عرض مشاركة واحدة

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.39 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : المنتدى الإجتماعي
افتراضي
قديم بتاريخ : 03-01-2018 الساعة : 08:14 PM


8- الزواج سكن للنفس:

يُعتبر الزواج عاملاً لإيجاد السكن والإطمئنان النفسي لدى كلٍّ من الرجل والمرأة. ولذلك نجد أحدهما ناقصاً دون الآخر. وهما في الحقيقة يُشكِّلان وجوداً متكاملاً، إذ يستند كلٌّ منهما إلى شريكه. يقول تعالى:

ï´؟وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً...ï´¾1
:

"عندما يُنهي الزوج والزوجة عملهما اليوميّ، أو يلتقيان في منتصف اليوم ويرى أحدهما الآخر، كلٌّ منهما يتوقّع من الآخر أنْ يكون قد تمكّن من جعل الوسط العائليّ وسط فرح ونشاط وإزالة للتعب، وهذا التوقّع في محلّه. إذا استطعتم افعلوا ذلك حيث ستكون الحياة هانئة"2.

"الكائن البشريّ يبحث في الجوّ المضطرب الناشئ من الاصطدام القهريّ، يبحث عمّا يلجأ إليه. إذا كان هناك زوجان في هذا الاضطراب يلجأ أحدهما إلى الآخر، فالزوجة تلجأ إلى زوجها، والزوج يلجأ إلى زوجته.

الرجل في معترك الحياة يحتاج إلى لحظات سكينة، لكي يتمكَّن من شقّ
________________________________________
طريقه، متى تكون لحظة السكينة تلك؟ إنَّها الأوقات التي يقضيها في وسط مُفعم بالمحبّة والحنان العائليّ مع زوجته التي تتودّدُ إليه، ويشعر بجنبها بأنّهما وجود واحد. اللحظة الّتي يلتقي فيها بزوجته تلك هي لحظة الراحة والسكينة"3.

"المرأة في زحمة حياتها الإنسانيّة تواجه أزمات واضطرابات، سواء كانت مشغولةً في خارج منزلها بالأنشطة المختلفة كالفعاليّات السياسيّة والاجتماعيّة وغيرها، أم في منزلها حيث لا تقلّ مسؤوليّاتها أهميّةً عن العمل خارج المنزل. وحين تواجه المرأة بعض المشاكل في هذا المعترك، ولمّا كانت روحها رقيقة، فإنّها أحوج ما تكون إلى السكينة والراحة والاعتماد على شخص موثوق، وليس هو إلا الزوج"4.

29- المشاركة في الهموم, مساعدة حقيقية:

" المساعدة الحقيقيّة للآخر، هي أن يُزيل كلٌّ منهما الهموم عن قلب صاحبه. فكلُّ إنسان مُعرّض للهموم في مسيرة حياته، حيث يصيبه همّ أو مشكلة أو تردّد أو إبهام، فعلى كلٍّ من الزوجين – في هذه الحالة – أن يُسارع إلى مساعدة الآخر، لكي يُزيل الهمّ عن قلبه ويُرشده ويتدارك خطأه، أو يمنعه إذا لاحظ أنّه في طريقه إلى الوقوع في الخطأ "5.

30- كلا الزوجين زينة للآخر:

مثلما يوضِّح القرآن أنّ كُلاًّ من الرجل والمرأة عاملُ استقرار للآخر يؤكّد كذلك أنّ‏َ كلاًّ منهما زينة للآخر، يقول تعالى:

ï´؟... هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ...ï´¾6.

و"لباس" هنا ثلاثة:
________________________________________
أحدها هو "الزينة"، فيكون المعنى هو أنّ المرأة زينة للرجل مثلما اللّباس زينة له، ونفس الأمر يصدق على الرجل بالنسبة للمرأة.
والمعنى الآخر للآية هو أنّ الزواج يُحصِّن الرجل والمرأة من الانحراف.

والمعنى الثالث هو أن كلاٍّ من الرجل والمرأة سترٌ للآخر.

31- موطن السلوى والسرور:

إضافةً إلى كون كلٍّ من الزوجين سكناً وزينة للآخر، فإنّ كلّاً منهما سلوى وعامل للترفيه عن شريكه، وأفضل عامل في هذا المجال إذا كان البيت هو حقّاً كما يُريده الإسلام، وكان سلوك كلٍّ منهما على وفق تعاليمه.

ولهذا يقول النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

"ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرُّه إذا نظر إليها "7.

ويُروى أنّ رجلاً جاء إلى الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وأخبره أنّ لديه زوجة تتعامل معه على وفق تلك الصورة المتقدِّمة، الباعثة للسرور في قلبه، المزيلة للتعب والنَصَب عنه، فقال‏ صلى الله عليه وآله وسلم:

"... خيرُ نسائكم... الهيّنة الليّنة المؤاتية التي إذا غضب زوجها لم تكتحل(عينها) بغمض، حتّى يرضى وإذا غاب(عنها) زوجها حفظته في غيبته، فتلك عامل من عمّال الله وعامل الله لا يخيب"8.

:

"الزواج والإستقرار في كنف العائلة، إحدى الفرص المهمّة في الحياة، فهو وسيلة للإطمئنان والراحة النفسيّة، ومبعث للنشاط في الحياة وإزاحة للهموم، ووسيلة للحصول على مشاطرة الهموم، وهو أمرٌ ضروريٌّ طيلة الحياة.

________________________________________
وبغضِّ النظر عن الحاجة التكوينيّة للإنسان – وهي حاجة الغريزة الجنسيّة – فإنَّ مسألة الإنجاب والأُبوّة هي من السعادات الكبيرة أيضاً في هذه الدنيا.

إذاً تُلاحظون أنّه، وبالنظر إلى كلا الطرفين، فإنّ الزواج أمرٌ مبارك، وظاهرة مفيدة جدّاً، وأهمّ فائدة تُرجى من الزواج هي تكوين الأُسرة، وأمّا بقيّة الأُمور فهي فرعيّة وتأتي في الدرجة الثانية، أو أنّها تُعزِّز تلك المسألة، مثل الإنجاب وإشباع الغرائز البشريّة، هذه كلُّها تقع في الدرجة الثانية. وتكوين الأُسرة هو الذي يقع في الدرجة الأولى"9.

"فقِوام العالم بالزواج، وانتقال الحضارات والثقافات، وثبات واستقلال المجتمعات سواء بلحاظٍ سياسيّ أم باللِّحاظات الأُخرى هو بالزواج أيضاً، وللزواج بركات أُخرى كثيرة"10.

32- فرصةٌ لاستعادة النشاط:

:

"في الأسرة يستطيع الرجل والمرأة – اللذان يعيشان كزوجين – أنْ يستعيدا نشاطهما ويُعدّان نفسيهما لمواصلة الطريق. تعلمون أنّ الحياة كفاح. كلّ الحياة عبارة عن جهاد طويل الأمد، صراع مع العوامل الطبيعيّة والموانع الاجتماعيّة، وجهاد مع النفس، فالإنسان دائماً في حالة صراع، كما أنّ البدن في صراعٍ أيضاً مع العوامل الضّارّة. فعندما تكون القدرة على الصِّراع موجودة في الجسم فهذا يعني سلامة الجسم، ولا بُدَّ أنْ يكون هذا الصِّراع صحيحاً ومنطقيّاً، وهذا الصِّراع في الاتِّجاه وفي السلوك، وفي الوسائل، هذا الصِّراع يحتاج أحياناً إلى استراحة، وأحياناً إلى القوّة العضليّة، وفي هذه الرحلة وهذه الحركة تكون نقطة الإستراحة هي الأسرة بلا شكّ"11.

________________________________________

33- تكوين الاسرة:

إنّ تكوين الأسرة بحدِّ ذاته أمرٌ هامٌّ جدّاً، وله في الإسلام أبعاد لا يُمكن احصاؤها ولا تعداد فوائدها ويصغر في مقابلها أمر تلبية الغريزة على الرغم من أنّه مطلوب في قناته الصحيحة وحيثما أراده الله تعالى.



"مسألة الزواج وتكوين الأسرة مهمّة جدّاً في الشّرع المقدّس، ولها فوائد كثيرة، إلا أنّ أهمّ فائدة وهدف للزواج هو عبارة عن تكوين الأسرة، فنفس تلك العُلْقَة الزوجيّة وتشكيل وحدة جديدة هي الّتي تكون سبب راحة الرجل والمرأة، وسبب لكمال وتمام شخصيّتهما. وبدونهما فهناك نقص في المرأة والرجل. وكلّ المسائل الأخرى هي فرعٌ لهذه المسألة، فإذا كان هذا التجمُّع سليماً وثابتاً فسيكون له تأثير على المستقبل وعلى الوضع الراهن للمجتمع"12.

"الزواج في الحقيقة هو بوّابة الدخول إلى تكوين الأسرة، وتكوين الأسرة هو الأساس لكلِّ تربية اجتماعيّة وإنسانيّة"13.

"الأصل في الزواج عبارة عن ذلك الارتباط والعلاقة بين البنت والابن وتكوين الأسرة. فهذا المقدار: أي أن يرى البنت والإبن أحدهما الآخر، وتجري صيغة العقد الشرعيّ ويُصبحا زوجاً وزوجة، فقد تكّّونَ جمعٌ جديد وتشكّلت أسرة، والشارع المقدّس يُحبُّ الأسرة المسلمة السليمة، ففي تكوين الأسرة بركات كثيرة تؤمِّن حاجات الزوج والزوجة ويستمّر التنوُّع البشريّ.

نفس إيجاد الأسرة وتكوين جمع جديد أهمُّ من كلِّ شيء. أساس خلقة المرأة والرجل أن يعيشا معاً في كيانٍ واحد، ويُكوِّنا خليّة لكي تكون الحياة مريحة وخالية من القلق، تؤمَّن فيها احتياجات الإنسان، فإذا لم يحصل ذلك فإنَّ هناك نقصاً مهمّاً في أساسيّات الحياة"14.

________________________________________
تهذيب النفس البشريّة:

ومن الفوائد المهمّة للزواج أنّه عاملٌ قويٌّ ومساعدٌ على برنامج الإسلام في تهذيب النفس وتحلّيها بالأخلاق الفاضلة وتخلّيها عن الأخلاق الرذيلة.

يقول النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:

"أيُّما شابّ تزوّج في حداثة سنّه عجّ شيطانه: يا ويله! عصم مني دينه"15.

وفي الحديث:

"إذا تزوّج العبد فقد استكمل نصف الدين، فليتّق الله في النصف الباقي"16.

وروي: "منْ تزوّج فقد أُعطي نصف العبادة"17.

وعن مولانا الصادق عليه السلام:

"إنَّ ركعتين يصلّيهما رجلٌ متزوّجٌ أفضل من رجلٍ يقوم ليله ويصوم نهاره أعزب"18.

وفي حديثٍ عن نومِ المتزوِّج وما أعطاه الله تعالى عليه يقول رسول الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم:

"المتزوِّج النائم أفضل عند الله من الصائم القائم العزب"19.

34- دخول الجنّة:

وبالطبع اذا هذّب الإنسان نفسه دخل الجنّة، وأرضى ربّه، وأسخط عدوّ الله وعدوّه،

ويقول دام ظله:

الزواج وانتخاب الزوج يؤثِّر أحياناً في مصير الإنسان. كثيرٌ من النساء اللّاتي يُدخِلنَ أزواجهنّ الجنّة وكثيرٌ من الرجال الذين يُدخِلون زوجاتهم الجنّة،
________________________________________
ويوجد عكس ذلك أيضاً. إذا عرف الزوج والزوجة قيمة الأسرة واهتمّا بها سيكون العيش في أمن وراحة، ويتحقّق الكمال البشريّ للمرأة والرجل في ظلّ الزواج الموفّق"20.

"أحياناً يصل الرجل إلى مفترق طرق في نشاطاته الحياتيّة، لا بُدَّ أنْ يختار إمّا الدنيا وإمّا الطريق السليم والأمانة والصدق، لا بُدَّ أنْ يختار أحدهما، هنا تستطيع المرأة أنْ توجِّهه إلى الطريق الأوّل أو الطريق الثاني، وفي المقابل فعكس ذلك صحيح أيضاً، يُمكن للأزواج أنْ يكون لهم ذلك التأثير في حياة زوجاتهم. حاولوا أنْ تكونوا هكذا بعضكم مع بعض بأنْ يدعو أحدكم الآخر إلى التديُّن ويجعله في المسير الإلهيّ والإسلاميّ، وفي طريق الحقيقة والأمانة والصدق والمنع من الانحراف"21.

"في الفترة الصعبة وسنيِّ المعارضة، وكذلك سنيِّ الثورة، أَدْخَلَتَ كثيرٌ من النساء أزواجهنّ الجنّة بالصبر والتعاون. ذهب الرجال إلى الجبهات المختلفة وتحمّلوا الشدائد، وعانت النساء من الخوف والوحدة والغربة إلّا أنّهن لم يشتكين بكلمة، بل شجّعن أزواجهنّ وأدخلنهم إلى الجنّة، وإلّا كان بوسعهنّ العمل بحيث يندمون على الذهاب إلى الجبهة وميادين الجهاد وعلى الاستمرار بالقتال. كان بإمكانهنّ فعل ذلك، لكنّهنَّ لم يفعلن، لم يُظهِرن الضجر.
كذلك هناك رجالٌ أدخلوا نساءهم الجنّة وأرشدوهنّ وساعدوهنّ وتعاونوا معهنّ، بحيث أدّت مساعدتهم إلى أن تسير هذه النساء في سبيل الله. كذلك يوجد عكس ذلك نساء أدخلن أزواجهنّ إلى جهنّم، ورجال أدخلوا زوجاتهم إلى جهنّم.
عليكم أن تتعاونوا ويجعل أحدكم الآخر من أهل الجنّة، ويُسعد أحدكم الآخر، ويُساعد أحدكم الآخر في تحصيل العلم والكمال والتقوى وبساطة العيش"22.

________________________________________
"هناك الكثير من النساط يجعلنَ أزواجهنَّ من أهل الجنّة، وكثير من الرجال الذين يجعلون زوجاتهم سعيدات حقّاً، وهناك عكس ذلك، يُمكن أن يكون هناك رجالٌ خيِّرون تُدخِلهم نساؤهم جهنّم، ونساءٌ خيِّرات يُدخلهنّ أزواجهنّ جهنّم. إذا كان كلٌّ من المرأة والرجل ملتفتين إلى العمل بالنصيحة الحسنة، وبالعمل المشترك، والدين والأخلاق في محيط البيت، وكان تطبيقهم العمليّ أوضح من ادّعائهم اللسانيّّ. هكذا يُعين أحدهما الآخر، وعندها ستكون الحياة كاملة ووافية وشافية حقّاً"23.

"يستطيع الرّجل أنْ يجعل زوجته من أهل الجنّة، وذلك بإرشادها وتذكيرها في الوقت المناسب، والتذكير والمنع من الإسراف والانحراف، وطبعاً يوجد عكس ذلك، أي: يستطيع جعلها من أهل جهنّم، بالطلبات الكثيرة والتوقُّعات والأساليب الخاطئة الموجودة"24.

زيادة للرزق:

يقول تعالى:

ï´؟ وَأَنكِحُوا الْأَيَامَى مِنكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ï´¾25.

ويقول النبيُّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: " اتّخذوا الأهل فإنّه أرزق لكم"26.

ويقول مولانا الصادق عليه السلام:

"من ترك التزويج مخافة الفقر فقد أساء الظنَّ بالله عزّ وجلّ، إن الله عزّ وجلّ يقول: ï´؟ إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِï´¾"27.
________________________________________
وفي الحديث:

"من ترك التزويج مخافة العيلة فليس منّا"28.

________________________________________

35- شكر نعمة الزواج:

وإذا كان للزواج هذه الأهميّة والفوائد ألا ينبغي لنا أنْ نشكر الله على نعمة الزواج؟

ويقول دام ظله:

"في هذه المرحلة من حياتكم حيث تدخلون الحياة المشتركة وتكوين الأُسرة، اعتبروا هذا من النعم الإلهيّة العظيمة، وأدُّوا شكرها؛ إذ كلُّ ما لدينا فمن الله تعالى ï´؟وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ اللهِï´¾29.

ومعرفة هذه النعم مهمّة جدّاً. هناك نعمٌ كثيرة لا يلتفت إليها الإنسان، وبعض الناس يقترن بشريك جيّد ويعيش حياة سعيدة، لكنَّه لا يعرف قدْرَ هذه النعمة، ويُحرمون – بالتالي – من الرحمة الإلهيّة التي تنزل بالشكر؛ لذا فلا بُدَّ للإنسان أنْ يلتفت إلى أنّها نعمة كبيرة ويُفكِّر كيف يؤدّي شُكرها.

أحياناً يقول الإنسان بلسانه فقط: شُكراً لله، ولا شيء منه في القلب، فهذا يُصبح لقلقة لسان لا قيمة لها، أمَّا عندما يكون الإنسان شاكراً لله تعالى من قلبه حقيقة، فهذا ما يكون له قيمة كبيرة.

يعرف أنّ الله تعالى أنعم عليه ويُظهر شكره حقيقةً. هذا هو الشُّكر المطلوب. غاية الأمر أنّنا عندما نشكر الله فمن الواجب أن نُنجز عملاً، أو نتّخذ موقفاً بنّاءً على هذا الشكر، وهذا أمرٌ حسنٌ جدّاً.

الآن وقد أنعم الله تعالى عليكم فماذا أنتم فاعلون؟ الله سبحانه وتعالى لم يطلب منّا الكثير. المطلوب هو أن نُحسن التعامل مع هذه النعمة. هذا السلوك الحسن قد وضّحه الدين الإسلاميّ، وهو أخلاق العائلة وحكمة العائلة. الحياة السعيدة هي أنْ
________________________________________
نعرف كيف نتصرّف في هذه الحياة"30.

36- الشُّكر العمليُّ:

"الشُّكر ليس قول (أشكُرُك يا إلهي)، أو سجدةَ الشُّكر فقط.. شُكر النِّعمة هو أنْ يعرف الإنسان قَدْر النعمة، ويعرف أنّها نعمة من الله وينتفع بها ويتعامل معها في ما يُرضي الله تعالى. هذا هو معنى شُكر النِّعمة. فإذا قُلتم (شُكراً لله) لكنّ قلوبكم لا تُدرك المفاهيم التي تتلفّظون بها فهذا ليس بشُكر، والزواج أيضاً نعمة إلهيّة، فالله جلّ وعلا قد هيّأ لكم زوجاً حسناً، إذاً، لا بُدَّ أنْ تشكُرُوا هذه النِّعمة بما يُناسبها"31 .

