الأبناء هم فلذات الأكباد وأمل الآباء والأجداد ورياحين الفؤاد.. معهم تقبل الأفراح، بسعادتهم تذهب الأتراح، فابتسامتهم كل حلاوة، وبحسن تربيتهم كل كرامة وحفاوة، فإذا كان للأبناء كل هذه المكانة والأهمية فمن الضروري أن يسعى الآباء جاهدين إلى بناء شخصيات أبنائهم الاجتماعية...
يقول المختصون: إن بناء الشخصية الاجتماعية لابد له من أمرين حتى يصبح لديك طفل اجتماعي.
أولاً: أشبع حاجات ابنك النفسية
ثانياً: أعد ابنك لممارسة الحياة المستقبلية تعال معي عزيزي المربي لنتعرف كيف تربي ابنك اجتماعياً حتى يكون قادراً على التفاعل مع المحيط، ويستطيع أن يطلب حقه ويعطي غيره حقه دون أن يظلم أو يظلم، ويكون له دور فعال في المجتمع،
ولنتعرف على حاجات أبنائنا النفسية:
1- حاجة الاحترام : إن إشباع حاجة الاحترام يعني قبول الطفل اجتماعياً وزرع الثقة به واكتساب ثقته، ولنا في رسول الله الأسوة الحسنة في احترام الطفل، فقد كان يقوم عليه الصلاة والسلام على الصبيان ومناداتهم بكنُي جميلة واحترام حقوقهم في المجالس، حيث استأذن النبي الغلام أن يُعطي الأشياخ قبله، وكان هو الجالس عن يمين الرسول.
كما لابد أن يكون الاحترام نابعاً من قلب الوالدين وليس مجرد مظاهر جوفاء، فالطفل وإن كان صغيراً فإنه يفهم النظرات الجارحة والمحتقرة ويفرق بين ابتسامة الرضا والاستهزاء. وإضافة إلى السلام عليه ومناداته بأحب الأسماء واحترام حقوقه، يجب الإجابة عن أسئلته وسماع حديثه وشكره إذا أحسن والدعاء له والثناء عليه وإعطائه فرصة للدفاع عن نفسه وإبداء رأيه وسماع مشورته.
أما في مرحلة الطفولة المتأخرة فيجب أن يتفاعل المربي مع ولده تفاعلاً عاطفياً وعملياً، إذ يصادقه ويرافقه في السفر
ويشاركه في اللعب والعمل والقراءة، ويسمع شكواه وإذا اختلف المربي معه في الرأي فبينهما الحوار الهادئ والاحترام
المتبادل إلا أن للوالدين حق الطاعة والبر.
وعلى المربي أن يتقبل فكرة وقوع ولده في الخطأ، وأن يتذكر أن الخطأ ربما كان طريقاً للنجاح واستدراك الفائت، فلا يشنّع عليه ويتيح له فرصة الرجوع والتوبة ليستعيد توازنه النفسي. فالدراسات تشير إلى أن الأسوياء كان آباؤهم يتلفتون إلى محاسنهم ويمدحونهم على أعمالهم الحسنة أكثر من نقد الأخطاء، ويشاركونهم في اللعب والعمل كالأصدقاء.
وإذا فقدت هذه الصداقة وجدت الطفل في مراهقته يتعلق بزميل أو معلم أو قريب، وقد يكتسب خبرات سيئة كان الأولى أن يكتسبها من والده لو أن الصداقة عقدت بينهما.
كما أن احتقار الطفل يشعره بالغربة بين أسرته والرغبة في العزلة ومن جهة أخرى يقوّي صلته برفاقه الذين يعجبون به،
وقد يكون هؤلاء رفقة سيئة فينساق وراءهم وينحرف، والواقع يشهد بمئات الأمثلة.
2- حاجة الاستقلال : قد تختلف شخصية الطفل وتفكيره عن والديه فعندها يجب أن تظل بينهما أواصر الصداقة والمحبة، إذ ليس شرطاً أن يكون الولد صورة عن أبيه.
ويبدأ الشعور بحب الاستقلال عند الطفل في سن مبكرة، فهو يحاول الاعتماد على نفسه في تناول الطعام وارتداء الثياب وعلى المربي أن يساعده على الاستقلال والاعتماد على النفس، وسيكون ذلك أمراً صعباً يحتاج إلى صبر، وينبغي ألا تقدم له المساعدة إلا إذا كان العمل عسيراً لا يستطيعه، ويستمر في ذلك في كل حاجاته وأعماله، مما يدعم ثقته بنفسه ويسهل تكيفه مع المجتمع.
3- الحب والحنان : يعتبر من أهم الحاجات النفسية، وتختلف وسائل إشباع هذه الحاجة من مرحلة لمرحلة، ففي مرحلة الطفولة المبكرة يلذ للمربي ملاعبة الطفل وترقيصه ومداعبته بأرق العبارات وتقبيله وضمه، وبعد أن يبلغ خمس سنوات يحب الطفل أن يجلس قريباً من الوالدين أو يضع رأسه على فخذ أحدهما أو يقبلهما أو غير ذلك، بل إنه تشتد حاجته تلك عند رجوعه من المدرسة أو من مكان لم يصحب فيه والديه أو عند وجود مشكلة خارج البيت أو داخله.
