عرض مشاركة واحدة

الصورة الرمزية الجابري اليماني
الجابري اليماني
مشرف المنتدى العقائدي
رقم العضوية : 43999
الإنتساب : Oct 2009
المشاركات : 4,425
بمعدل : 0.83 يوميا

الجابري اليماني غير متصل

 عرض البوم صور الجابري اليماني

  مشاركة رقم : 2  
كاتب الموضوع : الجابري اليماني المنتدى : منتدى البحوث العقائدية والتأريخية
افتراضي
قديم بتاريخ : 15-08-2011 الساعة : 09:17 PM



نقد مسلسل الحسن والحسين - الحلقة (1)

عندما يتحدث مسلسل تاريخي عن (آدم وإبليس) فإن المصيبة به ليس في تصوير آدم وتجسيده،
فتجسيد الأنبياء والصالحين في صور محترمة ومعقولة مما لا بأس به إن شاء الله، بشرط أن يكون الهدف نبيلاً، من نقل معرفة أو دعوة لهدى..
كما قد لا ننزعج كثيراً من حرية الرأي لكاتب النص والمقرين له لو أنه اعتذروا عن إبليس في امتناعه عن السجود لآدم، بأنه أنما (اجتهد) فرأى أنه لا يجوز السجود إلا لله عز وجل، وأن إبليس بهذا الفعل موحد لا كافر ولا مستكبر، وأنه لو كان مستكبراً لما عبد الله ستة آلاف سنة ولما وصل إلى مرتبة الملائكة، وإنما قضيته التوحيد وصحة العقيدة وإن أخطأ! وأن الله قد أنظره وسيغفر له،
قد لا نعاتب كاتب النص إذا فعل كل هذا محتجاً بما فهمه من عموم آيات كقوله تعالى : (إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا [الكهف]، و قوله ( وما كان الله ليضيع أيمانكم)، وأن كاتب النص والمقرون له رأوا أن هذه الآيات العامة كافية في الاعتذار عن إبليس وردوا بها الآيات الخاصة المصرحة بكفره وكبره وعظيم جرمه..
وقد لا تكون المشكلة الكبرى في ذلك المسلسل أنه اعتذر لإبليس بأنه (اجتهد) في الوسوسة لآدم، لأنه يعلم الإرادة الإلهية باستخلاف آدم في الأرض لا في الجنة، وأنه قد سمع الله عندما قال ( إني جاعل في الأرض خليفة) فأراد إبليس التخفيف عن الله حتى لا ينقض وعده لآدم بالسكن في الجنة والأكل منها رغداً، والبقاء فيها إن لم يأكل من الشجرة، فأجتهد إبليس وأراد رفع هذا الحرج عن الله فوسوس لإبليس مجتهداً ليتم لله ما أراده،..
كل هذا قد نتسامح فيه ونقول : هذه وجهة نظر كاتب النص والمقرين له من العلماء الأفاضل والدعاة البلابل! والشركة المنتجة والسياسة الداعمة ..الخ.
لكن الذي لا يمكن السكوت عليه هو عندما يجعلون آدم هو المستكبر الموسوس .. وأن إبليس هو الوعود بخلافة الأرض! وثم يتجرؤون بتحريف الآيات فتصبح على النحو التالي :
(وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِإبليس فَسَجَدُوا إِلَّا آدم أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ (34) وَقُلْنَا يَا إبليس اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (35) فَأَزَلَّهُمَا آدم عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (36) فَتَلَقَّى إبليس مِنْ رَبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (37) ثم ينسبون هذه الآيات إلى [البقرة : 34 - 37]..
هنا نتوقف!! ولا نستطيع أن نقر حرية الرأي لفحش التحريف وقلب الحقائق وتزييف الوعي،
كما لا نستطيع تبرير المواجهة المذهبية ولا الدسائس الخفية
ولا تلك المزاعم الاستراتيجية التي تتحدث عن ( المواجهة) مع أناس يغلون في آدم ويجعلونه رباً،
وأنهم قد أدخلوا البشر في صراع أبدي بين أتباع إبليس وأتباع آدم،
وأنه آن الآن ليعيش الناس متصالحين متسامحين يعرف بعضهم لبعض حق الحياة والعيش المشترك، فالإنسان المقلد لإبليس هو كالإنسان المحب لآدم، يجب أن يتصالح الجميع وأن يعرف أتباعهم أنه لم يكن بينهما خلاف أصلاً، وإن إبليس وإن كان قد أبى واستكبر لكن الله غفور رحيم، وربهم رب كريم رحيم، وما شأننا بهم، فلن يسألنا الله لا عن حسنات إبليس ولا عن سيئات آدم...الخ.