يقول الله تعالى في كتابه الكريم:

ï´؟ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونï´¾32 .

تُعتبر الأسرة أهمّ بيئة في صياغة الإنسان، وتكوينه النفسيّ والسلوكيّ، الذي سيترك آثاره في مجتمعه الذي يعيش فيه. وعلماء الاجتماع على تباين مذاهبهم يُجمعون على أنَّ الأسرة عماد المجتمع، وأنَّها إذا قامت على أُسس قويمة سليمة، استقرّت أحوال المجتمع وتوطّدت أركانه، وإذا وهنت قواعد الأسرة، ولم يتحقّق لها أسباب القوّة على اختلافها اضطربت حياة المجتمع واختلَّ توازنه.

إنَّ الأسرة هي الخلايا الأولى التي يتألّف منها جسم المجتمع وبصلاحها يصلح هذا الجسم، وبفسادها يدبُّ إليها السقم والانحلال.
ولخطورة هذه المسألة كان لوليّ أمر المسلمين السيّد علي الخامنئيّ دام ظله اهتمامه الكبير فيها.
________________________________________

هوامش
1- سورة الروم: 2.
2- خطبة العقد المؤرخة 24/1/1378 هـ.ش.
3- خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش.
4- خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش.
5- خطبة العقد المؤرخة 2/9/1378 هـ.ش.
6 سورة البقرة: 187
وسائل 7- ص230. الشيعة، ج14،
8- جامع أحاديث الشيعة، ج‏20، ص‏38، حديث رقم 132.131.130.
9- خطبة العقد المؤرخة 9/12/1380 هـ.ش.
10- خطبة العقد المؤرخة 26/1/1377 هـ.ش.
11- خطبة العقد المؤرخة 8/3/1380 هـ.ش.
12-خطبة العقد المؤرخة 10/2/1376 هـ.ش.
13- خطبة العقد المؤرخة 18/5/1374 هـ.ش.
14- خطبة العقد المؤرخة 16/5/1379 هـ.ش.
15- ميزان الحكمة، حديث 7805.
16- م.ن. ح‏7807.
17- م.ن. ح‏7808. 
18- م.ن. ح 7810. 
19- م.ن. ح‏7812.
20-خطبة العقد المؤرخة 10/2/1375 هـ.ش.
21- خطبة العقد المؤرخة 21/12/1379 هـ.ش.
22- خطبة العقد المؤرخة 23/12/1379 هـ.ش.
23-خطبة العقد المؤرخة 11/12/1377 هـ. ش.
24- خطبة العقد المؤرخة 9/4/1378 هـ.ش. 
25- سورة النور، الآية: 32.
26-ميزان الحكمة، حديث 7813.
27- م.ن. حديث 7817.
28- م.ن. حديث 7815.
29- بحار الأنوار, ج49,ص269
30- خطبة العقد المؤرخة 29/3/1381 هـ.ش
31- خطبة العقد المؤرخة 16/1/1379 هـ.ش.
32- سورة التحريم، الآية: 6.




37- سلامة المجتمع من سلامة الأُسرة:

:

"كما أنّ جسم الإنسان يتألّف من خلايا، وكما أنّ فساد وتلف أو مرض الخلايا بصورة قهريّة أو طبيعيّة يعني مرض الجسم، وإذا انتشر يصل إلى مواضع خطرة في الجسم الإنسانيّ، كذلك المجتمع مؤلّف من خلايا وهي الأُسرة، فعندما تكون هذه الأُسر سالمة وعندما يكون سلوكها صحيحاً فسيكون المجتمع سالماً1.

إذا كان كيان الأُسرة متيناً في المجتمع، وراعى كلٌّ من الزوج والزوجة حقوق بعضهما بعضاً، وكان لهما أخلاق حسنة وانسجام أحدهما مع الآخر، وواجهوا المشاكل معاً، واهتمّوا بتربية أطفالهما، فإنّ المجتمع الذي تكون فيه هكذا أُسَر سيصلح وسيصل إلى ساحل النجاة، وإذا وجد مصلح في هكذا مجتمع فإنّه سيتمكّن من إصلاحه، وإذا لم توجد الأُسرة فإنّ أكبر المصلحين لا يُمكنه إصلاح المجتمع"2.

"إذا كان كيان الأُسرة متماسكاً في بلدٍ ما فإنّ الكثير من المشاكل – ولا سيّما المشاكل الأخلاقيّة والمعنويّة – يُمكن أن يُحلّ ببركة الأسرة السليمة والمتماسكة، أو قد لا توجد مشاكل أصلاً"3.

"الزواج هو إحدى النعم الإلهيّة الكبرى، وأحد أسرار الخلقة، ومن موجبات
________________________________________
استمرار وبقاء المجتمعات وصلاحها"4.

38- مجتمع بلا أُسرة منشأ المشكلات النفسيّة:

"مجتمعٌ بلا أُسرة، مجتمعٌ قلق لا تنتقل فيه المواريث الثقافيّة والفكريّة والعقائد من جيل لآخر بسهولة، كما لا تتمّ فيه عمليّة التربيّة بسهولة أيضاً. فإذا لم تكن هناك أُسرة في المجتمع أو كانت متزلزلة، فسوف لن يتربّى الإنسان في أفضل دور تربيته"5.

"إذا لم توجد الأُسرة لا توجد المرأة الصالحة ولا الرجل الصالح ولا الأخلاق، ولا تنتقل التجارب الحسنة والقيّمة إلى الجيل القادم"6.
"إذا لم توجد الأُسرة لا يبقى مركز يغرس الإيمان والاعتقاد الدينيّ "7.

"فالمجتمعات التي ضعُف فيها كيان الأُسرة أو انعدم وجودها أصلاً أو قلَّ تشكيلها، أو شُكِّلت لكّنها كانت مُتزلزلة وفي معرض الزوال، في هكذا مجتمعات تكون المشاكل النفسيّة والعصبيّة أكثر بكثير من المجتمعات التي تكون فيها الأُسرة مُستقرّة يرتبط المرأة والرجل فيها بنقطة ومركز واحد"8.

39- الأسرة أساس التربية:

"الأُسرة مؤسّسة مهمّة جدّاً. وتكمن فائدة الأُسرة في تربية الجيل البشريّ، والّتي هي صنع الإنسان السليم من الناحية المعنويّة والفكريّة والنفسيّة، وهي فائدة لا يُشاركها فيها شيء، ولا يوجد ما يحلُّ محلّها. فعندما يوجد نظام الأُسرة فإنّ كلَّ واحد من هذه المليارات من البشر سيكون عنده موكَّلان ومربِّيان خاصّان به، ولا شيء آخر يُمكنه أنّ يشغل محلّ هذين المربّيين"9.
________________________________________
"الأُسرة هي المحيط الآمن الذي يستطيع فيه الأب والأمّ والأبناء أن يُحافظوا على سلامة ونمو أرواحهم وفكرهم وأذهانهم، وعندما تضعُف الأُسرة فإنّ الأجيال المتعاقبة تكون بلا وقاء"10.

"الإنسان وجد للتربية وللهداية والتعالي والكمال، وهذا لا يحصل إلّا في محيط آمن، وهو المحيط الذي لا تتولّد فيه العقد، وتُلبّى فيه احتياجات الإنسان، وفيه تنتقل الإرشادات من جيل إلى جيل، ويوضع الإنسان فيه منذ طفولته تحت التعليم الصحيح السهل المنسجم مع طبيعته وفطرته، ومن قِبَل مُعلِّمين هما الأبُ والأمّ، هما أرحم الناس به من أيّ إنسان في هذا العالم"11.

"إذا لم توجد الأسرة في المجتمع سوف تفشل كلُّ التربية البشرية، وكلُّ الحاجات الروحيّة للإنسان؛ لأنّ الطبيعة البشريّة هي هكذا، فبدون الأُسرة ومحيطها، وبدون أحضان الوالدين، لا تحصل تلك التربية الصحيحة والكاملة الخالية من العيوب والعقد، ولا ذلك التعالي الروحي المطلوب، فالإنسان إنّما يكون سالماً من الناحية الروحيّة والعاطفيّة إذا تربّى في أسرة. وإذا كانت بيئة العيش هادئة ومناسبة في العائلة أمكن الإطمئنان بأنّ الأطفال سيكونون سالمين من الناحية العاطفيّة والنفسيّة"12.

"في الأُسرة تَصلُح ثلاث طوائف من الناس:

الأُولى: الرجال الذين هم الآباء في الأُسرة.
وثانياً: النساء اللّاتي هُنَّ الأُمَّهات في تلك الأُسرة.
وثالثاً: الأطفال الذين هم الجيل الآتي في المجتمع"13.
________________________________________

40- الأُسرة منبع الثقافة:

"إنّما يتمُّ انتقال الثقافات والحضارات وحفظ الأصول والعناصر الأساسيّة لحضارة وثقافة المجتمع إلى الأجيال المتتالية ببركة الأُسرة"14 .

"فأساس الزواج وأهمُّ منافعه عبارة عن تكوين الأُسرة، والسبب هو أنّه إذا وجُدت الأُسرة السليمة في المجتمع، فإنّ ذلك المجتمع سيكون سالماً، وينتقل الإرث الثقافيّ بصورة صحيحة، ويتربّى الأطفال بأفضل صورة، لذا فإنّ المجتمعات التي اختلّ فيها نظام الأُسرة تبعه اختلالات ثقافيّة وأخلاقيّة"15.

"إذا أرادت الأجيال أنْ تنقل معطياتها الذهنيّة والفكريّة إلى الأجيال التالية، وينتفع المجتمع من ماضيه، فهذا إنّما يتمُّ بواسطة الأُسرة والمحيط الأُسريّ، حيث تتكوّن هويّة وشخصيّة الإنسان لأوّل مرّة على أساس ثقافة ذلك المجتمع، ويقوم الوالدان وبصورة غير مباشرة، وبلا إكراه أو تصنّع بنقل معلوماتهم واعتقاداتهم ومقدَّساتهم إلى الجيل التالي بصورة طبيعيّة"16
.
41- الأُسرة سكن الفرد:

"نظر الإسلام إلى العائلة نظرة صحيحة وأصيلة، فقد نظر إليها باهتمام بالغ، حيث جُعلت الأُسرة في المنظور الإسلاميّ هي الأصل، وتَزَلْزُل بناء الأُسرة وارتباكه من أقبح الأعمال"17 .
"الأُسرة في الإسلام تعني محلّ سكن إنسانَين، ومحلّ استقرارهما الروحيّ، ومحلّ أُنس أحدهما بالآخر، ومحلّ تكامل فرد بمساعدة فرد آخر. والأُسرة ذلك المكان الذي يجد فيه الإنسان استقراره النفسيّ. فكيان الأُسرة مهمٌّ إلى هذه الدرجة في الإسلام"18.
________________________________________


"اعتبر الإسلام – وكما بَيَّن القرآن في عدّة مواضع – أنّ الهدف من خلقة المرأة والرجل وتعايشهما وفي النهاية تزاوجهما، هو استقرار وسكينة المرأة والرجل"19 .

"وقد ورد هذا المعنى في القرآن الكريم في الآية الشريفة: }وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ{20 ويوجد تعبير (سكن) في موضعين من القرآن الكريم، على ما أذكر . الله تبارك وتعالى جعل زوج الإنسان من نوعه، زوج المرأة وزوج الرجل من نوعه (ليسكن إليها) لكي يشعر الإنسان – رجلاً كان أو امرأة – بالسكينة في جنب زوجه" 21.

هذا الاستقرار والسكينة والنجاة من الاضطرابات الروحيّة أمرٌ مهمٌّ جدّاً؛ لأنَّ ميدان الحياة ميدان صراع، والإنسان فيه دائماً مُعرَّض لنوع من الاضطراب. وإذا تحقّقت تلك السكينة والاستقرار بنحو صحيح فإنّ الحياة ستكون سعيدة، المرأة تسعد والرجل يسعد، الأولاد الذين يُنجَبون في ذلك المنزل ينمون بدون عُقَد ويكونون سعداء، أيّ تتمهّد الأرضيّة لسعادتهم من هذه الناحية"22 .

42- الأُسرة الأكثر استقراراً أكثر انتفاعاً:

"كلُّ إنسان، رجلاً كان أو امرأة، يتعرّض للمشاكل في حياته اليوميّة ويواجه أحداثاً تُدمِّر روحه وتؤدّي إلى اضطراب الفرد وعدم استقراره، وعندما يدخل بيته فإنّ هذا المحيط الآمن يبعث فيه النشاط ويعدّه لنهار قادم ويوم جديد.
الأُسرة مهمّة جدّاً في تنظيم حياة الفرد، ولا بُدَّ من إدارة الأُسرة بنحو أحسن وبشكل سليم"23 .

________________________________________
"الفائدة التي يحصل عليها الرجل والمرأة من الأُسرة المُستقِرّة ترفع نتاجهما خارج المنزل وتُكسبه أهميّة وقيمة نوعيّة"24 .

"فرصة الزواج والاستقرار في ظلّ الأُسرة، إحدى الفرص المُهمّة في الحياة للرجل والمرأة، وهي وسيلة للمواساة والحصول على مشاركة شخص مقرّب في الهموم، وهو مما يُعدُّ من الأمور اللّازمة في الحياة "25 .

43- دور المرأة والرجل في الأُسرة:

"لا بُدَّ أنْ يسعى الفتى والفتاة إلى حفظ هذا الارتباط. وهذه ليست مهمّة أحدهما حتّى نقول: إنّ على الثاني أنْ يتحمّل كلّ ما يفعله الأوّل، كلّا! يجب أنْ يُساعد كلٌّ منهما الآخر لكي يتمَّ ذلك"26 .

"لا يصحّ أنْ نقول: إنَّ للزوج دوراً أكبر أو للزوجة، لكلٍّ منهما دورٌ في حفظ هذا البنيان، وفي حفظ هذا التجمُّع الثُنائيّ، والذي يزداد تدريجيّاً بعد ذلك"27 .

"اجتنبوا كلَّ ما يُعكِّر صفو الأُسرة ويؤدّي إلى الكآبة والانفعال السلبيّ. لا بُدَّ أنْ يعزم الرجل والمرأة على التفاهم والتعايش معاً. ما يوجد في الأُسرة من خيرات هو للزوج والزوجة في النهاية، وللأبناء، وليس لأحدهما دون الآخر، أما إذا حدثت – لا سمح الله – كدورة وعدم اطمئنان وتباعد فإنّ ألمَها سيكون على كليهما"28 .

"إنّ للزوج والزوجة الدور الأكبر في تقوية كيان الأُسرة، بتسامحهما وتعاونهما، وبرأفتهما وأخلاقهما الحسنة، وأهمّ من كلّ ذلك محبتهما، فباستطاعتهما أن يجعلا هذا البناء وهذا الانسجام يدوم"29 .
________________________________________
44- المحبّة في الأسرة الإسلاميّة:

"الزوج والزوجة في المجتمع الإسلاميّ مرتبط أحدهما بالآخر، وكلٌّ منهما مسؤولٌ عن الآخر وعن الأبناء وعن الأُسرة. لاحظوا! الأُسرة مهمّة إلى هذا الحدّ من وجهة نظر الإسلام"30.

"في المحيط الإسلاميّ تكون الأُسرة متماسكة، بحيث يتولّد جيلان وتشاهدون الجدّ وأحفاده يعيشون معاً في بيت واحد، كم هذا قيّم؟ لا هؤلاء يملُّون من أولئك، ولا أولئك يُسيئون إلى هؤلاء، الكلُّ متعاونون"31.

"في المجتمعات الإسلاميّة، أي: المجتمعات المتديّنة، نُلاحظ أنَّ شخصين يعيشان مدّة طويلة لا يملُّ أحدهما من الآخر أبداً، بل إنّ محبّتهما تزداد، الأنس والمحبّة والوفاء من أحدهما للآخر يزداد. هذه هي ميّزة التديُّن ومراعاة الأحكام الشرعيّة "32.

"فالأُسرة تدوم في ظلِّ الإسلام والثقافة الإسلاميّة، وتجدون فيها الأجداد والجدّات والأب والأمّ والأحفاد وأبناء الأحفاد ينقلون التقاليد إلى الأجيال، الجيل السابق يُقدِّم إرثه إلى الجيل اللاّحق، فلا يكونون مُنقطعين أو مُنعزلين ومُجرّدين من العواطف "33.

كثيراً ما يتردّد سؤال في ذهن الفتاة الّتي بلغت مبلغ النساء، أو الشابّ الّذي بلغ مبلغ الرجال. ما هي المواصفات الّتي ينبغي أنْ يتحلّى بها شريك العمر أو شريكته؟
من هو الشخص الذي ارتبط ويبقى معي طول العمر؟
________________________________________
ما هي الأمور التي يجب أن أراعيها واهتمّ بها في اختيار الزوج؟ وقبل الإقدام على هذه الخطوة المصيريّة؟

كيف أقدم على الزواج ولا أندم في المستقبل؟

كلها أسئلة تختلج في نفوس الشباب المقبل على حياة جديدة.
________________________________________
هوامش

1- خطبة العقد المؤرخة 8/3/1381 هـ.ش
2- خطبة العقد المؤرخة 14/6/1372 هـ.ش.
3- خطبة العقد المؤرخة 2/9/1376 هـ.ش.
4- خطبة العقد المؤرخة 23/12/1379 هـ.ش.
5- خطبة العقد المؤرخة 29/10/1377 هـ.ش.
6- خطبة العقد المؤرخة 30/3/1379 هـ.ش. 
7- خطبة العقد المؤرخة 12/11/1372 هـ.ش.
8- خطبة العقد المؤرخة 21/12/1379 هـ.ش.
9- خطبة العقد المؤرخة 4/10/1381 هـ.ش
10- خطبة العقد المؤرخة 18/12/1376 هـ.ش.
11- خطبة العقد المؤرخة 20/5/1376 هـ.ش.
12- خطبة العقد المؤرخة 11/5/1374 هـ.ش.
13- خطبة العقد المؤرخة 19/2/1374 هـ.ش.
14- خطبة العقد المؤرخة 26/1/1377 هـ.ش.
15- خطبة العقد المؤرخة 16/1/1378 هـ.ش.
16- خطبة العقد المؤرخة 15/10/1379 هـ.ش.
17- خطبة العقد المؤرخة 15/10/1379 هـ.ش.
18- خطبة العقد المؤرخة 4/10/1374 هـ.ش.
19- خطبة العقد المؤرخة 6/9/1376 هـ.ش.
20- سورة الأعراف، الآية 189.
21 ï´؟وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَاï´¾ سورة الروم، الآية 21
22- خطبة العقد المؤرخة 31/4/1376 هـ.ش.
23- خطبة العقد المؤرخة 29/10/1377 هـ.ش.
24- خطبة العقد المؤرخة 15/12/1379 هـ.ش.
25- خطبة العقد المؤرخة 9/12/1380 هـ.ش.
26- خطبة العقد المؤرخة 30/7/1376 هـ.ش.
27- خطبة العقد المؤرخة 16/5/1379 هـ.ش.
28- خطبة العقد المؤرخة 6/9/1376 هـ.ش.
29- خطبة العقد المؤرخة 17/11/1379 هـ.ش.
30- خطبة العقد المؤرخة 18/6/1376 هـ.ش.
31- خطبة العقد المؤرخة 20/10/1372 هـ.ش.
32- خطبة العقد المؤرخة 2/1/1380 هـ.ش.
33- خطبة العقد المؤرخة 24/5/1374 هـ.ش.



