الذي عجبت منه أيضاً..
أن أصحاب عثمان ومعاوية في المسلسل في غاية الجمال!
بينما اصحاب النبي (ص) واصحاب الإمام علي في غاية القبح!
رغم أن من أصحاب عثمان مروان بن الحكم ( خيط باطل)! الذي بدا جميلاً وثاباً..
والمغيرة بن شعبة الأعور ( الذي بدا صحيح العينين)!
وعمرو بن العاص القصير ( الذي بدا عملاقاً)
ومعاوية الذي كان يضع بطنه على فخذيه عند الأكل - مع عظم عجيزته- الذي بدا في المسلسل رشيقاً كالغزال!
... وهكذا... لا لآادري هل هو مقصود أم شيء من نفاق؟!
وشكراً لكم
وقد أضيف في حلقة طلحة هذه وقد أنطلق للحلقة الرابعة..
طبعا الأمر مقصود جدا و هو النصب و البغض لمحمد و آله و أصحابه النجباء
و لو كان ابليس من أنصار معاوية لجعلوا صورة ابليس أزهى و أجمل
نقد مسلسل الحسن والحسين (18) حتى لا تنخدعوا بهؤلاء؟ منهج تعليمي مفصل
تمهيد خاص جداً جداً...
في هذه الحلقة سأعطي حلقة نموذجية
إنه درس في التخريج والبحث مع الشجاعة في طرح الأمور كما هي!
وخاصة خيانات بعض كبار أهل الحديث.. فضلاً عن غيرهم
سنكشف بعض تلاعبهم بروايات فتنة عثمان.. وكيف كانت كمروية قبلهم؟ وكيف رووها؟ وماذا حذفوا منها؟ وماذا أبقوا؟ وما هي دوافعهم في التحريف والبتر؟ وكيف قلدهم الناس واثنوا على أمانتهم بلا بحث.. وإنما تبعاً للرأي العام! كما يفعل الناس اليوم.. يثنون على من نالر رضا العامة، ويشنعون على من تخلص من السذاجة..
لابد لطالب العلم من شجاعة..
فإن وجد مؤرخاً أو محدثاً قد خان الأمانة العلمية فليكشف هذه الخيانة ولو صدرت من البخاري أو أحمد بن حنبل..
لا مكان للتراجع والضعف والجبن والخوف من الحقيقة..
هذه الشجاعة للأسف افتقدها كل الباحثين تقريباً،
فهم يكتشفون خيانات الكبار إلا أنهم يجبنون عن التصريح بأنها خيانة،
نعم هم يتجاسرون في كشف خيانات الضعفاء ولكنهم يجبنون في كشف خيانات الكبار..
والذي لعب في الأمة هي خيانات الكبار. وليس خيانات الضعفاء والمنبوذين..
وهذه المة فقط هي التي تسكت عن خيانات الكبار،
أعني أن أنها قد تجد المحدث الكبير يكتم بعض الأحاديث والروايات الصحيحة أو يرويها محرفة أو مقطوعة .. ثم لا يجرؤ أحد من أهل الجرح والتعديل ولا الباحثين على كشف هذا الضعف والهوى في رواية هذا المحدث الكبير
والتصور الساذج عن فتنة عثمان اليوم - التي تبنتها المؤلفات السلفية والمسلسلات التلفزيونية - هي نتيجة من نتائج الخيانات العلمية للكبار.
فالكبار من السلفية المحدثة خاصة كانت تقوم بعمليات كبرى من الخيانات المعقدة
تبتر وتقطع الحديث
وتروي المعارض الضعيف
وتصر على تكرار الضعيف وتنصره إلى أن يصبح رأياً عاماً
ثم يصبح عقيدة فتسجله في كتبها العقدية
ثم ينتقل للقانون وتقيده في قوانينها!
ثم يقيد المعرفة لتسير في هذه العقيدة وهذا الرأي العام.. الذي أوله عمل سياسي وآخره عقيدة دينية..
أوله كذب وآخره تدين بالكذب!
ولن ينصر الله أمة كاذبة أو متواطئة على الكذب أبداً
لأن الله أمرنا بأن نكون مع الصادقين ( وكونوا مع الصادقين)..
ومادام أنه أمرنا ألا نكون مع الصادقين فمن باب أولى أنه لن يكون مع الكاذبين..
نعم قد يسيطر الكاذبون على منافذ المعرفة ومعاهدها .. إلا أنهم لن ينتصروا ..
هم يتوهمون.. والكاذبون كالكافرين قد يتغلبون في فترة ( ولا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد.. متاع قليل)..
والله ليس مع الكافرين قطعاً..
ومع ذلك تقلبوا في البلاد وظهروا على الناس..
ولا يأخذ أحد اننا نكفر الكاذبين.. فالكاذب عاصٍ فقط وله حقوق المسلم كاملة..
إلا أننا نشبه موقفاً بموقف .. واغترار بمثله..
لن ترتفع هذه الأمة حتى تصدق..
الصدق مفتاح كل حضارة ..
هو للدنيا والآخرة..
ومن خلال تتبعي للتاريخ والحديث على مدى 26 سنة تقريباً.. وجدت أن أكثر الناس يحبون الكذب لأنه مريح، ويكرهون الصدق لأنه متعب.. وهذا شرخ كبير وخطير في ثقافتنا وعقولنا وقلوبنا..
ولا يمكن أن ننجو لا في الدنيا ولا في الآخرة إذا تعمدنا الكذب والافتراء واتخذناه ديناً.. وحاربنا الحقائق واتخذنا ذك ديناً أيضاً.. ( راجعوا الآيات المحذرة من الكذب في القرآن الكريم، وستهولكم خطورة الكذب إذا تحول من الفردية إلى الكذب الجماعي الذي يتحكم في مفاصل الأمة!)
ليس هناك فتنة أبلغ ولا أسوأ ولا اضر من الغرام بالكذب!
الغرام بالكذب نوعان..
نوع سببه الضعف العلمي ( والخبالة) وهذا سهل لأنه يرتفع بالتعليم والمعرفة والتزود منهما..
ونوع سببه الخبث والمكر الكبار.. وهذا المدمر للأمم والأديان والضمائر والعقول..
وخطورته أنه يستطيع تحويل الناس من النوع الأول ( الساذج) إلى النوع الثاني ( المكر الكبار) وذلك إذا استطاع أن يغلق على الفئة ألألى منافذ المعرفة ويغريها بالمال والوظائف والوجاهة واللقاءات والمحاضرات والثناء الكاذب..الخ
أصحاب المكر الكبار يستطيعون تشكيل أديان كاملة وأمم ودول ومجتمعات..
ولذلك لا تستغربوا إن اكتشفتم يوماً أننا نتيجة مسكينة من نتائج مكر كبار وقع في الماضي واستطاع تشكيل دين له اسم الإسلام وحقيقة الطغيان..
