عرض مشاركة واحدة

اليمني الاول
مــوقوف
رقم العضوية : 82629
الإنتساب : Apr 2016
المشاركات : 105
بمعدل : 0.04 يوميا

اليمني الاول غير متصل

 عرض البوم صور اليمني الاول

  مشاركة رقم : 11  
كاتب الموضوع : اليمني الاول المنتدى : منتدى القرآن الكريم
افتراضي
قديم بتاريخ : 17-06-2016 الساعة : 09:16 PM


خامساً : المقصود بـ " الّذين ءامنوا " الموصوف بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة حال الركوع، هل هو شخصٌ واحد أو مجموعة أشخاص ؟.

الجواب : إنّ المراد بـِ " الّذين ءامنوا " في آية الولاية ، واحدٌ مُعَيَّنٌ، مقصودٌ بذاته وإسمه. بدليل ما يـــلي : ـ

1- أداة القصر الموجودة في الآية أفادت التوكيد والتّخصيص والأمر المخصوص لا يكون مستغرِقا للجميع ، لأنّه لا معنى للقصر إلّا إثبات الحُكْم للمخصوص ونفيه عمّا عداه. فالمراد بـِ " الّذين ءامنوا " بعضٌ لا كلٌّ.

2- معنى " وليّكم " في الآية ، الأَوْلى بكم الّذي تجب له الطاعة عليكم ؛ وحمل لفظ " الّذين ءامنوا " على الاستغراق باطلٌ، لأنّه لا يصح اجتماع ولاية أكثر من خليفة في نفس الزمان، فوجب أن يكون " الّذين ءامنوا " غير مستغرِق لجميع المؤمنين، وغير مستغرق لأكثر من واحد في نفس الزمن.

3 - لفظ " وليّكم " جاء مفرداً مضافاً إلى ضمير الجمع، والضمير عائد على جميع المؤمنين، فلو كان لفظ " الّذين ءامنوا " مستغرقاً لجميع المؤمنين لأدّى إلى أن يكون كلّ واحدٍ وليّ نفسه وهو باطل.

4 - " الّذين ءامنوا " اتّصلَ به تابعٌ لإتمام معناه ، وهو قوله تعالى :
" الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".
وهذا التابع أفاد التخصيص والتمييز والتوكيد ، ونفي الاشتراك ، فلا يصح أن يكون المراد بـ " الّذين ءامنوا " الجميع ، لأنّ قوله تعالى : " وهم راكعون " جملةٌ حالية ، وهي حال متنقِّلة ، أي أنّها ليست حاصلة لجميع المؤمنين ، إنّما هي وصفٌ مخصوصٌ لِذي هيئةٍ مخصوصة، وفي زمنٍ مخصوص، والمقصود بها واحدٌ معيَّن، هو الّذي انطبق عليه النّعت المذكور.

وبالنّعت المذكور في الآية الشريفة ، وأداة القصر " إنّما " تمّ إخراج لفظ " الّذين ءامنوا " من العموم إلى الخصوص ، وتأكّدَ معنى الاختصاص بما لا مزيدَ عليه ؛ فكيف يُقال بعد كلّ هذا : إنّ اللّفظ مستغرق لجميع المؤمنين ؟!
نعوذ بالله من سُبات العقول.

5 - " الّذين ءامنوا " من الألفاظ الكثيرة الورود في القرآن الكريم، وقد عرفنا من آي الذِّكرِ الحكيم أنّ إجراء صفة الإيمان على المخاطَبين بصورة عامّة لا يعني أنّ المخاطَبين كلّهم أجمعين مؤمنون حق الإيمان ، بل منهم المؤمنون ومنهم دون ذلك.
منهم مَن حذّره القرآن من الارتداد عن الدّين، والانقلاب على الأعقاب؛
فليسَ كلُّ ما يلمعُ ذهَـبَـاً.

