|
بــاحــث مهدوي
|
رقم العضوية : 65883
|
الإنتساب : May 2011
|
المشاركات : 1,191
|
بمعدل : 0.24 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
منتدى القرآن الكريم
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }التوبة40
بتاريخ : 25-01-2013 الساعة : 09:01 PM
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }التوبة40
==================
:تحليلٌ بلاغي ودلالي :
=============
بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله المعصومين
قال اللهُ تعالى
{إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40
إنَّ هذا المقطع البلاغي المُبين في قوله تعالى
{ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا }
يجعلنا أمام ضرورة التحليل المعنائي والدلالي
لينكشف لِمَن له دراية ومعرفة بأحوال الفعل والإسناد الخبري
أنَّ الشخص الذي كان مع رسول الله محمد :صلى الله عليه وآله وسلّم :
في غار حراء بجبل ثور
هو خالي الذهن من الإعتقاد بأنََّ اللهَ تعالى معهما ومُترددٌ في هذا الحكم
: أي متردد وغير معتقد بكون اللهَ تعالى مع الإثنين في الغار
ومن المعلوم بيانياً في علم البلاغة وفنها
أنَّ الجملة الأسميَّة (اللهُ معنا )
إنما يؤتى بها مُؤَّكَّدةً بإنََّ
( إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
لتقرير حكم قد شُكَّ به أوتُردد فيه ولدفع ذلك
وهذا هو ما حصل واقعا في غار حراء
إذ ظهر أنّ الشخص الذي كان مع النبي محمد:ص:
لم يمتلك أي إعتقاد عن كون الله تعالى مع النبي محمد:ص:
في نصرته وحفظه
حتى جاءه الخطاب بقوله تعالى
(إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
لدفع الشك والتردد الحاصل في نفس الشخص المعني
وتقرير حقيقة أنَّ الله تعالى مع النبي محمد :ص:
ومع الذين آمنوا بالله وبرسوله
مما يرسم لنا دلالة وحكماً
أنّ الحزن والتردد والهوان منتفٍ مع بلوغ الإنسان المُسلم مرتبة الإيمان وثبوته فيها إعتقادا وتطبيقا
كما قرر الله تعالى ذلك في قوله سبحانه
{وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ }
آل عمران139
والتلبس بوصف الإيمان هنا مشروط بعدم الضعف والحزن
{فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }محمد35
فالإيمان مُشترطٌ واقعا بإنتفاء الهوان والضعف والحزن في شخص صاحبه .
وإنَّ علماء البلاغة ومنهم التفتازاني المتوفى سنة 792للهجرة
وهو من علماء العامة وأشدهم نصبا وإنكاراً لإمامة أهل البيت المعصومين
:عليهم السلام:
قالوا :
: إن كان المُخَاطبُ مُتردداً في الحكم طالباً له حسن تقويته بمؤكِّد كإنَّ مثلاً وغيرها .
وإن كان المُخاطبُ مُنكِراً للحكم حاكماً بخلافه وجب توكيده بحسب الإنكار قوةً وضعفا
فكلما إزداد في الإنكار زيدَ في التأكيد :
:المُطوّل :التفتازاني :ص157
ومثله قوله تعالى
(إِنَّ اللّهَ مَعَنَا )
فهي جملة أسمية بيانية مؤكِّدة بأقوى أدوات التأكيد وأمها
وهي إنَّ
لمعنى وحكم أنَّ الله تعالى مع النبي محمد:ص: في نصرته
لتدفع الشك والجهل والإنكار الحاصل في نفس وذهن من كان مع النبي في الغار
فأيُّ فضيلةً تبقى للصاحب في الغار مع تلبسه الفعلي بالحزن المنهي عنه قرآنيا مرارا وتأكيدا
ومع شكه الواقعي وتردده في نبوة النبي محمد:ص: وكون الله تعالى معه
هذا وإنَّ ذكره بكونه الثاني في العدد
إنما هو حكاية عن أمرٍ قد وقع في ظرف مخصوص .
بقوله تعالى
(ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ)
وهذا يعني أنه مجرد رقم مُحايد قد إنضمَّ إتفاقاً في قضية هجرة
النبي محمد:ص: إلى يثرب وتواجد معه في غار حراء
ربما لأمرٍ لا يعلمه إلاَّ الله تعالى ورسوله :ص:
لا أنه إنضمام فضيلة وإيمان
والدليل :
هو إهماله من قبل الله تعالى في باقي سياق الآية الشريفة وفصله عن الذكر في المشموليَّة
بقوله تعالى
{ فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }التوبة40
والضمير هنا يعود حصراً ورتبة وفعلاً إلى شخص النبي محمد:ص:
لا غير
وإلاَّ لو كان ذاك الشخص المعني مستحقاً للمشمولية بنزول السكينة والتأييد بالجنود
لما إمتنع الله تعالى من ذكره شمولاً ومصداقا
إنه القرآن الكريم كتابُ الفصاحة والبيان والدقة والبلاغة
لاحظوا
حكمة وعدالة الله تعالى
في قوله سبحانه
{ثُمَّ أَنَزلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَذَلِكَ جَزَاء الْكَافِرِينَ }التوبة26
{إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجَاهِلِيَّةِ فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوَى وَكَانُوا أَحَقَّ بِهَا وَأَهْلَهَا وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً }الفتح26
{هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }الفتح4
والسلام عليكم ورحمة اللهِ وبركاته
مرتضى علي الحلي : النجف الأشرف :
|
|
|
|
|