عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الحوزويه الصغيره
الحوزويه الصغيره
عضو فضي
رقم العضوية : 34252
الإنتساب : Apr 2009
المشاركات : 1,863
بمعدل : 0.34 يوميا

الحوزويه الصغيره غير متصل

 عرض البوم صور الحوزويه الصغيره

  مشاركة رقم : 96  
كاتب الموضوع : الحوزويه الصغيره المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 15-10-2012 الساعة : 09:15 PM


بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد و آل محمد وعجل فرجهم وفرجنا بهم يا كريم



استصحاب حال العقل



المراد من استصحاب حال العقل - كما هو المستظهر من عبائر صاحب الحدائق (رحمه الله) - هو البراءة الأصلية النافية للحكم الإلزامي (الوجوب والحرمة)، والتي يُعبَّر عنها بأصالة النفي وبأصالة براءة الذمة عن التكليف مالم يقم على ثبوته دليل، كما سنوضح ذلك في محلِّه.

وأما ماهو المستظهر من عبائر الفاضل التوني (رحمه الله) فهو انَّ استصحاب حال العقل يختلف عن البراءة الأصلية، وذلك بقرينة اعتبار استصحاب حال العقل قسيماً للبراءة الأصلية، نعم المراد من استصحاب حال العقل هو استصحاب البراءة الأصلية.

وما أفاده الفاضل التوني (رحمه الله) هو المناسب لكلمات قدماء الاصوليين - رغم اضطرابها ـ، إذ انَّ كثيراً منهم يصنِّفون الدليل العقلي إلى البراءة والاستصحاب - ويجعلون استصحاب حال العقل في أقسام الإستصحاب - وقد يُضيفون اليها الملازمات العقلية وكذلك غيرها.

وصاحب الحدائق (رحمه الله) وان كان قد ذكر هذا التصنيف وأفرد للإستصحاب عنواناً مستقلا عن البراءة الأصلية في المقدمة الثالثة إلاّ انَّه بعد ان ذكر أقسام الاستصحاب ذكر انَّ القسم الاول منها هو (استصحاب نفي الحكم الشرعي وبراءة الذمة منه إلى ان يظهر دليله) ثم قال: (وهو المعبَّر عنه بالبراءة الأصلية الذي تقدم الكلام عليها بمعنييها).

وكيف كان فالمراد من حال العقل هو الحالة التي عليها العقل من إدراك براءة ذمة المكلَّف عن كلِّ تكليف إلزامي لم يقم دليل على ثبوته، وبهذا يكون المراد من استحاب حال العقل هو استصحاب المدرك العقلي.

والظاهر انَّ الإستصحاب هنا يعني الرجوع إلى الحكم العقلي القاضي ببراءة الذمة عن التكليف الإلزامي غير المعلوم، وليس المراد منه الإستصحاب الإصطلاحي المقتضي للبناء على الحالة المتيقنة في ظرف الشك، نعم فسَّر الفاضل التوني (الحال) بالحالة السابقة، وهذا يُعبِّر بدواً عن انَّ المراد من استصحاب حال العقل هو الإستصحاب الإصطلاحي إلاّ انَّ الظاهر عدم إرادته لذلك بقرينة تفسيره للحالة السابقة بعدم اشتغال الذمة في الزمن السابق، وواضح انَّ عدم اشتغال الذمة انَّما ثبت بواسطة حكم العقل ببراءة الذمة عن كلِّ تكليف لم يقم على ثبوته دليل، وهذا الإفتراض وهو عدم قيام الدليل يظلُّ منقِّحاً لموضوع الحكم العقلي بالبراءة مطلقاً، فليس ثمة حالة يمكن افتراضها مجرى لاستصحاب حال العقل ولا يكون موضوع الحكم العقلي بالبراءة متحرِّراً فأين اليقين السابق والشك اللاحق، فلو افترض انَّ المكلَّف قد عثر على دليل الحكم فلا مجال لاستصحاب حال العقل كما لا مجال لإجراء القاعدة العقلية، ففي كلِّ مورد يجري فيه استصحاب حال العقل تجري فيه القاعدة وكذلك العكس.

وبهذا يتَّضح انَّ المراد من استصحاب حال العقل هو الرجوع إلى القاعدة العقلية القاضية بالبراءة عن كلِّ تكليف غير معلوم، والذي يؤكد ما ذكرناه انَّهم استدلوا على حجية هذا الإستصحاب بمدرك القاعدة القاضية ببراءة الذمة عن كلِّ تكليف لم يقم عليه دليل.

وأما وجه تفسير الفاضل التوني (للحال) بالحالة السابقة فلعلَّه لأجل انَّ الشك في كلِّ مورد بخصوصه يكون متأخراً عن تحرُّر القاعدة العقلية فيكون نفي الحكم الإلزامي عن ذلك المورد بواسطة الرجوع إلى القاعدة العقلية، وهذا هو المبرِّر للتعبير عن الرجوع بالإستصحاب، لأنه عبارة عن إجراء القاعدة المتيقنة على مورد الشك، فهو أشبه بتطبيق الكبرى على احدى صغرياتها فينتفي الشك عن المورد بواسطة التطبيق والإرجاع.

