في الصباح الباكر وقد صلّوا صلاة الفلاح . اطمأنوا بالرضا والايمان، ثم عزموا على لقاء الله ، وقد حملوا الراية الصفراء واندفعوا الى ميادين الوغا ذودا عن الحصن المتين، والعرين لمكين، حصن بنت جبيل العظيمة، التي كتبت يوم الاربعاء اصدق الآيات، وزنرتها بالدم والبارود. تستطيع الطائرات الحربية ان تدمر المساكن الآمنة فوق قاطنيها بروح الحقد والضغينة، وتستطيع آلة القتل والاجرام ان تخطف بسمة الاطفال الوادعين، لكن ما ان يندفع الجند الى الساحة الحقيقية، ساحة القتال الرجولي، حتى يبدو العجز والوهن والانسحاق ، ويُظهر المجاهدون البواسل فائق قدرتهم ، وجميل مرونتهم وارادة الصمود، وقوة الشكيمة ،على تراب الجنوب الطاهر، في المعركة البرية الموعودة حيث تحسم الآجال والاحداث. قوات النخبة لا بل نخبة النخبة، سقطت في معمودية الحديد والنار، وقبل ان ينجلي غبار المعارك الصاعقة، كانت بين قتيلٍ وجريحٍ وفارٍ مثقلٍ باذيالِ الخيبة، وعلى الجباه رسالة المقاومة القاتلة الى اولمرت ورئيس اركانه وجيشه المهزوم ومنهم الى كوندا ليزا رايس وشرقها الاوسط الجديد الذي لن يكون الا شرق المقاومة والكرامة والانتصار. ثلاثة عشر قتيلا على الاقل وبضع عشرات من الجرحى، وعدد من الآليات المدمرة والسمعة الملوثة بالوحل والعار ، سقطوا بضربة واحدة قاضية ، على عتبة عاصمة التحرير، وام القرى العاملية البطلة، في المقتلة العظيمة التي وصفها جيش العدو بأنها اقسى المواجهات في تاريخه خلال السنوات الاخيرة، ومفصلا كبيرا سيكون له انعكاس كبير على المجريات الميدانية والسياسية للعدوان المتواصل منذ خمسة عشر يوما، الامر الذي لخصه احد المعلقين الصهاينة ساخرا من قدرة جيشه قائلا : هل باتت بنت جبيل في ايدينا ام بتنا في ايدي بنت جبيل. وقبل ان يسدل نهار الاربعاء ستائره على امجاد بنت جبيل عاد الوهج والغار الى مارون الراس لتؤكد المقاومة مجدداً ارادتها الحديدية ومعدنها الصلب حيث سقطت مجموعة من الاستخبارات الصهيونية في فخ محكم سقطت معه ادعاءات العدو بالسيطرة اليائسة على القرية الصامدة ، ليس ما حصل في بنت جبيل ومارون الراس يوم الاربعاء الا اول الغيث، لاحت تباشيره المباركة منذ الصباح الجنوبي الساطع، ومن قبل كان سيد المقاومين السيد حسن نصر الله يؤكد الاستعداد التام للمواجهة البرية المتحركة في حرب عصابات مرنة حيث يد المقاومة هي العليا، معلنا الانتقال الى مرحلة ما بعد حيفا، ومن ثم اختيار الزمان المناسب للانتقال الى ما بعد ما بعد حيفا. يوم الاربعاء كانت بنت جبيل وفية للقائد والقسم ، وفية للامام الصدر ، وفية لتاريخها المجيد وتراثها العريق وعلمائها الابرار، وفوارسها الغر الميامين ، اما الباحثون عن حلول الذل والعار والتسويات المرفوضة، ( فإذا لم يكن قد وصلكم كتابنا بعد، فعند بنت جبيل الخبر اليقين والبقية تأتي )