45- المثاليّة المفرطة:

هناك بعض الشباب يتأخّر في الزواج وحينما تسأله عن سبب التأخير يقول لك: لم أجِد بعدُ الزوج الملائم. وما السبب في الحقيقة إلّا المثاليّة الّتي يعيش فيها هذا الشخص.:

"على الشباب والفتيات أنْ لا ينساقوا وراء المثاليّة المُفرِطة في أمر الزواج، إذ لا يوجد شخصٌ مثاليٌّ، ولا يستطيع الإنسان أنْ يجد مطلوبه المثاليّ، فلا بُدَّ أنْ يتوافق ويعيش حياته، وإن شاء الله تكون حياة سعيدة، ويبارك الله لهم ويرضى عنهم"1 .

46- الكُفْؤُ من وجهة نظر الإسلام:

الصفة العامّة للاختيار هي الكفاءة، فماذا تعني؟


"المُقرّر في شرع الإسلام أن الابن والبنت يجب أنْ يكون أحدهما كفؤاً للآخر.
________________________________________
الأساس في هذه المسألة أي في باب الكفاءة هو أنّ الكفاءة عبارة عن الإيمان، أي أن يكونا مؤمنين تقيَّين ومعتقدين بالمبادئ الإسلاميّة، ويعملان ضمن هذا الإطار، فبقيّة الأشياء ليست مهمّة. فعندما تُحرَز تقوى وعفّة البنت والولد فإنَّ الله تعالى سوف يتكفّل ببقيّة الأمور. فالملاك في هذه الشراكة التي تُسمّى الزواج في الإسلام هو عبارة عن الدين والتقوى "المؤمن كُفْؤُ المؤمنة والمسلم كفؤُ المسلمة"2 هذا هو الملاك الإسلاميّ.

أن لا تكون المرأة بذلك المستوى فلا إشكال في ذلك، بل عليها أن ترقى بنفسها إلى ذلك المستوى، أو يُمكن أنْ تكون المرأة متفوِّقة على الرجل، فعلى الرجل أنْ يوصل نفسه إلى مستواها"3.

جاء في الحديث أنّ رجلاً جاء إلى الحسن عليه السلام يستشيره في تزويج ابنته فقال عليه السلام:

"زوّجها من رجل تقيّ، فإنّه إن أحبّها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها"4.

كما ورد عن الإمام الرضا عليه السلام:

"إن خطب إليك رجلٌ رضيت دينه وخُلُقه فزوِّجه، ولا يمنعك فقره وفاقته"5 ، وقال تعالى: ï´؟... إِن يَكُونُوا فُقَرَاء يُغْنِهِمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ...ï´¾6.

من هنا كان التحذير من الزواج من شارب الخمر لأنّه بعيد عن الإيمان والتقوى والأخلاق، حيث جاء عن الإمام الرضا عليه السلام:
"إيّاك أنْ تُزوِّج شارب الخمر فإنْ زوَّجَته فكأنّما قُدَت إلى الزنا"7.
________________________________________
وورد النهي عن تزويج سيّئ الأخلاق حتّى وإن كان قريباً ورحِماً كما عن أحدهم، يقول: كتبت إلى أبي الحسن عليه السلام إنَّ لي ذا قرابة قد خطب إليّ وفي خلقه سوء فقال‏ عليه السلام: "لا تزوّجه إن كان سيّئ الخُلُق"8 .

وكذلك الرجل عليه أنْ يختار ذات الدين والتقوى، يقول النبيُّ صلى الله عليه وآله وسلم:

"تُنكَح المرأة على أربع خِلال: على مالها، وعلى دينها، وعلى جمالها، وعلى حسبها ونسبها، فعليك بذات الدّين"9 .

وعن الإمام الباقر عليه السلام:

"وعليك بذوات الدّين تربت يداك"10 .

:

"إذا ما تزوّج الفرد بدافع المال والجمال فمن الممكن أنْ يُعطيه الله الجمال وقد لا يُعطيه، أمّا إذا تزوّج بحثاً عن التقوى والعفاف، فإنّ الله سيُعطيه المال والجمال أيضاً. وقد يقول قائل: إنّ الجمال لا يُعطى، فالمرء إمّا أن يكون جميلاً أو لا، لكنّ المقصود: أنّ الجمال لمّا كان في العين والقلب فأنت ترى الشخص جميلاً وإن لم يكن جميلاً جدّاً، وعندما لا تُحبُّ شخصاً ما فإنّك لا تراه جميلاً مهما كان جماله"11 .

إذا عرفنا ضرورة الزواج وأهميّة تشكيل الأُسرة وخطورة تدميرها وعدم الحفاظ عليها، الآن السؤال المطروح هو: كيف يستمرُّ الزواج سعيداً؟ وكيف نستمرُّ بالأُسرة على طول الخطّ؟

:

"في البداية يرى الإنسان كلَّ شيءٍ جميلاً، وبعد أنْ يتعرّف إلى طبائع الطرف الآخر تنكشف له النواقص ونقاط الضعف تدريجيّاً، وهذا ما لا ينبغي أنْ يؤدّي
________________________________________
إلى فتور العلاقة، بل لا بُدَّ من التوافق رغم وجود هذه النقائص؛ لأنَّه في النهاية ليس هناك رجلٌ مثاليٌّ وبلا عيب، ولا امرأة مثاليّة بلا عيب – أيضاً – في أيّة بقعة من هذا العالم"12 .
________________________________________

هوامش



1- خطبة العقد المؤرخة 6/9/1376 هـ.ش.
2- وسائل الشيعة، ج20، ص67.
3- خطبة العقد المؤرخة 11/6/1372 هـ.ش.
4- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1184.
5-   م. ن.
6- سورة النور، الآية: 32.
7- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1183.
8- ميزان الحكمة، ج‏2، ص‏1183.
9- كنز العمال، 44602.
10- وسائل الشيعة، ج 2، ص 21، ح 14.
11- خطبة العقد المؤرخة 13/10/1377 هـ.ش.
12- خطبة العقد المؤرخة 24/1/1378 هـ.ش.



47- التديُّنُ، سرُّ بقاء الأُسرة:

:
"لا بُدَّ من رعاية الأحكام الإسلاميّة في بناء وتكوين الأُسرة وحفظها لكي تدوم وتبقى، لذلك تُلاحِظون العوائل المُتديِّنة التي يهتمُّ الزوج والزوجة فيها بهذه الأحكام يعيشون سويّة لسنين متمادية، وتبقى المحبّة بينهما بحيث يصعب فصلهما، وهما يعشق أحدهما الآخر. هذه المحبّة هي التي تحكم كيان الأسرة؛ ولذا اهتم بها الإسلام"1 .

"إذا تمّ ترويج المنهج الإسلاميّ فإنَّ تماسك الأُسرة سيكون أكثر، كما هو الحال في الماضي – لا في الفترة البهلويّة النحسة – بل تلك الأيام التي كان إيمان الناس فيها سليماً وكاملاً وغير ملوّث. في ذلك الزمان كان تماسك الأُسرة أكثر، كانت صحبة الرجل والمرأة أحدهما للآخر أشدّ، وكان الأبناء يتربَّون في بيئة أمنٍ وأمانٍ، والآن فإنّ الطريق هو ذلك الطريق، فالأُسر التي تُراعي المسائل الإسلاميّة فإنها في الغالب ستكون أكثر تماسكاً وأفضل وأقوى، وستكون بيئة أكثر أمناً للأطفال والأبناء"2
________________________________________
48- الحبُّ، هو القضيّة الأساس:

:

"إذا كانت هناك محبّة فإنّ المصاعب التي تحدث خارج البيت سوف تسهل، كما ستُصبح المصاعب الّتي تُواجه المرأة داخل البيت سهلة بالنسبة إليها"3.
"الأساس في الزواج هو (الحبّ). على الفتيان والفتيات أنْ يعلموا ذلك، وأنْ يُحافِظوا على المحبّة التي أودعها الله في قلوبهم"4.

"هذه العلاقة الإنسانيّة قائمة على أساس المحبّة والارتباط العاطفيّ، أي لا بُدَّ للزوج والزوجة أنْ يتحابّا، وهذه المحبّة هي التي ستُسهِّل تعايشهما. وسبب المحبّة لا يعود إلى المال أو المظاهر وأمثالها"5.

"المحبّة هي التي تُثبِّت كيان الأُسرة، وهي أساس الرفاه في الحياة، وببركة المحبّة تُذلّل الصعوبات للإنسان حتى في السّير إلى الله. إذا دخل الإنسان عن طريق المحبّة ستَسهُل عليه جميع الأمور وستُحلّ جميع المشاكل"6.
"على الفتى والفتاة، الزوج والزوجة، أنْ يتحابّا فيما بينهما، لأنَّ المحبّة هي الرابط الذي يحفظ أحدهما للآخر ويبقيان جنباً إلى جنب، ويحول بينهما وبين الانفصال. المحبة شيء جميل، وإذا وُجدت المحبّة وُجد الوفاء أيضاً، ولم يعد هناك جفاء أو تكدّر أو خيانة. إذا كانت هناك محبّة فالأجواء ستُصبح أجواء أُنس وسيوجد هناك الجوّ المناسب والمقبول والجميل"7.

49- ازدياد المحبّة أفضل:

"مهما كثُرت المودّة بين الرجل والمرأة فهي ليست زائدة. فالمورد الذي مهما ازدادت المحبّة فيه فلا بأس في ذلك هو الحبُّ بين الزوج والزوجة، فكلَّما كان
________________________________________
كان تحابّهما أكثر فهو أفضل، والمحبَّة هي نفسها التي تجلب الثقة.
المحبَّة بين الزوج والزوجة نوعٌ من الحبِّ الإلهيّ وهي من المحبَّة الحسنة، فكلَّما ازدادت فهو أفضل.
لا بُدَّ للزوج وللزوجة أنْ يتحابّا، هذا هو أساس السعادة، فالسعادة هي أنْ يتحابّا"8.

"إذا كانت هناك محبَّة فإن الأشواك ستُصبح أزهاراً، وإذا كان في الشريك شيءٌ غير محبَّذ فمع وجود الحبّ فإنّ ذلك الشيء غير المحبّذ سوف يفقد بريقه نهائيّاً، فالمحبّة تُغطِّي جميع العيوب"9.

50- الاهتمام بالطرف الآخر:

"لا بُدَّ للزوج والزوجة أن يتحابّا. لا تفعلوا الأشياء التي تُقلِّل المحبَّة. إحذروا أنْ تصدر عنكم الأمور التي تُثير العتب والنفور فيما بينكم. أنظروا بِدقّة إلى الأشياء التي تُثير حساسيّة الزوج أو الزوجة كثيراً واجتنبوها. بعض الناس لا يُراعي ذلك. أفرضوا مثلاً أنَّ المرأة تكره عادة معيّنة لدى الرجل والرجل لا يبالي، ويعاود تكرار هذه العادة، هذا سيِّئ!!

كذلك النساء، فمثلاً يوجد بعض النساء والتي تُفضِّل رغباتها الشخصيّة (كشراء حاجة ما أو الذهاب إلى مكان) على راحة زوجها واستقراره، ما ضرورة ذلك؟
أصل القضيّة أنتما الإثنان، وما سواكما فهو أمرٌ ثانويّ، إهتموا أحدكما بالآخر وليعطف أحدكما على الآخر"10.
"إذا طرأ خلافٌ ما – لا سمح الله – فلا بُدَّ من إذابته بين طيّات المحبّة وإزالته. ينبغي أنْ لا تُضَخَّم كلمةٌ بسيطة وتُعظَّم باستمرار، هذا ما لا ينبغي أنْ يحصل"11.
________________________________________
"إذا لم يهتمّ كلٌّ من الزوج والزوجة ولم يبال بأحاسيس الآخر، وظهرت بالتدريج حالة انعدام المحبّة من أحدهما، فإنها بالتأكيد سوف تسري إلى الطرف الآخر؛ لأنّ انعدام المحبَّة أمرٌ مُعدٍ... فالمسألة – إذاً – بهذا الشكل، فلا تسمحوا بذلك.. يجب على كلٍّ منكما السعي والاجتهاد، فهذا أمرٌ أساسيّ"12.

المحبّة ليست أوامراً:

"المحبّة ليست إيعازاً أو أمراً أو توصية. إنّ أمرها يعود إليكم..! بإمكانكم أنْ تزيدوا محبّتكم في قلب شريك حياتكم يوماً بعد آخر، كيف؟ بالأخلاق الحسنة والسلوك اللائق، وبالوفاء له والتودُّد إليه"13.
"فإذا أرادت الزوجة أنْ يُحبّها الزوج فلا بُدَّ من العمل والسعي لتحقيق ذلك، وإذا أراد الرجل أنْ تُحبّه زوجته فلا بُدَّ أنْ يسعى هو الآخر لتحقيق ذلك، فالمحبّة هي سعي وابتكار"14.
"المحبّة ستدوم إذا راعى كلٌّ من الطرفين حقوق الآخر، ولم يتعدَّ عليها، أي في الحقيقة أنْ يسعى كلٌّ من الطرفين – واللّذين هما شريكان ويعيشان سويّة – إلى جعل مكانته في قلب الطرف الآخر وذهنه مكانة راسخة ونافذة، هذا النفوذ هو النفوذ المعنويّ أي الارتباط القلبيّ بين الزوج والزوجة...
هذا هو الغرض الذي جاءت من أجله الحقوق في الإسلام"15.
"إذا أردتم أن تدوم هذه المحبّة، فبدلاً من أنْ تنتظروا دائماً أنْ يُحبّكم الطرف المقابل اطلبوا من قلوبكم أنْ تزداد المحبّة فيها ترشُّحاً يوماً بعد آخر. فالمحبّة تجلب المحبّة بشكل طبيعيّ"16.
________________________________________
52- الحبُّ وحبُّ الذات:

"اليوم يُسيئون استعمال كلمة (الحبّ)، هذا الحبُّ الذي يُعبِّر عنه هؤلاء ليس هو الحبُّ الحقيقيُّ، بل هو حالة التهيُّج الجنسيّ والتي يُظهِرونها بطريقة خاصّة، وهذا يُمكن أنْ يحصل في حالات كثيرة وهو لا قيمة له. الشيء الذي له قيمة حقيقيّة ذلك الحبُّ الإلهيُّ العميق والصادق والمصحوب بالشعور المتبادَل بالمسؤوليّة بين الفتى والفتاة، بحيث يعتقدان أنَّهما ومن الآن وجود واحد ويَنشدان هدفاً واحداً. تلك هي المحبَّة التي تتشكّل الأُسرة على أساسها"17.

"إنّ الحبَّ والعشق الذي لا يقوم على أساس الأصول الإنسانيّة، بل نتيجةً للأشياء الظاهريّة والشهوات العابرة، ليس له مرتكز أو أساس.
أما الحبُّ المبنيُّ على أساس الأصول الإنسانيّة والتي وضعها الله سبحانه وتعالى – خصوصاً إذا كان وِفقاً للشروط الموصى بها والواجب مراعاتها في الزواج الإسلاميّ – فإنَّ مثل هذا الحبّ سيزداد يوماً بعد آخر"18.

53- الاحترام المُتبَادَل:

الأمر الآخر المفيد في استمرار الزواج ومتانة الأُسرة هو الإحترام المُتبادَل.


:
"لا بُدّّ أنْ يحترم الزوج والزوجة أحدهما الآخر ليس احتراماً ظاهريّاً أو رسميّاً وإنَّما احتراماً حقيقيّاً"19.
"فعلى سبيل المثال، ليس الإحترام أنْ يُنادي أحدهما الآخر بالألقاب أو العبارات الأدبيّة، بل أنْ يشعر كلٌّ من الرجل والمرأة في قلبه بالاحترام للآخر، حافظوا على الاحترام في قلوبكم. ليجعل كلٌّ منكم حرمةً للآخر، فهذا أمرٌ مهمٌّ
________________________________________
في إدارة شؤون الحياة، ينبغي أنْ لا يكون هناك إهانة أو تحقير أو إذلال بين الزوج والزوجة"20.

54- تحقير الزوجة، بداية انهيار الأُسرة:

"الظلم والتمييز والإهانة، أمورٌ خاطئة في كلِّ الأحوال، فإذا كان الرجل مثلاً من أكمل رجال العالم وكانت زوجته ـ مثلاً، من جهة التعليم والثقافة ـ امرأة أميّة أو كانت من أسرة أقلّ شأناً، فليس له الحقّ أنْ يُوجِّه أدنى ظلم أو إهانة، فالمرأة هي المرأة إلى الأبد لا يحقُّ للرجل أنْ يوجِّه لها أدنى إهانة، طبعاً هذا الأمر لا يقتصر علينا، فهؤلاء الأوروبيون المعطّرون وذوو الملابس الأنيقة يظلمون هذه المخلوقات أحياناً بشكل أسوأ ممّا في مجتمعاتنا.

لا يحقُّ للرجل وإن كان أعلى شأناً من المرأة أنْ يُعامل زوجته بجفاء. والزوجة كذلك، فأحياناً تكون الزوجة امرأة متعلِّمة فإذا تزوّجت برجلٍ عاملٍ فليس لها الحقّ في إهانته، فالرجل مع ذلك هو السند الذي يجب أن يُتّكَأ عليه والذي يجب أنْ تُحافِظ على حالته المعنويّة بحيث يُمكنها أنْ تتّكئ عليه. هذه هي الأُسرة السليمة. وإذا بنيتم الأُسرة على هذا المنوال فاعلموا أنّكم ضمنتم ركناً أساسيّاً من أركان سعادتكم"21.

