|
مــوقوف
|
رقم العضوية : 6722
|
الإنتساب : Jul 2007
|
المشاركات : 216
|
بمعدل : 0.03 يوميا
|
|
|
|
كاتب الموضوع :
$العتيبي$
المنتدى :
المنتدى العقائدي
بتاريخ : 13-07-2007 الساعة : 07:12 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة القراء
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي الحبيب النجف الأشرف زادك الله شرفاً
بسم الله أبدأ وبه أستعين
القرآن الكريم
قال الراغب في المفردات : القرآن في الأصل مصدر ، نحو كفران ، ورجحان ،
قال الله تعالى
( إن علينا جمعه وقرآنه * فإذا قرأناه فاتبع قرآنه )
سورة القيامة، آية 17 ، 18
قال ابن عباس : " إذا جمعناه وأثبتناه في صدرك فاعمل به " وقد خص بالكتاب المنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، فصار له كالعلم ، كما أن التوراة أنزلت على موسى ، والإنجيل على عيسى ، عليهما السلام . قال بعض العلماء : تسمية هذا الكتاب قرآناً من بين كتب الله لكونه جامعاً لثمرة كتبه ، بل لجمعه ثمرة جميع العلوم ، كما أشار تعالى إليه بقوله
( تفصيل كل شيء )
سورة يوسف آية 111 ،
وقوله ( تبياناً لكل شيء )
سورة النحل آية 89 ،
وقوله ( قرآناً عربياً غير ذي عوج ) .
سورة الزمر آية 28 .
ومن كلام الراغب يتبين أن القرآن في الأصل مصدر : قرأ يقرأ قراءة وقرآناً . ومعناه في اللغة . الجمع والضم ، وقد صار علماً بالغلبة على الكتاب العزيز في عرف الشرع ، وعرف بأنه : كلام الله الذي أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ونقل إلينا تواتراً لنتعبد بتلاوته وأحكامه ، وكان آية دالة على صدقة فيما ادعاه من الرسالة .
وقد نزل به جبريل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسان عربي
( وإنه لتنزيل رب العالمين . نزل به الروح الأمين . على قلبك لتكون من المنذرين . بلسان عربي مبين )
سورة الشعراء : آية 192-195
فتحدى به رسول الله العرب وهم أرباب الفصاحة والبيان ، فظهر عجزهم ، وبهذا كانت الحجة عليهم
قال تعالى
( وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين )
سورة البقرة : آية 23 .
( أم يقولون أفتراه قل فأتوا بعشر سور مثله مفتريات وادعوا من استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين )
سورة هود : آية 13 .
قال تعالى
( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً )
سورة الإسراء : آية 18 .
وحيث كان العقل البشري في أطوار نموه الأول ، لا يرى شيئاً يأخذ بلبه أقوى من المعجزات الكونية الحسية التي لا مجال فيها للتفكير والنظر ، ناسب هذا أن يبعث كل رسول إلى قومه خاصة ، وأن تكون معجزة فيما نبغ فيه قومه ، خارقة لما ألفوه ، ليتحقق بمعجزهم عنها إيمانهم بأنها من قوى السماء .
فلما اكتمل العقل البشري بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم بالرسالة الخالدة إلى الناس كافة ، وكانت معجزتها معجزة العقل البشري في أرقى تطورات نضجه ونموه ، فبينما كان تأييد الله لرسله السابقين بآيات كونية تبهر الأبصار ولا سبيل للعقل في معارضتها كمعجزة اليد والعصا لموسى ، وإبراء الأكمه والأبرص ، وإحياء الموتى بإذن الله لعيسى ، كانت معجزة محمد صلى الله عليه وسلم في عصر مشرف على العلم ، معجزة عقلية تحير العقل البشري وتتحداه إلى الأبد . وهي معجزة القرآن بعلومه ومعارفه ، وإخباره الماضية والمستقبلة ، فالعقل الإنساني على تقدمه لا يعجز عن معارضته لأنه آية كونية لا قبل له بها ، ولكن عجزه لقصوره الذاتي ، فيكون هذا إعترافاً منه بأنه وحي الله إلى رسوله ، وأن حاجته إلى الإهتداء به ماسة ليستقيم عوجه وترقى مواهبه ، وهذا المعنى هو ما يشير إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله " ما من الأنبياء نبي إلا أعطى ما مثله آمن عليه البشر ، وإنما كان الذي أوتيته وحياً أوحاه الله إلي . فأرجو أن أكون أكثرهم تابعاً " .
