إقرار علماء أهل سنة الجماعة بطلب معاوية للملك والاقتتال من أجله
الكتاب: الروضة الندية شرح الدرر البهية
المؤلف: أبو الطيب محمد صديق خان بن حسن بن علي ابن لطف الله الحسيني البخاري القِنَّوجي (المتوفى: 1307هـ)
الناشر: دار المعرفة
ج 2 ص 360
وأما الكلام فيمن حارب عليا كرم الله وجهه فلا شك ولا شبهة أن الحق بيده في جميع مواطنه أما طلحة والزبير ومن معهم فلأنهم قد كانوابايعوه فنكثوا بيعته بغيا عليه وخرجوا في جيوش من المسلمين فوجب عليه قتالهم وأما قتاله للخوارج فلا ريب في ذلك والأحاديث المتواترة قد دلت على أنه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية وأما أهل صفين فبغيهم ظاهر لو لم يكن في ذلك إلا قوله صلى الله عليه وسلم لعمار: "تقتلك الفئة الباغية" لكان ذلك مفيدا للمطلوب ثم ليس معاوية ممن يصلح لمعارضة علي ولكنه أراد طلب الرياسة والدنيا بين قوم أغتام لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فخادعهم بأنه طلب بدم عثمان فنفق ذلك عليهم وبذلوا بين يديه دمائهم وأموالهم ونصحوا له حتى كان يقول علي لأهل العراق أنه يود أن يصرف العشرة منهم بواحد من أهل الشام صرف الدراهم بالدينار وليس العجب من مثل عوام الشام إنما العجب ممن له بصيرة ودين كبعض الصحابة المائلين إليه وبعض فضلاء التابعين فليت شعري أي أمر اشتبه عليهم في ذلك الأمر حتى نصروا المبطلين وخذلوا المحقين
الكتاب: مجلة المنار (كاملة 35 مجلدا)
المؤلف: مجموعة من المؤلفين، محمد رشيد بن علي رضا (المتوفى: 1354هـ) وغيره من كتاب المجلة
ج 9 ص 205
(خروج معاوية على عليّ)
(س18) ومنه: أفدنا عن معاوية بن أبي سفيان هل هو محق فيما ادعى
به على أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في طلب الخلافة أو مخطئ أو فاسق
كما قال ابن حجر في الصواعق المحرقة أو عاصٍ؟ ! . نرجو الجواب الشافي ولا
نرضى بقولهم: المجتهد المصيب له أجران والمخطئ له أجر واحد! .
(ج) إن سيرة معاوية تفيد بجملتها وتفصيلها أنه كان طالبًا للملك ومحبًّا للرياسة , وإني لأعتقد أنه قد وثب على هذا الأمر مفتاتًا وأنه لم يكن له أن يحجم عن مبايعة علي بعد أن بايعه أولو الأمرأهل الحل والعقد , وإن كان يعتقد أنه قادرعلى القيام بأعباء الأمة كما يقولون فما كل معتقد بأهليته لشيء يجوز له أن ينازع فيه , وقد كان علي يعتقد أنه أحق بالخلافة ولما بايع الناس مَن قبله بايع لئلا يفرق كلمة المسلمين ويشق عصاهم , ومعاوية لم يراعِ ذلك. وأنه هو الذي أحرج المسلمين حتى تفرقوا واقتتلوا وبه صارت الخلافة ملكًا عَضوضًا , ثم إنه جعلها وراثة في قومه الذين حولوا أمر المسلمين عن القرآن بإضعاف الشورى بل بإبطالها واستبدال الاستبداد بها حتى قال قائلهم على المنبر: (مَن قال لي: اتق الله ضربت عنقه) ! بعد ما كان أبو بكر يقول على المنبر: (وليت عليكم ولست بخيركم فإذا استقمت فأعينوني وإذا زغت فقوِّموني) وكان عمر يقول: (مَن رأى منكم فيَّ اعوجاجًا فليقومه) , وإنني على اعتقادي هذا لا أرى للمسلمين خيرًا في الطعن في الأشخاص والنبز بالألقاب واللعن والسباب، وإنما عليهم أن يبحثوا عن الحقائق ليعلموا من أين جاءهم البلاء فيسعوا في تلافيه مع الاتحاد والاعتصام والاقتداء بالسلف الصالح في حسن الأدب لا سيما مع الصحابة الكرام.