في مداخلة يوم الثلاثاء الماضي، وكان عنوانها: "نصيحة للحكام العرب".. قلنا إن النتائج المباشرة لانتصار خيار المقاومة في هذه المنطقة من العالم ــ كما في المدى المتوسط والبعيد ــ ستكون أكثر اهمية من نتائج الحربين العالميتين الأولى والثانية.
وسينشغل الجميع بإعادة قراءة الصورة الجديدة لما بعد مرحلة التفرد والغطرسة والبطش الامريكي في العالم، وأولهم إدارة الشر في أمريكا، وعصابة الموت في "تل أبيب".. ها قد بدأت تباشير فجر جديد،
وقلنا "عما قريب ستبدأ الشعوب محاسبة قاسية لحكامها، والويل كل الويل لمن يسقط في هذا الامتحان الأخير، ممن سيبقى يراهن حتى اللحظة الأخيرة على الدور الأمريكي في حفظ الكراسي والرؤوس"،. ونضيف: العاقل من اتعظ بغيره، فالحذر كل الحذر من الوصول إلى نقطة اللا عودة مع خيار المقاومة، لأنها الوعد الصادق، إنها بمنتهى البساطة زلزال سياسي قادم.. سيل جارف، إنها الرهان الناجح، إنها خيار الشعوب فلا تتمادوا كثيرا في الرهان على انتصار يحققه الطغيان الامريكي مهما تمادى، والرعونة الصهيونية مهما اشتدت... ها هي صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية تؤكد صحة ما ذهبنا اليه، فقد نشرت يوم الاربعاء الماضي تحليلا عسكريا لافتا حول العدوان الإسرائيلي الامريكي الغاشم ضد لبنان وفلسطين، وعلاقته بالاهداف الاستراتيجية للإدارة الأمريكية التي بدأتها قبل خمس سنوات، تحت شعار (الحرب على الإرهاب)، وخلصت الصحيفة إلى أنه على الإدارة الأمريكية أن تتعلم التكتيكات العسكرية التي يعتمدها "حزب الله" في قتاله ضد الجيش الإسرائيلي، لأنه في ظل الانتصارات التي حققها "حزب الله" حتى الآن أمام قوة جيش نظامي مثل الجيش الإسرائيلي المدجج بأحدث الاسلحة وأرقى تكنولوجيا، بات من السهل والمرجح كثيرا أن تحتذي تنظيمات أخرى بهذا النموذج اللافت، وأوضحت الصحيفة أن عددا من المسئولين في الإدارة الأمريكية أعربوا عن قلقهم بشأن الأمن الداخلي للولايات المتحدة، (والتعبير لصحيفة "نيويورك تايمز" الامريكية) خاصة بعد أن تبين لهم أن "حزب الله" وهو في نظرهم مجرد حفنة من المقاتلين يعملون بشكل غير نظامي قد تحول إلى شوكة في حلق الجيش الإسرائيلي أشارت الصحيفة إلى أن القلق الأمريكي الآن لم يعد محصورا في كيفية كسر حلقة العنف في الشرق الأوسط فقط وإنما بدأ يتركز خلال الأيام الأخيرة على إمكان احتذاء تنظيمات (إرهابية) أخرى بأساليب "حزب الله"، تمهيدا لاستخدامها في هجمات تستهدف القوات الأمريكية حيثما وجدت، كما تطرق كاتب التحليل إلى العدوان على لبنان من وجهة النظر الإسرائيلية، وموقف الجيش الإسرائيلي المتأزم، مشيرا إلى أن الجيش الإسرائيلي يسعى الآن إلى استخلاص العبر من إخفاقاته أمام "حزب الله"، حيث لقي مقاومة شرسة من مقاتلي "الحزب"، حتى إنه اضطر لتقليص أهدافه الأساسية من المعركة، مقررا الاكتفاء بالحديث عن إضعاف "حزب الله" بدلا من محوه أو نزع سلاحه نهائيا كما كان يتبجح في أول أيام العدوان، وكشف التحليل أنه بعد أن كان الجيش الإسرائيلي يعتقد أن في وسعه التغلب على "الحزب" في غضون بضعة أيام ها هو يضطر إلى مراجعة حساباته، وحمل ذلك إسرائيل على تقليص أهدافها الأساسية التي لم تعد تقضي بنزع سلاح "حزب الله" بل بإضعافه وإبعاده عن الحدود، والحد من قدرته على إطلاق الصواريخ على الكيان الغاصب انطلاقا من جنوب لبنان، وفي الوقت نفسه قام الجيش بتعزيز قواته التي تخوض المعركة، واستدعى ثلاث فرق تضم نحو 30 ألف جندي، وأوضح المحلل المتخصص في الشئون العسكرية "روفن بيداتسور" أن القيادة العليا جعلت الحكومة الإسرائيلية تعتقد أن المعركة لن تستغرق أكثر من بضعة أيام، مشيرا الى أن هذا الخطأ في التقدير يعكس استخفافا بالخصم، وقد كشف سوء استعداد فاضح للوحدات التي أرسلت إلى المعركة، وأشارت الصحيفة إلى أن القيادة العسكرية الإسرائيلية قد أقرت بأن "حزب الله" قابلها بمفاجآت سيئة. استشهد كاتب التحليل بما قاله المتحدث العسكري الصهيوني الكابتن "دورون سبيلمان": بأن مقاتلي "حزب الله" نظموا صفوفهم بشكل ممتاز خلال السنوات الست التي تلت الانسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان، وأضاف "سبيلمان" أن مقاتلي "حزب الله" مدربون بشكل جيد، ومجهزون بشكل ممتاز، و"مستعدون للموت"، وأضاف "لم نكن نعلم أن "حزب الله" تمكن من نقل تعزيزات إلى "بنت جبيل" بعد أن اقتحمت قواتنا البلدة"!!. وللحديث صلة.