نعم المستظهر من عبائره انَّ ثمة حالة سابقة متيقنة وحالة لاحقة مشكوكة، وهذا معناه انَّ المراد من الإستصحاب هو الإستصحاب الإصطلاحي، إلاّ انَّه مع ذلك يمكن توجيهه بما يناسب ماذكرناه من انَّ استصحاب حال العقل معناه الرجوع إلى البراءة الأصلية.

وهو انَّ المكلَّف قد يتمسك بالبراءة الأصلية المدركة بالعقل ابتداءً لعدم عثوره على دليل أصلا، إلاّ انَّه بعد ذلك يعثر على رواية ضعيفة السند أو مضطربة الدلالة فيحتمل انَّ ذلك موجباً لاشتغال ذمته بمفادها أو بما يترآى منها، وهنا يستصحب البراءة الأصلية المدركة بالعقل والثابتة قبل العثور على هذه الرواية، وواضح انَّ هذا ليس من الإستصحاب الإصطلاحي، لأنَّ العثور على الرواية الضعيفة لا ينفي موضوع القاعدة العقلية - القاضية بالبراءة الأصلية - والذي هو عدم العثور على دليل، فالحالة التي هو عليها قبل العثور هي الحالة التي هو عليها بعد العثور على الرواية، فليس ثمة يقين سابق وشك لاحق.

نعم المناسب في المقام هو التعبير باستصحاب البراءة المدركة بالعقل، وذلك لتجدُّد شيء لم يكن موجوداً والذي هو العثور على الرواية.

وهناك صورة اخرى تناسب عبائر الفاضل التوني (رحمه الله) ولا تنافي ماذكرناه، وهي مالو لم يقم دليل على وجوب النفقة على الأخ، وكان حال المكلَّف عند ذلك هو الفقر، ثم أصبح المكلَّف ملياً فاحتمل انَّ طروء هذه الحالة موجب لاشتغال ذمته بوجوب النفقة على أخيه.

فهنا يستصحب البراءة الأصلية والتي هي استصحاب حال العقل، وواضح انَّ هذا الإستصحاب ليس أكثر من إجراء البراءة الأصلية، غايته انَّ المناسب هنا هو التعبير باستصحاب حال العقل، وذلك لأنه رجوع إلى ما يقتضيه حكم العقل بعد ان لم يكن مبرِّر لهذه المؤنة الزائدة في حالته الاولى.

وكيف كان فلو كان في هذا التوجيه وسابقه شيء من التكلُّف فهو ناشئ عن اضطراب عبائر الفاضل التوني (رحمه الله) وعدم تعقل إرادة ظهورها الاولي.

وبهذا يتضح تمامية ما أفاده صاحب الحدائق (رحمه الله) من انَّ استصحاب حال العقل هو عينه البراءة الأصلية النافية للتكليف الإلزامي بمقتضى حكم العقل بعدم اشتغال ذمة المكلَّف بتكليف لم يقم على ثبوته دليل.

ومن هنا عدَّ قدماء الاصوليين هذا النحو من الإستصحاب من الأدلة العقلية، إذ انَّ مستنده عندهم - كما أفاد ذلك الفاضل التوني وغيره - هو ما يدركه العقل من قبح التكليف بما لا يُطاق، ويمكن تقريب ذلك بأحد وجهين:

الأول: انَّ المفترض هو انَّ المكلَّف بذل الوسع في البحث عن التكليف ولم يتمكن من الوصول اليه، وهذا معناه انَّ الوصول للتكليف خارج عن طاقة المكلَّف، فمطالبته بالتكليف حينئذ تكليف بما لا يطاق.

الثاني: انَّ الجاهل بالتكليف يستحيل منه الإنبعاث عن التكليف، وحينئذ يكون تكليفه بما لا يتمكن من الإنبعاث عنه تكليف بما لا يُطاق.

وبتقريب آخر ذكره الشيخ الأنصاري (رحمه الله) انَّ امتثال التكليف لا يكون إلاّ بقصد امتثاله، ومع جهل المكلَّف به لا يكون قصد الإمتثال منه ممكناً، وحينئذ يكون تكليفه بما لا يتمكن من امتثاله - لعدم القدرة على قصد امتثاله - تكليفاً بما لا يُطاق.


من مواضيع : الحوزويه الصغيره 0 التمسكم الدعاء ..
0 في مسألة الخاتمة ..
0 مشكلة عند فرمتة الجهاز
0 هلال الشهر بين الفتوى و الإخبار
0 حرمة التظليل - للـــــنقاش
رد مع اقتباس