ومن عنده إلمام قليل بتاريخ العرب وأدب لغتهم ، يدرك العوامل السابقة لبعثة الرسول صلى الله عليه وسلم التي رقت بلغة العرب ، وهذبت لسانها ، وجمعت خير ما في لهجاتها من أسواق الأدب والمفاخرة بالشعر والنثر ، حتى انتهى مصب جداول الفصاحة وإدارة الكلام بالبيان في لغة قريش التي نزل بها القرآن ، وما كان عليه العرب من صلف ، يعلو بأحدهم على أبناء عمومته أنفاً وكبراً ، مضرب مثل في التاريخ الذي سجل لهم أياماً نسبت إليهم لما أحدثوه فيها من معارك دامية ، وحروب طاحنة أشعلها شرر من الكبرياء والأنفة .
ومثل هؤلاء مع توافر دواعي اللسان وقوة البيان التي يوقدها حماس القبيلة ، ويؤججها أتون الحمية ، لو تسنى لهم معارضة القرآن الكريم لأثر هذا عنهم ، وتطاير خبره في الأجيال ، فالقوم قد تصفحوا آيات الكتاب ، وقلبوها على وجوه ما نبغوا فيه من شعر ونثر ، فلم يجدوا مسلكاً لمحاكاته ، أو منفذاً لمعارضته ، بل جرى على ألسنتهم الحق الذي أخرسهم عفو الخاطر عندما زلزلت آيات القرآن قلوبهم ، كما أثر ذلك عن الوليد بن المغيرة ، وعندما عجزت حيلتهم رموه بقول باهت فقالوا : سحر يؤثر ، أو شاعر مجنون ، أو أساطير الأولين . ولم يكن لهم بد أمام العجز والمكابرة إلا أن يعرضوا رقابهم للسيوف ، فاستسلوا للموت الزؤام ، وبهذا ثبت إعجاز القرآن .
وعجز العرب عن معارضة القرآن مع توافر الدواعي عجز للغة العربية في ريعان شبابها وعنفوان قوتها .
والإعجاز لسائر الأمم على مر العصور ، يظل ولا يزال ، في موقف التحدي ، شامخ الأنف ، فأسرار الكون التي يكشف عنها العلم الحديث ما هي إلا مظاهر للحقيقة العليا التي ينطوي عليها سر هذا الوجود في خالقه ومدبره ، وهو ما أجمله القرآن أو أشار إليه . فصار القرآن بهذا معجزاً للإنسانية كافة ، بل ما يحمله لفظ الإعجاز من معنى فهو معجز في الفاظه وأسلوبه ، والحرف الواحد منه في موضعه من الإعجاز الذي لا يغني غيره في تماسك الكلمة ، والكلمة في موضعها من الإعجاز في تماسك الجملة ، والجملة في موضعها من الإعجاز في تماسك الآية .
وهو معجز في معاينة التي كشفت الستار عن الحقيقة الإنسانية ورسالتها في الوجود .
وهو معجز بعلومه ومعارفه التي أثبت العلم الحديث كثيراً من حقائقها المغيبة .
وهو معجز في تشريعة وصيانته لحقوق الإنسان ، وتكوين مجتمع مثالي تسعد الدنيا على يديه .
والقرآن أولاً وآخراً هو الذي صير العرب رعاة الشاة والغنم ساسة شعوب وقادة أمم ، وهذا وحده إعجاز .
والقرآن الكريم ، هو أساس الدين ومصدر التشريع ، وحجة الله البالغة في كل عصر ومصر ، بلغة رسول الله لأمته امتثالاً لأمر ربه
( يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )
سورة المائدة : آية 67 .
