قراة نقدية
المتغيرالسلطوي وثقافة المجتمع
: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال
: من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعمل في عباد الله
بالإثم والعدوان ، فلم يغير ما عليه بفعل ولا قول كان حقا على الله أن يدخله مدخله............................................. ...
تعريف الثقافة الذي ضعته منظمة اليونسكو التابعة لهيئة الأمم المتحدة، في مؤتمرها المنعقد في عام 1982 في مكسيكو ستي، جاء فيه.............
:"الثقافة بمعناها الواسع يمكن أن ينظر إليها على أنها جميع السمات الروحية والمادية والفكرية والعاطفية التي تميز مجتمعاً بعينه أو فئة اجتماعية بعينها، وهي تشمل الفنون والآداب وطرائق الحياة، كما تشمل الحقوق الأساسية للإنسان ونظم القيم والتقاليد والمعتقدات"............))))
.
اما الفكرفهو يمثل في بعض الاحيان مرحلة معينة من مراحل نمو الأمة الجمعي في إطار حركتها التاريخية او نتاجها الفلسفي ، والفكر يشكل أحد الروافد والمنابع المكونة للثقافة، لكن الثقافة اوسع واطول بلحاظ الزمن من الفكر، فأن كثيراً من الأفكار قامت ثم تلاشت خلال عقود قليلة، أما الثقافة فهي الإطار العام المميز لحقبة تاريخية قد تطول إلى عدة قرون
تغييرثقافة المجتمع
ان المشكلة الكبرى التي نتجت من جراء عميلةالإزاحة السياسية الاهل البيت عليهم السلام ومن ثم اختلاف أنظمة الحكم والمزاج البدائي والقبلي للسلطان ولي الامر ,تمثلت في محاولة تغيير ثقافة المجتمع الاسلامي فيربط المتغير السلطوي الحاكم بتغيير المنهج التربوي والفكري للامة ,فلكل نتاج سلطوي نظرته الأيديولوجية وخطابهالسياسي والفقهي ووعاظة المتشرعين الغير شرعيين ... الذي يصوغون له ا هدافا تربويه وتعليمات تبث في جسد الامة المثخن بالجراح وتجتهد في إدامته حتىيستوي جزء من منظومة التفكير, يجتره المتعلم الكلاسيكي في أي وقت يشاء ليحاكم به الواقع والمسلمين تحت سيف ولي الامر المفترض الطاعة... وهنايشر اميرالمؤمنين عليه السلام الى هذا بقولة
اذاتغير السلطان تغيرالزمان ..والناس على دين ملوكهم ..والخ
....لذلكاتسعت مساحة الخلاف بين الأجيال بين متناقظات الحكومات وتغير الثقافات الابتدائي وشعورالفردالمسلم بالانتماء ,وتحولت بعدئذ إلى أشبه ما يكون بالقطيعة بين الاجيال والنتاج الثقافي المتغير بادبيات السلطان ومدارسة الفقهية ونقسم المجتمع الى قسمين تقريبا قسم يبحث عن الخط الذي يرتبط بالقران بشكل سليم ويقدم تفسير منطقي للحياة والكون والفكر الاسلامي وهذا القسم تجزء الى تيارت مختلفة بين الاعتدال والتطرف ابتدائا من حركة الاخوان بشعاراتها الحادة وبافكارسيدقطب وحاكميتة القاسية رحمة الله ونتهائا الى الحركات الجهادية الاصولية وما تسببت به من كوارث على المجتمعات الاسلامية المسكينة محاولة منها باثبات الذات بالقوة والعنف بعد فشلها في الحوار المنطقي المتماسك ... وقسم رفض العلاقة بين الدين والدولة واخذ يتلمس طريقة بين الافكار والثقافات الغريبة والوضعية بحثا عن العدل الاجتماعي وعما يقدم لة مفاهيم جديدة تحاكي العقل السليم ولاتنتج من القديس والحاكم,,وعتبرت ان الدين هو المعوق عن التقدم ففي مصرايام الخديوي انطلقت اول تجربة علمانية على مستوى الاعلام من خلال افكار مجله الهلال 1892م والجنان لبطرس البستاني 1886م وغيرها وهكذا اوهمت الاجيال الاحقة تدليسابضرورة فصل الدين عن الدولة وعن المجتمع والانتقال من ثقافة الغيب الى ثقافة الحس والشهود