والّذي تفرّدَ به " الّذين ءامنوا " في آية الولاية ، هو الاختصاص ، وشهادة القرآن له بالإيمان ؛ ومن أجل توكيد هذا المعنى ، وتقرير هذه الحقيقة ، نجد أنّ الآية الشريفة قد قدّمَتْ نعتا دقيقا ميّز الموصوف عن غيره أكمل تمييز.
كما أنّ " الّذين ءامنوا " معطوفٌ على رسوله ، والرسول ص مؤمنٌ حقّا ، فيثبت للموصوف نفس الإيمان الثابت للرسول ؛ فالموصوف مؤمنٌ حقّاً.

وتحقُّق صفة الإيمان في الموصوف أخرجَ اللّفظ من العموم إلى الخصوص، لأنّ الإيمان الحقّ صفةٌ مفقودةٌ عند الأكثريّة ؛ فهي ليست متحقّقة في جميع المندرجين تحت هذا الاسم العام ـ الّذين ءامنوا ـ يشهد على ذلك الشرع الحكيم.

قال تعالى : ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَىظ° رَسُولِهِ ï´¾ .
وقال تعالى : ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ï´¾.
وقال تعالى : ï´؟ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ الْخُلَطَاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلَىظ° بَعْضٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَقَلِيلٌ مَّا هُمْ ï´¾ .
تأمّل إلى قوله عزّ وجلّ : " وقليلٌ ما هم ".

وقال تعالى : ï´؟ وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ ï´¾ .
فهذا نوحٌ عليه السلام، ظلّ يدعو قومَه، ليلاً ونهاراً، لِمدّة عشرة قرون، ومع ذلك، ما ءامنَ معه إلّا قليل ؛ والقوم الّذين أُرسِلَ إليهم خاتمُ النّبيين صلى الله عليه وآله لا يختلفون عن قوم نوح ، فهؤلاء مثل أولئك وليسوا ملائكة، بل الأعراب أشدّ كفراً ونفاقاً ؛ فليس من الحكمة أن نُزكّي الآخرين بأكثر ممّا يستحقون.

قال رسول الله ص : { ألا وإنّه يُجاءُ برجالٍ من أُمّتي فيؤخَذ بهم ذات الشمال، فأقول : يا ربّ أُصَيحابي ، فيُقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فأقول كما قال العبدُ الصالح : وكنتُ عليهم شهيداً ما دمتُ فيهم فلمّا توفّيتني كنتَ أنت الرقيب عليهم وأنت على كلّ شيءٍ شهيد ؛ فيُقال : إنّ هؤلاء لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتَهم }.
( صحيح البخاري ).

إذاً، الموصوف في آية الولاية مؤمنٌ حقّ الإيمان، وهذا يؤكّد أنّ الآية خاصة وليست عامّة، ولا مجالَ فيها للاشتراك أو الاستغراق، والموصوف فيها ليس إلّا واحداً معيَّنا، هو المؤتي الزكاة حال الركوع.

6 - " الّذين " من الأسماء الموصولة ؛ وهو بمنزلة الاسم الموصول " مَن " أي يستوي فيه المفرد والجمع، والمذكَّر والمؤنّث، ويتم تعيين المعنى المراد وفق القرائن ذات الصّلة.

وسوف نؤكّد هذه الحقيقة اللغوية بالعديد من الأدلّة : ـ

أ - استواء المفرد والجمع في الاسم الموصول ( الّذين ) :

* قال تعالى : ï´؟ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىظ° عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ï´¾ .
الطفل : متبوع ؛ الّذين.. : تابع.

يشترط النّحاةُ في التابع أن يكون مطابقاً للمتبوع في الإفراد والتثنية والجمع ؛ ونحن نجد في الآية الكريمة أنّ المتبوع بصيغة الإفراد، والتابع بصيغة الجمع ، وإنّما جاز ذلك لأنّ " الّذين " يستوي فيه المفرد والجمع.
" الّذي والّذين " بمنزلةٍ واحدة ، ويتمّ معرفة المعنى المراد وفق القرائن.