55- بناء الثِّقة:

:

"المحافظة على المحبَّة بين الزوج والزوجة يجلب الثقة بينهما. فإذا وُجدت الثقة رسخت المحبَّة وحصل الأنس"22.
"فأساس المحبّة هو الثقة وإذا زالت الثقة بين الزوج والزوجة فإنَّ المحبَّة ستزول
________________________________________
ستزول شيئاً فشيئاً. لا بُدَّ أنْ يثق أحدكما بالآخر23. وإذا أردتم أن تزداد محبّة الطرف المقابل لكم، كونوا أوفياء، إكسبوا ثقته" .

" من الأمور التي تقضي على الحبّ داخل الأسرة بشكل نهائي انعدام الثقة بين الزوج والزوجة"24 .

" الحبُّ هو أمرٌ لا بُدَّ من تهيئة الأرضيّة اللازمة له. والأرضيّة اللازمة هي أنْ تُحاوِل المرأة أنْ تكسب ثقة الرجل بها، والرجل كذلك يُحاوِل أنْ يكسب ثقة المرأة، فإذا وجدت الثقة المُتبادَلة واطمئن كلٌّ منهما لوفاء الآخر فإنّ المحبّة ستزداد"25 .
" الوفاء مهمٌّ جدّاً، فإذا شَعَرَت الزوجة بأنَّ زوجها وفيٌّ لها، وشعر الزوج كذلك بأنَّ زوجته وفيّةٌ له، فإنّ هذا بحدِّ ذاته ممّا يجلب المحبّة، عندها سيثبت كيان الأُسرة، وسيمتدُّ هذا الكيان القويُّ والثابت إلى سنين متمادية"26.

" أما إذا شَعَرَ الزوج أو الزوجة بأنَّ قلب شريكه متعلِّقٌ بطرفٍ آخر، أو أحسَّ بأنَّه غير صادق معه، أو أنَّه يتعامل معه بوجهين، أو أحسَّ بأنَّه لا وجود للعلاقة الحميمة بينهما، فإنّ المحبَّة بينهما ستضعُف مهما كان مستواها"27 .

56- موجبات المحبّة:

" المحبَّة هبة الله تعالى لكم، رأس المال الذي يهديه الله إلى الفتى أو الفتاة في بداية الزواج هو أنْ يوجد بينهما الحبُّ المُتبادَل.. وهذا ما يجب المحافظة عليه.
حبُّ الشريك لك يرتبط بسلوكك معه، فإذا أردتُّم أنْ تدوم محبّة الشريك لكم فلا بُدَّ أنْ تتحبّبوا إليه بأفعالكم.. وبهذا يتَّضح ما يجب على الإنسان فعله لكي يُظهِر محبّته.. فيجب أنْ يكون وفيّاً، وأنْ يُظهِر الأمانة والإخلاص، وأنْ لا يرفع
________________________________________
يرفع سقف توقّعاته، وأن يُظهِر المحبّة والتعاون. هذه هي الأمور التي توجد المحبّة، وهذه هي مسؤوليّة كلِّ طرف تجاه الطرف الآخر. يجب أنْ يكون هناك محبّة وتعاون في الحياة الزوجيّة، وأنْ لا يكون هناك اعتراضات وطلبات كثيرة"28.

57- الثقة ليست بالتعاقد:

"الثقة ليست أمراً تعاقديّاً، أي: تعال لأثق بك أو لتثق بي، المسألة ليست كذلك، بل لا بُدَّ من كسب الثقة بحسن التعامل، وبرعاية الأخلاق والآداب، وبمراعاة الحدود والموازين الشرعيّة"29.

"عدم الثقة يقطع جذور المحبّة. لا تسمحوا له بأنْ يوجد. الشعور بعدم الوفاء كالجذام يأكل المحبّة ويفنيها"30.

"فإذا شَعَرَت الزوجة بأنَّ زوجها يكذب عليها، أو شَعَرَ الرجل بأنَّ زوجته تكذب عليه، أو أحسَّ كلٌّ منهما بأنّ الآخر غير صادق في ما يُظهره من المحبّة، فإن هذا سيُضعِف أساس المحبَّة. إذا أردتم أنْ تدوم المحبَّة بينكم فاحفظوا الثقة بينكم، وإذا أردتم أنْ تستمرّ حياتكم المشتركة فلا بُدَّ من المحافظة على المحبّة"31.

58- المراعاة والتفهُّم المُتبادَل:

"لا بُدَّ للرجل أنْ يفهم ضرورات المرأة، يفهم مشاعرها، لا يغفل عن حالها، ولا يعتبر نفسه صاحب الاختيار ومطلق العنان في المنزل. فالزوج والزوجة فردان شريكان رفيقان، لكلٍّ منهما أفق فكريٌّ وروحيٌّ. على الرجل أنْ يُساعد المرأة لكي تجبر تأخُّرها في مجتمعها"32.

"لقد اتّخذ الإسلام تدابير في داخل الأُسرة، بحيث تُحلّ الخلافات الداخلية
________________________________________
بشكل تلقائيّ، فقد أمر الرجل أنْ يُراعي بعض الشيء وأمر المرأة كذلك أن تراعي هي الأخرى، وإذا حصلت هذه المراعاة فسوف لن تتفكّك أيّة أُسرة أو تزول، فتفكُّك الأُسر إنَّما يحصل في الغالب بسبب عدم المراعاة، فالرَّجل الذي لا يعرف كيف يُراعي والمرأة التي لا تتصرّف بعقل، والرجل الذي يستخدم العنف والحدّة المفرطة فيما لا تُطيق المرأة ذلك، هذا كلّه خطأ، حدّة الرجل خطأ وعناد المرأة خطأ أيضاً، فإذا لم يكن الرجل حادّاً وأخطأ ذات مرّة فعلى المرأة أنْ لا تُعاند. عليهما أنْ يُراعيا ويتآلفا، عندها سوف لن تتفكّك أيّة أُسرةٍ وستبقى إلى الأبد"33.

59- العفّة الجنسيّة:

"جعل الإسلام الغريزة الجنسيّة أساساً لبناء الأُسرة، أي أنّها وسيلة لتقوية الأُسرة، ماذا يعني هذا؟ يعني أنّه إذا كان الرجل والمرأة عفيفين ومتديّنين ويخافان الله تعالى ويجتنبان المعصية في مجال الغريزة الجنسيّة – كما أمر الإسلام – فإنّ احتياج الرجل والمرأة أحدهما إلى الآخر سيكون أكثر. وإذا كان الاحتياج أكثر، فإنّ هذه الأُسرة والّتي أساس بنائها الرجل والمرأة ستكون أكثر تماسكاً"34.

"الإسلام يطمح لأنْ لا تُسلب هذه الركيزة من الأُسر، ويؤكِّد على أنْ لا يُشبع الناس هذه الغريزة خارج محيط الأُسرة، لكي لا يُصبحوا غير مبالين ولا مهتمّين بعوائلهم، ولهذا فقد سدّ الأبواب التي تؤدّي إلى ذلك"35.

60- العفاف والحجاب حصن الأسرة:

"مسألة المَحْرم والأجنبيّ والحجاب، وجواز النظر وعدم جوازه، والعلاقات
________________________________________
غير السليمة والمضرّة، هذه أمور أكّد عليها الإسلام كثيراً، والتي لا تتمُّ مراعاتها في بعض البلدان والمناطق البعيدة عن الإسلام.

فهذه وإنْ كان فيها بعض التقييد للمرأة، إلاّ أنّ الشارع المقدّس وضعها وأكّد عليها لأجل حفظ الأُسرة وثبات هذا الكيان المهمّ، وأيُّ إنسان إذا تدبّر وتأمّل في الموضوع فإنه سيرى حِكَماً عظيمة جدّاً"36.

"فعندما تُلاحظون في الإسلام مسألة المَحْرم والأجنبيّ وعدم الإختلاط بين الرجل والمرأة وأمثال ذلك، فهذه ليست رجعيّة، بل هي من أدقِّ القضايا الإنسانيّة. وأحد أهمِّ هذه القضايا هي أن يبقى كيان الأُسرة متماسكاً, لأنّ الزوج والزوجة سيشعران بالوفاء أحدهما للآخر، ولا يتحاسدان، وهذه مسألة مهمّة للغاية"37.

"هذا الحجاب الذي وضعه الإسلام، ومَنْعُه النظرة الحرام، واعتبار تلك العلاقات غير مشروعة، كلّ ذلك من أجل أنْ تتمركز محبتكم وقلوبكم حول نقطة واحدة، سواء أنتم الرجال أم أنتنَّ النساء"38.

"إنّ ما تُلاحظونه في الإسلام كالحجاب والسِّتر، وعدم اختلاط الرجل والمرأة وأمثال هذه الأمور، والتي يتصوَّر بعض ضيِّقي الأُفق وذوي النظرة القاصرة أنها أمور سطحيّة، كلاّ...! هذه الأمور أمور عميقة، والغرض منها هو تماسك الأُسرة وثبات قلْبَيْ الزوجين وبقاء الأُسرة مُستقِرّة، فهي إنّما وُجدت لأجل ذلك. فالقضايا التي يطرحها الإسلام والفقه الإسلاميّ من قبيل المَحْرَم وغير المَحْرَم، أو لا تنظر، لا تُقم علاقة، لا تصافح، لا تضحكي، لا تتبرّجي، لا تتزيّني أمام الآخرين، كلّ هذه الأمور هي لأجل أنّها إذا روعيت فإنّ كيانكم هذا وأسرتكم الناشئة هذه، ستبقى متماسكة وستخلو من المشاكل، وسيشعر الرجل
________________________________________
والمرأة بأنّ مصير كلٍّ منهما مرتبط بالآخر، ومرتبط بهذه العائلة، لا أنْ تشعر المرأة بأنَّ البيت قيد بالنسبة لها، أو يشعر الرجل بأنَّ البيت والمرأة أمرٌ مزعج بالنسبة إليه"39 .

" إنّ تأكيد الإسلام على غضِّ البصر وعدم جواز النظر إلى الأجنبيّة وتوجيهه كلّاً من الرجل والمرأة بطريقة خاصّة، إنّما هو بسبب أنْ عين الرجل إذا انحرفت إلى جهة ما، عندها سيذهب جزء من حصّة الزوجة إلى تلك الجهة من دون فرق في ذلك بين الرجل والمرأة، حيث سيذهب جزء إلى تلك الجهة، وعندما تقلّ تلك الحصّة فإنّ المحبّة ستضعف ويتزلزل كيان الأُسرة، وحينها ستخسر ما ينفعك وتكسب ما يضرُّك، والذي تتوهّم أنّك حصلت عليه"40 .

61- فلسفة الحجاب والعفاف:

" عندما يتحدّث الإسلام والآيات القرآنيّة عن الحجاب، وعندما تُقنَّن العلاقة بين الرجل والمرأة، فإنّ هذا لصالح الناس أنفسهم، ولصالح الأُسرة، ولصالح النساء اللّواتي يُرِدْنَ أنْ لا يَفْقِدْنَ أزواجَهُنَّ، ولصالح الشباب الذين يُريدون أنْ لا يفقدوا زوجاتهم المحبوبات، وهذا غير ممكن بدون المواظبة ومراعاة الحجاب، وهكذا هي آيات القرآن حكيمة وعميقة"41 .
" هذا التمييز بين الأجنبيّ وغيره، وهذا الحجاب وستر المرأة، وقوله تعالى ï´؟ُقل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْï´¾42، أي: لا تفتحوا عيونكم على كلِّ منظر، لا تنظروا لكلِّ شيء لكي لا تنجذبوا لكلِّ طرف، لماذا كلُّ هذا؟ كلُّ هذا لكي يبقى الزوج والزوجة وفِيّين وعطوفين أحدهما على الآخر، ذلك الرجل وتلك المرأة في المجتمعات الفاسدة في العالم، أينما حلّا وحيثما ذهبا يختلط أحدهما
________________________________________
بالآخر ويفعلان ما يحلو لهما، فما أهميّة الأُسرة بالنسبة لهما؟ لا شيء..! وسمّوا ذلك حريّة! فإذا كانت هذه هي الحريّة فهي أكبر المصائب على البشريّة.

الرجل الذي لا رادع له وبإمكانه التمايل نحو النساء كما يحلو له بلا أيّ حاجز واقٍ، والمرأة التي لم تتزيّن بالحياء والعفاف والحجاب الإنسانيّ، ولا وقاية لها، مثل هكذا رجل أو هكذا امرأة لا يكِنُّ كلٌّ منهما لشريكه أيَّ احترام أو أهميّة. في الإسلام المرأة والرجل مسؤولان أحدهما عن الآخر، ويحبّ أحدهما الآخر، وكلّ منهما محتاج للآخر، لماذا هذه السلسلة الطويلة من الأحكام المترتّبة على الزوجيّة؟

كلُّ هذه الأحكام لكي تبقى الأُسرة مُتماسكة ويبقى الزوجان معاً ولا يخون أحدهما الآخر"43.

62- تواصَوا بالحقّ وتواصَوا بالصبر:

"وحدة القلب والتعاون تعني أنْ تُحافِظوا على بعضكم بعضاً في الطريق إلى الله. تواصَوا بالحق وتواصَوا بالصبر. إذا رأت سيّدة المنزل أنَّ زوجها سيقع في انحراف، كأنْ يقع مثلاً في معاملة غير مشروعة، أو تيَّار خاطئ، أو كسب غير صحيح، أو صداقات غير سليمة، فأوّل من يجب عليه حفظه هي زوجته، وفي المقابل إذا أحسّ الزوج من زوجته بالخطأ فأوّل من يحفظها هو زوجها. وطبعاً الحفظ يتمّ بالمحبّة واللِّسان العذب، وبالمنطق الصحيح وبالسلوك الحكيم، وليس بسوء الخُلُق "والزعل" وهكذا أمور، يعني أنْ يُراقب أحدُهما الآخر لكي لا يخرج عن الطريق الصحيح"44 .

63- الرقابة الأخلاقيّة رعاية:

"أهمُّ مساعدة للشريك هي العمل على حفظه متديِّناً. راقبوا أنْ لا يصدر

________________________________________
خطأ دينيّ عن شريككم. وليست هذه المراقبة بمعنى الحراسة والترصُّد. هذه المراقبة مراقبة أخلاقيّة، مراقبة عطف ورحمة، ومراقبة رعاية. إذا شاهدتم خطأ من شريككم لا بُدَّ أنْ تُعالجوه وتُزيلوه عنه بأسلوبٍ لطيف وحكيم"45 .

64- إثارة الغيرة والحسد:

" لا تُثيروا حسد وغيرة بعضكم بعضاً:
أنا دائماً أوصي الشباب، أنَّكم في تعاملكم مع غير المحارم من النساء وحتّى المحارم، لا تفعلوا شيئاً أو تتحدّثوا بحديث يُثير حسد زوجاتكم، وأوصي النساء أيضاً أنْ لا يفعلن شيئاً أو يتكلّمن مع غير المحارم من الرجال بحيث يُثرنَ الغيرة والحسد لدى أزواجهنّ، فهذا التحاسد يجلب سوء الظنّ ويضعف أساس المحبّة ويقتلعها من الجذور"46 .

65- المحافظة على الأسرار الزوجيَّة:

" لا بُدَّ للزوج والزوجة أنْ يُحافظا على أسرار بعضهما بعضاً. لا ينبغي للزوجة أنْ تبوح بأسرار زوجها أمام الآخرين. الرجل كذلك. لا ينبغي أن يذهب مثلاً ويتحدّث بأسرار زوجته في المحفل العام أو دعوة الضيافة. انتبهوا لذلك، إحفظوا أسرار بعضكم بعضاً كي تكون الحياة جميلة ومتماسكة إن شاء الله"47 .

66- الإنسجام المتبادل:

لا يوجد إنسان بلا عيب!
" إذا شاهدتم عيباً ما في شريككم – ولا يوجد إنسان لا عيب فيه – وكان لا بُدَّ من تحمُّله – فتحمَّلوه لأنّه في نفس الوقت يتحمَّل عيباً من عيوبكم – فالإنسان لا يعرف عيوبه، بل يعرف عيوب الآخرين ولذلك فلا بُدَّ من البناء على التحمُّل.
________________________________________
فإذا كان قابلاً للإصلاح أصلحوه وإلاّ فتكيَّفوا معه"48.

" كان يُقال قديماً: إنّ المرأة هي التي يجب أنْ تنسجم، فكأنّهم لم يعترفوا بأيِّ دور للرجل في عمليّة الإنسجام.. كلاّ! الإسلام لا يقول بذلك، الإسلام يقول: إنّ على الولد والبنت كليهما أنْ ينسجما، كلاهما يجب أنْ يتوافقا وأنْ يُصمِّما على إدارة حياتهما العائليّة بطريقة صحيحة وكاملة وهادئة، ومصحوبة بالمحبّة والعشق المُتبادَل، وأنْ يُداوما على ذلك ويحفظاه، فإذا توفّر ذلك إن شاء الله – وتوفُّره ليس بالأمر الصّعب في ظلّ التربيّة الإسلاميّة – ستكون تلك الأُسرة هي الأُسرة السليمة كما يراها الإسلام"49.

67- الإمام قدس سره: اذهبا وانسجما:

" ذهبت ذات مرّة إلى السيّد الإمام قدس سره، وكان يُريد أنْ يعقد قران زوجين، فما إنْ رآني حتّى قال: تعال وكن طرف العقد. وخلافاً لما كنت أقوم به من الإطالة والتفصيل والحديث، فإنّه كان يقرأ الصيغة أوّلاً ثمّ يتحدّث باختصار، ولاحظت أنّه وبعد أن ذكر صيغة العقد اتّجه إلى الفتى والفتاة وقال لهما: إذهبا وانسجما، وقد فكّرت ولاحظت أنّنا مع كلِّ ما نقول إلّا أنّ كلام الإمام كان مختصراً بهذه العبارة: إذهبا وانسجما"50.

68- ماذا يعني الإنسجام؟

" ليكن سعيكما في جميع مراحل حياتكما – خصوصاً السنين الأربع أو الخمس الأولى – هو أنْ تنسجما فيما بينكما، لا أنْ تكونا بحيث إنَّه وبمجرد أنْ يصدر عن أحدكما شيء يدلُّ على عدم الإنسجام، يُقابله الآخر بالمثل أيضاً. كلاّ!
أظهرا الإنسجام سويّةً، وإذا رأيت من شريكك عدم الإنسجام أظهرْ أنت
________________________________________
الإنسجام، فهذا من المَواطِن التي تحُسن فيها المساومة والتنازل"51.

