عرض مشاركة واحدة

الشيخ عباس محمد
عضو برونزي
رقم العضوية : 81994
الإنتساب : Apr 2015
المشاركات : 1,288
بمعدل : 0.39 يوميا

الشيخ عباس محمد غير متصل

 عرض البوم صور الشيخ عباس محمد

  مشاركة رقم : 13  
كاتب الموضوع : الشيخ عباس محمد المنتدى : المنتدى الفقهي
افتراضي
قديم بتاريخ : 06-01-2018 الساعة : 08:43 PM


الدرس الثالث عشر: قاعدة الاشتراك في التكليف

أهداف الدرس
- التعرّف على معنى قاعدة الاشتراك في التكليف وأدلّتها.
- القدرة على الاستدلال على حجّيّة القاعدة.
- التدرّب على تطبيق القاعدة في مواردها.


--------------------------------------------------------------------------------
173

--------------------------------------------------------------------------------


المقدّمة
الأصل أن يشترك جميع المكلّفين في التشريعات والتكاليف الصادرة عن الشارع المقدّس, التزاماً بمبدأ عالميّة الدين الإسلاميّ، وتعميماً لجميع الأحكام الّتي صدرت في مناسبات مختلفة في صدر الإسلام، على جميع المكلّفين في الأزمنة التالية.

بيان المراد من القاعدة
المراد من القاعدة اشتراك جميع المكلّفين في التكليف في الأحكام الشرعيّة، وعدم اختصاص هذه الأحكام بجماعة دون جماعة، فهي تعمّ الحاضرين والغائبين والعالمين والجاهلين أجمعين، فلا اختصاص بزمان أومكان أو طائفة أو شخص أوجنس.

وذلك كما إذا صدر في واقعة ما حكم شرعيّ موجَّه إلى طائفة أوشخص معيَّن، فهذا الحكم سيكون مشتركاً بين جميع المكلَّفين، الرجل والمرأة، الحاضر والغائب، العالم والجاهل، والمراد به توسعة الخطاب أوالمخاطب. هذا إذا لم يكن هناك ما يدلُّ على مدخليَّة خصوصيَّة لا تنطبق إلاَّ على شخصٍ خاصٍّ، أوطائفة خاصَّة، أو زمان خاصّ، كزمان حضور الإمام عليه السلام فالحكم


--------------------------------------------------------------------------------
175

--------------------------------------------------------------------------------


سيكون مشتركاً بين جميع المكلَّفين إلى يوم القيامة، سواءً أكان ثبوته بخطاب لفظيّ، أم بدليل لبِّيّ من إجماعٍ وغيره.1

وهنا، لا بدّ من بيان أمور وتوضيحها:
أ- لا يُراد من الاشتراك اتّحاد جميع المكلَّفين في الأحكام بأيّ صفة كانت وعلى أيّ حال من الأحوال, لأنَّ هذا باطل بالضرورة، ولا إشكال في اختصاص بعض المكلَّفين دون بعض عند الضرورة وعدمها، وعند المرض وعدمه، وغيرها من القيود والشروط والاستثناءات.

ب- الاشتراك لا ينافي اختصاص النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ببعض الأحكام, لامتيازه صلى الله عليه وآله وسلم من سائر البشر، وبلوغه أعلى مراتب الكمال. ولهذا لا يستشكل على بعض استثناءات القاعدة كاختصاصات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يستشكل أيضاً بالأحكام الخاصَّة بالرجل كالجهر دون المرأة، أوبالعكس ككون إرثها نصف إرث الرجل، في كثير من الأحيان, وذلك لأنّ الأصل الاشتراك، والخارج يحتاج إلى الدليل.

بيان مدرك القاعدة
تمهيد: إنَّ ذكر الدليل على اعتبار قاعدة الاشتراك كان من باب العمل بسيرة المحقِّقين، وإلاَّ فلا تحتاج هذه القاعدة إلى الاستدلال, لأنَّها من ضروريّات الفقه، ولا يكون فيها أيَّ شبهة وأدنى ريب عند المسلمين. "فالآيات والروايات الكثيرة دالَّة على اشتراك الأحكام الواقعيَّة بين العالم والجاهل، وإن شئت فعبِّر عنها بقاعدة الاشتراك، فإنَّها من ضروريات المذهب"2.