إن الإسلام التاريخي الذي صنعه أصحاب المكر الكبار قد استطاع إنتزاع روح الإسلام الإلهي مع الإبقاء على ألفاظه..
ولم يكن هذا ليتم لولا ضعف الوعي التاريخي..
والوعي التاريخي لا يتم إلا بالصدق..
الصدق في النقل
الصدق في التحليل
الصدق في المعيار
الشهادة لله
أن يعرف المسلمون بأن الحقيقة لا تضر
وأنها إن ضرت في الظاهر عند أناس إلا أنها تنفع روح الأمة
وتعيد روح اإسلام الإلهي الذي تم انتزاعه تدريجياً من القرن الأول..
هذا الانتزاع قد يشارك فيه بعض الصالحين بسذاجة كما قلنا سابقاً..
لأن اصحاب السذاجة وقعوا فريسة لأصحاب المكر الكبار عندما نسوا التاريخ!
وقع عثمان بن عفان رحمه الله وسامحه فريسة لمعاوية ومروان ووالوليد وسعيد .... عندما نسي التاريخ.
نسي تاريخ هؤلاء .. ومحاربتهم للنبوة .. ومكرهم .. وجشعهم.. وحرصهم على المصالح الكبرى. بل ونفاقهم ( والنفاق يتجزأ).
لقد استطاع أصحاب هذا المكر الكبار إقناع الناس أنهم قد صلحوا واصبحوا من قادة الأمة وفقهائها ..
لقد أقنعوا بعض الصالحين وكبارهم فضلاً عن العامة والحمقى..
ومن نتائج هؤلاء اصحاب المكر الكبار أمة كبيرة تفرش لهم الشرع
وتحميهم من الشرع أيضاً..
بأن تكذب لهم وتضع الفضائل وتؤول الآيات وتصنع الأخبار..
وفي المقابل تخفي مثالبهم وألحاديث في ذمهم والتحذير منهم وكذلك تخفي الشهادات الصحابية والتابعية فيهم
وتخفي جرائمهم ومظالمهم التي كانت سبب الفتنة..
وكانت سبب سفك دماء الصحابة وافتراق ألأمة وغلبة أكثر الناس الذين لا يعقلون
وهزيمة الصالحين (وقليل ماهم)!
هذه الكثرة والقلة خدعت العقول واستولت عليها..
لأن هذه العقول ليس معيارها القرآن لتتوجس من الكثرة وتأنس بالقلة
وإنما معيارها العلو في الأرض والقوة والكثرة والمال والمصالح وكثرة المخالطة..الخ
عودوا للقرآن وانظروا الكثرة والقلة... وصححوا المعيار..
ليكون البرهان هو الدليل والمنار والراية العظمى..
لابد من تصحيح المعيار..
وبدون التصحيح لن يكون هناك فكر ولا ثقافة ولا فهم للكتاب ولا معرفة لأسباب البلاء..
الله لا ينصر الكذابين ولن يكون معهم..
الشرق والغرب اصدق منا.. وأكثر أمانة ..بإجماع المسلمين والكفار..
إذن هناك سر في وفرة هذا الكذب والخيانة عند المسلمين!!
ليس الدين قطعاً.. هذا تفسير غلاة العلمانيين واللادينين .. وهم نتيجة من نتائج الغرام بالكذب المصنوع من الأمة التي صنعها أصحاب المكر الكبار!
فالتصحيح إذن صعب وطويل وشاق ولا يحتمله إلأا أصحاب الههم الكبرى وانفس الطجويل والاحتساب عند الله والتخلي عن زهرة الدنيا..
إنه دين بكل ما تحمله الكلمة من معنى..
فمن هو مستعد؟..
هنا لا أخاطب كل الناس..
إنما أخاطب طلبةالعلم الشرعي الذين لهم باع في الاطلاع والإنصاف ولكن اشتبهت عليهم الأمور لكثرة الزيف والتحريف والكذب المتراكم عبر التاريخ..
ولا أخاطب هنا التخصصات ألأخرى ولا السذج من طلبة العلم ولا أصحاب المكر الكبار منهم ومن غيرهم..
فالساذج يحتاج إلى وقت للمعرفة..
واصحاب المكر الكبار مطبوع علة قلوبهم..
فما بقي معنا إلا نوادر من طلبة العلم لكنهم يستطيعون قلب الأوضاع العلمية برمتها..
ليصبح العلم والصدق توأمين.. بدلاً من أن يصبحا خصمين كما هو حاصل..
لكن ستكون سهلة جداً إذا أنت ايها الباحث ققرت أن تلتزم الصدق مهما كلفك الأمر ..
نعم التاريخ متضارب ليس لأن هناك ضعفاء كذبوا ... وصادقون صدقوا..
وإنما لأن هناك صادقون عند الناس وكذبوا على الواقع..
وكذابون عند الناس وصدقوا في الوقع..
وسأكشف لكم في هذه الحلقة هذا حتى يقتنع من أراد أن يقتنع بالصدق..
أما من قرر محاربة الصدق والبحث والمعرفة فهذا لا يمكن أن يقنعه نبي مرسل ولا ملك مقرب فكيف نطمع نحن في أقناعه..
نعم نحن نخطي كغيرنا..
لكن دعونا نقرأ جميعاً هل أخطأ أحمد بن حنبل في روايات فتنة عثمان أم تعمد الكذب أو البتر أو الإخفاء أو توجيه الروايات وجهة مذهبية؟
هل أخطأ البخاري أم تعمد الكذب في نقل الروايات؟..
ليس العلم أن تكشف كذب الواقدي في رواية لأن الواقدي ليس شخصية مؤثرة في عقائدنا وديننا؟
لكن العلم كل العلم أن تكتشف أن نثل البخاري قد خدعك وكذب عليم واستلب عقلك ..
هذا هو العلم!
بعض العلمانيين المستعجلين يذهبون مباشرة إلى النبي (ص) ..
بأنه هو الذي كذب عليك واستلب عقلك.. وهذا ظلم للرسول والرسالة والقرآن والدين..
لست بحاجة أن تذهب إلى الرسول مادام أن الكذبة في الطريق تحول بينك وبين معرفته..
لن تعرف صدق الرسول وأمنته وإنسانيته وعدله إلا من الصادقين...
والصادقون هؤلاء قد يكونوا من النتهمين عند أصحاب المكر الكبار.. فانتبه..
فالمسألة معقدة..
لكن حدد الكاذب والصادق أولاً..
قف مع رسول الله والضعفاء والمقربين له .. ولن يقودك هذا إلا إلى خير,,
المقربون للرسول (ص) من الضعفاء والموالي والمستضعفين هم أصدق من ينقل عنه، فلا تطردهم فتكون من الظالمين..