واحتوى على الأمر الإلهي الصريح بوجوب اتباعه والعمل بما تضمنه من أحكام في غير موضع وبغير أسلوب واحد .
قال تعالى
( اتبعوا ما أنزل إليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أولياء )
سورة الأعراف : آية 3 .
وقال عز وجل :
( تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون)
سورة البقرة : آية 229 .
وقال سبحانه
( وأنزلنا إليك الكتاب بالحق مصدقاً لما بين يديه من الكتاب ومهيمناً عليه فاحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم عما جاءك من الحق )
سورة المائدة آية 48 .
وقال جل شأنه :
( وأن أحكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهواءهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون . أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون )
سورة المائدة : آية 49-50 .
وتلقاه الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تلاوة له وحفظاً ودراسة لمعاينه وعملاً بما فيه ، قال أبو عبدالرحمن السلمي : حدثنا الذين كانوا يقرثوننا القرآن ، عثمان بن عفان وعبدالله بن مسعود وغيرهما أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات لا يتجاوزونها حتى يتعلموهاوما فيها من العلم والعمل . قال : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعاً .
وهكذا استمر حفظ المسلمين للقرآن في كل عصر ، وتوارثت الأمة نقله بالكتابة على مر الدهور ، جيلاً بعد جيل ، من غير تحريف أو تبديل ، وذلك مصداق
قال تعالى
( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )
سورة الحجر : آية 9 .
وقد اشتمل القرآن الكريم على أصول الشريعة وقواعدها من الحلال والحرام ، وجاءت أكثر أحكامه مجملة تشير إلى مقاصد الشريعة ، وتضع بيد الأئمة والمجتهدين المصباح الذي يستنبطون في ضوئه أحكام جزئيات الحوادث ، في كل زمان ومكان ، وهذا سر خلود الشريعة وشمول قواعدها الكلية ومقاصدها العامة لما يحدث في الناس من أقضيات .
وإنما فصل القرآن ما لا بد فيه من التفصيل الذي يجب أن يسموعن مواطن الخلاف والجدل ، كما في العقائد واصول العبادات ، أو لأنه يبنى على أسباب لا تختلف ولا تتغير بتغير الأزمنة والأمكنة ، وذلك كما في تشريع المواريث ومحرمات النكاح وعقوبة بعض الجرائم .
والقرآن الكريم كتاب هداية يهتدي به من قرأه أو حفظه وتدبر معانية واتعظ بما فيه فتلزمه الحجة وفي صحيح الحديث : ( القرآن حجة لك أو عليك ) . أخرجه مسلم . ولذا كان تدبره واجباً حتى يفتح مغاليق القلوب وتستنير به الأفئدة ويقود الناس إلى الوقوف عند حدوده والعمل بما فيه
قال تعالى
( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته )
سورة ص : آية 29 .
وقال تعالى
( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها ) .
سورة محمد : آية 24 .
وله من روعة التنزيل وجلال الأحكام والمواعظ ما تتصدع منه الجبال الرواسي ولكن الله أمتن على عباده فجعل القرآن ربيع قلوبهم وجلاء بصائرهم ونور حياتهم
قال تعالى
( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله )
سورة الحشر : آية 21 .
وعن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
( ستكون فتن كقطع الليل المظلم ، قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وما المخرج منها ؟ قال : كتاب الله تبارك وتعالى ، فيه نبأ من قبلكم ، وخبر ما بعدكم ، وحكم ما بينكم . هو الفصل ليس بالهزل . من تركه من جبار قصمه الله ، ومن أبتغى الهدى في غيره أضله الله ، هو حبل الله المتين ، ونوره المبين ، والذكر الحكيم ، وهو الصراط المستقيم ، وهو الذي لا تزيغ به الأهواء ولا تلتبس به الألسنة ، ولا تتشعب معه الآراء ، ولا يشبع من العلماء ، ولا يمله الأتقياء ، ولا يخلق على كثرة الرد ، ولا تنقضي عجائبه ، وهو الذي لم تنته الجن إذ سمعته أن قالوا : إنا سمعنا قرأناً عجباً ، من علم علمه سبق ، ومن قال به صدق ، ومن حكم به عدل ، ومن عمل به أجر ، ومن دعا إليه هدي إلى صراط مستقيم ) أخرجه الترمذي .
