|
عضو فضي
|
رقم العضوية : 34252
|
الإنتساب : Apr 2009
|
المشاركات : 1,863
|
بمعدل : 0.33 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
الحوزويه الصغيره
المنتدى :
المنتدى الفقهي
بتاريخ : 04-09-2012 الساعة : 02:19 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم
الإستصحاب الكلِّي
الإستصحاب - كما ذكرنا في أقسامه - قد يكون جزئياً وقد يكون كلياً، والتعرُّف على الفرق بينهما يتم بملاحظة المستصحب، فمتى ما كان المستصحب جزئياً فالإستصحاب في مورده جزئي، ومتى ما كان المستصحب كلياً فالإستصحاب عندئذ كلِّي، فالتقسيم في المقام بلحاظ المستصحب.
ثم انَّه قد يكون المستصحب الكلي حكماً شرعياً كما قد يكون موضوعاً لحكم شرعي، فالاول من قبيل طبيعي الوجوب وجامع الحكم التكليفي الأعم من الوجوب والإستحباب أو جامع الحكم الإلزامي الأعم من الحرمة والوجوب، والثاني مثل جامع الحدث الأعم من الحدث الأكبر والأصغر.
ثم انَّه لا فرق في المستصحب الكلِّي بين ان يكون من قبيل العناوين المتأصلة كالجواهر والأعراض أو من قبيل الإعتبارات كالاحكام الشرعيَّة التكليفية والوضية أو من قبيل العناوين الإنتزاعية والتي تنتزع من اضافة شيء لآخر.
ثم انَّ المصحح لجريان الإستصحاب الكلِّي أمران:
الأول: ان يكون المستصحب كلياً، بمعنى انَّ الذي تواردت عليه حالتا اليقين والشك هو الكلِّي.
الثاني: ان يكون لاستصحابه بعنوانه الكلِّي أثر شرعي، فلو لم يكن الأثر الشرعي مترتباً على المستصحب بعنوانه الكلِّي فإنَّ الإستصحاب الكلِّي لا يجري في مورده.
مثلا: لو كان المكلف على يقين بجامع الحدث الأعم من الأكبر والأصغر ثم شك بعد ذلك في بقائه فليس له ان يستصحب جامع الحدث لو كان الأثر الذي يريد ترتيبه مختصاً بالحدث الأكبر كحرمة المكث في المسجد أو عبور أحد المسجدين المعظمين، وذلك لانَّ الحدث الأكبر بخصوصه - والموجب لهذا الأثر الخاص - لم يكن متيقناً وانَّما المتيقن هو الجامع الأعم منه ومن الحدث الأصغر.
وهذا بخلاف مالو كان الأثر مترتباً على الأعم منهما، فإنَّه لا ريب في صحة جريان استصحاب الكلِّي لترتيب ذلك الأثر، مثلا: لو كان الاثر من قبيل مس كتابة القرآن المجيد أو الدخول في الصلاة أو الطواف الواجب فإنَّ استصحاب جامع الحدث يُنتج عدم صحة الدخول في الصلاة وكذلك بقية الآثار المشتركة.
ثم انَّ الشيخ الانصاري (رحمه الله) وتبعه الشيخ صاحب الكفاية (رحمه الله) قسموا الإستصحاب الكلِّي إلى ثلاثة أقسام وأضاف السيد الخوئي (رحمه الله) قسماً رابعاً:
القسم الاول: ان يُفترض تحقق العلم بوجود الكلِّي وذلك بواسطة العلم بوجود فرده ثم يقع الشك في بقاء ذلك الفرد وهذا يقتضي الشك في بقاء الكلِّي، إذ انَّ الشك في انتفاء الفرد ملازم في هذا الفرض للشك في انتفاء الكلِّي، وذلك لأن العلم بالكلِّي نشأ - كما هو الفرض - عن العلم بوجود فرده.
ومثاله: مالو علم المكلَّف بأنه رزق غلاماً ذكراً (هو زيد) ولم يكن قد رزق قبله بمولود فهنا يحصل له العلم بوجود جامع الولد له، ثم لو شك في بقاء ولده زيد فإنَّ ذلك يساوق الشك في بقاء كلِّي الولد.
وعندئذ ان كان الأثر الشرعي مترتباً على بقاء زيد الولد بعنوانه الشخصي فإنَّ الذي يجري هو الإستصحاب الشخصي دون الكلِّي، مثلا لو كان الأب قد نذر ان يعقَّ عن ولده زيد في اليوم السابع فإنَّ الاستصحاب الجاري عند الشك في البقاء انَّما هو الإستصحاب الشخصي، وذلك لانَّ الأثر الشرعي وهو وجوب العقيقة في اليوم السابع انَّما هو مترتب على بقاء زيد الولد لا انَّه مترتب على كلِّي الولد، نعم لو كان الاثر المراد ترتيبه هو وجوب النفقة فإنَّ الإستصحاب الجاري حينئذ هو الإستصحاب الكلِّي، وذلك لأن موضوع هذا الأثر هو وجود كلِّي الولد.
القسم الثاني: ان يُفترض تحقق العلم بوجود الكلِّي في ضمن فرد غير متشخِّص - فيكون الكلِّي وكذلك الفرد محرز الوجود، غايته انَّ الفرد المحرز الوجود مجهول الهويَّة - ثم بعد ذلك أحرزنا إرتفاع فرد معين إلاّ انَّه وقع الشك من جهة انَّ الفرد المنتفي هل هو الواقع في ضمن الكلي حتى ينتفي مع ارتفاعه الكلِّي أو انَّه لم يكن الواقع في ضمن الكلِّي، وهذا ما سبَّب الشك في بقاء الكلِّي.
