يعيش السكان في مدينة حماة السورية حالة هلع، ويخرجون مستغيثين إلى الشوارع، التي تنتشر فيها أعمدة الدخان، ويسمع فيها صوت قذائف ثقيلة وإطلاق نار. حمام دم قامت به عناصر الأمن وقوات الجيش التابعة للرئيس بشار الأسد، في معقل الاحتجاجات ضد نظامه.
مقاطع الفيديو التي صورها ناشطون وشهود عيان ورفعوها على شبكة الانترنت، أظهرت حجم العنف المستخدم في البلاد، التي يمنع الصحفيون من تغطية الأوضاع فيها. أكثر من مائة قتيل سقط في مجزرة يوم الأحد الماضي، بحسب بيانات الناشطين الحقوقيين. ولتستمر الأنباء بالتواترعن سقوط قتلى بشكل يومي في حماة وفي غيرها من المدن السورية، مثل دير الزور وعربين والبوكمال.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن عدد القتلى منذ بدء الحركة الاحتجاجية في سوريا في 15آذار/مارس "ارتفع إلى 1992 قتيلا من بينهم 1618 مدنيا موثقين بالقوائم لدى المرصد السوري لحقوق الإنسان، و374 من الجيش وقوى الأمن الداخلي."
وفي هذه الأثناء ينتظر كثير من السوريين إدانة واضحة للعنف تصدر من قبل مجلس الدولي. و"إذا لم تصدر إدانة دولية واضحة الآن، فإن هذا يعد إجازة للنظام السوري ليستمر في القتل"، كما يرى الناشط السوري نجيب الغضبان، أستاذ العلوم السياسية في جامعة أركانساس.
خلاف حول مشروع القرار
هناك مشروع قرار لمجلس الأمن تم إعداده قبل أسابيع، ورغم أن هذه الورقة لا تهدد باتخاذ أي عقوبات، وتقتصر فقط على إدانة العنف ضد المدنيين، إلا أن معارضة كل من روسيا والصين أفشلت كل محاولات إصدار هذا القرار. وتخشى الدولتان، من تكرار السيناريو الليبي، واستغلال أي قرار إدانة، ليكون مقدمة لتدخل عسكري في سوريا.
Bildunterschrift: Großansicht des Bildes mit der Bildunterschrift: تسعى الدول الأوربية إلى تمرير مشروع القرار، الذي يدين عنف النظام السوري
وإلى جانب روسيا والصين، اللتين تتمتعان بالعضوية الدائمة في المجلس، يعارض أعضاء غير دائمين القرار المقترح حتى الآن، أي جنوب إفريقيا والبرازيل ولبنان. وحتى الهند، التي استلمت الرئاسة الدورية للمجلس مطلع هذا الشهر، تبدو غير مستعدة للتوقيع على القرار.
والنقاط المقترحة على طاولة النقاش في المجلس هي: الوقف الفوري للعنف، والبدء بالحوار السياسي الجدي، وإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين، وإجراء تحقيق ذي مصداقية حول أعمال العنف التي جرت حتى الآن.
ورغم أن روسيا، التي تعتبر المصدر الأساسي للأسلحة إلى النظام السوري، ترفض أي تدخل في الشأن السوري، إلا أنها بدأت بالإصغاء لمثل هذه المطالبات بوقف العنف، وأجرت خلف الكواليس لقاءات مع معارضين سوريين. ويرى نجيب الغضبان، الذي كان من ضمن الوفد في موسكو، بأن الروس قد بدأوا بتغيير موقفهم. ويقيم ذلك على أنه إشارة بأن روسيا لن تبقى للأبد تحمي النظام السوري.
الهجمات الجوية للناتو فوق سوريا مستبعدة
بعض الدول الأعضاء في مجلس الأمن تخشى أن يكون إصدار قرار الإدانة مفتاحا لبدء شن غارات جوية على سوريا. ولكن الخبراء يستبعدون جميع أشكال التدخل العسكري. ويرى فولكهارد فيندفور، خبير شؤون الشرق الأوسط في مجلة دير شبيغل الألمانية، بأن التدخل العسكري "يستلزم قرارا من جامعة الدول العربية، كما كان ذلك في الحالة الليبية، وأنا لا أرى هذا حتى الآن". ويرى المراقبون بأن المعطيات الجيوسياسية لسوريا كفيلة باستبعاد العمل العسكري. فسوريا تتقاسم الحدود مع تركيا والعراق وإسرائيل ولبنان، حيث تعيش هذه الدول أزمات و صراعات بشكل مستمر.
Bildunterschrift: تسعى المعارضة السورية إلى رفع وتيرة التظاهرات ضد نظام الأسد في شهر رمضان
الإتحاد الأوربي يوسع عقوباته
وفي غضون ذلك يحاول الإتحاد الأوربي زيادة الضغط على نظام الأسد، من خلال توسيع العقوبات الموجهة ضد داعمين له. حيث اشتملت آخر العقوبات على تجميد الأرصدة المالية وفرض حظر للسفر إلى الإتحاد الأوربي على خمس شخصيات إضافية، من بينها وزير الدفاع العماد علي حبيب. وبذلك يصل عدد الشخصيات الموضوعة على القائمة السوداء إلى 35.
ويعلق نجيب الغضبان على ذلك بالقول: "كل ما يضعف النظام هو أمر مرحب به، ولكن يجب أن ندرس العقوبات بشكل جيد، حتى لا يتأثر بها السكان في سوريا." حيث أن العقوبات الإقتصادية قد تؤثر على المدنيين الذين يتظاهرون ضد النظام.
ولكن يمكن للدول الغربية مثلا أن تسحب جميع سفرائها من دمشق، أو أن تقدم دعما ماليا للفقراء، كما يرى الغضبان. وفي هذا الوقت تحديدا يحتاج السوريون إلى هذا الدعم أكثر من أي وقت آخر، لأن المعارضة تسعى إلى رفع وتيرة التظاهرات في شهر رمضان، ولكن جنود الأسد يواصلون إطلاق النار.