هذه الخلطة العجيبة هنا لا يمكن السكوت عنه أبداًا،
لأنها تمادت في تزييف الوعي وقلب الحقائق رأساً على عقب،
وليس مجرد مصالحة بين أصحاب آدم وأصحاب إبليس..
قد يقول كاتب النص وعلماؤه الأفاضل ودعاته البلابل:
نحن لم نصل إلى ما تزعمه هنا من تحويل إبليس إلى آدم، وآدم إلى إبليس؟
نقول: فيه هذا وهذا، نعني فيه المصالحة وقلب الحقائق معاً، وإن كان معظم المسلسل ليس فيه هذا الأمر صريحاً لكنه مبني عليه، فهذا الأساس من قلب إبليس إلى آدم والعكس وُجد للأسف، ومن الحلقة الأولى! وسنشير إلى بعض ذلك بعد قليل، وهذا التحويل لإبليس إلى آدم هو سبب كتابة هذا النقد ولو كان الأمر مجرد مصالحة بين آدم وإبليس لتجاوزنا الأمر، لأن معظم المسلسلات التاريخية تصب في هذه المصالحة بحثاً عن تحقيق هدف وهمي لا يدرك سنة الله في خلقه، (وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ).
نعم الأبالسة ليسوا مجانين:
لا يتصور أحد أننا نريد أن تظهر المسلسلات بهذا النمط المصري القديم، من جعل الصحابة ملائكة طيارين، وجعل الكفار أصحاب عاهات عقلية، كلا.. نحن مع عرض النفس الإنسانية وما تحتويه من تناقضات، سواء كانت لمسلم أو غير مسلم، بل نحن مع أعذار بعض الكفار البعيدين عن موطن الرسالة ( مكة والمدينة) بأن الصورة قد تصلهم مشوهة، ونحن مع إدانة الفاضل في بعض التصرفات والذنوب، وليس عندنا معصوم لا نظرية ولا واقعاً، فلا يظن القاريء أن نقدي للمسلسل منطلق من تعصب أعمى أو مذهب متبوع، والتعصب للحقيقة فقط هي المطلوبة، وقد اساء لنا – كأهل سنة- هذا المسلسل عندما حشرنا في تزكية الظالمين كمروان وأبيه ومعاوية وابنه! مع أن المذهب السني غني جداً بذم الظالمين بالتعميم والتخصيص، بدءاً من كتب الحديث إلى كتب التراجم والأنساب مروراً بكتب التاريخ المعروفة بشرط الأخذ بما اجتمع عليه المؤرخون وليس بما وضعه بعض الكذابين كسيف بن عمر التميمي الذي اقتصر عليه المسلسل كمصدر وحيد! وأهمل الكتب الستة بل والصحيحين، وسأنقل لكم بعض ما أهمله المسلسل من الصحيحين، والذي يصلح لأن يكون أساساً في تفسير الفتنة الكبرى ومقتل عثمان، وليس ما وضعه سيف بن عمر ونقله ابن العربي صاحب العواصم وعلق به محب الدين الخطيب، فهؤلاء الثلاثة هم الذين قام على أكتافهم المصالحة بين إبليس وآدم، ثم قلب إبليس في لحظة إلى آدم أو جبريل، .. وهذا سنتوسع فيه أثناء الحلقات الثلاثين التي سنكتبها خلال شهر رمضان المبارك تعقباً لهذا التزييف للوعي الذي ظهر وسيظهر في مسلسل ( الحسن والحسين ومعاوية).
ولابد من مقدمات سريعة :
الصراع أبدي بين الحق والباطل، ولا تصالح بينهما:
الصلح الذي يبشر به المسلسل بين الخير والشر، أو العدل والظلم، مازال يبشر به الأبالسة والمغفلون مع بدء البشرية إلى الآن، ولو أن تلك الجهود في المصالحة بين الحق والباطل تم توجيهها لمعرفة الحق حقاً والباطل باطلاً؛ لكان أعظم في الفائدة وأوفر في الثواب وأقصد المسالك إلى النهج المطلوب، لأن ذلك الصلح الخرافة ينقض الأساس الذي من أجله خلق الله الخلق، فلو أن الاجتماع كان هدفاً قبل أن يكون الحق هدفاً لما بعث الله الرسل ولا أنزل الكتب، فقد كان الناس متفقين على الشرك والجهالة، وكان بعث الأنبياء سبباً في النزاع بين الحق والباطل، بين العلم والجهل، بين الإنسانية والحيوانية:
اقرؤوا إن شئتم قوله تعالى: (كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ (214) [البقرة ).
فقد كان الناس أمة واحدة، مغتبطين بالظلم والجهل، فلماذا لم يتركهم الله على هذا الاغتباط والوهم المريح؟
الجواب واضح: لأن الاجتماع على الجهل أسوأ بكثير من الافتراق في الحق والباطل، وتأملوا الآية الثانية فإنها تعطينا السر بأن الغاية من هذه الدنيا الابتلاء وليس العيش الأبدي؟ فكيف نبحث عن صلح أبدي مزيف في ومضة من الحياة؟
