|
عضو جديد
|
رقم العضوية : 63743
|
الإنتساب : Dec 2010
|
المشاركات : 62
|
بمعدل : 0.01 يوميا
|
|
|
|
المنتدى :
المنتدى الثقافي
لن اتبرء من امامي
بتاريخ : 19-03-2011 الساعة : 11:27 AM
لا اتبرء من أمامي
كنا نزور مرقد الحسين عليه السلام كل خميس ولطالما شد انتباهنا رجل في الأربعينات من عمره يجلس في مكان معين من الصحن الحسيني الشريف حيث كان هذا الرجل يبكي بحرقة ويؤشر بيديه الى قبة الأمام ويتحدث اليه ولا يتوقف ابدا ! فنراه هكذا كلما دخلنا الى الصحن وعدة مرات حولنا الكلام معه فلم يعرنا أي انتباه وبسبب تكرار محاولاتنا معه اطمئن بعض الشيء لنا وأخذ يجيبنا ببعض الكلمات خاصة عندما يتوقف قليلا عن البكاء والنحيب وهكذا استمر الحال لعدة اشهر فأصبح بيننا سلام وكلام ومودة , الى ان جاء يوم شعرنا بأنه ازداد اطمئنانا لنا ويمكن ان يستجيب لألحاحنا ويلبي دعوتنا المستمرة له بأن يحكي لنا حكايته فقد أثار فضولنا بشكل عجيب بادر احدنا بسؤاله كالمعتاد ولكنه هذه المرة لم يتجاهل السؤال بل نظر الينا نظرة فيها حسرةثم تنهد واغرورقت عيناه بالدموع وقال , اجلسوا لأحكي لكم حكايتي , وجلسنا ننتظر سماع ما كنا لأشهر ننتظره وبدء بالكلام : في احد الايام العصيبة التي مرت على العراقومن ارض كربلاء المقدسة بالتحديد وبعد انتهاء وقمع الانتفاضة الشعبانية ضد طاغية العراق , دخلت هذه القوات الى صحن المرقد الشريف مرقد الأمام الحسين (( عليه السلام )) وبعد ذلك ضرب القبة المقدسة بالمدفعية وأحدث فجوة كبيرة بها , دخلت هذه القوات الى الصحن الشريف وأغلقت الأبواب لتحاصر داخل الصحن والحضرة الحسينية الشريفة عشرات من المؤمنين الذين احتموا داخل الحضرة من الهجوم الهمجي ,وامر حسين كامل جنده بأحضار جميع المؤمنين المتواجدين هناك ووضعهم امامه على شكل مجاميع جالسين على الأرض وبدئوا بإذلالهم وشتمهم وضربهم بالأيدي والأرجل , حتى وصل الى مجموعة من المؤمنين لم يتجاوز عددهم الأربعة وأنا كنت احدهم , لفت انتباهه دعائنا وتضرعنا لله وتقربنا له وطلبنا شفاعة الحسين (( عليه السلام )) بأصوات عالية فأغتاض اللعين من ذلك واشهر مسدسه باتجاه اثنين منا بعد ان اوقفهم امام قبة الحسين (( عليه السلام )) وقال لهما هذا حسين وانا حسين فان كنت معه فساقتلكم بيدي وان كنتم معي فتبروأ منه فقال احدهم لقد امرنا الامام (( عليه السلام ))ان نمد الاعناق ولا نتبرء منه , فألتفت المجرم الى الثاني ليعرف رأيه , ولم يختلف الثاني عن صاحبه , وقال له وانا لا اتبرأ من امامي , وبكل برود اطلق حسين كامل رصاصتين على رأس كل منهما موديا بحياتيهما ثم عاد الينا والتفت لصاحبي الثالث وقال له , وما تقول انت ؟ اجاب صاحبي صارخا بوجه ذلك الكافر , الحقني بمن سبقني فلست احرص احرص منهما على الدنيا , فبدء يطلق عليه الرصاص ليودي به صريعا , شهيدا في سبيل الله ثم نظر اللعين لي نظرة مكر ودهاء ممزوج بحقد وكراهية الأمويين لمحبي آل البيت وقال لي ... فما تقول انت هل تريد اللحاق بأصحابك ؟ فوجه اللعين مسدسه الى رأسي وقال , ها ما رأيك هل تريد اللحاق باصحابك ام تترك امامك الحسين وتاتي الى جانبي؟ وكنت بحالة مزرية ارتجف خوفا وابكي بكاءا عاليا لما شاهدته من جريمة نكراء فقد قتل وبدم باردواعصاب هادئة ثلاثة من اعز اصدقائي امام ناظري بالاضافة الى من اعدم فالتفت حولي فلم اجد سوى الموت منتشرا في الصحن الشريف وجنود الطاغية تملئ المكان وتدنس الارض الطاهرة والمنايا تحوم حولي , فلم اقوى على التحدي ولم استطع فعل او قول شيء سوى البكاء ودفنت وجهي بين راحتي يدي ....... نعم لقد ضعفت واستطاع ان يرهبني ويشفي غليله ويرضي كبرياءه السقيم فأبقى على حياتي انا واثنان اخران معي واعدم الباقين في داخل الصحن .
