عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية حيدر القرشي
حيدر القرشي
شيعي حسني
رقم العضوية : 24389
الإنتساب : Oct 2008
المشاركات : 5,056
بمعدل : 0.89 يوميا

حيدر القرشي غير متصل

 عرض البوم صور حيدر القرشي

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : حيدر القرشي المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 10-11-2013 الساعة : 08:59 PM


الدين ليس بكاء فقط بل الدين هو المحبة

فأولئك الذين تصوّروا أن الدين يتمثّل بالبكاء فقط قد وقعوا في اشتباه كبير، فهم رأوا طرفاً واحداً من المسألة، إذ الدين ليس بكاء؛ الدين هو العشق والمحبّة والمودّة والاتّحاد والمعيّة، فهذا ما قالوه لنا: "وهل الدين إلاّ الحبّ والبغض"، البغض للأعداء، والحبّ للأولياء الذين اهتدوا إلى الطريق فهم يأخذون بأيدينا ليوصلونا، أفهل الدين شيء آخر؟ الدين المحبّة، ومودّة أهل البيت عليهم السلام هي أصل وأساس الدين، ولو نزعوا هذه المحبّة منّا فلن يبقى في أيدينا شيء أبداً، فلو أخذوا الآن منّا محبّة صاحب الزمان، فما الذي سيحصل؟ سنصير كالروبوت (الرجل الآلي)، فقط روبوت! هذه المحبّة هي التي تأخذ بأيدينا وتقرّبنا، وهذه المحبّة تجعلنا نحزن في أحزانهم ونشاركهم فيها، فنصير نحن أصحاب المصيبة ويتملّكنا الحزن والأسى لذلك، ونفس هذه المحبّة تجعلنا سعداء في مواليدهم وأفراحهم وتبعث فينا النشاط والحيويّة.
تجد بعض الأشخاص يقرؤون العزاء حتّى في أيّام ولادة الأئمّة عليهم السلام، وهذا تصرّف خاطئ، فميلاد الإمام لا يتناسب مع قراءة العزاء، والأعياد لا تتناسب مع قراءة العزاء، ونظير ذلك ما يفعله بعض الخطباء الذين يصعدون المنبر ويقرؤون أي شعر دون الالتفات إلى المضامين التي يحملها، فإذا قرؤوا شعراً ما ووجدوا أنّه لم يترك أثراً كبيراً في الحاضرين فلا يعجبهم ذلك، فما لم يبدأ الحاضرون بالعويل واللطم على الصدور و... لا يقنعون بذلك، ولهذا ينقلون الكلام ويغيرون مجرى الحديث نحو كربلاء فيحوّلون مجلس الفرح وعيد الأئمّة إلى مجلس عزاء ومصيبة! فالحمد لله أنّ عندنا كربلاء، وإلاّ لا ندري ماذا كانوا سيفعلون؟! ويستمرّ الأمر هكذا لأنّنا ليس لنا عيد ولا فرح كما يزعمون!
الأئمّة كان عندهم عيد وعزاء، وكان عندهم فرح وحزن، وكان عندهم سرور كما كان عندهم همّ وغمّ، فنحن لا نريد الإمام الحسين عليه السلام في الحزن والبكاء فقط، بل نريده بكلّ حالاته وأطواره. افرضوا لو أنّ الإمام الحسين عليه السلام جاء بنفسه، وكان ذلك اليوم من أيّام الفرح والمسرّة، و كان نفس الإمام الحسين عليه السلام فرحاً مستبشراً، فهل نبكي لأجله أيضاً؟! سيقول لنا: أنا نفسي ضاحك مسرور، فلأجل من تبكي؟ فأنا نفسي سعيد و مسرور!!
في مدرسة التوحيد، لا يوجد توقّف وانعدام حركة، ولا يوجد سكون وثبات، وليس من المقبول أن تكون الحركة على أساس محور واحد، بل هناك العديد من المحاور في مدرسة التوحيد يجب على الإنسان أن يجرّبها ويعبر عنها. وهكذا يمكن للإنسان أن يتحرّك ويعبر ويرتقي، لا أن يحبس نفسه عند هذه المسألة دون أن يتجاوزها.
إنّ الإمام عليه السلام هو حقيقة الربط بين الله والمخلوقات، وهذا المعنى هو الذي يجب أن نصل إليه، وهذه هي النكتة التي ينبغي أن نصل إليها، وإلاّ فإنْ نظَرنا إلى الإمام عليه السلام من نافذة الغمّ والحزن والمصائب التي حلّت عليه فقط، فلن نتمكّن من أن نجرّب بقيّة الجوانب.. لن نقدر على ذلك؛ لأنّنا حصرنا أنفسنا في جانب واحد.
لقد ذكرت سابقاً للإخوة الأعزّاء في إحدى مجالس شرح حديث عنوان البصري الماضية (ولا أدري إن كنتم تذكرون ذلك أم لا)، قلت لهم: لو أنّ سيّد الشهداء عليه السلام لم تحصل له واقعة كربلاء، ومضى من الدنيا بأحد أسباب الوفاة الطبيعيّة كالمرض أو السكتة القلبية أو نحو ذلك من العلل الظاهريّة، فماذا كنّا سنصنع؟ هل كان ذلك باعثاً على انقطاع الطريق بيننا وبين الله سبحانه؟ لا، لا ينبغي ذلك. فسيّد الشهداء قد ارتحل من الدنيا وانتهى الأمر، فماذا نفعل نحن في هذا الوضع؟ لنفرض أنّه مات بأحد هذه الأسباب الظاهرية.
نحن نعلم أنّ جميع الأئمّة عليهم السلام قد استشهدوا كلّهم إمّا بالسمّ أو قتلاً بالسيف، بل إنّ رسول الله نفسه قد مات شهيداً بالسمّ... لقد سمّتاه وقتلتاه؛ «والله لقد سمّتاه» كما قال الإمام الصادق عليه السلام، فحتّى رسول الله قتلوه، وقتلوا ابنته عليها السلام، ومن الذي قتلها؟ قتلها أولئك الذين يقال عنهم أنّهم من "مفاخر الإسلام"! يقتلون بنت رسول الله من أجل حفظ الإسلام! يا للروعة.