أو الطفل الّذين ، هو بمنزلة أو الطفل الّذي ؛ والتابع في الآية أفاد التعريف والتخصيص ، فالطفل الّذي ينطبق عليه الوصف المذكور يُباح للمرأةِ المسلمة أن تُظهرَ زينتَها أمامه ، وما عدا ذلك من الأطفال فهو غير مُباح.

ووفقاً للقاعدة النّحوية : ( الجُمَل بعد النّكرات صفات وبعد المعارف أحوال ) فإنّه يجوز إعراب التابع نعتاً على اعتبار أنّ المتبوع نكرة في المعنى، ويجوز إعرابه حالاً على اعتبار أنّ المتبوع مُعرَّف بـ (ال) تعريفا لفظيّا.

* وقال تعالى : ï´؟ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُولَـظ°ئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَـظ°ئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ï´¾.

{ كالّذي خاضوا } : الاسم الموصول بصيغة الإفراد، وصِلته بصيغة الجمع.
وإنّما صحّ ذلك لأنّ (الّذي) اسم موصول يستوي فيه المفرد والجمع؛ وليس صحيحاً ما يذكره النّحاةُ من أنّ النون حُذِفَت للتخفيف ، فليس كلّ ما قاله النّحاةُ صحيحاً ؛ بل الصحيح أنّ (الّذي) اسم موصول مشترك، حكمه حكم الاسم الموصول ( مَن ) و ( ما ) ؛ والجمع في (الذين) يعتبر ملحقا بجمع المذكر السالم، وليس جمع مذكر سالما.

* وقال تعالى : ï´؟ وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَـظ°ئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ï´¾.

استخدم " أولئك المتقون" ، وهو جمع، للإخبار عن "الّذي" وهو مفرد.
فالمتقون : هم أولئك الّذي جاء بالصدق وصدّقَ به.

هُم : ضمير فصل لا محلّ له من الإعراب، جيء به للتوكيد، وللإيذان من أوّل الأمر على أنّ ما بعده خبَرٌ لا صفة ؛ ومعلوم أنّ الخبر ركنٌ أساسيٌّ في الجملة، لا تتمّ الفائدة إلّا به. فالمتقون خبر " الّذي ".

وهذا يفيد أنّ " الّذي والّذين " بمنزلةٍ واحدة، المفرد والجمع فيهما سواء.

واللّطيفة البيانية الرائعة في الآية هو تضمّنها لعنصر التشويق، ويتجلّى ذلك بتقديم المُسنَد إليه " المبتدأ " والإتيان بفاصل بينه وبين المسنَد " الخبر "؛
فالمسند إليه : الاسم الموصول "الّذي" والجملة الّتي بعده : جاء بالصدق وصدّقَ به، صلةٌ له.
والاسم الموصول وصلته متلازمان كأنّهما شيءٌ واحد ؛ والمخاطَب في هذه الحالة، يتطلّع شوقاً إلى معرفة الخبر؛ ما شأن الّذي جاء بالصدق وصدّق به يا تُرى ؟. فجاء الخبر متأخِّراً : أولئك هم المتّقون. وبه تمّت الفائدة.

والقصد من تضمين الآية معنى التشويق هو تنبيه المخاطَب لكي يدركَ الفائدة العلمية الّتي تضمّنَها النّص القرآني، وهي أنّ "الّذي" اسم موصول مشترك، والمفرد والجمع فيه سواء، ويتم تعيين المعنى المقصود بقرينة.

* وقال الشاعر :
إنّ الّذي حانت بفلجٍ دماؤهم
همُ القومُ كلّ القومِ يا أمّ خالد.
( الأشهب بن رملية ).

ينطبق على هذا البيت الشعري نفس الكلام المذكور في الآية آنفاً، ولا غرابة في ذلك فالقرآن نزلَ بلغّة العرب.

