اللهم صلّ على محمد و آل محمد و عجل فرجهم و العن اعداءهم
ننقل لكم الحوارية التي جرت بين السيد سلطان الواعظين محمد الموسوي الشيرازي و الحافظ محمد رشيد و التي ذكرت في كتاب "ليالي بيشاور":
سؤال : لماذا تسير الشيعة على خلاف السنة النبوية حتى يجمعون بين صلاتي الظهر و العصر و كذلك المغرب و العشاء ؟؟ جواب : إن قولك : الشيعة على خلاف السنة النبوية ، ادّعاء و قول لا دليل عليه، و ذلك لأن النبي (ص) كان يجمع حينا و يفرق أخرى..
سؤال : كان النبي (ص) يجمع بين الصلاتين في موردين فقط : مورد السفر ، و مورد العذر من مطر و ما أشبه ذلك ، لكي لا يشق على أمته ، و أما إذا كان في الحضر ، و لم يك هناك عذر للجمع ، فكان يفرّق ، و أظن أنك قد التبس عليك حكم السفر و الحضر !! جواب : كلا ، ما التبس عليّ ذلك ، بل أنا على يقين من الأمر ، و حتى أنه جاء في الروايات الصحيحة عندكم : بأن رسول الله (ص) كان يجمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر..
سؤال : ربما و جدتم ذلك في رواياتكم و توهمتم أنها من رواياتنا !! جواب : لا ، ليس كذلك ، فإن رواة الشيعة قد أجمعوا على جواز الجمع بين الصلاتين ، لأن الروايات في كتبنا صريحة في ذلك ، و إنما الكلام و النقاش يدور فيما بين رواتكم حول الجمع و عدمه ، فقد نقلت صحاحكم و ذكرت مسانيدكم ، أحاديث كثيرة و أخبارا صريحة في هذا الباب.
سؤال : هل يمكنكم ذكر هذه الروايات و الأحاديث و ذكر مصادرها لنا ؟ جواب : نعم ، هذا مسلم بن الحجاج ، روى في صحيحه في باب (الجمع بين الصلاتين في الحضر) بسنده عن ابن عباس ، أنه قال : صلّى رسول الله (ص) الظهر و العصر جمعا ، و المغرب و العشاء جمعا ، في غير خوف و لا سفر و روى أيضا ، بسنده عن ابن عباس، أنه قال : صلّيت مع النبي (ص) ثمانيا جمعا، و سبعا جمعا (27)، و روى هذا الخبر بعينه الإمام أحمد بن حنبل في مسنده ج2 ص221 و أضاف إليه حديثا آخر عن ابن عباس أيضا ، أنه قال : صلى رسول الله (ص) في المدينة مقيما غير مسافر، سبعا و ثمانيا ، و روى مسلم في صحيحه أخبارا عديدة في هذا المجال، إلى أن روى في الحديث رقم 57، بسنده عن عبدالله بن شقيق ، قال : خطبنا ابن عباس يوما بعد العصر حتى غربت الشمس و بدت النجوم ، فجعل الناس يقولون : الصلاة .. الصلاة ! فلم يعتن ابن عباس بهم ، فصاح في هذه الأثناء رجل من بني تميم، لا يفتر و لا ينثني : الصلاة .. الصلاة !
فقال ابن عباس : أتعلمني بالسنة ؟ لا أم لك !
ثم قال : رأيت رسول الله (ص) جمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء .
قال عبدالله بن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شيء ، فأتيت أبا هريرة فسألته ، فصدّق مقالته .
و روى مسلم في صحيحه الحديث رقم 58 ذلك أيضا بطريق آخر عن عبدالله بن شقيق العقيلي ، قال : قال رجل لابن عباس ـ لما طالت خطبته : الصلاة ! فسكت ، ثم قال : الصلاة ! فسكت . ثم قال : الصلاة ! فسكت ، ثم قال : لا أم لك ! أتعلمنا بالصلاة، و كنا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله (ص) ؟!
و روى الزرقاني و هو من كبار علمائكم ، في كتابه (شرح موطأ مالك ج1 ص 263، باب الجمع بين الصلاتين) عن النسائي، عن طريق عمرو بن هرم ، عن ابن الشعثاء ، أنه قال : إن ابن عباس كان يجمع بين صلاتي الظهر و العصر، و صلاتي المغرب و العشاء في البصرة، و كان يقول هكذا صلى رسول الله (ص).
