عمرة التمتع
قلنا أعمال عمرة التمتع خمسة ، وكلها تُؤدّى في مكة المكرمة عدا الإحرام فإنه يكون في أماكن خاصة تسمى ( المواقيت ) يمرّ بها المعتمر قبل وصوله الى مكة فيحرم فيها ثم يتجه الى مكة لأداء باقي الأعمال فيطوف حول البيت ثم يصلي صلاة الطواف خلف مقام إبراهيم عليه السلام ثم يسعى بين الصفا والمروة ثم يقصّر .
نعم التقصير لا يشترط امتثاله في مكان خاص فيصح فعله ولو خارج مكة ، لكن جرت العادة بفعله بعد الفراغ من السعي مباشرة قريباً من جبل المروة .
وهذه الأعمال مترتبة يجب الأتيان بها بالترتيب المذكور فيبتدأ بالإحرام ثم الطواف ثم صلاة الطواف ثم السعي ثم التقصير ، فلو خالف وجب عليه أن يعيد على ما يحصل معه الترتيب
ولا تبطل العمرة بمخالفة الترتيب وإنما يبطل العمل المُقدّم فقط فلو قدّم السعي على الطواف بطل السعي وأعاده بعد الطواف وصلاته ولا تبطل العمرة وإن كان عامداً فيبقى على إحرامه ويجب عليه إتمامها بالترتيب المذكور ، وكذا لو قصّر قبل السعي لم تبطل العمرة وإن كان عامداً ووجب عليه إعادة التقصير بعد السعي ، وهكذا . نعم قد يترتب على الإخلال بالترتيب بعض الكفارات في بعض الموارد الا أن ذلك لا يستوجب بطلان العمرة ولو مع العلم والعمد .
والآن نتكلم في كل واحد من أعمال عمرة التمتع
أولاً / إحرام عمرة التمتع
وهو أول عمل من أعمال عمرة التمتع وبه يتحقق الدخول في عمرة التمتع فيكون المكلف بفعله ملزماً بأحكام العمرة وواجباتها ومحرماتها
ولتقريب فكرة الإحرام وتوضيح معناه نمثّل له بتكبيرة الإحرام في الصلاة فهي أول فعل من أفعال الصلاة ، وبالإتيان بها يدخل المكلف في أجواء الصلاة ويكون ملزماً بأحكامها وواجباتها وتحرم عليه موانعها ، ولذا سميت بتكبيرة الإحرام إذ بفعلها تحرم على المصلي جملة من الأمور كالضحك والالتفات عن القبلة وكلام الآدميين .
نفس هذه الفكرة وهذا المعنى ينطبق بالضبط على إحرام عمرة التمتع فهو أول أعمالها وبفعله يدخل المكلف في أجواء العمرة فيكون ملزماً بأحكامها وواجباتها ولزوم إتمامها وتحرم عليه جملة من الأمور لا يجوز له فعلها تسمى بمحرمات الإحرام يأتي ذكرها إن شاء الله تعالى .
إذا عرفنا معنى إحرام عمرة التمتع نتكلم الآن في كيفية أداءه ، فنقول :
يتحقق الإحرام بالإتيان بجملة من الأعمال بعضها مستحب وبعضها واجب وهي :
أ - غسل الإحرام / وهو من مستحبات الإحرام حيث يستحب للمحرم الاغتسال قبل الإحرام ونيته ( أغتسل لإحرام عمرة التمتع لحج التمتع لحجة الاسلام قربة الى الله تعالى ) (1) وهو مجزئ عن الوضوء ، واستحبابه عام للجميع رجالاً ونساء بل هو مستحب للمرأة حتى لو كانت في حال الحيض .
ب - لبس ثياب الإحرام / بعد الاغتسال يلبس ثياب الإحرام وهو من الواجبات على الرجل حيث يجب عليه تخصيص ثوبين لإحرامه أحدهما مئزر يلف به الجزء العلوي من جسده والآخر إزار يلف به الجزء السفلي منه ، ويشترط الا يكون فيهما خياطة ، أما النساء فلا يجب عليهن ثياب خاصة ويجوز لهن الإحرام بثيابهن المعتادة والمتعارفة ما دامت طاهرة ومباحة وليست من الحرير
ونية لبس ثياب الإحرام ( ألبس ثوبَيْ إحرام عمرة التمتع لحج التمتع لحجة الاسلام قربة الى الله تعالى ) (1)
ج - صلاة الإحرام / يستحب أن يكون الإحرام عقيب صلاة واجبة أو يصلي ركتعين أو أربع أو ست ركعات ، ونيتها ( أصلي لإحرام عمرة التمتع لحج التمتع لحجة الإسلام قربة الى الله تعالى ) (1) وهذا من المستحبات للرجال والنساء ويستحب ان يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد التوحيد وفي الثانية سورة الكافرون .
د – نية الإحرام / بعد صلاة الإحرام يأتي بنية الإحرام وهي واجبة على الرجال والنساء ولكن لا يجب التلفظ بها بل هو مستحب والأفضل أن يُقال فيها ( أحرم لعمرة التمتع لحج التمتع لحجة الإسلام قربة الى الله تعالى ) (1)
ه - التلبية / وهي أهم الأجزاء وبها يتحقق الدخول في الإحرام وهي واجبة على الرجال والنساء وصيغتها ( لبَّيكَ اللهمَّ لبَّيك ، لبَّيكَ لا شريكَ لكَ لبَّيك ) مرة واحدة فإذا قال ذلك بعد النية فقد دخل في إحرام عمرة التمتع ويستحب أن يضيف اليها : ( إنَّ الحمّدَ والنعمةَ لكَ والمُلك ، لا شريكَ لكَ لبَّيك )
____________________________________
(1) تنبيهات حول النية : أولاً / لا يجب التلفظ بالنية بل يكفي أن يعرف ماذا يفعل ويقصد الفعل قربة الى الله تعالى . ثانياً / التلفظ بالنية في مناسك الحج مستحب لكن لا يوجد فيها قول مخصوص بل يكفي أن يتلفظ بكل ما يدل على الإتيان بالفعل قربة الى الله تعالى . ثالثاً / تختلف النية باختلاف وظيفة الحاج والعبارات المذكورة ( ..... لحجة الاسلام قربة الى الله تعالى ) تناسب من يحج عن نفسه لأول مرة الحج الواجب ، أما من كان يحج عن نفسه استحباباً فيقول استحباباً بدل عبارة حجة الاسلام فيقول مثلاً ( أحرم لعمرة التمتع لحج التمتع استحباباً قربة الى الله تعالى ) ، وإذا كان يحج نيابة عن غيره الحج الواجب فيقول مع حجة الاسلام نيابة عن فلان بن فلان فيقول مثلاً ( أحرم لعمرة التمتع لحج التمتع لحجة الإسلام نيابة عن فلان بن فلان قربة الى الله تعالى ) وإذا كان الحج النيابي استحبابياً يقول ( أحرم لعمرة التمتع لحج التمتع استحباباً نيابة عن فلان بن فلان قربة الى الله تعالى ) وقد يكون الحج نذرياً أو بقصد الأمر الفعلي مثلاً أو غير ذلك فلا بد من ملاحظة ذلك في النية في كل عمل .