ابحث عن سيرة النبي (ص) على ألسنة هؤلاء .. ولا تبحث عن سيرته علىألسنة من كانوا يطالبون بطرد هؤلاء..
استضيء بالقرآن خطوة خطوة.. وامش بهدوء..
فأن تموت وأنت تسعى إلى الجنة خير من أن تموت وأنت مغتبط بالنار!
العجلة من الشيطان..
سيأتيك الشيطان ويقول لك: ومتى ننتهي من هذا الأمر وننقله للناس...؟!!
هذا شيطان رجيم ... فالعنه وتعوذ منه..
ابدأ خطوة خطوة فالزيف كبير والأجر مضاعف..
ثم نحاول أن ندخل في الموضوع مباشرة..
سؤال: الغموض في فتنة عثمان لماذا؟
الجواب.....لعدة أسباب
الأول : كثرة االروايات وتناقضها..
الثاني: إشهار السلطات المذهبية لروايات ضعيفة مكذوبة دون أخرى صحيحة ومتواترة.
الثالث: تقطيع الروايات وانتقائها على غير منهج مطرد..
الرابع: استقرار معلومات زائفة في ذهن المسلم.. وخاصة عند السلفية المحدثة- ويصعب التخلص منها..
الخامس: دخول المتاجرة بعقول العامة لمصلحة أجتدة معينة لا تهدف للمعرفة ولا تقيم الشهادة لله
السادس: السبق المذهبي للتحذير من الصادقين .. والسكوت عن الكاذبين..
السابع: تبني المراكز العلمية للآراء السياسية والمذهبية .. وصقل الطلاب على هذا الأساس..
الثامن: الجهل يمكن تعليمه كما يمكن تعليم العلم!! وهذا ما لا يدركه كثير من الناس..
التاسع: ضمور العقل المسلم عن التفكير، والمسلمون أيضاً من اضعف الناس في الضمائر، ضمائرهم للمذاهب والسياسات والمال وليس للعلم ولا المعرفة، وهم غير مستعدين للتضحية والإصرار والصبر.. فذلك لم يبنوا حضارة، وكل ما يقال عن الحضارة الإسلامية زيف صدقناه، إلا إذا كان معنى الحضارة مقتصر على المباني وعسكرة المفاهيم.
العاشر: كل العلماء الذين نتفاخر بهم كابن سينا وابن رشد والخوارزمي وابن النفيس... هم خارج السياق الثقافي..
هذه كانت مقدمة لما سيأتي مما استطيع أن أسميه ( منهجاً تعليمياً) لطلبة العلم في كيفية البحث التاريخي..
إذا أراد طالب العلم الشرعي ( المهتم بالحديث والمخلص للمعرفة فقط)
إذا أراد هذا الطالب أن يعرف الحق بسرعة..
لا بد - بعد توفر الصفات السابقة - أن يستعراض فتنة عثمان:
1- فيجمع كل الروايات في فتنة عثمان.. وخاصة من المصادر المعتمدة المشهورة ( طبقات ابن سعد- تاريخ الطبري- أنساب البلاذري - تاريخ خيلفة بن خياط - تاريخ المدينة لعمر بن شبة..) كل هؤلاء أهل سنة وثقات بمنهج الجرح والتعديل.. فليسوا شيعة بالإجماع ولا معتزلة ولا إباضية ولا معتزلة...
2- أخذ الروايات المجمع على صحتها وسنية رجالها، أعني إسناد يصححه أهل الحديث أنفسهم ويصفون رجاله بأنهم أهل سنة وثقات..! فهذه خطوة أخرى مطمئة لطال العلم الشرعي بل و السلفي أيضاً ..
3- حاول اتخاذها - أعني هذه الرواية الصحيحة السنية - نموذجاً لكشف مواقف المعاصرين والمتقدمين منها..
4- فمن وجدته يرويها بلا بتر ولا تقطيع ولا تصرف في ألفاظها فهو الثقة ويمكن أن تأتمنه في النقل، ومن وجدته قد روى بعضها وسكت عن بعض في مقانم لا يسعه السكوت فاحذر منه..
ثم حاول أن تختبر ذلك الذي حجز عنك معرفة كل مقاطع الرواية... فإن كان منهجه هو هذا في روايات أخرى، أنه يقطع كل مقطع لا يعجبه فهذا يعني أنه كاذب حتى لو وثقه الناس جميعاً..
لا تعول على الناس ... هم بلا منهج..
هم أتباع كل ناعق..
والمحدثون قديماً كالسلفية حديثاً لا يوثقون إلا أنفسهم..
ليس عندهم معيار ثابت.. فلا تخاف من عدم الأخذ بأقوال الكاذب إذا تأكدت أنه كاذب..
نعم هناك من يكذب في القليل.. وبلا تعمد.. ويأتي عنه مرة بعد مرة ..
وهناك من يتعمد البتر والتعديل والزيادة .. ويطرد في ذلك في موضوعات معينة.
حتى أنه صرح بأنه سيحذف كل حديث لا يعجبه ولو صح عن رسول الله!
فهذا وصلت به الفتنة إلى هذا الحد..
وهناك محدثون يصرحون جهاراً بأن هذا منهجهم..!! ثم لا يجد من يذم طريقته..
وطبق هذا فعلاً في مسنده .. ثم لا يجد له ناقداً..!!
هكذا سكوت مطبق.. وتواطؤ على السماح بالجرأة على رسول الله (ص)..
سنأخذ رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي
لأنه من قلائل الروايات المطولة عن فتنة عثمان التي صححها المتقدمون والمتأخرون..
رواها ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه (شيخا البخاري ومسلم وطبقتهم) ورواها غيرهم من أهل زمنهم ومن بعدهم
وصححها ابن حجر والهيثمي وغيرهم ولم يضعفها أحد..
ثم صححها يوسف العش ومن قلده من السلفية المعاصرة..
إذن فالرواية حجة فيما بيننها وبين هؤلاء المقلدين ممن يزعمون أنهم ينصرون عثمان ويقعون في الثوار..
ونحن لا نقول بنصرة عثمان ولا الثوار..
ولا نصرة علي ولا عائشة..
سنترك الروايات المتفق على صحتها تنطق..
ونترك عواطفنا في قلوبنا..
إلا أنه لا يجوز أن يلزم بعضنا بعضاً بما لا يتفق الجميع على صحته..
وإنما بما يتفق على صحته..
ومادام أننا متفقون معهم على صحة رواية أبي سعيد مولى أبي اسيد الساعدي
- وهي من أطول الروايات الشاملة التي شملت قصة الفتنة والثورة والمقتل-
ونحن نقبلها من حيث الجملة... رغم أن الرواية مسلسلة بالرواة العثمانيين ( المائلين لعثمان)
وبالرواة البصريين ( والبصرة هواها عثماني ثم أموي)
رغم هذا كله...