هل الموت الطبيعي منقصة للإمام

ولكن افرضوا أنّ الأئمّة عليهم السلام كانوا مثلنا من حيث طريقة الوفاة، فكما نتأثّر نحن بهذه العلل الظاهريّة التي يصيبنا الموت على إثرها، افرضوا أنّ الأئمّة عليهم السلام قد ارتحلوا من الدنيا بنفس الطريقة.. كيف توفّي السيّد الوالد؟ لقد توفّي بالسكتة القلبيّة كما هو معلوم، فهل كان ينبغي أن يموت شهيداً؟ من قال ذلك؟ وكيف ارتحل سماحة السيّد الحدّاد ـ رضوان الله عليه ـ من هذه الدنيا؟ ارتحل بواسطة هذه الأمراض والعلل الظاهرية؛ فقد كان في المستشفى ولم يسمحوا له بالخروج بسبب حالته، ثمّ في آخر الأمر طلب سماحته من الطبيب أن يسمح له بالخروج والذهاب إلى المنزل، فلم يقبل الطبيب بذلك، لكنّه قال له: أنا لن أعيش بعد هذه الليلة، فخذوني إلى منزلي إذ لا فائدة من بقائي هنا، فسمحوا له بذلك وأخذوه إلى المنزل... وكيف ارتحل سماحة السيّد القاضي ـ رضوان الله عليه ـ من الدنيا؟ لقد مات بمرض الاستسقاء أو الذي يسمّى هذه الأيّام بالتهاب الكبد الوبائي. حسناً، فهل يجب أن تكون وفاة الأشخاص ذوي المراتب العالية بطريقة غير عادية؟! نحن نسمع بعض التعبيرات غير اللائقة أحياناً، إذ تسمع بعضهم يقول: إنّ موت "فلان" على فراش المرض قليل بحقّه! لماذا تقول عنه أنّه قليل؟! و من الذي يدّعي أنّ الإنسان حتماً يجب أن يرتحل عن هذه الدنيا بطريق خاصّ؟! ألم يرتحل كلّ أولئك العظماء بهذه الكيفية العاديّة؟! بل إنّ نفس أولئك الذين قالوا هذا الكلام، ألم يموتوا بهذه العلل الظاهرية العاديّة ؟! فما الذي حصل حينئذٍ؟ لا شيء.. لم يحصل شيء، فالله سبحانه و تعالى هو الذي ينتخب هذا الطريق أو ذاك؛ فهذا الشخص ينبغي أن يرتحل بسبب هذا المرض أمّا الشخص الآخر فقد اختار الله له طريقاً آخر للموت، و شخص آخر مثلاً كُتب له أن يرتحل عن الدنيا في ميدان الحرب و القتال.

