أفضل من يحارب وأفضل من يفاوض، وأفضل من يثق به الناس، لم يقطع مرة واحدة وعدًا علي نفسه وأخلفه، ولو كان حسن نصر الله في مصر، لانتخبه المصريون زعيمًا لأحلامهم، فلم يعد لنا في مصر إلا زعماء «قعر الحلة»، وفي حين تبدو جغرافيا لبنان ضيقة لا تتسع لزعامة نصر الله، فالرجل زعيم تاريخ تظلمه الجغرافيا، وليست القصة في أنه شيعي، فلا توجد لدي قواعد المسلمين هذه التفرقة السخيفة بين سني وشيعي، ثم إن مصر ـ بالذات ـ سنية وشيعية في الوقت نفسه، فمذهبها سني وهواها شيعي، وتفهم الإسلام كمرادف للعروبة، ونصر الله قائد عربي بامتياز، وربما لم تصادف حياتنا بعد عبد الناصر زعيمًا مثله، انظر إلي أهالي الأسري الفلسطينيين والأردنيين في سجون إسرائيل، إنهم يتوجهون بالدعاء والرجاء إلي نصر الله لا إلي عباس ولا إلي عبد الله الثاني، فهم يعرفون الفرق بين زعماء الورق وزعماء التاريخ، يعرفون الفرق بين رجال إسرائيل ورجال الله، وهم يتوجهون إلي زعيم أمة المقاومة بطلب إدراج أسراهم في صفقة تبادل وشيكة مع كيان الاغتصاب الإسرائيلي، ونظن أن نصر الله لن يخذل الرجاء فيه، فهو الذي إذا وعد صدق، ولا فرق عنده بين سمير القنطار الناصري اللبناني ومروان البرغوثي الفلسطيني الفتحاوي، فكلاهما من الأسري العرب، ونصر الله لا يستجدي حق الأمة وحرية رجالها، بل يتفاوض بالسلاح وتوازن الرعب، فلم يتورط أبدًا في مفاوضات مباشرة مع عدو لا يعترف الرجل بشرعية لوجوده، ولا يلوث يده الطاهرة بتوقيع علي اتفاقات ولا علي تعهدات، فهو يعد إسرائيل بنهايتها لا بالاستخذاء أمامها، وصحيفة سوابقه المضيئة تشفع له، فهو العنوان علي زهو عربي نادر، ففي الوقت الذي سقطت فيه الأنظمة تحت سنابك خيل العدو، وتحولت قصور الحكم إلي أوكار تجسس، كان نصر الله ينشئ المقاومة برجال أعاروا الجماجم لله، ويفتتح عصر السجال بين أرقي قيمة إنسانية وأعقد قيمة تكنولوجية، كان يواجه بجماعة استشهاديين من رجال الله جيشًا، وُصف بأنه لا يقهر، وكانت النتيجة أن تحول الجيش الإسرائيلي إلي جيش فئران هارب بجلده من ساحة الوغي في الجنوب اللبناني، ثم انتقلت شعلة نصر الله ذاتها إلي فلسطين (الانتفاضة الثانية)، وإلي العراق بعد الغزو الأمريكي، وقد كان آخر خطاب لنصر الله صافيًا سابغًا كماء النيل، فقد أكد ضمان حزب الله لعروبة لبنان، وأكد استعداده الشخصي لتعديل دستور لبنان للتشديد علي عروبته، فالرجل ينتمي بحق إلي عروبة السلاح لا إلي عروبة الصياح، وكان تأكيده الجازم علي دعم المقاومة العراقية، وليست كلمة السيد حسن كأي كلمة، وانتظروا ما سيحدث في العراق بعد وعد نصر الله، انتظروا انهيار حكومة الدمي التي يترأسها المالكي، فليست قطر هي التي ورثت دور مصر، إنه نصر الله الوارث بحق.
ففي الوقت الذي سقطت فيه الأنظمة تحت سنابك خيل العدو، وتحولت قصور الحكم إلي أوكار تجسس، كان نصر الله ينشئ المقاومة برجال أعاروا الجماجم لله، ويفتتح عصر السجال بين أرقي قيمة إنسانية وأعقد قيمة تكنولوجية،
روووووعة المقال ..والكاتب جمع عدة أشياء في مقال صغير وقال اللي داخلنا