عرض مشاركة واحدة

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.39 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 3  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : منتدى العقائد والتواجد الشيعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 02-04-2019 الساعة : 12:19 AM


السؤال: الأدلة على عصمة الانبياء (عليهم السلام)
إني إثنا عشري و لله الحمد، ومن القائلين بعصمة الأنبياء و أطلب منكم شاكراً معرفة أدلة عصمة الأنبياء وعلاقتها مع الآية التالية :
((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين، قال رب إني ظلمت نفسي فاغفر لي فغفر له إنه هو الغفور الرحيم))
وقول النبي موسى (ع) : ((إني ظلمت نفسي فاغفر لي)) .
الجواب:

إن الأدلّة على عصمة الانبياء كثيرة، فقد ذكر المحقق الطوسي ثلاثة منها (راجع كشف المراد/274)، وأضاف إليها القوشجي دليلين آخرين (شرح التجريد/358) ، وذكر الايجي تسعة أدلة (المواقف359_360) . ونقتصر في هذا المجال على ذكر دليلين هما :1- الوثوق فرع العصمة
إنّ التبليغ يعمّ القول والفعل، فكما في أقوال النبي تبليغ فكذلك في أفعاله، فالرسول معصوم عن المعصية و غيرها لأنّ فيها تبليغاً لما يناقض الدين و هو معصوم من ذلك .
ولا يفتقر ذلك على زمن البعثة فقط وإنّما يشمل ما قبلها أيضاً لأنّه لو كانت سيرة النبي غير سليمة قبل البعثة فلا يحصل الوثوق الكامل به وإن صار إنساناً مثاليّاً.
إذن فتحقق الغرض الكامل من البعثة رهن عصمته في جميع فترات عمره.2- التربية رهن عمل المربّي
إنّ الهدف العام الذي بعث الأنبياء لأجله هو تزكية الناس و تربيتهم و معلوم (أن فاقد الشيء لا يعطيه) فلذا لابد من التطابق بين مرحلتي القول والعمل، وهذا الأصل التربوي يجرّنا الى القول بأن التربية الكاملة المتوخاة من بعثة الأنبياء لا تحصل إلّا بمطابقة أعمالهم لأقوالهم فانّ لسوابق الأشخاص وصحائف أعمالهم الماضية تأثيراً في قبول الناس كلامهم وإرشاداتهم . أمّا ما ذكرته بالنسبة للآيات المباركة من سورة القصص، فإن الأصل في الأنبياء العصمة والأدلة من القرآن والسنة والعقل صريحة بالعصمة، وكل ما ورد ظاهره مناف للعصمة، فلابد من البحث عن التأويل له و فهم معناه.
فقد جاء في (عيون أخبار الرضا (ع)) باسناده إلى علي بن محمد بن الجهم قال : حضرت مجلس المأمون و عنده الرضا (عليه السلام)، فقال له المأمون : يا بن رسول الله، أليس من قولك : إنّ الأنبياء معصومون ؟ قال : بلى . قال : فأخبرني عن قول الله: ((فوكزه موسى فقضى عليه قال هذا من عمل الشيطان)) (القصص 15).
قال الرضا (عليه السلام) : إنّ موسى (ع) دخل مدينةً من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها، وذلك بين المغرب والعشاء، فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته و هذا من عدوّه، فقضى على العدو بحكم الله - تعالى ذكره - فوكزه فمات، قال : هذا من عمل الشيطان، يعني الاقتتال الذي وقع بين الرجلين لا ما فعله موسى (ع) من قتله (إنه) يعني الشيطان (عدوّ مضلّ مبين) .
قال المأمون : فما معنى قول موسى: (( ربّ إنّي ظلمت نفسي فاغفر لي )) 16؟
قال : يقول : وضعت نفسي غير موضعها بدخول هذه المدينة، فاغفر لي، أي استرني من أعدائك لئلا يظفروا بي فيقتلوني، فغفر له إنّه هو الغفور الرحيم . قال موسى(ع) : ربّ بما أنعمت علي من القوة حتى قتلت رجلاً بوكزة فلن أكون ظهيراً للمجرمين، بل أجاهدهم بهذه القوة حتى ترضى .
و جعلنا الله و اياك من الموالين في القول والعمل.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
انا اميل الى الالتزام بالنص سواء اتفق مع العقل أم لا
الجواب:
معنى كلامك أنك ترفض الدليل العقلي ولا تقبل به، وتقول أنه في قبال الأدلة النقلية فلذلك ترفض القول بعصمة الأنبياء . ونحن نقول: لو سلمنا معك ذلك فما تقول بالأدلة النقلية التي تثبت العصمة للأنبياء؟ حتماً سيحصل تعارض بين دليل يثبت عصمة الأنبياء ودليل آخر تتصوره ينفي العصمة عن الأنبياء، فلا بدّ عليك أن لا تأخذ فقط بتلك الأدلة التي تتصورها أنها تنفي العصمة عن الأنبياء.
ثم إن الدليل العقلي لا يصح منك ردّه، فإنه إذا ثبت صحته أو قُطع به يكون مقدّماً على تلك الأدلة النقلية التي تقبل التأويل بما ينسجم مع الدليل العقلي. ولا يردّ الدليل العقلي القطعي الإّ السفسطائي.



السؤال: عصمة الأنبياء في رأي الفريقين
هل هناك خلاف بين العلماء حول موضوع عصمة الانبياء. وهل المشهور سابقا خلاف ذلك؟ وشكراً.
الجواب:

ممّا تفردّت به الاماميّة هو القول بوجوب عصمة الأنبياء (عليهم السلام) في أخذ الوحي وايصاله وتطبيقه واجتناب بالمعاصي والذنوب ـ كبيرة كانت أو صغيرة ـ، ولهم في هذا المجال دلائل واضحة وجليّة لا مجال لنا بذكره في هذه العجالة.
واتفّق رأي أهل السنّة على عدم وجوب العصمة إلاّ في تبليغ الرسالة ، حتى أنّ جمهورهم جوزّوا صدور المعاصي من الانبياء (عليهم السلام) ـ والعياذ بالله ـ.
نعم، كان هناك رأي للشيخ الصدوق رحمه الله، وشيخه ابن الوليد في جواز السهو على النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) في الموضوعات التطبيقيّة ـ لا في تبليغ الوحي ولا في الابتعاد عن المعاصي ـ وهذا رأيهما الخاص، ولم يتبعهما في ذلك أساطين الطائفة الشيعية وجمهورها.

تعليق على الجواب (1) تعليق على الجواب
الشيخ الصدوق لم يقل بجواز السهو على النبي , بل قال بجواز الاسهاء للنبي(ص) , بخلاف ما يظهر من الكلام في اجابتكم السابقة و التي بدأ يهرج بها الوهابية على الشيعة , وانا انقل لكم رأي الشيخ السبحاني على قضية السهو , قال في صفحة 302 بعد نقل كلام الشيخ الصدوق :
(( وحاصل كلامه: انّ السهو الصادر عن النبي إسهاء من الله إليه لمصلحة، كنفي وهم الربوبية عنه، وإثبات انّه بشر مخلوق، وإعلام الناس حكم سهوهم في العبادات وأمثالها , وأمّا السهو الذي يعترينا من الشيطان فإنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) منه بريء، وهو منزّه عنه، وليس للشيطان عليه سلطان ولا سبيل. ومع ذلك كلّه، فهذه النظرية مختصة به، وبشيخه ابن الوليد، ومن تبعهما كالطبرسي في (( مجمعه )) على ما سيأتى؛ والمحقّقون من الامامية متفقون على نفي السهو عنه في أمور الدين حتى مثل الصلاة )).
ولقد شاهدت كلاما للعلامة السيد جعفر مرتضى العاملي حول الموضوع مؤداه نفس الكلام , وهو ان الشيخ الصدوق و استاذه ذهبا إلى جواز الاسهاء وليس السهو كما يظهر من كلامهما ( الاسهاء هو من الله لغاية معينه كما هو معلوم ) و قد خالفتهم الطائفه المحقه في هذا الكلام.
هذا و لكم جزيل الشكر لما تقومون به من الذود عن العقائد الحقة .
الجواب:

لم يكن المركز بصدد التفريق بين السهو والاسهاء , وانما كان بصدد بيان مسألة السهو , مع غض النظر عن الدخول في مبحث السهو والاسهاء , والطرف الاخر من جهله بالمباني يعتمد على هكذا مسائل , ولا أقل عليه أن يفرق بين السهو الذي يقع علينا وبين السهو الذي يقع على الأنبياء على رأي من يقول به .
وهنا ننقل نص كلام الشيخ الصدوق (رحمه الله) في آخر باب أحكام السهو في الصلاة من كتابه (من لا يحضره الفقيه 1 / 234 ط دار الكتب الإسلامية ـ طهران) ، لتتضح المسألة : قال رحمه الله : (( إن الغلاة والمفوضة لعنهم الله ينكرون سهو النبي (صلى الله عليه وآله) يقولون : لو جاز أن يسهو (عليه السلام) في الصلاة جاز أن يسهو في التبليغ ، لأن الصلاة عليه فريضة كما أن التبليغ عليه فريضة ، وهذا لا يلزمنا ، وذلك لأن جميع الأحوال المشتركة يقع على النبي (صلى الله عليه وآله) فيها ما يقع على غيره ، وهو متعبد بالصلاة كغيره ممن ليس بنبي ، وليس كل من سواه بنبي كهو ، فالحالة التي اختص بها هي النبوة ، والتبليغ من شرائطها ، ولا يجوز أن يقع عليه في التبليغ ما يقع عليه في الصلاة ...وليس سهو النبي (صلى الله عليه وآله) كسهونا لان سهوه من الله عز وجل ، وإنما هو اسهاه ليعلم أنه بشر مخلوق فلا يتخذ ربا معبودا دونه ، وليعلم الناس بسهوه حكم السهو متى سهوا ، وسهونا عن الشيطان ، وليس للشيطان على النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة (صلوات الله عليهم) سلطان ، إنما سلطانه على الذين يتولونه والذين هم به مشركون وعلى من تبعه من الغاوين ... وكان شيخنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رحمه الله) يقول : أول درجة الغلو نفي السهو عن النبي (صلى الله عليه وآله) ولو جاز أن ترد الأخبار الواردة في هذا المعنى لجاز أن نرد جميع الأخبار وفي ردها إبطال الدين والشريعة ... )) .