من أحب عمل قوم أشرك في عملهم

فبالنسبة للمرحوم العلاّمة الذي كان وليّاً إلهيّاً: هل يعني ارتحاله بالسكتة القلبيّة أنّه لن يعطى ثواب الجهاد والشهادة في سبيل الله؟! طبعاً سيعطى، بل إنّه سيحصل على أعلى درجاتهما! لماذا؟ لأنّ عنده وحدة ومعيّة؛ فهذا الشخص لو كان موجوداً في ليلة عاشوراء، ولو كان هذا الشخص من ضمن الحاضرين في ليلة عاشوراء، فهل كان سيهرب مع من هرب في ظلام الليل؟ أم أنّه كان سيبقى ويثبت حتّى النهاية، وسيصنع كما صنع زهير بن القين وبقيّة الأصحاب الأوفياء، عندما قالوا للإمام عليه السلام: لو قتلونا ثم أحرقونا ثم صنعوا ذلك بنا سبعين مرّة لما تركناك أبداً؟ إلى أيّ الفريقين كان سيميل؟ مثل هذا الشخص كان سيثبت قطعاً، وبالتالي فهو مع هؤلاء الأصحاب وهو منهم، ولا فرق بينهم إلاّ أنّه قد ولد بعد ألف ومائتين أو ألف وثلاثمائة عام، وهذا الأمر لم يكن بيده ولا اختيار له فيه. أوَهل وقت ولادتنا في هذه الدنيا كان باختيارنا؟ كلاّ. وبالتالي فلو قلنا للإمام الحسين عليه السلام يوم القيامة: ما هو ذنبنا إذ لم نكن حاضرين في يوم عاشوراء، مع أنّنا لو كنّا هناك لفعلنا كما فعل الأصحاب، فلماذا لا يعطينا الله من الثواب كما أعطاهم؟ لو سألناه هذا السؤال فماذا يمكن له أن يجيبنا؟ هل سيقول: لم تحصلوا على الثواب لأنّكم لم تكونوا هناك..؟ سنجيبه: وهل الوجود في ذلك الزمان بأيدينا وباختيارنا؟! لقد كان بإمكانك أن تمتحننا، فقد كان بإمكانك أن تجعلنا في ذلك الزمان معك وتختبرنا لترى: هل كنّا سنهرب مع الهاربين أم أنّنا كنّا سنبقى ونثبت مع أولئك الأصحاب الذين ثبتوا ورابطوا دون أن يحصل في قلبهم ذرّة واحدة من الاضطراب أو الشكّ أبداً؟! عندئذٍ سيقول الإمام عليه السلام: ها! لقد جلستُ مجلس الحقّ.. وأنا جالس في مجلس الإنصاف والعدل؛ فإن كنت ترى نفسك وتحسّ من نفسك أنّك في هذه الموقعيّة... (ها هنا يأتي قولهم: «من رضي بعمل قوم فهو منهم». )، إن كنت تحس نفسك في هذه الموقعيّة ...
إنّ هذا هو الإحساس الذي أدعو الإخوة إلى تحصيله في مجالس العزاء، لا أن نصرخ و نحدث جلبة كبيرة، فإحداث الجلبة لن يحصّل هذا الإحساس للإنسان. هل فهمتم ما هي القضيّة؟
أذكر عندما ذهبنا مع المرحوم الوالد ـ رضوان الله عليه ـ إلى الحجّ أوّل مرّة، كان معنا بعض الأشخاص المنتمين إلى بعض أهمّ الهيئات في طهران، كان هؤلاء الأشخاص من المؤسّسين و المدراء لتلك الهيئات، وكانوا معنا في نفس الحملة، وكان عمري آنذاك سبعة عشرة عاماً، و أذكر بنفسي أنّنا كنّا جالسين نتحدّث ذات ليلة فقال لي أحد هؤلاء الأشخاص (وكان يتحدّث عن مراسم الاحتفالات في النصف من شعبان، والمراسم الكبيرة التي أقاموها بهذه المناسبة، ولن أذكر مزيداً من التفصيل حتّى لا يتسبّب ذلك بالأذى لأحد، لأنّ قصدنا هو إيصال الفكرة فقط)، قال لي: يا فلان، إنّني في ذلك الوقت لم أنزع حذائي من رجلي لمدّة ثلاثة أيّام من أجل الإمام صاحب الزمان عليه السلام! فقلت له: ولكن يا رفيقي، كيف كنت تصلّي إذاً؟ فقال: الصلاة؟؟ لا صلاة هنا، هنا يوجد إمام الزمان وفقط، ضع الصلاة جانباً الآن! فالصلاة يمكن أداؤها في أي وقت.