إنّ الشاعر استخدم الاسم الموصول بصيغة الإفراد وأخبر عنه بصيغة الجمع ؛
ألا ترى كيف أنّ الشاعر أكّدَ الخبر بأكثر من مؤكِّد، وكلّها ألفاظ دالة على الجمع والشمول ؛ قال : هم القوم ، ثمّ أكّد مرةً أخرى فقال : كلُّ القوم ؛
فالبيت واضح الدّلالة على أنّ "الّذي" اسمٌ موصولٌ يستوي فيه المفرد والجمع ؛ وللمتكلِّم الخيار في أن يستخدم " الّذي " أو " الّذين " وفقا لِما يقتضيه مقام الخطاب، والدّلالة المعنويّة الّتي يريد المتكلِّمُ إيصالَها إلى السّامِع.

ب - استواء المذكَّر والمؤنّث في لفظ ( الّذي = الّذين ) :

* قال تعالى : ï´؟ وَضَرَبَ اللَّـهُ مَثَلًا لِّلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ إِذْ قَالَتْ رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ï´؟ظ،ظ،ï´¾ وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا فَنَفَخْنَا فِيهِ مِن رُّوحِنَا وَصَدَّقَتْ بِكَلِمَاتِ رَبِّهَا وَكُتُبِهِ وَكَانَتْ مِنَ الْقَانِتِينَ ï´¾

إذاً، مثال الّذين ءامنوا : امرأة فرعون ، ومريم ابنت عمران ، عليهنّ السلام.

محل الشاهد، هو أنّ لفظ "الّذين" مستعمَل للكناية عن مؤنّث، امرأة فرعون، ومريم ابنت عمران.
وإنّما جاز ذلك لأنّ اللّفظ يستوي فيه المذكَّر والمؤنَّث ؛
ولو كان ذلك غير جائز لقال : ضرب الله مثلاً للمؤمنات امرأة فرعون ومريم ابنت عمران.

* وقال تعالى : ï´؟ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَـظ°ذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ ï´¾.
قال : هذه البلدة الّذي حرّمَها ؛ ولم يقل : الّتي. لأنّ اللّفظ يستوي فيه
المذكَّر والمؤنّث.

وبناءً على ذلك، نعلم أنّ " الّذين ءامنوا " في آية الولاية ، إنّما هو مؤمنٌ واحد، والتعبير عنه بصيغة الجمع صحيح تماماً، لأنّ اللّفظ يستوي فيه المفرد والجمع، كما أنّه معطوفٌ على رسوله، ولفظ " رسول " يستوي فيه المفرد والجمع، وكذلك " وليّ " يستوي فيه المفرد والجمع، والمقام مقام تعظيم ورفعة ؛
فآية الولاية في غاية الحسن والفصاحة.

7 - يصح التعبير عن المفرد بصيغة الجمع في آية الولاية ، لأنّ " وليّ " مبتدأ صفة، مسبوقٌ بنفيٍ في المعنى ؛ إذ أنّ معنى " إنّما وليّكم " هو " ما وليّكم إلّا ". ولهذا جاز التعبير عن المفرد بصيغة الجمع.
وفي هذه الحالة ، يجوز إعراب " الله ورسوله والّذين ءامنوا ..." فاعل أو نائب فاعل، سدّ مسدّ الخبر ؛
فاعل، على اعتبار أنّ "وليّ" صفة مشبهة أو صيغة مبالغة من اسم الفاعل " والي " ، والوالي هو الحاكم.
{ ما واليكم إلا الله ورسوله والّذين ءامنوا الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون }.
ونائب فاعل، على اعتبار أن "ولي" بمعنى مفعول، أي مولى.
" ما مولاكم إلّا الله ورسوله والّذين ءامنو الّذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ".