السؤال: الأنبياء معصومون حتى لو لم يبعثوا لأحد


أستفيد من عصمة الإمام أو النبي المعصوم بأن أخذ منهم وأنا مطمئن من سلامة ديني ومعتقدي,
والسؤال هو : لا يوجد داعي لعصمة النبي الغير المرسل إذ أني لا استفيد من عصمته شيئا ؟؟؟
أفيدونا والسلام
الجواب:

نفهم من سؤالك أنك تتصور أن هناك نبي لا يرسل إلى مجموعة من الناس, وهذا تصور خاطئ, فجميع الأنبياء إنما بعثوا لأقوامهم ولجماعتهم من بني البشر,فهذه هي وظيفة الأنبياء وهي هداية الناس إلى الدين الحق وإخراجهم من ظلمات الجهل والأوهام إلى نور العلم والمعرفة والإيمان, فهم الواسطة بين الله سبحانه وتعالى وبين البشر ولذا قلنا بوجوب عصمتهم,لأن البشر ملزمين بمتابعتهم في أقوالهم وأفعالهم فإذا كانت أفعالهم وأقوالهم خاطئة فهذا معناه دعوة الناس إلى المسير على الطريق الخاطئ وهذا ما لا يقبل.
ثم أننا لو تصورنا أن هناك أنبياء لم يبعثوا لأحد عن البشر سوى أنفسهم لما دل هذا على عدم عصمتهم, بل يكون هذا الدليل غير تام في حقهم, فليس السبب لعصمة الأنبياء هو حتى لا يتنفر الناس منهم, بل لأنهم وصلوا إلى درجة من التقوى تمنعهم من ارتكاب الذنوب وهذا ما نسميه بالعصمة وإنما نحن نستدل على ان المنفرات لا يمكن صدورها من الأنبياء فإنه لا يعني أنها هي السبب في عصمتهم, فالعصمة هي نتيجة الدرجة الإيمانية العالية التي تكسب صاحبها درجة عالية من التقوى المقرون بالعلم القطعي بعواقب الأمور مما تجعله بعيداً عن الذنوب والمعاصي, والأنبياء جميعاً وصلوا إلى تلك الدرجة العالية فصاروا معصومين حتى لو لم يرسل أحدهم إلى أية جماعة.



السؤال: عصمة الأنبياء (عليهم السلام) ثابتة من البداية وليس بالتدارك

هل إستخدم المولى عز وجل في خطابه مع الانبياء أسلوب الشدة بالتحذير والوعيد ؟!
وما معنى قول الله عز وجل في خطابه إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في بعض المواضع التالية
1- (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ لَّولاَ كِتَابٌ مِّنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:67 - 68)
2- (( وإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً * وَلَولا أَن ثَبَّتنَاكَ لَقَد كِدتَ تَركَنُ إِلَيهِم شَيئاً قَلِيلاً * إِذاً لأذَقنَاكَ ضِعفَ الحَيَاةِ وَضِعفَ المَمَاتِ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ عَلَينَا نَصِيراً )) (الإسراء:86 - 87)
هنا يا اخي الكريم لا أدعى (( على )) عصمة النبي محمد صلى الله عليه وآله , ولكنه أمر ذي شقين !
الملاحظ في الشق الأول أن الله عز وجل استخدم أسلوب شديد اللهجة مع المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الأسرى اولا , ولولا لطف الله وكتاب منه سبق لمسهم فيما أخذوا عذاب أليم ؟!
وفي الاية المباركة الثانية أستخدم المولى عز وجل أسلوب أشد مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في مسألة الركون الى الكفار والميل عن وحي الله ولولا تثبيت الله لقلب الرسول قد سبق الركون والميل اليهم لاذاق الله الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد علينا نصيرا !
أسلوب شديد من المولى عز وجل وتهديد ووعيد واضحين وصريحين في هاتين الايتين للرسول صلى الله عليه وآله وسلم
الشق الثاني ننقله بصفة المقارنة مع خطأ سيدنا آدم ومعصيته , والخطأ الذي كاد أن يتحقق لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
فالرسول صلى الله عليه وآله لم تتحقق في فعله الشروط الواجبة لاطلاق صفة الخطأ , ولم تتحقق شروط المعصية على أعتبار أن امر الأسرى والفعل بهم لم يكن واردا على أساس تشريعي واضح ولم ينهى الله عنه ولكن أيضا لم يوافق عليه والدليل على عدم اكتمال الشروط يتبلور في كلمتين في الاية الاولى (( لولا كتاب من الله - سبق )) - سبق ماذا ؟! سبق حدوث الفعل الخطأ الذي كان سيسخط الله ويغضبه وعليه سيمسهم عذاب عظيم - وهنا تدارك المولى عز وجل للرسول في امر يجهله, وفي الاية الثانية (( ولولا أن ثبتناك لكدت تركن إليهم شيئا قليلا )) وهنا تدارك أيضا من المولى عز وجل الى الرسول للتنبيه , ولولا هذا التنبيه والتثبيت لذاق الرسول ضعف الحياة وضعف الممات ولم يدله على الله نصيرا !!!!
إذا فالخطأين في الايتين لا يمكن وصفهما بالخطأ ..... لعدم تحقق الشروط
1- أنه ليس هناك نية من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لاغضاب الله عز وجل على اعتبار أنه لم يكن هناك نواهي على هذا الامر والامر الذي قام به الرسول مبني على حسن النية وليست نية الفعل المعلوم والمنهي عنه كما فعل سيدنا آدم حين علم النواهي في عدم الاقتراب حتى من هذه الشجرة الا انه كسر هذا النهي واكل من الشجرة ولم يكتفي بالاقتراب فحسب وهو المنهي عنه - وهذا امر آخر يطول فيه الشرح سأتجنبه .
2- لم يتحقق فعل العمل ولا نتيجته والدليل كلمة الله (( سبق )) و أسلوب النهي (( ما )) ونزول الاية ومن الواضح منها أنها نزلت في وقت الحدث قبل أن تتم النتيجة (( لولا كتاب من الله سبق لمسكم - فيما أخذتم -))
ولكن عند سيدنا آدم قد تحقق فعل العمل ان بادر إلى أكل التفاحة وتضمنته النتيجة أن طفقا يخصفان على أنفسهم , بدت لهما سوئاتهما , وأهبطهما الله الى الارض بعضهم لبعض عدو , حيث عصى آدم ربه , حيث تاب الله عليه بعد ان تلقى آدم نفسه من الله كلمات ليتوب عليها !
وهنا تتحقق العصمة للرسول صلى الله عليه وآله وسلم في حين انها لم تتحقق لآدم عليه السلام فالله قد عصم الرسول من الزلل بالوعي والسهو , بالمعرفة والجهل معا وهذا ما لم يحدث لأدم عليه السلام
وهناك امثلة كثيرة يا اخي حول تدارك المولى سبحانه للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهذه حكمة إلاهية يختص بها رسولنا وقدوتنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم
فقد بعث للناس كافة ولا نبي بعده ودين محمد خاتم الاديان وجامعها , فالعصمة للرسول صلى الله عليه وآله امر واجب ومحتم فمليارات البشر وآلالف السنين ستخلف هذا الرسول الكريم وعليه فإن هذا النبي سيكون دستورا شاملا (( يجب )) عليه أن يكون خاليا من الشوائب (( بالمطلق ))
خذ مثالا آخر لهذا التدارك الالهي للرسول صلى الله عليه وآله وسلم وهو ما أتى في سورة التحريم (( رغم )) أن الرسول في حادثة التحريم لم يكن يقصد به العموم بل كان يقصد به الخاص على نفسه بتحريمه على نفسه ما أحله الله والدليل مخاطبة المولى للرسول بصفة الخصوص والمباشرة
(( بسم الله الرحمن الرحيم * يا أيها النبيُ لم تُحرّمُ ما أحلَّ اللهُ لك تبتغي مرضاة أزواجك )) - وهنا أبتعد المولى في الاسلوب عن الشدة وأستخدم أسلوب الملاطفة التنبيهية ليدرك الرسول في عدة امور
1- إن الرسول كما قلت سابقا هو قدوة ومتبع في كل أمر يحدثه أو يقوله لان (( لا ينطق عن الهوى )) وعليه فإن بقية من مع الرسول سيتبعونه , وبما أنه حرم على نفسه ما احل الله , وبما أن زوجته أفشت السر فهذا يعني أنه ربما ينتشر خارجا ويتخذه الاصحاب منهاجا لهم بأن يحرموه على أنفسهم أيضا فنزلت هذه السورة !
2- تخليص الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من (( يمينه )) , والحلف باليمين على البشر العاديين امر واجب فما بالنا لو كان الحالف باليمين هو الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم وذلك في قول الحق جل في علاه (( قَد فَرَضَ اللَّهُ لَكُم تَحِلَّةَ أَيمَانِكُم وَاللَّهُ مَولَاكُم وَهُوَ العَلِيمُ الحَكِيمُ ))
ومن هذه الامثلة نفهم أمر مهم أن الله سبحانه وتعالى كما قلت أثبت العصمة للرسول محمد صلى الله عليه وآله وسلم بتداركه المستمر , ولم يثبتها على سيدنا آدم عليه السلام
والصلاة والسلام على أِشرف الخلق والمرسلين سيدنا وحبيبنا محمد المصطفى الأمين وعلى اهل بيته الطهرين الميامين وأصحابه المنتجبين وعلى الانبياء اجمعين وسلم تسليما كثيرا
الجواب:

معنى قوله تعالى: (( مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )) (لأنفال:67).
ليس كما تصورتموه، بل ان التفسير المناسب له هو أن الآية الكريمة إنما نزلت في التنديد بالذين كانوا يودون العير وأصحابه على ما حكاه الله تعالى عنهم في قوله ـ عن هذه الواقعة ـ عزّ من قائل: (( وَإِذ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحدَى الطَّائِفَتَينِ أَنَّهَا لَكُم وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيرَ ذَاتِ الشَّوكَةِ تَكُونُ لَكُم وَيُرِيدُ اللَّهُ أَن يُحِقَّ الحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقطَعَ دَابِرَ الكَافِرِينَ )) (لأنفال:7), وكان النبي(ص) قد استشار أصحابه فقال لهم (كما هو مذكور في السيرتين الحلبية والدحلانية وغيرهما من الكتب المشتملة على هذه الواقعة): إن القوم قد خرجوا على كل صعب وذلول فما تقولون؟ العير أحب إليكم أم النفير؟ قالوا: بل العير أحب إلينا من لقاء العدو، وقال بعضهم حين رآه (ص) مصّراً على القتال: هلاّ ذكرت لنا القتال لنتأهب له؟ إنا خرجنا للعير لا للقتال؟ فتغير وجه رسول الله (ص) فأنزل الله تعالى: (( كَمَا أَخرَجَكَ رَبُّكَ مِن بَيتِكَ بِالحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ المُؤمِنِينَ لَكَارِهُونَ * يُجَادِلُونَكَ فِي الحَقِّ بَعدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى المَوتِ وَهُم يَنظُرُونَ )) (لأنفال:5 - 6).
وحيث أراد الله عز وجل أن يقنعهم بمعذرة النبي (ص) في إصراره على القتال، وعدم مبالاته بالعير وأصحابه، قال عزّ من قائل (( مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ )) (التوبة:113) من الأنبياء المرسلين قبل نبيّكم محمد (ص) (( أَن يَكُونَ لَهُ أَسرَى حَتَّى يُثخِنَ فِي الأَرضِ )) (الأنفال:67) فنبيكم لا يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض على سنن غيره من الأنبياء (عليه السلام) ولذلك لم يبال إذ فاته أسرى أبي سفيان وأصحابه حين هربوا بعيرهم إلى مكة، لكنكم أنتم (تريدون) إذ تودون أخذ العير وأسر أصحابه (( عَرَضَ الدُّنيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ )) (الأنفال:67) باستئصال ذات الشوكة من اعدائه (( واللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ )).
والعزة والحكمة تقتضيان يومئذ اجتثاث عز العدو، وإطفاء جمرته، ثم قال تنديداً بهم (( لَولا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ )) (الأنفال:68) في علمه الأزلي بأن يمنعكم من أخذ العير، وأسر أصحابه لأسرتم القوم وأخذتم عيرهم، ولو فعلتم ذلك (( لَمَسَّكُم فِيمَا أَخَذتُم )) (لأنفال:68) قبل أن تثخنوا في الأرض (( عَذَابٌ عَظِيمٌ )) (الأنفال:68). (انظر هذا التفسير للآية الكريمة في كتاب النص والاجتهاد للسيد شرف الدين ص322).
وأما قوله تعالى: (( وَإِن كَادُوا لَيَفتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوحَينَا إِلَيكَ لِتَفتَرِيَ عَلَينَا غَيرَهُ وَإِذاً لَاتَّخَذُوكَ خَلِيلاً )) (الاسراء:73), فهو أيضاً ليس كما تصوره الأخ السائل، وانما هذه الآية ومثيلاتها التي وردت في القرآن الكريم والتي فيها عتاب للنبي(ص) انما نزلت بلسان (بإياك أعني واسمعي يا جارة)، روى الشيخ الكليني بسنده عن الامام الصادق(ع) قال: ((نزل القرآن إياك اعني واسمعي يا جارة) وفي رواية أخرى، عن ابي عبد الله(ع) قال: معناه ما عاتب الله عز وجل به على نبيّه(ص) فهو يعني به ما قد مضى في القرآن مثل قوله: (ولولا ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً) عنى بذلك غيره)). انتهى (الكافي 2: 631) .
هذا هو التفسير المناسب لهذه الآيات الكريمة، فالعصمة ثابتة من أول الأمر للأنبياء(ع) وليست بالتدارك كما يشير الأخ السائل إليه وقد اثبت العلماء الأعلام كل هذه المباحث الدقيقة في عصمة الأنبياء والآيات التي قد يستفاد من ظهورها ما يخدش في هذه العصمة في كتب مفصلة



السؤال: عصمة الأوصياء للأنبياء السابقين
السلام عليكم ورحمة الله..ارجو من حضرتكم توضيح الأتي : نحن الشيعة نعتقد بعصمة الانبياء والأئمة عليهم السلام بما توجد هنالك من الأدلة العقلية والنقلية .. لكن هل عامة الأوصياء ايضأ معصومون?: يوجد لدينا هذا الحديث في البحار: ( الانبيآء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم لانهم معصومون مطهرون ) وجزاكم الله خيرآ
الجواب:

الاستدلال على عصمة الأوصياء يأتي من عدة طرق منها:
1ـ الأخبار الصريحة التي أشارت إلى ذلك، منها ما ذكرته في البحار والذي نقله عن الخصال في رواية للإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وفي قصص الأنبياء للراوندي، رواية عن الصادق (عليه السلام) قال فيها: (لو لم تقبل شهادة المقترفين لما قبلت إلا شهادة الأنبياء والأوصياء، لأنهم معصومون دون سائر الخلق...).
2ـ أنهم حجة الله على الخلق بعد مفارقة النبي لهذه الدنيا لأن الأرض لا تخلو من حجة وحجة الله لا يكون إلا معصوماً وعلى ذلك تدل بعض الأخبار كما عن الصادق (عليه السلام)، (ولا يتخذ على خلق حجة إلا معصوماً).
3ـ أنهم مسددون بروح القدس كما يشير إلى ذلك خبر أبي جعفر (عليه السلام) فيه قال: يا جابر أن في الأنبياء والأوصياء خمسة أرواح، روح القدس يا جابر عرفوا ما تحت العرش إلى ما تحت الثرى ثم قال: يا جابر أن هذه الأربعة يصيبها الحدثان إلا روح القدس فإنها لا تلهو ولا تلعب.
4ـ إن طاعة الأوصياء فرض في أعناق الأمم، والذي يجب طاعته لابد أن يكون معصوماً، والذي يدل على وجوب طاعتهم قول أمير المؤمنين عليه السلام (ان الله عز وجل يمتحن الأوصياء في حياة الأنبياء في سبعة مواطن ليبتلي طاعتهم، فإذا رضي طاعتهم ومحنتهم أمر الأنبياء أن يتخذوهم أولياء في حياتهم وأوصياء بعد وفاتهم ويصير طاعة الأوصياء في أعناق الأمم ممن يقول بطاعة الأنبياء...).
5ـ نقل بعض العلماء أن الأنبياء والأوصياء معصومون للإجماع والأخبار الكثيرة على ذلك.
6ـ إن العصمة من قبيل العلم أنظر الميزان ج11 ص 162 قال تعالى مخاطباً نبيه (صلى الله عليه وآله وسلم) (وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّآئِفَةٌ مُّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاُّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً).
وقوله تعالى حكاية عن يوسف: (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ)، وأن الأوصياء ورثوا جميع العلوم من الأنبياء، فعن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه قال: لم يمت نبي إلا وعلمه في جوف وصية وإنما تنزل الملائكة والروح في ليلة القدر بالحكم الذي يحكم به بين العباد، قال السائل وما كانوا علموا ذلك الحكم؟
قال: بلى قد علموه ولكن لا يستطيعون أمضاء شيء منه حتى يؤمروا في ليالي القدر كيف يصنعون إلى السنة المقبلة.
7ـ إن الأنبياء والأوصياء من عباد الله المخلصين ـ كما في الأخبار ـ كما يذكر ذلك النراقي في مستند الشيعة ج15 ص 198 والمخلصون لا تنالهم غواية الشيطان كما يذكر ذلك القرآن بقوله: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ)، والذي لا تناله غواية الشيطان لا يصدر منه الذنب




السؤال: لا تناقض بين العصمة وقصص الأنبياء في القرآن
بسم الله خير الأسماء
نذهب نحن الشيعة الى عصمة الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام أجمعين فإذا سلمنا بذلك فما هو تفسير خروج أبونا آدم و أمّنا حوّاء من الجنة وما هو تفسير بقاء نبي الله يونس في بطن الحوت مدة من الزمن وكذلك قصة نبي الله موسى التي ورد اجابة عليها في صفحتكم ،ألا ينافي ذلك عصمة الأنبياء أودّ معرفة الاجابة بمزيد من التفصيل ....
الجواب:

يشير العلاّمة الحلي (رحمه الله) الى رأي الإمامية حول عصمة الانبياء (عليهم السلام) بقوله : ذهبت الإماميّة كافّة الى أنّ الانبياء معصومون عن الصغائر والكبائر منزّهون عن المعاصي قبل النبوة وبعدها على سبيل العمد والنسيان وعن كلّ رذيلة ومنقصة وما يدل على الخسة والضعة ، وخالفت أهل السنة كافة في ذلك وجوّزوا عليهم المعاصي ….
وعلى هذا يمكن توجيه خروج أبينا آدم (ع) وأمّنا حوّاء من الجنة بأنّ الخروج من الجنّة ليس عقاباً ـ على معصيتهما وهما منزّهان منها ـ لأنّ سلب اللذّات والمنافع ليس بعقوبة وإنّما العقوبة هي الضرب والألم الواقعان على سبيل الاستخفاف والاهانة ، وكيف يكون من تعبدنا الله فيه بنهاية التعظيم والتبجيل مستحقاً منّا ومنه تعالى الاستخفاف والاهانة .
فان قيل : فما وجه الخروج ان لم يكن عقوبة ؟
قلنا : لا يمتنع ان يكون الله تعالى علم أن المصلحة تقتضي تبقية آدم (ع) في الجنّة وتكليفه فيها متى لم يتناول من الشجرة فمتى تناول منها تغيّرت الحال في المصلحة وصار إخراجه عنها وتكليفه في دار غيرها هو المصلحة . وإنما وصف إبليس بأنّه مخرج لهما من الجنة ـ فأخرجهما مما كانا فيه ـ البقرة 36 ـ من حيث وسوس اليهما وزيّن عندهما الفعل الذي يكون عند الإخراج .
ثم لا يخفى ان المعصية هي مخالفة الأمر ، والأمر من الحكيم تعالى قد يكون بالواجب والمندوب معاً فلا يمتنع على هذا أن يكون آدم (ع) مندوباً الى ترك التناول من الشجرة ويكون بمواقعتها تاركاً نفلاً وفضلاً وغير فاعل قبيحاً ،وليس يمتنع أن يسمى تارك النفل عاصيا كما يسمى بذلك تارك الواجب . وفي هذا المجال نذكر هذه الرواية الشريفة :
روى الصدوق أن المأمون العباسي جمع للامام علي بن موسى الرضا (ع) أهل المقالات من أهل الاسلام والديانات من اليهود والنصارى والمجوس والصابئين وكان فيهم علي بن الجهم من أهل المقالات الاسلاميين فسأل الرضا (ع) وقال له : يا بن رسول الله أتقول بعصمة الانبياء؟ قال : بلى ، قال : فما تعمل في قول الله عز وجل : (( وعصى آدم ربَّه فغَوى )) وقوله تعالى : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدرَ عليه )) … فقال مولانا الرضا (ع) : ويحك يا علي إتق الله ولا تنسب الى أنبياء الله الفواحش ، ولا تتأوَّل كتاب الله برأيك ، فان الله عز وجل يقول : ((وما يعلم تأويله إلاّ الله والراسخون في العلم)) .
أما قوله عز وجل في آدم : (( وعصى آدم ربَّه فغوى )) فإنّ الله عز وجل خلق آدم حجة في أرضه وخليفته في بلاده لم يخلقه للجنة وكانت المعصية من آدم في الجنة لا في الارض لتتم مقادير أمر الله عز وجل ، فلمّا أهبط الى الارض وجعل حجّة وخليفة عصمَ بقوله عز وجل : (( إنّ الله اصطفى آدمَ ونوحاً وآلَ إبراهيمَ وآلَ عمرانَ على العالمين )).
وأما قوله عز وجل : (( وذا النون إذ ذهبَ مغاضباً فظنَّ أن لن نقدر عليه )) إنما ظنّ أنّ الله عز وجل لا يضيق عليه رزقه ألا تسمع قول الله عز وجل : (( وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه)) أي ضيّق عليه ولو ظنّ أن الله لا يقدر عليه لكان قد كفر …. (البحار 11 : 73 عن أمالي الصدوق / 55 وعيون الاخبار : 108) .
وأما يونس (ع) إنما بقي في بطن الحوت الى مدّة من الزمن لا لمعصية صدرت منه ولا لذنب ارتكبه والعياذ بالله وإنّما لكون خرج من قومه ـ وهو معرضاً عنهم ومغضبا عليهم بعد ان دعاهم الى الله تعالى فلم يجيبوه إلاّ بالتكذيب والرد ـ ولم يعد إليهم ظانّاً ان الله عز وجل لا يضيّق عليه رزقه أو ظانّاً ان لن يبتلى بما صنع حتّى وصل الى البحر وركب السفينة فعرض لهم حوت فلم يجدوا بدّاً من أن يلقوا إليه واحداً منهم يبتلعه وتنجو السفينة بذلك فقارعوا فيما بينهم فأصابت يونس (ع) فألقوه في البحر فابتلعه الحوت ونجت السفينة ، ثم ان الله سبحانه وتعالى حفظه حيّا في الحوت مدّة من الزمن ، ويونس (ع) يعلم أنّها بليّة ابتلاه الله بها مؤاخذة بما فعل من عدم رجوعه الى قومه بعد ان آمنوا وتابوا فأخذ ينادي في بطن الحوت أن (( لا إله إلاّ انت سبحانك إني كنت من الظالمين )) ـ قيل أي لنفسي بالمبادرة الى المهاجرة ـ فاستجاب الله له ونجّاه من الحوت .
وأما قتل موسى (ع) للقبطي فلم يكن عن عمد ولم يرده وإنّما اجتاز فاستغاث به رجل من شيعته على رجل من عدوه بغى عليه وظلمه وقصد الى قتله ، فأراد موسى (ع) ان يخلصه من يده ويدفع عنه مكروهه فأدى ذلك الى القتل من غير قصد اليه ، وكلّ ألم يقع على سبيل المدافعة للظالم من غير ان يكون مقصوداً فهو حسن غير قبيح ولا يستحق عليه العوض به ، ولا فرق بين ان تكون المدافعة من الإنسان عن نفسه وبين ان يكون عن غيره في هذا الباب والشرط في الأمرين ان يكون الضرر غير مقصود ، وأن القصد كلّه الى دفع المكروه والمنع من وقوع الضرر فإن ادى ذلك الى ضرر فهو غير قبيح .
وفّق الله الجميع للخير والصلاح



السؤال: مسألة خروج آدم(عليه السلام) من الجنة
بسم الله الرحمن الرحيم
إنني من المعتقدين بعصمة الأنبياء عليهم السلام , ولكن المرء يجد في القرآن الكريم عدة آيات لا يجد لها تفسيراً واضحاً للرد على الشبهات , ومن بينها مسألة خروج آدم عليه السلام من الجنة , فإن كان غير مكلف في الجنة كما جاء في تفسيركم فالحال يشمل إبليس عليه اللعنة , إذ أنه خالف الله في مسألة السجود لآدم فلعنه الله .
أما في ما يخص اصطفاء آدم , فما هو تفسير الآية 32 فاطر = ثم أورثنا الكتاب وتذكر الآية : (( فمنهم ظالم لنفسه )) .
الجواب:

إن موضوع عصمة الأنبياء (ع) يعتمد على أدلة عقلية ونقلية ثابتة ومسلمة ـ كما ذكر في محله ـ , ومع النظر الى هذه الأدلة نعرف أنها لا تعتمد في إثباتها على أمثلة وشواهد , أي أنها مستقلة عنها , وبعبارة أخرى : لا يستفاد في إثبات أدلة العصمة من القياس التمثيلي .
وعليه , فلا ترد عليها ـ أي العصمة ـ نقوض من باب الموارد والأمثلة , بل وبحسب القواعد العلمية يجب تفسير تلك الموارد غير الواضحة على ضوء أدلة العصمة , فانه من تفسير وتوضيح المشكوك بالقطعي , وهذا مما يدل عليه الوجدان بالضرورة .
ومما ذكرنا يظهر وجه الدلالة على عصمة آدم (ع) , فيجب علينا أن نفسّر الأحداث والقضايا التي مرّت به (ع) بعد الفراغ والتسليم لعصمته , فلا معنى لورود النقض عليها , هذا أولاً .
وثانياً : عدم تكليف آدم (ع) في الجنة هو أحد الآراء في المسألة , وهناك أقوال أخرى , وعلى سبيل المثال يرى بعضهم أنّ النهي المتوجّه لآدم (ع) من قبل الله عزوجل كان نهياً إرشادياً لا مولوياً , ومعناه عدم صدور معصية منه (ع) في صورة ارتكابه للمنهي , بل مجرد تعرضه لبعض المتاعب والمصاعب تكويناً , وهذا ما قد حدث , فانه (ع) قد هبط إلى الأرض ومارس هو وولده الحياة الصعبة على وجهها إلى يوم القيامة بعدما كان قد تنعم في الجنة بدون تعب ومشقة .
وأما ابليس , فانه كان مكلفاً بالأوامر والنواهي التكليفية , كما يظهر من الأمر بالسجود المتوجّه إليه ومؤاخذته من قبل الله تبارك وتعالى على عدم انصياعه لذلك الأمر .
فبالنتيجة , كان ابليس في عالم التكليف , بخلاف آدم (ع) الذي لم يتوجّه اليه التكليف ـ عموماً أو في خصوص التناول من الشجرة المعينة ـ , أو كان الأمر المتوجه اليه ارشادياً , أو أنه (ع) كان قد ترك الأولى والأفضل .
وبالجملة , فصدور المعصية من إبليس أمر مسلم , لمخالفته الصريحة في مسألة السجود , لكن الذي صدر من آدم (ع) لم تكن مخالفة مولوية , بقرينة عدم مؤاخذته من قبل الله عزوجل . وأما بالنسبة لتفسير آية : (( ثم أورثنا الكتاب ... ))[فاطر:32]، فملخص القول فيه :
أولاً : إن الكتاب المذكور هو القرآن , بدليل أن الآية السابقة تصرّح بهذا المطلب (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... ))[فاطر:31]، فبدلالة السياق نعرف ان المقصود هو القرآن فاللام في (( الكتاب )) للعهد دون الجنس .
ثانياً : اصطفاء آدم (ع) ثابت بحسب النصّ القرآني : (( إن الله اصطفى آدم ونوح ...))[آل عمران:33] .
ثالثاً : هذا الاصطفاء كان بعد هبوط آدم (ع) وتوبته وجعله خليفة الله في الأرض , لا عند إسكانه في تلك الجنة المعينة أو عند أكله للشجرة الممنوعة .
رابعاً : الضمير في (( فمنهم ظالم ))[فاطر:32] فيه احتمالان :
1- أن يرجع إلى (( عبادنا )) باعتبار قاعدة رجوع الضمير الى الأقرب , وعليه فالمعنى يكون واضحاً بلا شك وريب , إذ لا يكون الظالم ـ حينئذ ـ مشمولاً للاصطفاء .
2- أن يرجع إلى (( الذين اصطفينا )) , ولا مانع منه وتصح هذه النسبة ـ نسبة الوراثة ـ إلى الكل مع قيام البعض بها حقيقةً , كما جاء في القرآن (( ... وأورثنا بني إسرائيل الكتاب ... )) [المؤمن: 54] , والحال نعلم أن المؤدين لحق الكتاب والقائمين بأمره آنذاك بعض بني اسرائيل لا جميعهم .
خامساً : كما ذكرنا في مقدمة الجواب فان ظلم آدم (ع) لنفسه لم يكن ظالماً تشريعياً , أي لم يخالف الله عزوجل في أمر تكليفي مولوي يستحق العقاب والمؤاخذة , بل ظلم نفسه بالقائها في المتاعب والمشاكل الدنيوية وإن استدركه بالتوبة والاستغفار والانابة .
سادساً : الظاهر من الآية المذكورة : (( ثم أورثنا الكتاب ... )) أنها بصدد تعريف المصطفين بعد النبي(ص) , بدلالة سبقها بآية: (( والذي أوحينا إليك من الكتاب ... )) , وبقرينة الروايات الواردة عن المعصومين (ع) , فلا تشمل المصطفين من الأمم السابقة , وإن سلمنا باصطفائهم بأدلة عقلية ونقلية أخرى .




