عرض مشاركة واحدة

عطر الورد العراقية
عضو جديد
رقم العضوية : 82346
الإنتساب : Nov 2015
المشاركات : 20
بمعدل : 0.01 يوميا

عطر الورد العراقية غير متصل

 عرض البوم صور عطر الورد العراقية

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : عطر الورد العراقية المنتدى : منتـدى سيرة أهـل البيت عليهم السلام
افتراضي
قديم بتاريخ : 11-12-2015 الساعة : 11:32 PM


<< الحلقة 2 >>
وهذا نص الرواية من اشهر المصادر-على قلتها-التي ذكرتها ونقصد به كتاب بحار الأنوار للعلامة المجلسي حيث
نقل في الجزء 45 صفحة 114 ما نصه " رأيت في بعض الكتب المعتبرة روى مرسلاً عن مسلم الجصاص قال : دعاني ابن زياد لإصلاح دار الإمارة بالكوفة ، فبينما أنا أجصص الأبواب وإذا أنا بالزعقات قد ارتفعت من جنبات الكوفة ، فأقبلت على خادم كان معنا فقلت : مالي أرى الكوفة تضج ؟ قال : الساعة أتوا برأس خارجي خرج على يزيد ، فقلت : من هذا الخارجي ؟ فقال : الحسين بن علي عليهما السلام قال : فتركت الخادم حتى خرج ولطمت وجهي حتى خشيت على عيني أن يذهب ، وغسلت يدي من الجص وخرجت من ظهر القصر وأتيت إلى الكناس فبينما أنا واقف والناس يتوقعون وصول السبايا والرؤوس إذ قد أقبلت نحو أربعين شقة تحمل على أربعين جملاً فيها الحرم والنساء وأولاد فاطمة عليها السلام وإذا بعلي بن الحسين عليهما السلام على بعيرٍ بغير وطاء ، وأوداجه تشخب دماً ، وهو مع ذلك يبكي ويقول :
يا أمة السوء لا سقيا لربعكم * يا أمة لم تراع جدنا فينا
لو أننا ورسول الله يجمعنا * يوم القيامة ما كنتم تقولونا
تسيرونا على الأقتاب عارية * كأننا لم نشيد فيكم دينا
بني أمية ما هذا الوقوف على * تلك المصائب لا تلبون داعينا
تصفقون علينا كفكم فرحا * وأنتم في فجاج الأرض تسبونا
أليس جدي رسول الله ويلكم * أهدى البرية من سبل المضلينا
يا وقعة الطف قد أورثتني حزنا * والله يهتك أستار المسيئينا
قال : وصار أهل الكوفة يناولون الأطفال الذين على المحامل بعض التمر والخبز والجوز ، فصاحت بهم أم كلثوم وقالت : يا أهل الكوفة إن الصدقة علينا حرام وصارت تأخذ ذلك من أيدي الأطفال وأفواههم وترمي به إلى الأرض ، قال كل ذلك والناس يبكون على ما أصابهم ثم إن أم كلثوم أطلعت رأسها من المحمل ، وقالت لهم : صه يا أهل الكوفة تقتلنا رجالكم ، وتبكينا نساؤكم ؟ فالحاكم بيننا وبينكم الله يوم فصل القضاء فبينما هي تخاطبهن إذا بضجة قد ارتفعت ، فإذا هم أتوا بالرؤوس يقدمهم رأس الحسين عليه السلام وهو رأس زهري قمري أشبه الخلق برسول الله صلى الله عليه وآله ولحيته كسواد السبج قد أنتصل منها الخضاب ، ووجهه دارة قمر طالع والرمح تلعب بها يمينا وشمالا فالتفتت زينب فرأت رأس أخيها فنطحت جبينها بمقدم المحمل ، حتى رأينا الدم يخرج من تحت قناعها وأومأت إليه بخرقة وجعلت تقول :
يا هلالا لما استتم كمالا * غاله خسفه فأبدا غروبا
ما توهمت يا شقيق فؤادي * كان هذا مقدرا مكتوبا
يا أخي فاطم الصغيرة كلمها * فقد كاد قلبها أن يذوبا
يا أخي قلبك الشفيق علينا * ماله قد قسى وصار صليبا
يا أخي لو ترى عليا لدى الأسر * مع اليتم لا يطيق وجوبا
كلما أوجعوه بالضرب نادا * ك بذل يغيض دمعا سكوبا
يا أخي ضمه إليك وقربه * وسكن فؤاده المرعوبا
ما أذل اليتيم حين ينادي * بأبيه ولا يراه مجيبا" انتهى
وهذا هو نص الرواية ويمكن مناقشته على الوجه التالي:
1-المحمل في اللغة هو الهودج ولم يرد ذكر لحمل سبايا أهل البيت عليهم السلام على المحامل وإنما الوارد في المقاتل والكتب التاريخية المعروفة أنهم حملوا بلا غطاءٍ ولا وطاءٍ وفي بعضها على أقتاب الإبل ، والقتب هو رحل يوضع على سنام البعير ويكون صغيراً على قدر السنام كما يذكر ذلك الشيخ الطريحي نفسه في كتابه (مجمع البحرين) ج2 ص193 ،وكذلك كل معاجم اللغة التي تحدثت عن مادة (قتب)، ونقل هذا المعنى أيضاً العلامة المجلسي في كتابه بحار الأنوار أكثر من مرة ،ويعتبر من مراكب الذلة ويتكون من أربعة أوتاد من الخشب تسمى عراصيف تشد بالجلد.
ومن الصعب احتمال إن الراوي لا يميز بين القتب والمحمل.