نزول القرآن منجماً :
دلت آيات كثيرة في القرآن الكريم على أنه نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ،
كقوله تعالى
( قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين )
سورة النحل : آية 102 .
وقال تعالى
(وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا )
سورة البقرة : آية 23
وقال تعالى
( قل من كان عدواً لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقاً لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين )
سورة البقرة : آية 97 .
فهذه الآيات وغيرها تدل على نزول جبريل بالقرآن على قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأن هذا النزول غير النزول الأول إلى السماء الدنيا ، فالمراد به نزوله منجماً . ويدل التعبير بلفظ التنزيل دون الإنزال ، على أن المقصود النزول على سبيل التدريج والتنجيم .
قال الراغب : والفرق بين الإنزال والتنزيل في وصف القرآن والملائكة ، أن التنزيل يختص بالموضع الذي يشير إليه إنزاله مفرقاً ، ومرة بعد أخرى ، والإنزال عام ، ثم استشهد بكثير من الآيات منها
قوله تعالى
( ونزلناه تنزيلاً) ( إنا نحن نزلنا الذكر )
وقوله
( إنا أنزلناه في ليلة مباركة )
( إنا أنزلناه في ليلة القدر ) .
وجاء التصريح بنزوله مفرقاً في قوله تعالى
( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا)
سورة الإسراء : آية 106 .
أي جعلنا نزوله مفرقاً كي تقرأه على الناس على مهل وتثبت ، ونزلناه تنزيلاً بحسب الوقائع والأحداث .
والكتب السماوية الأخرى : التوراة والإنجيل والزبور ، كان نزولها جملة ، ولم تنزل مفرقة كما يدل عليه
قوله تعالى
( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً )
سورة الفرقان آية : 32 .
فإن الكتب السابقة لو كان نزولها مفرقاً لما كان هناك ما يدعو الكفار إلى التعجب من نزول القرآن منجماً .
فمعنى قولهم :
( لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) هلا أنزل عليه القرآن دفعة واحدة كسائر الكتب ، وما له أنزل على التنجيم ؟ ولم أنزل مفرقاً؟ ولم يرد الله عليهم بأن هذه سنته في إنزال الكتب ، كما رد عليهم في
قولهم :
(وقالوا ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق )
سورة الفرقان : آية 7
وقوله تعالى
( وما أرسلنا قبلك من المرسلين إلا إنهم ليأكلون الطعام ويمشون في الأسواق )
سورة الفرقان : آية 20 .
وكما رد عليهم في قولهم (أبعث الله بشراً رسولاً)
سورة الإسراء : آية 94
وقوله تعالى
( وما أرسلنا قبلك إلا رجالاً نوحي إليهم )
سورة النحل : آية 43 .
بل أجابهم إلى بيان وجه الحكمة في تنزيل القرآن منجماً
بقوله (كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً) . أي كذلك أنزل مفرقاً لحكمة هي تقوية قلب رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقدرناه آية بعد آية .
حكمة نزول القرآن منجماً :
نستطيع أن نستخلص حكمة نزول القرآن الكريم منجماً من النصوص الواردة في ذلك ونجملها فيما يأتي :
1- الحكمة الأولى : تثبيت فؤاد رسول الله صلى الله عليه وسلم :
لقد وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوته إلى الناس ، فوجد منهم نفوراً وقسوة وتصدى له قوم غلاظ الأكباد فطروا على الجفوة وجبلوا على العناد ، يتعرضون له بصنوف الأذى والعنت ، مع رغبته الصادقة في إبلاغهم الخير الذي يحمله إليهم
حتى قال الله فيه
( فلعلك باخع نفسك على آثارهم إن لم يؤمنوا بهذا الحديث أسفاً )
سورة الكهف : آية 6 .
