التوحيد : بين مفهوم علي ّ ( ع ) ومن خالفه ...........
بتاريخ : 04-07-2007 الساعة : 01:00 AM
التوحيد : بين مفهوم عليّ "ع" .. ومن خالفه ..؟
والصلاة والسّلام على سيّد الخلق أبا القاسم محمّد وعلى أهل بيته الطيّبيـن الطّاهريـن واللّعن الدّائم على أعدائهم من الأوّلين و الآخرين .
إخوتي في الله والعقيدة :
سلام من الله عليكم ورحمته تعالى وبركاته .
قال الحقّ عزّ وعلا :" الذيــــــــــــن يستمعون القول فيتّبعون أحسنـــــه :" [1]
التوحيد : بين مفهوم علي "ع".. ومن خالفهُ .
- حقّ وباطل ولكلٍّ أهل : من مقتضى الواجب الشرعي، وامتثالا لقول المصطفى ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم - (( من علم علما وكتمهُ ، ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار.. " .[2]
أضع بين أيديكم الفاضلة هذه المساهمة البسيطة في مسألة التوحيد والنبوة ، والتي أسالت حبرا كثيرا عبر العصور.لأنّ الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر من ضروريات الإيمان في كلّ عصر ومصر .. وحتّى لا يطول الجدال في المسائل المطروحة ، ارتأيت بأن تكون حجّة المقارنة عن لسان رجل ودّ كلّ شخص أن ينتسب إليه ، فإليه تُعزى كلّ فضيلة ، وإليه تنتهي كلّ فرقة ، فكان بفضل من الله وجيها حتّى لدى أهل الذمّة ـ رغم إنكارهم للرّسالـة المحمّديّة .. ذاك أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ـ سلام الله عليه ـ . فمن يدّع العلوم اللاهية دونه ، فكلّ من برز فيها بعـده ،فمنه أخذ ، ومن معينه إستقى .. وحتّى لا يدّع أحد بأنّ قولي هذا فيه سرفا أو شططا .. فهذه بعض الأدلّة القطعيّة في ما إدّعيت ، بأمر من الله ورسوله ـ صلى الله عليه وآله ـ ومنها : أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، فمن أراد العلم فليأت الباب . [3] ... أنا دار الحكمة وعليّ بابها . [4] ... أنت تُبيّن لأمّتي ما إختلفوا فيه من بعدي .. [5] ... أنا منذر وعليّ الهادي ، وبك يا عليّ يهتدي المُهتدون .[6] .. إنّ الذين آمنوا وعملوا الصالحات ، أولئك هم خير البريّة .. [7] .. .
أكتفي بهذه القطرات من (( غدير )) الفضائل لأمير لمؤمنين عليّ ـ عليه السلام ـ فهي بصائر ، قد تعيها أذن واعيّة فتأت مدينة علم النّبي ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ من بابها ، وتلجأ إلى باب حكمته ، وتمتثل لحكمه عند إختلافها .. عندها وبفضل من الله تكون من خير البريّة ..
لا إلاه إلاّ الله , هي كلمة التّوحيد : .. الله الذي تحيّرت في إدراك ذاته المقدّسة الملائكة والأنبياء ، وحَسِرَ عن معرفة كماله الصدّيقين والأولياء ، وعجزت عن ماهيّته ألسنة الفضلاء والحكماء .. تبيّن لدى بعض أشباه العلماء ممن يُنسبون لجمهور المسلمين ، بأنّه جسم ، له ما للإنسان من جوارح وأعضاء وغرائز من ضحك وبكاء ..؟ فضلّوا سواء السبيل ، وأضلّوا بذلك خلقا كثيرا ..
- أ - رؤيته تعالى إسمهُ .. : قولُ إفترى عن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ أنّه قال : (( أنّكم سترون ربّكم عيانا ..؟ [ 8 ] .. وأنّ المسلمين يرون ربّهم يوم القيامة ، كما يرون القمر ، لا يُضامون في رؤيته ..؟)) [9] .. (( .. يأتيهم الله يوم القيامة في غير الصورة التي يعرفون ، فيقول أنا ربّكم .؟ فيقولون : نعوذ بالله منك ..؟ هذا مكاننا حتّى يأتينا ربّنا .؟ فإذا أتانا ربُّنا عرفناه .. فيأتهم الله في الصورة التي يعرفون ، فيقول : أنا ربُّكم .. فيقولون أنت ربّنا ، فيتّبعونه ..؟ [10] .. وفي رواية أخرى .. هل بينكم وبينه علامة تعرفونه بها .؟ فيقولون السّاق . فيُكشفُ عن السّاق ..؟ ثمّ يرفعون رؤوسهم وقد تحوّل في صورته التي رأوهُ بها أوّل مرّة ، فيقول : أنا ربّكم . فيقولون أنت ربّنا؟ )) [11] (( .. وأنّ أهل الجنّة يزورون ربّهم ..؟ [12] ...))
