لِماَ الذكرى يا خميني .. وقد إمتلكتَ الذّاكرة والفؤاد ..
بتاريخ : 03-06-2010 الساعة : 02:23 PM
بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة على المصطفى الأمين وعلى أهل بيته الأطهار المنتجبين . والبراءة مــــــــــن . أعدائهم الملاعين من الأوّلين والآخريــــــــــــــــــن
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته
لِمَا الذِكرى ياخميني .. وقد امتلكت الذاكرة والفؤاد.!!!
ّ" كلّ نفس ذائقة الموت وإنّما توفون أجوركم يوم القيامة ..
:" فالموت هو الحياة : فكم من حيّ هو ميّت وكم من ميّت هو حــــــــيّ..:"
مـــــا مات من أتعب الدنيا وما تعبــــــــــا وكيف يفنى خلود أو يموت إبـــــــــــــــا
مـــــا مـات من نازل الدنيا وأرهقهـــــــــا وما استكان على خدّ الثرى نصبـــــــــــا
مـــــا مـات من دوّخ الدنيا وقد شهـــــدت في آية الله من آيـــــــاته عجبــــــــــــــــا
مـــــا مـات من زُفّ نحو الحور مُتَّشـــحا بالمكرمات فطافت حوله عُرُبـــــــــــــــا [1]
وقد أشرف فجر يومك عن البزوغ، نراه في الأفق يجرّ ثقلا من الآلام والأحزان ، ولأكثر من عقديـــــن ، لم ينقص منه شيئا . لأن المصاب عظيم والجرح عميق والفاجعة جسيمة .. جاء يومك ليفتح جراحا لم تندمل ، ويوقد نارا لم تخبو .. ولِمَــــــا تَحِلُّ ذكراك سيّدي .؟ وأنت امتلكت منّا الذاكرة والفؤاد ..؟ فلم تغب عنا يوما واحدا بعد أنّ امتزج سناء طيفك بدمائنا ، ومع كلّ دورة منه ترسمُ لنا الذاكرة مشاهد خالدة من مواقف الإباء العلوي والنخوة الحسينيّة .. وقفتك ، جلستك ، نظراتك الحانية وأنت توزّعها بين ضيوفك بالعدل ، يمناك سيدي حين كنت ترفعها كانت راية عزّتنا ، وسوط عذاب على أهل الجبت والطاغوت العالمي ، خطواتك المتأنّية كانت الرمز للقائد الواثق من نصر مولاه ... فكنت مستودعا للفضيلة يؤمّه الطامحون ، وكنت المحجّة البيضاء التي يتطلّع لها عشّاق الضياء والنّور ، عشقناك دون سابقة معرفة ، وكنا نستمع لكلماتك فتطربنا دون أن نعي معناها وكنا نفرح لفرحك ونبكي لبكاك ..
أمّا وقد غاب جسدك الطاهر عن بصرنا ، ومنذ سنين عدّة . فأنت مرسوم على صفحات بصائر كلّ المحبّين للكمال ، والمتوضئين بذاك النّور المتسلسل من أصلاب الحقيقة .. بعد أن حفرت طيفك في أفئدتنا لا ينفكّ عنها ولا تنفكّ عنه حتّى يجمعنا اللقاء ـ إن شاء الله ـ بحضرة جدّك المرتضى عند حوض المصطفى ـ صلوات الله عليهما ـ
فأنت كنت ولا زلت وستبقى ما بقي المحرومون والمستضعفون وعشّاق النهج المحمّدي الأصيل .. وما أحوجنا إليك في هذه الأيام ، وقد تكالبت علينا أيادي الكفر العالمي ، مرتدية قفازات من أصابع الغدر الصليبي عند الإبهام ، والتواطؤ العربي مع السبابة ، والبغض التكفيري عند الوسطى ، والنواصب من أشباه العلماء في البنصر ، وكلّها تُقاد بالخنصر الصهيوني .. ومنه تنتظر الأمر بالإنقظاظ علينا في راحة يد العزّة التي نرتضيها ..
وقد اشدد الرغاء ، واستطال التهويل ، وعظم البلاء بصمت أبناء الأدعياء من أمراء وملوك وزعماء .. ونحن نذبّح عند سفوح كشمير بيد الهندوس ، وتقطّع منّا الأوصال على ضفاف الرافدين بأيد الأنجاس ، وتهتك الأعراض على عتبات بيت المقدس بصولة أحفاد الخنازير ..
