أنّ البسملة تكرّرت في أوائل جميع السور القرآنيّة باستثناء سورة براءة. إلاّ أنّ ظاهرة تكرار الآيات القرآنيّة ليست مختصّة بالبسملة فقط ـ ولكن لهذه الظاهرة في البسملة بعض الخصوصيّات:
الأُولى: أنّه لا توجد آية في القرآن الكريم تكرّرت كما هو الحال في البسملة.
الثانية: أنّ غير البسملة من الآيات التي تكرّرت، إنّما كان ذلك ـ في الأعمّ الأغلب ـ ضمن سورة واحدة معيّنة، بينما وردت البسملة في بداية كلّ سورة عدا سورة واحدة، مع الأخذ بعين الاعتبار اختلاف السور القرآنيّة من حيث المحتوى والمضمون والظروف التي نزلت فيها، لذلك لا يمكن تفسير هذه الظاهرة ضمن التفسير العامّ لظاهرة تكرار الآيات في القرآن.
هنا يمكن الإشارة إلى وجهين لتفسير هذه الظاهرة:
الأوّل: كرّر القرآن ذكر السورة كثيراً، كقوله تعالى: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ) (يونس: 38) وقوله: (فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ) (هود: 13) وقوله: (فَإِذَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ) (التوبة: 86) وقوله: (سُورَةٌ أَنزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا) (النور: 1) وقد كثر استعمالها في لسان النبيّ صلّى الله عليه وآله وأئمّة أهل البيت عليهم السلام والصحابة، كثرةً لا تدع ريباً في أنّ لها حقيقة في القرآن الكريم، وهي أنّ هناك نوعاً من وحدة التأليف والمضمون لا يوجد بين أبعاضٍ من سورة ولا بين سورة وسورة.
من هنا يعلم أنّ الأغراض والمقاصد المحصّلة من السور مختلفة، وأنّ كلّ واحدة منها مسوقة لبيان معنى خاصّ ولغرض معيّن لا تتمّ السورة إلاّ بتمامه