- ب - صفات أعضائه تعالى شأنه .. : (( بأنّه جلّ جلاله خلق آدم على صورته ..؟ )) [13] .. (( وأنّ عرشه على السموات هكذا ، وقال بإصبعه مثل القبّة عليه .؟ وانّه ليئطّ أطيط الرّجل بالراكب ..؟ )) [14] . ((وأنّ النّا ر لا تمتلئ حتّى يضع رجله فيها ، فتقول قط قط فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض )) [15] (( وينزل في آخر الليل إلى سماء الدنيا ، فيقول : من يسألني فاستجيب له ، ومن يسألني فأعطيه ..؟ [16] .. وانّه تعالى يجوز عليه المصافحة ، وأنّ المخلصين يُعانقونه في الدنيا ..؟ )) .. وقال داوود الجوارب ـ وهو من أعلام أهل السنّة ـ : (( أعفوني عن الفرج واللحية ، واسألوني عمّا وراء ذلك ..؟ وادّعى أنّ معبوده جسم ، ولحم ، ودم ، وجوارح ، وأعضاء ..وأنّه بكى على طوفان نوح حتّى رمدت عيناه ..؟ وعدته الملائكة لمّا إشتكت عيناه ..؟)) [17] .
- ت - ما يُنسب لجلاله من أقوال وأفعال .. : فقد نسبوا إليه صفة المُتكلّم ، إلاّ أنّهم إختلفوا في ماهيّة كلامه ..؟ هل كلامه واحد مغاير لهذه المعاني المعهودة .؟ أو هو متعدّد .. [18] وأنّ كلامه تعالى قديما لم يزل معه في الأزل يخاطب به العقلاء المعدومين ..؟ وأنّه تعالى أراد من الكافر الكفر ، ومن الفاسق الفسوق ومن الفاجر الفجور ، ولكن نبيّه الأكرم ـ صلى الله عليه وآله ـ أراد منهم الطاعة والهداية ...؟ وهكذا خالفوا باعتقادهم المُختل بين إرادة الله وإرادة رسوله .. حيث كره الله من الفاسق الطاعة ومن الكافر الإيمان لكنّ رسوله الأكرم أرادهما لهما ..؟ وخالفوا بذلك بين كراهة الله وكراهة رسوله ـ صلى الله عليه وآله ـ [19] . وادّعوا بأنّ العقل لا يحكم بحسن الشيء البتّة ولا بقبحه ..؟ وأنّ كلّ ما يقع في الوجود من أنواع الشرور : كالشرك ، والقتل ، والظلم ، والتّعدّي على حدوده تعالى .. فهو فعل حسن لأنّه من عنده ..؟ [20] . وأنّ كلّ القبائح صادرة عنه ، لأنّه لا مؤثّر غيره ..[21].. وبهذه العقائد السقيمة قال أهل الظاهر، والحنابلة كافة وتبعهم في ذلك المالكيّة والكراميّة ...
ولو استقصينا البحث في مثل هذه المسائل ، لطال بنا السجال ، لكن فما ذكرناه كفاية ، لمن أراد تجنّب الغواية...
- أنا يعسوب الدّين والمال يعسوب الفجّار : ها نحن نقف على ضفاف محيطك ، لنلتمس قطرات من نور علمك عسى أن نهتدي بها في ظلمات سربلنا بها السلف الطالح .. فهذا قولهم في التوحيد ، وهذه غاية علمهم ، وحدّ معرفتهم .. فامنن علينا بحكمك الفصل ، وأهدنا سوى السبيل ، فبك يا عليّ يهتدي المهتدون ..
ويأت الجواب كقطرات النّدى على صفحات قلب سقيم .. فيها شفاء المستشفي وكفاية المكتفي ..