نحن نقبل رواية أبي سعيد التي سبقونها إلى تصحيحها..
إلا ما غمض فيها وتم تفسيره في غيرها بروايات صحيحة أيضاً..
وسنكشف من خلال هذه الرواية .. خيانات علماء كبار محدثين وسلفيين ..
وخيانة يوسف العش والقرضاوي والصلابي والعودة وغيرهم من وعاظ التاريخ الذين استمروا في الحكم فيما لا يعلمون أو تزوير ما يعلمون..
إنها فتنة الكبار من أتباع أصحاب المكر الكبار..
قدج لا يدركون الدور الخطير الذي يقومون به من انتقاء الروايات الضعيفة كاملة واالانتقاء من الروايات الصحيحة!
بينما كان الواجب هو العكس,,طالأخذ بالروةايات الصحيحة كلها كاملة والانتقاء مما يوافقها من الضعيفة..
كل هذا إذا سلمنا بمعيارية منهج هل الحديث وهو منهج عثماني مائل لبني أمية نفور من الشيعة.
بدليل أنه يستبعد رواية من يلعن معاوية ولا يستبعد رواية من يلعن علياً.. 0 في أدلة أخرى لكن هذه أوضحها-
.إذن فلنعتمد هذا المنهج ونبقى معهم فيه حتى يعلنوا التخلي عنه...
وسيفعلون لأنهم لا يحتملون اي منهج اصلاً..
هم يريدون كتابة التاريخ كما يشاؤون ... وهكذا فعلوا في المسلسلات التلفزيونية والكتب السلفية..
إذن فرواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي:
هي رواية شاهد عيان،
والرواية صحيحة الإسناد مفيدة المحتوى، رغم أنها عثمانية الهوى، فكل رواة الإسناد عثمانية، إلا أنها أوثق ما روته العثمانية، وقد روى الرواية مطولة أبو بكر بن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه وخليفة بن خياط وعبد الله بن أحمد بن حنبل والبزار والطبري وابن حيان في صحيحه ( رووا معظم الرواية فيما يخص ثورة المصريين، وكان إسحاق بن راهويه أنشط هؤلاء في رواية معظم مقاطع الرواية)..
واختصرها قوم منهم أحمد بن حنبل في فضائل الصحابة والترمذي وأبي يعلى وابن خزيمة والبلاذري وغيرهم ( أعني رووا منها مقاطع)..
عثمانية الرواية:
أبو سعيد هو مولى لأبي أسيد الساعدي ( وأبو أسيد أحد القلائل الذين كانوا مع عثمان) وكان مع عثان وحضر معه حوار القوم، وبقية رجال الإسناد ( أبو نضرة وسليمان التيمي وابنه معتمر وعفان بن مسلم) كل هؤلاء بصريون عثمانيون، وأوثقهم عفان بن مسلم، والرواية قد صححها النواصب المعاصرون وهي التي اختارها يوسف العش في كتابه الدولة الأموية ( ويوسف العش ذو مكانة كبيرة عند النواصب وغلاة السلفية)، ومع ذلك لم يستفيد يوسف العش ولا مقلدوه مما فيها من المعلومات المفيدة، رغم أنهم بتروا بعضها وأهملوا تفسير مجملها، وركزوا على بعض الفقرات الشاذة فيها، ليوجهوها الوجهة التي يريدون، مع أنها من حيث الجملة تصب في القسم المقبول مما روي في فتنة عثمان، وأرى قبولها من حيث الجملة إلا بعض المواضع التي خالفت ما هو أثق منها من الروايات .
والرواية اشتهرت عن سليمان التيمي عن أبي نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد
رواها عن سليمان التيمي ابنه معتمر وابن المبارك وغيرهم
وقد رويت مقطعة... فكان لا بد من جمعها في سياق واحد..
أو على الأقل ترتيب هذه المقاطع حسب الترتيب الزمني للأحداث..
وأرى خمول بعض المصادر القديمة كمصنف أبن أبي شيبة ومسند إسحاق بن راهويه وتاريخ المدينة لعمر بن شبة لأنهم تجرؤا ورووا كل ما وصلهم من مقاطع هذه الرواية وغيرها من الروايات.. ومن اهم مقاطع هذه الرواية التي أخفاها يوسف العش ومن تبعه من النواصب المعاصرين هو ذلك المقطع الذي يؤكد معارضة عائشة لعثمان معارضة شديدة، فاقتصر العش ومن معه على رواية الطبري الذي اختار ذلك المقطع الذي اقتصر على سرد ثورة المصريين فقط من لقاؤهم عثمان إلى مقتل عثمان.
وسندفعهم الآن إلى تضعيف هذه الرواية وإخراجها من الروايات المصححة عندهم بهذا الكشف الخطير الذي لن يجدوا له جواباً إلا بالاعتراف بأن أم المؤمنين عائشة كانت من أشد خصوم عثمان، أو يضعفوا هذه الرواية التي بنوا عليها ما بنوا من توجيه أحداث الفتنة نحو تبرئة عثمان واتهام الثوار، بينما الواجب ذكر الحقيقة كلها بغض النظر عن تبرئة هذا الطرف أو ذاك، فالمؤرخ ينقل الحقيقة ولا يهمه حكم القاضي، فنقل الحقيقة أمانة، وذكر الرواية كاملة أمانة، واقتطاعهم من هذه الرواية يذكرني باقتطاع محب الدين الخطيب لكتاب العواصم من القواصم، فقد طبع منه ما يخص ذم آل محمد وترك ما يخص ذم الحنابلة، وهذا يؤكد هذه النفسية الأموية التي كان يحملها الخطيب، فلو كان أميناً لطبع الكتاب كله، مع أن الكتاب كاملاً قد طبع كله قبل أن يسرق منه الخطيب ما يخص الرفع من بني أمية والوضع من آل محمد والصحابة.
إذن فإلى مقاطع رواية أبي سعيد مولى أبي أسيد الساعدي، ونذكر بأنها رواية عثمانية معتدلة، وتعبر بحق عن العثمانية المعتدلة، وستتلاقى مع الروايات المعتدلة الأخرى.. مع بعض المخالفات اليسيرة التي نشير إليها في موضعها.
ومقاطع رواية أبي سعيد ستة مقاطع:
المقطع الأول : الفسطاط = عائشة وطلحة يجترئان على عثمان.
المقطع الثاني: عائشة وعثمان يتلاحيان ( ويتبادلان الاتهامات)
المقطع الثالث: الزبير وعثمان والاحتكار ( وتهمة ضال مضل).
المقطع الرابع: علي وعثمان (وتهمة ضال مضل)..
المقطع الخامس: ثورة أهل مصر ومقتل عثمان ( وهو المقطع المشهور) وفيه أكثر من عشر سياقات..
