العين الثالثة لا تُبصر... ج 1
أشهر مضت وهم يحلقون في أودية سحيقة من شك ويقين ، يبدأون
التفكير معا ًثم يصل بهم الأمر أحيانا ًإلى الصياح وتبادل التهم ،بل
وتوزيع العيوب في جهود الآخرين .
اعتبروا ذلك تحديا ًجما ًلهم ، وليس من البطولة ترك الحال على ما
هي عليه .
إن بزاتهم البيضاء ومقبضي فحص النبضات ، والزجاج الذي يحيط
أعينهم لم يهيء أيا ً منهم إلى هكذا اختبار .
منذ ذلك الوقت الذي دخل فيه هذا المريض الفريد من نوعه ، والأشياء
تزحف نحو عالم مجهول متشابك لم يستطيعوا له فهما ً؛ وقتئذ كانت
الأجواء بظاهرها كما هي سلفا ًشمس مشرقة ونسيم دافئ ، وخضرة
خالبة وطبيعة آسرة .
أهي البداية أم أنها مسك ختام النهاية؟!...
مامعنى أن يكون هذا المريض معافى ًولامعافى ً؟!...
مامعنى وجود عينيه ؟!... إنه يقلبهما ويحرك رمشيه ويستدير بهما
نحو الصوت ... بيد أنه لايرى !!... مفتوحتان ؛ نعم وما فيهما عيب
يُذكر ؛ واسعتان ؛ بل وجميلتان ولكن ؟!... كل هذه السمات لم تهب
لحاملهما الرؤية .
ذهول غريب مستغرق يلف المساحات الشاسعة في المشفى ، الجميع
يمضي إلى عمله وهو مطرق مفكرحائر .