|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 67974
|
الإنتساب : Sep 2011
|
المشاركات : 2,555
|
بمعدل : 0.53 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
كربلائية حسينية
المنتدى :
المنتدى الإجتماعي
بتاريخ : 10-03-2012 الساعة : 09:47 PM
السلام عليكم ,,
لقد جذبني بشدة عنوان الموضوع حتى انني رحت اغرق في اكوام من الذكريات اخذتني الى ايام الدراسة في الكلية في بغداد في اواسط التسعينيات,, عندما اجتمعنا انا وثلاثة من اصدقائي في سكن واحد ,, حيث اقترفت ابشع الجرائم بحق فن الطبخ وبحق الذوق المطبخي وبحق افواه اصدقائي المساكين و بطونهم والذين كانوا ينتظرون بفارغ الصبر والجوف ان انتهي من اعداد وجبة العشاء التي كنت استعرض بطريقة مسرحية خطوات اعدادها مدعيا انني لا اقل حرفة ومهارة عن ابرع الطباخين الايطاليين الذين لطالما ظهروا في برامج تلفزيونية ,, ففي يوم من اواخر ايام احد الاسابيع التي كنا نمضي ستة من ايامها في الدوام بحسب النظام الجامعي المعمول به في الجامعات العراقية ,, وبعدما ضربنا الافلاس كعادته بسبب ادماننا التبذير في بدايات كل اسبوع حيث نتكاسل عن الطبخ فنلجأ الى الاكل في المطاعم اضافة الى المرطبات و مصاريف السينمات والمسارح والسفرات بكثرتها الغير مبررة فينفق كل منا مصروفه الذي يجب ان اسجل شهادة حق لأهلينا انه كان مصروفاً يفوق بكثير احتياجاتنا بل يمكننا من البذخ ,, اكتشفنا اننا في وضع مزرٍ من خلو الجيب بل الجيوب وقد بقي يومان على نهاية الاسبوع ,, وعلى الرغم من كون منطقتنا لا تبعد عن بغداد سوى 80 كيلو متراً تقريباُ وبفضل وجود الطريق الدولي السريع فأن ثلاثة ارباع الساعة او اكثر بقليل كانت كافية للوصول الى بيوتنا الا اننا كنا نفضل البقاء وتحدي حالة التقشف والصمود بوجه الافلاس بأمكانات متواضعة الى ان تفرج علينا في نهاية يوم الخميس فنعود الى نعيم الاهل ورغيد العيش في البيت ,, لذا فقد قررنا يومها ان نبحث عن ما هو قابل للطبخ والأكل وبأرخص ثمن ,, ولكوني من انبرى الى عملية الطبخ فقد بيت انتظر اصدقائي الثلاثة ليدخلوا بغنيمة من السوق نسد بها الجوع الذي يتناقض تماما مع حالة الترف التي نغدق بها على انفسنا في اول اربعة ايام من الاسبوع ,, وبعدما رجع الاخوان من السوق وجدت انهم قد جلبوا فاصوليا خضراء فسألوني هل تعرف كيفية طبخها فأجبتهم مستهزءاً وهل يعرف غيري ,, ثم خرجوا جميعاً تاركينني مع فن الطبخ الذي لا اجيد منه شيئاً ,, فبدأت اولى خطوات الجريمة بأن امسكت السكين ورحت اقطع الفاصوليا الخضراء كيفما اتفق
وبعدما وضعت كل ما تناولته يدي من معجون الطماطم والملح على قلتهما ,, رحت ابحث عما يضيف النكهة اللاذعة الى المرقة التي تصورتها سوف تكون سحرية بحق وبعد بحث طويل اهتديت الى فكرة جهنمية بمعنى الكلمة
الا وهي استخدام الفلفل الحار المخلل في الطرشي كطعم يضفي بعض الحرارة اللذيذة بحسب تصوري طبعاً الى طبختي
وبالفعل القيت بخمس ثمرات من الفلفل الحار المخلل الى القدر الصغير على النار ورحت احرك المرق بالملعقة ,, وما هي الا عشر دقائق حتى تذوقت الطبخة ,, ويا ليتني ما فعلت
شعرت وكأن تنيناً ينفث اللهب في فمي ولساني كأنه قطعة من النار ,, فهرعت الى الحنفية لأدخلها الى فمي لعلها تطفئ ما في جوفي من حريق .. ثم بعدما هدأت نفسي رجعت الى القدر محاولا علاج الوضع الرهيب فوضعت فوق الخليط الملتهب كمية كبيرة من الماء وبعد ربع ساعة اقنعت نفسي وبدون تذوق طبعا ان الوضع قد صار على ما يرام خصوصا وقد تخلصت من جميع ثمار الفلفل التي وضعتها على المرقة والتي قد انتفخت وصارت بلون داكن جداً ومنظر كرهته لحد هذه اللحظة
وبعد قليل وصل الاصدقاء الجائعون وكلهم شوق الى تناول ما ابدعه الطباخ الايطالي المزعوم فجلس الجميع حول الصحون المليئة بمرق الفاصوليا الخضراء ,, وما هي الا لحظات حتى قفز الجميع صارخين بصوت واحد مهرولين الى اكواب الماء ليبتلعوا اكبر كمية منه لعلها تطفئ النار التي في افواههم
وبعد عتاب و غضب و تقريع تقبل الجميع ان يجلسوا الى الطعام الناري ثانية ويتناولوه مرغمين بما فيهم المتكلم لكن مع تناول كوب من الماء مع كل لقمة ,, المهم اننا بتنا ليلتنا وكأن شيئاً ما قد احرق اجسادنا خصوصاً وان الوقت كان صيفاً
تحياتي الحارة جداً
|
|
|
|
|