"ما معنى الإنسجام؟ هل معناه أن ترى المرأة أنّ هذا الرجل هو مطلوبها المثاليّ لكي تنسجم معه، أو أنْ يرى الرجل أنَّ هذه المرأة هي مطلوبه المثاليّ وهي قِمّة الطموح لكي ينسجم معها، وإذا وجد شيء من الإعوجاج ولو بمقدار ذرّة هنا أو هناك، فهذا ما لا يُمكن قبوله، هل هذا معنى الإنسجام؟

كلّا! لأنّه إذا كان الأمر كذلك فالإنسجام يحصل بصورة طبيعيّة ولا حاجة لإرادة أيٍّ منكم، فعندما يُقال: إنّ عليكم أنْ تنسجموا، فهذا يعني أنْ تتعايشوا مع الوضع الموجود أو الطارئ، هذا هو معنى الإنسجام، أي: إنّ أموراً قد تطرأ في الحياة؛ إذ إنّ الزوجين الَّلذين لم يكن أحدهما على معرفةٍ بالآخر، أو قد يكونان من ثقافتين مختلفتين، أو تكون عاداتهما مختلفة، فمن الممكن أنْ يشعُرا في البداية بشيء من عدم الإنسجام.. ليس الآن وفي بداية الزواج حيث لا يشعر أحدهما بشيء.. وإنّما بعد مضي بعض الوقت، حيث يُمكن أنْ يحسّا بشيء من عدم الإنسجام.

فهل ينبغي حينئذٍ أنْ يتقاعسا أحدهما عن الآخر ويقول الرجل أو تقول المرأة: إنّ الآخر لم يَعُد يُناسبني؟!
كلاّ..! يجب عليكم أنْ تُكيّفوا أنفسكم مع هذا الأمر، فإذا كان الوضع قابلاً للإصلاح فأصلحوه، وإذا رأيتم أنه لا يُمكن إصلاحه فلا بد من التكّيف معه"52.
"التوافق في البيئة العائليّة من الواجبات، فلا ينبغي للرجل والمرأة أنْ يعتقدا بأنّ ما قالاه لا بُدَّ أن يتحقّق، لا يكون الأمر كذلك، بل لا بُدَّ أنْ يكون البناء على الإنسجام بينهما، وهذا الإنسجام ضروريّ، فإذا لاحظتم أنّ مطلوبكم لا يتحقّق إلاّ بالتنازل فتنازلوا"53.
________________________________________
"الإنسجام في الحياة أساس بقائها، وهو الذي يخلق المحبّة، ويجلب البركات الإلهيّة، وهو الذي يُقرِّب القلوب بعضها إلى بعض ويُقوّي العلائق"54.

69- إدراك الطرف الآخر:

"أساس قضيّة الزواج هو عبارة عن التفاهم والأُنس والاتّحاد في الحياة بين موجودين، وهذا في الأصل أمرٌ طبيعيٌّ، لكنّ الإسلام وبما وضعه للزواج من قواعد وآداب وأحكام، فقد منحه ديمومة وبركة. "على الزوج والزوجة أنْ يُدرك أحدهما الآخر ويفهمه" هذا تعبير أوروبيّ، لكّنه تعبير جيّد، أي أنْ يُدرِك كلٌّ منهما آلامَ الطرف الآخر واحتياجاته، ويتسامح معه، وهذا ما يُسمّى (بالإدراك) وبتعبير آخر أنْ يكون هناك درك وفهم متقابل في الحياة. وهذا ممّا يزيد المحبّة"55.

70- عدم التدخُّل السلبيّ:

"لا بُدّّ من إرشاد الشباب، لكنْ لا ينبغي التدخُّل كثيراً في جزئيّات حياتهم؛ لأنَّ هذا سوف يُعقِّد حياتهم"56.

"لا يجوز أنْ يُزلزل بعض الناس هذا البناء المُستحكِم، سواء بتدخّله أم بضحالته وطبعه الصبيانيّ، فإذا لاحظوا أنَّ تدخّلهم يُفسد العلاقة بين الزوج والزوجة، فليس من حقّهم أنْ يتدخّلوا بعد ذلك"57.

"إذا أراد الكبار أن يعيش شبابُهم بسعادة، فلا بُدَّ أنْ يُقدِّموا لهم النصيحة والإرشاد، لكن لا ينبغي أنْ يتدخّلوا في شؤونهم، بل يدعونهم ليعيشوا حياتهم"58.
________________________________________

"لا يجوز أنْ يأتي الكبار – لا سمح الله – إلى أحد الزوجين ويطعنوا بالآخر أو يقولوا ما يُعكِّر النفوس، بل يجب أنْ يسعى الكبار للتقريب بين الزوجين وربط قلبيهما أكثر".59
"إنّ للوالدين دوراً كبيراً في إيجاد المحبّة، فعلى والِدَي الزوج أو الزوجة أنْ يحرصا دائماً على أنْ يُحبَّ الزوجان أحدهما الآخر، وإذا لاحظوا شيئاً لا يُعجبهم من الطرف الآخر فلا يذكروه لابنهم أو ابنتهم. ليَدَعُوا هؤلاء الإثنين يزدادان أُنساً أحدهما بالآخر، وتزداد محبّتهما يوماً بعد آخر".60

"يجب أنْ يُحاول الآباء والأُمّهات أنْ يضمنوا محبّة الزوج والزوجة، والذين هم أبناؤهم الشباب الذين يتزوّجون حديثاً، يُمكن أنْ يحصل خلاف في بعض الأحيان، فعلى الوالدين والذين هم أكثر تجربة وأكبر سنّاً، أنْ لا يَدَعُوا هذا ينتهي إلى برودة العلاقة بين الزوجين الشابّين".61
________________________________________

هوامش
1- خطبة العقد المؤرخة 23/12/1379 هـ.ش.
2- خطبة العقد المؤرخة 15/1/1378 هـ.ش.
3- خطبة العقد المؤرخة 11/8/1377 هـ.ش.
4- خطبة العقد المؤرخة 17/10/1374 هـ.ش.
5- خطبة العقد المؤرخة 4/9/1375 هـ.ش.
6-  خطبة العقد المؤرخة 30/7/1376 هـ.ش.
7- خطبة العقد المؤرخة 24/9/1376 هـ.ش.
8- خطبة العقد المؤرخة 19/1/1377 هـ.ش.
9- خطبة العقد المؤرخة 15/1/1378 هـ.ش.
10- خطبة العقد المؤرخة 24/9/1371 هـ.ش.
11- خطبة العقد المؤرخة 24/9/1376 هـ.ش.
12- خطبة العقد المؤرخة 16/5/1379 هـ.ش.
13- خطبة العقد المؤرخة 30/7/1376 هـ.ش.
14- خطبة العقد المؤرخة 19/1/1377 هـ.ش.
15- خطبة العقد المؤرخة 11/12/1377 هـ.ش.
16- خطبة العقد المؤرخة 19/7/1379 هـ.ش.
17- خطبة العقد المؤرخة 15/10/1379 هـ.ش.
18- خطبة العقد المؤرخة 2/1/1380 هـ.ش.
19- خطبة العقد المؤرخة 2/1/1380 هـ.ش.
20- خطبة العقد المؤرخة 19/9/1371 هـ.ش.
21- خطبة العقد المؤرخة 22/1/1378 هـ.ش.
22- خطبة العقد المؤرخة 28/9/1374 هـ.ش. 
23- خطبة العقد المؤرخة 19/1/1377 هـ.ش.
24- خطبة العقد المؤرخة 19/7/1379 هـ.ش.
25- خطبة العقد المؤرخة 22/9/1379 هـ.ش.
26- خطبة العقد المؤرخة 30/7/1376 هـ.ش.
27- خطبة العقد المؤرخة 21/12/1379 هـ.ش.
28- خطبة العقد المؤرخة 19/12/1376 هـ.ش.
29- خطبة العقد المؤرخة 10/2/1375 هـ.ش.
30- خطبة العقد المؤرخة 16/11/1379 هـ.ش.
31- خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش.
32-  خطبة العقد المؤرخة 10/2/1375 هـ.ش.
33- خطبة العقد المؤرخة 20/11/1375 هـ.ش.
34- خطبة العقد المؤرخة 9/12/1380 هـ.ش.
35- خطبة العقد المؤرخة 18/12/1376 هـ.ش.
36- خطبة العقد المؤرخة 11/12/1377 هـ.ش.
37- خطبة العقد المؤرخة 15/10/1379 هـ.ش.
38- خطبة العقد المؤرخة 30/3/1379 هـ.ش.
39- خطبة العقد المؤرخة 15/12/1379 هـ.ش.
40- خطبة العقد المؤرخة 17/2/1375 هـ.ش.
41- خطبة العقد المؤرخة 11/5/1375 هـ.ش.
42- سورة النور، الآية 31.
43- خطبة العقد المؤرخة 12/9/1377 هـ.ش.
44- خطبة العقد المؤرخة 21/8/1379 هـ.ش.
45- خطبة العقد المؤرخة 3/8/1379 هـ.ش.
46- خطبة العقد المؤرخة 10/9/1379 هـ.ش.
47- خطبة العقد المؤرخة 24/1/1378 هـ.ش.
48- خطبة العقد المؤرخة 9/4/1378 هـ.ش.
49- خطبة العقد المؤرخة 11/5/1374 هـ.ش.
50- خطبة العقد المؤرخة 20/4/1370 هـ.ش.
51- خطبة العقد المؤرخة 31/4/1376 هـ.ش.
52- خطبة العقد المؤرخة 16/1/1379 هـ.ش.
53- خطبة العقد المؤرخة 9/4/1378 هـ.ش.
54- خطبة العقد المؤرخة 19/11/1377 هـ.ش.
55- خطبة العقد المؤرخة 31/6/1371 هـ.ش.
56- خطبة العقد المؤرخة 6/9/1376 هـ.ش.
57- خطبة العقد المؤرخة 17/2/1375 هـ.ش.
58- خطبة العقد المؤرخة 18/5/1374 هـ.ش.
59- خطبة العقد المؤرخة 18/4/1377 هـ.ش.
60-خطبة العقد المؤرخة 31/6/1371 هـ.ش.
61-خطبة العقد المؤرخة 9/12/1380 هـ.ش.




71- الأسرة الغربيّة:

:

"من المُسلَّم به أنَّ الأُسرة المعاصرة غير المسلمة خاصّة في الغرب تُعاني من التمزُّق والاضطراب، وتعيش الآن مرحلة الزوال أو الإنهيار كما يذهب إلى هذا بعض علماء الاجتماع.
لقد نمت في بلاد الغرب نزعة انقطاع الطفل عن والديه، جرَّاء انهماكهما في العمل واستهلاك البلدان الصناعية طاقة الأمّهات التربويّة لمصلحة المصانع، فأدّى ذلك إلى عزل الطفل عن والديه، والزّج به في المدارس الداخليّة، مُنقطِعاً عن أهله سنوات طفولته.

ونتج عن ذلك ضمور البُعد العاطفيّ والروحيّ في شخصيّة الإنسان في كثير من البلاد الصناعيّة... وأدّى ذلك إلى تفكّك الأُسرة وضياعها، وعيش كلّ شخص منها منفرداً عن الآخر".

:

"ما يُشاهد اليوم في البلدان الغربيّة هو عبارة عن أجيال بلا هويّة، أجيال ضائعة حائرة، آباء وأُمهات لا يعرفون شيئاً عن أبنائهم منذ سنين، رغم أنّهم يعيشون في مدينة واحدة، هذا فضلاً عن أن يكونوا في مدينة أخرى. الأُسرة قد تفكّكت والناس في عزلة"1 .
________________________________________
"يوجد في البلدان الأوروبيّة والأميركيّة أعداد كبيرة من النساء بلا أزواج، ورجال بلا زوجات، ويتبع ذلك أطفال بلا والِدَين، أطفال شوارع، ونتيجة ذلك توجد أعداد من الجُناة. تلك البيئة، بيئة جريمة، هذا ما تسمعونه في الأخبار، حيث يقوم الطفل فجأة بجريمة قتل في مدرسة أو شارع أو قطار فيقتل من الناس. ولا يحصل هذا لمرّة أو مرَّتين. ولا يؤدّي إلى قتل شخص أو شخصين فقط، وهكذا فإنّ مستوى العمر للمجرمين آخذ بالتدنّي، فقد كانوا شباباً من أبناء العشرين، ثمّ شباباً في سنّ السابعة عشر والسادسة عشر، والآن صبياناً في الثالثة عشر أو الرابعة عشر من العمر، يرتكبون الجرائم في أمريكا، يقتلون الإنسان بدمٍ بارد. عندما يصل المجتمع إلى هذا المستوى فلا يُمكن جمعه وبناؤه بعد ذلك"2.

72- خطيئة الغرب الكبيرة:

"إحدى مشاكل الغرب والتي ستقضي عليه بالتدريج كحشرة (الأرضة)، والتي ستجعله مُشرِفاً على السقوط والهلاك بمرور الأيّام – على الرغم من التقدُّم الصناعيّ والعلميّ – هي مسألة إهمال الأُسرة، فهم لم يتمكُنوا من حماية الأُسرة، فالأُسرة في الغرب غريبة ومُهمَلة ومُهَانة"3.
"أحد الأخطاء الكبيرة للحضارة الغربيّة بحق البشريّة، أنّها هوّنت الزواج في نظر الناس، وصغّرت مسألة تكوين الأُسرة. لقد جعلوا مسألة الزواج كالثوب الذي يستبدلونه"4.
تلك البلدان التي تمزّقت فيها الأُسرة، فإنّ أسس حضارتها تهتزّ في الواقع وستنهار في النهاية"5.
________________________________________
73- وحدة النساء:

"كم من النساء يَعِشْنَ لِوحدهنّ، المرأة التي تعيش بمفردها بعيداً عن عائلتها في شقّة سكنيّة، تعود في الليل بمفردها وتنهض في الصباح بمفردها، لا أنيس، ولا زوج، لا ولد ولا حفيد، ولا قريب معها لتتحدّث إليه. الناس في تلك البيئة الإجتماعيّة يعيشون فُرادى في الغالب ولوحدهم، فلماذا يا تُرى؟ والجواب هو: لأنّ جوَّ الأُسرة قد فُقِد وانعدم في تلك المجتمعات"6.

"اليوم يُلاحظ في الغرب – وللأسف – أنَّ كيان الأُسرة بدأ يضمحلّ بالتدريج ويزول، وآثار ذلك هي في ذلك الضياع الثقافيّ والفساد الذي ابتلوا به، وأخذ يزداد يوماً فيوماً بحيث يزول ما كان عندهم"7.

74- الحُريَّة الجنسيّة وانهيار الأُسرة:

"في العالم الغربيّ – خاصّة في أمريكا وبعض دول أوروبا الشماليّة – من المعروف أنّ كيان الأُسرة مُتزلزِل جدّاً، لماذا؟ السبب هو الإسراف في الحُريّة الجنسيّة والتحلُّل الأخلاقيّ في تلك المناطق. فعندما تشيع الفاحشة ويحصل الرجل والمرأة على رغباتهما الجنسيّة خارج الأُسرة، يُصبح هذا الكيان بلا معنى، وأمراً مفروضاً وشكليّاً، ولذلك فهما متباعدان عاطفيّاً وإنْ لم يكونا منفصلَين في الظاهر إلاّ أنّهما غير متحابّين"8.

75- التحلُّل سبب الانهيار:

"إذا كان الناس بلا قيود، بحيث يُشبعون غريزتهم الجنسيّة كما يُريدون، أو في حالة عدم تكوين الأُسرة، أو إذا وُجدت فهي ضعيفة وخاوية، ويُمكن تهديدها وهدمها، وأي ريح يُمكن أنْ تقتلعها، لذا فتُلاحِظون أنّه في أيِّ مكان من العالم توجد الحريّة الجنسيّة، تضعف الأُسرة بنفس ذلك المقدار؛ لأنّ الرجل والمرأة
________________________________________
لا يحتاجان إلى ذلك النظام الاجتماعيّ لإشباع غريزتهما الجنسيّة.
أمّا في الأماكن التي يحكم فيها الدّين ولا توجد حريّة جنسيّة، وكلّ شيء ينحصر بين الزوج والزوجة، فإنّ كيان الأُسرة يكون مُصاناً"9.

76- العشق المُصطَنَع:

"في بعض البلدان حيث تطوّر العلم بشكلٍ سريع جدّاً، أُجبر الناس على العيش بحيث إنّ أفراد العائلة لا شأن لأحدهم بالآخر، فالأب يعمل في مكان والأمّ تعمل في مكان آخر، لا يرى أحدهما الآخر لا يُعدّان الطعام أحدهما للآخر، ولا يُظهران المحبّة والتعاطف، ولا يُرضي أحدهما الآخر وليس بينهما ارتباط حقيقيّ، وإذا أرادا العمل بنصائح متخصّصي علم النفس حول الأطفال، اتفقا على ساعة معيّنة يأتي فيها الأب والأمّ إلى المنزل ويُقيمان تجمُّعاً عائليّاً. لكي يتمكّنا من عقد هذا الاجتماع العائليّ، والموجود في الأُسر السليمة بصورة طبيعيّة، فإنّهما يصطنعان ذلك لأنفسيهما. وفي ذلك الوقت ينظر ذلك الرجل أو تلك المرأة إلى ساعته مراراً ليرى متى ينتهي هذا اللّقاء؛ لأنَّ لديهما موعداً في الساعة السادسة مثلاً في مكان آخر، وبهذا لا يتكوّن جوّ ولقاء عائلي، ولا يشعر الأطفال بالأُنس"10.

77- الأسر المصطنعة:

"الأُسر هناك غير مُتحابّة، والأُسر لا حقيقة لها، حيث يعيش الرجل والمرأة في مكان واحد إلّا أنهما منفصلان أحدهما عن الآخر، فلا شيء من تلك الجلسات العائليّة ولا تلك المحبّة العائليّة، ولا ذلك الأُنس الكبير مع بعضهم، ولا يرى الرجل نفسه مُحتاجاً للمرأة ولا ترى المرأة نفسها محتاجة للرجل، كلّ ما في الأمر هو أنْ يوجد شخصان يعيشان في منزل واحد"11.
________________________________________
78- سنّ الزواج:

"في المجتمعات الغربيّة يقضي الشباب فترة النشاط وهيجان الغرائز بُحريّة تامّة، وعندما يتّجهون نحو الزواج وتكوين الأُسرة فإنّ قسماً كبيراً من ميلهم الطبيعيّ وغرائزهم تكون قد خمدت، ويزول أو يقلُّ ذلك الشوق والمحبّة والعشق الذي من المفترض أنْ ينغرس في روح الزوج والزوجة"12.