"... : لم تره العيون بمشاهدة الأبصار، ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يوصف بالبعد ولا بالقرب ولا بالحركة ولا بالسّكون ، ولا بالقيام قيام إنتصاب ، ولا بمجيء ولا بذهاب ، لطيف اللطافة لا يوصف باللطف ، .. وهو في الأشياء على غير ممازجة ، خارج منها على غير مباينة ، داخل في الأشياء لا كشيء داخل ، وخارج منها لا كشيء خارج ، .. الحمد لله الدّال على وجوده بخلقه ، وبمُحدثِ خلقه على أزليته ، وباشتباههم على أنّ لا شبيه له ، لا تستلمه المشاعر ولا تحجبه السواتر ، لا إفتراق الصانع والمصنوع والربَّ والمربوب ، الأحد بلا تأويل عدد ، والخالق لا بمعنى حركة ونصب ، والسّميع لا بأداة ، والبصير لا بتفريق آليّة ، والشّاهد لا بممارسة والبائن لا بتراخي مسافة ، والظاهر لا برؤية ، والباطن لا بلطافة ، بان في الأشياء بالقهر لها والقدرة عليها ، وبانت الأشياء منه بالخنوع له والرجوع إليه ... فمن وصفه فقد حدّهُ ، ومن حدّهُ فقد عدّهُ ، ومن عدّهُ فقد أبطل أزلهُ ، ومن قال كيف ؟ فقد أستوضحه ، ومن قال أين ؟ فقد حيّزه ، عالم بلا معلوم ، وربّ إذ لا مربوب ، وقادر إذ لا مقدور ، .. فاعل لا باضطراب آلة ، مُقدّم لا بجولة فكرة ، غنيّ لا باستفادة ، سبق الأوقات كونهُ ، والعدم وجوده ، والإبتداء أزله ، لا تصحبهُ الأوقات بل سبق الأوقات كونه ...
هل من الغلو في شيء إذا قلنا بانّ هذا الكلام فوق كلام المخلوقين وتحت كلام الخالق ، وهو صاحب الفضل يؤتيه من يشاء من عباده . فله الحمد دائما أبدا . وليتدبّر الباحث عن سبيل النّجاة في الإعتقادين ويلمح في المذهبين ، ويتفكّر في القولين .. وليُسدِ النّصحَ لنفسه اللحظة ، لأنّ يوم غد لا تُغني نفس عن نفسٍ شيء ... وعندها يتبرّأ المُتّبعون من أتباعهم ، ويفرّون من أشياعهم والحكم يومئذ لله ..
والحمد لله ربّ العالمين
والسلام في البدء والختام ممن سيبقى على العهد مقيمــــــا
أبو مرتضى عليّ
الفهرس
1 -- الزمر – 18 .
2 -- سنن ابن ماجة ..
3-- تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 / 464 ح 984 – 997 ، شواهد البنزيل للحسكاني الحنفي ج 1 / 334 ح 459 ، المستدرك للحاكم ج 3 ص 126 و 127 و صححه ، أسد الغابة ج 4 / 22 . تاريخ الخلفاء للسيوطي ص170. الميزان للذهبي ج 1 / 415 و ج 2 / 251 و ج 3 / 182. الفتح الكبير للنبهاني ج 1 / 276. منتخب كنز العمال بهامش مسند احمد ج 5 / 30.
4 -- صحيح الترمذي ج 5 /301 ح 7 380 ، حلية الاولياء ج 1 / 63 ، مناقب علي بن ابي طالب لابن المغازلي الشافعي ص 87 ح 129. مصابيح السنة للبغوي ج 2 / 275 ، الرياض النضرة ج 2 / 255 ط 2 ، الجامع الصغير للسيوطي ج 1 / 93. منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد ج 5 / 30 ، الفتح الكبير للنبهاني ج 1 / 272.
5 مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي ج 1 / 86 ، المناقب للخوارزمي ايضا ص 236 ، كنوز الحقائق للمناوي ص 203 ط بولاق و ص 170 ط اخر ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 182 ط اسلامبول ، منتخب كنز العمال بهامش مسند احمد ج 5 / 33. 6 تاريخ دمشق لابن عساكرالشافعي ج 2 / 417 ح 916 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 90 ، ينابيع المودّة للقندوزي الحنفي ص 99 ط اسلامبول و ص 115 ط الحيدرية.
7 المناقب للخوارزمي الحنفي ص 62 و 187 ، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 107 ، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 92 ، ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعي ج 2 / 442 ح 951 ، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 62. الصواعق المحرقة لابن حجر الشافعي ص 96 ط الميمنية بمصر و ص 159 ط المحمدية ، الدر المنثور للسيوطي ج 6 / 379 ، تفسير الطبري ج 30 / 146 ط الميمنية بمصر ، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي ص 18 ، فتح القدير للشوكاني ج 5 / 477 ، المعاني للالوسي ج 30 / 207 .
