ماذا فعل السيد نصرالله؟
مريم الحسن
ماذا فعل السيد نصرالله ليستحق هذا الحقد من بعض أبناء أمتنا قبل حكامها؟ ماذا فعل؟
ماذا فعل قائد المقاتلين لإسرائيل ليُلعن صبحا و مساء من قبل مَن يدّعون حب فلسطين من المصلّين في مساجد هذه الأمة قبل الخطباء على منابرها؟ ماذا فعل؟
ماذا فعل أول المنتصرين على إسرائيل منذ النكبة إلى اليوم, ليُقابلَ بكل اشكال البغض من قبل بعض إخواننا في الدين و من قبل جناحهم العسكري الذي لا يرى جهاداً إلى في قتل من قال " لتحيا فلسطين", "لتحيا الأمة العربية القوية", " حي على العِلم", " الناس سواسية في الخلق", " لنعيش في أمان معاً أياً يكن مذهبنا أو عرقنا"؟ ماذا فعل؟
ماذا فعل سيد المقاومين والعاملين لأرباب القعود الخاملين غير مدّهم بالشرف و النصر و القوة و هم نيام غافلون؟ ماذا فعل؟
ماذا فعل هذا السيد الجليل العزيز الشريف, غير تعريض حياته و حياة مُريديه للقتل لنحيا و لو قليلاً بفخر, و لنعيش لذة القوة و النصر بعد أن كنا لعقود خلت مهزومين و مذ لولين و مقتولين و مذبوحين و محرّم علينا أن نرفع رؤوسنا بحضرة المستكبرين؟
ماذا فعل هذا السيد؟ ماذا فعل؟
ماذا فعل أصدق المُقَرِّبين بين المذاهب, و أصدق الداعين إلى الوحدة الإسلامية, و أكثر المحتاجين إليها, و أكثر المطالبين بها على المنابر, ليقال عنه مذهبي طائفي؟ ماذا فعل؟
هل خان هذا الشريف أحداً ليقال عنه خائِن؟
هل غدر بأبناء وطنه قبل أبناء أمته من كل الأطياف و الأعراق ليقال عنه عميل؟
هل شتم أو أهان هذا الرجل أحدا ليُشتم و يُلعن على المنابر؟
هل تعرض لدين أحدٍ أو تطاول على أحدٍ لتُكال إليه التهم جزافاً في كل فرصة و في كل حين او ليُقذف بأشنع الألقاب؟
إذا كان فعل ذلك أو لم يفعل نردكم إلى قوله تعالى و هو أحكم الحاكمين و أعدل العادلين:
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) المائدة الآيه 105.
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) النحل آية 125.
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الإِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) الحجرات آية 11.
أم أن القصة كل القصة يا إخواننا في الدين تكمن في التعصب و في التعصب و حسب؟
فإذا كان الأمر كذلك, لا يسعنا إلا أن نذكّر إخوتنا في الدين بالحديث الشريف القائل: "ليس منّا من دعا إلى عصبية، أو من قاتل من أجل عصبية، أو من مات من أجل عصبية" وفي حديث آخر" ....دعوها فإنها منتنة." رواه البخاري ومسلم.
و إذا كان مأخذكم على هذا السيد هو موقفه من إيران و تلقيه الدعم المالي منها الهادف حصراً إلى ردع العدوان الإسرائيلي و تحرير فلسطين, و ذلك بحسب تصريحات الطرفين العلنية والمتكررة فنحن يا إخواتنا في الدين علينا بالظاهر والمعلن لأن الله و فقط الله تعالى يعلم ما تخفي الصدور: (قُل إِن تُخفُوا ما في صُدُرِكُم أَو تُبدُوه يَعلَمَهُ الله) آل عمران آية 29. و الظاهر يقول: أن لو كان الأمر غير ما يدّعون لما طُرد السفير الإسرائيلي من دولة "الفرس الإيرانية" بعد الثورة (و هذا ما لم تفعله دول الربيع العربي بعد الثورة), و لما رفعت إيران العلم الفلسطيني على أول سفارة فلسطينية في العالم حين كان علم الإرهابيين الصهاينة يرفرف في الفضاء العربي , و لما انطلق يوم القدس العالمي من إيران بعد الثورة مباشرة كي يذكّرنا دائماً بالقضية الأساس و بالجهاد المقدس و لكي لا تنسينا السنون و المؤامرات الدولية و الحروب الإعلامية و العصبية القبلية و التقاتل المذهبي الغير مبرر لا إنسانياً و لا دينياً أولى القبلتين و محل معراج أشرف الخلق إلى السماء, و أكثر من ذلك لو كان ما يدّعون غير صحيح لما دعمت الجمهورية الإسلامية في إيران (بالمال و العتاد و الموقف الصريح المتقدم) و المقاومون في لبنان ( بالموقف و بالخبرة و بما تيسر من عتاد و بكل انواع الدعم الإعلامي) إخوانهم في فلسطين المحتلة من مختلف الفصائل السياسية, أليس كل هذا بجهاد حق طاهر و مقدس و يستحقون الشكر عليه على الأقل؟
و على أي حال, إن كان غير صحيح ما يدّعون و كذب هو كل ما يقولون, و أن مآربهم غير ذلك و هم يخفون حقيقة أهدافهم بغطاء دعمهم للقضية الفلسطينية, فهذا لا يبرر قعود القاعدين عن تحرير فلسطين, و على المتضررين من تحرك هؤلاء القوم و من تعاظم قوتهم بفضل دعمهم لهذه القضية المحقة أن يسبقوهم إلى هذا الجهاد المقدس بكل ما أوتوا من إمكانيات, و إن لم يفعلوا أو لم يقدروا على ذلك فليكفوا سبباهم و شتائمهم عنهم علهم ينجحون فعلاً و يحررون لنا ما عجز إخواننا في الدين عن تحريره حتى لو كانت نواياهم لا علاقة لها بالتحرير.