هذا جواب للمتدينين..
أما غير المتدينين: فيقال لهم إنكم لا ترضون بتزييف الحقائق كما يرضى بها المتدينون، ولا تقدسون أحداً من الصالحين ولا من الظالمين، ولكنكم تتفقون معنا على أن نقل الصدق أولى من تشييد الكذب، ومن هذا الباب يجب أن نلتقي جميعاً على وضع معايير تقربنا من الحقيقة، وأن يتم تطبيق هذه المعايير دون خضوع لسياسيات غامضة أو مصالح تجارية أو تصفية خصومات مذهبية، وأنه لا يجوز لنا أن نستسلم لمن أراد تزييف وعينا وتشكيل عقولنا، وأن السلطة التي كنا نشكو من أثرها على الدين والتراث قد عادت كهيئتها الأولى لمواصلة تزييف الوعي ووضع تراث جديد لتزييف البقية الباقية من تاريخنا، أظن الأحرار يرفضون الخضوع لهذه الشركات الإنتاجية الربحية والمؤلفين المسترزقين والإعلاميين المتزلفين والعلماء الحمقى – وكلامي هنا عام من حيث المبدأ لا أقصد مسسلسلاً بعينه- وإنما من حيث المبدأ يجب أن نتفق على أن تكون الحقيقة التاريخية هي الأصل والهدف..
ثم نستطيع تقسيم هذه الحقائق ..
إلى حقائق مجمع عليها ( كتلك الحقائق الكبرى التي بلغت رواياتها العشرات وأحياناً المئات، فحادثة يروى في إثباتها عشرات الروايات لا يجوز طمسها لرواية مضادة وضعها متهم بالكذب والزندقة كسيف بن عمر التميمي)..
ثم يأتي دون ذلك حقائق راجحة حفتها القرائن ( كأن يروى فيها روايات لم تبلغ حد التواتر،كالثلاث والأربع مع صلة الإسناد وقوة الرجال ووفرة القرائن).. فهذه قد تلامس اليقين وقد تبقى في دائرة الراجح..
وأحداث ثالثة تبقى محطة ظن وترجيح...
ويتم التسامح في المرجوح أيضاً..
أما الكذب والباطل والمضادة للمتواتر والمعاندة للصحيح المحفوف بالقرائن فهذا هو ما ننكره هنا وندعو كل العقلاء ألا يقدموا عقولهم أكلة باردة لمن يتاجر بها ويتأكل بها، بعد أن تاجر بالحقائق والمعلومات والتاريخ كله..!
هذه نصيحة فمن شاء فليقبلها ومن شاء فليرفضها..
نقد الحلقة الأولى من مسلسل الحسن والحسين ومعاوية:
كنت قد اعتذرت عن المسلسل مقدماً في قناة الكوثر الفضائية يوم الأحد ( قبل يوم واحد من شهر رمضان) قبل أن أرى الحلقة الأولى، وقلت بوجوب تشجيع مثل هذه المسلسلات التاريخية لدورها الكبير في تشكيل الوعي العام.. وأن الملحوظات التي تصاحب أي عمل تاريخي لا تقاس بالفائدة التي يجلبها من نشر الوعي بالتاريخ والقضاء على تلك النظرية الباطلة التي تدعو للإمساك عما شجر بين الجيل الأول من خلاف وقتال ..الخ
إلا إنني بعد أن رأيت الحلقة الأولى ( أو الجزء الأكبر منها) رأيت الهدف السياسي والتجاري والمذهبي هو الطاغي على المسلسل، وأن المعلومة هي الهدف المغيب، كما أن الوعي هو المستهدف الأول، وهنا كان لا بد من تصحيح وكلمة حق نرجو بها أن نصوب بعض هذا التزييف القوي الهائل الذي لا تقوى عليه عقول العامة ولا يكتشفه إلا الندرة من أهل الوعي، ولقلة الوعي قد يعتمد المسلسل ومؤلفوه ومقرضوه على الرضا العام من المشاهدين! ويكررون بأن المسلسل حصل على إعجاب الناس ..الخ، قد يقولون هذا وأترك للقاريء تقييم هذا النوع من الدعاية ومدى معياريتها ( علمياً).. ثم انطلق للملحوظات..
وقد قسمت الملحوظات إلى قسمين:
الملحوظات الشكلية والفنية:
الملحوظات العلمية.. ( يتبع)


توقيع : الجابري اليماني
** إنـنـا للـمـوت عشّـــاق الحسين **




من مواضيع : الجابري اليماني 0 عجائب الدهر في فلتات عمر ج 7
0 الصحيح من واقعة الجمل
0 عجائب الدهر في فلتات عمر ج 6
0 محاولات قتل الامام علي (ع) من قبل السلطة المنقلبة واتباعهم
0 عجائب الدهر في فلتات عمر ج 5
التعديل الأخير تم بواسطة الجابري اليماني ; 15-08-2011 الساعة 10:14 PM.

رد مع اقتباس