فكان الوحي يتنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فترة بعد فترة ، بما يثبت قلبه على الحق ، ويشحذ عزمه للمضي قدماً في طريق دعوته ، لا يبالي بظلمات الجهالة التي يواجهها من قومه ، فإنها سحابة صيف عما قريب تنقشع . يبين الله له سنته في الأنبياء السابقين الذين كذبوا وأوذوا فصبروا حتى جاءهم نصر الله ، وأن قومه لم يكذبوه إلا علواً وإستكباراً ، فيجد عليه الصلاة والسلام في ذلك السنة الإلهية في موكب النبوة عبر التاريخ التي يتأسى بها تسلية له إزاء أذى قومه ، وتكذيبهم له ، وإعراضهم عنه
قال تعالى
( قد نعلم إنه ليحزنك الذي يقولون فإنهم لا يكذبونك ولكن الظالمين بآيات الله يجحدون * ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا )
سورة الأنعام : آية 33-34 .
وقال تعالى
( فإن كذبوك فقد كذب رسل من قبلك جاءوا بالبينات والزبر والكتاب المنير )
سورة آل عمران : آية 184 .
ويأمره القرآن بالصبر كما صبر الرسل من قبله
قال تعالى
( فاصبر كما صبر أولوا العزم من الرسل )
سورة الأحقاف : آية 35 .
ويطمئن نفسه بما تكفل الله به من كفايته أمر المكذبين
قال تعالى
( واصبر على ما يقولون واهجرهم هجراً جميلاً * وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلاً )
سورة المزمل : آية 10-11 .
وهذا هو ما جاء في حكمة قصص الأنبياء بالقرآن
قال تعالى ( وكلاً نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك )
سورة هود : آية 120 .
وكلما اشتد ألم رسول الله صلى الله عليه وسلم لتكذيب قومه ، ودخله الحزن لأذاهم نزل القرآن دعماً وتسليه له ، يهدد المكذبين بأن الله يعلم أحوالهم ، ويجازيهم على ما كان منهم
قال تعالى: (فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون )
سورة يونس : آية 75
وقال تعالى
( ولا يحزنك قولهم إن العزة لله جميعاً * هو السميع العليم )
سورة يونس : آية 65 .
كما يبشر الله تعالى بآيات المنعة والغلبة والنصر قال تعالى
( والله يعصمك من الناس )
سورة المائدة : آية 67 .
وقال تعالى
( وينصرك الله نصراً عزيزاً )
سورة الفتح : آية 3 .
وقال تعالى
( كتب الله لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز )
سورة المجادلة : آية 21 .
وهذه الحكمة هي التي رد الله بها على إعتراض الكفار في تنجيم القرآن
بقوله تعالى
( كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلاً ) .
قال أبو شامة :
( فإن قيل : ما السر في نزوله منجماً ؟ وهلا أنزل كسائر الكتب جملة ؟ قلنا : هذا سؤال قد تولى الله جوابه
فقال تعالى
( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) يعنون : كما أنزل على من قبله من الرسل ، فأجابهم تعالى بقوله (كذلك) أي أنزلناه مفرقاً ( لنثبت به فؤادك) أي لنقوي به قلبك ، فإن الوحي إذا كان يتجدد في كل حادثة كان أقوى للقلب ، وأشد عناية بالمرسل غليه ويستلزم ذلك الجناب العزيز ، فيحدث له من السرور ما تقتصر عنه العبارة ، ولهذا كان أجود ما يكون في رمضان لكثرة لقياه جبريل)
2- الحكمة الثانية : التحدي والإعجاز :
فالمشركون تمادوا في غيهم ، وبالغوا في عتوهم ، وكانوا يسألون أسئلة تعجيز وتحد يمتحنون بها رسول الله في نبوته ، ويسرقون له من ذلك كل عجيب من باطلهم ، كعلم الساعة
قال تعالى
( ويسألونك عن الساعة )
سورة الأعراف : آية 187 .
واستعجال العذاب قال تعالى
( ويستعجلونك بالعذاب )
سورة الحج : آية 47 .
فيتنزل القرآن بما يبين وجه الحق لهم ، وبما هو أوضح معنى في مؤدى أسئلتهم ، كما قال تعالى
( ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيراً)
سورة الفرقان : آية 33 .