" إنّ ما يطرحه بعض الناس من أنّ سنّ الزواج هي سنين أواسط العمر المعمول به في الغرب والثقافة الغربيّة شأنه شأن أغلب الأمور الخاطئة، وهو على خلاف الفطرة الإنسانيّة والمصلحة البشريّة، وناشئ عن الإقبال على إشباع الشهوات. والمُحبُّون يُريدون أنْ تنقضي أيّام الشباب بالَّلذة كما يصطلحون، ويأتي الشابّ بكلّ الموبقات، وبعد أنْ تعطّلت قواه وعزفت نفسه وخمدت شهوته عندها يتّجه نحو الأُسرة.

أنتم تُلاحظون أنّ الحياة الأُسرية هكذا هي في الغرب، طلاق كثير وزواج غير ناجح، رجال ونساء بلا وفاء، تجاوزات جنسيّة كثيرة، انعدام الغيرة، هذا ما تعنيه الحياة الأُسريّة هناك"13.

79- إنهيار الأسرة من السنّ غير المناسب:

"إذا نظرتم اليوم إلى المجتمعات الغربيّة – خاصّة تلك التي امتزجت بالصناعة والاتصالات الصناعيّة والآليّة – ستلاحظون أنّ الأقذار تزداد هناك يوماً بعد آخر، فإذا انتشر الفساد الأخلاقيّ في المجتمع فإنّ ذلك المجتمع سوف ينهار، وهذه ليست بلايا تنزل دفعةً واحدة مثل الزلزلة والسيل، بل هي بلايا تدريجيّة، والمشكلة أنّها لا علاج لها. فهي بلايا عندما تحُلّ بالمجتمع لا تُدرَك بسرعة، بل بالتدريج، أي: عندما تصل الضربة إلى الأعماق، ففي ذلك الوقت يُنتبه إليها وحينها لا ينفع معها علاج. لقد وصلت في الحقيقة إلى مراحل
________________________________________
خطرة جدّاً في هذا الانحدار، وهذا كلُّه بسبب أنَّ البنات والأولاد لا يتزوَّجون زواجاً ناجحاً وثابتاً في السنّ المناسبة، وبعدها عند تكوين الأُسرة فإنّ البيئة العائليّة تكون خالية من المحبّة"14.

"إنّ كيان الأُسرة قد تزلزل في الغرب، وتكوين الأُسرة متأخّر وينهار بسرعة أيضاً. الفساد والفحشاء يزدادان يوماً بعد يوم، وإذا استشرى ذلك فإنّ تلك المجتمعات ستُصاب بآفات شديدة. وأمراض ومشاكل كهذه لا تُفصح عن نفسها طبعاً خلال خمس أو عشر سنوات، إلاّ أنّها – وبعد مضي سنين متمادية – تترك أثرها، حيث ينهار المجتمع تماماً وتهدر كلّ ثرواته العلميّة والفكريّة والماديّة، وهذا ما ينتظر كثيراً من البلدان الغربيّة في المستقبل"15.

80- حال الأسر في الغرب:

"لاحظوا المجتمعات الأوروبيّة والأمريكيّة كم هي مضطَربة، وكم هي غير مستقرّة، وكم تبحث عن الاستقرار، كيف أنّ استهلاك الأقراص المهدِّئة والمنوِّمة منتشر وكثير، كم من الشباب يقومون بالأفعال الشاذّة، شَعْرٌ طويل، ملابس ضيّقة، لأنّهم غير مرتاحين لأوضاع المجتمع، بل غاضبون عليه، يُريدون الوصول إلى الإستقرار، وفي النهاية يخيب أملهم... كبار السنّ من الرجال والنساء يموتون في دور العجزة ولا أحد معهم من أبنائهم، نساؤهم لا تعلم شيئاً عنهم، الزوج والزوجة مُتباعِدَان أحدهما عن الآخر"16.

"يوجد في الغرب أولاد لا يعرفون من هم آباؤهم وأمهاتهم، والكثير من النساء والرجال هم أزواج بالإسم – فقط – لكن لسنين طويلة لا يعرف أحدهم أيّ شيء عن الآخر. قلّةٌ هُنّ تلك النساء الّلواتي ارتاح بالهنّ إلى آخر العمر ليقضين أيّام كبرهنّ مع الرجل وتحت حمايته، وكم هم أولئك الرجال الذين ارتاح بالُهم
________________________________________
بأنّ زوجتهم التي يُحبّونها سوف لا تتركهم غداً وتختار العيش مستقلّة"؟!17.

81- أين الآذان الصاغية؟!

"في أمريكا نفسها تُعتبر نسبة انتشار الفساد بأنواعه (الأخلاقيّ والجنسيّ والجنائيّ...) بين الناس كبيرة، حتّى بين الأطفال.
المطبوعات وعقلاء المجتمع الغربيّ يصرخون، يكتبون المقالات، يتكلّمون، يُحذِّرون، لكن لا أحد يسمع، يعني أنّه لا علاج، فعندما أفسدوا الأمور من الأساس وقد مضت ثلاثون أو أربعون أو خمسون سنة على تلك الحال، فإنّ هذه المشاكل سوف لن تُحلّ بنداءات التحذير وتطبيق هذه السياسة أو تلك"18.
"المجتمعات الغربيّة ليست سعيدة. هذا ليس كلاماً أُطلقه أنا، بل هو كلام مفكّريهم، وذوي الخبرة الذين تحترق قلوبهم، كلام العقلاء الذين يعيشون وسط ذاك المجتمع وليس السياسيّين.

لماذا ارتفع صوتهم الآن؟ لأنّه لا تتوفّر أسباب السعادة في تلك المجتمعات، السعادة هي عبارة عن الإستقرار والإحساس بالراحة والأمن"19.
"المطَّلعون على الفكر العالميّ يعلمون أنّه في أمريكا – أكثر من أي مكان آخر – وكذلك في البلدان الأوروبيّة، تعالت نداءات الخيّرين والمصلحين، أن تعالوا لنفكِّر! وطبعاً ليس من السهل أنْ يُفكِّروا، وإذا ما فكَّروا فليس من السهل أنْ يصلوا إلى علاج"20.

82- كيان الأسرة هو الهويّة:

"الذين يُريدون النفوذ في بلد أو مجتمعٍ ما يُمسكون ثقافة هذا البلد بأيديهم، ويفرضون على أهله ثقافتهم، وأحد أفعالهم هو إضعاف كيان الأُسرة، وقد فعلوا
________________________________________
ذلك – للأسف – في عِدّة بلدان، حيث أصبح الرجال بلا شعور بالمسؤولية والنساء سيِّئات الخُلُق"21.

"إنّ انتقال الثقافات والحضارات وحفظ الأصول والعناصر الأصليّة للحضارة والثقافة في مجتمعٍ ما، وانتقالها إلى الأجيال الآتية، إنّما يتمُّ ببركة الأُسرة، فإذا لم تكن هناك أسرة يضمحل كلُّ شيء، وأنتم تُلاحظون سعي الغربيين لإشاعة الشهوات والفساد في البلدان الشرقيّة والإسلاميّة، فلماذا؟

أحد الأهداف هو أنّهم يُريدون بذلك تمزيق الأُسرة، لكي تضعف ثقافة تلك المجتمعات كي يتمكّنوا من السيطرة عليها؛ لأنّ ثقافة أيّ شعب ما لم تضعف، فلن يتمكّن أحد من إخضاعه وصفعه على فمه والسيطرة عليه.

فالأمر الذي سلب قدرة الشعوب على الدّفاع، وجعلها أسيرة في أيدي الأجانب، هو فقدان الهويّة الثقافيّة، ويسهل ذلك بتهديم كيان الأُسرة في المجتمع.
الإسلام يُريد أنْ نحافظ على ذلك، أنْ نحفظ الأُسرة؛ لأنّ من أهمِّ الأمور في الإسلام، ولغرض التوصُّل إلى هذه الأهداف، هو تكوين الأُسرة ثم حفظ كيانها"22.

83- كلمة حول الأُسرة:

"تَحدّثْتُ في كلمة بحدود الساعة في منظمة الأمم المتّحدة وبعضها كان حول الأُسرة، ثمّ أخبروني فيما بعد أنّ محطّات التلفزة الأميركيّة رغم رقابتها على كلامنا وتحريفه، إلاّ أنّها أكّدت على ذلك وكرّرت بثّهُ مرّات عديدة وشرحته، وذلك فقط بسبب ذكر جملة عن الأُسرة، أي إنّ الكلام الذي يتضمّن الحديث عن الأُسرة هو اليوم رسالة للغرب، كالماء العذب البارد؛ إذ إنّهم يشعرون بالنقص
________________________________________
في هذا المجال.

كم من النساء يَعِشْنَ إلى آخر عمرهن وحيدات؟ وكم من الرجال يعيشون غرباء بلا أنيس؟ كم من الشباب يتسكّعون بسبب فقدان الأُسرة؟ وإذا وجدت فهي كالمعدومة"23.
________________________________________
هوامش
1- خطبة العقد المؤرخة 28/2/1374 هـ.ش.
2- خطبة العقد المؤرخة 9/11/1376 هـ.ش.
3- خطبة العقد المؤرخة 1/12/1374 هـ.ش.
4- خطبة العقد المؤرخة 24/1/1378 هـ.ش.
5- خطبة العقد المؤرخة 9/11/1376 هـ.ش.
6- خطبة العقد المؤرخة 5/8/1375 هـ.ش.
7- خطبة العقد المؤرخة 18/4/1377 هـ.ش.
8- خطبة العقد المؤرخة 9/12/1380 هـ.ش.
9- خطبة العقد المؤرخة 20/4/1370 هـ.ش.
10- خطبة العقد المؤرخة 22/4/1379 هـ.ش.
11- خطبة العقد المؤرخة 2/9/1373 هـ.ش.
12- خطبة العقد المؤرخة 17/11/1379 هـ.ش.
13- خطبة العقد 26/1/1377 هـ.ش. المؤرخة
14- خطبة العقد المؤرخة 23/12/1379 هـ.ش
15- خطبة العقد المؤرخة 3/8/1379 هـ.ش.
16- خطبة العقد المؤرخة 22/1/1374 هـ.ش.
17- خطبة العقد المؤرخة 11/5/1375 هـ.ش.
18- خطبة العقد المؤرخة 3/6/1375 هـ.ش.
19- خطبة العقد المؤرخة 30/3/1379 هـ.ش.
20- خطبة العقد المؤرخة 9/11/1376 هـ.ش.
21- خطبة العقد المؤرخة 18/12/1376 هـ.ش.
22- خطبة العقد المؤرخة 26/1/1377 هـ.ش.
23- خطبة العقد المؤرخة 24/9/1376 هـ.ش



ظُلم المرأة من المجتمع ومن الزوج‏:

تتعرَّض المرأة في عصرنا الحاضر للظلم من المجتمع ومن زوجها، ولا يقتصر ظلمها على زمننا بل هي أيضاً كانت قد تعرَّضت للظلم في ماضي الإنسانية.
ولو أردنا أنْ نستقرأ التاريخ لطال بنا المقام، إلّا أنّنا نأتي بشواهد قليلة من التاريخ لنرى مدى فداحة ما وقع على المرأة المسكينة.. .. ففي سفر الجامعة من التوراة المُحرَّفة: "دُرتُ أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمة وعقلاً، ولأعرف الشرَّ أنّه جهالة، والحماقة أنّها جنون، فوجدت أمرَّ من الموت المرأة الّتي هي شِباك، وقلبها أشراك، ويداها قيود"، إلى أن قال: "رجلاً واحداً بين ألف وجدتُ أمَّا امرأة فبين كلِّ أولئك لم أجد".

وقد كانت أكثر الأمم القديمة لا ترى قبول عملها عند الله سبحانه، وكانت تُسمَّى في اليونان رجساً من عمل الشيطان، وكانت ترى الروم وبعض اليونان أنْ ليس لها نفس مع كون الرجل ذا نفس مجرّدة إنسانيّة.

وقرَّر مجمع فرنسا سنة 586م بعد البحث الكثير في أمرها أنَّها إنسان لكنَّها مخلوقة لخدمة الرجل.
وكانت في انجلترا قبل مائة سنة تقريباً لا تُعدّ جزء مِن المجتمع الإنسانيّ، فارجع في ذلك إلى كتب الآراء والعقائد وآداب الملل تجد فيها عجائب
________________________________________
من آرائهم1 .

كانت المرأة العربيّة في الجاهليّة أحطَّ من أيِّ سلعة فهي لا ترث وليس لها حقّ المطالبة، لأنّها لا تذود عن الحمى في الحرب، وزواجها يرجع إلى أمر وليّها، وليس لها حق الاعتراض ولا المشورة حتى أنّ الولد يمنع أرملة أبيه من الزواج حتّى تُعطيه جميع ما أخذت من ميراث أبيه، هذا إذا لم يضع ثوبه عليها قائلاً: ورثتها كما ورثت مال أبي!
فإذا أراد أنْ يتزوّجها تزوّجها هو بغير مهر، أو زوّجها لغيره وتسلَّم هو مهرها... ولقد اشتهر عندهم وأد البنات...

وقد أشار الله تعالى إلى ذلك بقوله: ï´؟وَإِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ * بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْï´¾2 .

كانت المرأة المصريّة بغاية الاضطهاد والهوان، وكانت تُعامل معاملة ازدراء واحتقار كالخدم، وهي لا تصلح إلا لتدبير شؤون البيت، وتربية الأطفال!
... كان الرجل المصريّ يفرح إذا بُشِّر بالمولود الذكر، ويكفهرّ وجهه إذا علم أنّ‏ زوجته وضعت أنثى3 .

ولم تكن المرأة عند اليونان بأفضل حال، فليست هي عندهم إلا خلقاً من الدّرك الأسفل، في غاية المهانة والذلّ، في كلّ جانب من جوانب الحياة الاجتماعية، وأمّا منازل العزّ والكرامة في المجتمع، فكانت كلّها مختصّة بالرجل4 .

أمّا في الهند القديمة، فكانت المرأة تُعتبر مملوكة الرجل... ثمّ إنّهم كانوا يُقدِّمونها ضحيّة على نيران زوجها المتوفّى أي إذا مات عنها
________________________________________
زوجها يُحرقونها معه بالنار وهي حيَّة5.

ولم يقتصر الظلم على ظلم المجتمعات، بل إنّ بعض الفلاسفة ظلموا المرأة بآرائهم، يقول بردون الفيلسوف الاشتراكيّ: إنّ وجدان المرأة أضعف من وجداننا، بقدر ضعف عقلها عن عقلنا.

وقال الفيلسوف روسُّو: إنّ المرأة لم تُخلق للعلم ولا للحكمة ولا للتفكير ولا للفنّ ولا للسياسة، وإنما خُلقت لتكون أمّاً تُغذّي أطفالها بلبنها...

84- ظلم المجتمع الحديث للمرأة:

هذا هو ظلم المجتمع القديم وظلم بعض الفلاسفة، أمّا ظلم المجتمع الحديث للمرأة فإنَّه أخطر ،لأنّه يستتر تحت عناوين برَّاقة، المساواة، الحريَّة، العدالة، وحقوق الإنسان.

:

"إنّ العالم الاستكباريّ الغارق في الجاهليّة يُخطى‏ء عندما يتصوَّر أنّ قيمة واعتبار المرأة هو في تجمُّلها أمام الرجل حتى تنظر إليها العيون الطائشة وتتمتَّع برؤيتها وتصفِّق لها. وهذا الذي يُطرح اليوم من قِبَل الثقافة الغربيّة المُنحطّة بعنوان حريَّة المرأة قائم على هذا الأساس؛ وهو جعل المرأة مُعرَّضة لأنظار الرجل حتى يتمتّع بها الرجل.. فتكون النساء وسيلة لالتذاذ الرجال، ويُسمَّون هذه حريَّة المرأة. فهل هذه هي حريَّة المرأة؟
إنّ الذين يدَّعون حماية حقوق الإنسان وحقوق المرأة في العالم الغربيّ الجاهل والغافل والمنحرف هم في الحقيقة يظلمون المرأة.
إنّ عليكم أنْ تنظروا إلى المرأة نظرة إنسان رفيع حتّى يتضِّح ما هو حقُّها وحريَّتها وكمالها. انظروا إلى المرأة وكيف هي حريَّتها. انظروا للمرأة على أنَّها عنصر أساسيّ في تشكيل الأسرة.
________________________________________
... إنّ الظلم الذي تعرَّضت له المرأة في الثقافة الغربية والفهم الخاطئ للمرأة في الثقافة والأدب الغربيّين ليس له نظير في كلّ عصور التاريخ. فقد تعرَّضت المرأة سابقاً إلى الظلم، ولكن الظلم العامّ والشامل يختصّ بالفترة الأخيرة وهو ناجم عن الحضارة الغربيّة، حيث اعتبروا المرأة وسيلة لالتذاذ الرجال، وأطلقوا على ذلك اسم حريَّة المرأة...
هل هناك اهتمام بالجوانب الايجابية والقيم الرفيعة الموجودة في المرأة؟ هل هناك اهتمام بالعواطف الرقيقة والرأفة والطبع الرؤوف الذي أودعه الله تعالى في المرأة، طبع الأمومة وروحيّة المحافظة على الطفل وتربية الأولاد؟.."6.

85- ظلم الرجل للمرأة:

هذا كلُّه في ظلم المجتمع، أمّا عن ظلم الرجل لزوجته في داخل الأُسرة.

:

"... فأولئك لا يقولون إنّ المرأة مظلومة في المجال الاجتماعيّ، ذلك لأنّ الظلم الأساس الذي يلحق المرأة إنّما يحصل داخل الأُسرة وعلى يد الزوج.
ولعلَّ 90 % من هذا الظلم يرتكبه الزوج. لا بُدَّ من التفكير بحلٍّ‏ٍ للأمر وإصلاحه، أمّا الظلم الذي يصدر عن الأخ والأخت والوالد وأمثالهم فليس كبيراً، وهو نادر جدَّاً... لكنّ الأهمّ هي العلاقات الأُسريّة... العلاقة بين المرأة والرجل والتعلُّقات الأخرى الموجودة التي تنتهي بظلم المرأة"7.