وفي مرحلة المراهقة يظل محتاجاً إلى الحنان والحب من والديه، وذلك أنه قد يخجل من إظهار هذه العاطفة وبخاصة إذا
كان والداه ينتقدانه باستمرار، ويشعر أنه بالضعف والنقص.
وعدم إشباع هذه الحاجة يؤدي إلى عدم الثقة بالنفس، فيصعب على الطفل التكيف مع الآخرين ويصاب بالقلق والانطواء والتوتر، بل يعد الحرمان من الحب أهم أسباب الإصابة بمرض الاكتئاب في المستقبل ومن الناحية الاجتماعية تحدث فجوة بين المربي والطفل عندما لا تشبعُ حاجته إلى الحنان فيحسن الطفل بالانقباض تجاه والديه ويستقل بمشكلاته أو يفضي بها للآخرين دون والديه، ويصبح عنده جوعة عاطفية تجعله مستعداً للتعلق بالآخرين، والتعلق يتخذ صوراً كالإعجاب والحب المفرط المؤدي إلى العشق المحرم والشذوذ الجنسي.
4- عدم الإفراط في الحب :وأيضاً يراعي عدم الإفراط في الحب وفي التعبير عنه فذلك يمنع المربي من الحزم في تربية الطفل ويعرض الطفل للأمراض النفسية فقد يكون التدليل وتلبية الرغبات وتوفير أكثر الحاجات الضرورية والكمالية سببا في إفساد الطفل، لأنه يتعود على الترف، ويعجز في مستقبله عن مواجهة الواقع ولن يستطيع تحمل المسؤوليات لأن حب الوالدين لو زاد عن حده، وحملهما له، والرعاية الزائدة عن الحد تمنعه من الاستقلال وتحمل المسؤولية والقيام بالأعمال.
5- اللعب : إن ما يحققه اللعب من فوائد نفسية وبدنية وتربوية واجتماعية للطفل تجعله من الحاجات الضرورية لبناء نفسية الطفل، وفوائده تجتمع في:
1- استنفاد الجهد الفائض والتنفيس عن التوتر الذي يتعرض له الطفل، فيضرب اللعبة متخيلاً أنه يضرب شخصاً أساء إليه أو شخصاً وهمياً عرفه في خياله وفيما يُحكى له من الحكايات.
2- تعلم الخطأ والصواب وبعض الأخلاق كالصدق والعدل والأمانة وضبط النفس عن طريق اللعب الجماعي، وبناء العلاقات الاجتماعية، فيتعلم التعاون والأخذ والعطاء واحترام حقوق الآخرين، كما يتعلم لعب دوره المستقبلي.
3- يدل اللعب بكثرة على توَقّد الذكاء والفطنة ويساعد على نمو العضلات وتجديد النشاط، وتنمية المهارات المختلفة.
يؤكد علماء نفس الطفل أن رفض الطفل ظاهرة طبيعية خصوصاً عندما يدرك ما يحيطه هو أحد أشكال التعبير عن ذاته المستقلة. لذا تتطلب تربية الطفل اليوم من الأم الكثير من الدراية بحاجاته حتى تستطيع تقويم سلوكه فيحضورها وفي غيابها على حد سواء. وهذا لا يعود عليها بالفائدة وحدها فقط بل على الطفل أيضاً. فالطفل ذو السلوك الجيد يشعر بالثقة وباحترام الذات وبقدرته على تدبير أموره في شكل جيد. فعوضاً عن شعوره بالخنوع بسبب صراخ أمه سيشعر بالفخر لأنه يعيش مع أهله بمحبة.
البدء في الصغر كالنقش في الحجر :
يتعلم الطفل خلال سنواته الأولى في الحضانة معنى الروتين وقواعد السلوك الضرورية في الحياة، وغالباً ما يكون روتين الحضانة مرناً وغير صارم مما يجعله متجاوباً معه. فالطفل في هذه المرحلة المبكرة من العمر يكون كالإسفنجة إذا صح التعبير يستوعب كل ما يتلقاه، ويختزن في ذاكرته كل الأمور الجيدة منها والسيئة، التي تظهر في ما بعد في تصرفاته وفي سلوكه الاجتماعي.
الإيجابية والتقرب أقصر الطرق :
يؤكد التربويون أن تقرب الأم من طفلها ومخاطبته في شكل إيجابي هما أنجع الوسائل التي تجعل منه مطيعاً. وهذا يتطلب من الأم اقتناعاً تاماً بفائدتهما ومحاولة مستمرة في تطبيقهما في مختلف الظروف. فقبل أن تطلب من طفلها القيام بأمر ما عليها ملاحظة ما يقوم به ومن ثم ترشده إلى ما عليه القيام به لاحقاً. " برافو أنهيت طبق الطعام يمكنك الآن تناول تفاحة لذيذة ".