وبين سكرة الذلّة وغفوة المهانة ومسكنة الخيانة .. نام أولي الأمر منّا ، بعد أن نسوا الله ، فأنساهم أنفسهم ..
سيدي: كثيرا ما كانت لدي الرغبة في مناداتك ومناجاتك ، ولكنّي أقف ألكن رغم امتلاكي لعذر المحبّ ،
وجهلي أيّ الألقاب يحلو لك حتّى أدعوك به ..؟ وأيهم يُعطيني حقيقة وصفك كي أعي ولو القليل من حقيقة ماهيتك المقدّسة .. وبعد عجزي رغم السنين ، سأكتفي بأنّ أقول أنّك الإمام " الممهّد " وكفى .
بعد أن أعدّت لها معناها الحقيقي . كما يصدقُ فيك اسم المُمهّد . ( بعد أن أقمت لصاحب الزمان ـ أرواحنا فداه ـ قاعدة)
شيخ أقام عمــــــاد الدّين شامخــــــة للثــــــائرين وهزّ الكـــــــون فاضطربــــــا
مـــاذا أقـــول نبيٌّ جئت مُرتديـــــــا زي الإمــــامة أم مُستضعف غضبــــــــــــــا
ولستُ من فرط حبّي أدّعــــي جنفـــا لكن قرأتك والتّــــــــاريخ والكتبـــــــــــــــــا
فمـــا وجدتك إلاّ الخٌلــــد عن كثــــب وقد رُفعت كعيســـــــى حينمـــا صُلبــــــــــــا [1]
... حتّى ولو إقتصرنا مسيرتك المباركة بين انتفاضة "خرداد" في 4 حزيران 1963 .. وفتواك الخالدة بهدر دم المرتد سلمان رُشدي .. ودعواك لرئيس السوفياتي للإسلام ، هذه المحطّات الثلاث كافية بأن تجعل منك رجل القرن عند أمّة إبتليت عبره بجميع النكبات ، والإهانات ، والهزائم .. فكنت شامخا كالطود دون أن تهن أو تجبن
رغم التهديدات والإعتقالات والتهجير .. لأنك تحمل بين جنبيك الإباء الحسيني والصمود الزينبي ، وبذلك صرت رجلا ، وبين الرجال بطلا ، وبين الأبطال مثلا ، وكنت عالما وبين العلماء مجتهدا ومرجعا ، وبين المراجع إماما قائدا .. بعد أن سلكت نهج آبائك الأطهار ، فورثته وعملت على تحقيقه ، فكنت بذلك فريد عصرك ومنتصرا في جميع مواقفك وأهدافك ، رغم ضجيج المتخرّسين ، وغوغاغ الجاهلين ، ونعيق المتزلّفين المستمدّ من الإعلام الصهيوني وأذنابه من أعداء الدين والقيم الإنسانيّة .. فكشفت زيف أفكارهم الفاسدة ، وعملت على قلع جذورهم من أرض الإسلام بعد أن طهّرت منهم أرض إيران . ذلك الواقع الذي أذهلهم . وأيقظ مشاعر العزّة الإسلامية والنخوة المحمّدية في وجدان الأمّة ، وعشاق الحرية والإنعتاق من المستضعفين والمحرومين .. وهنا يحضرني قول صحيفة تاميز اللندنية ": ": كان الخميني رجلا سحر الجماهير بكلامه ، وكان يتكلمُ بلسان الشعب ، ويمنح الطمأنينة لمؤيديه من الفقراء والمحرومين الذين وقفوا بقبضاتهم أمام كلّ الجبابرة ، وعلّم شعبه بأنّهُ يمكن الوقوف أمام القوى العالمية كأمريكا بدون خوف ..:" وأمّا صحيفة داغيلات النورويجيّة قالت ": كان آية الله الخميني شخصية صلبة يتّخذوا إجراءاته بهدوء عند الشدائد ، وكان كلامه قانونا ، وقانونه القرآن ..:"
يا وارثا فأس إبراهيم مُحتطبــــــــــــا رؤوس أصنامهم قُدّستَ مُحتطبَـــــــــــــا
ويـــا وارث عصا موسى وآياتـــــــــه والسّحرُ حولك يغشى الأرض والشُهُبـــــا
إن هشّ بما موسى يوما على عنــــــــم فقد صعقت بهـــا الطاغوت والنُّصُبــــــــا
وإن غـــــــدت تسع آيات له عجبــــــــا فأنت في كلّ آيٍ تصنـــــــــعُ العجـبــــــــا [1]
أجل: كنت الحبل الموصل إلى معرفة مبدأ الوجود لكلّ من رآك ، وأي فقيه أو أديب أو فيلسوف أو سياسي .. إلاّ وينحني أدبا وتواضعا أمام حياتك العلميّة و العملية . وحضورك الفكري يشهد على قُدرتك ونبوغك الغير طبيعي . فكنت : الدّاعية -- مِن على منبر عال وأنت تُخاطب قائد أعظم إمبراطورية عرفها التاريخ "الإتّحاد السوفياتي " وبمقاييس العقل الحكيم أعلمته عن مصير الشيوعية وأنت تُخاطبه .. فكنت المعلّم وكان التلميذ .. فهذه كلماتك .. بل هي تنبأت الواثق بالله ، وقد أوتيَ بصيرة منْ إتّقى .. ": لقد إتّضح للجميع أن البحث عن الشيوعيّة ينبغي أن يتوجّه من الآن فصاعدا إلى متاحف التاريخ السياسي العالمي :" . ولم تمُرّ إلاّ أشهر معدودة حتّى إنهارت الشيوعية . فأصبت بالظنّ ، وعرفت ما لم يكن بما كان .