ومثاله: مالو علم المكلَّف بصدور كلِّي الحدث منه الاّ انَّه لم يكن يعلم انَّ الحدث الصادر عنه هل هو في ضمن حدث البول أو الجنابة، ثم انَّه لو توضأ بعد ذلك فلا محالة يقع الشك منه في بقاء كلِّي الحدث، إذ لو كان الحدث الذي صدر منه هو حدث البول فقد ارتفع يقيناً ولو كان الحدث الصادر منه هو الجنابة فهو باق يقيناً، ولمَّا لم يكن يعلم بهويَّة الفرد الواقع في ضمن كلِّي الحدث أوجب ذلك الشك في بقاء كلِّي الحدث.
وبهذا يتضح انَّ الذي يمكن استصحابه في هذا القسم هو الكلي فحسب ولكن شريطة ان يكون لاستصحابه أثر شرعي كما في المثال حيث انَّ لاستصحاب جامع الحدث أثراً شرعياً وهو حرمة مس كتابة القرآن الكريم والدخول في الصلاة والطواف الواجب، إذ ان ذلك من آثار كلِّي الحدث الأعم من الأكبر والاصغر.
وأمّا استصحاب الجزئي فلا يمكن جريانه في هذا القسم - كما ذكرنا - وذلك لأن مورده مردد بين ماهو معلوم الإرتفاع وهو حدث البول - كما في المثال - وبين ماهو مشكوك الحدوث وهو حدث الجنابة.
ومن هنا لا يمكن ترتيب الآثار المختصة بأحدهما، فلا يمكن الحكم بحرمة المكث في المسجد والذي هو أثر شرعي للحدث الأكبر، كما انَّ الاثر الخاص بالحدث الاصغر لو اتفق لا يمكن ترتيبه لو كان الأكبر هو المعلوم الإرتفاع.
القسم الثالث: ان يُفترض تحقق العلم بالفرد وهذا يقتضي تحقق العلم بوجود الكلِّي الواقع في ضمن الفرد ثم انَّه لو حصل العلم بارتفاع الفرد إلاّ انَّه نحتمل بقاء الكلِّي ضمن فرد آخر كان موجوداً قبل إرتفاع الفرد الاول أو انَّ الفرد الآخر حدث ساعة انتفاء الفرد الاول المعلوم الحدوث.
ومثاله: مالو علم المكلَّف بصدور حدث البول منه، فهو حينئذ يعلم بصدور كلِّي الحدث، ثم لو أحرز ارتفاع حدث البول بواسطة الوضوء إلاّ انَّه احتمل طروء حدث الجنابة له قبل إرتفاع حدث البول أو ساعة ارتفاعه، فهو حينئذ وان كان يقطع بارتفاع حدث البول إلاّ انَّه لا يقطع بارتفاع كلِّي الحدث لاحتمال طرو حدث الجنابة عنه قبل ارتفاع حدث البول أو حين ارتفاعه بحيث لم يتخلل وقت لم يكن محدثاً.
وهنا يقع البحث عن امكان إجراء استصحاب الكلِّي باعتبار انَّ كلِّي الحدث كان متيقناً ثم وقع الشك في بقائه.
هذه هي الأقسام الثلاثة التي ذكرها الشيخ الانصاري (رحمه الله) وأضاف اليها السيد الخوئي قسماً رابعاً وهو:
القسم الرابع: هو مالو اُحرز وجود فرد معين ومشخَّص، وهذا يستوجب إحراز وجود الكلِّي في ضمنه، واتفق ان كان هناك علم بفرد متعنون بعنوان معين إلاّ انَّه لا ندري انَّ هذا الفرد ذو العنوان هل هو عينه الفرد الاول أو انَّه فرد آخر، ثم لو حصل العلم بارتفاع الفرد الاول المعين فإنَّه يقع الشك في بقاء الكلِّي، لأنَّه ان كان الفرد ذو العنوان هو عينه الفرد الاول فهذا يعني ارتفاعه قطعاً وبه يرتفع الكلِّي ايضاً، وان كان الفرد ذو العنوان مغايراً للفرد الاول فهذا يعني بقاء الكلِّي جزماً في ضمن الفرد ذي العنوان، ولمَّا لم نكن نحرز انطباق الفرد ذي العنوان على الفرد الاول يقع الشك في بقاء الكلِّي.
ومثاله: مالو علم المكلَّف بغرق ولده زيد فهو اِذن يعلم بغرق إنسان، ولو اتفق ان علم أيضاً بغرق شاب إلاّ انَّه لم يُحرز انَّ هذا الشاب هو ابنه زيد أو انّه فرد آخر.
ثم انَّ هذا المكلَّف لو انقذ ولده من الغرق فإنَّه يظلُّ محتملا لبقاء كلِّي الإنسان في حالة الغرق، وذلك لاحتمال ان يكون عنوان الشاب المعلوم كونه في حالة الغرق هو فرد آخر غير ولده الذي أنقذه، وحينئذ يقع البحث في جريان استصحاب الكلِّي في هذا الفرض.
|
|
|
|
|