86- الحقوق المتبادلة بين الرجل والمرأة:

تحتلّ مسألة الحقوق في الإسلام مساحة واسعة وتحظى بأهميَّة فائقة، وقد سُئل الإمام الرضا عليه السلام عن حقّ‏ٍ المؤمن على المؤمن، فقال عليه السلام:


________________________________________

إنّ من حقّ‏ِ المؤمن على المؤمن المودَّة في صدره، والمواساة في ماله، ولا يقول له أفّ‏ٍ، فإذا قال له أفّ فليس بينهما ولاية، وإذا قال له أنت عدوِّي فقد كفَّر أحدهما صاحبه، وإذا اتّهمه انماث الإيمان في قلبه كما ينماث الملح في الماء8.

وإذا كان لمسألة الحقوق كلّ هذه الأهميَّة فإنّ أهميّتها الكبرى تتجلَّى في الحياة العائليّة الزوجيّة، حيث يتعيَّن على إنسانين العيش معاً مدى حياتهما تحت سقف واحد؛ ولذا يتعيَّن على الرجل والمرأة الإحاطة بشكل عامّ بالواجبات والحقوق المُتبادَلة بينهما، من أجل إرساء حياة هادئة مفعمة بالحبّ والسلام والأمان.

:

"إنّ هدف الإسلام من الدفاع عن حقوق المرأة حسبما صرَّح به هو أنْ لا تتعرَّض المرأة للظلم، وأنْ لا يعتبر الرجل نفسه حاكماً على المرأة، ففي الأُسرة هناك حدود وحقوق. للرجل حقوق وللمرأة حقوق أيضاً، وتلك الحقوق رُتِّبت بعدالة وتوازن شديدين.

أمّا ما يُطرح باسم الإسلام وهو خطأ، فإنّنا لا نطرح ذلك ولا ندافع عنه. ما يريده الإسلام هي بيِّنات الإسلام ومسلَّماته، وهي الأمور التي تُوازن بين حقوق المرأة والرجل داخل الأُسرة.

... لا بُدَّ من إعطاء الأهميَّة لمسؤوليّة المرأة والرجل أحدهما تجاه الآخر، فلكلٍّ منهما مسؤوليّته في تشكيل الأُسرة، فسعادة المرأة والرجل في ذلك.

... لقد وقف الإسلام في وجه الظلم الذي كانت الجاهليّة ترتكبه بحقّ المرأة. لقد حدَّد الإسلام قيمة المرأة وحقوقها في ساحة المعنويّات والفكر والقيم الإسلاميّة، وفي ساحة الحضور السياسيّ، وأهمّ من كلِّ ذلك في ساحة الأُسرة. ولا مفرَّ للرجل والمرأة من تشكيل المجتمع الصغير المُسمَّى بالأُسرة، وإذا شُكِّلت الأُسرة في مجتمع

________________________________________
لم يُحدِّد القيم بشكل صحيح، فإنّ محيط الأُسرة سيكون النقطة الأولى التي تتلقّى المرأة فيها الظلم.

... إنّ الأحكام والتعاليم الإسلاميّة في مجال العلاقات بين الرجل والمرأة داخل الأُسرة دقيقة جدَّاً. والله سبحانه وتعالى قد عيَّن تلك الأحكام على أساس مصلحة الرجل والمرأة وحسب طبيعة الرجل والمرأة، وبناءاً لمصالح المجتمع الإسلاميّ.

يحقّ للرجل أنْ يأمر زوجته وعليها أنْ تُطيعه في ذلك في موارد ثلاثة فقط، أذكر أحدها بشكل صريح، وأعرض عن الباقي، وهو: أنْ يمنع زوجته من الخروج من بيتها دون إذنه، طبعاً إلّا إذا كان هناك شرط مذكور في عقد الزواج يُلغي هذا الحقّ. فإنْ لم يكن هناك شرط يحقّ للرجل منعها.

وهذا الأمر من الأسرار الدقيقة للأحكام الإلهيّة، ولم يُعط هذا الحق إلّا للزوج، ولم يُعط حتّى للأب، فليس من حقّ الأب أنْ يفرض على ابنته استئذانه كلَّما أرادت الخروج، وليس من حقّ الأخ تجاه أخته، أمّا الزوج فله ذلك تجاه زوجته.
طبعاً يحق للنساء أنْ يُدرِجنَ شروطاً لصالحهنّ خلال العقد، وعلى الرجل والمرأة أنْ يلتزما بتلك الشروط، لهذا إذا اشترطت شيئاً فذلك بحث آخر"9 .

87- المرأة ريحانة:

كثير من الرجال يعتبرون المرأة خادمة لهم، عليها أنْ تُؤمر فتطيع، ولا حقَّ‏ لها في أنْ تقول لا، وإذا قالت لا، غضب عليها زوجها وأسمعها الكلمات الغلاظ الشِّداد، ولم يقتصر الأمر من بعضهم على ذلك، بل تعدَّاه إلى أن يركلها ضرباً حتّى تكون كالحيوان بل أقلّ مرتبة! هذا الظلم لم يقبل به الإسلام العظيم، وليس هو إلّا كظلم الجاهليَّة الأولى.

:

"... يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "المرأة ريحانة وليست قهرمانة..." فالقهرمانة لا تعني
القوَّة والبطولة كما هي في اللغة الفارسيّة، بل إنّه تعبير عربيّ مأخوذ من الفارسيّة، وبشكل موجز تعني الذي يُباشر الأمور. أي لا تعتبروا المرأة هي التي تُباشر أموركم في البيت، لا تظنُّوا أنَّكم رؤساء عليهنَّ، وأنَّكم قد سلَّمتم أعمال البيت والأطفال لعامل وهو المرأة.

كلّا... الأمر ليس كذلك مطلقاً، إنّ التعامل الحقيقيّ والصحيح هو الذي يُلاحِظ طبيعة المرأة،... الإسلام كلَّف الرجل أنْ يُحافظ على المرأة داخل الأُسرة كالوردة: "المرأة ريحانة" وهذا الأمر لا يرتبط بالساحات السياسيّة والاجتماعيّة وتحصيل العلم والمواجهات الاجتماعيّة والسياسيّة المختلفة، بل إنّه مرتبط بداخل الأُسرة، حيث المرأة ريحانة وليست قهرمانة. نظرة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم هذه تُخطِّى‏ء نظرة من يظنّ أنَّ من واجب المرأة أنْ تكتفي بتقديم الخدمات داخل البيت.

فالمرأة برأيه وردة بحاجة لعناية، وبهذا المنظار يجب النظر إلى هذا الموجود ذي اللطافة الروحيّة والجسديّة، هذا هو رأي الإسلام.
... ليس من حقّ أحد أنْ يظلم غيره أو يجبره على أمرٍ ما أو يستخدمه. فبعض الرجال يطنُّون أنّ من واجب المرأة أنْ تؤدي كلَّ أعمالهم. نعم عندما يطغى الحبّ في المحيط الأُسريّ بين الرجل والمرأة، فإنّ كلَّ واحد منهما يُقدِّم الخدمات للآخر عن رغبة وشوق، لكن أداء أيَّة خدمة عن رغبة وشوق يختلف عن اعتبار المرأة كالخادمة لتخدم زوجها، فليس في الإسلام مثل ذلك"10 .

88- المرأة وردة، لا مديرة أعمال:

"عندنا في الروايات أنّ (المرأة ريحانة). المرأة وردة. الآن لاحظوا إذا تعامل الرجل مع الوردة بشدّة وبلا مبالاة، ولم يكن أهلاً لحمايتها فكم سيكون ظالماً وسيِّئاً، كأن يُرغمها ويُحمِّلها أكثر من طاقتها. إنّ توقُّع الكثير من المرأة توقّع فضولي في غير محلّه.


المرأة ريحانة وليست بقهرمانة. قهرمان يعني في الوقت الحاضر (مدير أعمال)، المرأة ليست (مديرة أعمال) لك، بحيث تُلقي على كاهلها كلّ أعباء حياتكما ثمّ تؤاخذها بعد ذلك، كلّا، إنّها وردة في يديك، وحتّى لو كانت عالمة أو سياسيّة ففي المعاشرة العائلية هي (وردة)"11.

مثل شريكين، مثل رفيقين:

"كنا نشاهد أحياناً الرجل يعتبر المرأة مخلوقاً من الدرجة الثانية، إلاّ أنّه لا يوجد مخلوق من الدرجة الثانية، فكلاهما متماثلان ولكلٍّ منهما حقّ المساواة في أمور الحياة، إلاّ في الموارد التي فرَّق الله تعالى فيها بين الرجل والمرأة، والتي هي لمصلحة معيّنة وليست بنفع الرجل وبضرر المرأة، فلا بُدَّ أنْ يعيشا في البيت مثل شريكين ورفيقين"12.

89- الرجل قوّام والمرأة ريحانة:

"الإسلام يعتبر الرجل قوّاما13ً والمرأة ريحانة14، وليس هذا تجرّؤاً على الرجل ولا على المرأة، ولا تضييعاً لحقّ المرأة، ولا تضييعاً لحقّ الرجل، بل الرؤية الصحيحة لطبيعة كلٍّ منهما.
إنّ ميزانهما متساوٍ، أي عندما نضع الجنس الّلطيف الجميل ومانح السكينة والجمال المعنويّ لمحيط الحياة في كفّة، ونضع صاحب الإدارة والعمل والمعتمد والمتحرّك وملاذ المرأة في الكفّة الأخرى للميزان، تتساوى هاتان الكفّتان، ليس ذاك راجحاً على هذا، ولا هذا راجحاً على ذاك"15.

________________________________________
90- تبادل الأدوار ممنوع!

"يتّبع بعض الناس مسلكاً خاطئاً، وليس هذا خاصّاً بالنساء، بعض الرجال – أيضاً – يقولون: تعالوا لنتبادل ما في كفّتي الميزان، نُبدِّل دور المرأة والرجل، وإذا فعلنا ذلك ما هي النتيجة؟ لن نجني سوى الخطأ وإتلاف البستان الذي بُني على الجمال والإحسان، لا نحصد شيئاً غير ذلك، تنقطع المنافع المطلوبة منهما، وتنتشر اللامبالاة في محيط الأُسرة، ويُفقد تودُّد كلٍّ من الرجل والمرأة إلى الآخر، وتضيع كلُّ تلك المحبّة والعشق الذي هو أساس كلِّ شيء.

قد يحدث أحياناً أنْ يأخذ الرجل دور المرأة في البيت، وتُصبح المرأة هي الحاكم المطلق، تتأمّر على الرجل: افعل هذا ولا تفعل ذلك، والرجل يُسلِّم لها خانعاً، رجل كهذا لا يصلح ملاذاً للمرأة، فهي بحاجة إلى ملاذ قوي وأحياناً يجبر الرجل المرأة على أشياء من قبيل التبضُّع للمنزل والتعامل مع المراجعين، لماذا؟ لأنه مشغول وليس لديه وقت، فالملاك هو عدم وجود الوقت الكافي، فيقول: الآن يجب أنْ أذهب إلى الدائرة، يجب أنْ أذهب إلى العمل، فعلى الزوجة أنْ تقوم بهذه الأعمال، أي يوكِّل الأعمال الثقيلة والمملّة إلى الزوجة، وطبعاً يُمكن أنْ تنشغل بها بضعة أيّام على أنّه ليس عملها"16.

91- الرجل لا بُدَّ أنْ يعمل:

"يقول القرآن الكريم: ï´؟الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءï´¾17.

أي: إنَّ إدارة شؤون الأُسرة هي بعهدته، لا بُدَّ للرجل أنْ يعمل، لأنّ معيشة العائلة بعهدته، ومهما كان للمرأة من ثروة فإنّها ملك لها، ومعيشة العائلة ليست على عاتقها"18


92- شراكة لا سيادة:

" ليست المسألة أنْ نقول: إنّ الزوجة لا بُدَّ أن تتّبع الزوج في كلِّ شيء، كلاّ، لا يوجد قانون يقول بذلك في الإسلام والشرع وقوله تعالى: }الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء{ لا يعني أنّ الزوجة لا بُدَّ أنْ تكون تابعة للرجل في كلِّ الأمور، أو نقول مثل بعض الذين لم يروا أوروبا وهم يقلّدونها ويُريدون فعل أسوأ ممّا في أوروبا بالقول: إنَّ كلّ الأمور بيد المرأة، ويجب على الرجل اتِّباعها، هذا أيضاً خطأ، الزوجان شريكان ورفيقان: مرّةً الرجل يتغاضى ومرّةً المرأة تتغاضى، أحدهما يتجاوز هنا عن ذوقه وإرادته، والثاني في المورد الآخر، لكي يُمكنهما أن يعيشا سويّة"19 .

93- الاختلاف الطبيعيّ بين الرجل والمرأة:

" جعل الله تعالى طبيعة المرأة لطيفة، ويُمكن التمثيل لها ولدورها مع الرجل بأصابع غليظة وضخمة وتصلح لقلع حجر من الأرض، أمّا إذا أُريد لمس مجوهرات دقيقة فليس من المعلوم أنّ تلك الأصابع تستطيع رفعها. ولكنّ بعض الأصابع الناعمة والصغيرة التي لا يُمكنها رفع ذلك الحجر، تتمكن من جمع أجزاء المجوهرات والذهب من الأرض، هكذا الحال بالنسبة للمرأة والرجل، كلٌّ منهم لديه مسؤوليّة ملائمة، لا يُمكن أنْ نقول أيُّهما مسؤوليته أثقل، مسؤولية الإثنين هي ثقيلة.
ولمّا كانت روح المرأة ألطف فإنَّها بحاجة إلى استقرار أكثر، وهي بحاجة إلى راحة وإلى اللُّجوء إلى ملاذٍ وثيق، فمن هو هذا الملاذ؟ إنّه زوجها، الله جعلهما أحدهما بجنب الآخر هكذا"20 .

نظرتان مختلفتان وكلتاهما جميلتان:

" نوعُ نظرة المرأة إلى الرجل ونظرة الرجل إلى المرأة هي مختلفة بشكلٍ طبيعيّ، ولا بُدَّ أنْ تكون مختلفة ولا إشكال في ذلك، فالرجل ينظر إلى المرأة على أنّها مثال الجمال والَّلطافة والإحساس، يراها لطيفة. والإسلام يؤكد ذلك " المرأة ريحانة" أي: المرأة (وردة) في هذه النظرة، المرأة كائن رقيق ومظهر للجمال والَّلطافة والرقة، والرجل ينظر إليها بتلك العين ويرسم محبّتها في هذا الإطار"21 .

الحقّ الواقعيّ والحقّ الخياليّ:

" الحقّ له منشأ طبيعيّ. الحقّ الواقعيّ هو الذي يكون له منشأ طبيعيّ. تلك الحقوق التي تُذكر في بعض المحافل مبنيّة على أساس التوهّمات والخيالات، تلك الحقوق التي تُدّعى للمرأة والرجل لا بُدّ أنْ تكون مُستندِة إلى طبيعة الرجل والمرأة، مُتناسِبة مع طبيعة خِلقة الرجل والمرأة"22 .

94- رعاية رأي المرأة:

" الغربيّون يُثيرون الصخب حول مسألة المرأة، وهم متورِّطون فيها، يقولون: نحن نحترم المرأة، نعم، يحترمونها في المجالس الرسميّة وفي الأسواق والشوارع وذلك بالتلذُّذ منها، أمّا في الأُسرة فهل إنّ الرجل هكذا مع امرأته؟
كم من الإيذاء للنساء؟ وكم من الضرب على أيدي الرجال؟ كم من الفجائع تُرتكب في المنزل" ؟23 .
" لا يتصوّر الرجل ـ لأنّه يخرج إلى السوق ويتعامل مع هذا وذاك، ويأتي بشيء من المال إلى البيت ـ أنّه مالك كلِّ شيء، إنّ ما يجلبه هو نصف ما تملكه هذه العائلة، والنصف الآخر هو هذه المرأة.

________________________________________
فلا بُدَّ من رعاية رأي سيّدة المنزل واحتياجاتها الروحيّة. ليس من الصحيح أنَّ الرجل لمّا كان يرجع إلى بيت والديه في الساعة العاشرة – مثلاً – أيّام عزوبته فالآن وقد تزوّج يُريد الاستمرار على ذلك. لا! الآن يجب أنْ يُراعي حال زوجته"24 .

" قديماً كان بعض الرجال يعتقد أنّه مالك للمرأة، كلاّ، كما إنّك صاحب حقّ في محيط العائلة كذلك المرأة صاحبة حقّ. فلا ينبغي أنْ تستعمل القوّة مع المرأة، ولا تجبرها، لأنّها أضعف من الناحية الجسميّة. بعض الناس يتصوّر أنّهم لا بُدَّ أنْ يستعملوا القوّة، ويضخّموا صوتهم ويتشاجروا ويجبروا نساءهم"25 .

المرأة أكثر تأثيراً:

" لا بُدَّ للمرأة أنْ تفهم ضرورات الرجل ولا تضغط على روحيّته، ولا تفعل ما من شأنه أنْ يُبعِده عن مسائل الحياة، ويلتجئ إلى الأساليب الخاطئة واللّامشروعة. يجب أنْ تُشجّعه على الصمود والمقاومة في ميادين الحياة. وإذا كان عمله يستلزم عدم تمكّنه من تلبية احتياجات العائلة فلا تُعيد ذلك عليه دائماً"26 .

" إذا كان الرجل يعمل في نشاط علميّ أو جهاديّ أو لكسب رزقه أو في الأعمال العامّة فعلى المرأة أنْ تجعل جوَّ المنزل يُساعده على الذهاب إلى عمله بمعنويّات عالية، ويعود بشوق إلى المنزل"27 .