السؤال: معنى قوله تعالى: (فعصى آدم ربه فغوى)
ما المقصود بالاية القرانية التالية:
(( فعصى ادم ربه فغوى ))
الجواب:

إن الأمر الإلهي الذي أمر به آدم بعدم الأكل من الشجرة لم يكن أمراً مولوياً بحيث لو خالفه لقدح ذلك الفعل بعصمة آدم (عليه السلام) , بل كان أمراً إرشادياً فإن التكاليف الدينية المولوية لم تكن مجعولة على آدم (ع) في الجنة بعد. (انظر تفسير الميزان ج1/ص145).
يقول صاحب الميزان حول هذه الآية: ( الغي خلاف الرشد الذي هو بمعنى إصابة الواقع وهو خلاف الضلال الذي هو الخروج من الطريق والهدى يقابلهما , ويكون بمعنى الإرشاد إذا قابل الغي كما في الآية التالية , وبمعنى إراءة الطريق أو الايصال على المطلوب بتركيب الطريق إذا قابل الضلال فليس من المرضي تفسير الغي في الآية بمعنى الضلال .
ومعصية آدم إنما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي والإنبياء (عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحى إليهم من جهة تلقيه فلا يخطئون ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون ومن جهة القائه إلى الناس وتبليغه لهم قولا فلا يقولون الإ الحق الذي أوحي اليهم وفعلا فلا يخالف فعلهم قولهم ولايقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة لان في الفعل تبليغا كالقول .
وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه الإ إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحا فاطاعته ومعصيته خارجا ن من مجرى أدلة العصمة , وهو ظاهر .) (انظر تفسير الميزان ,ج 14 / ص222).


تعليق على الجواب (1)
تقولون بأن معصية آدم هي معصية أمر إرشادي لا مولوي.
أوّلاً: من قال بهذا التقسيم في المعاصي! هل ورد في كتاب الله أو قاله رسوله؟
ثانياً: ما معنى أمر مولوي؟
ثالثاً: إذا أخذت عنكم أنّ أدم وهو النبيّ المعصوم عندكم عصى ربّه في أمر إرشادي وهذا ممكن حسب كلامكم، فالعقل يقول بأن هذا النوع من المعصية يمكن أن يقترفه أي معصوم آخر سواء أكان الرسول أو الأئمة الاثنا عشر؛ أليس كذلك؟!
رابعاً: أنتم تعملون العقل في أمور العقيدة وهذا أمر رائع، ولكن العقل لا يقبل أن نبدأ بفرض نعتبره وحدنا صحيحاً حتماً لنصل إلى نتيجة يعتبرها الجميع صحيحة.. فهذا لن يوصل إلاّ إلى نتيجة محدّدة سلفاً ولن يقبل بصحتها إلاّ من أقر بصحة الفرض الذي تم تحديده منذ البداية.. ممّا يعني تعطيل العقل بطريقة ما، أو على الأقل توجيهه في اتجاه محدّد سلفاً.. وهذا المنهج لا يوصل إلى الحقيقة.
العقل يقبل أن يكون هناك خالق معصوم وخلق غير معصومين، بدليل أنّ هذا الفرض تقبله كلّ الفرق الإسلامية.. أما أن تضعوا العصمة كشرط لقبول سلامة أي رواية، فهذا ليس ضمن نطاق العقل بل ضمن نطاق الإيمان.
الجواب:

أوّلاً وثانياً: حتى يتضح لك المقصود بالأمر الإرشادي والأمر المولوي، ننقل لك ما ذكره السيد محمد حسين الطباطبائي في (تفسير الميزان):
((ومعصية آدم ربّه إنّما هي معصية أمر إرشادي لا مولوي، والأنبياء(عليهم السلام) معصومون من المعصية والمخالفة في أمر يرجع إلى الدين الذي يوحي إليهم من جهة تلقيه فلا يخطؤون، ومن جهة حفظه فلا ينسون ولا يحرفون، ومن جهة إلقائه إلى الناس وتبليغه لهم قولاً، فلا يقولون إلا الحقّ الذي أوحي إليهم، وفعلاً فلا يخالف فعلهم قولهم، ولا يقترفون معصية صغيرة ولا كبيرة، لأن في الفعل تبليغاً كالقول، وأما المعصية بمعنى مخالفة الأمر الإرشادي الذي لا داعي فيه إلا إحراز المأمور خيراً أو منفعة من خيرات حياته ومنافعها بانتخاب الطريق الأصلح، كما يأمر وينهى المشير الناصح نصحاً فإطاعته ومعصيته خارجتان من مجرى أدلّة العصمة وهو ظاهر.
وليكن هذا معنى قول القائل: إنّ الأنبياء(عليهم السلام) على عصمتهم يجوز لهم ترك الأولى، ومنه أكل آدم(عليه السلام) من الشجرة، والآية من معارك الآراء، وقد اختلفت فيها التفاسير على حسب اختلاف مذاهبهم في عصمته الأنبياء، وكلّ يجر النار إلى قرصته))(تفسير الميزان ج 14 - ص 222).
ثالثاً: لا ننكر الإمكان، لا سيّما بعد ثبوت أن مخالفة الأمر الإرشادي ليس ذنباً ولا معصية، كما ذكرناه في الفقرة أعلاه.
رابعاً: لسنا نصادر على المطلوب كما تدّعي، وليست العصمة فرضاً نفرضه، فقد دلّ عليها الدليل العقلي والدليل النقلي.


تعليق على الجواب (2)
انتم مخطؤون فيما تقررون في عصمة الانبياء وفيما تردون به على الاخ سامي :
خطاكم فيما تقررون :
1- ان عصمة الانبياء لها غاية (حفظ الرسالة وترغيب المرسل اليهم في القرب من الانبياء) وانتم فيما تقررون يبدوانكم لاتضعون هذا في الاعتبار؟
2- والا ما المانع في عدم عصمة الانبياء فيما لا يؤدي الى تحريف الرسالة ولا الى نفور المرسل اليهم من الانبياء .
3- انتم تتحدثون عن العصمة كما لو كانت الغاية منها رفع الانبياء الى مقام الله تعالى او مقام الملائكة ؟
4- والادهى من هذا انكم جعلتم الامام علي واحدى عشر من نسله معصومين بهذا المعنى المغالى فيه
5- فما الفائدة من عصمة الحكام (الائمة حسب تعبيركم) انهم ليسوا في حاجة لاللعصمة بمعناها الوسط ولابمعناها المغالى فيه فلاهم ينزل عليهم وحي يحتاجون من اجله العصمة ولالزوم لان ينجذب اليهم كل الناس المسلمين وغير المسلمين بل شرعية حكمهم تكفي فيها شورى المسلمين ورضاء جمهورهم ولايضر نفور بعضهم فما بالك بنفور الكافرين
اما الخطا في الرد على السائل:
1- فانتم رغم اجتهادكم في تقسيم الامر الى ارشادي ومولوي (لعلكم تقصدون به تشريعي) فاتكم ان مخالفة امر الله تعالى لاتجوز خاصة لمن كان في مرتبة النبوة .
2- فهل يعقل ان يرفض النبي ارشاد ربه وهو مطالب شرعا بان يعلم الناس صلاة الاستخارة .
3- ردكم على سامي خلاصته ان الانبياء يختارون لانفسهم عكس ما اختار الله لهم ولايعتبر ذلك معصية فهل هذا يستقيم ؟
4- والله تعالى يقول : ما كان لمؤمن ولامؤمنة اذا قضى الله ورسوله امرا ان يكون لهم الخيرة من امرهم
اذا ردودكم غير مقنعة وتقريركم منطلقه عقلي والمسالة شرعية لاعقلية فيجب الرجوع الى القران والسنة وفيهما كما يظهر من حياة الانبياء ان العصمة ليست تاليهية ولا املاكية بل العصمة لها غاية محددة لاتستعي المبالغة والغلو فيها وانتم مع كل الاسف لجاتم الى تاويل الايات مثل قوله تعالى وعصى ادم ربه فغوى تاويلا لالزوم اليه شرعا ولكن عقلا اجزتم لانفسم ذلك التاويل وقد سبق القول ان مرجع المسالة الى النقل وليس الى العقل والفلسفة
الجواب:

حتى لا يتشعب الكلام ويستعصي الفهم ويضيع الجواب، لابد لنا في البدء أن نسألكم عن منافيات العصمة ما هي؟ أي نطالبكم أن تذكروا لنا مصاديق خارجية يتبين بها المعصوم من غير المعصوم؟
وحتى نوفر عليكم الجهد نقول: إن كافة الاخطاء مهما كان نوعها منافية للعصمة، أعم من أن تكون تلك الاخطاء سلوكية عامة أو شرعية خاصة، ومن الامثلة على الاولى: الخطأ في الرأي والحكم، أو التصرف على منهج لا يجيزه العقلاء. ومن الامثلة على الثانية: الكذب والزنا والفحش وسائر المعاصي المعروفة. فكل هذه الأخطاء أو الخطايا قادحة في العصمة، فلو جاز على النبي أن يأتي ببعضها لانتفى الغرض من بعثته، لأنه قد بعث أصلا ليطاع بإذن الله، قال تعالى: (( وَمَا أَرسَلنَا مِن رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذنِ اللَّهِ )) (النساء:64)، فإذا اقترف بعض تلك الاخطاء فلا مورد لطاعته بل تجب مخالفته، وإلا لصار المكلف بتصديق النبي واتباعه مأموراً بفعل الخطأ والمعصية والله تعالى لا يأمر بذلك: (( قُل إِنَّ اللَّهَ لَا يَأمُرُ بِالفَحشَاءِ )) (الأعراف:28).
والأمر بطاعة الرسول مطلق، قال عز من قائل: (( قُل أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الكَافِرِينَ )) (آل عمران:32)، وقال: (( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوا عَنهُ وَأَنتُم تَسمَعُونَ )) (الأنفال:20)... ولذلك كان كل نبي أو رسول قدوة لقومه، فمن يقتدي يا ترى برسول يخطأ ويرتكب المعاصي؟
وأما دعوى أن العصمة لا تجوز إلا لله والملائكة فقول لا دليل عليه، مع أنا لا نسلم جعلكم رتبة الملائكة فوق رتبة الانبياء، بل الانبياء أفضل قطعاً، والادلة على افضليتهم كثيرة يسعك الرجوع إليها في مصادر الفريقين، ومن غير المعقول أن تثبت العصمة للملائكة دون الانبياء مع أن الانبياء افضل منهم.
وأما ربط العصمة بالغلو فمما يثير العجب، فالغلو هو نسبة الألوهية إلى المألوه المخلوق، فهل وجدتم في كلام الشيعة وفي احاديثهم ما يشير إلى أن الأئمة آلهة؟ بل كتبنا مشحونة بأحاديث تثبت عبوديتهم وتذللهم للخالق العظيم، خذ على سبيل المثال ما ورد في بعض ادعية الصحيفة السجادية حينما يقول الإمام زين العابدين: (إلهي أنا ذرة فما دونها)، او ما ورد في زيارات الأئمة الطاهرين التي هي دروس لا مثيل لها في تبيان عبوديتهم لله تبارك وتعالى. ولو كان من يقول بعصمة غير الله تعالى مغالياً لكنتم أول المغالين، لأنكم تقولون بعصمة الملائكة، مع أنهم عليهم السلام عباد كسائر عباد الله عز وجل.



السؤال: لا تنافي بين قوله تعالى: ( همت به وهم بها ) والعصمة
بعد الدعاء لكم بطول العمر والتوفيق والتسديد لكل خير وصلاح نرجو التكرم بالجواب على السؤال التالي :
قال أحد المفسرين عند تفسيره لقوله تعالى : (( وهم بها )) : ( وهكذا نتصور موقف يوسف ، فقد أحس بالإنجذاب في إحساس لا شعوري وهمّ بها استجابة لذلك الإحساس كما همّت به ولكنه توقف وتراجع ) ، علما أنه في مكان آخر يقول أن همّ يوسف هذا الذي كان نتيجة الانجذاب اللا شعوري هو أيضا لا شعوري بل طبعي وأن قصد المعصية من يوسف لم يحصل .
فما رأيكم بقوله هذا ، هل يتنافى مع عصمة الأنبياء عليهم السلام حسب رأي الشيعة في العصمة أم لا ؟ وإن كان جوابكم بأنه مناف لها ، فالرجاء بيان وجه المنافاة .
الجواب:

إنّ ما نقلتموه في تفسير تلك الآية لا يتوافق مع العقيدة الصحيحة في شأن الأنبياء (عليهم السلام) ولمزيد من التوضيح نذكر روؤساً للنقاط الهامّة في هذا المجال :
أوّلاً : إنّ عصمة الأنبياء (عليهم السلام) مسألة ثابتة بالأدلة العقليّة والنقليّة ـ كما ذكر في محلّه ـ ، وعليه فالانجذاب نحو المعصية ـ حتى ولو كان عن غير شعور ـ يتنافى مع مقام العصمة لأنّ العصمة هي الابتعاد عن المعصية والهمّ بها .
ثانياً : إنّ قول ذلك القائل يتعارض مع روايات أهل البيت (عليهم السلام) في هذا المجال ، ففي أكثرها إنّ متعلق الهمّ يختلف عند يوسف (عليه السلام) وامرأة العزيز ، إذ أنّ امرأة العزيز همّت بفعل الفاحشة ولكن يوسف (عليه السلام) همّ بعدم فعلها أو أنّ يوسف (عليه السلام) همّ بضربها أو قتلها إن أجبرته على ذلك .
ثالثاً : على فرض عدم قبول هذه الروايات ـ سنداً أو دلالةً ـ فالآية بظاهرها كافية في ردّ كلام القائل فإنّ (( لولا )) ملحقة بأدوات الشرط وتحتاج إلى جزاء ، فجملة (( همّ بها )) تكون جزاءاً مقدّماً عليها .
وأمّا على تقدير كلام ذلك القائل ، فاللازم أن تكون الجملة هكذا (( فلولا )) أو (( ثمّ لولا )) أي السياق حينئذ يقتضي أن يؤتى بعبارة فصليّة لا وصليّة .



السؤال: يوسف (عليه السلام) همّ بالضرب لا بالفحشاء

رجاء اعطاء تفسير أو توضيح للآية رقم 24 من سورة يوسف في القرآن الكريم من نظرة شيعية وكيف نقدر قبولها مع قبول عصمة الانبياء.
الجواب:

أنت تعلم أن الذين فسّروا ((الهم)) في الآية الكريمة قد اختلفوا في معناها ، إلاّ أن الإمامية قد امتازت بتفسير يحفظ معه عصمة يوسف (ع) ويناسب مقامه ومنزلته عند الله تعالى .
إذ امتداح الله تعالى ليوسف(ع) لا يكون إلاّ بسبب حالة استثنائية تحدث عند الرجال بسبب مدافعة الشهوة وغلبة الهوى حين تكون الأسباب قد أتيحت لهم ، ومثل يوسف(ع) ذلك الفتى الذي مهّدت له حياته وهو بين ظهراني الملكة الفتاة الحسناء الفاتية التي حرصت أن تقترب إلى يوسف(ع) بكل وسيلة فلم تجد منه مطاوعة ولن تحصل على شيء يكون سبباً لمجاذبته طوعاً ، حتى هامت به (( فشغفها حباً )) وهي حالة وصفها القرآن الكريم إن امرأة العزيز قد هامت بيوسف(ع) فلم تجد لذلك سبيلا (( فغلقت الأبواب وقالت هيت لك )) وهي آخر مرحلة تصل بها امرأة العزيز مع يوسف(ع) فراودته ودافعته فلم تجد منه إلاّ تمنعاً واستجارةً بالله العزيز واستعاذة به (( قال معاذ الله )) أي أنه لا يخاف إلاّ الله ولا يخشى إلاّ الله ، ولم يقل إني أخشى الملك أو إني لم أخن الملك أو إني نبي الله ، بل استعصم بالله والتجأ إليه وهان كل شيء لديه من أجل طاعته وعدم معصيته، فما بالنا نقول بعد ذلك أنه هم بها كما همت به ، أليس هذا ظلم لمقامه المقدّس وتجاهلٌ لموقفه الشجاع وتغافل عن مدح الله وثنائه (( ولنصرف عنه السوء والفحشاء )) فكيف بمن يريد أن يرتكب الموبقة ويجتري المعصية تجد أن الله يمتدحه فيصرف عنه السوء والفحشاء ؟!
وقوله تعالى: ((إنه من عبادنا المخلصين)) ، أي قد أخلص في عبوديته وأخلص في طاعته فلم تنازعه شهوة ولم يغلبه هوى .
إذن (( فهمّت به )) أي همّت بالفاحشة وهو ما يناسبها ، و ((همّ بها)) بالخلاص منها بأي وسيلة كأن يكون ضربها وهو ما يناسبه ، أي لم تكن هناك مقابلة بين الهمّين فكلّ بحسبه ، وهذا شبيه قولك أن زيداً الفاسق يحي الليل ، وعمرو العابد يحي الليل ، ولم تحدد صفة إحيائهما ، فمن غير المعقول أن ينصرف ذهنك إلى أن زيد الفاسق يحي الليل بالطرب واللهو وعمرو العابد مثله ، بل لابد أن تقول وعمرو العابد يحي الليل بالعبادة لمناسبة مقام كل منهما ، وهكذا هي في قصة يوسف (عليه السلام).
وهذا ما أشار إليه الإمام الرضا (عليه السلام) في حديث طويل قال : (وأما قوله في يوسف (عليه السلام) (( ولقد همت به وهم بها )) فإنها همت بالمعصية ، وهم يوسف بقتلها إن أجبرته لعظم ما تداخله ...)(عيون الأخبار 1/154) .
وقول الصادق (عليه السلام) في حديث إلى أن قال : ( ألم ينسبوا يوسف (عليه السلام) إلى أنه هم بالزنا ؟!).
هذا وقوله تعالى : (( لولا أن رأى برهان ربه )) أنه (عليه السلام) أوحي إليه أنه إن هو ضربها تذرعت هي بأنه أراد منها الفحشاء ولذا ضربني لامتناعي عنه ، أي أرشده الله تعالى إلى أن لا يضربها لئلا تتوسل إلى الملك بتهمة يوسف (عليه السلام).