أي ولا يأتونك بسؤال عجيب من اسئلتهم الباطلة إلا أتيناك نحن بالجواب الحق ، وبما هو أحسن معنى من تلك الأسئلة التي هي مثل من البطلان .
وحيث عجبوا من نزول القرآن منجماً بين الله لهم الحق في ذلك ، فإن تحديهم به مفرقاً مع عجزهم عن الإتيان بمثله أدخل في الإعجاز ، وأبلغ في الحجة من أن ينزل جملة ويقال لهم : جيئوا بمثله ، ولهذا جاءت الآية عقب إعتراضهم (لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة ) أي لا يأتونك بصفة عجيبة يطلبونها كنزول القرآن جملة ، إلا أعطيناك من الأحوال ما يحق لك من حكمتنا وبما هو أبين معنى في إعجازهم ، وذلك بنزوله مفرقاً ، ويشير إلى هذه الحكمة ما جاء ببعض الروايات في حديث ابن عباس عن نزول القرآن ( فكان المشركون إذا أحدثوا شيئاً أحدث الله لهم جواباً ) .
3-الحكمة الثالثة : تيسير حفظه وفهمه :
لقد نزل القرآن الكريم على أمة أمية لا تعرف القراءة ولا الكتابة ، سجلها ذاكرة حافظة ، ليس لها دراية بالكتابة والتدوين حتى تكتب وتدون ، ثم تحفظ وتفهم .
قال تعالى
( هو الذي بعث في الأميين رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )
سورة الجمعة : آية 2 .
وقال تعالى
(الذين يتبعون الرسول النبي الأمي )
سورة الأعراف : آية 157 .
فما كان للأمة الأمية أن تحفظ القرآن كله بيسر لو نزل جملة واحدة ، وأن تفهم معانية وتتدبر آياته ، فكان نزوله مفرقاً خير عون لها على حفظه في صدورهم وفهم آياته ، كلما نزلت الآية أو الآيات حفظها الصحابة ، وتدبروا معانيها ، ووقفوا عند أحكامها ، واستمر هذا منهجاً للتعليم في حياة التابعين ،
عن ابي نضرة قال : ( كان أبو سعيد الخدري يعلمنا القرآن خمس آيات بالغداة ، وخمس آيات بالعشي ، ويخبر أن جبريل عليه الصلاة والسلام نزل بالقرآن خمس آيات خمس آيات ) ،
وعن خالد بن دينار قال ( قال لنا أبو العالية : تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذه من جبريل خمساً خمساً )
وعن عمر قال ( تعلموا القرآن خمس آيات خمس آيات فإن جبريل كان ينزل بالقرآن على النبي صلى الله عليه وسلم خمساً خمساً ) .
4- الحكمة الرابعة : مسايرة الحوادث والتدرج في التشريع :
فما كان الناس ليسلس قيادهم طفرة للدين الجديد لولا أن القرآن عالجهم بحكمة ، وأعطاهم من دوائه الناجع جرعات يستطبون بها من الفساد والرذيلة ، وكلما حدثت حادثة بينهم نزل الحكم فيها يجلي لهم صبحها ، ويرشدهم إلى الهدى ، ويضع لهم أصول التشريع حسب المقتضيات أصلاً بعد آخر ، فكان هذا طباً لقلوبهم .