ومع هذا يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بأمور، هي:


--------------------------------------------------------------------------------
176

--------------------------------------------------------------------------------


الأوّل: إطلاق خطابات الكتاب:
يدلّ عليها من الكتاب الخطابات الشفهيّة، مثل: ï´؟يَا أَيُّهَا النَّاسُï´¾، وï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ...ï´¾، وما أشبه، ممّا لا إشكال في اتّحاد مفادها مع مفاد سائر الأحكام الّتي لم تصدر بهذه الجمل، مثل: ï´؟كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُï´¾3، ï´؟وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ...ï´¾4،ï´؟وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم...ï´¾5، ï´؟وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِï´¾6، وما أشبه من غير فرق بين أن يكون للتكليف أو للوضع، مثل: ï´؟يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ...ï´¾،7 إلى غيرها.

واختصاص الخطاب بالمشافهين، أو الحاضرين دون الغائبين والقادمين، لقبح خطاب غير الحاضر أو المعدوم، إنّما يتمّ إذا لم يكن التشريع للجميع، كما يفهم كلّ أصحاب الأديان والقوانين، فإنّها على نحوالقضايا الحقيقيّة.

نعم، إذا كان على نحو القضايا الخارجيّة مثل "جهّزوا جيش أسامة"،8 لم يشمل حتّى غير المعنيّين، فكيف بغيرهم؟

الثاني: ويدلّ عليها من السنَّة الشريفة:
1- الحديث النبويّ المشهور: "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"9. وهويدلُّ على أنَّ الحكم الشرعيّ لا يختصُّ بفرد خاصّ، بل يعمُّ الجميع، بعد معرفة أنَّ المراد بالجماعة هوالعموم، لا جماعة خاصَّة.

2- صحيحة زرارة عن الإمام أبي عبد الله عليه السلام: "حلال محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم حلال أبداً إلى يوم القيامة، وحرام محمَّد صلى الله عليه وآله وسلم حرام أبداً


--------------------------------------------------------------------------------
177

--------------------------------------------------------------------------------


إلى يوم القيامة"10.

بعد وضوح أنَّ المراد "من الحلال والحرام" هو الأحكام والتشريعات الإلهيّة، دلَّ الحديث على أنَّ الحكم الشرعيّ لا يختصُّ بزمان ولا بشخص أو طائفة، بل يشمل الجميع، فيشترك جميع المكلَّفين في الحكم في مختلف الأعصار.

الثالث: الأدلَّة الأوَّليَّة:
إنَّ الأدلَّة الّتي تبيّن الحكم تكون على قسمين:
1- الإنشاء العامّ بنحو القضيّة الحقيقيّة، كقوله تعالى: ï´؟...وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً...ï´¾11، هذا القسم بظهوره يشمل الجميع, لأنَّ مفاده تحقُّق الحكم في فرض تحقُّق الموضوع، بلا فرق بين الحاضر والغائب.

2- الخطابات الشفاهيّة: مثل قوله تعالى: ï´؟...وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ...ï´¾ وغيره، هذا القسم بالأسلوب الأوَّليّ، منصرف إلى الحاضرين، ولكن قُرّر في أصول الفقه عدم اختصاصه بالحضور، كما قال المحقّق صاحب الكفاية: "ضرورة وضوح عدم اختصاص الحكم في مثل ï´؟يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ...ï´¾، ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ...ï´¾، بمن حضر مجلس الخطاب، بلا شبهة ولا ارتياب، ويشهد لما ذكرناه صحَّة النداء بالأدوات مع إرادة العموم من العامّ الواقع تلوها بلا عناية"12.

الرابع: بناء العقلاء:
إنّه بناء كافّة العقلاء، في جميع الأمصار والأدوار، هذا بالإضافة إلى الارتكاز والسيرة.