لقد بقى العالم العربي والاسلامي يتتلذذ بنفسية وروحية المعسكر.وبطش الحكام بشرعية ولاة الامر وتشير هذه الحالة إلى بقاء وتعايشالمراحل التاريخية في وجوده ووعيه المعاصربدون نقد وتحليل خوفا من الوقوع تحت طائلة العقاب والتوبيخ والتكفير لمن يمس تلك المرحلة برؤية نقدية وتحليلة .. فاصبحت مكونات متناقظة لا يمكن المزجبينها. وهو واقع بشير بدوره إلى بقاء المشاكل والإشكاليات الكبرى في تاريخه الحديثدون حلول، أي انه لم يتطور من الناحية النوعية ولامن رؤيتة النقدية بل علية السمع والطاعة والسكوت عماجرى في القواعد التاريخية التي انطلق منها حاضرة ومستقبلة . من هنا بقاء اغلب مكونات تاريخهالتقليدي ورؤيتة للحياة في الوعي والممارسة، بما في ذلك السياسية.والدين وهو واقع شكل من الناحيةالمادية والمعنوية مرتعا للثقافة التوتاليتارية.,,,
وليست هذه النتيجة معزولة عن هيمنةالتقاليد السياسية الراديكالية بمختلف أشكالها ومستوياتها ومظاهرها في كل مجرى تاريخة الحافل بالحروب والمطاحنات حول النص والحاكم
كل هذا نتيجة لتغييب اهل البيت عليهم السلام عن الساحة الاسلامية كان الانعطاف الكبير في ثقافة المجمتع الاسلامي والانجرار الى الثقافات الوافدة والعقائد الطفيلية والفصل بين الدين والدولة في ذهنية الفرد المسلم الذي تتلاطمة الافكار والمفاهيم المتغايرة وكلها تدعي ارتباطها بالقران والسنة او العقل والمنطق ,,,,,,,,,,
الدولة ثقافة المجتمع الاسلامي
إن فكرة الفصل بين الدين والدولة أي فصل الثقافة الاجتماعية عن الرؤية للحياة ونظامها العام وسننها وقوانينها في تشريع صحيح ينسجم مع الفطرة والعقل .... هي نتاج وافد غريب.وطفيلي على ثقافة المجتمعات الاسلامية وهو من معطيات العقائد الأوروبية الحديثة في تشكلها وصراعها خلال تاريخ طويل من سلطة الكهنوت الديني السطحي وكانت رد فعل طبيعي لسلطة الدكتاتورية الدينية المبررة بفقة الامارة وطاعة السلطان الغالب ابان حكم الدولة العثمانية الحنفية ولكنه ليس من معطيات الاسلام،الحقيقي بل إن الاسلام في تكامله وترابط القيم فيه يقيم من الدين والدولة كلاً متكاملاً. فالاسلام دين ومنهج حياة وشريعة وخلق.. وميزة الاسلام التي خصته بأن يكون نظاماً متكاملاً هو أنه قد قدم مبادئ عامة وأصولاً ثابتة في مجال الشورى والعدالة والمساواة تصلح لاقامة مجتمع متماسك.....
وتترك للبشرية في تطورها واختلاف عصورها وبنياتها القدرة على تقرير اسلوب مناسب في إطار هذه الأصول في الخط العلمي المتثمل بالاجتهاد ومنابعة وروافدة . وهو ما يحول دون الجمود ودون التعارض مع تطور المجتمعات.
لقد انطلق نظام الحقيقي للحكم في الاسلام من الشريعة الربانية التي صاغت تلك الأسس ومن مقاصدها السامية وخاصة مقصدها المحوري في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي يعتبر مركزثقافة المجتمع الاسلامي وبنائة الداخلي والحصن المتين دون الاختراقات الوافدة والطفيلية اذا ان مفهوم الامربالمعروف والنهي عن المنكر هو مشروع جمعي للامة متداخل في تفاصيل حياة الفرد وتطلعاتة ورؤيتة للحياة والواقع امامة وبهذى يخرج من الخصوصة النخبوية الى الساحة العامة ليركز في الانسان المسلم عوامل قوة ومناعة ضد التيارات الطفيلية والانظمة المستبدة والمنحرفة
و الأئمة عليهم السلام بستراتجية الحراك الضمني في الامة مستخدمين مختلف الأساليب التي تنطلق من مضمون حاكمية العالم وتكليفة عند رؤية الفساد والانحراف في اصلاح الأمة وتغييرها ، بنشر الأحاديث الشريفة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وبنشر العلم ، وبإقامة المناظرات مع التيارات المنحرفة والطفيلية ,,وتحديد نوعية السلطان الظالم ومعالمة وعناوينة ، وببناء الكتلة الصالحة لتوسيع دائرة الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر .في داخل الساحة العامة للجماهير
قد تعرضوا عليهم السلام لشتى ألوان الأذى والمضايقة والاعتقال ثم القتل الهادئ عن طريق السم ، لان حكام زمانهم لا يروق لهم أن يقوم أحد بمهمة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وان كانت بالقول فقط لانهم يعلمون ان هذة الاستراتيجية تكتيك مرن يقبل التطور والانكماش حسب الحاجة والمقصد..............