لقد كان القرآن الكريم بادئ ذي بدء يتناول أصول الإيمان بالله تعالى وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وما فيه من بعث وحساب وجزاء وجنة ونار ، ويقيم على ذلك الحجج والبراهين ، حتى يستأصل من نفوس المشركين العقائد الوثنية ويغرس فيها عقيدة الإسلام . وكان يأمر بمحاسن الأخلاق التي تزكو بها النفس ويستقيم عوجها ، وينهى عن الفحشاء والمنكر ليقتلع جذور الفساد والشر . ويبين قواعد الحلال والحرام التي يقوم عليها صرح الدين ، وترسو دعائمه في المطاعم والمشارب والأموال والأعراض والدماء . ثم تدرج التشريع بالأمة في علاج ما تأصل في النفوس من أمراض إجتماعية بعد أن شرع لهم من فرائض الدين وأركان الإسلام ما يجعل قلوبهم عامرة بالإيمان خالصة لله ، تعبده وحده لا شريك له . كما كان القرآن يتنزل وفق الحوادث التي تمر بالمسلمين في جهادهم الطويل لإعلاء كلمة الله . ولهذا كله أدلته من نصوص القرآن الكريم إذا تتبعنا مكية ومدنية وقواعد تشريعه .ففي مكة شرعت الصلاة ، وشرع الأصل العام للزكاة مقارناً بالربا
قال تعالى ( فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون وجه الله وأولئك هم المفلحون * وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون )
سورة الروم : آية 38-39 .
ونزلت سورة الأنعام – وهي مكية – تبين أصول الإيمان ، وأدلة التوحيد ، وتندد بالشرك والمشركين وتوضح ما يحل وما يحرم من المطاعم ، وتدعوا إلى صيانة حرمات الأموال والدماء والأعراض
قال تعالى
( قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم ألا تشركوا به شيئاً وبالوالدين إحساناً ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم ولا تقربوا الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون * ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن حتى يبلغ أشده وأوفوا الكيل والميزان بالقسط لا نكلف نفساً إلا وسعها وإذا قلتم فاعدلوا ولو كان ذا قربى وبعهد الله أوفوا ذلكم وصاكم به لعلكم تذكرون )
سورة الأنعام :آية151-152.
ثم نزل بعد ذلك تفصيل هذه الأحكام . فأصول المعاملات المدنية نزلت بمكة ، ولكن تفصيل أحكامها نزلت بالمدينة كآية المداينة وآيات تحريم الربا . وأسس العلاقات الأسرية نزلت بمكة ، أما بيان حقوق كل من الزوجين وواجبات الحياة الزوجية ، وما يترتب على ذلك من إستمرار العشرة أو إنفصالها بالطلاق ، أو انتهائها بالموت ثم الإرث ، أما بيان هذا فقد جاء في التشريع المدني . وأصل الزنى حرم بمكة
قال تعالى
( ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشةً وساء سبيلاً )
سورة الإسراء : آية 32 .
ولكن العقوبات المترتبة عليه نزلت بالمدينة .
وأصل حرمة الدماء نزل بمكة
قال تعالى
( ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق )
سورة الإسراء : آية33 .
ولكن تفصيل عقوباتها من الإعتداء على النفس والأطراف نزل بالمدينة . وأوضح مثال لذلك التدرج في التشريع تحريم الخمر . فقد نزل
قوله تعالى
( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكراً ورزقاً حسناً إن في ذلك لأيةً لقوم يعقلون)
سورة النحل : آية 67 .
من معالم الإمتنان بنعمه سبحانه –وإذا كان المراد بالسكر ما يسكر من الخمر ، وبالرزق ما يؤكل من هاتين الشجرتين كالتمر والزبيب – وهذا ما عليه جمهور المفسرين – فغن وصف الرزق بأنه حسن دون وصف السكر يشعر بمدح الرزق والثناء عليه وحده دون السكر .
ثم نزل قوله تعالى
( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما )
سورة البقرة : آية 219
فقارنت الآية بين منافع الخمر فيما يصدر عن شربها من طرب ونشوة أو يترتب على الإتجار بها من ربح ، ومضارها من إثم تعاطيها وما ينشاء عنه من ضرر في الجسم وفساد في العقل ، وضياع للمال وإثارة لبواعث الفجور والعصيان ، ونفرت الآية منها بترجيح المضار على المنافع .
ثم نزل قوله تعالى
( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى )
سورة النساء : آية 43 .
فاقتضى هذا الإمتناع عن شرب الخمر من الأوقات التي يستمر تأثيرها إلى وقت الصلاة ، حيث جاء النهي عن قربان الصلاة في حالة السكر حتى يزول عنهم أثره ، ويعلموا ما يقولونه في صلاتهم .
ثم نزل قوله تعالى
( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون )
سورة المائدة : آية 90-91 .
