لم يكن الشهيد السيد محمد الصدر من اصحاب رد الفعل التلقائي تجاة أي حدث, ولربما في كثير من تصرفاته وتصريحاته كنا نجد ذلك غريبا علينا , وما كان ذلك الا لقصورنا عن ادراك المغزى الذي يبتغيه. كان الشهيد الصدر مختلفا عن جيله تماما, لاننا فد نجد احيانا ان الكثير من العلماء فضلا عن غيرهم يتخذون مواقف يتبين بمرور الزمن خطأها.
لقد تأثر الشهيد الصدر بأمرين :
الاول: هو النص اذ لم يتخذ موقفا الا ووجدنا موقفا مشابها له عند الائمه (عليهم السلام).
والثاني: العرفان او الباطن, اذ انه لطالما علل الوقائع السلبيه او الايجابيه على اساس الاستحقاق.ومن ذلك عندما أمر بالمسير الى كربلاء في 15 من شعبان سنة 1419 ومنعت السلطات ذلك , فانه علل الامر بردة الفعل الالهية لوجود القصور والتقصير في المجتمع , ولم يركز على جهة السلطة , مع ان الذين سبقوه وعاصروه داخل العراق وخارجه في مثل هذه المواقف ألقوا اللوم على السلطة ولم يلتفتوا الى تقصيرهم وتقصير المجتمع .
لم يكن يلقي الكلمات على عواهنها , يتكلم بمقدار فيه معنى , يقصده حرفا حرفا.
ليس من النوع الحماسي الذي يندفع لهتافات الجماهير , ولم يتأثر لكثرة السواد حوله , كما انه لم يبال عندما كان فردا وحيدا أو بعد ذلك عندما التحق به تلميذه وخليفته اليعقوبي .
قبل استشهاده بحوالي شهرين عندما شنت عملية ثعلب الصحراء وكان ذلك في الايام القليلة التي سبقت شهر رمضان سنة 1419 أواخر 1998, واستمرت بعد ذلك لأيام . اتصل بعض القادة الميدانيين من معارضة النظام في أهوار جنوب العراق بعدد من أمة الجمعة وكنت أحد الذين اتصلوا بهم , ومنهم الشيخ عدنان السيلاوي وآخرون , فتوجه بعض ائمه الجمعة الى منزله في النجف الاشرف في الحنانة وذكروا له نية المعارضة الشيعية المتواجدة خارج العراق ولها بعض الاتصالات عن طريق أهوار الجنوب القيام بانتفاضة, وقد طلبوا المساندة للقيام بهذا الامر وقد ذكروا ضمن ماذكروا ان المجاهدين ,كما كانوا يطلقون على انفسهم , يخشون من القوات الامريكية , وذلك ان الاعلام اخذ حينها يتجه نحوا : ان القوات سوف تسقط النظام , وكانت المعارضة تخاف ان تعتدي عليها القوات الامريكية , فما هو تكليفنا عند ذلك؟
فأجابهم الراحل العظيم بما مضمونه: الامريكان لن يسقطوا النظام الآن, وهم لن يقاتلوا المعارضة , فانهم جمعيا يريدون القضاء علينا , وعليكم بالوقوف على التل في هذة المعمعة,.....الى آخر ماذكرناه في السفير الخامس . وبالمناسبة كان الكثير يطلقون علينا طيله سنوات 2001,2002,2003جماعة التل .
ولايرد علينا ان هذا الكلام تنبؤ بالمستقبل ذكرتموه عندما سقط النظام , وذلك اننا ذكرناه في كتاب السفير الخامس قبل اسقاط النظام بحوالي سنتين , والكتاب معروف عند الجميع ومنتشر في تلك الفترة سنة2001للميلاد , والمهم في الامر اننا بفضل الله تعالى اخذنا كلامه على نحو الحقيقة المطلقة وتشبثنا به حتى هذه الساعة , وذلك اننا كنا في ارض الغربة, تتقاذفنا أمواج الفتن وطلاب الكراسي الذين سحقوا باقدامهم كل القيم من اجل ذواتهم وفئاتهم ,ولكنهم خسروا انفسهم وخسروا الدنيا والآخرة,ولكن بفضل الله علينا لم ننجرف على الرغم من الاغراءات والترهيب , لتمسكنا بوصية الشهيد العظيم من ناحية , ولعدم قناعتنا بمن كان موجودا هناك , وهم كثير , لان من يعرف الصدر لايمكن ان يقتنع الا بمن هو مثله ومنه , وفي نفس الوقت كانت فئه صابرة محتسبة في العراق تقبض على اشد من الجمر يقودها العبد الصالح الشيخ اليعقوبي, الذي لولاه علم الله في أي نفق مظلم كنا.