المقطع السادس: بعض الأحداث ب بعد مقتل عثمان
وهو المقطع الذي يخفيه السلفيون ويوسف العش والعودة والقرضاوي والصلابي .. وسائر هؤلاء المخادعين..
وهذا المقطع في المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 472)
قال إسحاق ( هو ابن راهويه) : أخبرنا المعتمر بن سليمان ، وسمعت أبي يقول : ثنا أبو نضرة ، عن أبي سعيد ، مولى أبي أسيد : « أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة - أرى ذلك بمكة - فمر بهم عثمان، قال أبو سعيد : فما بقي من القوم أحد إلا لعنه أو سبه غيري ، وكان فيمن لعنه أو سبه رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أشد منه على غيره! فقال : يا كوفي ، أسببتني ؟ كأنه يهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : يعني الكوفي : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان، فقال عثمان : والله لأجلدنك مائة! قال : طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا، قال : لأحرمنك عطاءك! فقال طلحة : يا كوفي ، إن الله يرزقك »
والرواية في مصنف ابن أبي شيبة شيخ البخاري ومسلم:
في مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 685) أبو أسامة قال حدثنا معتمر عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد أن ناسا كانوا عند فسطاط عائشة فمر بهم عثمان ، وأرى ذلك بمكة ، قال أبو سعيد : فما بقي أحد منهم إلا بعثه ( الصواب : لعنه) أو سبه غيري ، وكان فيهم رجل من أهل الكوفة ، فكان عثمان على الكوفي أجرا منه على غيره ، فقال : يا كوفي ، أتسبني ؟ أقدم المدينة ، كأنه يتهدده ، قال : فقدم المدينة فقيل له : عليك بطلحة ، فانطلق معه طلحة حتى أتى عثمان ، فقال عثمان : والله لاجلدنك مائة ، قال : فقال طلحة : والله لا تجلده مائة إلا أن يكون زانيا ، قال لاحرمنك عطاءك ، قال : فقال طلحة : إن الله سيرزقه اهـ .
فوائد هذا المقطع من رواية أبي سعيد:
1- طلحة يمنع عثمان من معاقبته كوفياً كان قد سبه عند فسطاط عائشة
2- نرجح أن فسطاط عائشة كان في المسجد النبوي أو بجواره – لشك الراوية ولأنه لم يثبت أن عثمان وعائشة حجا في سنة واحدة- وفعلت هذا عائشة لتحشيد المعارضة ضد عثمان واللقاءات مع الثوار وتوجيهمم، وكانت تخاطبهم من وراء حجاب، أي تخاطبهم من بيتها الذي كان ملاصقاً للمسجد ( بيتها إحدى الحجرات النبوية)، فإن بيت عائشة لن يتسع للجماعات المعارضة، وكانت عائشة تتولى التحريض مع رموز بني تيم ( مثل طلحة بن عبيد الله ومحمد بن أبي بكر)، ولا أرى ما لحق أخاها محمد بن أبي بكر إلا بتأثر منها، حتى أن طلحة بن عبيد الله عزله عن قيادة أهل مصر وجعلها لابن عديس.
3- وإذا صح أن ذلك الفسطاط كان بمكة فهذا أبلغ في الخصومة وفي التحريض، لأن السنة الأخيرة لم يحج عثمان، فمعنى هذا أن القصة حصلت في إحدى السنوات الست الأخيرة من خلافته، فإذا كانت شيعة عائشة كلهم على سب عثمان من تلك السنوات، فمعنى هذا أن خصومتها مع عثمان طويلة، وأنها استمرت سنوات على هذا التشنيع والإقرار بسب عثمان.
4- شيعة أم المؤمنين عائشة كانوا يسبون عثمان عند الفسطاط (وإن كان بالمدينة فهذا الفسطاط هو الذي جرى عنده القتال بين جماعة عائشة وجماعة عثمان، و لعل هذه القصة – قصة الساب عثمان- جرت في تلك الأثناء، إما أنه من أسباب القتال أو من نتائجه، وأما إن كانت بمكة، فلم يكن عنده قتال بين شيعة عثمان وشيعة عائشة).
5- إذا لم يصح أن القصة في مكة، فمعنى هذا أن الزيادة كانت مدرجة من أحد الرواة المتأخرين عن شاهد العيان الرئيس ( كان الزيادة من سليمان التيمي).
6- عثمان ينتصر لنفسه بمحاولة جلد الساب مئة، وهذا فوق الحد، ولا تعزير إلا فيما دون الحد، فهذا تجاوز شرعي وفق النصوص الشرعية، وهي عقوبة يسيرة وفق الرسوم السلطانية.
7- عثمان منع الكوفي عطاءه، لأنه سبه، وهذا أيضاً تجاوز، فحقه من بيت المال يستحقه بالإسلام ولو كان منافقاً، وقد وردت في الروايات أن عثمان يبعث جواسيس فمن وجده يذمه أو يقع فيه منعه العطاء، فهذه سنة عثمانية،
ولحذيفة كلام شديد في جواسيس عثمان رواه البخار يفي صحيحه، وهنا يتبين عدل الإمام علي فلم يكن يمنع الخوارج ولا النواصب عطاءهم، مع أنهم يذمونه ذماً أبلغ من ذم خصوم عثمان لعثمان، بل بعض الخوارج كانوا يكفرونه.
8- تعاون طلحة وعائشة، وتبادلهما الأدوار، فهذا يسمح لجلسائه بسب عثمان، وذاك يحمي الساب، وعندما حجت عائشة تولى طلحة كل مهام عائشة وأضافها إلى مهامه، واستولى على بيت المال، وحصر عثمان ومنع عنه الماء ومنع من الدخول عليه وكان قتله في تلك الأيام، ( انظر موقف طلحة) وكانت عائشة قد هيأت له من الجيش أصحاب الفسطاط وهم خليط من الأمصار، وجلهم من أهل مصر، وربما كانت شدة عثمان على الكوفي لكون الكوفة كانوا أميل إلى علي بن أبي طالب، فالمصريون لا يجرؤ عليهم عثمان بسبب عائشة وطلحة فهم القيادة الشرعية والسياسية للمصريين بعد اعتزال علي أو تسيير عثمان له إلى ينبع.
هذه استنتاجات مباشرة.. ليست مزوقة ولا مزيدة ولا منقوصىة... ومن عنده استنتاجات أخرى فليذكرها ولا باس..
أهم شيء ألا نخفي النص..
إخفاء النص جريمة كبرى..
وأما التفسير الخاطيء فبين أن يكون جريمة صغرى متعمددة أو خطأ مغفور..
لاكن لماذا أخفوا هذا المقطع؟؟؟
لماذا؟....
البحث يقتضي جمع روايات أبي سعيد مولى أبي اسيد وهيل قليلة جداً..