8 صحيح البخاري ، كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى « وجوه يومئذ ناضرة » ج 4 / 188.
9 صحيح البخاري ، كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى « وجوه يومئذ ناضرة » و كتاب الصلاة ، باب فضل صلاة العصر و باب وقت العشاء الى نصف الليل و كتاب التفسير باب سورة ق . صحيح مسلم ، كتاب الصلاة ، باب فضل صلاتي الصبح و العصر و المحافظة عليهما .
10 صحيح البخاري ، « وجوه يومئذ ناضرة » ج 4 / 188 و راجع تفسير سورة ق منه ج 3 / 128 . صحيح مسلم ، كتاب الايمان ، باب اثبات رؤية المؤمنين في الاخرة لربهم .
11 صحيح مسلم كتاب الايمان ، باب معرفة طريق الرؤية الحديث : 299 و اللفظ منه . و صحيح البخاري في تفسير سورة النساء ، باب قوله ان الله تعالى لا يظلم مثقال ذرة ( ج 3 / 80 ) و اللفظ فيه مختصر ، و كذلك في كتاب التوحيد منه ، باب قول الله تعالى وجوه يومئذ ناضرة ( ج 4 / 189 ) .
12 سنن ابن ماجة ، كتاب المقدمة ، باب في ما انكرت الجهمية الحديث 184.
13 صحيح البخاري ، كتاب الاستئذان ، باب بدء السلام . صحيح مسلم ، كتاب الجنة وصفة نعيمها ، باب يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير الحديث 28، و كتاب البر ، باب النهي عن ضرب لبوجه الحديث 115 ، و ارشاد الساري ج 10 / 490 ، و مسند أحمد ج 2 / 244 و 365 و 323 و 424 و 462 و 569.
14 سنن أبي داود ، كتاب السنة ، باب في الجهمية ، رقم الحديث 4726. و سنن ابن ماجة المقدمة باب في ما أنكرت الجهمية . و سنن الدارمي ، كتاب الرقائق ، باب في شأن الساعة و نزول الرب تعالى . و راجع كتاب التوحيد لمحمد بن عبد الوهاب ( ت 1206 هـ ) و مناهج السنة .
15 كلتا الروايتان عن الصحابي أبي هريرة في تفسير سورة ق من صحيح البخاري ، ج 3 / 128 و في باب « وجوه يومئذ ناضرة » من كتاب التوحيد منه ، ج 4 / 191. و عن أنس حديث القدم في باب قول الله تعالى و هو العزيز الحكيم « سبحان ربك ... » من كتاب التوحيد منه ج 4 / 129. و راجع سنن الترمذي ، كتاب الجنة ، باب ما جاء في خلود أهل الجنة و أهل النار ج 10 / و مسند احمد 2 / 396.
16 صحيح البخاري . كتاب التهجد ، باب الدعاء الصلاة في آخر الليل ، و كتاب التوحيد باب قوله تعالـى « يريدون أن يبدلوا كلام الله » ، و كتاب الدعوات باب الدعاء نصف الليل . صحيح مسلم ، كتاب الدعاء ، باب الترغيب في الدعاء و الذكر في آخر الليل . و سنن الدارمي ، كتاب الصلاة ، باب ينزل الله الى السماء الدنيا . و موطأ مالك ، كتاب القرآن ، باب 30.
17 روى محمد بن عبد الكريم الشهر ستاني هذا القول عن عدة علماء من أهل السنة في كتاب الملل و النحل ج 1 ص 105. و هو داود الجوارب ، من علماء أهل السنة ، ذكره الشهر ستاني في كتابه الملل و النحل ج 1 ص 105.
18 القائل بالتعدد مع القدم في كلامه تعالى هم الكرامية و الحنابلة ، و قد بالغ فيه بعض الحنابلة ، حتى قال جهلا : الجلد و الغلاف قديمان ، فضلا عن المصحف ، و القائل بالوحدة في كلامه هم سائر أهل السنة . راجع : شرح التجريد للقوشجي ص 254 ، و شرح العقائد ، و حاشية الكستلي ص 89 و 91.
19+ 20 راجع : الفصل في الملل و الأهواء و النحل ، لابن حزم ح 3 ص 52 ، و ما بعدها ، و 142 ، و ما بعدها ...
21 الملل و النحل ج 1 ص 96 ، و عقائد النفسي ، و شرحه للتفتازاني ص 109 ، و الفصل لابن حزم ج 3 ص 69.
**** ****