ألم تستعن السعودية و دولة الكويت العربية بالجيش الامريكي المستعمر لإخراج الجيش العراقي من الكويت و لردعه عن اجتياح الأراضي السعودية المقدسة مع أن هدف الأمريكيين كان و مايزال هو السرقة؟
ألم تكن نية الأمريكي يومها غير ما أعلن و يعلن دائماً؟
و مع ذلك قبلت هذه الدول أن يحرر السارق أرضها و ما سمعنا السب و الشتم و اللعن و التكفير لا بحق الملك و لا بحق الأمير. فلِماذا لا نقبل أن يحرر لنا «الفرس الإيرانيون" و أتباعهم " الشيعة الرافضة" في لبنان الأرض المحتلة كما قبلتموها قبلاً من الامريكيين ؟ أحلال هي على الامريكان و حرام هي على قسم من المسلمين حتى لو كانوا رافضين لسنة النبي كما يدعي بعض إخواننا في الدين رغم زيف ادعائهم؟
دعوهم, علّهم يحررون ما اغتُصب من أرضنا التي رفض حليفكم الامريكي أن يدعمكم لأجلها و لو بموقف او قرار يدين القتل و الإرهاب الإسرائيلي في فلسطين و لبنان مع انه لبى النداء سريعاً ليعينكم على النصر يوم احتل جيشٌ عربي أرضاً عربية. دعوهم , علّهم يردون لنا ما بيع من دون علمٍ منا ويلقّنون من قتلوا أبنائنا في كل الأراضي المحتلة درساً لا يعودون بعده إلى قتلنا أو سرقتنا أو إرهابنا أو إلى زرع الفتن في ديارنا , فعلى كل حال, أنتم يا اخواننا في الدين أول المستفيدين من هذا الفتح إن تحقق إنشاء الله, لأنكم الأكثر عدداً و الاكثر إيماناً و الأكثر إخلاصاً للدين الحنيف و الأكثر قوة إن فكر أحد من أعداء الدين أن يسلبكم شيئاً مما تملكون أو مما تعدّون.
فلا تخافوا إخواننا في الدين لا تخافوا وادعوا مع الداعين أن تتحرر الأرض حتى لو أتى هذا الأمر على إيدي "الفرس الإيرانيين" أو "الرافضة اللبنانيين" أو الإخوة الفلسطينيين. فالغاية واحدة و هي تحرير الاراضي المقدسة و ردع الاحتلال, أم أن اخواننا في الدين لهم مآرباً أخر لا علم لنا بها و لا علاقة لها بالتحرير؟
ادعوا يا إخواننا في الدين فقط ادعوا أن تتحرر الأرض و كفوا الشتائم و الإهانات على الأقل عن المقاتلين العاملين على استرجاعها, لأن الشتم و السب و القدح و الذم ليس من شِيم المسلمين و نأباه لكم حقاً نأباه لكم يا إخواننا في الدين.
و أخيراً لأنكم تؤمنون بالله أكثر منا و تعرفون أن الله أعدل العادلين و أعلم العالمين, نُذكّركم إخواننا في الدين بقوله تعالى - يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) الحجرات آية 13, مع لفت الانتباه إلى ختام الآية الشريفة(...إن الله عليم خبير).