ولا نحتاج لذكر المصادر التي نفت وجود المحامل وإنما نكتفي بالقول إن نفس المصادر التي أوردت رواية الجصاص كالبحار للمجلسي ومنتخب الطريحي والعوالم للبحراني وغيرها ورد فيها أكثر من مرة القول بحمل سبايا أهل البيت عليهم السلام بلا غطاءٍ ولا وطاءٍ.
والرواية نفسها تشير إلى حمل سبايا أهل البيت عليهم السلام على الأقتاب كما عند حديث الراوي عن حال علي بن الحسين عليهما السلام " وإذا بعلي بن الحسين عليهما السلام على بعير بغير وطاء" ولا وجه لحمل المعنى على إن هذا الوضع كان مختصاً بالإمام علي بن الحسين عليهما السلام والنساء والأطفال حملوا على المحامل وذلك –إضافةً لما ذكرناه سابقاً من تواتر الأخبار عن حملهم بلا غطاء ولا وطاء- لتناقض ذلك مع ما ذكره الراوي نفسه في الأبيات التي ينسبها للإمام عليه السلام " تسيرونا على الأقتاب عارية".
2-المعروف تاريخياً والذي أكده أكثر من كتبَ عن واقعة الطف إن مجيء الرؤوس لم يكن متزامناً مع دخول السبايا إلى الكوفة بل كان قبلها.
3-الأشعار لا وجود لها في أية مصادر أخرى سوى هذه المصادر التي ذكرت الرواية أو نقلت عنها ،كما يؤكد ذلك محمد صادق الكرباسي في دائرة المعارف الحسينية، وحتى لو غضضنا النظر عن الخلل الموجود في أوزان تلك الأشعار تمسكاً باحتمال وجود خطأ من النساخ فانه من الصعب غض النظر عن بساطة تلك الأشعار والمعاني الغريبة الموجودة فيها كما في مخاطبة الإمام السجاد عليه السلام لبني أمية (بني أمية ما هذا الوقوف على * تلك المصائب لا تلبون داعينا) في الأبيات التي نسبتها الرواية له، واستخدام التعبير عن حال السجاد عليه السلام بـ(الذل) في الأبيات المنسوبة لزينب سلام الله عليها.
4-أعواد القتب تصنع من الخشب ويصعب على الراكب على البعير ضرب رأسه بها وان تمكن فلن تكون الضربة قوية بحيث تؤدي إلى ظهور الدم،فضلاً عن أنها مصنوعة من الخشب كما ذكرنا.وحتى لو افترضنا جدلاً وجود المحامل فالمحمل أيضاً أعواده مصنوعة من الخشب.
5-يقول الراوي "فرأينا زينب" أي معنى هذا إن هناك العشرات على الأقل ممن شاهد فعل زينب فلماذا لم ينقل ذلك احد سوى الجصاص؟ خاصة وان الحدث –على افتراض وجوده- ليس بالهين ويعلق في الذاكرة وتتناقله الألسن.
6-عبارة نطحت غير مألوفة في مثل هكذا تعبيرات لأنها تستخدم مع الحيوان فقط –كما في مادة نطح في معاجم اللغة حيث ذكرت المعاجم إن النطح للكباش ونحوها-ويمكن أن تستخدم لغير الحيوان إذا كان هناك مقابل من نفس النوع كما في قولهم تناطحت السيول أو تناطح الرجال في الحرب ،وإذا استخدمت مع الإنسان دلت على فعل الآخر معه كما في رواية الأسود بن يغوث إذ اخذ جبرائيل رأسه فنطح به الشجرة والتي ينقلها الصدوق في خصاله وكذلك المجلسي في بحاره.
7- تختلف هذه الرواية –أي رواية مسلم الجصاص-عن رواية حذيم بن شريك الاسدي- أو حذلم بن ستير أو حذلم بن بشير أو بشير بن حذيم- وهو من أصحاب الإمام السجاد عليه السلام –كما يذكر الشيخ الطوسي في رجاله-والتي تصف حال دخول سبايا أهل البيت عليهم السلام للكوفة بوصف آخر ولا يرد عليها أيٌ من الإشكالات التي أوردناها سابقاً وقد وردت هذه الرواية في الكثير من المصادر المعتمدة ككتاب الامالي للشيخ المفيد وبأسانيد معتبرة.
8-وفقاً لما متداول ومعروف عن زينب سلام عليها ومواقفها وصبرها وكونها عالمة غير معلمة من الصعب القبول بمضمون الرواية.
9-ليس هناك فرق يذكر بين نص الرواية في كتاب البحار عنه في منتخب الطريحي، لكن النص في كتاب نور العين في مشهد الحسين للاسفراييني مختلف، إذ يذكر الرواية –كما قنا في الحلقة السابقة- نقلاً عن مسلم الجصاصي ولا وجود لذكر المحامل في روايته وإنما يذكر ص67 من المخطوط ما نصه " وقد أقبلت الجمال وعليها حريم الحسين والشهداء وهم بغير غطاءٍ ولا وطاءٍ"، وينقل الأبيات المنسوبة للإمام السجاد عليه السلام بصيغة مختلفة بعض الشيء إذ لا وجود لذكر بني أمية مثلاً وإنما يذكر بدلها "يا امة الشر"، ولا وجود للأبيات المنسوبة لزينب عليها السلام "يا هلالاً. . ." في روايته، وكذلك لا ذكر-وهو الأهم- لحادثة ضرب زينب عليها السلام رأسها بمقدم المحمل.