لقد تجنب اهل اليت ع التطرف في عقلنة مواقف وجودية معقدة حيث أن الشعائر والعبادات رسخت وبشدة التنظيرات الفكرية لعلم النفس الجماعي الحديث . لهذا السبب كان هوالخطاب الاسلامي الصحيح سوسيولوجياً،والذي تمكن من بناء ثقافة اسلامية جمعية متماسكة فقد عمد اهل اليت عليهم السلام من خلال فكرة الامر بالمعروف والنهي عن المنكر الى تحديد اطارونظام وخطوط عريضة لثقافة المجتمع الاخلاقية والسياسية من خلال استتباع جميع مقومات الشخصية الانسانية في الفكر والعاطفة والسلوك ، لتكون منسجمة مع المنهج الإلهي في الحياة ، وتكون هذه المقومات متطابقة مع بعضها منسجمة في خط رضا الله ومراقبتة ،
فقال صلى الله عليه وآله وسلم
: لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر ، ولتأخذن على يد السفيه ، ولتأطرنه على الحق أطرا أو ليضربن الله قلوب بعضكم على بعض ويلعنكم كما لعنهم,,,,,
فلا ازدواجية بين الفكر والعاطفة ولا بينهما وبين السلوك كما هو الحال في الديانات الاخرى وهي وحدة واحدة يكون فيها الولاء والممارسة العملية لله وحده ولمنهج التوحيد والعدل الذي دعا إليه في جميع مفاهيمه وقيمه وادابة ولعلنا نجد في كثرمن نص مايشير الى ذلك من قبيل رسالة الحقوق ورسالة الامام علي ع الى مالك الاشتر كوثيقة سياسية بالغة الاهمية والدلالة
لهذ اكد اهل اليت ع ان الاسلام ليس مجرد تفكير وتدبر وخشوع وتصوف و رهبنة يتحرك في داخل العقول التاملية والقلوب الخاشعة وإنما هو منهج حياة واقعي وعملي ، يدعو إلى استنهاض الهمم والعزائم وتقوية الإرادة ،ومواجة التحديات بروح عالية ومنطق سليم لتنطلق في الواقع مجسدة للمفاهيم والقيم الإلهية بصورة عملية ، وهو يدعو إلى النهوض بالتكاليف الإلهية في عالم الضمير وعالم الواقع على حد سواء ،
والاستقامة على ضوئها . وبما ان الانسان يحمل في جوانحه الاستعدادات المختلفة للخير والشر وللفضيلة والفجور ، ويتأثر بالعوامل الخارجية كالمغريات والمثيرات المتنوعة ، إضافة إلى دور الشيطان في الوسوسة والاغراء ، فهو بحاجة إلى من يهديه ويرشده ويقوم له تصوراته وعواطفه وممارساته العملية ، لتكون موصولة بالعقيدة والشريعة الاسلامية ، ولهذا شرع الاسلام الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ليقوم به الانسان المسلم إيقاظا للقلوب البشرية الغافلة ، وتحريكا للارادات الضعيفة لتستقيم على أساس المفاهيم والموازين الإلهية .
فأوجب سبحانه وتعالى الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وجعله من التكاليف الأساسية والمقصدية
لأنه غاية الدين كما عبر عنه الامام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام
: غاية الدين الامر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقامة الحدود
لقدركز الاسلام المحمدي فلسفة واقعية هي ان الاحكام هي وليدة المصالح والمفاسد وان كل حكم من احكام الشارع المقدس ورد لمصلحة وكل نهي دفعا لمفسدة وبهذة المنطق المتماسك في الرؤية الحاكمية استطاع الانسان التعمق في السنن التي تحكم الكون والمجتمع وتحدد ثقافتة ورؤيتة للحياة
ومراقبته من خارج وارجاعه الى القاعدة الفكرية اذا انحرف عنها عملياً.
ولذلك فليس الوعي السياسي والحكم للإسلام وعياً للناحية الشكليةو المظهرية
من الحياة الاجتماعية فقط بل هو وعي سياسي عميق مرده الى نظرة كلية كاملة نحو: الحياة والكون والاجتماع والسياسة والاقتصاد والاخلاق، فهذه النظرة الشاملة هي الثقافة في الوعي الإسلامي الكامل.
وكل وعي سياسي آخر فهو اما ان يكون وعياً سياسياً سطحياً لا ينظر الى العالم والمجتمع إلاّ من زاوية معينة، ولا يقيم مفاهيمه على نقطة ارتكاز خاصة..
أو يكون وعياً سياسياً يدرس العالم من زاوية المادةالتي تسبب للبشرية الصراع والشقاء في مختلف أشكاله وألوانه
وبهذا الفهم لن تبقى في حدودها النظرية انما تم تطبيقها وسرعان ماتحولت الى تجربة فعلية انجزت انجازات عظيمة وحضارى كبرى على مستوى الفكر والواقع استمرت في خط الاجتهاد العلمي المبارك
لواءمحمدباقر