و روى مسلم في صحيحه ، و مالك في (الموطأ) و أحمد بن حنبل في (المسند) و الترمذي في صحيحه في (باب الجمع بين الصلاتين) باسنادهم عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس، قال : جمع رسول الله (ص) بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء بالمدينة، من خوف و لا مطر، فقيل لابن عباس : ما أراد بذلك ؟
قال : أراد أن لا يحرج أحدا من أمته .
هذه بعض رواياتكم في هذا الموضوع، و هي أكثر من ذلك بكثير، و لكن ربما يقال : إن أوضح دليل على جواز الجمع بين الصلاتين، من غير عذر و لا سفر، هو أن علمائكم فتحوا بابا في صحاحهم و مسانيدهم بعنوان : (الجمع بين الصلاتين) و ذكروا فيه الروايات التي ترخص الجمع مطلقا ، في السفر و الحضر، مع العذر و بلا عذر .
و لو كان غير ذلك، لفتحوا بابا مخصوصا للجمع في الحضر و بابا مخصوصا للجمع في السفر، و بما أنهم لم يفعلوا ذلك، و إنما سردوا الروايات في باب واحد، كان دليلا على جواز الجمع مطلقا !
التعديل الأخير تم بواسطة ** مسلمة سنية ** ; 21-01-2010 الساعة 03:22 PM.
لا يخفى أن حجتنا التي نتعبد فيما بيننا و بين الله سبحانه و تعالى في مسألة الجمع بين الصلاتين و في غيرها من المسائل انما هي صحاحنا عن أئمتنا (ع)
فمنها: عن الصادق (عليه السلام): ( أن رسول الله (صلى الله عليه و آله) جمع بين الظهر و العصر بآذان و اقامتين و جمع بين المغرب و العشاء في الحضر من غير علة بأذان واحد و اقامتين). (من لا يحضره الفقيه 1: 186 ).
و منها: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: (صلى رسول الله (صلى الله عليه و آله) بالناس الظهر و العصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة و صلى بهم المغرب و العشاء الآخرة قبل الشفق من غير علة في جماعة و انما فعل ذلك رسول الله (صلى الله عليه و آله) ليتسع الوقت على أمته ) (الكافي 3: 286, التهذيب 2: 263, الاستبصار: 271).
و منها: عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ( إن رسول الله (صلى الله عليه و آله) صلى الظهر و العصر مكانه من غير علة و لا سبب فقال له عمر و كان أجرأ القوم عليه أحدث في الصلوة شيء قال لا و لكن أردت أن اوسع على امتي) (العلل: 321).
و انت ترى ان القوم الى الآن يأخذون بأعتراض عمر و لا يقبلون سنة رسول الله (صلى الله عليه و آله) .
و قد نحتج على أهل السنة بصحاحهم لظهورها فيما نقول ، و حسبنا منها ماقد أخرجه الشيخان في صحيحهما.
و اليك ما أخرجه مسلم في باب الجمع بين الصلاتين في الحضر من صحيحه إذ قال :
1- حدثنا يحيى بن يحيى قال : قرأت على مالك عن أبي الزبير عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال : صلى رسول الله (ص) الظهر و العصر جميعاً و المغرب و العشاء جميعاً في غير خوف و لا سفر .
2- و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة …. عن ابن عباس قال: صلّيت مع النبي (ص) ثمانياً جميعاً أظنه أخّر الظهر و عجّل العصر و أخّر المغرب و عجّل العشاء . قال : و أنا اظن ذلك.
وهذا الحديث أخرجه أيضاً أحمد في مسنده 1 / 221 .
3- و حدثنا أبو الربيع الزهراني …. عن ابن عباس : أنّ رسول الله (ص) صلى بالمدينة سبعاً و ثمانياً الظهر و العصر و المغرب و العشاء .
4- و حدثني أبو الربيع الزهراني …. عن عبد الله بن شقيق قال: خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتى غربت الشمس و بدت النجوم و جعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة قال : فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر و لا ينثني : الصلاة الصلاة قال : فقال ابن عباس : أتعلّمني بالسنّة لا أمّ لك ؟ ثم قال: رأيت رسول الله (ص) جمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء . قال عبد الله بن شقيق فحاك في صدري من ذلك شيء فأتيت أبا هريرة فسألته فصدّق مقالته.