فهذا الأمر يعزز ثقة الطفل بنفسه، ويجعله يفخر بما قام به، مما يدفعه إلى القيام بالعمل التالي برحابة صدر. والاقتراب من الطفل ضروري عندما تطلب الأم منه أمراً، فمثلاً عوضاً عن مناداته من الغرفة الثانية كي يتناول الغداء، عليها التوجه إليه مباشرة ومرافقته بلطف إلى غرفة الطعام.
السلوك الفوضوي يتطلب ترويضاً :
لا يؤدي عزل الطفل ومنعه أحياناً إلى جعله مطيعاً. ويمكن الأم إحراز تقدم في ترويض سلوك طفلها الفوضوي عن طريق متابعة كل ما يقوم به . فمثلاً إذا كان طفلها يقفز على الكنبة يمكنها أن ترشده إلى المكان الذي يمكنه القفز فيه. وإذا كان يرسم على الجدار يمكنها أن تبعد أقلام التلوين على أن تعلمه في المرة التالية أين يمكنه استعمال أقلام التلوين، وإذا كانت تريده أن ينزل عن طاولة الطعام يمكنها أن تقول" لن أسمح لك باللعب على الطاولة هل تريد النزول وحدك أم تريد مساعدتي".
الأمكنة العامة مسرح الفوضى :
ترتبك الأم من تصرف طفلها الفوضوي الذي يزعجها ويزعج الآخرين. وعندما تطلب من ابنها الهدوء لا تجد له آذاناً صاغية. لذا من الأفضل للأم أن تحضر طفلها مسبقاً قبل الذهاب إلى بيت الجدة أو إلى الحديقة العامة بأن تقول له ما يتوجب عليه فعله. فإذا كانا سيذهبان في اليوم التالي إلى بيت الجدة للأطفال بمناسبة خاصة عليها أن تقول له مثلاً " عندما نذهب إلى بيت الجدة غداً أتوقع منك أن لا تركض طوال الوقت وتزعج الآخرين. لذا عليك الجلوس ومراقبة الـجدة وهي تفتح الهدايا". أما إذا أرادت اصطحابه إلى المتجر حيث يوجد الكثير من الأمور التي تثير فضول الطفل، على الأم أن تطلب من زوجها أو جارتها مرافقتها كي تتمكن من مراقبة طفلها إذا انشغلت بأمر ما.
وإذا لم تعد تستطيع التحكم في تصرفات طفلها عليها إبعاده عن المكان فوراً. ولا تحاول توبيخه أمام الغرباء فهذا يزيده تعنتاً بل عليها أن تنتظر اللحظة التي يهدأ فيها وتحدثه بلهجة هادئة وصارمة في الوقت نفسه مبينة له مساوئ تصرفاته، وكيف أن الآخرين سوف ينفرون منه فور رؤيته. فهي بذلك تمنحه فرصة تقويم نفسه.
الطلب واضح والفعل أوضح :
كثيراً ما تطلب الأم من طفلها أموراً عامة فلا يستطيع تحديد ما الذي يجب القيام به، ما يشعره بالارتباك وعدم القدرة على تنفيذها. لذا من المهم جداً أن تكون واضحة في ما تطلبه فمثلاً بدل أن تطلب منه ترتيب غرفته، عليها أن تطلب منه تحديد ما الذي يجب ترتيبه هل السرير أم توضيب الثياب. كما عليها أن تعلمه كيفية القيام بأمر ما فمثلاً يمكنها أن تريه كيف يجيب تنظيف الأسنان بأن تنظف أسنانها أمامه.
ألعاب المغامرات :
إن ألعاب المغامرات الموجودة في الأسطوانات المدمجة، لها فوائد عدة للطفل وهي:
1- تشعره بالفرح، فبفضل هذه الألعاب التي ليس لها علاقة مباشرة مع المدرسة، يتعلم الطفل بمتعة لا حدود لها.
2- تمرّن تفكيره. فالألعاب التربوية تجبر الطفل على التفكير كي يحل ألغازها. فعليه أن يضع نظريات واستنتاجات ويراقب ويستخدم ذاكرته، ويضع براهين منطقية، وأخيراً أن يعرف كيف يركز. وهذه القدرات كلها ضرورية ومفيدة لتطوير مهارات الطفل التعليمية.
3- تمنحه ثقافة عامة. خصوصاً أن هذه الألعاب تحتوي على معلومات عامة عن البلدان والتاريخ والجغرافيا كما يحتوي بعضها على تجارب علمية ، ما يجعله يحب كل هذه المواد ويجد متعة في التعرف عليها.
4- تعلّمه كيف يدبّر أمره. فهناك بعض الألعاب التي يجد الطفل أحياناً صعوبة في حل ألغازها، وقد يتخلى عنها. ولتفادي ذلك قامت بعض الشركات الموزعة لهذه الألعاب بإرفاق كتيب إرشادات يدل الطفل على الحلول للألغاز المستعصية، ويمكن الطفل قراءتها كي يعرف طريقة الحل ويتابع اللعب .