السؤال: المراد في قوله تعالى (ليغفر الله لك...)
استمعت إلى خطيب المنبر وهو يتلو الآية (( إنا فتحنا لك فتحاً مبينا ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر... ))
وقال إن معنى الذنوب هي ما اعتقدته قريش بأنه أذنب في حقها ( اي ذنوب إجتماعية) فهل ما ذهب إليه صحيح؟
أفيدونا
الجواب:

قال العلاّمة الطباطبائي في تفسيره (الميزان 18: 251): ((المراد بالذنب ـ والله اعلم ـ التبعة السيئة التي لدعوته (صلى الله عليه وآله وسلم) عند الكفار والمشركين وهو ذنب لهم عليه كما في قول موسى لربه: (( ولهم عليَّ ذنب فأخاف ان يقتلون ))( الشعراء: 14)، وما تقدم من ذنبه هو ما كان منه (صلى الله عليه وآله) بمكة قبل الهجرة، وما تأخر من ذنبه هو ما كان منه بعد الهجرة، ومغفرته تعالى لذنبه هي ستره عليه بإبطال تبعته بإذهاب شوكتهم وهدم بنيتهم، ويؤيد ذلك ما يتلوه من قوله: ((ويتم نعمته عليك ـ إلى أن قال ـ وينصرك الله نصراً عزيزا)ً).
ثم قال الطباطبائي: للمفسرين في الآية مذاهب مختلفة أخر:
فمن ذلك: أن المراد بذنبه (ص) ما صدر عنه من المعصية ، والمراد بما تقدم منه وما تأخر ما صدر عنه قبل النبوة وبعدها، وقيل: ما صدر قبل الفتح وما صدر بعده.
وفيه أنه مبني على جواز صدور المعصية عن الانبياء (عليهم السلام) وهو خلاف ما يقطع به الكتاب والسنة والعقل من عصمتهم (عليهم السلام) على أن إشكال عدم الارتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما وقع من معصيته وما لم يقع بمعنى الوعد بمغفرة ما سيقع منه إذا وقع لئلا يرد الإشكال بأن مغفرة ما لم يتحقق من المعصية لا معنى له. وفيه مضافاً إلى ورود ما ورد على سابقة عليه أن مغفرة ما سيقع من المعصية قبل وقوعه تلازم ارتفاع التكاليف عنه(ص) عامة، ويدفعه نص كلامه تعالى في آيات كثيرة كقوله تعالى: (( إنَّا أَنزَلنَا إلَيكَ الكتَابَ بالحَقّ فاعبد اللَّهَ مخلصاً لَه الدّينَ )) (الزمر:2)، وقوله: (( وَأمرت لأَن أَكونَ أَوَّلَ المسلمينَ )) (الزمر:12)، إلى غير ذلك من الآيات التي تأبى بسياقها التخصيص.
على أن من الذنوب والمعاصي مثل الشرك بالله وافتراء الكذب على الله والاستهزاء بآيات الله والإفساد في الأرض وهتك المحارم، وإطلاق مغفرة الذنوب يشملها ولا معنى لأن يبعث الله عبداً من عبادة فيأمره أن يقيم دينه على ساق ويصلح به الأرض فإذا فتح له ونصره وأظهره على ما يريد يجيز له مخالفة ما أمره وهدم ما بناه وإفساد ما أصلحه بمغفرة كل مخالفة ومعصية منه والعفو عن كل ما تقوله وافتراه على الله، وفعله تبليغ كقوله، وقد قال تعالى: (( وَلَو تَقَوَّلَ عَلَينَا بَعضَ الأَقَاويل * لَأَخَذنَا منه باليَمين * ثمَّ لَقَطَعنَا منه الوَتينَ )) (الحاقة:44-46).
ومن ذلك: قول بعضهم إن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه مغفرة ما تقدم من ذنب أبويه آدم وحواء (عليهما السلام ) ببركته (ص) والمراد بمغفرة ما تأخر منه مغفرة ذنوب أمته بدعائه.
وفيه ورود ما ورد على ما تقدم عليه.
ومن ذلك: أن الكلام في معنى التقدير وإن كان في سياق التحقيق والمعنى: ليغفر لك الله قديم ذنبك وحديثه لو كان لك ذنب.
وفيه أنه أخذ بخلاف الظاهر من غير دليل.
ومن ذلك: أن القول خارج مخرج التعظيم وحسن الخطاب والمعنى: غفر الله لك كما في قوله تعال: (( عََفا اللَّه عَنكَ لمَ أَذنتَ لَهم )) (التوبة:43).
وفيه أن العادة جرت في هذا النوع من الخطاب أن يورد بلفظ الدعاء كما قيل.
ومن ذلك: ان المراد بالذنب في حقه (ص) ترك الأولى وهو مخالفة الأوامر الإرشادية دون التمرد عن امتثال التكاليف المولوية، والأنبياء على ما هم عليه من درجات القرب يؤاخذون على ترك ما هو أولى كما يؤاخذ غيرهم على المعاصي المعروفة كما قيل: حسنات الأبرار سيئات المقربين.
ومن ذلك: ما ارتضاه جمع من أصحابنا من أن المراد بمغفرة ما تقدم من ذنبه وما تأخر مغفرة ما تقدم من ذنوب أمته وما تأخر منها بشفاعة (ص)، ولا ضير في إضافة ذنوب أمته (ص) اليه للإتصال والسبب بينه وبين أمته.
وهذا الوجه والوجه السابق عليه سليمان عن عامة الإشكالات لكن إشكال عدم الأرتباط بين الفتح والمغفرة على حاله.
ومن ذلك: ما عن علم الهدى رحمه الله أن الذنب مصدر، والمصدر يجوز إضافته إلى الفاعل والمفعول معاً فيكون هنا مضافاً إلى المفعول، والمراد ما تقدم من ذنبهم اليك في منعهم إياك من مكة وصدّهم لك عن المسجد الحرام، ويكون معنى المغفرة على هذا الإزالة والنسخ لأحكام أعدائه من المشركين أي يزيل الله تعالى ذلك عنك ويستر عليك تلك الوصمة بما يفتح لك من مكة فتدخلها فيما بعد.
وهذا الوجه قريب المأخذ مما قدمناه من الوجه، ولا بأس به لو لم يكن فيه بعض المخالفة لظاهرة الآية)). (انتهى)



السؤال: شرح الرواية الواردة عن نبي الله دانيال (عليه السلام)
ورد عن وهابي في احد المنتديات الكلام التالي:
الإمام معصوم أما النبي فلا
عن أبي جعفر قال: " إن الله عز وجل أوحى إلى داود عليه السلام أن ائت عبدي دانيال فقل له: إنك عصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك وعصيتني فغفرت لك، فإن أنت عصيتني الرابعة لم أغفر لك...
فلما كان في السحر قام دانيال فناجى ربه فقال: فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك ثم لأعصينك ثم لأعصينك"
(الكافي 2/316 كتاب الإيمان والكفر باب التوبة).
هذه الرواية فيها التصريح بأن دانيال عصى الله عدة مرات. وهذا يتناقض مع عقيدة الشيعة بعصمة الأنبياء والأئمة. وهذه واحدة من الروايات التي تطعن في الأنبياء وربما كانت أحد أدلة الشيعة في تفضيل الإمام على النبي. إذ كيف يقبل الشيعة هذه الرواية التي تزعم أن نبيا من أنبياء الله يخاطب الله بهذه الجرأة قائلا لأعصينك يا رب ثم لأعصينك ثم لأعصينك…!!!

الجواب:


الثابت عند الإمامية ـ أعزّهم الله ـ الاعتقاد بعصمة الانبياء (عليهم السلام) وتنزيههم عن الكبائر والصغائر وما يخل بمروءتهم (عليهم السلام)، وهذه العقيدة يمكن مراجعتها في كل الكتب التي تناولت عقائد الإمامية وتطرقت إلى عصمة الأنبياء(ع).
والرواية الوارده في (الكافي) بحق نبي الله دانيال (ع) فهي تحمل كما يحمل معنى قوله تعالى: (( وَعَصَى آدَم رَبَّه فَغَوَى )) (طه: 121)، على ترك الأولى بعد الثبوت القطعي لعصمة الأنبياء (عليهم السلام).
وأما قول نبي الله دانيال(ع): (( فوعزتك لئن لم تعصمني لأعصينك..)).
فهو أقر بالتقصير واعترف بالعجز عن مقاومة النفس وكمال الانقطاع إلى الرغبة في العون والمد الإلهي في ان لا يكفله الله إلى نفسه طرفة عين أبداً ، لأنه سيعصيه عندئذ لا محالة، فهو ـ وكأن هذا هو لسان حال دانيال ـ ان لم يرحمه الله ويعصمه من الزلل فهو واقع في المعصية لا محالة، وهذا اللسان هو نفسه أو قريب منه الذي تكلم به نبي الله يوسف ـ كما يحكي ذلك القرآن الكريم عنه ـ حين قال: (( وَإلَّا تَصرف عَنّي كَيدَهنَّ أَصب إلَيهنَّ وَأَكن منَ الجَاهلينَ )) (يوسف:33) .



السؤال: قول ( يا محسن قد اتاك المسيء ) هل يقدح في العصمة ؟
لقد سمعت أن الإمام الحسن (ع) كان يقف عند باب المسجد ويقول (( يا محسن قد أتاك المسيء... ))
ماذا كان يقصد الإمام الحسن (ع) بهذا القول؟
وهو ردكم على الذي يقول أن الحسن (ع) ليس معصوم لأنه كان يقول (( قد أتاك المسيء )) ؟...
الجواب:

ليس الإساءة المذكورة هنا في كلام المعصومين هي الإساءة القادحة بالعصمة، بل هي قد تكون لحظة من لحظات القلوب التي يكون التوجه فيها إلى المراتب العليا متأخراً وهذه تعد في نظر أولئك الواصلين إساءة وذنب تحتاج إلى الاستغفار فالإساءة المذكورة شيء اعم من الذنوب القادحة في العصمة وقد يكون الإمام ينزل نفسه منزلة المسيء تدللاً لله تعالى وطلباً للمزيد من الرحمة.
ثم إنه لو قيل ان الإساءة المراد بها الذنب لا كما ذكرنا فنقول ان أدلة العصمة قطعية عندنا وثابته لجميع الأنبياء والأئمة (عليهم السلام) ولو ورد ما ينافي هذا الدليل القطعي لابد من تأويله بما ينسجم مع العصمة ذات الدليل القطعي ونأول كل النصوص الواردة في الأنبياء والأئمة بالتي يكون ظاهرها مخالفاً للعصمة.