كان الوقت مساءا وكنت متعبا مرهقا اعاني من اوجاع كبيرة في جسدي نتيجة الضربات التي تلقيناها من جند الطاغية فقد كان يوما طويلا عصيبا استغرقت في نوم عميق وانا جالس في مكاني داخل الصحن فلم يسمح لنا بعد بالتحرك . وبعد برهة من الزمن سمعت اصواتا بجانبي ففتحت عيني واذا برجل طويل القامة مهيوب يلبس ملابس عربية ويضع على راسه عمامة خضراء والنور يشع منه لينير الصحن باكمله ويلتف حوله رجال كثيرون ينتقلون بين الشهداء داخل الصحن . واذا بهم ينادونه بالحسين (( عليه السلام )) . فصرخت مولاي ابي عبد الله الحسين ارايت ما فعلوا بنا ؟ التفت الي وهز راسه وكانه يقول لي نعم لقد رايت وسمعت كل شيء فوقف مع جماعته عند اصحابي الثلاثة الذين اعدموا امامي . وامر بعض الرجال ليغسلوا ويدفنوا الأثنين الذين اعدموا اولا , فقلت له مولاي لماذا امرت بغسل ودفن هذين الرجلين وتركت الثالث ؟.
قال : هذين ضحوا بانفسهم حبا بي لذلك امرت الملائكة بغسلهم ودفنهم وبعدها سيكونون مع اصحابي في الجنة واردف قائلا : اما هذا فقد رأى امامه ما اصاب صاحبيه ولم يخف ولم يتردد في التضحية فكان اكثر صبرا فاجره اكبر ومنزلته اعلى لذلك فسوف اغسله بيدي وادفنه بنفسي وغدا يدخل الجنة معي .... بأبي انت وامي مولاي تدفن بيدك رجل محب لكم وجسدك الطاهر يبقى في الفلا دون ان يدفنه احد وبعد ان اكمل (( عليه السلام )) دفن اصحابي اخذ رجاله وذهب فركضت خلفهم اناديهم لياخذوني معهم او بالاحرى لاعرف هل لي من توبة بعد ان خذلتهم , فلم يعيروني أي انتباه وكاني غير موجود . فتيقنت باني ارتكبت اثم كبير , عندها فتحت عيني واذا بي لوحدي نائم في الصحن الشريف وقد خرج الجميع وتركوني في تلك الليلة , فعلمت اني ارتكبت اكبر جرم في حياتي واضعت على نفسي فرصة الفوز بان اكون مع سيدي ومولاي الحسين (( عليه السلام )) فلطالما كررت قولي عند الزيارة ( يا ليتنا كنا معكم فنفوز فوزا عظيما ) وعندما سنحت الفرصة اضعتها وتخاذلت , لذلك ومنذ ذلك اليوم قررت المجيء كل يوم هنا بنفس المكان ابكي واستغفر ربي واكلم مولاي الحسين (( عليه السلام )) .
|
|
|
|
|