8 - الألِف واللّام " ال " ، الدّاخلة على لفظ " الّذين ءامنوا " تفيد العهد وليس الاستغراق ؛ بدليل ما يــلـي :

* الأدلّة المذكورة آنفاً على أنّ المقصود بـ "الّذين ءامنوا" واحدٌ معيَّنٌ تُعتمد دليلاً هاهنا على أنّ الألِف واللّام للعهدية.

* لفظ " راكعون " عبارة عن صفة صريحة ، إسم فاعل ، وهو مجرّدٌ من الألف واللّام ، وهذا يفيد أنّ الألِف واللّام الدّاخلة على صاحب الحال دالّة على العهد الحضوري وليس الاستغراق.

* " الّذين ءامنوا " موصولٌ بوصفٍ من تمام معناه ، فهو شبيه بالمضاف، والإضافة هاهنا معنويّة ، أفادت التخصيص والتعريف والتأسيس.

ومعلومٌ أنّ الألفاظ الّتي تدخل عليها "ال" المفيدة للاستغراق والشمول لا تكون مضافة إضافةً معنويّة.
وعليه، فإنّ الألِف واللّام الدّاخلة على اللّفظ دالّة على العهد والقصر والتأسيس.

* آية الولاية عبارة عن جملة خبرية معهودة ، فالمخاطب لا يجهل النّعت المذكور في الآية ـ إيتاء الزكاة حال الركوع ـ فالموصوف بهذا الوصف معروفٌ ، معلومٌ لدى المخاطَبين ؛
معرفة حسيّة حضورية بالنّسبة للمخاطبين عند نزول الآية،
ومعرفة ذهنية معنوية بالنّسبة للمخاطَبين في كلّ زمان ومكان، لأنّ الحال في الآية متنقِلة ، ويستحيل أن يكون صاحب الحال أكثر من شخص في نفس الزمان والمكان.

وبناءً على ذلك، نعلم أنّ "ال" الدّاخلة على " الّذين ءامنوا" في آية الولاية، دالّة على العهد وليس الاستغراق ، واللّفظ موضوعٌ للكناية عن معهودٍ مخصوص، وهو المؤتي الزكاة حال الركوع.

و " الإلّ " هو العهد، وله معانٍ أخرى.
والعهـــد، في الشرع، هو الإمامة ؛ فهي عهد الله ؛ قال تعالى :
ï´؟ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ }.

وهكذا تعلم عزيزي القارئ، أنّ جميع القرائن والشواهد والأدلّة في آية الولاية، توضح بجلاء أنّ الآية الشريفة دالة على الإمامة، وإيجاب ولاية الأمر خِلافة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
{ بقيّة الله خيرٌ لكم إن كنتم مؤمنين }.

9 - لفظ الجمع في آية الولاية، جاء لفائدة بيانية ؛ والمستفاد من قوله تعالى : " الّذين ءامنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون " هو المدح والتعظيم ؛ ولو قال : " الّذي ءامن...." لما كان المعنى دالّاً على ذلك. بدليل :
* المعنى في الآية الشريفة هو ولاية الأمر، وهي رئاسة عامّة في الدِّين والدُّنيا جميعاً ؛ وقد عرفنا من آية " الإطاعة " أنّ من جملة فوائد الحذف الّذي وقع في لفظ "أولي الأمر" هو التنبيه على شرف الولاية وعظيم منزلتها ، ورفعة شأن المستحِقّين لها.

لفظ الجمع بحد ذاته ، أفاد أنّ الآية دالّة على ولاية الأمر، لأنّ التعظيم والتبجيل لا ينسجم إلّا مع مفهوم الإمامة ؛ وقد تمّ استخدام الإسم الموصول بصيغة الجمع للدّلالة على أنّ الموصوف أهلٌ للإمامة ، والسيادة التامة ؛
لفظ الجمع عبارة عن تزكية إلهية للموصوف.

* "الّذين ءامنوا" معطوف على "رسوله"، وهو معطوف على "الله" ؛ واستخدام لفظ الجمع أفاد التشريك بين المتعاطفات في المعنى البلاغي الدّال على التعظيم.