--------------------------------------------------------------------------------
178

--------------------------------------------------------------------------------


وعليه فلا خصوصيّة للرجل أو المرأة، والصبيّ أو الصبيّة، سواء أكان الخطاب ونحوه للأوّل أم للثاني، مع حفظ القيود والشروط في الموضوع، وبالعكس، ولذا لوسأل زرارة أو أمّ فلان، الإمام الصادق عليه السلام أنّ ثوبه أو ثوبها أصابه بول؟ فقال: اغسله في الماء الجاري مرّة، لم يشكّ في أنّه لا خصوصيّة لمن يسأل، كما لا يشكّ في أنّه لا خصوصيّة لأهل المدينة محلّ السؤال، أو للنهر الّذي أشارإليه الإمام عليه السلام مثلاً بقوله: اغسله فيه.

ولذا لم يشكّ الفقهاء قديماً وحديثاً ـ باستثناء المستند ـ في أنّ قوله عليه السلام: "انظروا إلى من معكم من الصبيان"13، يشمل البنات أيضاً.

حدود توسعة الاشتراك في التكليف
يمكن توسعة الخطاب الموجَّه للرجل، في ضوء القاعدة، للمرأة أيضاً، كما في قوله تعالى: ï´؟يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ...ï´¾، فيكون الخطاب شاملاً للرجل والمرأة معاً، ويكون الخطاب كأنَّه: يا أيّها الذين آمنوا واللواتي آمنَّ.

وممَّا يراد بالقاعدة اشتراك الكفَّار مع المؤمنين في التكاليف الإنشائيَّة والفعليَّة، بمعنى أنَّه كما يكون المسلم مبعوثاً إلى مثل الصلاة، كذلك يتوجَّه البعث إلى الكافر أيضاً من دون فرق، وكما يكون المسلم مزجوراً عن مثل شرب الخمر، كذلك يتوجَّه الزجر إلى الكافر أيضاً بنفس ذلك الخطاب.14 على تفصيل في محلّه. ولكن يوجد رأي آخر يقول بعدم توجّه التكليف بالفروع إلى الكافي...


--------------------------------------------------------------------------------
179

--------------------------------------------------------------------------------




الأفكار الرئيسة

- يُراد بقاعدة الاشتراك: أنَّ جميع المكلَّفين مشتركون في التكليف، وأنَّ الأحكام تشتمل على الحاضر منهم والغائب والعالم والجاهل أجمع.
- استدلّ على القاعدة بروايات بعضها صحيح، استفيد منها عموم الخطاب.
- إنَّ الأدلَّة الأوَّليَّة إمَّا أن تكون على نحوالقضيَّة الحقيقيّة، وهذا النحويشمل جميع المكلَّفين، بلا فرق بين الحاضر والغائب، والعالم والجاهل، والرجل والمرأة، أوتكون على نحو الخطابات الشفاهيّة، وقد قرّر في محلّه من علم الأصول بأنَّها غير مختصَّة بالحاضرين، خصوصاً على القول بأنَّ الخطاب موجّه إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.
- يمكن توسعة عمومات أدلّة القاعدة لتشمل غير المسلمين في العديد من الخطابات الشرعيّة.



مطالعة

تطبيقات في قاعدة الاشتراك
1- الحكم بوجوب قضاء الصلاة الواجبة الّتي فات وقتها، عمداً أوسهواً أوجهلاً، أوبسبب النوم المستوعب للوقت أوغير ذلك، لا يختصُّ بالسائل وحده، بل يشمل الجميع, لأجل قاعدة
الاشتراك.

2- الماء الراكد القليل ينفعل بملاقاة النجاسة، وأمَّا إذا بلغ كرّاً فلا ينفعل، ودليل هذا الحكم هوجواب الإمام عليه السلام عن سؤال وُجّه إليه من أحد المكلّفين، في قضيَّة خاصَّة، وتسرية
الحكم إلى كلِّ ماءٍ يحتاج إلى القاعدة.

3- سئل الإمام عليه السلام عن حكم رجل شرب الخمر وبصق فأصاب ثوب شخص، فأجاب الإمام عليه السلام: لا بأس، وهذا الحكم يمكن تعميمه على كلّ شخص، ابتلي بمثل ذلك, لقاعدة الاشتراك.

