عن العلاء ، وقد اختلف فيه بالتوثيق والتضعيف .
وثانيا : أنه لو تمت دلالتها، فهي معارضة بالروايات الصحيحة المتقدمة الدالة على أن الفاتحة سبع آيات، مع البسملة لا بدونها
وثالثا : إنه لا دلالة في الرواية على أن التقسيم بحسب الالفاظ ، بل الظاهر انه بحسب المعنى ، فالمراد أن أجزاء الصلاة بين ما يرجع إلى الرب وما يرجع إلى العبد بحسب المدلول .
ورابعا : أنه لو سلمنا أن التقسيم إنما هو بحسب الالفاظ فأي دليل على انه بحسب عدد الايات ، فلعله باعتبار الكلمات ، فإن الكلمات المتقدمة على آية " إياك نعبد وإياك نستعين " والمتأخرة عنها ، مع احتساب البسملة وحذف المكررات عشر كلمات .
الوجه الثالث : ما رواه أبو هريرة :
من أن سورة الكوثر ثلاث آيات ( 2 ) ، وأن سورة الملك ثلاثون آية " ( 3 ) فلو كانت البسملة جزء منها ، لزاد عددهما على ذلك .
والجواب : إن رواية أبي هريرة في سورة الكوثر على فرض صحة سندها معارضة برواية أنس ، وقد تقدمت ( 4) وهي رواية مقبولة روتها جميع الصحاح غير موطأ مالك ( 5 ) فرواية أبي هريرة مطروحة أو مؤلة بإرادة الايات المختصة ، فإن البسملة مشتركة بين جميع السور ، وهذا هو جواب روايته في سورة الملك .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
( 1 ) صحيح مسلم باب قراءة الفاتحة في كل ركعة ج 2 ص 6 ، وسنن أبي داود - باب من ترك القراءة في صلاته ج 1 ص 130 ، وسنن النسائي باب ترك قراءة البسملة في فاتحة الكتاب ج 1 ص 144 . ( * )
( 2 ) لم أعثر على هذه الرواية في كتب الروايات .
( 3 ) مستدرك الحاكم ج 1 ص 565 ، وصحيح الترمذي باب ما جاء في فضل سورة الملك ج 11 ص 30 ،
وكنز العمال فضائل السور والايات ج 1 ص 516 ، 525 .
( 4 ) في الصفحة 441 من هذا الكتاب .
( 5 ) تيسير الوصول ج 1 ص 199 . ( * )
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
والحمد لله رب العالمين
المصادر:
1_القرآن الكريم
2_البيان في تفسير القرآن
3_مقاصد السور في القرآن الكريم
شجر الأراك
(مصطفى طالب)