تجمع من جميع المصادر وتنظم في سياق واحد ليعطي صورة شاملة أو خطوط عريضة للفتنة..
قال الحافظ: المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 5 / ص 474) وبهذا الإسناد- وأشار إلى صحته- قال : « كان بين عثمان وعائشة بعض الأمر فتناول كل واحد صاحبه ، فذهبت عائشة تتكلم فكبر عثمان وكبر معه الناس ، ففعل ذلك بها مرتين لكيلا يسمع كلامها ، فلما رأت ذلك سكتت »!
التعليق:
السند هو نفسه كما قال الحافظ، أي من سند إسحاق بن راويه عن معتمر بن سليمان عن أبيه عن أبي نضرة عن أبي سعيد، وهذا الخلاف هنا مفصل في غير هذا المكان، فهذا المقطع خاص بخلاف وقع بجوار المسجد النبوي وتقاتل فيه أصحاب عائشة مع أصحاب عثمان، فكان أول قتال بين المسلمين، وبدأ الأمر بنصيحة عائشة لعثمان وهو يتخاصم معهم في المسجد، فرد عليها رداً قاسياً وذكرها بسورة التحريم والآية ( ضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة نوح وامرأة لوط) فردت عليه بأن أخرجت جلباب رسول الله (ص) من نافذة بيتها إلى المسجد قائلةً: هذه ثياب رسول الله لم تبل وقد أبلى عثمان سنته! فتعصب لكل منهما أصحابه، وتخاصموا وتحاصبوا حتى ثار الغبار وحصب عثمان وغشي عليه، ثم دخول عثمان بيته مغشياً عليه.
ولن نذكر تلك الروايات هنا.. لنبقى مع رواية أبي سعيد..
وهذا المقطع يخفيه المعاصرون الخادعون كالعش والصلابي والعودة وأمثالهم من المجتالين لعقول الشباب المساكين ..
وهذا المقطع في المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 9 / ص 359)
قال إسحاق ( ابن راهويه) : أنا معتمر بن سليمان ، سمعت أبي يقول : أنبأنا أبو نضرة ، عن أبي سعيد يعني مولى بني أسيد ، أن عثمان ، نهى عن الحكرة ، فلم يزل الرجل يستشفع حتى يترك مولاه ، فدخل الزبير بن العوام السوق فإذا هو بموالي بني أمية يحتكرون ، فأقبل عليهم ضربا ، فبينا هو كذلك ، إذ بعثمان مقبلا على بغلة أو على دابة فمشى إليه فأخذ بلجام (3) البغلة فهزه هزا شديدا وأراه قال له : إنك وإنك ، غير أنه اشتد عليه في القول ، ثم تركه فلما نزل ألقيت له وسادة فجلس عليها ، وجاء الزبير فسلم عليه ، وقال : والله يا أمير المؤمنين ، إني لأعلم أن لك علي حقا ، ولكني رجل إذا رأيت المنكر لم أصبر . فقال له عثمان : اجلس ، فأجلسه على الوسادة إلى جنبه
وهو في تاريخ المدينة لعمر بن شبة - (ج 3 / ص 1050)
حدثنا عنان ( إنما هو عفان! كما عند ابن أبي شيبة) قال، حدثنا معمر (! قلت: إنما هو معتمر) قال، سمعت أبي يحدث قال، حدثنا أبو ندرة (! إنما هو أبو نضرة) ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد: أن عثمان رضي الله عنه نهى عن الحكرة، قال فلم يزل الرجل يستشفع حتى بدل مولاه.
فدخل الزبير رضي الله عنه السوق فإذا هو بموال لبني أمية يحتكرون فأقبل عليهم ضربا، فبينما هو كذلك إذا هو بعثمان رضي الله عنه مقبل على بغلة له، فمشى إليه فأخذ بلجام البغلة فهزها هزا شديدا - قال وأراه قال: إنك وإنك - فقال: إنك ضال مضل، غير أنه قد اشتد عليه في القول ثم تركه.
فلما نزل ألقيت له وسادة فجلس عليها، وجاءه الزبير (فسلم عليه وقال: والله يا أمير المؤمنين إني لاعلم أن لك حقا ولكني رجل إذا رأيت المنكر لم أصبر، فقال له عثمان رضي الله عنه: اجلس هاهنا، فأجلسه على الوسادة إلى جنبه اهـ
التعليق:
وهذا تأكيد لمعارضة الزبير، ولا ندري من قال ( ضال مضل) هل قالها عثمان للزبير أم قالها الزبير لعثمان.. والأرجح أن عثمان هو القائلن لأنهم أخفوا قول الزبير وأظهروا قول عثمان، وهذه عبارة محببة لعثمان في اتهام من يخالفه وقد قالها في الغمام علي بسبب متعة الحج، وأما اعتذار الزبير فقد اعتذر عما سكتت عليه الرواية ولأنه أمسك بلجام بغلة عثمان واشتد عليه، وسيتبين مع البحث.
والخلاصة هنا أن الزبير أنكر بيده على موالي عثمان وضرب هؤلاء المحتكرين، لا سيما وان عثمان قد نهى عن الحكرة، ويتبين من الرواية أن بني أمية لا ينفذون أوامر عثمان، وبعض الثوار يرون أن عثمان متفق معهم سراً وإنما ينكر علناً، وأن هذا ديدن عثمان، وهؤلاء يرون أن الكتاب كتبه عثمان ثم أنكر، (وهذا يحتاج إلى بحث، فالله أعلم بحقيقة هذا الاتهام، إلا أننا نأخذ ما ظهر فقط وهو أن بني أمية ومواليهم لا ينفذون أوامر عثمان) وفي الرواية أيضاً كرم أخلاق عثمان والزبير رضي الله عنهما وسامحها وتجاوز عنا وعنهم، وهذا الحلم رأيناه من جلوسهما على وسادة واحدة وهدوء الغضب في الوقت الذي كان الخلاف اللفظي قد بلغ ذروته، فهم في الأصل يختلفون وينسون ويتسامحون، إلا أن هذا التسامح تقلص مع تصلب عثمان وتمسكه بالسلطة، وادعاء الحق الإلهي، وانسداد الأفق لعجز الصحابة عن إيجاد مخرج مناسب، فكانت المأساة التي انتهت بقتل عثمان وانتشار الفتنة إلى اليوم.
المقطع الرابع: عثمان يضلل علياً ويهمُّ بضربه، والزبير وطلحة يتدخلان!
وهذا المقطع يخفونه أيضاً..
وقد رواه إسحاق بن راهويه..