4- هل يجب على الوليّ (الولد الأكبر) قضاء صوم المرأة، متناسقاً لقضاء صوم الرجل، أم لا؟ قال المحقّق صاحب الجواهر رحمه الله: الأقوى هوثبوت القضاء وفاقاً لظاهر المعظم، بل نسب إلى الأصحاب, لقاعدة الاشتراك15.



أسئلة وتمارين

- ضع علامة صحّ أو خطأ في المكان المناسب:
1- يُراد بقاعدة الاشتراك أنَّ جميع المكلَّفين مشتركون في التكليف، وأنَّ الأحكام تشتمل على الحاضر منهم والعالم فقط.
2- يقصد بقاعدة الاشتراك أنَّ جميع المكلَّفين - بلا فرق بين الحاضر منهم والغائب، والعالم والجاهل - مشتركون في التكليف، وأنَّ الأحكام تشمل جميعهم دون فرق.
3- لا يمكن توسعة عمومات أدلّة القاعدة لتشمل غير المسلمين، في العديد من الخطابات الشرعيّة.
4- يمكن التمسُّك (للاستدلال على القاعدة) باستصحاب بقاء الأحكام الثابتة لجماعة المسلمين في صدر الإسلام، في جميع الأزمنة المتأخِّرة عنه حتّى قيام الساعة.
5- يُراد من الاشتراك اتّحاد جميع المكلَّفين في الأحكام، بأيّ صفة كانوا، وعلى أيّ حال من الأحوال.

- عالج الأسئلة الآتية:
1- كيف يمكن الاستدلال على قاعدة الاشتراك بوساطة الأدلَّة الأوَّليَّة للأحكام؟
2- هل يصلح أصل الاستصحاب لإثبات اشتراك جميع المكلَّفين في الأحكام؟ وكيف؟
3- هل هناك روايات صحيحة تدلُّ على اعتبار قاعدة الاشتراك؟ وما هي؟
4- كيف نجمع بين مفاد أدلّة قاعدة الاشتراك، وبين تخصيص الكثير من الأحكام بالرجال دون النساء، أوالعكس مثلاً؟
5- هل يصحّ القول باشتراك الكفّار مع المسلمين في الخطابات؟ علّل، وأوضح ذلك.
6- ألا يقتضي الاشتراك في التكاليف عدم تمييز المرأة من الرجل، في حصّتها من التركة؟ كيف توجّه هذا الأمر؟



هوامش

1- اللنكراني، فاضل: القواعدالفقهية، تقديم محمّد جواد فاضل اللنكرني، ط1، قم المقدّسة، مطبعة مهر، 1416هـ.ق، ج1، ص295.
2- الخوئي، مصباح الأصول، م.س، ج2،ص257.
3- البقرة: 183.
4- البقرة: 43.
5- الأنفال: 41.
6- آل عمران: 97.
7- النساء: 11.
8- المجلسي، بحارالأنوار، م.س، ج30، ص432.
9- الإحسائي، عوالي اللآلي،م.س، ج1، ص99؛ المجلسي، بحارالأنوار، م.س، ج2، ص272.
10- الكليني، الكافي، ج1، كتاب فضل العلم، باب التقليد،ح19، ص47.
11- آل عمران: 97.
12- الخراساني، كفايةالأصول، م.س، ج1، ص358.
13- العاملي، وسائل الشيعة، م.س، ج11، باب17 من أبواب أقسام الحج،ح3- 5.
14- اللنكراني، القواعد الفقهيّة، م.س، ج1، ص325.
15- النجفي، جواهرالكلام، م.س، ج17، ص45.



يتبع

من مواضيع : الشيخ عباس محمد 0 دراسة بريطانية: تعدد الزوجات يطيل العمر ويجلب الرزق
0 كيف أجعل زوجي يهتم بي
0 أكثر ما تحبه المرأة في الرجل
0 هل حب المخالف لعلي (عليه السلام) ينجيه يوم القيامة ؟
0 عنى حديث الاجتماع على حب علي (عليه السلام)
رد مع اقتباس