فنحن نعلم أنّ الله : لفظ الجلالة ، ينطوي فيه كلّ دقيق وجليل ، وهو جامع لكل صفات الجلال والكمال.
كما أنّ الرسول : لفظ يدلّ على الشرف والفضل ، وعظيم المنزلة ، ينطوي فيه كلّ قول بليغ ، ومعنىً شريف، حوى كلّ المحاسن وأوتيَ جوامعَ الكلم.

ومن أجل التشريك في ذلك المعنى ، كان الموصوف في آية الولاية بصيغة الجمع ، كي يتناسق السّبك في الخطاب ، وتصح المناسبة المعنوية الجامعة بين المعطوفات الدّالة على التعظيم والتبجيل.
هــكـذا هي البـــلاغـــة أيها العرب.

* آية الولاية وآية الإطاعة هما الآيتان التوأم في كتاب الله.
" آياتٌ محــكماتٌ هنّ أمُّ الكتاب ".

* اللّسان العربي يعبِّر عن المفرد بصيغة الجمع للدّلالة على المدح والتعظيم؛
قال الشاعر :
الحَكَمُ ابن أبي العاصِ الّذين همُ
غيثُ البلادِ ونورُ النّاسِ في الظُّلَمِ.
( الفرزدق - ديوانه ).

قال : الحكم ابن أبي العاص الّذين هم؛ ولم يقُلْ : الّذي هو ؛ لأنّ المقام مقام مدحٍ وتعظيم.

وبناءً على ذلك البيان القرآني الشريف ، تكون آية الولاية بنياناً بالغَ التمام، رفيعَ المقام ، واضحة الدّلالة على أنّ الموصوف بالإيمانية وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة حال الركوع مماثلٌ لرسول الله في الكمال الإنساني، له المدح الأبهى والشرف الأسمى ، والمقام الأسنى.

بشرٌ كمُلَت فيه الفضائل الإيمانية ، واجتمع فيه من القيم ومكارم الأخلاق ما تفرّقَ عند غيره ، حتى استوى فيه المفرد والجمع ، فكان خليقاً بالمدح والتعظيم، جديراً بالطّاعة ، ومقام الولاية خِلافةً عن سيّدِ وُلْدِ آدم َ محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

ثانـِيـه في كَـبـدِ السّمـاءِ ولم يكُـن
لاثنين ثانٍ إذ هُما في الغارِ .

.....................................

تلكم هي الشواهد والأدلّــة الّتي تثبت أنّ " الّـذين ءامنـوا " في آية الولاية، شخصٌ واحد، مقصودٌ بذاته وصفته، وهو المؤتي الزكاة حال ركوعه.
وأنّ الألِف واللّام في "الّذين ءامنوا" دالّة على العهدية وليس الاستغراق أو الشمول.

..........................................

واعلم أخي القارئ ، أنّنا بذلك نكون قد عثرنا على كنزٍ من كنوز العـلـم والمعرفة، وسيكون لذلك بمشيئة الله، أثراً طيّباً في نفوس المؤمنين، على الصعيدينِ، العقائدي والمعرفي.

كنزنـا الثــمين يتمثّل بالمعـــاني الشـــريفة واللّآلئ المكنونـــة في " الّــذين ءامنــوا " في آيـة الولايــة.

âک† معاني الألف واللّام في " الّذين ءامنوا ".
âک† معاني الاسم الموصول في آية الولاية.
âک† معاني الإيمان في آية الولاية.
.........................................

وفي رحاب الولاية، تستمر الحكاية ..............

من مواضيع : اليمني الاول 0 ما معنى قوله تعالى : { أكاد أخفيها }
0 فحوصات تهم المرأة الحامل
0 فصائل الدم
0 { بقية الله خير لكم إن كنتم مؤمنين ...... }.
0 هل الإمامة أصل من أصول الدّين؟؟
رد مع اقتباس