فكان هذا تحريماً قاطعاً للخمر في الأوقات كلها .
ويوضح هذه الحكمة ما روي عن عائشة رضي الله عنها ، قالت : إنما نزل أو ما نزل منه سورة من المفصل فيها ذكر الجنة والنار ، حتى إذا ثاب الناس إلى الإسلام نزل الحلال والحرام ،ولو نزل أول شيء " لا تشربوا الخمر" لقالوا : لا ندع الخمر أبداً ، ولو نزل "لاتزنوا" لقالوا : " لا ندع الزنا أبداً " . أخرجه البخاري .
وهكذا كان التدرج في تربية الأمة وفق ما يمر بها من أحداث ، فقد استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم صحابته من أسرى بدر ، فقال عمر : اضرب أعناقهم ، وقال أبو بكر : نرى أن تعفو عنهم وأن تقبل منهم الفداء ، وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر ،
فنزل قوله تعالى
( ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم * لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم )
سورة الأنفال : آية 67-68 .
وأعجب المسلمون بكثرتهم يوم حنين حتى قال رجل : لن نغلب من قله ، فتلقوا درساً قاسياً في ذلك ،
ونزل قوله تعالى
( لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين * ثم انزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً لم تروها وعذب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين * ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم )
سورة التوبة : آية 25-27 .
ولما توفي عبدالله بن أبي – رأس المنافقين – ودعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه ، فقام عليه ، فلما وقف قال عمر : أعلى عدو الله عبدالله بن ابي القائل كذا وكذا ، والقائل كذا وكذا ؟ يعدد أيامه ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبتسم ، ثم قال له إني قد خيرت ، قد قيل لي :
( واستغفر لهم أو لم تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم )
سورة التوبة : آية 80 .
فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها ، ثم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه ، قال عمر : فعجبت لي ولجرأتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والله ورسوله أعلم ، فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان
( ولا تصل على احد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره )
سورة التوبة :آية 84 .
فما صل رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعد حتى قبضه الله عز وجل . وحين تخلف نفر من المؤمنين الصادقين في غزوة تبوك ، وأقاموا بالمدينة ولم يجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لديهم عذراً هجرهم وقاطعهم حتى ضاقوا ذرعاً بالحياة ، ثم نزل القرآن لقبول توبتهم
قال تعالى
( لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم إنه بهم رءوف رحيم * وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا إن الله هو التواب الرحيم )
سورة التوبة :آية 117-118 .
ويشير إلى هذا ما روى عن ابن عباس في نزول القرآن " ونزله جبريل بجواب كلام العباد وأعمالهم " .
5- الحكمة الخامسة : الدلالة القاطعة على أن القرآن الكريم تنزيل من حكيم حميد :
إن هذا القرآن الذي نزل منجماً على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أكثر من عشرين عاماً تنزل الآية أو الآيات على فترات من الزمن يقرؤه الإنسان ويتلو سوره فيجده محكم النسج ، دقيق السبك ، مترابط المعاني رصين الأسلوب ، متناسق الآيات والسور ، كأنه عقد فريد نظمت حباته بما لم يعهد له مثيل في كلام البشر قال تعالى
( كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )
سورة هود : آية 1 .
ولو كان هذا القرآن من كلام البشر قيل في مناسبات متعددة ووقائع متتالية ، وأحداث متعاقبة ، لوقع فيه التفكك والإنفصام ، واستعصى أن يكون بينه التوافق والإنسجام
قال تعالى
( ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه إختلافاً كثيراً )
سورة النساء :آية 82 .
فأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم – هي في ذروة الفصاحة والبلاغة بعد القرآن الكريم – لا تنتظم حياتها في كتاب واحد سلس العبارة يأخذ بعضه بركاب بعض في وحدة وترابط بمثل ما عليه القرآن الكريم أو ما يدأنيه اتساقاً وانسجاماً . فكيف بكلام سائر البشر وأحاديثهم
قال تعالى ( قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيراً )
سورة الإسراء : آية 88
|
|
|
|
|