السؤال: النسيان الوارد عن الأنبياء في القرآن هل ينافي العصمة
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد الأطيبين الأطهرين
واللعنة الدآئمة الوبيلة على أعدآئهم و ظالميهم أجمعين
سلام عليكم, قال جل و علا:
(( ولقد عهدنا الى ادم من قبل فنسي ولم نجد له عزما ))
(( قال ارايت اذ اوينا الى الصخرة فاني نسيت الحوت وما انسانيه الا الشيطان ان اذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا ))
1- ما معنى نسيان الأنبيآء عليهم السلام و كيف نوجه ذلك مع إعتقادنا الجازم بعصمتهم سلام الله عليهم, كيف تكون النسيان لهم جائزا و نحن نعتقد أن الأنبياء والرُسل والأئمة معصومون من الخطأ والنسيان من ولادتهم حتى مماتهم.
2- كيف يؤثر الشيطان على المعصوم عليه السلام فينسيه؟ فإن هذه الشبهة قدأثارها الوهابية أخزاهم الله تعالى, و قد سببت في زلزلة بعض شبابنا القليلي المعرفة, بعقيدتهم في عصمة الأنبيآء و الأئمة عليهم السلام, و نحن العوام لا بضاعة علمية قوية لنا في رد شبهتهم هذه بجواب مسكت.
فإن أجبناهم بأن المعنى النسيان عند الأنبيآء كما هو في قوله تعالى: (( فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومنا هذا... )).
قالوا لنا حينئذ بأن ليس المراد به النسيان الحقيقي.. فالمقصود به: ( نعاملهم معاملة المنسي في النار فلا نجيب لهم دعوة ولا نرحم لهم عبرة ).
ومما يؤكد ذلك قوله تعالى: (( قال علمها عند ربي في كتاب لا يضل ربي ولا ينسى )).
وقوله تعالى: (( لا تأخذه سنة ولا نوم )).
أما قول موسى (( لا تؤاخذني بما نسيت )) .. فهو نسيان حقيقي
أرجوا أن يكون الجواب قويما و مسكتا و مفصلا
وشكرا
الجواب:

1- إختلف المفسرون في بيان المراد من (النسيان) الوارد في حق الأنبياء (عليهم السلام) في القرآن الكريم، هل هو المعنى المعهود أي الغفلة وعدم التذكر،أم أريد به الترك من دون غفلة، من جهة أن عدم الاعتناء بالشيء يكون بمنزلة الغفلة، وهذا له شبيه كما في قوله تعالى: (( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم )) (التوبة:67) ، فالإهمال أحد المعاني الذي تستعمل فيه كلمة النسيان.
ولئن كان الظهور الأولي هو لصالح القول بأن المقصود به الغفلة ما لم تقم القرينة على الخلاف فإن سياق الآيات يشكل قرينة على أن المراد الإهمال.
وبهذا المعنى فسر ابن جرير الطبري قوله تعالى: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزماً )) (طـه:115).
قال: ((إن النسيان على وجهين: أحدهما على وجه التضييع من العبد والتفريط ، والآخر على عجز الناسي عن حفظ ما استحفظ ووكل به وضعف عقله عن احتماله.
فأما الذي يكون من العبد على وجه التضييع منه والتفريط ، فهو ترك منه لما أمر بفعله، فذلك الذي يرغب العبد إلى الله عز وجل في تركه وعدم مؤاخذته به.
وهو النسيان الذي عاقب الله عز وجل به آدم صلوات الله، فأخرجه من الجنة، فقال في ذلك: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ وَلَم نَجِد لَهُ عَزماً )) .
وهو النسيان الذي قال جلَّ ثناؤه: (( فَاليَومَ نَنسَاهُم كَمَا نَسُوا لِقَاءَ يَومِهِم هَذَا )) (الأعراف:51). (جامع البيان3: 211).
وبهذا المعنى أيضاً فسر القرطبي الآية الكريمة، وقال: ((قوله تعالى: (( وَلَقَد عَهِدنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبلُ فَنَسِيَ )).
قرأ الأعمش باختلاف عنه ((فنسي))، بإسكان الياء، وله معنيان: أحدهما: ترك، أي ترك الأمر والعهد وهذا قول مجاهد وأكثر المفسرين،ومنه: (( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُم )) )) (تفسير القرطبي).
ومن الامامية المرتضى والطوسي والطبرسي وكذلك غيرهم ممن فسر النسيان في الآية الكريمة بالترك ، أنظر الأمالي للمرتضى 4: 44، والبيان 7/ 213، ومجمع البيان 7: 60.
فهنا كما ترى قد أتفق علماء السنة والشيعة ومفسرييهم في بيان المراد من هذهِ الآية الكريمة.
وأما قوله تعالى في حق فتى موسى (عليه السلام): (( وَمَا أَنسَانِيهُ إِلاَّ الشَّيطَانُ أَن أَذكُرَهُ )) (الكهف:63)،قال السيد الطباطبائي في الميزان: ( قوله تعالى: (( وما أنسانيه الإّ الشيطان أن أذكره )) فإن (( أَن أَذكُرَهُ )) بدل من ضمير (( أَنسَانِيهُ )) ، والتقدير: وما أنساني ذكر الحوت لك إلا الشيطان فهو لم ينس نفس الحوت، وإنما نسي أن يذكر حاله التي شاهد منه لموسى. ولا ضير في نسبة الفتى نسيانه إلى تصرف الشيطان بناءً على أنه كان يوشع بن نون النبي والأنبياء في عصمة إلهية من الشيطان لأنهم معصومون، مما يرجع إلى المعصية، وأما مطلق إيذاء الشيطان فيما لا يرجع إلى معصية فلا دليل يمنعه، قال تعالى: (( وَاذكُر عَبدَنَا أَيُّوبَ إِذ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيطَانُ بِنُصبٍ وَعَذَابٍ )) (ص:41))، (الميزان في تفسير القرآن 13: 341).
وهكذا بقية الموارد التي يمكن تفسيرها بلحاظ السياق الذي وردت فيه وهي لا تدل على النسيان المعهود الذي يعني الغفلة أو عدم التذكر، وإن أفاد ذلك فهو غير المورد التي تؤدي إلى المعصية كما في قصة يوشع بن نون.
وأيضاً أن شاء المعاند أن يحمل هذه الألفاظ على معنى واحد فأرد هو إرادة النسيان بمعنى الغفلة وعدم التذكر فجوابه: لقد ثبت بالدليل العقلي القطعي أن الأنبياء معصومون فعندها لا محيص من تأويل كل ما ورد من دليل نقلي يخالف هذا القطع العقلي وإلا هل يستطيع هؤلاء المتفلسفون أن يقولوا بأن قوله تعالى: (( الرَّحمَنُ عَلَى العَرشِ استَوَى )) (طـه:5). المراد منه الانبساط والجلوس حقيقة فيكون كلامهم نص في عقيدة التشبيه والتجسيم بعد ثبوت الدليل العقلي القطعي والنقلي بعدم صحّة التشبيه والتجسيم في حقّه سبحانه؟!!

تعليق على الجواب (1)
طيب اخواني كيف نطبق بين قوله تعالى (( وماينطق عن الهوى ان هوى الا وحي ٌ يوحى )) وآيات النسيان
لان الملاحظ من آيات النسيان تذكر ان النبي ينسى وهنا تقول ان النبي لاينطق عن الهوى والنطق هو ابسط الحالات فكيف بالحركات كالصلاة وغيرها
ومالمقصود بالنسيان في هذه الآيات للأنبياء, فكيف لنبي ان يبلغ رسالته وهو ينسى ويسهى او ينسى صلاته.. وهو القدوة, لان لربما البعض سيحمل هذا السهو في حياة النبي ربما من المشركين او المنافقين بعدم الاقتداء بالنبي لانه يسهو, فما قولكم
الجواب:

يمكن التوفيق بين الآية الكريمة (( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الهَوَى )) (النجم:3) ولآيات التي ورد فيها نسبة النسيان إلى بعض الأنبياء بالرغم من كونهم معصومين من النسيان بل عما هو أخف منه وطئة كالسهو..
وذلك بأن نقول: أن آيات النسيان المذكورة محمولة على معنى الترك الذي لا يتعارض مع عصمة الأنبياء, وقد جاء في القرآن الكريم في مواضع متعددة التعبير عن الترك بالنسيان كقوله عز وجل: (( نَسُوا اللّهَ فَنَسِيَهُم )) (التوبة:67) وقوله عز وجل (( فَاليَومَ نَنسَاهُم كَمَا نَسُوا لِقَاء يَومِهِم هَذَا )) (الاعراف:51).. فالآيات الكريمة عبرت بالنسيان مع أن المقصود هو الترك والإهمال جزاءًَ على إنهماك العصاة بإقتراف المعاصي وترك طاعة الله عز وجل.


تعقيب على الجواب (1)
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد و العن أعدآئهم أجمعين
قال الله تعالى :
(( فَلَمَّا بَلَغَا مَجمَعَ بَينِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي البَحرِ سَرَبًا ))
قد نُسب النسيان في هذه الآية الكريمة إلى الإثنين, فقالت الآية " نسيا " بضمير مثنى, والحال أن أحدهما أي الفتى كان المسؤول عن السمك, فإذا كان المقصود من النسي هو الغفلة لكان يتعين القول بان الناسي هو شخص واحد الذي هو المسؤول عن السمك, ولكن إن كان المقصود من النسي هو الترك, فكلاهما كان قد ترك السمك, فبهذا التحليل يتعين أن المراد من النسيان هو الترك وليس الغفلة, إشارة لطيفة أحببت إضافتها علها تكون مفيدة, وفقكم الله لكل خير
وأسألكم خالص الدعآء بحق فاطمة الزهرآء سلام الله عليها
يا علي


يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)
رد مع اقتباس