وهو في المطالب العالية للحافظ ابن حجر العسقلاني - (ج 6 / ص 334) من رواية إسحاق أيضاً:
قال إسحاق : أخبرنا المعتمر بن سليمان ، قال : سمعت أبي يقول أنبأنا أبو نضرة ، عن أبي سعيد مولى أبي أسيد وهو مالك بن ربيعة قال :
إن عثمان بن عفان رضي الله عنه : « نهى عن العمرة في أشهر الحج أو عن التمتع بالعمرة إلى الحج » ، فأهل بها علي مكانه فنزل عثمان رضي الله عنه عن المنبر فأخذ شيئا فمشى به إلى علي رضي الله عنه ، فقام طلحة والزبير رضي الله عنهما فانتزعاه منه فمشى إلى علي رضي الله عنه فكاد أن ينخس عينه بإصبعه ويقول له : إنك لضال مضل ولا يرد علي رضي الله عنه عليه شيئا اهـ
والإسناد صحيح عندهم، وقد سبق بيانه..وهو في إتحاف الخيرة بزوائد المسانيد العشرة من طريق إسحاق بن راهويه أيضاً.. وقد صرح الحافظ بصحة هذا الإسناد في المطالب العالية.
فوائد هذه الرواية :
1- عثمان والأخطاء في السنن والأحكام – متعة الحج، والإتمام في الحج، والأذان الثالث... الخ، فمجموعها يشكل مشكلة عند الناس لا سيما مع إصراره وإبائه عن الرجوع.
2- علي يظهر شرعية متعة الحج .. وهذا من أمره بالمعروف..
3- عثمان وعبارته المفضلة ( ضال مضل) وقد بقيت محببة عن العثمانية إلى اليوم، وأعني بالعثمانية المغالين في حب عثمان بن عفان وتبرئته، والمغالين في ذم خصومه، مع أن مطالبهم شرعية.
4- طلحة والزبير وجرأتهم على عثمان وأخذهم العصا من يده.
5- الإمام علي من أحلم الناس على عثمان، وهذا سكوته شاهد..
6- شدة عثمان على علي وظلمه له، هي من نتائج تحريض الحاشية، إلا إذا كان الخلاف قديماً
ولهذا القصة أصل في الصحيحين..
ومتعة الحج في كتاب الله ( فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي)..
ولولا نصيحة علي وغيره وثباتهم لما كان حج التمتع اليوم هو أفضل أنواع الحج..
يتبع المقطع الخامس وهو الذي أظهروه وأشهروه وله عد=ة سياقات بلغت عشر سياقات
أوأكثر .. سنذكرها جميعاً..
المقطع الخامس: وفيها ثورة أهل مصر ومقتل عثمان ( وهو المقطع المشهور)-
تمهيد عن هذا المقطع المشهور:
وهذا المقطع له سياقات متقاربة لابن أبي شيبة وإسحاق والطبري، وقد اشتهر هذا المقطع دون بقية المقاطع لأن من عادة أهل الحديث أن يقطعوا الحديث حسب الأبواب، أو حسب الشيخ الراوي، فلذلك تجد نسخة لمحدث يفرقها الرواة عنه في الأبواب التي يختارونها في الفقه أو الأحداث أو التراجم، ومما أدى إلى شهرة هذا المقطع أيضاً في الأزمنة الأخيرة اختيار يوسف العش له في كتابه ( الدولة الأموية)، وإخفائه عن الناس بقية المقاطع إما جهلاً بها، أو تعمداً في التلبيس، رحمه الله وسامحه، وسأستعرض هنا سياقات ابن أبي شيبة وإسحاق بن راهويه والطبري.
السياق الأول: سياق أبي بكر ابن أبي شيبة (235هـ) من طريق عفان:
في مصنف ابن أبي شيبة - (ج 8 / ص 687): عفان قال حدثني معتمر بن سليمان التيمي قال : سمعت أبي قال : حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد مولى أبي أسيد الانصاري قال:
[ لقاء عثمان وفد المصريين خارج المدينة]
سمع عثمان أن وفد أهل مصر قد أقبلوا، فاستقبلهم فكان في قرية خارجا من المدينة، أو كما قال : قال : فلما سمعوا به أقبلوا نحوه إلى المكان الذي هو فيه، قال : أراه قال : وكره أن يقدموا عليه المدينة، أو نحوا من ذلك .
[ القرآن في فتنة عثمان = الحمى وغيره]
فأتوه فقالوا : ادع بالمصحف، فدعا بالمصحف فقالوا : افتح السابعة، وكانوا يسمون سورة يونس السابعة، فقرأها حتى إذا أتى على هذه الآية: (قل أرأيتم ما أنزل الله لكم من رزق فجعلتم منه حراما وحلالا قل : آلله أذن لكم أم على الله تفترون) ، قالوا : أرأيت ما حميت من الحمى آلله أذن لك به أم على الله تفتري ؟ فقال : أمضه، أنزلت في كذا وكذا ، وأما الحمى فإن عمر حمى الحمى قبلي لإبل الصدقة، فلما وليت زادت إبل الصدقة فزدت في الحمى لما زاد من الإبل الصدقة، أمضه ، فجعلوا يأخذونه بالآية فيقول : أمضه، نزلت في كذا وكذا والذي يلي كلام عثمان يومئذ في سنك، يقول أبو نضرة : يقول لي ذلك أبو سعيد، قال أبو نضرة : وأنا في سنك يومئذ، قال : ولم يخرج وجهي - أو لم يستو وجهي - يومئذ، لا أدري لعله قال مرة أخرى : وأنا يومئذ في ثلاثين سنة.
[ اعتراف عثمان ببعض ما نقموه واستغفر وتاب، وأخذ المواثيق والشروط]
ثم أخذوه بأشياء لم يكن عنده منها مخرج، فعرفها فقال : استغفر الله وأتوب إليه، فقال لهم :
ما تريدون ؟ فأخذوا ميثاقه، قال : وأحسبه قال : وكتبوا عليه شرطا،
قال : وأخذ عليهم، أن لا يشقوا عصا ولا يفارقوا جماعة ما أقام لهم بشرطهم ( عند إسحاق: ماقام لهم بشرطهم] أو كما أخذوا عليه، فقال لهم : ما تريدون ؟
فقالوا : نريد أن لا يأخذ أهل المدينة عطاء، فإنما هذا المال لمن قاتل عليه ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص)، فرضوا، وأقبلوا معه إلى المدينة راضين.
[ خطبة عثمان وثنائه على الوفد وبدؤه بالتنفيذ وغضب الناس]
فقام فخطب فقال : والله إني ما رأيت وفد أهم خير لحوباتي من هذا الوفد الذين قدموا علي، وقال مرة أخرى : حسبت أنه قال : من هذا الوفد من أهل مصر .
ألا من كان له زرع فليلحق بزرعه، ومن كان له ضرع فليحتلب، ألا إنه لا مال لكم عندنا، إنما هذا المال لمن قاتل عليه، ولهذه الشيوخ من أصحاب محمد (ص)، فغضب الناس وقالوا : هذا مكر بني أمية .