.. وكنت العارف بعد أن عرجت في معراج الوصول ، وخلصت نفسك من مخاطر السفاهات الدنيوية ، ولن نرى بعدك قلم قد إغترف من حبر الحقيقة الإلهية وانصهر في عالم الملكوت ، فسموت بذلك إلى أفق الكمال ، حتّى جاءت وصاياك وصفة جميلة لعلاج الروح عندما كنت تنادي بلسان الأولياء ": مـــا خسِــرَ والله منْ أتــــى بحقيقةِ السجـــودِ ولو كان في العمــرِ مــرّة ...:" وهكذا بلغت المقصد الذي عجز عن الوصول إليه رجال كُثُر..
ومع التأمل في كتاباتك " كالآداب المعنوية للصلاة " نُجزم بأنّك من أنشأ مذهب العشق الإلهي .. وأنت القائل ":
سَلْ سبيــــــل العُشّـــاقِ كم شربوا الكأس دِهــــــاقا ممزوجــةً سلسبيلا .؟
هوَ مُسكِـــــــرُ مُغيِّـــــــبُ أم أغانــي في فمـــــي الحور، بُكرةً وأصيلا .؟
نشــــــوة ... صحـــوة في عيون الغيب جلّلت أسرارها تفصيــــــــــلا .؟
إنَّ يومًــــا في العشـــــقِ أحلى مذاقا من نعيم الخالدين ، دهــرا طويــلا ...
ويوم ترجّلت من على فرس جهادك ، بعد أن كبأ من ثقل سمو غاياتك ، ونُبل أهدافك .. ونفسك الزكيّة التي أنهكت ذاك الجسد النحيف الطاهر الخاضع لنواميس الطبيعة ، فأرهقه عِظمُ المُراد بعد احتمال عجيب ..
وكانت الفجيعة العظمى والمصاب الأعظم .. لولا الخلف الصالح سماحة السيد القائد آية الله العظمى : عليّ الخامنئي ـ حفظه الله ـ.
فنم قرير العين فنحن على نهجك سائريــن ، وبخطك متمسكيـــن ، وبالدعاء لك محافظيــــن نزولا تحت رغبتك الموجِبَةُ ...
** .. بقلب هادئ ونفسِ مطمئنّة ، وروح فرحة وضمير يأمل فضل الله . أستأذن الأخوات والإخوة ، وأسافر نحو المقرّ الأبدي . وأنا بحاجة مبرمة لصالح دعاءكــــــــــــــــــــم ..**
إنا لله وإنّا إليه راجعــــــــــــــــــون
.. وسلام عليك يوم ولدت ويوم تُبعثُ حيّـــــــــــــــــــا ..
تقاذفتنـــــي بحار الهمّ هائجـــــة فاغرقت زورق الأحلام وانقلــــــــــبا
أنّى ألتفِت أرى حولـــي قضببــة ً دنيا الأسى حين غام الأفــق واكتـــأبا
أنا الغريب وثوبُ اليُتــم ألبسنـــي بعد الخميني ذُلَّ اليُتـــمِ و الوصبــــــا
أنا الغريب ومن مثلـــي بغربتــــه قد ضيّـع الأهل والأحبــاب والنّسبـــا [1]
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمـــــــــــا .
أخوكم : أبو مرتضى عليّ
* [1] مقتبس من قصيدة العيون الحالمة للشاعر أبو ياسر من بصرة العراق ..