ماهو معنى الوقف على التل بتعبير الائمة ؟
افهم من ذلك قولهم (عليهم السلام ) : كن فيهم ولا تكن منهم .
وهو ما سار عليه الشهيد الصدر , ولم ينخرط في التوجهات الاسلاموية السياسية التي اسست نهاية الخمسينيات , واعتبره أقرانه شاذا بسلوكه , فهل هو كذلك ؟ أعتقد أن الأيام التي نعيشها اليوم اثبتت صحة ما تنبأ به,واثبتت عظمة هذا العملاق, وان اقرانه ومن عاصروه وعاصرهم قبل خروجه المبارك في انتفاضة 1991, كلهم فشلوا وذابوا , وهو يزداد تألقا كلما تقدم الزمن ورأينا بعد نظره.
والسؤال الآن : هل هذه الوصية لازلت نافذة أم ان زمانها انتهى ؟ وهل يوجد تعارض بين قوله (الوقوف على التل ) وبين أمره البديهي باتباع ماتقوله المرجعية؟
علينا ان نفهم كلامه (قدس سره) على نحوين :
الاول : هو وصية ارشادية الى القيادة الصحيحة , اي ان المرجعية ستسير بكم وفق هذا المنهج هي التي تتبعونها ,وهذا فيه تفصيل يأتي ان شاء الله تعالى.
الثاني :انه تكليف لابد من اتباعه في كل الاحوال ,وذلك ان قراءة الشهيد الصدر للواقع ناتجة من فهمه للنص وذوبانه فيه, وان هذا التكليف ليس للمقلد فحسب بل للمرجع القادم اذ لا اجتهاد مقابل النص , ولا أبالغ اذا قلت أن أفضل تنظير مستوعب للتكليف السياسي والاجتماعي ماسطره سماحة الاستاذ المربي والمرجع الكبير الشيخ اليعقوبي (دام ظله) في كتابه (دور الأئمة في الحياة الاسلامية),الذي هو نخبة من الفكر السياسي للشهيدين الصدرين وفكر سماحته .
نتكلم الآن عن التطبيق العملي لوصيته في عصرنا الحاضر بعد ان تحققت نبؤته ودخلت القوات الامريكية الى العراق مع حلفائها واسقطت سلطة البعثين , ثم نشخص بعد ذلك من تنطبق عليه المواصفات القيادية بعد تجاوزه للفتن واستوعب الأحداث .
سقط النظام , وقبل ذلك جلست المعارضة بكل فئاتها على طاولة واحدة مع السفير الامريكي في لندن , وبتأييد ومباركة من الحليف الاول لأمريكا المملكة البريطانية المتحدة , وهو ما ادهش الكثيرين . اذ ليست المشكلة بالجلوس مع الامريكيين والبريطانيين , ولكن المشكلة ان الجهات الاسلاموية التي جلست معهم ملأت الدنيا ضجيجا قبل ذلك عن الاستكبار , والشيطان الاكبر , ولو رضيت عنا امريكا فعلينا ان نتهم انفسنا ….الخ.وذهبت مئات الالاف من الا نفس قرابين في هذا الاتجاه, ولو انهم اختصروا الامر منذ البداية لوفرنا على شعبنا تضحيات جسيمة وغالية مثلت خيرة شباب وعلماء الامة في تلك الحقبة .
جزاكم الله خير الجزاء وبار ك فيكم على هذه المشاركة القيمة
اخي نخيل العراق
ما عدمنا مواضيعكم الهادفة
ننتظر مشاركاتكم المتنوعة والقيمة على احر من الجمر
بالتوفيق ان شاء الله