10-لا بد من ملاحظة إن هناك فرق بين الرواية المرسلة فقط وبين المرسلة عن كتاب معتبر دون ذكر اسم الكتاب ،فالأولى يصعب الاعتماد عليها إلا في حالات معينة خاصةً إذا كان الإرسال من المتأخرين-يمكن مراجعة كتاب دروس تمهيدية في القواعد الرجالية للايرواني وغيره من الكتب بهذا الخصوص-، والثانية وضعها أصعب ، إذ إن كلام العلامة المجلسي في اعتبار المصدر الذي نقل عنه مرسلاً هذه الرواية دون ذكره يكون حجة عليه فقط.
11-لو صحت الرواية-وهذا احتمال غير وارد- فانه لا يوجد ما يؤكد إن الفعل من زينب سلام الله عليها تم بإقرار المعصوم إذ لم يرد في الرواية ولا في غيرها ما يشير إلى ذلك.
12-على فرض الصحة أيضاً فان الفعل تم ضمن ظروف خاصة وغاية ما يمكن أن يستنتج منه –تسامحاً- هو جواز ضرب الرأس في عمود من الخشب أو شبهه –ضرب الرأس بالعمود لا ضرب العمود بالرأس- في حال مشاهدة رأس الإمام الحسين عليه السلام محمولاً على الرماح، ومن الصعب التعدي إلى غير هذه النتيجة.
هذا ما أردنا إيراده حول هذه الرواية ذكرناه باختصار تجنباً للإطالة.
والحمد لله رب العالمين

من مواضيع : عطر الورد العراقية 0 بطاقة للماشي وبطاقتين للخادم
0 علي وصنع الانسان الرسالي
0 لا تغضب
0 تفاءلوا بالخير تجدوه
0 بحث حول التطبير (( رشيد السراي))
رد مع اقتباس