[ قصة الكتاب: وتعرض صاحب الكتاب لهم بالشتم وما أشبه]
ثم رجع الوفد المصريون راضين، فبينما هم في الطريق [ إذ ] براكب يتعرض لهم ثم يفارقهم ثم يرجع إليهم ثم يفارقهم ويسبهم، فقالوا له : إن لك لامرا ما شأنك ؟ قال : أنا رسول أمير المؤمنين إلى عامله بمصر ففتشوه فإذا بكتاب على لسان عثمان، عليه خاتمه إلى عامل مصر أن يصلبهم أو يقتلهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم فأقبلوا حتى قدموا المدينة .
[ لقاؤهم علياً، وإنكاره أن يكون كتب إليهم، وخروجه من المدينة]
فأتوا عليا فقالوا : ألم تر إلى عدو الله، أمر فينا بكذا وكذا، والله قد أحل دمه قم معنا إليه،
فقال : لا والله، لا أقوم معكم، قالوا : فلم كتبت إلينا؟
قال : لا والله ما كتبت إليكم كتابا قط!
قال : فنظر بعضهم إلى بعض،
ثم قال بعضهم لبعض : ألهذا تقاتلون أو لهذا تغضبون؟
وانطلق علي فخرج من المدينة إلى قرية - أو قرية له –
[لقاؤهم عثمان في المدينة]
فانطلقوا حتى دخلوا على عثمان فقالوا : كتبت فينا بكذا وكذا؟
فقال : إنما هما إثنتان : أن تقيموا علي رجلين من المسلمين أو يميني : بالله الذي لا إله إلا هو، ما كتبت ولا أمليت، وقد تعلمون أن الكتاب يكتب على لسان الرجل وقد ينقش الخاتم على الخاتم.
فقالوا له : قد والله أحل الله دمك، ونقض ( نقضت) العهد والميثاق.
[ الحصر والمناشدة، وقولهم : اللهم نعم!]
قال : فحصروه في القصر.
فأشرف عليهم فقال : السلام عليكم، قال : فما أسمع أحدا رد السلام إلا أن يرد رجل في نفسه، فقال : أنشدكم بالله، هل علمتم أني اشتريت رومة بمالي لاستعذب بها، فجعلت رشائي فيها كرشاء رجل من المسلمين، فقيل : نعم، فقال : فعلام تمنعوني أن أشرب منها حتى أفطر على ماء البحر، قال : أنشدكم بالله، هل علمتم أني اشتريت كذا وكذا من الارض فزدته في المسجد، قيل : نعم، قال : فهل علمتم أحدا من الناس منع أن يصلي فيه، قيل : نعم، قال : فأنشدكم بالله هل سمعتم نبي الله عليه السلام - فذكر كذا وكذا شيئا من شأنه، وذكر أرى كتابة المفصل.
[ فشو النهي عن عثمان، والأشتر ينهى عنه]
قال : ففشا النهي، وجعل الناس يقولون : مهلا عن أمير المؤمنين، وفشا النهي وقام الاشتر، فلا أدري يومئذ أم يوما آخر، فقال : لعله قد مكر به وبكم، قال : فوطئه الناس حتى لقي كذا وكذا.
[ مناشدة أخرى]
ثم إنه أشرف عليهم مرة أخرى فوعظهم وذكرهم، فلم تأخذ فيهم الموعظة، وكان الناس تأخذ فيهم الموعظة أول ما يسمعونها، فإذا أعيدت عليهم لم تأخذ فيهم الموعظة.
[ عثمان يفتح الباب ويأمر بالكف]
ثم فتح الباب ووضع المصحف بين يديه.
[ مدرج سليمان التيمي ... عن الحسن البصري: في فعل محمد بن أبي بكر]
قال : فحدثنا الحسن : أن محمد بن أبي بكر دخل عليه فأخذ بلحيته، فقال له عثمان : لقد أخذت مني مأخذا - أو قعدت مني مقعدا - ما كان أبو بكر ليأخذه - أو ليقعده قال : فخرج وتركه-
[عودة لحديث أبي سعيد = في قصة مقتل عثمان]
قال : وفي حديث أبي سعيد : فدخل عليه رجل فقال : بيني وبينك كتاب الله، فخرج وتركه، ودخل عليه رجل يقال له (الموت الاسود) فخنقه وخنقه ثم خرج، فقال : والله ما رأيت شيئا قط هو ألين من حلقه، والله لقد خنقته حتى رأيت نفسه مثل نفس الجان تردد في جسده، ثم دخل عليه آخر، فقال بيني وبينك كتاب الله والمصحف بين يديه، فأهوى إليه بالسيف فاتقاه بيده فقطعها فلا أدري أبانها، أو قطعها فلم يبنها، فقال : أما والله إنها لأول كف خطت المفصل.
[مدرج من غير رواية أبي سعيد = آية : فسيكفيكهم الله]
وحدثت في غير حديث أبي سعيد : فدخل عليه التجيبي فأشعره بمشقص، فانتضح الدم على هذه الآية * (فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم) * وإنها في المصحف ما حكت .
[عودة لحديث أبي سعيد = دور ابنة الفرافصة: وتسميتهم أعداء الله]
وأخذت بنت القرافصة - في حديث أبي سعيد - حليها فوضعته في حجرها، وذلك قبل أن يقتل، فلما أشعر أو قتل تجافت - أو تفاجت - عليه، فقال بعضهم : قاتلها الله ما أعظم عجيزتها، فعرفت أن أعداء الله لم يريدوا إلى الدنيا اهـ.
التعليق:
الرواية بصرية صحيحة السند على منهجهم، وهي رواية عثمانية الهوى، لم تعترف إلا بالقليل، وختمت بالتشنيع على الثوار، وتسميتهم أعداء الله..الخ. ولكن لا يهمنا الرأي وإنما الرواية.. أعني لا يهمنا راي الراوي وإنما ما روى..
والإسناد باختصار :
رواه أبو بكر بن أبي شيبة ( وهو ثقة وهو من شيوخ البخاري ومسلم، وأكثر عنه مسلم في صحيحه) ورواه أبو بكر عن عفان بن مسلم ( وهو بصري ثقة من رجال الشيخين)، ورواه عفان عن معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي البصري وهو ثقة من رجال الشيخين، عن ابيه وهو ثقة من رجال الشيخين، عن أبي نضرة واسمه المنذر بن مالك بن قطعة العبدي وهو ثقة من رجال الشيخين، عن أبي سعيد مولى ابي أسيد الساعدي، وهو ثقة في الجملة، ولكنه ليس من رجال الشيخين، وقد ذكره بعضهم في الصحابة، فهو تابعي من كبار التابعين من حيث العمر، ويستحق أن نتوسع فيه قليلاً، فلذلك أفردناه بترجمة.
يتبع سياق إسحاق بن راهويه ..