أيُّ إمام زمان هذا الذي يضيّع لك صلاتك؟! وأيُّ إمام زمان هذا الذي جعلك تتخلّف عن أداء تكليف واجب؟! كان يقول: (أقسم بنفس الإمام أنني لم أنزع حذائي لمدّة ثلاثة أيّام!)، ولا أدري كيف كان ينام إن كان صادقاً فيما يقول.. إذ إنّه يلزم أن نفكّر في ما يقوله وكيفيّة فعله لذلك.. هو أدرى على كلّ حال.
حسناً، إمام الزمان هذا الذي يأتي ويسلب من الإنسان صلاته الواجبة: هل ينفعنا؟ أليس هذا خيالاً في خيال؟ ما هو هذا التصرّف؟ إنّه التوقّف عند إمام الزمان، ولكن إمام الزمان التخيّلي لا الواقعي، فإمام الزمان الواقعي يقول لنا: ليس من الضروري أن تلقي بنفسك في المشقّة والحرج من أجلي بهذا الشكل، بل ينبغي أن يكون عملك على أساس مدروس وبناء على الموازين، وبدون الصخب والجلبة، وبدون تمثيل وتنافس مع الآخرين، فإن أردت المشاركة والمساعدة فليكن ذلك بمقدار أربع أو خمس ساعات في اليوم بحيث لا يؤثّر ذلك على زوجتك وأولادك، فلا ينبغي أن تقصّر بحقّهم ولا بحقّ أصدقائك، كما ينبغي أن تتناول غذاءك وتحافظ بشكل عامّ على نظام حياتك، وبعد ذلك إن أردت أن تأتي من أجلي لمدّة أربع أو خمس ساعات للمساعدة في إقامة هذه الشعائر فلا بأس. فما معنى أن تبقى ثلاثة أيّام دون أن تضع رداءك أو تنزع حذاءك؟! ولأيّ شيء هذا؟!
هذا الأمر بعينه ينطبق علينا بالنسبة إلى مصيبة الإمام الحسين عليه السلام، فذاك بتلك الطريقة ونحن بهذه الطريقة، نحن نتخيّل أنّه مهما طالت المشاركة وزادت فإنّ نصيبنا سيكون أكبر! بينما يقول لنا الإمام الحسين عليه السلام: ليس من الضروري أن تكونوا هناك.. ليس من الضروري أن تكونوا حاضرين في كربلاء، ولكنّ السؤال هو: هل عندك الشعور والإحساس بأنّك لو كنت معي لقدّمت نفسك فداءً لي؟ هنا ينبغي أن ألاّ نستعجل في الإجابة، بل ينبغي أن نطلب منه المهلة للتفكير في الأمر، فلا ينبغي أن نتحمّس ونقول: نعم يا بن رسول الله ! لا، لا تستعجل بالإجابة، بل اذهب وتفكّر، وقيّم حالتك وادرس موقعيّة سيّد الشهداء عليه السلام، وانظر إلى قيمة الدنيا واعتباريّاتها وما فيها من المجاز عندك، ادرس كلّ نقطة من هذه النقاط بالتفصيل، ورتّب الأمور بشكل صحيح.
أين ينبغي للإنسان أن يتعلّم هذه الأمور؟ ينبغي أن يتعلّمها في مجالس الإمام الحسين عليه السلام! أما الضرب على الرأس فلا ينفع في ذلك، لأنّ الضرب على الرأس لا يوجد هذه المسائل في رؤوسنا.


توقيع : حيدر القرشي
بِنْتُ مَنْ أُمُ مَنْ حَلِيلَةُ مَنْ *
ويْلٌ لِمَنْ سَنَ ظُلْمَهَا وأَذَاهَا
لا نَبِيُ الهُدَىَ أُطِيعَ ولا *
فاطمةٌ أُكْرِمَتْ ولا حَسَنَاهَا
ولأي الأمور تدفن سرا *
بضعة المصطفى ويعفى ثراها
فرار الدمشقية من المناظرة!!
من مواضيع : حيدر القرشي 0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 شبهة : مـعصــــوم يــؤذي طــائــر الخـــطاف و معصـــوم ينهـيـــه!
0 كيفيّة إحياء مجالس عزاء سيّد الشهداء عليه السلام
0 حوار هادئ حول الامامة
0 عيد الغدير يوم غلبة العقل على الإحساسات
رد مع اقتباس