و هذا الحديث ذكره أيضاً أحمد في مسنده 1 / 251 .
5- و حدثنا ابن أبي عمر …. عن عبد الله بن شقيق العقيلي قال : قال رجل لابن عباس : الصلاة فسكت . ثم قال : الصلاة فسكت. ثم قال : الصلاة فسكت. فقال ابن عباس: لا أمّ لك أتعلّمنا بالصلاة؟ كنّا نجمع بين الصلاتين على عهد رسول الله (ص).
6- و حدثنا أحمد بن يونس …. عن ابن عباس قال: صلى رسول الله (ص) الظهر و العصر جميعاً بالمدينة في غير خوف و لا سفر.
و هذا الحديث مما أخرجه أيضاً مالك في باب الجمع بين الصلاتين من الموطأ و أحمد في مسنده .
7- و حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة …. عن ابن عباس قال : جمع رسول الله (ص) بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء بالمدينة في غير خوف و لا مطر. فقيل لابن عباس : ما أراد الى ذلك ؟ قال : أراد ان لا يحرج أمّته .
8- للنسائي من طريق عمرو بن هرم عن أبي الشعثاء ان ابن عباس صلى في البصرة الظهر و العصر ليس بينهما شيء فعل ذلك من شغل ، و فيه رفعه الى النبي (ص) .
كما نقله الزرقاني في الجمع بين الصلاتين من شرح الموطأ 1 / 263.
فهذه الصحاح صريحة في أنّ العلّة في تشريع الجمع إنّما هي التوسعة بقول مطلق على الأمّة و عدم إحراجها بسبب التفريق رأفة بأهل الأشغال و هم أكثر الناس .
و إليك ما اختاره البخاري في صحيحه :
1- حدثنا أبو النعمان … عن ابن عباس: ان النبي (ص) صلى بالمدينة سبعاً و ثمانياً الظهر و العصر و المغرب و العشاء. (صحيح البخاري / كتاب مواقيت الصلاة / باب تأخير الظهر الى العصر) .
قال القسطلاني : و تأوله على الجمع الصوري بأن يكون أخّر الظهر إلى آخر وقتها و عجّل العصر في أول وقتها ضعيف لمخالفة الظاهر . (ارشاد الساري 2 / 293) .
2- حدثنا آدم قال …. عن ابن عباس قال: صلى النبي (ص) سبعاً جميعاً و ثمانياً جميعاً. (صحيح البخاري / كتاب مواقيت الصلاة / باب وقت المغرب) .
3- عن ابن عمر و أبي أيوب و ابن عباس : أن النبي (ص) صلى المغرب و العشاء ـ يعني جمعهما ـ في وقت إحداهما دون الاخرى . (المصدر السابق / باب ذكر العشاء و العتمة).
و هذا النزر اليسير من الجم الكثير من صحاح الجمع كاف في الدلالة على ما نقول .
و يؤيده ما عن ابن مسعود اذ قال: جمع النبي (ص) بين الظهر و العصر و بين المغرب و العشاء فقيل له في ذلك فقال : صنعت لئلا تحرج أمّتي . (أخرجه الطبراني كما في أواخر ص263 من الجزء الاول من شرح الموطأ للزرقاني) .
و المأثور عن عبد الله بن عمر اذ قيل له: لم ترى النبي (ص) جمع بين الظهر و العصر و المغرب و العشاء مقيماً غير مسافر ، أنه أجاب بقوله : فعل ذلك لئلا تحرج أمّته . (كنز العمّال 4 / 242 ح 5078) .
و بالجملة ، فإن علماء الجمهور كافة متصافقون على صحة هذه الاحاديث و ظهورها فيما نقول من الجواز مطلقا ، فراجع ما شئت ممّا علّقوه عليها يتضح لك ذلك و حسبك ما نقله النووي عنهم في تعليقه على هذه الاحاديث من شرحه لصحيح مسلم .
التعديل الأخير تم بواسطة ** مسلمة سنية ** ; 21-01-2010 الساعة 03:29 PM.