الطائرة الإيرانية، و الكبسة السعودية
بدر الدين الكاهية
في البداية أو أن أعلم قارئي أنني تونسي مسلم سني على المذهب المالكي، حتى لا يترك بعض " الجوفاء عقولهم" جوهر الموضوع و ينساق في شتمي بقوالب انشائية جاهزة على شاكلة: رافضي، مجوسي، نصيري، و غيرها من الألفاظ المعتمدة للتغطية على خيبة أمة.
خرجت بالأمس إيران جميعها، رئيسا، حكومة، و شعبا لتعلن للعالم أن عقول مخترعيها و خيال مبدعيها و شجاعة مسؤوليها قد أفرزت طائرة حربية متطورة يمكن أن تظاهي و تناطح كبرى المقاتلات المصنعة في الدول المتقدمة.
حقيقة سعدت لهذا الخبر أيما سعادة فإيران دولة اسلامية حاصرها الغرب لسنين و ضيق على أنفاس مواطنيها و خنق اقتصادها، لكن عزيمة أهلها و قادتها كانت أقوى من كل محاولة تركيع، فبعد الطوربيد البحري، و صواريخ أرض جو، و طائرة الاستكشاف المستنسخة من الطائرات الأمريكية التي أنزلتها رادارات إيران صاغرة، تعلن اليوم الدولة الاسلامية عن دخولها نادي صناعة الطائرات الحربية عن جدارة.
إلى حد هنا كل شيء عادي لولا عقلي المهووس بالمقارنات " سامحه الله " و الذي انبرى في مقارنة عقيمة بين ابداعات الجمهورية الاسلامية و ابداعاة حماة الدين و الدنيا آل سعود و نهيان و ثاني و ثالث و خامس و الحسابة بتحسب...
اتجه عقلي للمقارنة بين سياسة حكام إيران و سياسة حكام السعودية، و لكي أكون منصفا و محايدا استعملت العزيز "غوغل" الأمريكي الذي لا يكذب و لا ينافق كاعلام أبناء عم لنا....
و بعد أن دهشت و صعقت و ذهلت و ضحكت و بكيت تأثرا بما وجدت، إليكم ما وجدت...
- وجدت أن في إيران حكاما يقفون على أبواب الشيوخ، يجلونهم و يبجلونهم يتقربون منهم و يكرمونهم، يتواضعون أمامهم طمعا في تهذيب النفس و الأخلاق.
- و وجدت في السعودية أئمة و علماء تقف على أبواب الملك و حاشية الملك و أهل جد والدين الملك يعرضون بظاعتهم المغموسة في الرياء و النفاق.
فتذكرت المقولة الشهيرة: إذا رأيت العلماء على أبواب الملوك فبئس العلماء وبئس الملوك، وإذا رأيت الملوك على أبواب العلماء فنعم الملوك ونعم العلماء
- وجدت في إيران رئيسا اعتزل مفاتن الدنيا حتى ظهر ذلك في لباسه المهترئ، وجدت حاكمهم أستاذا جامعيا مثقفا لبقا، زاهدا، راتبه يحدده برلمان.
و وجدت ملك السعودية اعتزل العامة و اعتنى بالمظهر و السكسوكة و القامة، درجته العلمية غير معلومة و راتبه يحدده بنفسه دون نص أو فرمان.
- في إيران المرفق العام ملك للشعب في خدمة الشعب، و مقدرات الدولة للشعب و في خدمة الشعب، و ما الحكام إلا مسؤولين و حراس.
في السعودية الدولة و الأرض و ما فوقها و ما تحتها للملك و أبناء الملك و غلمان الملك، و ما الشعب إلا خدام و حراس.
- في إيران الأهمية و الأولوية للعلم و العلماء فبنيت المعاهد و شيدت المخابر فتعلم الشعب و أصبح همه الفوز في مسابقات العلم و جوائز الاختراعات العلمية.
في السعودية الأهمية عدم اقلاق راحة الملك، و لأجل ذلك كرس جهد الشعب للاحتفال ببغلة الملك و ناقة الملك و عنزة الملك و أقيم لذلك مسابقات و احتفلات بالملك و طلعته البهية.
- في إيران كرس رجال الاقتصاد و المال و الأعمال أنفسهم و عقولهم و مالهم للنهوض بوطنهم فكانت استثماراتهم في بلادهم ليرفعوا شأنها بين الدول.
في السعودية كرس أصحاب الفخامات أموال الوطن للملذات و الكاباريهات و التسابق لبناء أحلى القصور و الشاليهات في كل ركن من أركان السواحل و الدول.
بعد هذا لا تلومونا إن عشقنا إيران و قوتها، و احتقرنا الأعراب و خيبتهم.
لا تلومونا فقد سئمنا تخديركم لعقولنا و استعمالكم الدين لترهيبنا و وأد نهضتنا و زيادة مشاكلنا و همومنا.
لا تلومونا إن قلنا تحيا إيران، و لكم وددنا أن نقولها لكم.
لا تلومونا إن صدحنا، طوبى لإيران بأحمدي نجاد.
لا تلومونا إن قرفنا منكم و من غبائكم و عنجهيتكم التي لا مبرر لها سوى أنكم تجلسون على رقاب شعوبكم و مقدراتهم،
تمارسون أسوأ أنواع الخديعة و تمتهنون التدين و العفة لتجعلوهم يتبعونكم صاغرين خانعين خائفين.
لا تلومونا إن رفضنا أن نكون كما شعوبكم قطيعا يقتات من فتات بقايا سهراتكم الماجنة.
شكرا لإيران لأنها وفرت لعقولنا و ضمائرنا فسحة أمل