" كلُّ الرجال يُحبُّون أن يجدوا السكينة والأمان عندما يدخلون إلى البيت، وأنْ يشعروا بالراحة فيه وهذه وظيفة المرأة"28 .
" المرأة عليها واجبات يجب أنْ تعرفها بعقل. على النساء أنْ يعلمن أنّهن إذا


استعملن العقل والذكاء فإنّهن سيخضعن الرجل، صحيح أنّ الرجل أقوى بنيةً إلا أن الله تعالى خلق المرأة بحيث إذا كان الرجل والمرأة سالمين وطبيعيين، وكانت المرأة عاقلة، فالشخص الأكثر تأثيراً على الآخر هو المرأة، وطبعاً هذا لا يتحقّق بالدهاء والمكر والتحكُّم، بل بالّلين والاستقبال الحسن والبشاشة وقليل من التحمُّل، لا التحمُّل الكثير. الله تعالى جعل ذلك التحمُّل في طبيعة المرأة. لا بُدَّ للمرأة من التعامل على هذا النحو مع زوجها "29
.
" بعض النساء تشدَّدن مع الرجال، فيقلن مثلاً: يجب أنْ تشتري؛ يجب أنْ تهيِّئ كذا، الشخص الفلانيّ اشترى كذا، إذا لم أشتره أنا فإنّ هذا سيؤدّي إلى خجلي، فتؤذي زوجها بهذا الكلام وهذا ليس صحيحاً"30


هوامش
1- ميزان الحكمة، ج4، ص2868.
2- سورة التكوير، الآيتان: 8 ـ 9.
3- المرأة في ظل الإسلام، ص27.
4- أبو علي المودودي، كتاب الحجاب، ص29.
5- المرأة في ظل الإسلام، ص31.
6- دور المرأة في الأسرة، مركز الإمام الخميني، ط 1، 1424 هـ - 2003م، ص 35 - 36.
7- م. ن، ص 36-37. 
8- بحار الأنوار، ج4، ص333.
9- دور المرأج في الأسرة، مركز الإمام الخميني، ط 1- 1424 هـ - 2003م، ص 38-39.
10- دور المرأة في الأسرة، مركز الإمام الخميني، ط 1224 هـ - 2003 م، ص 40-41.
11- خطبة العقد المؤرخة 28/6/1379 هـ.ش.
12- خطبة العقد المؤرخة 19/3/1372 هـ.ش.
13- إشارة إلى الآية الكريمة: ï´؟الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءï´¾ سورة النساء، الآية 34.
14- إشارة إلى الرواية المعروفة عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: «المرأة ريحانة وليست بقهرمانة» بحار الأنوار، ج100، ص253.
15- خطبة العقد المؤرخة 22/12/1378 هـ.ش.
16- خطبة العقد المؤرخة 22/12/1378 هـ.ش.
17- سورة النساء، الآية 34.
18- خطبة العقد المؤرخة 28/6/1397 هـ.ش.
19- خطبة العقد المؤرخة 19/1/1377 هـ.ش.
20- خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش.
21- خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش.
22- خطبة العقد المؤرخة 22/12/1378 هـ.ش.
23- خطبة العقد المؤرخة 28/6/1379 هـ.ش.
24- خطبة العقد المؤرخة 2/9/1373 هـ.ش.
25- خطبة العقد المؤرخة 11/12/1373 هـ.ش. 
26- خطبة العقد 10/2/1375 هـ.ش. المؤرخة
27- خطبة العقد 2/9/1373 هـ.ش. المؤرخة
28- خطبة العقد 24/1/1378 هـ.ش. المؤرخة
29- خطبة العقد 19/3/1372 هـ.ش. المؤرخة
30- خطبة العقد المؤرخة 18/5/1374 هـ.ش.



0

95- تقسيم الأعمال:

:

" عندما يعيش اثنان جنباً إلى جنب ويتزوّجان، فإنّه توجد بعض الوظائف المشتركة بينهما، مثل تحمُّل أعباء الأُسرة أو التعاون المتنوِّع والمؤثِّر في تقدُّم الأُسرة. فعليهم أنْ يتعاونوا. فهذه الأمور هي أمور مشتركة بين الزوج والزوجة.. والحالة الأمثل – هنا – أنْ يُقسَّم العمل، وأحياناً لا يُقسّم، إلا أنّ الأفضل هو تقسيم العمل، فتُنجز المرأة بعض الأعمال ويُنجز الرجل بعضها الآخر. كما هو الحال في جميع الأعمال المشتركة.. أو من هم في موقع واحد"1 .
" على الزوج والزوجة أنْ يتعاونا في محيط الأُسرة، فإذا كان الزوج في مشكلة أو ضائقةٍ معيّنة، فعلى الزوجة أنْ تتكيّف معه. وكذلك إذا واجهت المرأة صعوبات في مجال العمل أو في داخل البيت أو حيثما كانت، فعلى الزوج أيضاً أنْ يُساعدها، فيجب أنْ يَعتبر كلّ واحد منهما نفسه شريكاً في مصير الآخر، وأنْ يقوما بذلك في سبيل الله تعالى"2 .

التعاون والإصلاح:

" يجب على الرجل والمرأة أنْ يساعد أحدهما الآخر في الطريق الصحيح والصراط المستقيم، فإذا شاهد كلٌّ منهما أنّ الآخر يعمل عملاً حسناً فعليه أنْ

________________________________________
يُشجّعه، وبالعكس، إذا شعرا بوجود انحراف لا سمح الله فعليهما أنْ يعملا على إصلاحه، وأنْ يُساعد أحدهما الآخر ويشجّعه في الطريق الصحيح"3.
" يسعى الزوج والزوجة إلى إصلاح أحدهما الآخر، لا أنَّ أحدهما سيدٌ على الآخر، يُكثر من طعنه، بل يكون مثل أبٍ وأمٍّ رؤوفين"4.

" الوجه المشترك بين الزوجين في الحياة لا بدّ أن يكون عبارة عن التوجُّه إلى الله تعالى، واتِّباع الأوامر الإلهية والعمل بها، وعلى الرجل والمرأة أنْ يحفظ أحدهما الآخر في هذا الطريق، فإذا رأت الزوجة أنَّ الزوج لا يهتم بالمسائل الدينية، فعليها أنْ تُجبره على العودة إلى الطريق الإلهيّ، بالحكمة والأخلاق الحسنة والَّلطافة التي تتمتّع بها المرأة. وإذا شاهد الرجل أنّ زوجته غير مبالية وجب عليه أنْ يقوم بتلك الوظيفة، وهذا من الأمور الضروريّة في الحياة"5.

96- تقديم الدعم المعنويّ:

" التعاون والمساعدة قد لا يكون أحياناً في أنْ يقوم أحدهما بعمل الآخر، بل بأنْ يُساعده معنوياً. عادة ما يواجه الرجال مشاكل أكثر صعوبةً في المجتمع، بإمكان النساء تقويتهم، وإزاحة التعب عنهم، والتبسُّم لهم وإدخال السرور عليهم، وكذلك لو كان لدى المرأة عمل خارج البيت، فينبغي للرجل أن يقدِّم لها الدعم والمساعدة"6.
" المقصود بالتعاون هو التعاون الروحيّ، وأنْ تُدرك المرأة الحاجات الأساسيّة للرجل، فلا تضغط عليه من الناحية الأخلاقيّة، ولا تفعل ما من شأنه أنْ يُقعِده عن شؤون حياته ويقوده – لا سمح الله – إلى سلوك الطرق المنحرفة. عليها أنْ تُشجِّعه وتحثّه على الثبات والمقاومة في ميادين الحياة.
________________________________________
وإذا كان عمله يستدعي التأثير بعض الشيء على وضعه العائلي فلا تُشعره بذلك، هذا ما يجب على المرأة، والرجل من جهته أيضاً مُكلَّف بأن يُدرك متطلبات المرأة ويفهم أحاسيسها ولا يغفل عنها"7.

تهيئة الوسائل لا وضع العراقيل:

"إذا لاحظ الرجل أنّ امرته تُريد أنْ تخطو خطوة إيجابيّة في طريق أداء واجباتها الدينيّة، فعليه أنْ يُهيّئ لها الوسائل اللازمة ولا يضع أمامها العراقيل، مثلاً بعض النساء يرغبن في إكمال دراستهن أو يحضرن الدروس الدينية، أو يتعلّمن القرآن أو يقمنَ بأعمال خيريّة، لكنّ أزواجهن يُسيئون إليهنّ، فيقولون: لا وقت لدينا لمثل هذه الأعمال، لقد تزوّجنا لنعيش حياتنا، فلا يدعون المرأة تقوم بعمل الخير هذا، على العكس من بعض الرجال الذين يُريدون أنْ يُعطوا الصدقات الجارية، وأنْ يُساهموا في الأعمال المختلفة، لكنّ النساء تُمانع في ذلك"8.

97- عمل المرأة:

ه:

"يسألنا بعضهم، هل توافقون على عمل المرأة؟ نقول: طبعاً.
نحن نُعارِض بطالة النساء، لا بُدَّ للمرأة أنْ تعمل وهذا العمل نوعان: أحدهما العمل في البيت، والآخر العمل خارج البيت، وكلاهما عمل. فإذا كانت هناك من هي قادرة على العمل خارج البيت فيجب أنْ تعمل.. وهو أمرٌ حسن جدّاً، لكن بشرط أنْ لا يضُرّ هذا العمل – حتّى العمل داخل البيت – بالعلاقة الزوجية، فبعض النساء تعمل من الصباح إلى الليل، ثمّ عندما يعود الرجل إلى البيت لا تُطيق حتّى التبسّم بوجهه، هذا أمرٌ سيِّئ، يجب القيام بأعمال البيت، لكن ليس
________________________________________
ليس إلى الحدّ الذي يؤدّي إلى هدم الأُسرة"9.

"إذا أرادت المرأة العمل خارج البيت فلا إشكال في ذلك، والإسلام أيضاً لا يُمانع، لكنَّ هذا ليس من واجبها، ما يجب عليها هو حفظ الجوّ الحياتيّ لجميع أفراد العائلة"10.

98- أرقى أنواع المساعدة:

"يجب أنّ يُراعي أحدكما الآخر في جميع الظروف والأحوال. ساعدوا بعضكم بعضاً وكونوا عوناً وعضداً بعضكم لبعض، خصوصاً في مجال العمل في سبيل الله وفي طريق أداء الواجب، فإذا كان الرجل هو الذي يعمل في سبيل الله فعلى المرأة أنْ تُساعده، أو كانت المرأة هي التي تقوم بواجبها في سبيل الله فعلى الرجل أنْ يُساعِدها، فأيٌّ منهما كان هو المجاهد فعلى الآخر أن يُساعِده"11.

"فإذا كان الرجل يعمل في المجال العلميّ وفي مجال النشاط والجهاد في مؤسسات الجمهوريّة الإسلاميّة، فعلى المرأة أنْ تتعاون معه لكي يتمكّن من القيام بعمله بسهولة. وكذلك الرجال والفتيان ينبغي أنْ يُعطوا الفرصة لنسائهم لكي يدخلن في ميادين المنافسة المعنوية تلك، بحيث يستطعن الدراسة أو المشاركة في النشاطات الاجتماعية إذا أردن ذلك"12.

"على كلٍّ من الرجل والمرأة أنْ يسعى لهداية الآخر إلى طريق الله، وأنْ يُساعد أحدهما الآخر على الثبات على الصراط المستقيم. وأنْ يكون مصداق قوله تعالى ï´؟وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِï´¾13 والذي هو من خصائص الإسلام، وأهمّ خصائص الإيمان، نصب أعينهما"14.

"ليس المقصود بالمساعدة هو غسل الأواني أو ما شابه – طبعاً هذا نوع من المساعدة – لكنّ المقصود هو المساعدة المعنوية والفكريّة أي أنْ يُساعد أحدهما الآخر في الثبات على طريق الإسلام، وأنْ يوصي أحدهما الآخر بالتقوى والصبر والتديّن، يوصيه بالعفّة والقناعة والزهد.. وأنْ يتعاونا لكي يتمكّنا – إن شاء الله – من أنْ يعيشا على أفضل وجه"15.

أهميّة أعمال البيت:

"ليست الأعمال التي تقوم بها المرأة داخل البيت بأقلّ أهميّة من الأعمال التي تكون خارج البيت ولا أقلّ تعباً، بل ربما يكون تعبها أكبر. فالمرأة ولكي تُدير البيت تحتاج إلى السعي وبذل الجهد، لأنّ المدير في داخل البيت هو المرأة، فربّة البيت تعني ذلك الشخص الذي يكون محيط الأُسرة تحت إشرافه وتدبيره وإدارته، فهذا أيضاً عمل مُجهِد ودقيق، والمهارة النسائية هي الوحيدة القادرة على القيام بمثل هذا العمل، ولا يُمكن لأيِّ رجل أنْ يقوم بهذا العمل بهذه الدقّة"16.

"فالمرأة ليست عاطلة عن العمل في داخل البيت كما يعتقد بعض الناس، كلاّ! فالمرأة تقوم بأكثر الأعمال وأصعبها وأدقّها في داخل البيت"17.

"بعض الناس يعتقد أنّ كون العمل المنزليّ هو عمل المرأة، هو إهانة للمرأة، كلاّ، لا توجد أيّ إهانة، بل إنّ أهمّ عمل للمرأة هو أنْ تُدير عجلة الحياة"18.

الحضانة مهارةٌ عظمى:

"بعض أعمال المنزل صعبة جدّاً، تربية الطفل أحد تلك الأعمال الشاقّة. أيّ عمل ومهما تصوَّرتموه صعباً، فإنّه في الحقيقة يُصبح سهلاً بالقياس إلى تربية


الأطفال. فالحضانة فنٌّ عظيم، ولا يُمكن للرجل أنْ يقوم بهذا العمل ولو ليومٍ واحد، أمّا النساء فيقمن بهذا العمل الكبير بدقّة وسعة صدر وظرافة، حيث أودع الله تعالى في غرائزهنّ مثل هذه القدرة.

إنّ تربية الأطفال عمل صعب يُنهِك الإنسان في الحقيقة ويهدّ قواه"19.

101- الجمع بين العمل والحياة:

"الشباب الذين يعملون في سبيل الله لا ينبغي أنْ يُوقفهم الزواج عن عملهم هذا"20.
"نحن نوصي الرجال دائماً بأنْ لا يُعرضوا عن بيتهم وحياتهم عندما يكون لديهم عمل. بعضهم يخرج من الصباح الباكر إلى العاشرة ليلاً.. كلاَّ! نحن نوصي الأشخاص الذين بإمكانهم أنْ يعودوا وقت الظهر إلى بيوتهم ويتناولوا الغداء مع زوجاتهم وأطفالهم ولو لساعة واحدة ثمّ يعودون إلى عملهم ليعودوا بعدها إلى بيوتهم أوّل الليل ليجلسوا مع أطفالهم، وتكون هناك لقاءات حقيقيّة"21.

المرأة أقوى من الرجل من جوانب عدّة...:

"هؤلاء الرجال الذين تُشاهدونهم بذلك الجسم والعضلات، كلّ هذا شيء ظاهريّ، لكن من ناحية التركيبة الذهنية، وفي الجوانب العاطفية، فإنّ المرأة أقوى من الرجل وأكثر قدرة على التحمُّل وإيجاد الحلول. هذه هي طبيعة المرأة، وهكذا هُنّ أغلب النساء. طبعاً من الممكن أنْ لا يكون بعض النساء كذلك، لكنّ الغرض هو أنّ النساء أكثر قدرة على التغلُّب بلباقة على عوامل الإحباط، فبشيء من التنازل وشيء من المداراة وبالوسائل المتاحة، يقمن بهذا الدور ويأخذن

________________________________________
الرجل إلى حيث يجب أن يكون، لكي تُصبح الحياة إن شاء الله أجمل" 22.

السيّدة الزهراء عليها السلام القدوة:

"لا بُدَّ أنّكم جميعاً سمعتم عن حياة السيدة الزهراء عليها السلام من حيث البساطة في مراسم الزواج، ثمّ حياة تلك المرأة العظيمة، حياة الفقر والزهد، حيث تلك الحجرة وذلك الفراش البسيط وعملها داخل البيت في مقابل ذلك، وجهودها الكبيرة وصبرها مع زوج كأمير المؤمنين عليه السلام والذي كان مشغولاً بالعمل والنشاط طيلة مدّة حياته.

إذا كان هناك قتال كان عليّ عليه السلام في المقدّمة، وحيثما كان هناك عمل مهمّ كان عليّ عليه السلام السبّاق إليه. لقد عاشا سويّة ما يقارب العشر سنوات، هل تُلاحظون؟

انظروا كيف استطاع هذا الزوج الشابّ خلال هذه العشر سنوات أنْ يقوم بواجباته الإنسانية المتعارفة تجاه زوجته وأبنائه؟

فالصبر على حياة كهذه، على فقر ومشقّة كهذه، والقيام بذلك الجهاد العظيم وتربية هكذا أبناء، وتلك التضحيات العظيمة التي قامت بها السيِّدة الزهراء، والتي سمعتم ببعضها، كلّ هذا قدوة في الحياة. فعلى بناتنا أنْ يقتدين بالسيّدة الزهراء عليها السلام وعلى أبنائنا كذلك أنْ يقتدوا بالسيّدة الزهراء وبأمير المؤمنين عليه السلام "23 .
________________________________________
هوامش

1- خطبة العقد المؤرخة 22/12/1378 هـ.ش.
2- خطبة العقد المؤرخة 15/1/1378 هـ.ش.
3- خطبة العقد المؤرخة 4/6/1379 هـ.ش.
4- خطبة العقد المؤرخة 22/12/1372 هـ.ش.
5- خطبة العقد المؤرخة 13/2/1372 هـ.ش.
6- خطبة العقد المؤرخة 15/1/1378 هـ.ش. 
7- خطبة العقد المؤرخة 10/2/1375 هـ.ش.
8- خطبة العقد المؤرخة 11/5/1374 هـ.ش.
9- خطبة العقد المؤرخة 12/11/1372 هـ.ش.
10- خطبة العقد 8/3/1381 هـ.ش. المؤرخة
11- خطبة العقد المؤرخة 11/5/1374 هـ.ش.
12- خطبة العقد المؤرخة 5/1/1372 هـ.ش.
13- سورة العصر، الآية 3.
14- خطبة العقد المؤرخة 8/5/1374 هـ.ش.
15- خطبة العقد المؤرخة 13/12/1377 هـ.ش.
16- خطبة العقد المؤرخة 6/6/1381 هـ.ش.
17- خطبة العقد المؤرخة 18/12/1376 هـ.ش.
18- خطبة العقد 8/3/1381 هـ.ش. المؤرخة
19- خطبة العقد المؤرخة 22/8/1384 هـ.ش. 
20- خطبة العقد المؤرخة 19/9/1371 هـ.ش.
21- خطبة العقد المؤرخة 18/6/1376 هـ.ش.
22- 24/1/1378 خطبة العقد المؤرخة هـ.ش.
23- خطبة العقد المؤرخة 24/9/1376 هـ.ش.

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)
رد مع اقتباس